إن العرب أمة جبلت على ذكاء القرائح وفطنة الأفهام ، فعلى دعامة فطنتهم وذكائهم أقيمت أساليب كلامهم ، وبخاصة كلام بلغائهم ، ولذلك كان الإيجاز عمود بلاغتهم لاعتماد المتكلمين على أفهام السامعين كما يقال " لمحة دالة " .
لأجل ذلك كثر في كلامهم : المجاز ، والاستعارة ، والتمثيل ، والكناية ، والتعريض ، والاشتراك ، والتسامح في الاستعمال كالمبالغة ، والاستطراد ومستتبعات التراكيب ، والأمثال ، والتلميح ، والتمليح ، واستعمال الجملة الخبرية في غير إفادة النسبة الخبرية ، واستعمال الاستفهام في التقرير أو الإنكار ، ونحو ذلك .
وملاك ذلك كله توفير المعاني ، وأداء ما في نفس المتكلم بأوضح عبارة وأخصرها ليسهل اعتلاقها بالأذهان ; وإذ قد كان القرآن وحيا من العلام سبحانه وقد أراد أن يجعله آية على صدق رسوله وتحدى بلغاء العرب بمعارضة أقصر سورة منه ، فقد نسج نظمه نسجا بالغا منتهى ما تسمح به اللغة العربية من الدقائق واللطائف لفظا ومعنى بما يفي بأقصى ما يراد بلاغة إلى المرسل إليهم .
فجاء القرآن على أسلوب أبدع مما كانوا يعهدون وأعجب ، فأعجز بلغاء المعاندين عن معارضته ولم يسعهم إلا الإذعان ، سواء في ذلك من آمن منهم مثل لبيد بن ربيعة وكعب بن زهير والنابغة الجعدي ، ومن استمر على كفره عنادا مثل الوليد بن المغيرة . فالقرآن من جانب إعجازه يكون أكثر معاني من المعاني المعتادة التي يودعها البلغاء في كلامهم . وهو لكونه كتاب تشريع وتأديب وتعليم كان حقيقا بأن يودع فيه من المعاني والمقاصد أكثر ما تحتمله الألفاظ ، في أقل ما يمكن من المقدار ، بحسب ما تسمح به اللغة الوارد هو بها التي هي أسمح اللغات بهذه الاعتبارات ، ليحصل تمام المقصود من الإرشاد الذي جاء لأجله في جميع نواحي الهدى ، فمعتاد البلغاء إيداع المتكلم معنى يدعوه إليه غرض كلامه وترك غيره ، والقرآن ينبغي أن يودع من المعاني كل ما يحتاج السامعون إلى علمه وكل ما له حظ في البلاغة سواء كانت متساوية أم متفاوتة في البلاغة إذا كان المعنى الأعلى مقصودا وكان ما هو [ ص: 94 ] أدنى منه مرادا معه لا مرادا دونه سواء كانت دلالة التركيب عليها متساوية في الاحتمال والظهور أم كانت متفاوتة بعضها أظهر من بعض ولو أن تبلغ حد التأويل وهو حمل اللفظ على المعنى المحتمل المرجوح .
لأجل ذلك كثر في كلامهم : المجاز ، والاستعارة ، والتمثيل ، والكناية ، والتعريض ، والاشتراك ، والتسامح في الاستعمال كالمبالغة ، والاستطراد ومستتبعات التراكيب ، والأمثال ، والتلميح ، والتمليح ، واستعمال الجملة الخبرية في غير إفادة النسبة الخبرية ، واستعمال الاستفهام في التقرير أو الإنكار ، ونحو ذلك .
وملاك ذلك كله توفير المعاني ، وأداء ما في نفس المتكلم بأوضح عبارة وأخصرها ليسهل اعتلاقها بالأذهان ; وإذ قد كان القرآن وحيا من العلام سبحانه وقد أراد أن يجعله آية على صدق رسوله وتحدى بلغاء العرب بمعارضة أقصر سورة منه ، فقد نسج نظمه نسجا بالغا منتهى ما تسمح به اللغة العربية من الدقائق واللطائف لفظا ومعنى بما يفي بأقصى ما يراد بلاغة إلى المرسل إليهم .
فجاء القرآن على أسلوب أبدع مما كانوا يعهدون وأعجب ، فأعجز بلغاء المعاندين عن معارضته ولم يسعهم إلا الإذعان ، سواء في ذلك من آمن منهم مثل لبيد بن ربيعة وكعب بن زهير والنابغة الجعدي ، ومن استمر على كفره عنادا مثل الوليد بن المغيرة . فالقرآن من جانب إعجازه يكون أكثر معاني من المعاني المعتادة التي يودعها البلغاء في كلامهم . وهو لكونه كتاب تشريع وتأديب وتعليم كان حقيقا بأن يودع فيه من المعاني والمقاصد أكثر ما تحتمله الألفاظ ، في أقل ما يمكن من المقدار ، بحسب ما تسمح به اللغة الوارد هو بها التي هي أسمح اللغات بهذه الاعتبارات ، ليحصل تمام المقصود من الإرشاد الذي جاء لأجله في جميع نواحي الهدى ، فمعتاد البلغاء إيداع المتكلم معنى يدعوه إليه غرض كلامه وترك غيره ، والقرآن ينبغي أن يودع من المعاني كل ما يحتاج السامعون إلى علمه وكل ما له حظ في البلاغة سواء كانت متساوية أم متفاوتة في البلاغة إذا كان المعنى الأعلى مقصودا وكان ما هو [ ص: 94 ] أدنى منه مرادا معه لا مرادا دونه سواء كانت دلالة التركيب عليها متساوية في الاحتمال والظهور أم كانت متفاوتة بعضها أظهر من بعض ولو أن تبلغ حد التأويل وهو حمل اللفظ على المعنى المحتمل المرجوح .