التنوين بين الذكر والحذف
لغة: مصدر نوَّن ينوِّن تنوينًا، تقول: نونتُ الاسم تنوينًا، إذا ألحقتَ به نونًا[1].
وفي اصطلاح النحويين: نون ساكنة زائدة تلحق آخر الاسم لفظًا، لا خطًّا ووقفًا، لمعنى يختص به[2].
ويبدو أنَّ عدم كتابة نون التنوين في آخر الكلمة في العربية الفُصحى مُرتبطٌ بفكرة ودعوة أبي الأسود الدُّؤلي لنقط الإعراب؛ حيث كانت علامات فوقية أو تحتيَّة، فلم يضع لها رموزًا مستقلة منفصلة[3].
أما عند علماء الأصوات، فهو (عبارة عن حركة قصيرة بعدها نون) [4]، فالتنوين في رأيهم مجموع الحركة والنون معًا، وأن هذه الحركة والنون خاضعة لنظام المقاطع في الكلام الموصول، وأنَّ الذي يحدِّد الحركة أحد عاملين هما: طبيعة الصوت، أو انسجام الحركة مع ما يَكتنفها من حركات أخرى[5].
وقد اتَّفق النُّحاة على أنَّ للتنوين أنواعًا، هي: تنوين التمكين، والتنكير، والمقابلة، والعِوَض، وهي مختصَّة بالاسم، وقد أضاف بعض النحويين تنوين الترنُّم والغالي، وهما مما يَشترك فيه الاسم والفعل والحرف[6].
وقد كان التنوين محلَّ اهتمام النحويين واللغويين؛ لأنه يعدُّ مِن الخصائص التي تنفرد بها اللغة العربية، وظاهرة من ظواهرها التي لا تُشاركها فيها لغة أخرى، ولأنَّ التنوين يهدينا إلى أمور لغوية قد تغيب عنا لولا هذه العلاقة، فهو قد يدلُّنا مثلاً على هُوية الكلمة واشتقاقها، ومعرفة هي أم نَكِرة، فهو علامة يحملها الاسم تدلُّ على أصله وهويته؛ إذ قد تكون الكلمة ذات مادة اشتقاقية ذات معنى معيَّن[7].
والتنوين يكون علامة للاسم المتمكِّن، كما أنه يكون للفرق بين المتمكِّن الخفيف من الأسماء وبين الثقيل الذي ليس بمتمكِّن.
قال سيبويه: "اعلم أنَّ بعض الكلام أثقل من بعض، فالأفعال أثقل من الأسماء؛ لأنَّ الأسماء هي الأول، وهي أشدُّ تمكنًا، فمِن ثمَّ لم يلحقها تنوين، ولحقها الجزم والسكون"[8].
وقال الفراء: "التنوين فارق بين الأسماء والأفعال"[9].
ولأبي القاسم السهيلي[10] رأي في فائدة التنوين في الاسم يَختلِف فيه عن النُّحاة السابقين عليه؛ حيث قال: "فإن قيل: ما الحكمة في إلحاق هذه النُّونِ الأسماءَ، وسقوطها في الوقف، وإبدالها ألفًا في حال النصب، وغير ذلك من أحوالها؟
فالجواب: أنَّ أكثر مسائل هذا الباب، قد تكلم الناس فيه بحكمة وصواب، إلا أشياء أغفلوها، منها مسائل كثيرة من باب ما يَنصرف وما لا يَنصرف، ونُتَفٌ في أبواب أُخَر، لعلنا - إن شاء الله - أن نَكشف عنها، ويشفى منها، ونقدِّم لها ها هنا أصلاً، فنقول: التنوين فائدته التفرقة بين المنفصل والمتصل، فلا يدخل في الاسم إلا علامةً لانفصاله مما بعده؛ ولذلك يكثر في النكرات لفرْط احتياجها إلى التخصيص بالإضافة، فإذا لم تُضَفْ احتاجت إلى التنوين؛ تنبيهًا على أنها غير مضافة"[11].
وواضح أنَّ السهيلي يرى أنَّ وظيفة التنوين في الاسم التَّفرقة بين المُنفصِل والمتَّصل، فهو علامة لانفصال الاسم المنون عمَّا يَليه، ويرفض كلام من سبقوه من النحاة، فيقول: "وليس دخول التنوين في الأسماء علامة للتمكن، كما ظنه قوم"[12].
يقول أحد الباحثين المُعاصِرين عن فائدة التنوين: "والبحث يرى أنَّ التنوين في كل هذه الشواهد من باب واحد، وذو نمط ومنهج موحَّد غير مختلف، فهو في كل الحالات وفي جميع المواضع ليس إلا نونًا زيدت على آخر الكلمة؛ لتحسين اللفظ بما تمنحه إياه وتُضفي عليه من جرس صوتي خاص، كما قد يعمَل بجانب هذا على استقامة واعتدال صيغة الكلمة، وإبرازها على وجه مُعتدِل، ومثال ما تقبله مُثُل العرب وأبنية كلامها، كما أنه كثيرًا ما يلمس بدخولها تمكين المعنى وتحقيقه بما تمنحه هذه النون من فضل تثبُّت وطول إقامة على اللفظ"[13].
هذا، وقد يحذف التنوين من الكلمة، ويأتي ذلك على نوعين: واجب وجائز.
أما وجوب حذفه، فيكون في المواضع الآتية[14]:
(1) دخول (أل) التعريف في صدر الكلمة، مثل: (جاء الرجلُ).
(2) أن تُضاف الكلمة المنوَّنة، فحينئذٍ يحذف التنوين، نحو: (جاء رجلُ الكرم).
(3) أن تكون الكلمة ممنوعةً مِن الصرف، نحو: (جاءت فاطمةُ)، و(رأيت يزيدَ)، و(تحدَّثت مع عمرَ).
(4) أن يوقف على الكلمة المنونة.
(5) أن تكون الكلمة متصلة بالضمير نحو: (ضاربك) فـ (ضارب) اسم فاعل، والكاف مضاف إليه في محل جر بإضافة اسم الفاعل إلى مفعوله، فحينئذٍ يجب حذف التنوين.
(6) أن يكون المنوَّن علمًا موصوفًا بـ (ابن) ويكون مضافًا إلى علم؛ نحو: (جاء زيدُ بن علي)؛ وذلك لكثرة استعمال (ابن) بين علَمين أحدهما موصوف به والآخر مضاف إليه، فحُذف التنوين تخفيفًا.
(7) أن يكون الاسم المنادى مبنيًّا على الضم، وهو المفرد العلم، فإنه حينئذٍ لا ينوَّن، نحو: (يا محمدُ أقبل).
حذف التنوين جوازًا:
إذا ولي التنوينَ حرفٌ ساكن، فمن النحاة من يحرِّكه بالكسر لالتقاء الساكنين، ومنهم مَن يُجيز حذفه، ويرى الأستاذ عباس حسن - رحمة الله عليه - أنَّ حذف التنوين هنا أولى من تحريكه؛ حيث يقول: "ومِن العرب من يجيز حذف التنوين إذا وليَه ساكن، وهو أسهل اللغات كلها، فيقول: (وقف خطيبُ اسمع خطبتَه)، وصاح (قائل افهموا)، و(أقبل عالمُ اخرج لاستقباله)، وحبَّذا الاقتصار عليه".
لغة: مصدر نوَّن ينوِّن تنوينًا، تقول: نونتُ الاسم تنوينًا، إذا ألحقتَ به نونًا[1].
وفي اصطلاح النحويين: نون ساكنة زائدة تلحق آخر الاسم لفظًا، لا خطًّا ووقفًا، لمعنى يختص به[2].
ويبدو أنَّ عدم كتابة نون التنوين في آخر الكلمة في العربية الفُصحى مُرتبطٌ بفكرة ودعوة أبي الأسود الدُّؤلي لنقط الإعراب؛ حيث كانت علامات فوقية أو تحتيَّة، فلم يضع لها رموزًا مستقلة منفصلة[3].
أما عند علماء الأصوات، فهو (عبارة عن حركة قصيرة بعدها نون) [4]، فالتنوين في رأيهم مجموع الحركة والنون معًا، وأن هذه الحركة والنون خاضعة لنظام المقاطع في الكلام الموصول، وأنَّ الذي يحدِّد الحركة أحد عاملين هما: طبيعة الصوت، أو انسجام الحركة مع ما يَكتنفها من حركات أخرى[5].
وقد اتَّفق النُّحاة على أنَّ للتنوين أنواعًا، هي: تنوين التمكين، والتنكير، والمقابلة، والعِوَض، وهي مختصَّة بالاسم، وقد أضاف بعض النحويين تنوين الترنُّم والغالي، وهما مما يَشترك فيه الاسم والفعل والحرف[6].
وقد كان التنوين محلَّ اهتمام النحويين واللغويين؛ لأنه يعدُّ مِن الخصائص التي تنفرد بها اللغة العربية، وظاهرة من ظواهرها التي لا تُشاركها فيها لغة أخرى، ولأنَّ التنوين يهدينا إلى أمور لغوية قد تغيب عنا لولا هذه العلاقة، فهو قد يدلُّنا مثلاً على هُوية الكلمة واشتقاقها، ومعرفة هي أم نَكِرة، فهو علامة يحملها الاسم تدلُّ على أصله وهويته؛ إذ قد تكون الكلمة ذات مادة اشتقاقية ذات معنى معيَّن[7].
والتنوين يكون علامة للاسم المتمكِّن، كما أنه يكون للفرق بين المتمكِّن الخفيف من الأسماء وبين الثقيل الذي ليس بمتمكِّن.
قال سيبويه: "اعلم أنَّ بعض الكلام أثقل من بعض، فالأفعال أثقل من الأسماء؛ لأنَّ الأسماء هي الأول، وهي أشدُّ تمكنًا، فمِن ثمَّ لم يلحقها تنوين، ولحقها الجزم والسكون"[8].
وقال الفراء: "التنوين فارق بين الأسماء والأفعال"[9].
ولأبي القاسم السهيلي[10] رأي في فائدة التنوين في الاسم يَختلِف فيه عن النُّحاة السابقين عليه؛ حيث قال: "فإن قيل: ما الحكمة في إلحاق هذه النُّونِ الأسماءَ، وسقوطها في الوقف، وإبدالها ألفًا في حال النصب، وغير ذلك من أحوالها؟
فالجواب: أنَّ أكثر مسائل هذا الباب، قد تكلم الناس فيه بحكمة وصواب، إلا أشياء أغفلوها، منها مسائل كثيرة من باب ما يَنصرف وما لا يَنصرف، ونُتَفٌ في أبواب أُخَر، لعلنا - إن شاء الله - أن نَكشف عنها، ويشفى منها، ونقدِّم لها ها هنا أصلاً، فنقول: التنوين فائدته التفرقة بين المنفصل والمتصل، فلا يدخل في الاسم إلا علامةً لانفصاله مما بعده؛ ولذلك يكثر في النكرات لفرْط احتياجها إلى التخصيص بالإضافة، فإذا لم تُضَفْ احتاجت إلى التنوين؛ تنبيهًا على أنها غير مضافة"[11].
وواضح أنَّ السهيلي يرى أنَّ وظيفة التنوين في الاسم التَّفرقة بين المُنفصِل والمتَّصل، فهو علامة لانفصال الاسم المنون عمَّا يَليه، ويرفض كلام من سبقوه من النحاة، فيقول: "وليس دخول التنوين في الأسماء علامة للتمكن، كما ظنه قوم"[12].
يقول أحد الباحثين المُعاصِرين عن فائدة التنوين: "والبحث يرى أنَّ التنوين في كل هذه الشواهد من باب واحد، وذو نمط ومنهج موحَّد غير مختلف، فهو في كل الحالات وفي جميع المواضع ليس إلا نونًا زيدت على آخر الكلمة؛ لتحسين اللفظ بما تمنحه إياه وتُضفي عليه من جرس صوتي خاص، كما قد يعمَل بجانب هذا على استقامة واعتدال صيغة الكلمة، وإبرازها على وجه مُعتدِل، ومثال ما تقبله مُثُل العرب وأبنية كلامها، كما أنه كثيرًا ما يلمس بدخولها تمكين المعنى وتحقيقه بما تمنحه هذه النون من فضل تثبُّت وطول إقامة على اللفظ"[13].
هذا، وقد يحذف التنوين من الكلمة، ويأتي ذلك على نوعين: واجب وجائز.
أما وجوب حذفه، فيكون في المواضع الآتية[14]:
(1) دخول (أل) التعريف في صدر الكلمة، مثل: (جاء الرجلُ).
(2) أن تُضاف الكلمة المنوَّنة، فحينئذٍ يحذف التنوين، نحو: (جاء رجلُ الكرم).
(3) أن تكون الكلمة ممنوعةً مِن الصرف، نحو: (جاءت فاطمةُ)، و(رأيت يزيدَ)، و(تحدَّثت مع عمرَ).
(4) أن يوقف على الكلمة المنونة.
(5) أن تكون الكلمة متصلة بالضمير نحو: (ضاربك) فـ (ضارب) اسم فاعل، والكاف مضاف إليه في محل جر بإضافة اسم الفاعل إلى مفعوله، فحينئذٍ يجب حذف التنوين.
(6) أن يكون المنوَّن علمًا موصوفًا بـ (ابن) ويكون مضافًا إلى علم؛ نحو: (جاء زيدُ بن علي)؛ وذلك لكثرة استعمال (ابن) بين علَمين أحدهما موصوف به والآخر مضاف إليه، فحُذف التنوين تخفيفًا.
(7) أن يكون الاسم المنادى مبنيًّا على الضم، وهو المفرد العلم، فإنه حينئذٍ لا ينوَّن، نحو: (يا محمدُ أقبل).
حذف التنوين جوازًا:
إذا ولي التنوينَ حرفٌ ساكن، فمن النحاة من يحرِّكه بالكسر لالتقاء الساكنين، ومنهم مَن يُجيز حذفه، ويرى الأستاذ عباس حسن - رحمة الله عليه - أنَّ حذف التنوين هنا أولى من تحريكه؛ حيث يقول: "ومِن العرب من يجيز حذف التنوين إذا وليَه ساكن، وهو أسهل اللغات كلها، فيقول: (وقف خطيبُ اسمع خطبتَه)، وصاح (قائل افهموا)، و(أقبل عالمُ اخرج لاستقباله)، وحبَّذا الاقتصار عليه".