أقسام العلة النحوية
اختلفت وجهات نظر علماء العربية حول تقسيم العلة؛ حيث قسموها عدة تقسيمات منها:
1 - تقسيم ابن السراج:
إذ قسمها على: عِلَّة، وعِلَّةِ العِلَّة[1]: قال في مقدمة كتابه: "واعتلالات النحويين على ضربين: ضَرْبٌ منها هو المؤدي إلى كلام العرب، كقولنا: كلُّ فاعل مرفوع، وضرب آخر يُسَمَّى عِلَّةَ العِلَّةِ، مثل أن يقولوا: لمَ صار الفاعل مرفوعًا، والمفعول به منصوبًا، ولم إذا تحرَّكت الياء والواو وكان ما قبلهما مفتوحًا قُلبتا ألفًا؟ وهذا[2] ليس يكسبنا أن نتكلم كما تكلمت العرب؛ وإنما تستخرج منه حكمتها في الأصول التي وضعتها، وتبين بها فضل هذه اللغة على غيرها من اللغات"[3].
2 - تقسيم الزجاجي:
قسمها الزجاجي على ثلاثة أضرب؛ إذ قال: "وعلل النحو بعد هذا على ثلاثة أضرب: عِلَل تعليمية، وعلل قياسية، وعلل جدلية نظرية؛ فأما التعليمية فهي التي يتوصل بها إلى تعلم كلام العرب؛ لأنا لم نسمع نحن ولا غيرنا كلَّ كلامها منها لفظًا، وإنما سمعنا بعضًا فقِسنا عليه نظيره، مثال ذلك أنا لما سمعنا قامَ زيدٌ فهو قائمٌ... عرفنا اسم الفاعل، فقلنا: ذهب فهو ذاهب، فمن هذا النوع من العِلَل قولنا: إن زيدًا قائم، إن قيل: بمَ نصبتم زيدًا؟ قلنا: بـ"إنَّ"؛ لأنَّها تنصب الاسم وترفع الخبر؛ لأنا كذلك علمناه ونعلمه، فهذا وما أشبهه من نوع التعليم، وبه ضبط كلام العرب، فأما العلة القياسية: فأن يقال لمن قال: نصبت زيدًا بـ"إنَّ" في قوله: "إن زيدًا قائم": ولمَ وجب أن تنصب "إنَّ" الاسم؟ فالجواب في ذلك أن يقال: لأنها وأخواتها ضارعت الفعل المتعدي إلى المفعول، فحملت عليه فأعملت إعماله لما ضارعته، فالمنصوب لها شبه بالمفعول لفظًا، والمرفوع بها شبه بالفاعل لفظًا، فهي تشبه من الأفعال إلى ما تقدمه مفعوله على فاعله، نحو: ضرب أخاك محمد، وما أشبه ذلك.
وأما العلة الجدلية النظرية: فكلُّ ما يعتل به في باب "إنَّ" بعد هذا، مثل أن يقال: فمن أيِّ جهة شابهت هذه الحروف الأفعال؟ وبأي الأفعال شبهتموها؟ أبالماضية، أم المستقبلة، أم الحادثة في الحال، أم المتراخية، أم المنقضية بلا مهلة؟"[4].
3 - التقسيم الثالث لابن جني:
إذ رأى أن علل النحويين ضربان؛ أحدهما: واجب لا بد منه؛ لأن النفس لا تطيق في معناه غيره، وهذا لاحِقٌ بعِلَل المتكلمين؛ كقلب الألف واوًا للضمة قبلها، وياء للكسرة قبلها، نحو: ضُوَيْرِب وقَرَاطِيس، ومن ذلك امتناع الابتداء بالساكن.
والآخر: ما يمكن تحمله إلا أنه على تجشم واستكراه له؛ كتصحيح واو بعد الكسرة، وذلك بأن تقول في نحو تصغير "عُصْفُور" وتكسيره: عُصَيْفُور، وعَصَافُور، ولكن يكره[5].
4 - التقسيم الرابع: للحسين بن موسى الجليس[6]:
إذ قسم اعتلالات النحويين في كتابه "ثمار الصناعة" على صنفين:
أحدهما: علة تطرد على كلام العرب، وتنساق إلى قانون لغتهم.
والثاني: علة تُظهِر حكمتهم، وتكشف عن صحة أغراضهم ومقاصدهم في موضوعاتهم، وهم للأولى أكثر استعمالاً، وأشدُّ تداولاً، وهي واسعة الشُّعَب إلا أن مدار المشهور منها على أربعة وعشرين نوعًا، وهي: عِلَّة سماع، وعِلَّةُ تشبيه، وعِلَّةُ استغناء، وعِلَّةُ استثقال، وعِلَّةُ فرق، وعِلَّةُ توكيد، وعِلَّةُ تعويض، وعِلَّةُ نظير، وعِلَّةُ نقيض، وعِلَّةُ حمل على المعنى، وعِلَّةُ مشاكلة، وعِلَّةُ معادلة، وعِلَّةُ قرب ومجاورة، وعِلَّةُ وجوب، وعِلَّةُ جواز، وعِلَّةُ تغليب، وعِلَّةُ اختصار، وعِلَّةُ تخفيف، وعِلَّةُ دلالة حال، وعِلَّةُ أصل، وعِلَّةُ تحليل، وعِلَّةُ إشعار، وعِلَّةُ تضاد، وعِلَّةُ أولى[7].
وشرح هذه الأنواع التاج بن مكتوم[8] في تذكرته، ومثَّل لها إلا علة التحليل، فقد اعتاص عليه شرحها وفكر فيها أيامًا، فلم يظهر له شيء فيها، وشرحها الشيخ شمس الدين بن الصائغ[9]،[10].
أما الصنف الثاني: وهو العلة التي تظهر حكمتهم، فلم يتعرض له الجليس ولا بيَّنه، وقد بينه ابن السراج فيما يسمى "عِلَّة العِلَّة"[11].
[1] رد ابن جني على ابن السراج تسميته هذا النوع "علة العلة"، ورأى أن هذه التسمية تجوز في اللفظ، فأما في الحقيقة فإنه شرح وتفسير وتتميم للعلة؛ ينظر: الخصائص: 1 / 174 - 175.
[2] أي: وهذا الضرب الذي يسمى علة العلة.
[3] الأصول في النحو: 1 / 35.
[4] الإيضاح في علل النحو: 64 - 65.
[5] ينظر: الخصائص: 1 / 89، 146، والاقتراح: 74.
[6]) هو أبو عبدالله الحسين بن موسى بن هبة الله، المعروف بالجليس الدينوري، المتوفى في حدود سنة 490هـ، من مصنفاته: ثمار الصناعة، والحروف السبعة من الكلام؛ تنظر ترجمته في: كشف الظنون: 1 / 523، وهدية العارفين: 1 / 310 - 311.
[7] ينظر: الاقتراح: 71 - 72، وداعي الفلاح: 291، 294.
[8] هو أحمد بن عبدالقادر بن أحمد بن مكتوم القيسي، تاج الدين، أبو محمد الحنفي النحوي، المتوفى سنة 749هـ، من تصانيفه: شرح كافية ابن الحاجب، وشرح شافيته، وشرح الفصيح، والدر اللقيط من البحر المحيط، والتذكرة؛ تنظر ترجمته في: الدرر الكامنة: 1 / 204، وبغية الوعاة: 1 / 326.
[9] هو محمد بن عبدالرحمن بن علي بن أبي الحسن الزمردي، شمس الدين بن الصائغ الحنفي النحوي المتوفى سنة 776هـ، من تصانيفه: شرح ألفية ابن مالك، والمباني في المعاني، والتذكرة في النحو؛ تنظر ترجمته في: الوافي بالوفَيَات: 3 / 200، وبغية الوعاة: 1 / 155، والأعلام: 6 / 192.
[10] ينظر: الاقتراح: 72 - 73.
[11] ينظر: الأصول في النحو: 1 / 35، والاقتراح: 73.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/literature_language/0/84825/#ixzz3Yd76hHP3
اختلفت وجهات نظر علماء العربية حول تقسيم العلة؛ حيث قسموها عدة تقسيمات منها:
1 - تقسيم ابن السراج:
إذ قسمها على: عِلَّة، وعِلَّةِ العِلَّة[1]: قال في مقدمة كتابه: "واعتلالات النحويين على ضربين: ضَرْبٌ منها هو المؤدي إلى كلام العرب، كقولنا: كلُّ فاعل مرفوع، وضرب آخر يُسَمَّى عِلَّةَ العِلَّةِ، مثل أن يقولوا: لمَ صار الفاعل مرفوعًا، والمفعول به منصوبًا، ولم إذا تحرَّكت الياء والواو وكان ما قبلهما مفتوحًا قُلبتا ألفًا؟ وهذا[2] ليس يكسبنا أن نتكلم كما تكلمت العرب؛ وإنما تستخرج منه حكمتها في الأصول التي وضعتها، وتبين بها فضل هذه اللغة على غيرها من اللغات"[3].
2 - تقسيم الزجاجي:
قسمها الزجاجي على ثلاثة أضرب؛ إذ قال: "وعلل النحو بعد هذا على ثلاثة أضرب: عِلَل تعليمية، وعلل قياسية، وعلل جدلية نظرية؛ فأما التعليمية فهي التي يتوصل بها إلى تعلم كلام العرب؛ لأنا لم نسمع نحن ولا غيرنا كلَّ كلامها منها لفظًا، وإنما سمعنا بعضًا فقِسنا عليه نظيره، مثال ذلك أنا لما سمعنا قامَ زيدٌ فهو قائمٌ... عرفنا اسم الفاعل، فقلنا: ذهب فهو ذاهب، فمن هذا النوع من العِلَل قولنا: إن زيدًا قائم، إن قيل: بمَ نصبتم زيدًا؟ قلنا: بـ"إنَّ"؛ لأنَّها تنصب الاسم وترفع الخبر؛ لأنا كذلك علمناه ونعلمه، فهذا وما أشبهه من نوع التعليم، وبه ضبط كلام العرب، فأما العلة القياسية: فأن يقال لمن قال: نصبت زيدًا بـ"إنَّ" في قوله: "إن زيدًا قائم": ولمَ وجب أن تنصب "إنَّ" الاسم؟ فالجواب في ذلك أن يقال: لأنها وأخواتها ضارعت الفعل المتعدي إلى المفعول، فحملت عليه فأعملت إعماله لما ضارعته، فالمنصوب لها شبه بالمفعول لفظًا، والمرفوع بها شبه بالفاعل لفظًا، فهي تشبه من الأفعال إلى ما تقدمه مفعوله على فاعله، نحو: ضرب أخاك محمد، وما أشبه ذلك.
وأما العلة الجدلية النظرية: فكلُّ ما يعتل به في باب "إنَّ" بعد هذا، مثل أن يقال: فمن أيِّ جهة شابهت هذه الحروف الأفعال؟ وبأي الأفعال شبهتموها؟ أبالماضية، أم المستقبلة، أم الحادثة في الحال، أم المتراخية، أم المنقضية بلا مهلة؟"[4].
3 - التقسيم الثالث لابن جني:
إذ رأى أن علل النحويين ضربان؛ أحدهما: واجب لا بد منه؛ لأن النفس لا تطيق في معناه غيره، وهذا لاحِقٌ بعِلَل المتكلمين؛ كقلب الألف واوًا للضمة قبلها، وياء للكسرة قبلها، نحو: ضُوَيْرِب وقَرَاطِيس، ومن ذلك امتناع الابتداء بالساكن.
والآخر: ما يمكن تحمله إلا أنه على تجشم واستكراه له؛ كتصحيح واو بعد الكسرة، وذلك بأن تقول في نحو تصغير "عُصْفُور" وتكسيره: عُصَيْفُور، وعَصَافُور، ولكن يكره[5].
4 - التقسيم الرابع: للحسين بن موسى الجليس[6]:
إذ قسم اعتلالات النحويين في كتابه "ثمار الصناعة" على صنفين:
أحدهما: علة تطرد على كلام العرب، وتنساق إلى قانون لغتهم.
والثاني: علة تُظهِر حكمتهم، وتكشف عن صحة أغراضهم ومقاصدهم في موضوعاتهم، وهم للأولى أكثر استعمالاً، وأشدُّ تداولاً، وهي واسعة الشُّعَب إلا أن مدار المشهور منها على أربعة وعشرين نوعًا، وهي: عِلَّة سماع، وعِلَّةُ تشبيه، وعِلَّةُ استغناء، وعِلَّةُ استثقال، وعِلَّةُ فرق، وعِلَّةُ توكيد، وعِلَّةُ تعويض، وعِلَّةُ نظير، وعِلَّةُ نقيض، وعِلَّةُ حمل على المعنى، وعِلَّةُ مشاكلة، وعِلَّةُ معادلة، وعِلَّةُ قرب ومجاورة، وعِلَّةُ وجوب، وعِلَّةُ جواز، وعِلَّةُ تغليب، وعِلَّةُ اختصار، وعِلَّةُ تخفيف، وعِلَّةُ دلالة حال، وعِلَّةُ أصل، وعِلَّةُ تحليل، وعِلَّةُ إشعار، وعِلَّةُ تضاد، وعِلَّةُ أولى[7].
وشرح هذه الأنواع التاج بن مكتوم[8] في تذكرته، ومثَّل لها إلا علة التحليل، فقد اعتاص عليه شرحها وفكر فيها أيامًا، فلم يظهر له شيء فيها، وشرحها الشيخ شمس الدين بن الصائغ[9]،[10].
أما الصنف الثاني: وهو العلة التي تظهر حكمتهم، فلم يتعرض له الجليس ولا بيَّنه، وقد بينه ابن السراج فيما يسمى "عِلَّة العِلَّة"[11].
[1] رد ابن جني على ابن السراج تسميته هذا النوع "علة العلة"، ورأى أن هذه التسمية تجوز في اللفظ، فأما في الحقيقة فإنه شرح وتفسير وتتميم للعلة؛ ينظر: الخصائص: 1 / 174 - 175.
[2] أي: وهذا الضرب الذي يسمى علة العلة.
[3] الأصول في النحو: 1 / 35.
[4] الإيضاح في علل النحو: 64 - 65.
[5] ينظر: الخصائص: 1 / 89، 146، والاقتراح: 74.
[6]) هو أبو عبدالله الحسين بن موسى بن هبة الله، المعروف بالجليس الدينوري، المتوفى في حدود سنة 490هـ، من مصنفاته: ثمار الصناعة، والحروف السبعة من الكلام؛ تنظر ترجمته في: كشف الظنون: 1 / 523، وهدية العارفين: 1 / 310 - 311.
[7] ينظر: الاقتراح: 71 - 72، وداعي الفلاح: 291، 294.
[8] هو أحمد بن عبدالقادر بن أحمد بن مكتوم القيسي، تاج الدين، أبو محمد الحنفي النحوي، المتوفى سنة 749هـ، من تصانيفه: شرح كافية ابن الحاجب، وشرح شافيته، وشرح الفصيح، والدر اللقيط من البحر المحيط، والتذكرة؛ تنظر ترجمته في: الدرر الكامنة: 1 / 204، وبغية الوعاة: 1 / 326.
[9] هو محمد بن عبدالرحمن بن علي بن أبي الحسن الزمردي، شمس الدين بن الصائغ الحنفي النحوي المتوفى سنة 776هـ، من تصانيفه: شرح ألفية ابن مالك، والمباني في المعاني، والتذكرة في النحو؛ تنظر ترجمته في: الوافي بالوفَيَات: 3 / 200، وبغية الوعاة: 1 / 155، والأعلام: 6 / 192.
[10] ينظر: الاقتراح: 72 - 73.
[11] ينظر: الأصول في النحو: 1 / 35، والاقتراح: 73.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/literature_language/0/84825/#ixzz3Yd76hHP3