فوائد من شرح لامية [ابن الوردي] للشيخ / عبد العزيز الطريفي.
الدرسُ الأول:
http://t.co/kkRL2dNaTt
الدرسُ الثاني:
http://t.co/EdGV64zVnC
جمع/ أبو الهمام البرقاوي
تويتر: @HOOMAAM
*الملف آخر الصفحة لمن أراد تحميله
لاميّة ابنُ الوردي: عمر بن مظفر بن أبي الفوارس بن الوردي، من أئمة القرن السابع والثامن هجريا (689هـ) ت (749هـ) وهي سبع وسبعون بيتًا, تضمنت كثيرًا من الآداب والسلوك التي حث عليه الشرع والفطر السوية، فينبغي للعالم والمتعلم أن يتبصر بالآداب ومعرفة دليلها شرعا وطبعا.
خلق الله الفطر سليمة تعرف الخير، وتنكر الشر، وجاءت الشريعة ببيان الشر فأنكرته، وقد يكون للنفس نزوات تخالف ما جاء بالشرع والطبع وهو مقر بذلك، فأمرت الشريعة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحماية النفس والدين والعرض والمال والعقل, فجاء المصنف ليدلل سبيلَ الحق في باب (السلوك والتربية) بعيدًا عن الأحكام الشرعية، وهو بابٌ يحتاجه الناس عامة، والخاصة كذلك فجاء الشرع بالحلال والحرام والمتشابهات وبـ (المروءة) لأن النفوس مجبولة على محاكاة غيرها، فإذا شذ أحد فإن هناك من النفوس من تحاكيه حتى يحاكيه فيصبحُ له سوادٌ، فلذا وجب أن يُنهى عنه حتى يقطع الشر من أصله.
اعتزلْ ذكرَ الأغاني والغزل / وقلِ الفضل وجانبْ من هزل.
العزلة محمودة في مواطن كثيرة، وامتدحها الله ورسوله كثيرًا [طوبى للغرباء].
الأصل مخالطة الناس، لأنها خير وحظ على المعروف وردُّ على الفساد والمنكر، ولو اعتزل كل صاحب خير لانتشر الفساد وبقي وللإمام الآجري كتاب في العزلة، ذكر فيه مواطنها كاختلاط الخير بالشر، ولما عظُم الخلاف بين صحابة رسول الله فضّل بعضهم الاعتزال.
من مواطن العزلة: ألا يطيق المنكر إن رآه إلا وقد وقع فيه، وهذا عند النفوس الضعيفة التي لا تقوى على المنكر، وثمة رادع الشرع والطبع وثمة اعتزال مخصوص: بعض الأفعال والمنكرات، كالمجالس التي يخاض فيها المنكر، كما ذكر الله عزوجل [إنكم إذا مثلهم] لأنهم راضون؛ إلا لإنكار.
الأغاني، جمع غانية: التي تفتنُ الإنسان، والغزل: الألفاظ التي فيه وصف مفاتن النساء، مما يجعل الإنسان من سقطة الناس، ولسانك حصانك إن صنته صانك، وإن خنته خانك، وتسمى الألسنة (مغاريف) لأنها تدل ما في القلوب وينبغي للمرء ألا يقرأ في مثل هذه الكتب التي تشتمل على الأغاني والغزل؛ حتى لا يتشرب قلبه منها من حيثُ لا يشعر فيجري على لسانه.
كتاب [الأغاني] مليءٌ بفحش العبارة، والمجون، والحكايات الباطلة التي يُستحى من ذكرها، وألف أحد الهنود [السيف اليماني في نحر صاحب الأغاني]
تفصيل الكلام يوقعه في الخطأ، واختصاره يُبعده، ومما ينسب لعلي بن أبي طالب [خير الكلام ما قلّ ودل، ولم يُقل فيمل] ولا أعلم له إسنادا.
ودعِ الذكر لأيام الصبا / لا تتكلم عما مضى، فالإنسانُ ابنُ يومه، وهو ما يمر على الإنسان من حلاوة ذكرى ما يشغله عما ينفعه في يومه وغده.
فطر الناس أنها تحب أيام الصبا، بل حين يمرون بسوء في أيامهم يتذكرون حلاوة ماضيه دون السوء.
يا زمانا بكيت منه فلما
صرت في غيره بكيت عليه.
وقد ضرب الله أعظم مثال [ولو ترى إذ وقفوا على النار قالوا يا ليتنا نردُّ ولا نكذبَ] يتمنون عودتهم [ولو رُدوا لعادوا لما نُهوا عنه].
سمى الله (الإنسان) لينسى، ولو لم ينس ما يصيبه من بلاء ومحنة، لما عاشوا إلا مهمومين مغمومين، ولكن الله رؤوف رحيم بعباده.
فلأيام الصبا نجم أفل / أفل إذا غاب، فنجم الصبا إذا أفل جفّ القلم به.
إن أحلى عيشة قضيتُها
ذهبتْ لذاتُها، والإثم حلّ
لذة المعصية (وقتية) وعذابها (سرمديّ) وللمعصية غشاوة ورانٌ وقساوةٌ على قلبه، ومهما تمتّع الإنسان بحرام فسيبقى شؤمها في قلبِهِ.
حرم الله الزنا وأباح الزواج، وحرم الربا وأباح البيع، وقد يُفتح لإنسان حراما حتى يكون اختبارًا وامتحانًا له.
أيد الله نبيّه ببعض الآيات؛ ليكون دليلا على نبوته كلها، ومن تتبعها كلها ضل، وكذا من تتبع حكم الله كلها، وما ضل الكفار إلا بتـتـبّعهم.
أبو بكر الصديق، بلغ مرتبة الصدّيقيّة؛ لأنه أطلق باب التصديق لمحمد صلى الله عليه وسلم فيما أخبر من غير نظرٍ لعلةٍ وحكمةٍ.
علي بن أبي طالب لما أرسله النبي صلى الله عليه وسلم ليتتبع المرأة، فلم يجد معها شيئا، قال: والله لا يكذب رسول الله! أخرجيها وإلا عريتُك.
ما يذكره المصنف: من المسلمات التي فطر الله عليها الشرائع، من آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فلا تنسخ العقائد والأخلاق والأخبار.
والهَ عن آله لهو ٍ أطْربت / كالدفوف وآلة الموسيقى والطرب، وسماها الله [لهو الحديث] وفي الجاهلية كانوا يجعلون الغنى والطرب للنساء فقط! وهذه الأمور محرمة للرجال والنساء، إلا الدف فيباح للنساء، وللرجال في الأعراس، وفي صحيح البخاري: ضربت على رأسه جاريتان بالدّف وأوفت المرأة بنذرها لتضربنّ الدف على راس النبي صلى الله عليه وسلم إن أرجعه الله، ولا نذرَ في معصيةٍ ! كما ذكر رسول الله. فإن دُعي لعرسٍ أو قدوم مسافر فيه دفُّ لا طبل ومزمار وآلات موسيقية فلا بأسَ بذلك! وسئل مالك عن وليمة فيها دفٌّ : أيرجع؟ قال: لا يرجع.
آلات الموسيقى والطرب: محرمٌ عند الأئمة الأربعة وعامة السلف، وما جاء من بعض الألفاظ (رجل غنّاء) أي: حسن الصوت، كـ ليس منا من لم يتغنّ.
الإطراب: هل يجوز أن يستمع للآت دون إطراب؟! بعض العلماء فرق وجعل المناط (الإطراب) فما كان من الآلات لا تطرب يسمع فلا حرج فيه دون استماع.
وعن الأمرد مرتجِّ الكفل / ما لا ينبت شعر في وجهه، وأطلق النهي عن الأمرد؛ لافتتان البعض به، لشببهه النساء أو أن يُتهم به.
وقال عمر رضي الله عنه [من أتى مواطن التُّهم فلا يلومنّ إلا نفسَه] وفي الحديث [إنها صفيّة !] وعلى كل حال: فمخالطة الأمرد موطن شُبـهةٍ !
وأراد بمرتجّ الكفل: من يتمايل في مِشيته، وهم المخنّثون الذين يتشبهون بالنساء، وذكر أنه كالضحى نورًا وبدرا سنىً، من جماله وفتنته وتفكر في منتهى الحسن الذي أنت تهواهُ وتحبّه ستجد أنّه زائلا، وقالت امرأة لهارون الرشيد [إنّك النعيم، إلا أنك تزولُ] فبكى -رحمه الله-.
الخمرُ محرمةٌ بالاتفاق، ومن قال بإباحتها فقد كفر، والخمر: ما خامل العقل وغطّاهُ، كيف يسعى في جنونٍ من عقل؟!
التقوى:[أرأيت إذا مشيت في وادٍ ذي شوك ما تصنع؟ قال: أشمّر عن مئزي وأنظر إلى مواضع قدمي، قال : فتلك التقوى].
أبي بن كعب.
ليس من يقطع طرُقًا ويسافر وهو ممدحةٌ عند العرب هو البطل، إنما من يتقي اللهَ البطلُ قال الشافعي:
سافر تجد عوضا عمن تفارقه ** وانصب فإن لذيذ العيش في النصبِ
إني رأيت وقوف الماء يفسده ** إن سال طاب، وإن لم يجرِ لم يطبِ
صدّق الشرع ولا تركن إلى المنجّمين الذين إن صدقوا كذبوا، ويُعلم الغيب إن أعلم به الشرع، وإن رأى في المنام رؤيا صالحة، وما عداه لا يمكن.
زحل: من الكواكب السبعة، ونهى بعض السلف عن النظر في النجوم حالَ سقوطها، وروي [نُهينا أن نتبع الشهب أبصارنا] وهو حديث لا يصح مرفوعًا ويجوز النظر في الكواكب لحديث [أيكم رأى الكوكب الذي انقضّ البارحة] دون اعتقاد شيء !
الإنسان مجبولٌ على تصور كلّ مذكورٍ ومسموع، وهذا خاطر في بالِ الإنسان إن ذُكر الله، لكن يجب أن يدفع الخاطر، وما كان بباله فهو فوق ذلك ولو قيل للإنسان: ارسم شيئًا لم تره، لم يستطع إلا أن يرسم ما حفظه عقله، واختصّ الله بالإبداع والإ‘فطار من عدم.
كتب الله الموت على الناس، قال ابن كثير عند آية [كل نفس ذائقة الموت]:هي عزاء لكل البشر، وخاطب الله نبيه معزيا له [إنك ميت وإنهم ميتون].
تظن الدول أنها لا تُفنى، ولكن إذا مرت عجلة الزمان فنيت وانقضت، فجاءت دولة بني أمية ثم بني العباس، ثم من بعدهم اعتبارًا للتقلب والتحول وإذا كان الإنسان يتقلّب كل يومٍ حالُهُ، فكيف بعامه وعمره بل كيف بالدول كلّها، فإن الإنسان يمل، فلا بد من أن يقلب الله الحالَ.
فلولا المرض ما علمت قيمة الصحة، ولولا الموت ما عرفت الحياة، ولولا الفراق ما علمت قيمة الاجتماع، ولولا الصيف ما عرفت نعمة الشتاء، والعكس! يقول الشاعر:
يحب المرء في الصيف الشتا
وإذا جاء الشتاء أنكرهْ
لا بذا يرضى ولا يرضى بذا
قتل الإنسان ما أكفرهُ
واللهُ قادر أن يجعل الليل سرمدًا، والنهارَ ضياءً، ولذا كثيرٌ من أهل الرفاهية يخرجون إلى الأودية والشّعاب؛ ليتمتعوا بما لم يروا.
نمرود بن كنعان بن حام بن نوح، فأين هؤلاء أسياد الدنيا؟
أين نمرود وكنعانُ ومنْ * ملك الأرض وولى وعزلْ
فالناس سواسية في الموت.
أين من سادوا وشادوا وبنا ** هلك الكلّ فلم تغنِ القُلَلْ / أي: مرتفعاتهم التي كانوا يكونون فيها ويعرشون عليها.
سعيد الله كلّا منهمُ ** وسيجزي فاعلًا ما قد فعلْ.
ليعرض بين يدي الله، وهو ما أنكره المنكرون، وآمن به أهلُ الرجاحة.
العقلُ يجب أن يؤمن بببعث الله، وإن لم يؤمن بذلك فالأولى له أن يؤمن، وأبو العلاء المعري الواقع في المجون واتهم في عقله ودينه، لما لقي من أهل التنجيم، حين قالوا له: إن الله لا يبعث الأموات، فلم تؤمن؟ قال:
قال المنجم والطبيب كلاهما
لا تبعث الأموات قلت إليكما
إن صح قولكما فلست بخاسر
أو صح قولي فالخسارُ عليكما
إذًا أنا ناج ٍ في الحالين، من باب ِ الاحتياط، فالأولى له أن يؤمن عقلا ولو لم نصا.
الحسن البصري وغيره: أن الإنسان إذا تاب من ذنوبه فإنها تُغفر ولكنها لا تُمحى، وقيل: إنها تُمحى، وهو الصواب [الإسلام يجبُّ ما قبله].
أيْ بنيّ اسمعْ وصايا جَمعت ** حِكَما خُصت بها خيرُ المللْ.
يريد أن يرشد إلى وصايا جليلة سبق شيءٌ منها، وما يأتي هو الأهم والأجل.
اطلبِ العلم ولا تكسلْ فما ** أبعدَ الخير على أهل الكسلْ.
فلا يبلغ الإنسان أعلى المراتب إلا وجدَّ واجتهد، ومن يسود إرثًا قلةٌ ! والعلم لا يعرف نسبًا، بل يرفع العبيد بالعلم، ويوضع الأسياد بالجهل، والفقهاء السبعةُ جلّهم من العبيدِ، ومن لا يعلم ليس كمن يعلم.
إذا أطلق الذكرُ في الكتاب والسنة فالمرادُ به (الفقه) ويقول ابن مسعود : الذكرُ ذكر الله كيف تصلي كيف تصوم كيف تصدق؟
حديث [ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة]أي: أنها سببٌ في دخول الجنة، لأنه موطن التعليم، ومعرفة الحلال والحرام.
لا بد أن يمر عليك من الألم والتجرع وهجران المضاجع؛ حتى تنال الرفعة والمنزلة العالية عند الله !
ترجم البخاري [بابُ تعلم العلم في الكبر] وقد تعلم صحابة رسول الله في كبرهم، كأبي بكر وعمر ومعاذ بن جبل.
ابنُ حزم تعلم العلم في كبره بعد الأربعين، وسماه شيخ الإسلام [ من أذكياء الدنيا ].
من أعظم مداخل الشيطان على طالب العلم : أن يقنطه من الحصول على مناله بالعلم كمضي العمر، وضعف عقله أو فهمه أو حفظه أو تدبره.
من ربّى نفسه على الفهم والحفظ فإنه يكون من أهل ذلك، والإنسان إذا اعتاد على الحفظ والمدراسة فإنه يكون من أهل الأذكياء، وتساسُ النفس.
حين يكون الإنسان متعلمًا، فإنه إرغامٌ لحاسديه [لا حسد إلا في اثنتين، رجل آتاه الله علمًا ... ].
في ازياد ِ العلم ِ إرغامُ العدا
لا يدلّس ولا يُخدع صاحب العلم دينيًّا أو دنيويًّا ولا ولذا قال عمر رضي الله عنه [لا يبع في سوقنا إلا من فقه في ديننا] لئلا يقع فيما يخالف الشرع.
النحو للكلام كالملح في الطعام، لذا ينبغي لطالب العلم أن يحلي كلامه بالنحو، والنحو علم لا يقبل التوسع، بخلاف سائر العلوم كالأصول والأدب.
نظمُ الشعر من وجوه الأدب، فمن ينظم الشعر يكون صاحب ذوق رفيع، والنزول في الشعر والإكثار منه مما يُذم فيه الإنسان، كالإسفاف والإسقاط.
[لئن يمتلئ جوف أحدكم قيحًا خير من أن يمتلئ شعرًا] والمراد به الهجاء والغزل الفاحش، والكلام الساقط، ولم ينظم العلماء مثل هذا.
الشاعر كلما بلغ مرتبة رفيعة، وقع من الكبر والرفعة عن الناس؛ لأنه يملكُ لسانًا سليطًا، وترك المبالغة في الشعر من صفات العلماء، كالشافعي.
الشعر عنوان الفضل، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسمع الشعر، ولم ينظمه؛ لأنه لو كان شاعرًا لاتهم بوضع القرآن، وذُكر أنه كان يتمثل دون أن يشعر.
يقول النبي السجع كـ[أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبد المطلب] ولما قال أبو سفيان له:العزى لنا ولا عزى لكم، قال: الله مولانا ولا مولى لكم.
ما أحسن الشعر إذا لم يُطلب به شيءٌ من الدنيا، وقال الله [والشعراء يتبعهم الغاوون] وقال النبي صلى الله عليه وسلم [إن من البيان لسحرًا].
أهل العلم لا يتّكلون على أصولهم، وإنما يتكلون على أعمالهم [من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبُهُ] [يا فاطمة لا أغني عنك من الله شيئًا].
العبرة في النسب (التعارف) ولا شك أن جنس العرب خير من جنس غيرهم، وأما ذواتُهم فلا يقال إنهم أفضل، كجنس الرجال والنساء.
أنا لا أختار تقبيلَ يدٍ ؛ من شعري ليحصل لي شيء من المال، وقد ذكر الإمام أحمد من حديث سليمان بن حرب [تقبيل اليد تلك هي السجدة الصغرى].
وليس بصواب تحريم التقبيل، فقد قُبّلت يدُ النبي صلى الله عليه وسلم، وثبت عن ابن عباس ترخيصُه، وهو ما عليه عامة العلماء، واختلفوا في تقبيل القدم، فيجوز إن كانَ لأب وأمّ دون الإكثار من ذلك؛ لأن فيه خضوعا وتذللا لا يكون إلا لله تعالى.
النفس مجبولة على حبّ من أحسن إليها، بل تغض الطرف عن خطايا من أحسن، فلا زال العلماء يحذرون من عطايا الحكّام؛ لئلا تقصر هممهم عن الإنكار.
أعذبُ الألفاظ قولي لك (خذ) / إحسانا ونفقةً، وهذا محمودٌ في الشرع، وفي الحديث [تهادوا تحابوا] لما تسل من سخيمة الإنسان على قلب أخيه.
ملكُ كسرى تغني عنه كسرةٌ / هذا الملك العظيم تغني عنه كسرة يتزود بها الإنسان، لا تُنقص الكسرة ولا تزيد من أملاك كسرى، فالدنيا ظلّ زائل.
وعن البحر اجتزاءٌ بالوشل / فليستغن ِ الإنسان عن البحر وهو (العظيم) بالمطر.
اعتبر بقوله تعالى (نحن قسمنا بينهم) الأخلاق والأرزاق، وليس لابن آدم إلا ما كُتب له، بل يأتيه ولو كان في جوفِ البحر، أو صخرة صمّاء.
ليس ما يحوى الفتى من عزمه ** لا، ولا ما فات يومًا بالكسل.
أي: أن ما يحويه الإنسان في الدنيا ولذائذها وما يحصل له من تكسب، ليس من كسبه! وإن أمر الله بأخذ الأسباب، ولكنّ الله جعلها سببًا في حصول المتعة والملذة، وامتدح الله سبحانه (العاملين) واختلفوا: في مسألة ٍ (العمل) هل يجب العمل إن اكتفى بنفقة غيره؟ الجمهور أن عمله مستحب، وذهب قلة وهو مروي عن الصحابة إلى الوجوب، والأول أصوب، لحديث[أخوك خيرٌ منك].
اطْرح الدنيا فمن عاداتها ** تخفض العالي وتعلي من سفل.
لذا سميت الدنيا؛ لدناءتها، فلا تعترف بحسب ولا جاه ولا نسب، بل تأخذه على غِرّة.
[لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء] فهي تعطي المؤمن والكافر، وتعلي من خفض، وتخفض من علا.
سئل بعض أهل المعرفة عن [الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر] وما يحصل للمؤمن من سعة صدر وانشرح، وللكافر من ضيق وتحرّج وبُعد عن ذكر الله.فأجاب: أنها سجنٌ للمؤمن بالنسبة لجنة الآخرة، وجنة للكافر بالنسبة لعذاب الآخرة.
كم جهولٍ وهو مثر مكثر ** وعليم مات منها بالعلل.
أي:كم مجهول في طرق التكسب سذج بسيط هو ثري، وعليم ذكي لم يرزق مثل الأول، فلا تنظر لغيرك.وأذكر في عامٍ يومَ عرفة أني كنت في أحد جبالها، وبجواري شامي يدعو: يا رب أنا مهندس بلغتُ من العلم كذا وكذا، وأعطيت جاري الصعلوك كذا، لم؟ فقلت له: أمر الله بالأخذ بالأسباب، ولكنهُ المتصرف المعطي، ولا يسأل الله عما يفعل.
الشجاعة لا تعني أن يأخذ غيره بقوته، فكم جبانٍ غلب قويًّا بسبب التوفيق، وكم في السير والمغازي من ذلك، وكم مجاهد في معارك يموت على فراشه.
خالدُ بن الوليد: ما ترك غزوةً إلا أتاها بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ماتَ على فراشه، فالمنيّة تأتي كما قدر الله.
الحيلة أن لا تتهرب من قدر الله، وأن الله إن كتب فهو آت، وكثيرٌ من الناس من يسعى للحيل للتخلص مما هو محتوم عليه، وهذا فيه معارضة للقضاء.
أيُّ يدٍ لا تنفق مما كسبت وأعطاها الله من قضاء الله، فقد دعا عليها بأن تُرمى بالشّلل [الله أعطِ منفقًا خلفًا، وأعط ممسكًا تلفًا].
لا تقل أصلي وفصلي أبدا ** إنما أصل الفتى ما قد حصل
أصلُ الإنسان ما تفرع عنه، وفصلُهُ: ما تُفُرّع عنه، فالأصل: الآباء، والفصل: الأبناء.
قد يسودُ المرءُ من غير أب / كيوسفَ (وقصته طويلة) رُمي بالبئر وعُذب مسجونا، حتى سادَ مصر وصار عزيزها، ولم ينفعْهُ أبوهُ، وبلا معين.
قريش أعرضوا عن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، فكبّ الله أبا جهل وأبا لهب وأبا طالبٍ في النار !
قد يخرجُ من بعض الأشواك ورد، وقد يخرج من البصل وردٌ يسمى (النرجس) وهو تمثيل لما سبق، مع أنّي أفتخر بنسبٍ يتّصل لأبي بكر-رضي الله عنه-.
قيمة الإنسان ما يحسنه ** أكثر الإنسان منه أو أقلْ.
فإن كثر ما يحسنه عظُمت قيمته، وإن قلّ قلّت قيمته، وقيمتُهُ بالعلم والمعرفة.
لا تحدث الناس بالفقر، بل اصبر واحتسب إلا بفاقةٍ، ولا تحدث بغنى؛ لئلا تُستكثر.
احفظ لسانك لا تبحْ بثلاثة :
سن، ومال، ما استطعت ومذهبُ.
كثير ما نجد بين من لا يوازنُ بين مالهِ وحالِهِ.
هل الصدقةُ تدخلُ في الإسراف؟ يقال: الصدقة لله تقبّلها الله منه، بشرط ألا يدع أبناءه ومن يعول عالةً، لحديث سعد بن أبي وقاص [الثلث كثير].
ذكر بعض السلف: أن ألقى الله وأخلف مالًا، خير من ألقى الله وقد تركتُ أبنائي عالة.
بين تبذير ٍ وبخل ٍ رتبةٌ ** وكلا هذين إن داما قَـتَلْ.ويجوز له أن ينفق ماله كلّه إن كان يتكسب وهو شاب نشط؛ كما حصل من إنفاق أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما كلّ مالهما [تركت لهما الله ورسوله].
لا ينبغي أن ينشغل بالأمم والشعوب عن حاضره، (لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت).
التغافل: خصلة محمودة من خصال المؤمن، [المؤمن غر كريم] أي: لا يُخدع ولكن يتغافل، فمن تتبع أحوال الناس وأمورهم ازدادَ همًّا وغمًّا.
وتغافل عن أمور إنه ** لم يفز بالحمد إلا من غفل.
إن تتبع الإنسان الدقيق يملّ ويضجر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتغافل عما يلحقه من أذى دون أن يكون صاحب غفلة، فيستغل في ماله، فقد كانت تأتي الأفواج للنبي فيسألهم من القومُ؟ وفي الحديث [إذا لقي أحدكم أخاه فليسأله من هو..]
كان النبي صلى الله عليه وسلم يتّقي شرار الناس [إنّ شر الناس من تركه النّاس اتقاءَ فُحْشِهِ].
ليس يخلو المرء من ضدّ وإن** حاول العُزلة في رأس جبلْ.
بقدر عقل المرء يكون له أعداء، يقول ابنُ حزم في (تهذيب أو مداواة النفوس) :
[ما من أحد إلا وله أعداء بقدر عقله، ومن رام حياة بلا أعداء فإنه يروم مستحيلا، ولم أر أحدا ليس له أعداء إلا المجانين].
ملْ عن النمام وازُجره فما ** بلغَ المكروه إلا من نقل.
يا فلان قد فيك فلان كذا وكذا ! [لا يدخل الجنة قتات] وهو من أكابر الذنوب.وأشد ذلك: من ينم بين الناس وهو يكذب:
لي حيلة فيمن ينم وليس في الكذاب حيلهْ
من كان يخلق ما يقول فحيلتي فيه قليلهْ
وذاك لسوء نية وطويّة.
الجيران ثلاثة:
جار له حق المسلم، القريب، الجوار.
جار له حق المسلم، الجوار.
جار له حق الجوار.
وانتقل عن جارك إن آذاك فلم تصبر !
أعظمُ الذنب : أن تزاني بحليلة ِ جارك / لأنه ائتمنك وسكن بجوارك، فالزنا من البعيدة أهون من الزنا على قريبة؛ لأنك أتيته على غرة وثقةٍ بك!
جانبِ السلطان / لا تدخل عليه دون حاجة وضرورة، ففي السنن [ من دخل على السلطان افتتن، ومن تتبع الصيد غفل] ولا تتعرض لمحاربته فهو منقصة.
من العقل والحكمة : ألا تعادي صاحبَ سلطان؛ لأنه يرفع ويضع ويقرب ويبعد من شاء بعد إذن الله!
لا تلِ الحُكم وإن هم سألوا/ [إنكم لتحرصون على الإمارة، وإنها لحسرة وندامة يوم القيامة] لأن الإنسان لا يستطيع أن يتحمل أمانة جسده ونفسه.
الخلفاء الراشدون علموا قيمة الأمانة، فانشغلوا بالعدل بين الناس عن لذائذ الدنيا، وإن طُلب منك ذلك، أما إذا علم الإنسان أنه إن لم يأتِ أتى غيره ممن هو أفسد منه إن كان فيه فساد، فلا حرج من هذا الباب دون أن يتسع، تدخل منه الذمم ! لأن الجميع يقولون: أتيت لئلا يأتي غيري!
إن نصف الناس أعداءٌ لمن ** ولي الأحكام، هذا إن عدلْ
لأن أمورهم لا تظهر للناس، وما هم فيه من أحوال، فقد يكون لهم أعذار لا يعلمها الرعية.ونفوس الحُكام مبنية على العزة والكبر والأنفة، فقد يكون لهم أعذار لا يُبدونها للناس، هذا إن كان عادلا، وإن ظالما فكُلهم أعداء وهو لا يستطيع أن يتلذذ ويقضي حاجاته؛ لأنه مراقب من أعينِ الناس:
فهو كالمحبوس عن لذاته ** وكلا كفّيه في الحشر ِ تُغلّ
صاحب السلطان ينعمُ بلذة لا توازي حرمانه من لذة الحرية في فعله وقوله، وهم مجبولون من النصيحة، خاصة إن انعزل فإنه يلقى ألمًا تنسيه لذته.
إن المناصبَ لا تدومُ لأهلها ** إن كنت في شكّ، فأين الأولُ؟
لا توازي لذة الحكم بما ** ذاقه الشخص، إذا الشخصُ انعزلْ.
جاء أحد أصحاب عمر بن عبد العزيز بثلاثٍ، فوجده قد نحِل جسمُه من هموم ِ الناس، فقال: كيف لو رأيتني في قبري بعد ثلاث ِ أيّام ٍ؟!
الموتُ يطلب الإنسان ويتخطى غيره، فإن كان لا يعلم متى يأتي يجب أن يخاف ويوجل، كمن يتوعده قاتل فإنه سيبقى خائفًا، ولنعمة النسيان قد يغفل.
غب وزد غبا تزد حبا فمن ** أكثر الترداد أقصاه الأملْ
غبا: يوما بعد يوم،[نهى رسول الله عن الترجل إلا غبا] لئلا يكثر من تنعم وتشبه بالنساء.
العبرة بحد السيف لا بغمده، والعبرة بالرجل باطنه لا ظاهره، فيجب أن يُظهر الإنسان الطاعة والخير، ليعلم قلبُه، فالشجرة الميتة لا تسقى.
حبك الوطن والأرض مفطور عليه بالطبع، وجاء الشرع بتقرير ذلك.
الدرسُ الأول:
http://t.co/kkRL2dNaTt
الدرسُ الثاني:
http://t.co/EdGV64zVnC
جمع/ أبو الهمام البرقاوي
تويتر: @HOOMAAM
*الملف آخر الصفحة لمن أراد تحميله
لاميّة ابنُ الوردي: عمر بن مظفر بن أبي الفوارس بن الوردي، من أئمة القرن السابع والثامن هجريا (689هـ) ت (749هـ) وهي سبع وسبعون بيتًا, تضمنت كثيرًا من الآداب والسلوك التي حث عليه الشرع والفطر السوية، فينبغي للعالم والمتعلم أن يتبصر بالآداب ومعرفة دليلها شرعا وطبعا.
خلق الله الفطر سليمة تعرف الخير، وتنكر الشر، وجاءت الشريعة ببيان الشر فأنكرته، وقد يكون للنفس نزوات تخالف ما جاء بالشرع والطبع وهو مقر بذلك، فأمرت الشريعة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحماية النفس والدين والعرض والمال والعقل, فجاء المصنف ليدلل سبيلَ الحق في باب (السلوك والتربية) بعيدًا عن الأحكام الشرعية، وهو بابٌ يحتاجه الناس عامة، والخاصة كذلك فجاء الشرع بالحلال والحرام والمتشابهات وبـ (المروءة) لأن النفوس مجبولة على محاكاة غيرها، فإذا شذ أحد فإن هناك من النفوس من تحاكيه حتى يحاكيه فيصبحُ له سوادٌ، فلذا وجب أن يُنهى عنه حتى يقطع الشر من أصله.
اعتزلْ ذكرَ الأغاني والغزل / وقلِ الفضل وجانبْ من هزل.
العزلة محمودة في مواطن كثيرة، وامتدحها الله ورسوله كثيرًا [طوبى للغرباء].
الأصل مخالطة الناس، لأنها خير وحظ على المعروف وردُّ على الفساد والمنكر، ولو اعتزل كل صاحب خير لانتشر الفساد وبقي وللإمام الآجري كتاب في العزلة، ذكر فيه مواطنها كاختلاط الخير بالشر، ولما عظُم الخلاف بين صحابة رسول الله فضّل بعضهم الاعتزال.
من مواطن العزلة: ألا يطيق المنكر إن رآه إلا وقد وقع فيه، وهذا عند النفوس الضعيفة التي لا تقوى على المنكر، وثمة رادع الشرع والطبع وثمة اعتزال مخصوص: بعض الأفعال والمنكرات، كالمجالس التي يخاض فيها المنكر، كما ذكر الله عزوجل [إنكم إذا مثلهم] لأنهم راضون؛ إلا لإنكار.
الأغاني، جمع غانية: التي تفتنُ الإنسان، والغزل: الألفاظ التي فيه وصف مفاتن النساء، مما يجعل الإنسان من سقطة الناس، ولسانك حصانك إن صنته صانك، وإن خنته خانك، وتسمى الألسنة (مغاريف) لأنها تدل ما في القلوب وينبغي للمرء ألا يقرأ في مثل هذه الكتب التي تشتمل على الأغاني والغزل؛ حتى لا يتشرب قلبه منها من حيثُ لا يشعر فيجري على لسانه.
كتاب [الأغاني] مليءٌ بفحش العبارة، والمجون، والحكايات الباطلة التي يُستحى من ذكرها، وألف أحد الهنود [السيف اليماني في نحر صاحب الأغاني]
تفصيل الكلام يوقعه في الخطأ، واختصاره يُبعده، ومما ينسب لعلي بن أبي طالب [خير الكلام ما قلّ ودل، ولم يُقل فيمل] ولا أعلم له إسنادا.
ودعِ الذكر لأيام الصبا / لا تتكلم عما مضى، فالإنسانُ ابنُ يومه، وهو ما يمر على الإنسان من حلاوة ذكرى ما يشغله عما ينفعه في يومه وغده.
فطر الناس أنها تحب أيام الصبا، بل حين يمرون بسوء في أيامهم يتذكرون حلاوة ماضيه دون السوء.
يا زمانا بكيت منه فلما
صرت في غيره بكيت عليه.
وقد ضرب الله أعظم مثال [ولو ترى إذ وقفوا على النار قالوا يا ليتنا نردُّ ولا نكذبَ] يتمنون عودتهم [ولو رُدوا لعادوا لما نُهوا عنه].
سمى الله (الإنسان) لينسى، ولو لم ينس ما يصيبه من بلاء ومحنة، لما عاشوا إلا مهمومين مغمومين، ولكن الله رؤوف رحيم بعباده.
فلأيام الصبا نجم أفل / أفل إذا غاب، فنجم الصبا إذا أفل جفّ القلم به.
إن أحلى عيشة قضيتُها
ذهبتْ لذاتُها، والإثم حلّ
لذة المعصية (وقتية) وعذابها (سرمديّ) وللمعصية غشاوة ورانٌ وقساوةٌ على قلبه، ومهما تمتّع الإنسان بحرام فسيبقى شؤمها في قلبِهِ.
حرم الله الزنا وأباح الزواج، وحرم الربا وأباح البيع، وقد يُفتح لإنسان حراما حتى يكون اختبارًا وامتحانًا له.
أيد الله نبيّه ببعض الآيات؛ ليكون دليلا على نبوته كلها، ومن تتبعها كلها ضل، وكذا من تتبع حكم الله كلها، وما ضل الكفار إلا بتـتـبّعهم.
أبو بكر الصديق، بلغ مرتبة الصدّيقيّة؛ لأنه أطلق باب التصديق لمحمد صلى الله عليه وسلم فيما أخبر من غير نظرٍ لعلةٍ وحكمةٍ.
علي بن أبي طالب لما أرسله النبي صلى الله عليه وسلم ليتتبع المرأة، فلم يجد معها شيئا، قال: والله لا يكذب رسول الله! أخرجيها وإلا عريتُك.
ما يذكره المصنف: من المسلمات التي فطر الله عليها الشرائع، من آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فلا تنسخ العقائد والأخلاق والأخبار.
والهَ عن آله لهو ٍ أطْربت / كالدفوف وآلة الموسيقى والطرب، وسماها الله [لهو الحديث] وفي الجاهلية كانوا يجعلون الغنى والطرب للنساء فقط! وهذه الأمور محرمة للرجال والنساء، إلا الدف فيباح للنساء، وللرجال في الأعراس، وفي صحيح البخاري: ضربت على رأسه جاريتان بالدّف وأوفت المرأة بنذرها لتضربنّ الدف على راس النبي صلى الله عليه وسلم إن أرجعه الله، ولا نذرَ في معصيةٍ ! كما ذكر رسول الله. فإن دُعي لعرسٍ أو قدوم مسافر فيه دفُّ لا طبل ومزمار وآلات موسيقية فلا بأسَ بذلك! وسئل مالك عن وليمة فيها دفٌّ : أيرجع؟ قال: لا يرجع.
آلات الموسيقى والطرب: محرمٌ عند الأئمة الأربعة وعامة السلف، وما جاء من بعض الألفاظ (رجل غنّاء) أي: حسن الصوت، كـ ليس منا من لم يتغنّ.
الإطراب: هل يجوز أن يستمع للآت دون إطراب؟! بعض العلماء فرق وجعل المناط (الإطراب) فما كان من الآلات لا تطرب يسمع فلا حرج فيه دون استماع.
وعن الأمرد مرتجِّ الكفل / ما لا ينبت شعر في وجهه، وأطلق النهي عن الأمرد؛ لافتتان البعض به، لشببهه النساء أو أن يُتهم به.
وقال عمر رضي الله عنه [من أتى مواطن التُّهم فلا يلومنّ إلا نفسَه] وفي الحديث [إنها صفيّة !] وعلى كل حال: فمخالطة الأمرد موطن شُبـهةٍ !
وأراد بمرتجّ الكفل: من يتمايل في مِشيته، وهم المخنّثون الذين يتشبهون بالنساء، وذكر أنه كالضحى نورًا وبدرا سنىً، من جماله وفتنته وتفكر في منتهى الحسن الذي أنت تهواهُ وتحبّه ستجد أنّه زائلا، وقالت امرأة لهارون الرشيد [إنّك النعيم، إلا أنك تزولُ] فبكى -رحمه الله-.
الخمرُ محرمةٌ بالاتفاق، ومن قال بإباحتها فقد كفر، والخمر: ما خامل العقل وغطّاهُ، كيف يسعى في جنونٍ من عقل؟!
التقوى:[أرأيت إذا مشيت في وادٍ ذي شوك ما تصنع؟ قال: أشمّر عن مئزي وأنظر إلى مواضع قدمي، قال : فتلك التقوى].
أبي بن كعب.
ليس من يقطع طرُقًا ويسافر وهو ممدحةٌ عند العرب هو البطل، إنما من يتقي اللهَ البطلُ قال الشافعي:
سافر تجد عوضا عمن تفارقه ** وانصب فإن لذيذ العيش في النصبِ
إني رأيت وقوف الماء يفسده ** إن سال طاب، وإن لم يجرِ لم يطبِ
صدّق الشرع ولا تركن إلى المنجّمين الذين إن صدقوا كذبوا، ويُعلم الغيب إن أعلم به الشرع، وإن رأى في المنام رؤيا صالحة، وما عداه لا يمكن.
زحل: من الكواكب السبعة، ونهى بعض السلف عن النظر في النجوم حالَ سقوطها، وروي [نُهينا أن نتبع الشهب أبصارنا] وهو حديث لا يصح مرفوعًا ويجوز النظر في الكواكب لحديث [أيكم رأى الكوكب الذي انقضّ البارحة] دون اعتقاد شيء !
الإنسان مجبولٌ على تصور كلّ مذكورٍ ومسموع، وهذا خاطر في بالِ الإنسان إن ذُكر الله، لكن يجب أن يدفع الخاطر، وما كان بباله فهو فوق ذلك ولو قيل للإنسان: ارسم شيئًا لم تره، لم يستطع إلا أن يرسم ما حفظه عقله، واختصّ الله بالإبداع والإ‘فطار من عدم.
كتب الله الموت على الناس، قال ابن كثير عند آية [كل نفس ذائقة الموت]:هي عزاء لكل البشر، وخاطب الله نبيه معزيا له [إنك ميت وإنهم ميتون].
تظن الدول أنها لا تُفنى، ولكن إذا مرت عجلة الزمان فنيت وانقضت، فجاءت دولة بني أمية ثم بني العباس، ثم من بعدهم اعتبارًا للتقلب والتحول وإذا كان الإنسان يتقلّب كل يومٍ حالُهُ، فكيف بعامه وعمره بل كيف بالدول كلّها، فإن الإنسان يمل، فلا بد من أن يقلب الله الحالَ.
فلولا المرض ما علمت قيمة الصحة، ولولا الموت ما عرفت الحياة، ولولا الفراق ما علمت قيمة الاجتماع، ولولا الصيف ما عرفت نعمة الشتاء، والعكس! يقول الشاعر:
يحب المرء في الصيف الشتا
وإذا جاء الشتاء أنكرهْ
لا بذا يرضى ولا يرضى بذا
قتل الإنسان ما أكفرهُ
واللهُ قادر أن يجعل الليل سرمدًا، والنهارَ ضياءً، ولذا كثيرٌ من أهل الرفاهية يخرجون إلى الأودية والشّعاب؛ ليتمتعوا بما لم يروا.
نمرود بن كنعان بن حام بن نوح، فأين هؤلاء أسياد الدنيا؟
أين نمرود وكنعانُ ومنْ * ملك الأرض وولى وعزلْ
فالناس سواسية في الموت.
أين من سادوا وشادوا وبنا ** هلك الكلّ فلم تغنِ القُلَلْ / أي: مرتفعاتهم التي كانوا يكونون فيها ويعرشون عليها.
سعيد الله كلّا منهمُ ** وسيجزي فاعلًا ما قد فعلْ.
ليعرض بين يدي الله، وهو ما أنكره المنكرون، وآمن به أهلُ الرجاحة.
العقلُ يجب أن يؤمن بببعث الله، وإن لم يؤمن بذلك فالأولى له أن يؤمن، وأبو العلاء المعري الواقع في المجون واتهم في عقله ودينه، لما لقي من أهل التنجيم، حين قالوا له: إن الله لا يبعث الأموات، فلم تؤمن؟ قال:
قال المنجم والطبيب كلاهما
لا تبعث الأموات قلت إليكما
إن صح قولكما فلست بخاسر
أو صح قولي فالخسارُ عليكما
إذًا أنا ناج ٍ في الحالين، من باب ِ الاحتياط، فالأولى له أن يؤمن عقلا ولو لم نصا.
الحسن البصري وغيره: أن الإنسان إذا تاب من ذنوبه فإنها تُغفر ولكنها لا تُمحى، وقيل: إنها تُمحى، وهو الصواب [الإسلام يجبُّ ما قبله].
أيْ بنيّ اسمعْ وصايا جَمعت ** حِكَما خُصت بها خيرُ المللْ.
يريد أن يرشد إلى وصايا جليلة سبق شيءٌ منها، وما يأتي هو الأهم والأجل.
اطلبِ العلم ولا تكسلْ فما ** أبعدَ الخير على أهل الكسلْ.
فلا يبلغ الإنسان أعلى المراتب إلا وجدَّ واجتهد، ومن يسود إرثًا قلةٌ ! والعلم لا يعرف نسبًا، بل يرفع العبيد بالعلم، ويوضع الأسياد بالجهل، والفقهاء السبعةُ جلّهم من العبيدِ، ومن لا يعلم ليس كمن يعلم.
إذا أطلق الذكرُ في الكتاب والسنة فالمرادُ به (الفقه) ويقول ابن مسعود : الذكرُ ذكر الله كيف تصلي كيف تصوم كيف تصدق؟
حديث [ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة]أي: أنها سببٌ في دخول الجنة، لأنه موطن التعليم، ومعرفة الحلال والحرام.
لا بد أن يمر عليك من الألم والتجرع وهجران المضاجع؛ حتى تنال الرفعة والمنزلة العالية عند الله !
ترجم البخاري [بابُ تعلم العلم في الكبر] وقد تعلم صحابة رسول الله في كبرهم، كأبي بكر وعمر ومعاذ بن جبل.
ابنُ حزم تعلم العلم في كبره بعد الأربعين، وسماه شيخ الإسلام [ من أذكياء الدنيا ].
من أعظم مداخل الشيطان على طالب العلم : أن يقنطه من الحصول على مناله بالعلم كمضي العمر، وضعف عقله أو فهمه أو حفظه أو تدبره.
من ربّى نفسه على الفهم والحفظ فإنه يكون من أهل ذلك، والإنسان إذا اعتاد على الحفظ والمدراسة فإنه يكون من أهل الأذكياء، وتساسُ النفس.
حين يكون الإنسان متعلمًا، فإنه إرغامٌ لحاسديه [لا حسد إلا في اثنتين، رجل آتاه الله علمًا ... ].
في ازياد ِ العلم ِ إرغامُ العدا
لا يدلّس ولا يُخدع صاحب العلم دينيًّا أو دنيويًّا ولا ولذا قال عمر رضي الله عنه [لا يبع في سوقنا إلا من فقه في ديننا] لئلا يقع فيما يخالف الشرع.
النحو للكلام كالملح في الطعام، لذا ينبغي لطالب العلم أن يحلي كلامه بالنحو، والنحو علم لا يقبل التوسع، بخلاف سائر العلوم كالأصول والأدب.
نظمُ الشعر من وجوه الأدب، فمن ينظم الشعر يكون صاحب ذوق رفيع، والنزول في الشعر والإكثار منه مما يُذم فيه الإنسان، كالإسفاف والإسقاط.
[لئن يمتلئ جوف أحدكم قيحًا خير من أن يمتلئ شعرًا] والمراد به الهجاء والغزل الفاحش، والكلام الساقط، ولم ينظم العلماء مثل هذا.
الشاعر كلما بلغ مرتبة رفيعة، وقع من الكبر والرفعة عن الناس؛ لأنه يملكُ لسانًا سليطًا، وترك المبالغة في الشعر من صفات العلماء، كالشافعي.
الشعر عنوان الفضل، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسمع الشعر، ولم ينظمه؛ لأنه لو كان شاعرًا لاتهم بوضع القرآن، وذُكر أنه كان يتمثل دون أن يشعر.
يقول النبي السجع كـ[أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبد المطلب] ولما قال أبو سفيان له:العزى لنا ولا عزى لكم، قال: الله مولانا ولا مولى لكم.
ما أحسن الشعر إذا لم يُطلب به شيءٌ من الدنيا، وقال الله [والشعراء يتبعهم الغاوون] وقال النبي صلى الله عليه وسلم [إن من البيان لسحرًا].
أهل العلم لا يتّكلون على أصولهم، وإنما يتكلون على أعمالهم [من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبُهُ] [يا فاطمة لا أغني عنك من الله شيئًا].
العبرة في النسب (التعارف) ولا شك أن جنس العرب خير من جنس غيرهم، وأما ذواتُهم فلا يقال إنهم أفضل، كجنس الرجال والنساء.
أنا لا أختار تقبيلَ يدٍ ؛ من شعري ليحصل لي شيء من المال، وقد ذكر الإمام أحمد من حديث سليمان بن حرب [تقبيل اليد تلك هي السجدة الصغرى].
وليس بصواب تحريم التقبيل، فقد قُبّلت يدُ النبي صلى الله عليه وسلم، وثبت عن ابن عباس ترخيصُه، وهو ما عليه عامة العلماء، واختلفوا في تقبيل القدم، فيجوز إن كانَ لأب وأمّ دون الإكثار من ذلك؛ لأن فيه خضوعا وتذللا لا يكون إلا لله تعالى.
النفس مجبولة على حبّ من أحسن إليها، بل تغض الطرف عن خطايا من أحسن، فلا زال العلماء يحذرون من عطايا الحكّام؛ لئلا تقصر هممهم عن الإنكار.
أعذبُ الألفاظ قولي لك (خذ) / إحسانا ونفقةً، وهذا محمودٌ في الشرع، وفي الحديث [تهادوا تحابوا] لما تسل من سخيمة الإنسان على قلب أخيه.
ملكُ كسرى تغني عنه كسرةٌ / هذا الملك العظيم تغني عنه كسرة يتزود بها الإنسان، لا تُنقص الكسرة ولا تزيد من أملاك كسرى، فالدنيا ظلّ زائل.
وعن البحر اجتزاءٌ بالوشل / فليستغن ِ الإنسان عن البحر وهو (العظيم) بالمطر.
اعتبر بقوله تعالى (نحن قسمنا بينهم) الأخلاق والأرزاق، وليس لابن آدم إلا ما كُتب له، بل يأتيه ولو كان في جوفِ البحر، أو صخرة صمّاء.
ليس ما يحوى الفتى من عزمه ** لا، ولا ما فات يومًا بالكسل.
أي: أن ما يحويه الإنسان في الدنيا ولذائذها وما يحصل له من تكسب، ليس من كسبه! وإن أمر الله بأخذ الأسباب، ولكنّ الله جعلها سببًا في حصول المتعة والملذة، وامتدح الله سبحانه (العاملين) واختلفوا: في مسألة ٍ (العمل) هل يجب العمل إن اكتفى بنفقة غيره؟ الجمهور أن عمله مستحب، وذهب قلة وهو مروي عن الصحابة إلى الوجوب، والأول أصوب، لحديث[أخوك خيرٌ منك].
اطْرح الدنيا فمن عاداتها ** تخفض العالي وتعلي من سفل.
لذا سميت الدنيا؛ لدناءتها، فلا تعترف بحسب ولا جاه ولا نسب، بل تأخذه على غِرّة.
[لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء] فهي تعطي المؤمن والكافر، وتعلي من خفض، وتخفض من علا.
سئل بعض أهل المعرفة عن [الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر] وما يحصل للمؤمن من سعة صدر وانشرح، وللكافر من ضيق وتحرّج وبُعد عن ذكر الله.فأجاب: أنها سجنٌ للمؤمن بالنسبة لجنة الآخرة، وجنة للكافر بالنسبة لعذاب الآخرة.
كم جهولٍ وهو مثر مكثر ** وعليم مات منها بالعلل.
أي:كم مجهول في طرق التكسب سذج بسيط هو ثري، وعليم ذكي لم يرزق مثل الأول، فلا تنظر لغيرك.وأذكر في عامٍ يومَ عرفة أني كنت في أحد جبالها، وبجواري شامي يدعو: يا رب أنا مهندس بلغتُ من العلم كذا وكذا، وأعطيت جاري الصعلوك كذا، لم؟ فقلت له: أمر الله بالأخذ بالأسباب، ولكنهُ المتصرف المعطي، ولا يسأل الله عما يفعل.
الشجاعة لا تعني أن يأخذ غيره بقوته، فكم جبانٍ غلب قويًّا بسبب التوفيق، وكم في السير والمغازي من ذلك، وكم مجاهد في معارك يموت على فراشه.
خالدُ بن الوليد: ما ترك غزوةً إلا أتاها بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ماتَ على فراشه، فالمنيّة تأتي كما قدر الله.
الحيلة أن لا تتهرب من قدر الله، وأن الله إن كتب فهو آت، وكثيرٌ من الناس من يسعى للحيل للتخلص مما هو محتوم عليه، وهذا فيه معارضة للقضاء.
أيُّ يدٍ لا تنفق مما كسبت وأعطاها الله من قضاء الله، فقد دعا عليها بأن تُرمى بالشّلل [الله أعطِ منفقًا خلفًا، وأعط ممسكًا تلفًا].
لا تقل أصلي وفصلي أبدا ** إنما أصل الفتى ما قد حصل
أصلُ الإنسان ما تفرع عنه، وفصلُهُ: ما تُفُرّع عنه، فالأصل: الآباء، والفصل: الأبناء.
قد يسودُ المرءُ من غير أب / كيوسفَ (وقصته طويلة) رُمي بالبئر وعُذب مسجونا، حتى سادَ مصر وصار عزيزها، ولم ينفعْهُ أبوهُ، وبلا معين.
قريش أعرضوا عن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، فكبّ الله أبا جهل وأبا لهب وأبا طالبٍ في النار !
قد يخرجُ من بعض الأشواك ورد، وقد يخرج من البصل وردٌ يسمى (النرجس) وهو تمثيل لما سبق، مع أنّي أفتخر بنسبٍ يتّصل لأبي بكر-رضي الله عنه-.
قيمة الإنسان ما يحسنه ** أكثر الإنسان منه أو أقلْ.
فإن كثر ما يحسنه عظُمت قيمته، وإن قلّ قلّت قيمته، وقيمتُهُ بالعلم والمعرفة.
لا تحدث الناس بالفقر، بل اصبر واحتسب إلا بفاقةٍ، ولا تحدث بغنى؛ لئلا تُستكثر.
احفظ لسانك لا تبحْ بثلاثة :
سن، ومال، ما استطعت ومذهبُ.
كثير ما نجد بين من لا يوازنُ بين مالهِ وحالِهِ.
هل الصدقةُ تدخلُ في الإسراف؟ يقال: الصدقة لله تقبّلها الله منه، بشرط ألا يدع أبناءه ومن يعول عالةً، لحديث سعد بن أبي وقاص [الثلث كثير].
ذكر بعض السلف: أن ألقى الله وأخلف مالًا، خير من ألقى الله وقد تركتُ أبنائي عالة.
بين تبذير ٍ وبخل ٍ رتبةٌ ** وكلا هذين إن داما قَـتَلْ.ويجوز له أن ينفق ماله كلّه إن كان يتكسب وهو شاب نشط؛ كما حصل من إنفاق أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما كلّ مالهما [تركت لهما الله ورسوله].
لا ينبغي أن ينشغل بالأمم والشعوب عن حاضره، (لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت).
التغافل: خصلة محمودة من خصال المؤمن، [المؤمن غر كريم] أي: لا يُخدع ولكن يتغافل، فمن تتبع أحوال الناس وأمورهم ازدادَ همًّا وغمًّا.
وتغافل عن أمور إنه ** لم يفز بالحمد إلا من غفل.
إن تتبع الإنسان الدقيق يملّ ويضجر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتغافل عما يلحقه من أذى دون أن يكون صاحب غفلة، فيستغل في ماله، فقد كانت تأتي الأفواج للنبي فيسألهم من القومُ؟ وفي الحديث [إذا لقي أحدكم أخاه فليسأله من هو..]
كان النبي صلى الله عليه وسلم يتّقي شرار الناس [إنّ شر الناس من تركه النّاس اتقاءَ فُحْشِهِ].
ليس يخلو المرء من ضدّ وإن** حاول العُزلة في رأس جبلْ.
بقدر عقل المرء يكون له أعداء، يقول ابنُ حزم في (تهذيب أو مداواة النفوس) :
[ما من أحد إلا وله أعداء بقدر عقله، ومن رام حياة بلا أعداء فإنه يروم مستحيلا، ولم أر أحدا ليس له أعداء إلا المجانين].
ملْ عن النمام وازُجره فما ** بلغَ المكروه إلا من نقل.
يا فلان قد فيك فلان كذا وكذا ! [لا يدخل الجنة قتات] وهو من أكابر الذنوب.وأشد ذلك: من ينم بين الناس وهو يكذب:
لي حيلة فيمن ينم وليس في الكذاب حيلهْ
من كان يخلق ما يقول فحيلتي فيه قليلهْ
وذاك لسوء نية وطويّة.
الجيران ثلاثة:
جار له حق المسلم، القريب، الجوار.
جار له حق المسلم، الجوار.
جار له حق الجوار.
وانتقل عن جارك إن آذاك فلم تصبر !
أعظمُ الذنب : أن تزاني بحليلة ِ جارك / لأنه ائتمنك وسكن بجوارك، فالزنا من البعيدة أهون من الزنا على قريبة؛ لأنك أتيته على غرة وثقةٍ بك!
جانبِ السلطان / لا تدخل عليه دون حاجة وضرورة، ففي السنن [ من دخل على السلطان افتتن، ومن تتبع الصيد غفل] ولا تتعرض لمحاربته فهو منقصة.
من العقل والحكمة : ألا تعادي صاحبَ سلطان؛ لأنه يرفع ويضع ويقرب ويبعد من شاء بعد إذن الله!
لا تلِ الحُكم وإن هم سألوا/ [إنكم لتحرصون على الإمارة، وإنها لحسرة وندامة يوم القيامة] لأن الإنسان لا يستطيع أن يتحمل أمانة جسده ونفسه.
الخلفاء الراشدون علموا قيمة الأمانة، فانشغلوا بالعدل بين الناس عن لذائذ الدنيا، وإن طُلب منك ذلك، أما إذا علم الإنسان أنه إن لم يأتِ أتى غيره ممن هو أفسد منه إن كان فيه فساد، فلا حرج من هذا الباب دون أن يتسع، تدخل منه الذمم ! لأن الجميع يقولون: أتيت لئلا يأتي غيري!
إن نصف الناس أعداءٌ لمن ** ولي الأحكام، هذا إن عدلْ
لأن أمورهم لا تظهر للناس، وما هم فيه من أحوال، فقد يكون لهم أعذار لا يعلمها الرعية.ونفوس الحُكام مبنية على العزة والكبر والأنفة، فقد يكون لهم أعذار لا يُبدونها للناس، هذا إن كان عادلا، وإن ظالما فكُلهم أعداء وهو لا يستطيع أن يتلذذ ويقضي حاجاته؛ لأنه مراقب من أعينِ الناس:
فهو كالمحبوس عن لذاته ** وكلا كفّيه في الحشر ِ تُغلّ
صاحب السلطان ينعمُ بلذة لا توازي حرمانه من لذة الحرية في فعله وقوله، وهم مجبولون من النصيحة، خاصة إن انعزل فإنه يلقى ألمًا تنسيه لذته.
إن المناصبَ لا تدومُ لأهلها ** إن كنت في شكّ، فأين الأولُ؟
لا توازي لذة الحكم بما ** ذاقه الشخص، إذا الشخصُ انعزلْ.
جاء أحد أصحاب عمر بن عبد العزيز بثلاثٍ، فوجده قد نحِل جسمُه من هموم ِ الناس، فقال: كيف لو رأيتني في قبري بعد ثلاث ِ أيّام ٍ؟!
الموتُ يطلب الإنسان ويتخطى غيره، فإن كان لا يعلم متى يأتي يجب أن يخاف ويوجل، كمن يتوعده قاتل فإنه سيبقى خائفًا، ولنعمة النسيان قد يغفل.
غب وزد غبا تزد حبا فمن ** أكثر الترداد أقصاه الأملْ
غبا: يوما بعد يوم،[نهى رسول الله عن الترجل إلا غبا] لئلا يكثر من تنعم وتشبه بالنساء.
العبرة بحد السيف لا بغمده، والعبرة بالرجل باطنه لا ظاهره، فيجب أن يُظهر الإنسان الطاعة والخير، ليعلم قلبُه، فالشجرة الميتة لا تسقى.
حبك الوطن والأرض مفطور عليه بالطبع، وجاء الشرع بتقرير ذلك.