ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    السيرة النبوية الشريفة [كاملة]

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    السيرة النبوية الشريفة [كاملة] - صفحة 2 Empty رد: السيرة النبوية الشريفة [كاملة]

    مُساهمة من طرف أحمد الجمعة أبريل 12, 2013 6:45 am

    وفي السنة الأولى من الهجرة: عقد النبي صلى الله عليه وسلم معاهدة مع اليهود بالمدينة. قال ابن القيم رحمه الله: ووادع رسول الله صلى الله عليه وسلم مَن بالمدينة مِن اليهود، وكتب بينه وبينهم كتابًا، وبادر جدهم وعالمهم عبد الله بن سلام، فدخل في الإسلام، وأبىٰ عامتهم إلا الكفر. وكانوا ثلاث قبائل: بنو قينقاع، وبنو النضير، وبنو قريظة، وحاربه الثلاثة، فمنَّ علىٰ بني قينقاع، وأجلىٰ بن النضير، وقتل بني قريظة وسبىٰ ذريتهم، ونزلت سورة الحشر في بني النضير، وسورة الأحزاب في بني قريظة.اهـ([1]). وفيما يلي شروط هذه المعاهدة: 1- إنَّ اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين. 2- وإنَّ يهود بني عوف([2]) أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم موالهيم وأنفسهم إلا من ظلم نفسه([3]) وأثم فإنه لا يُوْتغ([4]) إلا نفسه وأهل بيته. 3- وإنَّ لِيهود بني النجار مثل ما لِيهود بني عوف. 4- وإن ليهود بني الحارث مثل ما ليهود بني عوف. 5- وإن ليهود بني ساعدة مثل ما ليهود بني عوف.6- وإن ليهود بني جُشم مثل ما ليهود بني عوف. 7- وإن ليهود بني الأوس مثل ما ليهود بني عوف. 8- وإن ليهود بن ثعلبة مثل ما ليهود بني عوف، إلا من ظلم وأثم، فإنه لا يوتغ إلا نفسه وأهل بيته. 9- وإنَّ جَفْنة بطن من ثعلبة كأنفسهم([5]). 10- وإنَّ لبني الشُّطبة مثل ما ليهود بني عوف، وإنَّ البر دون الإثم([6]). 11- وإنَّ موالي ثعلبة كأنفسهم([7]). 12- وإنَّ بطانة يهود كأنفسهم([8]). 13- وإنه لا يخرج منهم أحدٌ إلا بإذن محمد صلى الله عليه وسلم، وإنه لا ينحجز علىٰ ثأر جُرحٍ([9]). 14- وإنه من فتك فبنفسه فتك وأهل بيته إلا من ظلم، وإن الله علىٰ أبرِّ هذا([10]). 15- وإنَّ علىٰ اليهود نفقتهم، وعلىٰ المسلمين نفقتهم، وإنَّ بينهم النصر علىٰ من حارب أهل هذه الصحيفة، وإنَّ بينهم النصح والنصيحة، والبر دون الإثم. 16- وإنه لا يأثم امرؤ بحليفه، وإن النصر للمظلوم([11]). 17- وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ماداموا محاربين. 18- وإن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة([12]). 19- وإنَّ الجار كالنفس غير مضار ولا آثم([13]). 20- وإنه لا تجار حرمة إلا بإذن أهلها([14]).21- وإنَّ ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث، أو شجار يُخاف فساده فإنّ مردَّه إلىٰ الله وإلىٰ محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنَّ الله علىٰ أتقىٰ ما في هذه الصحيفة وأبرِّه([15]). 22- وإنه لا تُجار قريش ولا من نصرها([16]). 23- وإنَّ بينهم النصر علىٰ من دهم يثرب([17]). 24- وإذا دُعُوا إلىٰ صلح يصالحونه ويلبسونه فإنهم يصالحونه ويلبسونه، وإنهم إذا دُعُوا إلىٰ مثل ذلك، فإنَّ لهم ما علىٰ المؤمنين إلا من حارب في الدين علىٰ كل أُناس حصَّتهم من جانبهم الذي قِبلهم([18]). 25- وإنَّ يهود الأوس مواليهم وأنفسهم علىٰ مثل ما لأهل هذه الصحيفة وإن البر دون الإثم، لا يكسب كاسب([19]) إلا علىٰ نفسه، وإنَّ الله علىٰ أصدق ما في هذه الصحيفة وأبرِّه. 26- وإنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم، وإن الله جار لمن برَّ واتقىٰ، ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ([20]).
    ([1]) «زاد المعاد» 3/58، 59.
    ([2]) بنو عوف قبيلة عربية، ولكنهم كانوا كجميع الأوس والخزرج تكون المرأة فيهم مقلاتٌ – أي لا يعيش لها ولد- فتجعل علىٰ نفسها إن عاش لها ولدٌ أن تهوَّده – أخرجه أبو داود (2682) وصححه الألباني- فمن ذلك تهوَّد بعضُ أبناء العرب وعاشوا بين قبائل اليهود.
    ([3]) فالذي تعدّىٰ حدود الله وارتكب إثما ينال عقابه لا يحول الكتاب دون ظالم ولا آثم.
    ([4]) يهلك.
    ([5]) الجفنة: وعاءُ الأطعمة، وجمعها جفان، ومنه قول الله تعالىٰ:{وجفان كالجواب}[سبأ: 13]، والبطن: أصلها الجارحة، ويطلقها العرب علىٰ فرع القبيلة، فالقبيلة الكبيرة يتفرع منها قبائل صغيرة تسمىٰ بطون، وإنما سُميت بذلك كناية علىٰ أنَّ جميع فروع القبيلة كالعضو الواحد، والجسد الواحد. والمعنىٰ: المبالغة في شدة تحريم أموال المعاهدين وأعراضهم، بأنه من استحل مثل هذا الشيء البسيط الزهيد، وهي جفنة الطعام، من بطن من بطون القبيلة، فكأنما انتهك حرمة جميع أشخاص القبيلة أنفسهم.
    ([6]) أي: إنَّ البر ينبغي أن يكون حاجزًا عن الإثم، والوفاء ينبغي أن يمنع من الغدر.
    ([7]) فحرمة عبيدهم كحرمة أحرارهم.
    ([8]) بطانة الرجل: صاحب سرِّه الذي يشاوره في أحواله. (نهاية).
    ([9]) منع هذا البند اليهود من الخروج من المدينة إلا بعد استئذان الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا القيد علىٰ تحركاتهم ربما يستهدف بالدرجة الأولىٰ منعهم من القيام بنشاط عسكري كالمشاركة في حروب القبائل خارج المدينة مما يؤثر علىٰ أمن المدينة واقتصادها. «السيرة النبوية الصحيحة» د/أكرم العمري 1/290، 291. وإنه لا ينحجز علىٰ ثأر جرح: أي لا تُحْجَز القبيلة من الخروج إذا كان خروجها للثأر ولو كان هذا الثأر جُرحٌ. والله أعلم.
    ([10]) الفتك: أن يأتي الرجل صاحبه وهو غافل، فيقتله. (نهاية). ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا يَفْتِكُ مُؤْمِنٌ» أخرجه أبو داود (2769)، وصححه الألباني. وإن الله علىٰ أبرِّ هذا: أي إن الله وحزبه المؤمنين علىٰ الرضا به. «تهذيب سيرة ابن هشام» عبد السلام هارون.
    ([11]) كان من عادات قبائل العرب – قبل الإسلام وبعده- التحالف فيما بينهم، فكانت تجتمع القبيلتان أو الثلاثة أو أكثر من ذلك فيتحالفون فيما بينهم علىٰ أن يكونوا كالقبيلة الواحدة، لا يعتدي بعضهم علىٰ بعض أولاً، ثم من أغار علىٰ قبيلة منهم فكأنما أغار علىٰ جميعهم، فعليهم نصر القبيلة التي أُغير عليها. فبين هذا البند أنه إذا ارتكب قوم من حلفاء أصحاب تلك الصحيفة إثما، فالإثم علىٰ الحلفاء، لا يتحمل أصحاب هذه المعاهدة إثم غيرهم من حلفائهم.
    ([12]) قد أعتبرت منطقة المدينة حرمًا بموجب هذا البند، والحرم هو مالا يحل انتهاكه، فلا يقتل صيده، ولا يقطع شجره، وحرم المدينة بين الحرَّة الشرقية والحرَّة الغربية وبين جبل ثور في الشمال وجبل عير في الجنوب، ويدخل وادي العقيق في الحرم، وبذلك أحلَّت هذه المادة الأمن داخل المدينة ومنعت الحروب الداخلية. «السيرة النبوية الصحيحة» 1/292.
    ([13]) أي من استجار بأحد من أصحاب هذه المعاهدة تكون حرمته كحرمتهم لا يضارُّ، ولكن لا يجار أحد ارتكب إثمًا أو ظلما لأحد.
    ([14]) أي إذا استجار أحدٌ فلا يُجارُ إلا بإذن أهله.
    ([15]) اعترف اليهود بموجب هذا البند بوجود سلطة قضائية عليا يرجع إليها سائر سكان المدينة بما فيهم اليهود، لكن اليهود لم يُلزموا بالرجوع إلىٰ القضاء الإسلامي دائمًا بل فقط عندما يكون الحدث أو الاشتجار بينهم وبين المسلمين، أما في قضاياهم الخاصة وأحوالهم الشخصية فهم يحتكمون إلىٰ التوراة ويقضي بينهم أحبارهم، ولكن إذا شاءوا فبوسعهم الاحتكام إلىٰ النبي صلى الله عليه وسلم، وقد خير القرآن الكريم النبي صلى الله عليه وسلم بين قبول الحكم فيهم أو ردهم إلىٰ أحبارهم{فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين}[المائدة: 42]. «السيرة النبوية الصحيحة» 1/291.
    ([16]) قد منع هذا البند اليهود من إجارة قريش أو نصرها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستهدف التعرض لتجارة قريش التي تمر غربي المدينة في طريقها إلىٰ الشام، فلابد من أخذ هذا التعهد لئلا تؤدي إجارتهم لتجارة قريش إلىٰ الخلاف بينهم وبين المسلمين. «السيرة النبوية الصحيحة» 1/290.
    ([17]) دهم يثرب أي فاجأها بحرب، فيكون جميع من دخل في هذه المعاهدة حماة للمدينة.
    ([18]) امتدت المعاهدة بموجب هذا البند لتشمل حلفاء المسلمين وحلفاء اليهود من القبائل الأخرىٰ، إذ شرطت المادة علىٰ كل طرف مصالحة حلفاء الطرف الآخر لكن المسلمين استثنوا قريشًا (إلا من حارب في الدين) لأنهم كانوا في حالة حرب معهم. «السيرة النبوية الصحيحة» 1/292.
    ([19]) أي: يكسب إثمًا.
    ([20]) انظر: «سيرة ابن هشام» 2/66، 68، «السيرة النبوية الصحيحة» 1/282، 285.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    السيرة النبوية الشريفة [كاملة] - صفحة 2 Empty رد: السيرة النبوية الشريفة [كاملة]

    مُساهمة من طرف أحمد الجمعة أبريل 12, 2013 6:45 am

    وفي رمضان من هذه السنة: كانت سرية حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه إلىٰ سِيف البحر.
    بداية الإذن بالقتال: فلما استقر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وأيده الله بنصره، بعباده المؤمنين الأنصار، وألف بين قلوبهم بعد العداوة والإِحَن التي كانت بينهم، فمنعته أنصارُ الله وكتيبةُ الإسلام من الأسود والأحمر، وبذلوا نفوسهم دونه وقدموا محبته علىٰ محبة الآباء والأبناء والأزواج، وكان أولىٰ بهم من أنفسهم، رمتهم العرب واليهود عن قوس واحدة، وشمروا لهم عن ساق العداوة والمحاربة، وصاحوا لهم من كل جانب، والله سبحانه يأمرهم بالصبر والعفو والصفح حتىٰ قويت الشوكة، واشتد الجناح، فأذن لهم حينئذ في القتال، ولم يفرضه عليهم فقال تعالىٰ:{أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير}[الحج: 39]. وقد قالت طائفة: إن هذا الإذن كان بمكة، والسورة مكية وهذا غلط لوجوه: أحدها: أن الله لم يأذن بمكة لهم في القتال، ولا كان لهم شوكة يتمكنون بها من القتال بمكة. الثاني: أن سياق الآية يدل علىٰ أن الإذن بعد الهجرة، وإخراجهم من ديارهم، فإنه قال:{الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله}[الحج: 40]، وهؤلاء هم المهاجرون. الثالث: قوله تعالىٰ:{هذان خصمان اختصموا في ربهم}[الحج: 19] نزلت في الذين تبارزوا يوم بدر من الفريقين. الرابع: أنه قد خاطبهم في آخرها بقوله:{يا أيها الذين آمنوا}،والخطاب بذلك كله مدني، فأمَّا الخطاب بـ{يا أيها الناس} فمشترك. الخامس: أنه أمر فيها بالجهاد الذي يعم الجهاد باليد وغيره، ولا ريب أن الأمر بالجهاد المطلق إنما كان بعد الهجرة، فأمَّا جهاد الحجة، فأمر به في مكة بقوله:{فلا تطع الكافرين وجاهدهم به} أي: بالقرآن{جهادا كبيرا}[الفرقان: 52]، فهذه سورة مكية، والجهاد فيها هو التبليغ، وجهاد الحجة، وأما الجهاد المأمور به في سورة الحج فيدخل فيه الجهاد بالسيف. السادس: أن الحاكم روىٰ في «مستدركه» من حديث الأعمش عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم، إنا لله وإنا إليه راجعون ليهْلِكُنَّ، فأنزل الله تعالى:{أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا}[الحج: 39] وهي أول آية نزلت في القتال، وإسناده علىٰ شرط الصحيحين، وسياق السورة يدل علىٰ أن فيها المكي والمدني، فإن قصة إلقاء الشيطان في أمنية الرسول مكية، والله أعلم([1]). وكما هو معروف في فن الحرب أن الهجوم أقوىٰ وسائل الدفاع، وقريش مصممة علىٰ خوض المعركة مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فلتكن المبادرة منه صلى الله عليه وسلم، ومن أجل هذا كانت السنة الأولىٰ كلها سنة هجوم علىٰ قوافل قريش، فلقد جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني سرايا وكانت كلها لاعتراض عير قريش ما عدا واحدة كانت ردًا علىٰ هجوم قام به كُرْز بن جابر الفهري واستمرت هذه السرايا من رمضان السنة الأولىٰ للهجرة إلىٰ رمضان في السنة الثانية من الهجرة، وكان قادة هذه السرايا جميعًا من المهاجرين، وكان لهذا معنىٰ خاص في هذه الحرب، فأصل العهد مع الأنصار هو حماية رسول الله صلى الله عليه وسلموصحبه في المدينة، وهذه السرايا تعرض للقوافل خارج المدينة، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فلابد من تدريب شباب الدعوة علىٰ الحرب بعد أن أُمروا بكفِّ أيديهم خلال ثلاثة عشر عامًا من العهد المكي. ومن جهة ثالثة، فلابد أن تعرف قريش أن هؤلاء المهاجرين الفارِّين من اضطهادها في مكة ليسوا موطن ضعف وهوان، بل هم قوة مرهوبة ذات شوكة عليها أن تحسب ألف حساب قبل أن تفكر في مواجهتهم. ومن جهة رابعة، فعلىٰ قريش أن تذوق وبال أمرها لموقفها المشين من الدعوة وأن تتجرع مرارة هذا الموقف، فتعلم أن مصالحها وتجارتها صارت مهب الريح بعد أن سيطر المسلمون علىٰ شريان حياتها من خلال قوافلها إلىٰ الشام، حيث أصبحت رحلة الصيف عندها وخيمة العواقب([2]). ولتعلم أخي – حفظك الله- أنَّ غزوات المسلمين ضد المشركين لم تكن لحبهم سفك الدماء، أو لأن دين الإسلام دين قتل ودمار، كما يقول أعداء هذا الدين الحنيف من اليهود والنصارىٰ والملحدين إنما كانت لهذه الغزوات أسبابها المعلومة لدىٰ الجميع بما فيهم هؤلاء المفترين، ولكنهم جحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلمًا وعلواً. وأهم هذه الأسباب: 1- منْعُ المشركين المسلمين من نشر دين الله الحق، فإن نشر دين الإسلام وإخراج الناس من عبادة العباد والأصنام إلىٰ عبادة رب الأنام، كانت مهمة النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام التي ابتعثهم الله من أجلها، ولكنَّ المشركين لم يُخلُّوا بينهم وبين الدعوة، إنما حاربوهم وآذوهم، ولو تركوهم ما قاتلوهم. 2- الظلم الذي وقع علىٰ المسلمين من المشركين من هدم بيوتهم وأخذ أموالهم وإخراجهم من ديارهم ونحو ذلك. ولقد رأينا بأعيننا ماذا صنعت أمريكا لهدم مبنىً واحد من مبانيها، لقد ثارت ثورة عارمة وأقامت الدنيا ولم تقعدها من أجل ذلك المبنىٰ وأصبحت كالثور الهائج الذي يضرب يمينًا وشمالاً بلا وعيٍ، بل لك أن تعلم بأن مجموع من قتلتهم أمريكا من المسلمين بسبب هذا المبنىٰ فقط يفوق أضعاف أضعاف من قُتلوا في جميع الحروب التي لاقىٰ فيها النبي صلى الله عليه وسلم المشركين! إذن فمن الذي يستحق أن يُمنح لقب مصاصي الدماء أنحن أم هم؟! لا شك أنهم يُمنحونه عن جدارةٍ واستحقاقٍ. 3- الاستفزازات التي مارسها المشركون ضد المسلمين، فقد منعوا ضعفاءهم من الهجرة وحاولوا تقليب أهل المدينة علىٰ المسلمين وغير ذلك. سرية سيف البحر: وكان أول لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم لحمزة بن عبد المطلب في شهر رمضان علىٰ رأس سبعة أشهر من مُهَاجَرِه، وكان لواءً أبيض، وكان حامله أبو مَرْثَد كَنَّاز بن الحُصين الغَنَويّ حليف حمزة، وبعثه في ثلاثين رجلاً من المهاجرين خاصة، يعترض عيرًا لقريش جاءت من الشام، وفيها أبو جهل بن هشام في ثلاثمائة رجل. فبلغوا سيف البحر([3]) من ناحية العِيص([4]) فالتقوا واصطَفُّوا للقتال، فمشىٰ مجديُّ بن عمرو الجهني – وكان حليفًا للفريقين جميعًا- بين هؤلاء وهؤلاء حتىٰ حَجَزَ بينهم ولم يقتتلوا([5]).
    ([1]) «زاد المعاد» 3/62، 64.
    ([2]) «المنهج الحركي للسيرة النبوية» 1/232، 233 أ/منير محمد الغضبان نقلا عن «سيرة الرسول» للشيخ/محمود المصري.
    ([3]) سيف البحر: ساحله.
    ([4]) قال أبو ذر: العيص هنا موضع، وأصل العيص منبت الشجر، وهو الأصل أيضًا.اهـ. وقال ياقوت عن ابن إسحاق: العيص: من ناحية ذي المروة علىٰ ساحل البحر بطريق قريش التي كانوا يأخذون منها إلىٰ الشام.اهـ. نقلاً من كلام الشيخ محمد محي الدين عبد الحميد علىٰ هامش «سيرة ابن هشام».
    ([5]) «زاد المعاد» 3/146، 147.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    السيرة النبوية الشريفة [كاملة] - صفحة 2 Empty رد: السيرة النبوية الشريفة [كاملة]

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس أبريل 18, 2013 11:59 am

    وفي شوال من السنة الأولى: كانت سرية عُبيدة بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه إلىٰ بطن رابغ.
    حيث بعث النبي صلى الله عليه وسلم عُبيدة بن الحارث بن عبد المطلب في سرية إلي بطن رابغ في شوال علىٰ رأس ثمانية أشهر من الهجرة، وعقد له لواءً أبيض، وحمله مِسْطَحُ بن أُثاثة بن عبد المطلب ابن عبد مناف، وكانوا في ستين من المهاجرين ليس فيهم أنصاريٌّ، فلقي أبا سفيان بن حرب، وهو في مائتين علىٰ بطن رابغ، علىٰ عشرة أميال من الجحفة، وكان بينهم الرميُ، ولم يَسُلُّوا السيوف، ولم يَصْطَفُّوا للقتال، وإنما كانت مناوشة، وكان سعد بن أبي وقاص فيهم، وهو أول مَن رمىٰ بسهم في سبيل الله، ثم انصرف الفريقان إلي حاميتهم. قال ابن إسحاق: وكان علىٰ القوم عكرمة بن أبي جهل([1])
    وفي شوال مِن هذه السنة بنىٰ النبي
    صلى الله عليه وسلم بأمَّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
    عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَنِي وَأَنَا بنتُ سَبْعٍ أَوْ سِتٍّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ أَتَيْنَ نِسْوَةٌ، فَأَتَتْنِي أُمُّ رُومَانَ، وَأَنَا عَلَىٰ أُرْجُوحَةٍ، فَذَهَبْنَ بِي، وَهَيَّأْنَنِي، وَصَنَعْنَنِي، فَأُتِيَ بِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَبَنَىٰ بِي وَأَنَا ابْنَةُ تِسْعٍ، فَوَقَفَتْ بِي عَلَىٰ الْبَابِ، فَقُلْتُ: هِيهْ هِيهْ، قَالَ أبو دَاوُد: أَيْ تَنَفَّسَتْ، فَأُدْخِلْتُ بَيْتًا فَإِذَا فِيهِ نِسْوَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقُلْنَ: عَلَىٰ الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ([2]). وعنها قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي شَوَّالٍ، وَبَنَىٰ بِي فِي شَوَّالٍ، فَأَيُّ نِسَاءِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ أَحْظَىٰ عِنْدَهُ مِنِّي؟([3]).
    وفي ذي القعدة من هذه السنة: كانت سرية سعد بن أبي وقاصٍ رضي الله عنه إلىٰ الخرَّار.
    حيث بعث النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص إلىٰ الخرَّار في ذي القعدة علىٰ رأس تسعة أشهر، وعقد له لواءً أبيض، وحمله المقداد بن عمر، وكانوا عشرين راكبًا يعترضون عيرًا لقريش، وعهد أن لا يجاوز الخرَّار، فخرجوا علىٰ أقدامهم فكانوا يكمنون بالنهار، ويسيرون بالليل حتىٰ صبّحوا المكان صبيحة خمس، فوجدوا العير قد مرت بالأمس([4]).
    وفي ذي القعدة من هذه السنة: آخىٰ النبي
    صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار.
    آخىٰ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار في دار أنس بن مالك، وكانوا تسعين رجلاً، نصفهم من المهاجرين، ونصفهم من الأنصار، آخىٰ بينهم علىٰ المواساة، يتوارثون بعد الموت دون ذوي الأرحام إلىٰ حين وقعة بدر، فلما أنزل الله تعالى:{وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض}[الأحزاب: 6] ردَّ التوارث إلىٰ الرحم دون عقد الإخوَّة([5]). وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: حَالَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْأَنْصَارِ وَقُرَيْشٍ فِي دَارِي الَّتِي بِالْمَدِينَةِ([6]). وعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَتْ الْأَنْصَارُ: اقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ النَّخْلَ، قَالَ: لَا، قَالَ: يَكْفُونَنَا الْمَئُونَةَ وَيُشْرِكُونَنَا فِي الثمْرِ، قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا([7]). وعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم آخَىٰ بَيْنَ أبي عُبَيْدَةَ بن الْجَرَّاحِ، وَبَيْنَ أبي طَلْحَةَ([8]).قال تعالى:{والذين تبوءو الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون}[ الحشر: 9]. عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قَالَ: لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ آخَىٰ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بَيْنَ عبد الرَّحْمَنِ بن عَوْفٍ وَسَعْدِ بن الرَّبِيعِ قَالَ لِعبد الرَّحْمَنِ: إِنِّي أَكْثَرُ الْأَنْصَارِ مَالًا فَأَقْسِمُ مَالِي نِصْفَيْنِ وَلِي امْرَأَتَانِ فَانْظُرْ أَعْجَبَهُمَا إِلَيْكَ فَسَمِّهَا لِي أُطَلِّقْهَا فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَتَزَوَّجْهَا، قَالَ: بَارَكَ الله لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، أَيْنَ سُوقُكُمْ؟ فَدَلُّوهُ عَلَىٰ سُوقِ بني قَيْنُقَاعَ فَمَا انْقَلَبَ إِلَّا وَمَعَهُ فَضْلٌ مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ ثُمَّ تَابَعَ الْغُدُوَّ([9])، ثُمَّ جَاءَ يَوْمًا وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَهْيَمْ»، قَالَ: تَزَوَّجْتُ، قَالَ: «كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا؟» قَالَ: نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ([10]). فهذا الموقف من الصحابي الجليل سعد بن الربيع يوضح حجم الحب والمودة الذي كان بين الأنصار وبين إخوانهم الذين هاجروا إليهم. وآخىٰ النبي صلى الله عليه وسلم بين أبي بكر رضي الله عنه وخارجة بن زيد، وبين عمر بن الخطاب وعتبان بن مالك، وبين طلحة بن عبيد الله وكعب بن مالك، وبين سعيد بن زيد وأبي بن كعب، وبين عثمان بن عفان وأوس بن ثابت، وغيرهم([11]).

    ([1]) (زاد المعاد)3/147.
    ([2]) صحيح: أخرجه مسلم (1422)، كتاب: النكاح، باب: تزويج الأب البكر الصغيرة، وأبو داود (4933) كتاب: الأدب، باب في الأرجوحة، واللفظ لأبي داود.
    ([3]) صحيح: أخرجه مسلم (1423)، كتاب: النكاح، باب: استحباب التزوج والتزويج في شوال واستحباب الدخول فيه.
    ([4]) «زاد المعاد» 3/147.
    ([5]) «زاد المعاد» 3/56، 57.
    ([6]) متفق عليه: أخرجه البخاري (7340)، كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: ما ذكر النبي وحض علىٰ اتفاق أهل العلم وما أجمع عليه الحَرَمان مكة والمدينة وما كان بها من مشاهد النبي والمهاجرين والأنصار ومصلىٰ النبي والمنبر والقبر، مسلم (2529)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: مؤاخاة النبي بين أصحابه.
    ([7]) صحيح: أخرجه البخاري (3782)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: إخاء النبي بين المهاجرين والأنصار. ومعنىٰ قولهم: يكفوننا المئونة ويشركوننا في الثمر؛ يكفونهم العمل في الأرض ويشاركونهم في الثمار التي تخرج منها.
    ([8]) صحيح: أخرجه مسلم (2528)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: مؤاخاة النبي بين أصحابه.
    ([9]) أي تابع الذهاب إلىٰ السوق فكان يذهب كثيرًا.
    ([10]) صحيح: أخرجه البخاري (3780)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: إخاء النبي بين المهاجرين والأنصار، وظاهر هذه الرواية الإرسال ولكنه جاء موصولاً في مواضع في الصحيح منها حديث (3781) عن أنس وفيه أن النبي قال له: أولم ولو شاة.
    ([11]) انظر: «سيرة ابن هشام» 2/67، 69.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    السيرة النبوية الشريفة [كاملة] - صفحة 2 Empty رد: السيرة النبوية الشريفة [كاملة]

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس أبريل 18, 2013 11:59 am

    السنة الثانية من الهجرة
    وفيها ثلاثة وعشرون حدثًا:
    في صفر من هذه السنة: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة الأَبْوَاء حتىٰ بلغ ودَّان وهي أول غزوة غزاها بنفسه الشريفة، فداه أبي وأمي.
    غزا النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه غزوة الأَبْواء، ويقال لها: ودَّان، وهي أول غزوة غزاها بنفسه، وكانت في صفر علىٰ رأس اثني عشر شهرًا من مُهَاجَره، وحمل لواءه حمزة بن عبد المطلب، وكان أبيض واستخلف علىٰ المدينة سعد بن عبادة، وخرج في المهاجرين خاصة يعترض عيرًا لقريش، فلم يلق كيدًا وفي هذه الغزوة وادع مخشَّ بن عمرو الضَمْريّ وكان سيد بني ضَمْرة في زمانه علىٰ ألا يغزو بني ضمرة، ولا يغزوه ولا أن يكَثرِّوا عليه جمعًا، ولا يعينوا عليه عدوًا، وكتب بينه وبينهم كتابًا، وكانت غيبته خمس عشرة ليلة([1]). وقال ابن إسحاق: وهي أول غزواته ([2]).
    وفي ربيع الأول من هذه السنة: غزا رسول الله
    صلى الله عليه وسلم غزوة بُواط.
    ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع الأول يريد قريشًا. واستعمل علىٰ المدينة السائب بن عثمان بن مظعون حتىٰ بلغ بُوَاط([3]) من ناحية رضْوىٰ([4])، ثم رجع إلىٰ المدينة ولم يلق كيدًا([5]) فلبث بها بقية شهر ربيع الآخر وبعض جمادىٰ الأولىٰ([6]).
    وفي ربيع الأول أيضًا من هذه السنة: غزا رسول الله
    صلى الله عليه وسلم غزوة بدر الأولىٰ حتىٰ بلغ وادي سَفَوان.
    ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم علىٰ رأس ثلاثة عشر شهرًا من مُهاجره يطلب كُرز بن جابر الفهري، وحمل لواءه عليُّ بن أبي طالب، وكان أبيض واستخلف علىٰ المدينة زيد بن حارثة وكان كُرز قد أغار علىٰ سرح المدينة([7]) فاستاقه، وكان يرعىٰ بالحِمىٰ، فطلبه رسول الله حتىٰ بلغ واديًا يقال له: سَفَوان من ناحية بدر، وفاته كُرز ولم يَلحقْه، فرجع إلىٰ المدينة([8]).
    وفي جُمادىٰ الأولىٰ من هذه السنة: غزا رسول الله
    صلى الله عليه وسلم غزوة العُشيرة، فوادع بني مُدْلِج وحلفاءَهم من بني ضمرة.
    ثم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشًا، فاستعمل علىٰ المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد، وسار حتىٰ نزل العُشيرة من بطن ينبُع، فأقام بها جمادىٰ الأولىٰ وليالي من جمادىٰ الآخرة، ووداع فيها بني مُدْلج وحلفاءهم من بني ضَمْرة([9])، ثم رجع إلىٰ المدينة ولم يلق كيدًا([10]).
    ([1]) «زاد المعاد» 3/148.
    ([2]) «سيرة ابن هشام» 2/124.
    ([3]) بواط: بضم الباء وفتح الواو مخففة وقيل: بفتح الباء، جبل من جبال جهينة يقرب من يَنْبُع، علىٰ أربعة بُرُد من المدينة.
    ([4]) رضوىٰ: جبل قيل علىٰ أربعة أيام من المدينة، ذو شعابٍ وأودية وبه مياه وأشجار.
    ([5]) أي: لم يقاتله أحد.
    ([6]) «سيرة ابن هشام» 2/129.
    ([7]) سرح المدينة: بفتح السين وسكون الراء، هي الإبل والمواشي التي تسرح للرعي بالغداة.
    ([8]) «زاد المعاد» 3/149.
    ([9]) قال الزرقانيُّ: وتقدم في ودَّان أنه وادع بني ضمرة، فلعلها تأكيد للأولىٰ أو أن حلفاء بني مدلج كانوا خارجين عن بني ضمرة لأمر ما وبسببه حالفوا بني مدلج.
    ([10]) «سيرة ابن هشام» 2/129، 130 بتصرف.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    السيرة النبوية الشريفة [كاملة] - صفحة 2 Empty رد: السيرة النبوية الشريفة [كاملة]

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس أبريل 18, 2013 12:00 pm

    وفي رجب من هذه السنة: كانت سرية جُهينة وفيهم سعد ابن أبي وقاص إلىٰ حيٍّ من كنانة.
    روىٰ الإمام أحمد عَنْ سَعْدِ بن أبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ جَاءَتْهُ جُهَيْنَةُ فَقَالُوا: إِنَّكَ قَدْ نَزَلْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، فَأَوْثِقْ لَنَا حَتَّىٰ نَأْتِيَكَ وَتُؤْمِنَّا، فَأَوْثَقَ لَهُمْ، فَأَسْلَمُوا قَالَ: فَبَعَثَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فِي رَجَبٍ، وَلَا نَكُونُ مِائَةً وَأَمَرَنَا أَنْ نُغِيرَ عَلَىٰ حَيٍّ مِنْ بني كِنَانَةَ إِلَىٰ جَنْبِ جُهَيْنَةَ فَأَغَرْنَا عَلَيْهِمْ، وَكَانُوا كَثِيرًا، فَلَجَأْنَا إِلَىٰ جُهَيْنَةَ فَمَنَعُونَا، وَقَالُوا: لِمَ تُقَاتِلُونَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ؟! فَقُلْنَا: إِنَّمَا نُقَاتِلُ مَنْ أَخْرَجَنَا مِنْ الْبَلَدِ الْحَرَامِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: مَا تَرَوْنَ؟ فَقَالَ بَعْضُنَا: نَأْتِي نَبِيَّ الله صلى الله عليه وسلم فَنُخْبِرُهُ، وَقَالَ قَوْمٌ: لَا، بَلْ نُقِيمُ هَاهُنَا، وَقُلْتُ أَنَا فِي أُنَاسٍ مَعِي لَا بَلْ نَأْتِي عِيرَ قُرَيْشٍ فَنَقْتَطِعُهَا، فَانْطَلَقْنَا إِلَىٰ الْعِيرِ، وَانْطَلَقَ أَصْحَابُنَا إِلَىٰ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ، فَقَامَ غَضْبَانًا مُحْمَرَّ الْوَجْهِ، فَقَالَ: أَذَهَبْتُمْ مِنْ عِنْدِي جَمِيعًا وَجِئْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ؟ إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ الْفُرْقَةُ لَأَبْعَثَنَّ عَلَيْكُمْ رَجُلًا لَيْسَ بِخَيْرِكُمْ، أَصْبَرُكُمْ عَلَىٰ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ، فَبَعَثَ عَلَيْنَا عبد الله بن جَحْشٍ الْأَسَدِيَّ، فَكَانَ أَوَّلَ أَمِيرٍ أُمِّرَ فِي الْإِسْلَامِ([1]).
    وفي رجب من هذه السنة: بعث رسول الله
    صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش رضي الله عنه إلىٰ نخلة.
    بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش الأسديَّ إلىٰ نخلة في رجب علىٰ رأس سبعة عشر شهرًا من الهجرة في اثني عشر رجلاً من المهاجرين كل اثنين يعتقبان علىٰ بعير، فوصلوا إلىٰ بطن نخلة يرصدون عيرًا لقريش، وفي هذه السرية سمي عبد الله بن جحش أمير المؤمنين، وكان رسول الله كتب له كتابًا، وأمره أن لا ينظر فيه حتىٰ يسير يومين، ثم ينظر فيه، ولما فتح الكتاب وجد فيه: إذا نظرت في كتأبي هذا، فامض حتىٰ تنزل نخلة بين مكة والطائف فترصد بها قريشًا، وتعلم لنا من أخبارهم، فقال: سمعًا وطاعة، وأخبر أصحابه بذلك، وبأنه لا يستكرههم، فمن أحب الشهادة فلينهض، ومن كره الموت فليرجع، وأما أنا فناهض، فمضوا كلهم، فلما كان في أثناء الطريق، أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيرًا لهما كانا يعتقبانه، فتخلفا في طلبه، وبعُد عبد الله بن جحش حتىٰ نزل بنخلة، فمرت به عير لقريش تحمل زبيبًا وأدمًا وتجارة فيها عمرو بن الحضرميّ، وعثمان ونوفل بن عبد الله بن المغيرة، والحكم بن كيسان مولىٰ بني المغيرة فتشاور المسلمون وقالوا: نحن في آخر يوم من رجب الشهر الحرام، فإن قاتلناهم، انتهكنا الشهر الحرام، وإن تركناهم الليلة دخلوا الحرم، ثم أجمعوا علىٰ مُلاقاتهم فرمىٰ أحدهم عمرو بن الحضرمي فقتله، وأسروا عثمان والحكم، وأفلت نوفل، ثم قدموا بالعير والأسيرين وقد عزلوا من ذلك الخمس، وهو أول خمس كان في الإسلام، وأول قتيل في الإسلام وأول أسيرين في الإسلام، وأنكر رسول اللهصلى الله عليه وسلم عليهم ما فعلوه، واشتد تعنت قريش وإنكارهم ذلك وزعموا أنهم قد وجدوا مقالا، فقالوا: قد أحل محمد الشهر الحرام، واشتد علىٰ المسلمين ذلك، حتىٰ أنزل الله تعالىٰ:{يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله}[البقرة: 217] يقول سبحانه: هذا الذي أنكرتموه عليهم وإن كان كبيرًا فما ارتكبتموه أنتم من الكفر بالله، والصدِّ عن سبيله وعن بيته وإخراج المسلمين الذين هم أهل منه، والشرك الذي أنتم عليه، والفتنة التي حصلت منكم به أكبر عند الله من قتالهم في الشهر الحرام([2]).
    وفي رجب أو شعبان من هذه السنة: نزل الأمر الإلهي بتحويل القبلة من بيت المقدس إلىٰ الكعبة المشرفة، وهو أول نسخ وقع في الإسلام.
    عَنْ الْبَرَاءِ بن عازب رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهصلى الله عليه وسلم صَلَّىٰ إِلَىٰ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ الْبَيْتِ وَأَنَّهُ صَلَّىٰ أَوْ صَلَّاهَا صَلَاةَ الْعَصْرِ وَصَلَّىٰ مَعَهُ قَوْمٌ فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ صَلَّىٰ مَعَهُ فَمَرَّ عَلَىٰ أَهْلِ الْمَسْجِدِ وَهُمْ رَاكِعُونَ قَالَ: أَشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّصلى الله عليه وسلم قِبَلَ مَكَّةَ فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ الْبَيْتِ وَكَانَ الَّذِي مَاتَ عَلَىٰ الْقِبْلَةِ قَبْلَ أَنْ تُحَوَّلَ قِبَلَ الْبَيْتِ رِجَالٌ قُتِلُوا لَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ فِيهِمْ فَأَنْزَلَ الله:{وما كان الله ليضيع إيمانكم}[البقرة: 143]([3]). وعَنْ عبد الله ابن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: بَيْنَما النَّاسُ يُصَلُّونَ الصُّبْحَ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ إِذْ جَاءَ جَاءٍ فَقَالَ: أَنْزَلَ الله عَلَىٰ النَّبِيِّصلى الله عليه وسلم قُرْآنًا أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا فَتَوَجَّهُوا إِلَىٰ الْكَعْبَةِ([4]). وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهصلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَنَزَلَتْ:{قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام}[البقرة: 144] فَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ بني سَلِمَةَ وَهُمْ رُكُوعٌ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَقَدْ صَلَّوْا رَكْعَةً، فَنَادَىٰ: أَلَا إِنَّ الْقِبْلَةَ قَدْ حُوِّلَتْ، فَمَالُوا كَمَا هُمْ نَحْوَ الْقِبْلَةِ([5]). قال ابن كثير رحمه الله: وحاصل الأمر أن رسول اللهصلى الله عليه وسلم كان يصلي بمكة إلىٰ بيت المقدس والكعبة بين يديه – كما رواه الإمام أحمد عن بن عباس رضي الله عنهما- فلما هاجر إلىٰ المدينة لم يمكنه أن يجمع بينهما، فصلىٰ إلىٰ بيت المقدس أول مقدمه المدينة، واستدبر الكعبة ستة عشر شهرًا، أو سبعة عشر شهرًا، وهذا يقتضي أن يكون ذلك في رجب من السنة الثانية. والله أعلم([6]). قال ابن إسحاق: وصرفت في رجب علىٰ رأس سبعة عشر شهرًا من مقدم رسول اللهصلى الله عليه وسلم المدينة([7]). وقال في موضع آخر: ويقال: صرفت القبلة في شعبان علىٰ رأس ثمانية عشر شهرًا من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة([8]).
    وفي شعبان من هذه السنة: فُرضَ صيامُ رمضان.
    قال ابن جرير رحمه الله: وفي هذه السنة – السنة الثانية- فُرض صيام شهر رمضان، وقد قيل: إنه فُرض في شعبان منها([9]).
    ([1]) «مسند أحمد» (1539)، وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده ضعيف.
    ([2]) «زاد المعاد» 3/150، 151.
    ([3]) متفق عليه: أخرجه البخاري (4486) كتاب: التفسير، ومسلم (525) كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: تحويل القبلة من القدس إلىٰ الكعبة.
    ([4]) متفق عليه: أخرجه البخاري (4488) كتاب: التفسير، ومسلم (526) كتاب: المساجد، باب: تحويل القبلة من القدس إلىٰ الكعبة.
    ([5]) صحيح: أخرجه مسلم (527) كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: تحويل القبلة من القدس إلىٰ الكعبة.
    ([6]) «البداية والنهاية» 3/267.
    ([7]) «سيرة ابن هشام» 2/98.
    ([8]) «سيرة ابن هشام» 2/134.
    ([9]) «تاريخ الطبري» نقلا عن «البداية والنهاية» 3/269.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    السيرة النبوية الشريفة [كاملة] - صفحة 2 Empty رد: السيرة النبوية الشريفة [كاملة]

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس أبريل 18, 2013 12:00 pm

    وفي يوم الجمعة السابع عشر من رمضان من السنة الثانية للهجرة: وقعت غزوة بدر الكبرىٰ.
    حيث سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أبا سفيان بن حرب مقبل من الشام في عير لقريش عظيمة، فيها أموال لقريش، وتجارة من تجاراتهم، وفيها ثلاثون رجلاً من قريش أو أربعون، منهم: مخرمة بن نوفل، وعمرو بن العاص([1]). فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين إليهم، وقال هذه عيرُ قريش فيها أموالهم، فاخرجوا إليها لعل الله ينفِّلكموها، فانتدب الناس، فخفَّ بعضهم وثقل بعضهم وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقىٰ حربًا. وكان أبو سفيان – حين دنا من الحجاز- يتحسس الأخبار، ويسأل من لقىٰ من الركبان، تخوفًا علىٰ أمر الناس، حتىٰ أصاب خبرًا من بعض الناس أن محمدًا قد استنفر أصحابه لك ولعيرك، فحذر عند ذلك، فاستأجر ضَمْضَم بن عمرو الغفاري فبعثه إلىٰ مكة، وأمره أن يأتي قريشًا فيستنفرهم إلىٰ أموالهم، ويُخبرهم أن محمدًا قد عرض لنا في أصحابه، فخرج ضمضم بن عمرو سريعًا إلىٰ مكة([2]). وقد رأت عاتكة بنت عبد الملطب، قبل قدوم ضمضم بثلاث ليال، رؤيا أفزعتها، فبعثت إلىٰ أخيها العباس بن عبد المطلب فقالت له: يا أخي والله لقد رأيت الليلة رؤيا لقد أفظعتني وتخوفتُ أن يدخل عل قومك منها شر ومصيبة، فاكتم عني ما أحدثك به، فقال لها: وما رأيت؟ قال: رأيت راكبًا أقبل علىٰ بعير له، حتىٰ وقف بالأبطح، ثم صرخ بأعلىٰ صوته: ألا انفروا يا آل غُدَر([3]) لمصارعكم في ثلاث، فأرىٰ الناس اجتمعوا إليه، ثم دخل المسجد والناس يتبعونه، فبينما هم حوله مَثَلَ به([4]) بعيرُه علىٰ ظهر الكعبة، ثم صرخ بمثلها: ألا انفروا يا آل غدر لمصارعكم في ثلاث، ثم مَثَلَ به بعيرُه علىٰ رأس أبي قُبيس([5])، فصرخ بمثلها، ثم أخذ صخرة فأرسلها، فأقبلت تهوي، حتىٰ إذا كانت بأسفل الجبل ارفضت([6]) فما بقي بيت من بيوت مكة ولا دارٌ إلا دخلتها منها فِلقة قال العباس: والله إن هذه لرؤيا! وأنت فاكتميها، ولا تذكريها لأحد. ثم خرج العباس فلقي الوليد بن عتبة بن ربيعة – وكان له صديقًا- فذكرها له واستكتمه إياها، فذكرها الوليد لأبيه عتبة، ففشا الحديث بمكة، حتىٰ حدثت به قريش في أنديتها. قال العباس: فغدوت لأطوف بالبيت، وأبو جهل ابن هشام في رهط من قريش قعود يتحدثون برؤيا عاتكة، فلما رآني أبو جهل قال: يا أبا الفضل، إذا فرغْتَ من طوافك فأقبل إلينا، فلما فرغتُ أقبلت حتىٰ جلستُ معهم، فقال لي أبو جهل: يا بني عبد المطلب متىٰ حَدَثَتْ فيكم هذه النبية؟ قال: قلت: وما ذاك؟ قال: تلك الرؤيا التي رأت عاتكة قال: فقلت: وما رأت؟ قال: يا بني عبد المطلب أما رضيتم أن يتنبأ رجالكم حتىٰ يتنبأ نساؤكم! قد زعمت عاتكة في رؤياها أنه قال: انفروا في ثلاث، فسنتربص بكم هذه الثلاث، فإن يك حقًا ما تقول فسيكون وإن تمض الثلاث ولم يكن من ذلك شيء نكتب عليكم كتابًا أنكم أكذب أهل بيت في العرب. قال العباس فوالله ما كان مني إليه كبير، إلا أني جحدتُ ذلك، وأنكرت أن تكون رأت شيئًا. قال: ثم تفرقنا، فلما أمسيتُ لم تبق امرأة من بني عبد المطلب إلا أتتني، فقالت: أقررتم لهذا الفاسق الخبيث أن يقع في رجالكم، ثم قد تناول النساء وأنت تسمع، ثم لم تكن عندك غَيرة لشيء مما سمعت! قال: قلت: قد والله فعلتُ، ما كان مني إليه كبير، وأيم الله لأتعرضنَّ له فإن عاد لأكفينَّكُنَّه. قال: فغدوتُ في اليوم الثالث من رؤيا عاتكة، وأنا حديد مغضب أرىٰ أني قد فاتني منه أمر أُحبُّ أن أدركه منه قال: فدخلت المسجد فرأيته، فوالله إني لأمشي نحوه أتعرضه ليعود لبعض ما قال فاقعُ به، وكان رجلاً خفيفًا حديد الوجه حديد اللسان حديد النظر، قال: إذ خرج نحو باب المسجد يشتدُّ، فقلت في نفسي: ما له لعنه الله أَكُلُّ هذا فَرَقٌ مني أن أُشاتمه؟! قال: وإذا هو قد سمع مالم أسمع صوت ضمضم بن عمرو الغفاري، وهو يصرخ ببطن الوادي واقفًا علىٰ بعيره، قد جدَّع بعيره([7]) وحوَّل رَحْله، وشق قميصه، وهو يقول: يا معشر قريش اللطيمة اللطيمة([8]) أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه، لا أرىٰ أن تُدركوها الغوث الغوث. قال: فشغلني عنه وشغله عني ما جاء من الأمر، فتجهز الناس سراعًا، قالوا: أيظن محمد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمي؟! كلا والله ليعلمن غير ذلك فكانوا بين رجلين إما خارج وإما باعث رجلاً، وأوعبت قريش فلم يتخلف من أشرافها أحد إلا أن أبا لهب بن عبد المطلب قد تخلف وبعث مكانه العاص بن هشام بن المغيرة، وكان قد لأط([9]) له بأربعة آلاف درهم كانت له عليه، أفلس بها، فاستأجره بها، علىٰ أن يُجزئ عنه([10]). وكان أمية بن خلف أيضًا أراد أنْ يتخلف عن الخروج، وله في ذلك قصة يحكيها سَعْدُ بن مُعَاذٍ رضي الله عنه حيث كَانَ صَدِيقًا لِأُمَيَّةَ بن خَلَفٍ، وَكَانَ أُمَيَّةُ إِذَا مَرَّ بِالْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَىٰ سَعْدٍ بن معاذ، وَكَانَ سَعْدٌ إِذَا مَرَّ بِمَكَّةَ نَزَلَ عَلَىٰ أُمَيَّةَ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ انْطَلَقَ سَعْدٌ مُعْتَمِرًا فَنَزَلَ عَلَىٰ أُمَيَّةَ بِمَكَّةَ فَقَالَ لِأُمَيَّةَ: انْظُرْ لِي سَاعَةَ خَلْوَةٍ لَعَلِّي أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ فَخَرَجَ بِهِ قَرِيبًا مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ فَلَقِيَهُمَا أبو جَهْلٍ فَقَالَ: يَا أَبَا صَفْوَانَ مَنْ هَذَا مَعَكَ؟ فَقَالَ: سَعْدٌ، فَقَالَ لَهُ أبو جَهْلٍ: أَلَا أَرَاكَ تَطُوفُ بِمَكَّةَ آمِنًا وَقَدْ أَوَيْتُمْ الصُّبَاةَ وَزَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ تَنْصُرُونَهُمْ وَتُعِينُونَهُمْ أَمَا وَاللَّهِ لَوْلَا أَنَّكَ مَعَ أبي صَفْوَانَ مَا رَجَعْتَ إِلَىٰ أَهْلِكَ سَالِمًا، فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ وَرَفَعَ صَوْتَهُ عَلَيْهِ: أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ مَنَعْتَنِي هَذَا لَأَمْنَعَنَّكَ مَا هُوَ أَشَدُّ عَلَيْكَ مِنْهُ طَرِيقَكَ عَلَىٰ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ أُمَيَّةُ: لَا تَرْفَعْ صَوْتَكَ يَا سَعْدُ عَلَىٰ أبي الْحَكَمِ سَيِّدِ أَهْلِ الْوَادِي، فَقَالَ سَعْدٌ: دَعْنَا عَنْكَ يَا أُمَيَّةُ فَوَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّهُمْ قَاتِلُوكَ»، قَالَ: بِمَكَّةَ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، فَفَزِعَ لِذَلِكَ أُمَيَّةُ فَزَعًا شَدِيدًا فَلَمَّا رَجَعَ أُمَيَّةُ إِلَىٰ أَهْلِهِ قَالَ: يَا أُمَّ صَفْوَانَ أَلَمْ تَرَيْ مَا قَالَ لِي سَعْدٌ؟ قَالَتْ: وَمَا قَالَ لَكَ؟ قَالَ: زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا أَخْبَرَهُمْ أَنَّهُمْ قَاتِلِيَّ، فَقُلْتُ لَهُ: بِمَكَّةَ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، فَقَالَ أُمَيَّةُ: وَاللَّهِ لَا أَخْرُجُ مِنْ مَكَّةَ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ اسْتَنْفَرَ أبو جَهْلٍ النَّاسَ، قَالَ: أَدْرِكُوا عِيرَكُمْ فَكَرِهَ أُمَيَّةُ أَنْ يَخْرُجَ فَأَتَاهُ أبو جَهْلٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا صَفْوَانَ إِنَّكَ مَتَىٰ مَا يَرَاكَ النَّاسُ قَدْ تَخَلَّفْتَ وَأَنْتَ سَيِّدُ أَهْلِ الْوَادِي تَخَلَّفُوا مَعَكَ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ أبو جَهْلٍ حَتَّىٰ قَالَ: أَمَّا إِذْ غَلَبْتَنِي فَوَاللَّهِ لَأَشْتَرِيَنَّ أَجْوَدَ بَعِيرٍ بِمَكَّةَ، ثُمَّ قَالَ أُمَيَّةُ: يَا أُمَّ صَفْوَانَ جَهِّزِينِي، فَقَالَتْ لَهُ: يَا أَبَا صَفْوَانَ وَقَدْ نَسِيتَ مَا قَالَ لَكَ أَخُوكَ الْيَثْرِبِيُّ؟ قَالَ: لَا، مَا أُرِيدُ أَنْ أَجُوزَ مَعَهُمْ إِلَّا قَرِيبًا، فَلَمَّا خَرَجَ أُمَيَّةُ أَخَذَ لَا يَنْزِلُ مَنْزِلًا إِلَّا عَقَلَ بَعِيرَهُ، فَلَمْ يَزَلْ بِذَلِكَ حَتَّىٰ قَتَلَهُ الله تعالى بِبَدْرٍ([11]). فتأهبت قريش للخروج بجيش قوامه نحو ألف مقاتل بما معهم من جمال وخيول وعتاد وعُدة، للدفاع عن عيرها وأموالها، كما أخذوا معهم نساءهم وأبناءهم وأموالهم، وكانت العربُ تفعل ذلك لتحفيز جنودها علىٰ القتال، فإن الرجل إذا ما خارت قوته ووهنت عزيمته وأراد أن يفر من ساحة المعركة تذكر ما خلفه من نساء وأبناء وأموال فكان ذلك حافزًا له علىٰ القتال بقوة وبأس وعدم الفرار من أرض المعركة. وفي المقابل تأهب جيش المسلمين للخروج سريعًا للحاق بقافلة أبي سفيان فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد أرسل بُسَيْسَةَ عَيْنًا يَنْظُرُ مَا صَنَعَتْ عِيرُ أبي سُفْيَانَ([12])،فلما جاء بُسيسة إلىٰ النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بأن القافلة قد قربت حرص النبي صلى الله عليه وسلم علىٰ الخروج بسرعة حتىٰ لا تفوته القافلة، حتىٰ إنه من شدة حرصه صلى الله عليه وسلم علىٰ ذلك لم ينتظر من كانت ظُهْرَانِهِمْ([13])في عوالي المدينة فجعلوا يستأذنونه أن يُحضِروا ظُهرانهم فَقَالَ: «لَا إِلَّا مَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا»([14]). فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في جيش تعداده بِضْعَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَ مِائَةٍ مقاتل([15]) منهم من الْأَنْصَارُ نَيِّفًا وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، ومن المهاجرين نَيِّفًا وسِتِّينَ([16]) ليس معهم إلا فرسٌ واحدٌ للمقداد بن عمرو([17]) وسبعون بعيرًا([18]) يعتقب كُلُّ ثَلَاثَةٍ بعيرًا([19]) فكَانَ النبي صلى الله عليه وسلم وَعَلِيُّ وأبو لُبَابَةَ يعتقبون بعيرًا فلما كَانَتْ عُقْبَةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم([20]) قَالَا: نَحْنُ نَمْشِي عَنْكَ يا رسول الله، فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا أَنْتُمَا بِأَقْوَىٰ مِنِّي وَلَا أَنَا بِأَغْنَىٰ عَنْ الْأَجْرِ مِنْكُمَا»([21]).
    ([1]) «سيرة ابن هشام» 2/134.
    ([2]) صحيح: «سيرة ابن هشام» عن ابن إسحاق 2/134، 135، بسنده إلىٰ ابن عباس، وصححه الشيخ الألباني في تخريج فقه السيرة للغزالي (226).
    ([3]) غُدَرُ: من غادر، ويستعمل هذا في النداء بالشتم.
    ([4]) مثل به: أي قام به ماثلاً.
    ([5]) جبل بمكة.
    ([6]) ارفضَّت: أي تفتت.
    ([7]) جدَّع بعيره: قطع أنفه.
    ([8]) اللطيمة: الإبل تحمل الطيب.
    ([9]) لأط: أي اقتضاه.
    ([10]) «سيرة ابن هشام» 2/135، 136، رواه ابن إسحاق بإسنادين أحدهما عن ابن عباس، ولكن فيه مبهم حيث قال ابن إسحاق: فأخبرني من لا أتهم عن عكرمة عن ابن عباس به. والثاني بإسناد صحيح إلىٰ عروة بن الزبير ولكنه مرسل، ويمكن أن يعتضدا ببعضهما.
    ([11]) صحيح: أخرجه البخاري (3950) كتاب: المغازي، باب: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من يقتل ببدر.
    ([12]) صحيح: أخرجه مسلم (1901)، كتاب: الإمارة، باب: ثبوت الجنة للشهيد.
    ([13]) الظهر: الدوابُّ التي تُركب.
    ([14]) صحيح: أخرجه مسلم (1901)، كتاب: الإمارة، باب: ثبوت الجنة للشهيد.
    ([15]) هناك حديثان صحيحان في عدد جيش المسلمين والمشركين: أما الأول: ففي صحيح البخاري (3956، 3959). وأما الثاني: ففي مسند أحمد (948) بإسناد صححه الشيخ الألباني في تحقيق فقه السيرة، وكذلك صححه الشيخ أحمد شاكر.
    ([16]) صحيح: أخرجه البخاري (3956) كتاب: المغازي، باب: عدة أصحاب بدر، عن البراء بن عازب.
    ([17]) صحيح: أخرجه أحمد في «المسند» (1023)، وابن خزيمة (899)، وابن حبان (2257)، والطيالسي (116). وجاءت روايات أخرىٰ ضعيفة بأنهما كانا فرسين أحدهما للزبير والثاني للمقداد، وهو ضعيف.
    ([18]) «سيرة ابن هشام» 2/138.
    ([19]) يعتقبون البعير: أي يتبادلون الركوب عليه.
    ([20]) أي: نوبته في المشي.
    ([21]) صحيح: أخرجه أحمد (3901)، الحاكم 3/20 وقال: صحيح علىٰ شرط مسلم، وقال الألباني في تخريج فقه السيرة: سنده حسن، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    السيرة النبوية الشريفة [كاملة] - صفحة 2 Empty رد: السيرة النبوية الشريفة [كاملة]

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس أبريل 18, 2013 12:00 pm

    وفي أثناء السير ولما بلغ الجيش الروحاء – وهي علىٰ أربعين ميلاً من المدينة- ردَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أبا لبابة أميرًا علىٰ المدينة وكان قد ترك ابن أم مكتوم ليصلي بالناس([1]). أما أبو سفيان فقد تمكن في خِضَمِّ ذلك أن يفر بقافلته فأخذ بها طريق الساحل – وهو غير طريقهم المعتاد- وأُخبر النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته بفرار القافلة، وبأن قريشًا خرجت بجيش كبير لمحاربة المسلمين. فحينها استشار النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في الأمر فبعضهم كره القتال، وفي ذلك، يقول الله تعالىٰ: {كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون يجادلونك في الحق بعدما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون}[الأنفال: 5، 6] والحق الذي تبين هو أن الله تعالىٰ قد وعدهم إحدىٰ الطائفتين إما أخذ القافلة وغنيمتها، وإما القتال، فلما فرت القافلة كان الحق الذي تبين هو القتال فكره بعض المسلمين ذلك يقول تعالىٰ:{وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم([2])ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون}[الأنفال: 7، 8]. وكان هؤلاء يرون أن القتال لا فائدة منه لأن القافلة نجت فلا غنيمة تُفيد المسلمين، ولأن المسلمين غير مستعدين للحرب كما استعدت قريش، ولكن الله تعالىٰ قد بين الحكمة من القتال في الآيتين السابقتين من سورة الأنفال. فلما عرض النبيصلى الله عليه وسلم الأمر قام أبو بكر الصديق فقال وأحسن، ثم قام عمر بن الخطاب فقال وأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسىٰ:{اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون}[المائدة: 24] ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلىٰ بَرْك الغِماد([3]) لجالدنا معك من دونه حتىٰ تبلغه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرًا ودعا له به. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أشيروا عليّ أيها الناس» وإنما يريد الأنصار، وذلك أنهم عدد الناس([4]) وأنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا: يا رسول الله إنا برآء من ذلك حتىٰ تصل إلىٰ ديارنا، فإذا وصلت إلينا فأنت في ذمتنا، نمنعك مما نمنع منه نساءنا وأبناءنا، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوف ألا تكون الأنصار ترىٰ عليها نصره إلا ممن دهمه بالمدينة من عدوه، وأن ليس عليهم أن يسير بهم إلىٰ عدو من بلادهم، فلما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال له سعد بن معاذ: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله، قال: «أجل» قال: فقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك علىٰ ذلك عهودنا ومواثيقنا، علىٰ السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت، فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقىٰ بنا عدونا غدا، إنا لصُبُرٌ في الحرب، صُدُقٌ في اللقاء، لعلَّ الله يريك منا ما تقرُّ به عينك، فَسِرْ بنا علىٰ بركة الله، فَسُرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد، ونشطه ذلك، ثم قال: «سيروا وأبشروا، فإن الله تعالىٰ قد وعدني إحدىٰ الطائفتين، والله لكأني الآن أنظر إلىٰ مصارع القوم»([5]). وكان لواء المسلمين في هذه المعركة مع مصعب بن عمير وكان أبيض وكان أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم رايتان سوداوان إحداهما مع علي بن أبي طالب يقال لها: العُقاب، والأخرىٰ مع بعض الأنصار([6]). فسار النبي صلى الله عليه وسلم مستعينًا بالله تعالى علىٰ هؤلاء المجرمين الذين خرجوا من ديارهم بطرًا ورءاء الناس ليصدوا عن سبيل الله. وفي الطريق وتحديدًا وهم بِحَرَّةِ الْوَبَرَةِ([7]) أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قَدْ كَانَ يُذْكَرُ مِنْهُ جُرْأَةٌ وَنَجْدَةٌ فَفَرِحَ أَصْحَابُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم حِينَ رَأَوْهُ فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: جِئْتُ لِأَتَّبِعَكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ، قَالَ لَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ»، قَالَ: لَا، قَالَ: «فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ»، ثُمَّ مَضَىٰ حَتَّىٰ إِذَا كان بِالشَّجَرَةِ أَدْرَكَهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ للنبي صلى الله عليه وسلم: كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، قَالَ: «فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ»، ثُمَّ رَجَعَ الرجل مرة أخرىٰ وهم بِالْبَيْدَاءِ، فَقَالَ لَهُ النبي صلى الله عليه وسلم كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ: «تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ»، قَالَ الرجل: نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «فَانْطَلِقْ»([8]).
    ([1]) «سيرة ابن هشام» 2/138، والحاكم في «المستدرك» 3/632 وسكت عنه الذهبي.
    ([2]) الشوكة: القتال، وغير ذات الشوكة: هي الغنيمة التي لا قتال فيها.
    ([3]) موضع بناحية اليمن.
    ([4]) أي: أكثر الناس، فهم أكثر من المهاجرين.
    ([5]) رواه ابن هشام في «السيرة» بهذا السياق عن ابن إسحاق بدون إسناد، وله شواهد أخرىٰ كثيرة تقويه، انظر: «صحيح البخاري» (3952)، مسلم (1779)، أحمد (3698، 4070، 4376، 11961)، والنسائي في «الكبرىٰ» (11140).
    ([6]) «سيرة ابن هشام» 2/138.
    ([7]) حَرَّةُ الوَبَرَة: موضع علىٰ نحوٍ من أربعة أميال من المدينة.
    ([8]) صحيح: أخرجه مسلم (1817) كتاب: الجهاد والسير، باب: كراهة الاستعانة في الغزو بكافر.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    السيرة النبوية الشريفة [كاملة] - صفحة 2 Empty رد: السيرة النبوية الشريفة [كاملة]

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس أبريل 18, 2013 12:01 pm

    وفي الطريق أيضًا ردَّ النبي صلى الله عليه وسلم البراء بن عازب وابن عمر رضي الله عنهما لصغرهما([1]). وعلىٰ الجانب الآخر فإن كفار قريش كادوا أن يرجعوا بلا قتال حيث تذكروا الذي كان بينهم وبين بني بكر من خصومة وخافوا أن يأتوهم من خلفهم فيُعينون عليهم جيش المسلمين، وبينما هم علىٰ ذلك إذ جاءهم إبليس في صورة سراقة بن مالك – وكان من أشراف بني كنانة- فقال لهم: أنا لكم جار من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه فخرجوا([2]). وفي ذلك يقول الله تعالىٰ:{وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب}[الأنفال: 48]. حيث فر الشيطان من ساحة المعركة عندما رأىٰ الملائكة تتنزل لنصرة المؤمنين كما سيأتي. إن شاء الله. وأيضًا أشار عتبة بن ربيعة عليهم بالرجوع لئلا تَكْثر التِراتُ بين الطرفين وبينهم أرحام وقرابات، ولكن أصر أبو جهل علىٰ القتال وغلب رأيه أخيرًا([3]). ثم وصل الفريقان إلىٰ بدر التي تبعد عن المدينة بنحو (160) كيلو مترًا، وكان جيش المسلمين أسبق إلىٰ هناك فلما أمسىٰ القوم بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليَّ بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وسعد بن أبي وقاص، في نفر من أصحابه إلىٰ ماء بدر يلتمسون الخبر له عليه، فأصابوا راوية([4]) لقريش فيها أسلم، غلام بني الحجاج، وعَريض أبو يسار، غلام بني العاص بن سعيد، فأتوا بهما فسألوهما، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي، فقالا نحن سقاة قريش، بعثونا نسقيهم من الماء، فكره القوم خبرهما ورجوا أن يكونا لأبي سفيان، فضربوهما فلما أذلقوهما([5]) قالا نحن لأبي سفيان، فتركوهما، وركع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد سجدتيه ثم سلم، وقال: «إذا صدقاكم ضربتموهما وإذا كذباكم تركتموهما، صدقا والله إنهما لقريش أخبراني عن قريش؟» قالا: هم والله وراء هذا الكثيب الذي ترىٰ بالعُدوة القصوىٰ، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كم القوم؟» قالا: كثير، قال: «ما عدتهم؟» قالا: لا ندري، قال: «كم ينحرون كل يوم؟» قالا: يومًا تسعًا، ويومًا عشرًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «القوم فيما بين التسعمائة والألف»، ثم قال لهما: «فمَن فيهم من أشراف قريش؟» قالا: عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو البختري بن هشام، وحكيم بن حزام، ونوفل بن خويلد، والحارث بن عامر بن نوفل، وطعيمة بن عديِّ بن نوفل، والنضر بن الحارث، وزمعة بن الأسود، وأبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، ونُبيه، ومنبِّه ابنا الحجاج، وسهيل بن عمرو، وعمرو بن عبد ودٍّ، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم علىٰ الناس فقال: «هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها»([6])، ثم قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: «هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ» – وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَىٰ الْأَرْضِ هَاهُنَا هَاهُنَا- فَمَا مَاطَ([7]) أَحَدُهُمْ عَنْ مَوْضِعِ يَدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم([8])، فبات المسلمون تلك الليلة بالعدوة الدنيا – أي القريبة من المدينة، وبات المشركون بالعدوة القصوىٰ- أي البعيدة عن المدينة من ناحية مكة، وقد ذكر القرآن الكريم هذا الموقف في قوله تعالىٰ:{إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب}؛ أي العير الذي فيه أبو سفيان{أسفل منكم}أي مما يلي ساحل البحر{ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحي من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم}[الأنفال: 42] ليصير الأمر ظاهرًا، والحجة قاطعة، والبراهين ساطعة، ولا يبقىٰ لأحد حجة ولا شبهة، فحينئذ يهلك من هلك أي: يستمر في الكفر من استمر فيه علىٰ بصيرة من أمره أنه مبطل، لقيام الحجة عليه ويحيىٰ من حيَّ أي: يؤمن من آمن عن بينة أي: عن حجة وبصيرة،{وإن الله لسميع عليم}[الأنفال: 42] أي: لدعائكم وتضرعكم واستغاثتكم به عليم بكم وأنكم تستحقون النصر علىٰ أعدائكم الكفرة المعاندين([9]).
    ([1]) صحيح: أخرجه البخاري (3956) كتاب: المغازي، باب: عدة أصحاب بدر.
    ([2]) «سيرة ابن هشام» 2/138 بإسناد مرسل عن عروة بن الزبير، وتشهد له الآية.
    ([3]) «تاريخ الطبري» 2/425، بسند حسن. نقلاً من «السيرة النبوية الصحيحة» 2/359.
    ([4]) أي سُقاة للقوم يجلبون لهم الماء ليرتووا.
    ([5]) أي بالغوا في ضربهما.
    ([6]) «سيرة ابن هشام» 2/141، بسند صحيح صرح فيه ابن إسحاق بالتحديث عن يزيد بن رومان عن عروة ابن الزبير، ولكنه مرسل، وروىٰ نحوه أحمد (948) من حديث علي بن أبي طالب بسند صححه الشيخان: أحمد شاكر، والألباني في تخريج «فقه السيرة» (229)، ورواه مسلم مختصرًا (1779)، كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة بدر.
    ([7]) ماط: أي بَعُد.
    ([8]) صحيح: أخرجه مسلم (1779)، كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة بدر.
    ([9]) «مختصر تفسير ابن كثير» للشيخ أحمد شاكر 2/114.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    السيرة النبوية الشريفة [كاملة] - صفحة 2 Empty رد: السيرة النبوية الشريفة [كاملة]

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس أبريل 18, 2013 12:01 pm

    وكان الوادي الذي نزل به المسلمون لينًا سهلاً لا تثبت فيه أقدام الخيول، والوادي الذي نزل به المشركون صلبًا تتحرك فيه الخيل بسهولة، فأنعم الله تعالىٰ علىٰ المسلمين بأن أرسل عليهم من السماء ماءً ليثبت به أقدامهم، وفي ذلك يقول الله تعالىٰ:{وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به} تطهير الظاهر من الحدث الأصغر أو الأكبر،{ويذهب عنكم رجز الشيطان} من وسوسة أو خاطر سيء وهو تطهير الباطن{وليربط على قلوبكم} بالصبر والإقدام علىٰ مجالدة الأعداء،{ويثبت به الأقدام}[الأنفال: 11]، حيث تصلبت الأرض وتوطأت، فثبتت به أقدام المسلمين في مواجهة عدوهم([1]). ثم أنزل الله تعالىٰ علىٰ المؤمنين النعاس أمانًا لهم، وراحة من عناء السفر، حتىٰ إذا ما بدأت المعركة كانوا في ذروة النشاط والاستعداد. أمَّا النبيصلى الله عليه وسلم فلم ينم، بل ظلَّ في عريشه الذي بناه له الصحابة بمشورة سعد بن معاذ، حيث قال: يا نبي الله، ألا نبنىٰ لك عريشاً تكون فيه ونعُدُّ عندك ركائبك؟ ثم نلقىٰ عدونا، فإن أعزنا الله وأظهرنا علىٰ عدونا، كان ذلك ما أحببنا، وإن كانت الأخرىٰ، جلست علىٰ ركائبك، فلحقت بمن وراءنا من قومنا، فقد تخلَّف عنك أقوام، يا نبي الله، ما نحن بأشدِّ لك حبَّاً منهم، ولو ظنُّوا أنك تلقىٰ حرباً ما تخلفوا عنك، يمنعك الله بهم، ينصحونك ويجاهدون معك، فأثنىٰ عليه الرسولصلى الله عليه وسلم خيراً، ودعا له بخير، ثم بني لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريش، فكان فيه([2]). فظلَّ النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك العريش يدعو ربه، ويستغيث به، ويستنصره. عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي قُبَّةٍ له: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللهمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعبد بَعْدَ الْيَوْمِ» فَأَخَذَ أبو بَكْرٍ بِيَدِهِ، فَقَالَ: حَسْبُكَ يَا رَسُولَ الله فَقَدْ أَلْحَحْتَ عَلَىٰ رَبِّكَ، وَهُوَ فِي الدِّرْعِ فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ:{سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر}[القمر: 45، 46]([3]). وعن عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ الله إِلَىٰ الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ رسول اللهصلى الله عليه وسلم الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: «اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللهمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللهمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعبد فِي الْأَرْضِ» فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَتَّىٰ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَأَتَاهُ أبو بَكْرٍ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ فَأَلْقَاهُ عَلَىٰ مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ، وَقَالَ: يَا نَبِيَّ الله كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، فَأَنْزَلَ الله تعالى:{إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين}[الأنفال: 9]([4]). وظلَّ النبي صلى الله عليه وسلم علىٰ تلك الحالة ليلة السابع عشر من شهر رمضان حتىٰ أصبح. عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا فِينَا إِلَّا نَائِمٌ، إِلَّا رَسُولَ الله تَحْتَ شَجَرَةٍ يُصَلِّي وَيَبْكِي حَتَّىٰ أَصْبَحَ([5])، وعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أيضًا قَالَ: أَصَابَنَا مِنْ اللَّيْلِ حشٌّ([6]) مِنْ مَطَرٍ، فَانْطَلَقْنَا تَحْتَ الشَّجَرِ وَالْحَجَفِ([7]) نَسْتَظِلُّ تَحْتَهَا مِنْ الْمَطَرِ، وَبَاتَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدْعُو رَبَّهُ وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنَّكَ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْفِئَةَ لَا تُعْبَدْ»، قَالَ: فَلَمَّا أَنْ طَلَعَ الْفَجْرُ نَادَىٰ: الصَّلَاةَ عِبَادَ الله فَجَاءَ النَّاسُ مِنْ تَحْتِ الشَّجَرِ وَالْحَجَفِ، فَصَلَّىٰ بنا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَحَرَّضَ عَلَىٰ الْقِتَالِ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ جَمْعَ قُرَيْشٍ تَحْتَ هَذِهِ الضِّلَعِ الْحَمْرَاءِ مِنْ الْجَبَلِ»، فَلَمَّا دَنَا الْقَوْمُ مِنَّا وَصَافَفْنَاهُمْ إِذَا رَجُلٌ مِنْهُمْ عَلَىٰ جَمَلٍ لَهُ أَحْمَرَ يَسِيرُ فِي الْقَوْمِ، فَقَالَ رَسُولُ الله الله صلى الله عليه وسلم: «يَا عَلِيُّ نَادِ لِي حَمْزَةَ» – وَكَانَ أَقْرَبَهُمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ مَنْ صَاحِبُ الْجَمَلِ الْأَحْمَرِ- وَمَاذَا يَقُولُ لَهُمْ؟ فَجَاءَ حَمْزَةُ فَقَالَ: هُوَ عُتْبَةُ بن رَبِيعَةَ، وَهُوَ يَنْهَىٰ عَنْ الْقِتَالِ، وَيَقُولُ لَهُمْ: يَا قَوْمُ إِنِّي أَرَىٰ قَوْمًا مُسْتَمِيتِينَ، لَا تَصِلُونَ إِلَيْهِمْ وَفِيكُمْ خَيْرٌ، يَا قَوْمُ اعْصِبُوهَا الْيَوْمَ بِرَأْسِي وَقُولُوا: جَبُنَ عُتْبَةُ بن رَبِيعَةَ وَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي لَسْتُ بِأَجْبَنِكُمْ، فَسَمِعَ ذَلِكَ أبو جَهْلٍ فَقَالَ: أَنْتَ تَقُولُ هَذَا، وَاللَّهِ لَوْ غَيْرُكَ يَقُولُ هَذَا لَأَعْضَضْتُهُ قَدْ مَلَأَتْ رِئَتُكَ جَوْفَكَ رُعْبًا، فَقَالَ عُتْبَةُ: إِيَّايَ تُعَيِّرُ يَا مُصَفِّرَ اسْتِهِ([8])؟ سَتَعْلَمُ الْيَوْمَ أَيُّنَا الْجَبَانُ، قَالَ: فَبَرَزَ عُتْبَةُ وَأَخُوهُ شَيْبَةُ وَابْنُهُ الْوَلِيدُ حَمِيَّةً، فَقَالُوا: مَنْ يُبَارِزُ؟ فَخَرَجَ فِتْيَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ سِتَّةٌ، فَقَالَ عُتْبَةُ: لَا نُرِيدُ هَؤُلَاءِ، وَلَكِنْ يُبَارِزُنَا مِنْ بني عَمِّنَا مِنْ بني عبد الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ رَسُولُ الله الله صلى الله عليه وسلم: «قُمْ يَا عَلِيُّ، وَقُمْ يَا حَمْزَةُ، وَقُمْ يَا عُبَيْدَةُ بن الْحَارِثِ بن عبد الْمُطَّلِبِ» فَقَتَلَ الله تَعَالَىٰ عُتْبَةَ وَشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدَ بن عُتْبَةَ، وَجُرِحَ عُبَيْدَةُ ([9]). حيث أَقْبَلَ حَمْزَةُ إِلَىٰ عُتْبَةَ، وَأَقْبَل عليٌّ إِلَىٰ شَيْبَة، وَاخْتُلِفَ بَيْنَ عُبَيْدَةَ وَالْوَلِيدِ ضَرْبَتَانِ، فَأَثْخَنَ([10]) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، ثُمَّ مِال عَلَىٰ وحمزة علىٰ الْوَلِيدِ فَقَتَلَاه، وَاحْتَمَلَا عُبَيْدَةَ([11]). وفيهم نزلت:{هذان خصمان اختصموا في ربهم}[الحج: 19]([12]) فمات عبيدة رضي الله عنه بالصفراء([13]) منصرفه من بدر فدُفن هنالك([14]). وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد منع الجيش من التقدم أو الالتحام مع المشركين إلا أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم هو المتقدم أولًا، فَقَالَ لهم: «لَا يُقَدِّمَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَىٰ شَيْءٍ حَتَّىٰ أَكُونَ أَنَا دُونَهُ»([15]). ونصح النبي صلى الله عليه وسلم جنده وأمرهم، فقَالَ لهم: «إِذَا أَكْثَبُوكُمْ([16]) فَارْمُوهُمْ، وَاسْتَبْقُوا نَبْلَكُمْ»([17])، أي: ابقوا علىٰ نبلكم ولا تستعملوه حتىٰ يقتربوا منكم، حفاظًا علىٰ السهام وحتىٰ لا تنفذ من غير فائدة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم ألا يضربوا إلا مِنْ قريب، حتىٰ تصيب القوم، فلما أقبل المشركون ودنوا من جيش المسلمين أخذ النبي صلى الله عليه وسلم ترابًا من الأرض ثم رماه في وجوه المشركين فما وقع منها شيء إلا في عين رجل منهم([18]). وفي ذلك يقول الله تعالىٰ:{فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى}[الأنفال: 17]. ثم أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالهجوم، فَقَالَ لهم: «قُومُوا إِلَىٰ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ»، فقَالَ عُمَيْرُ بن الْحُمَامِ الْأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ الله جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ؟! قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: بَخٍ، بَخٍ([19]). فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَا يَحْمِلُكَ عَلَىٰ قَوْلِكَ بَخٍ، بَخٍ؟»، قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ الله إِلَّا رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا، قَالَ: «فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا» فَأَخْرَجَ – عمير بن الحمام- تَمَرَاتٍ مِنْ قَرَنِهِ([20]) فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ، ثُمَّ قَالَ: لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّىٰ آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ، فَرَمَىٰ بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ التَّمْرِ، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّىٰ قُتِلَ([21]). والْتحم الجيشان التحامًا شديدًا، وحمىٰ الوطيس، وظهرت بطولات الصحابة رضي الله عنهم، يتقدمهم النبي صلى الله عليه وسلم فهو أشجع الشجعان، حتىٰ إنَّ عليًا رضي الله عنه يقول: لَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ بَدْرٍ وَنَحْنُ نَلُوذُ بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ أَقْرَبُنَا إِلَىٰ الْعَدُوِّ، وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ بَأْسًا([22]).
    ([1]) «مختصر تفسير ابن كثير» 2/94، 95 بتصرف.
    ([2]) «سيرة ابن هشام» 2/144 عن ابن إسحاق، قال: حدثني عبد الله بن أبىٰ بكر أنه حدث: أن سعد بن معاذ قال، ثم ذكره، وله شاهد في «صحيح البخاري» عن ابن عباس، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو في قبَّة، وهو الحديث الآتي.
    ([3]) صحيح: أخرجه البخاري (2915)، كتاب: الجهاد والسير، باب: ما قيل في درع النبي صلى الله عليه وسلم والقميص في الحرب.
    ([4]) صحيح: أخرجه مسلم (1763)، كتاب: الجهاد والسير، باب: الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم.
    ([5]) صحيح: أخرجه أحمد (1023).
    ([6]) حشٌ: أي قليل.
    ([7]) الحجف: أي التروس.
    ([8]) هي كلمة تقال للمتنعم المترف الذي لم تحُكُّه التجارب والشدائد.
    ([9]) صحيح: أخرجه أحمد (948)، وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر، والألباني في «فقه السيرة» (229).
    ([10]) أثخن: أي ضربه، ولكن لم يقتله.
    ([11]) صحيح: أخرجه أبو داود (2665)، كتاب: الجهاد، باب: في المبارزة.
    ([12]) صحيح: أخرجه البخاري (3965).
    ([13]) اسم مكان.
    ([14]) أخرجه الحاكم (4862)، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وحسن إسناده الألباني «فقه السيرة» (233).
    ([15]) صحيح: أخرجه مسلم (1901)، كتاب: الإمارة، باب: ثبوت الجنة للشهيد.
    ([16]) أي: اقتربوا منكم.
    ([17]) صحيح: أخرجه البخاري (3984)، كتاب: المغازي، باب: (10).
    ([18]) «تفسير الطبري» 9/217، بأسانيد مرسلة عن قتادة، وعروة، وعكرمة، وتشهد له الآية.
    ([19]) بخ، بخ: فيه لغتان أحدهما: إسكان الخاء، أو كسرها منونًا، وهي: كلمة تطلق لتفخيم الأمر وتعظيمه في الخير. «شرح مسلم» للنووي 7/44.
    ([20]) قرنه: بقاف وراء مفتوحتين، وهي الجُعبة.
    ([21]) صحيح: أخرجه مسلم (1901)، كتاب: الإمارة، باب: ثبوت الجنة للشهيد.
    ([22]) صحيح: أخرجه أحمد 2/228، وصححه الشيخ أحمد شاكر.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    السيرة النبوية الشريفة [كاملة] - صفحة 2 Empty رد: السيرة النبوية الشريفة [كاملة]

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس أبريل 18, 2013 12:01 pm

    ونزلت الملائكة في ميدان المعركة بقيادة الأمين جبريل عليه السلام. قال ابن إسحاق: خفق النبي صلى الله عليه وسلم خفقة في العريش ثم انتبه فقال: «أبشر يا أبا بكر، أتاك نصر الله فهذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده علىٰ ثناياه النقع»([1]). وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: «هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ عَلَيْهِ أَدَاةُ الْحَرْبِ»([2]). وعن ابْن عَبَّاس أيضًا قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ يَشْتَدُّ فِي أَثَرِ رَجُلٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ أَمَامَهُ، إِذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بِالسَّوْطِ فَوْقَهُ، وَصَوْتَ الْفَارِسِ يَقُولُ: أَقْدِمْ حَيْزُومُ، فَنَظَرَ إِلَىٰ الْمُشْرِكِ أَمَامَهُ فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ خُطِمَ أَنْفُهُ، وَشُقَّ وَجْهُهُ كَضَرْبَةِ السَّوْطِ فَاخْضَرَّ ذَلِكَ أَجْمَعُ، فَجَاءَ الْأَنْصَارِيُّ فَحَدَّثَ بِذَلِكَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «صَدَقْتَ، ذَلِكَ مِنْ مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ»([3]). وأسر رجل من المسلمين الْعَبَّاسَ بن عبد الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ الله إِنَّ هَذَا وَاللَّهِ مَا أَسَرَنِي، لَقَدْ أَسَرَنِي رَجُلٌ أَجْلَحُ([4]) مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وَجْهًا عَلَىٰ فَرَسٍ أَبْلَقَ مَا أُرَاهُ فِي الْقَوْمِ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: أَنَا أَسَرْتُهُ يَا رَسُولَ الله، فَقَالَ: «اسْكُتْ، فَقَدْ أَيَّدَكَ الله تَعَالَىٰ بِمَلَكٍ كَرِيمٍ»([5]). وفي ذلك يقول الله تعالىٰ:{إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين}؛ أي: متتابعين{وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به}[الأنفال: 9، 10]([6]). مقتلُ عدو الله أبي جهل: عَنْ عبد الرَّحْمَنِ بن عَوْفٍ أَنَّهُ قَالَ: بَيْنَما أَنَا وَاقِفٌ فِي الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ نَظَرْتُ عَنْ يَمِينِي وَشِمَالِي، فَإِذَا أَنَا بَيْنَ غُلَامَيْنِ مِنْ الْأَنْصَارِ، حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا، تَمَنَّيْتُ لَوْ كُنْتُ بَيْنَ أَضْلَعَ مِنْهُمَا([7])، فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا فَقَالَ: يَا عَمِّ، هَلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، وَمَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ يَا ابْنَ أَخِي؟ قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ رَأَيْتُهُ لَا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ([8]) حَتَّىٰ يَمُوتَ الْأَعْجَلُ مِنَّا، قَالَ: فَتَعَجَّبْتُ لِذَلِكَ، فَغَمَزَنِي الْآخَرُ، فَقَالَ: مِثْلَهَا، قَالَ: فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إِلَىٰ أبي جَهْلٍ يَزُولُ فِي النَّاسِ([9])، فَقُلْتُ: أَلَا تَرَيَانِ؟ هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِي تَسْأَلَانِ عَنْهُ، قَالَ: فَابْتَدَرَاهُ فَضَرَبَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا، حَتَّىٰ قَتَلَاهُ، ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَىٰ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَاهُ، فَقَالَ: «أَيُّكُمَا قَتَلَهُ؟» فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا قَتَلْتُ، فَقَالَ: «هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا؟» قَالَا: لَا، فَنَظَرَ فِي السَّيْفَيْنِ، فَقَالَ: «كِلَاكُمَا قَتَلَهُ»، وَقَضَىٰ بِسَلَبِهِ لِمُعَاذِ بن عَمْرِو بن الْجَمُوحِ. وَالرَّجُلَانِ مُعَاذُ بن عَمْرِو بن الْجَمُوحِ وَمُعَاذُ بن عَفْرَاءَ([10]). وفي لفظ: وَهُمَا ابْنَا عَفْرَاءَ([11]). الزبير يقتل عُبيدة بن سعيد بن العاص: عن الزُّبَيْر قال: لَقِيتُ يَوْمَ بَدْرٍ عُبَيْدَةَ بن سَعِيدِ بن الْعَاصِ وَهُوَ مُدَجَّجٌ([12]) لَا يُرَىٰ مِنْهُ إِلَّا عَيْنَاهُ، وَهُوَ يُكْنَىٰ أبو ذَاتِ الْكَرِشِ، فَقَالَ: أَنَا أبو ذَاتِ الْكَرِشِ، فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ بِالْعَنَزَةِ([13]) فَطَعَنْتُهُ فِي عَيْنِهِ فَمَاتَ([14]). مقتل عدو الله أمية بن خلف: بعدما قَتَلَ أبطال المسلمين في بداية المعركة ثلاثة من أَلدِّ أعداء الإسلام الذين طالما آذوا المسلمين، وصدوا عن سبيل الله، وهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة، وتمكنوا أيضًا في وسط المعركة من قتل صنديد آخر من صناديد قريش وهو أبو جهل، أعانهم الله في آخر المعركة علىٰ قتل واحدٍ من أَلدِّ أعداء الإسلام في مكة، وأشدها ظلمًا لضعفاء المسلمين، وهو أمية بن خلف. عن عبد الرحمن بن عوف قال: كان أمية بن خلف لي صديقًا بمكة، وكان اسمي عبد عمرو، فَتَسَمَّيتُ – حين أسلمتُ- عبد الرحمن، ونحن بمكة، فكان يلقاني إذ نحن بمكة فيقول: يا عبد عمرو، أرغبت عن اسم سمَّاكه أبوك؟ فأقول: نعم، فيقول: فإني لا أعرف الرحمن، فاجعل بيني وبينك شيئًا أدعوك به، أمَّا أنت فلا تجيبني باسمك الأول، وأما أنا فلا أدعوك مما لا أعرف! قال: فكان إذا دعاني: يا عبد عمرو، لم أجبه، قال: فقلتُ له: يا أبا علي اجعل ما شئت، قال: فأنت عبد الإله، قال: فقلت نعم، قال: فكنت إذا مررتُ به قال: يا عبد الإله فأجيبه فأتحدث معه، حتىٰ إذا كان يوم بدر مررتُ به وهو واقف مع ابنه عليِّ بن أمية، آخذ بيده، ومعي أدراع قد استلبتها، فأنا أحملها، فلما رآني قال لي: يا عبد عمرو، فلم أجبه، فقال: يا عبد الإله فقلتُ: نعم، قال: هل لك فيَّ، فأنا خير لك من هذه الأدرع التي معك؟ قال: قلتُ: نعم، ها الله([15]) إذًا، قال: فطرحتُ الأدراع من يدي، وأخذت بيده ويد ابنه وهو يقول: ما رأيتُ كاليوم قط، أما لكم حاجة في اللبن – أي من أَسَرَني افتديتُ منه بإبل كثيرة اللبن- ثم خرجت أمشي بهما، فقال أمية بن خلف: يا عبد الإله، من الرجل منكم المعَلَّم بريشة نعامة في صدره؟ قال: قلتُ: ذاك حمزة بن عبد المطلب، قال: ذاك الذي فعل بنا الأفاعيل، قال عبد الرحمن: فوالله إني لأقودهما إذ رآه بلال معي – وكان هو الذي يعذب بلالاً بمكة علىٰ ترك الإسلام-، فيخرجه إلىٰ رمضاء([16]) مكة إذا حَمِيَتْ، فيضجعه علىٰ ظهره، ثم يأمر بالصخرة العظيمة فتُوضع علىٰ صدره، ثم يقول: لا تزال هكذا أو تُفارق دين محمد، فيقول بلال: أحدٌ أحد قال: فلما رآه قال: رأسُ الكفر أمية بن خلف، لا نجوتُ إن نجا، قال: قلتُ: أي بلال، أَبِأَسيري؟! قال: لا نجوتُ إن نجا، قال: قلتُ: أتسمع يا ابن السوداء؟ قال: لا نجوتُ إن نجا، قال: فأحاطوا بنا حتىٰ جعلونا في مثل المَسَكَة([17]) وأنا أذبُّ عنه، قال: فأخلف رجلٌ السيفَ([18])، فضرب رِجْلَ ابنه فوقع، وصاح أمية صيحة ما سمعتُ مثلها قط، قال: فقلتُ: انج بنفسك، ولا نجاء بك، فوالله ما أُغْني عنك شيئًا، قال: فهبروهما([19]) بأسيافهم، حتىٰ فرغوا منهما، قال: فكان عبد الرحمن يقول: يرحم الله بلالاً، ذَهَبتْ أدراعي، وفجعني بأسيري([20]). فانتهت المعركة بهزيمة المشركين هزيمة نكراء، ونصر كبير للمسلمين.
    ([1]) النقع: الغبار. قال الألباني في «فقه السيرة» (234): وفي «المغازي»، وعند ابن هشام 2/68، 69، بدون سند، لكن وصله الأموي من طريق ابن إسحاق، حدثني الزهري، عن عبد الله بن ثعلبة بن صغير، وهذا سند حسن، وسكت عنه ابن كثير 3/284.اهـ.
    ([2]) صحيح: أخرجه البخاري (3995) كتاب: المغازي، باب: شهود الملائكة بدرًا.
    ([3]) صحيح: أخرجه مسلم (1763)، كتاب: الجهاد والسير، باب: الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم.
    ([4]) الأجلح: الذي انحسر شعره عن جانبي رأسه.
    ([5]) صحيح: أخرجه أحمد 2/194، وصححه الشيخ أحمد شاكر.
    ([6]) وأما عن حكمة اشتراك الملائكة بهذه الطريقة مع أن جبريل وحده قادر علىٰ إهلاكهم بأمر الله، فيوضح السبكي ذلك بقوله: وقع ذلك لإرادة أن يكون الفعل للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وتكون الملائكة مددًا علىٰ عادة مدد الجيوش رعاية لصورة الأسباب وسنتها التي أجراها الله تعالىٰ في عباده، والله تعالىٰ هو فاعل الجميع. والله أعلم. «فتح الباري» 7/364، في التعليق علىٰ الحديث رقم (3995)
    ([7]) أضلع منهما: أقوىٰ منهما، أي: تمنيت لو كنت بين أقوىٰ منهما.
    ([8]) أي لا يفارق شخصي شخصه.
    ([9]) يزول بين الناس: أي يتحرك بسرعة شديدة بين الناس في ميدان المعركة.
    ([10]) متفق عليه: أخرجه البخاري (3988)، كتاب: المغازي، باب: (10)، مسلم (1752)، كتاب: الجهاد والسير، باب: استحقاق القاتل سلب القتيل.
    ([11]) السابق. قلت: ومعاذ بن عمرو بن الجموح أخو معاذ بن عفراء من أمه، ففي الرواية الأولىٰ: نُسب إلىٰ أبيه عمرو بن الجموح، وفي الرواية الثانية: نُسب إلىٰ أمه. وقد ضبط الحافظ ابن حجر في «الإصابة» 3/1877 اسم معاذ بن عمرو بن الجموح فقال: (معوِّذ).
    ([12]) مدججٌ: أي مغطىٰ بالسلاح ولا يظهر منه شيء.
    ([13]) العنزة: الحربة الصغيرة.
    ([14]) صحيح: أخرجه البخاري (3998)، كتاب: المغازي، باب: (12).
    ([15]) مما يستعملونه في القسم أن يحذفوا حرف القسم ويذكروا في مكانه (ها) فكأنه قال: نعم والله إذًا.
    ([16]) الرمضاء: الرمل الشديد الحرارة من الشمس.
    ([17]) المَسَكَةُ: السوار، أو الأسورة.
    ([18]) أي أخرجه من غمده.
    ([19]) هبروهما: أي قطعوا لحمهما.
    ([20]) حسن: أخرجه ابن هشام في «السيرة» 2/150، 151، بأسانيد حسنة إلىٰ عبد الرحمن بن عوف، وأخرجه البخاري (2301)، كتاب: الوكالة، باب: إذا وكَّل المسلم حربيًا في دار الحرب أو في دار الإسلام جاز. مختصرًا.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    السيرة النبوية الشريفة [كاملة] - صفحة 2 Empty رد: السيرة النبوية الشريفة [كاملة]

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس أبريل 18, 2013 12:02 pm

    عدد القتلىٰ والأسرىٰ من المشركين في المعركة: عن الْبَرَاء بن عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ: وكان النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ أَصَابُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً، سَبْعِينَ أَسِيرًا، وَسَبْعِينَ قَتِيلًا([1]). بعد انتهاء المعركة: عن أَنَس بن مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَنْظُرُ لَنَا مَا صَنَعَ أبو جَهْلٍ؟»، فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّىٰ بَرَكَ، قَالَ: فَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، فَقَالَ: آنْتَ أبو جَهْلٍ؟ فَقَالَ: وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ([2]) أَوْ قَالَ: قَتَلَهُ قَوْمُهُ، ثم قَالَ أبو جَهْلٍ: فَلَوْ غَيْرُ أَكَّارٍ قَتَلَنِي([3]). ومما حدث أيضًا بعد انتهاء المعركة أَنَّ النَبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ، فَقُذِفُوا فِي طَوِيٍّ مِنْ أَطْوَاءِ بَدْرٍ خَبِيثٍ مُخْبِثٍ – وَكَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَىٰ قَوْمٍ أَقَامَ بِالْعَرْصَةِ([4]) ثَلَاثَ لَيَالٍ-، فَلَمَّا كَانَ بِبَدْرٍ الْيَوْمَ الثَّالِثَ أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَشُدَّ عَلَيْهَا رَحْلُهَا، ثُمَّ مَشَىٰ وَاتَّبَعَهُ أَصْحَابُهُ وَقَالُوا: مَا نُرَىٰ يَنْطَلِقُ إِلَّا لِبَعْضِ حَاجَتِهِ حَتَّىٰ قَامَ عَلَىٰ شَفَةِ الرَّكِيِّ([5]) فَجَعَلَ يُنَادِيهِمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ: «يَا فُلَانُ بن فُلَانٍ، وَيَا فُلَانُ بن فُلَانٍ، أَيَسُرُّكُمْ أَنَّكُمْ أَطَعْتُمْ الله وَرَسُولَهُ، فَإِنَّا قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا، فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا» فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ الله مَا تُكَلِّمُ مِنْ أَجْسَادٍ لَا رْوَحَ لَهَا، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ»، قَالَ قَتَادَةُ: أَحْيَاهُمْ الله حَتَّىٰ أَسْمَعَهُمْ قَوْلَهُ تَوْبِيخًا وَتَصْغِيرًا وَنَقِيمَةً وَحَسْرَةً وَنَدَمًا([6]). ثم تحرك النبي صلى الله عليه وسلم من بدرٍ راجعًا إلىٰ المدينة، حتىٰ إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفراء قتل النضر بن الحارث قتله عليُّ بن أبي طالب، ثم خرج حتىٰ إذا كان بعرْق الظبية قتل عقبة بن أبي معيط([7]). وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنها قَالَتْ: لَمَّا بَعَثَ أَهْلُ مَكَّةَ فِي فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ، بَعَثَتْ زَيْنَبُ فِي فِدَاءِ أبي الْعَاصِ بِمَالٍ، وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلَادَةٍ لَهَا كَانَتْ عِنْدَ خَدِيجَةَ أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَىٰ أبي الْعَاصِ قَالَتْ: فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم رَقَّ لَهَا رِقَّةً شَدِيدَةً، وَقَالَ: «إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا»، قَالُوا: نَعَمْ، وَكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَخَذَ عَلَيْهِ، أَوْ وَعَدَهُ، أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَ زَيْنَبَ إِلَيْهِ([8]). وكان النبي صلى الله عليه وسلم - لما فرغ من بدر- قد أرسل بشيرين إلىٰ أهل المدينة، بعث زيد بن حارثة إلىٰ أهل السافلة، وبعث عبد الله بن رواحة إلىٰ أهل العالية يبشرونهم بفتح الله علىٰ نبيه صلى الله عليه وسلم، فوافق زيد بن حارثة ابنه أسامة حين سوىٰ التراب علىٰ رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل له: ذاك أبوك حين قدم قال أسامة: فجئتُ وهو واقف للناس يقول: قُتل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو جهل ابن هشام ونُبيه ومنبِّه وأمية بن خلف فقلتُ: يا أبت أحق هذا؟ قال: نعم والله يا بنيَّ([9]). وقسَّم النبي صلى الله عليه وسلم الغنائم علىٰ الصحابة رضوان الله عليهم. عَنْ عُبَادَةَ بن الصَّامِتِ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَشَهِدْتُ مَعَهُ بَدْرًا، فَالْتَقَىٰ النَّاسُ فَهَزَمَ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَىٰ الْعَدُوَّ، فَانْطَلَقَتْ طَائِفَةٌ فِي آثَارِهِمْ يَهْزِمُونَ وَيَقْتُلُونَ، فَأَكَبَّتْ طَائِفَةٌ عَلَىٰ الْعَسْكَرِ يَحْوُونَهُ وَيَجْمَعُونَهُ، وَأَحْدَقَتْ طَائِفَةٌ بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم لَا يُصِيبُ الْعَدُوُّ مِنْهُ غِرَّةً، حَتَّىٰ إِذَا كَانَ اللَّيْلُ وَفَاءَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ، قَالَ الَّذِينَ جَمَعُوا الْغَنَائِمَ: نَحْنُ حَوَيْنَاهَا وَجَمَعْنَاهَا، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهَا نَصِيبٌ، وَقَالَ الَّذِينَ خَرَجُوا فِي طَلَبِ الْعَدُوِّ: لَسْتُمْ بِأَحَقَّ بِهَا مِنَّا نَحْنُ أَحْدَقْنَا بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَخِفْنَا أَنْ يُصِيبَ الْعَدُوُّ مِنْهُ غِرَّةً، وَاشْتَغَلْنَا بِهِ، فَنَزَلَتْ:{يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول}[الأنفال: 1] فَقَسَمَهَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلَىٰ فَوَاقٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ([10]). وحدث أيضًا كما يقول سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: جِئْتُ إِلَىٰ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ بِسَيْفٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ الله قَدْ شَفَىٰ صَدْرِي الْيَوْمَ مِنْ الْعَدُوِّ، فَهَبْ لِي هَذَا السَّيْفَ، قَالَ: «إِنَّ هَذَا السَّيْفَ لَيْسَ لِي وَلَا لَكَ»، فَذَهَبْتُ وَأَنَا أَقُولُ: يُعْطَاهُ الْيَوْمَ مَنْ لَمْ يُبْلِ بَلَائِي! فَبَيْنَا أَنَا إِذْ جَاءَنِي الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «أَجِبْ»، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ نَزَلَ فِيَّ شَيْءٌ بِكَلَامِي، فَجِئْتُ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكَ سَأَلْتَنِي هَذَا السَّيْفَ، وَلَيْسَ هُوَ لِي وَلَا لَكَ، وَإِنَّ الله قَدْ جَعَلَهُ لِي، فَهُوَ لَكَ» ثُمَّ قَرَأَ{يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول}([11]).

    ([1]) صحيح: أخرجه البخاري (3986)، كتاب: المغازي، باب: (10).
    ([2]) أي: لا عار عليَّ في قتلكم إياي «شرح مسلم» للنووي.
    ([3]) متفق عليه: أخرجه البخاري (3962)، كتاب: المغازي، باب: قتل أبي جهل، ومسلم (1800)، كتاب: الجهاد والسير، باب: قتل أبي جهل. قَوْله: (فلَوْ غَيْر أَكَّار قَتَلَنِي؟!!) الْأَكَّار: الزَّرَّاع وَالْفَلَّاح, وَهُوَ عِنْد الْعَرَب نَاقِص, وَأَشَارَ أبو جَهْل إِلَىٰ اِبْنَيْ عَفْرَاء اللَّذَيْنِ قَتَلَاهُ، وَهُمَا مِنْ الْأَنْصَار, وَهُمْ أَصْحَاب زَرْع وَنَخِيل, وَمَعْنَاهُ: لَوْ كَانَ الَّذِي قَتَلَنِي غَيْر أَكَّار لَكَانَ أَحَبّ إِلَيَّ وَأَعْظَم لِشَأْنِي, وَلَمْ يَكُنْ عَلَيَّ نَقْص فِي ذَلِكَ. «شرح مسلم» للنووي 6/339، 340.
    ([4]) العرصة: أي الساحة، أي أقام بساحة المعركة.
    ([5]) أي: البئر.
    ([6]) متفق عليه: أخرجه البخاري (3976)، كتاب: المغازي، باب: قتل أبي جهل، ومسلم (2874)، كتاب: الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه وإثبات عذاب القبر والتعوذ منه.
    ([7]) انظر: «سيرة ابن هشام» 2/158، 159.
    ([8]) حسن: أخرجه أبو داود (2692)، كتاب: الجهاد، باب: فداء الأسير بالمال، وحسنه الألباني.
    ([9]) حسن: أخرجه الحاكم (4959)، كتاب: معرفة الصحابة من طريق ابن إسحاق، قال: حدثني عبد الله ابن أبي بكر بن حزم، وصالح بن أبي أمامة بن سهيل عن أبيه به.اهـ. وعبد الله (ثقة)، وقال الحاكم: علىٰ شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وأخرجه البيهقي 9/183.
    ([10]) صحيح: أخرجه أحمد (22661) بإسناد صحيح.
    ([11]) صحيح: أخرجه مسلم (1748)، كتاب: الجهاد والسير، باب: الأنفال، وأبو داود (2740)، كتاب: الجهاد، باب: في النفل.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    السيرة النبوية الشريفة [كاملة] - صفحة 2 Empty رد: السيرة النبوية الشريفة [كاملة]

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس أبريل 18, 2013 12:02 pm

    وأما عن الأسرىٰ: فعن عمر رضي الله عنه قال: فَلَمَّا أَسَرُوا الْأُسَارَىٰ، قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لِأبي بَكْرٍ وَعُمَرَ: «مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَىٰ؟» فَقَالَ أبو بَكْرٍ: يَا نَبِيَّ الله هُمْ بنو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةِ، أَرَىٰ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً فَتَكُونُ لَنَا قُوَّةً عَلَىٰ الْكُفَّارِ، فَعَسَىٰ الله أَنْ يَهْدِيَهُمْ لِلْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَا تَرَىٰ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟»، قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ الله مَا أَرَىٰ الَّذِي رَأَىٰ أبو بَكْرٍ، وَلَكِنِّي أَرَىٰ أَنْ تُمَكِّنَّا فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنِّي مِنْ فُلَانٍ – نَسِيبًا لِعُمَرَ- فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَصَنَادِيدُهَا، فَهَوِيَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مَا قَالَ أبو بَكْرٍ، وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ جِئْتُ فَإِذَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَأبو بَكْرٍ قَاعِدَيْنِ يَبْكِيَانِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَبْكِي أَنْتَ وَصَاحِبُكَ، فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ، وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهِمْ الْفِدَاءَ، لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُهُمْ أَدْنَىٰ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ» – شَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ نَبِيِّ الله صلى الله عليه وسلم- وَأَنْزَلَ الله تعالى:{ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض}إِلَىٰ قَوْلِهِ:{فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا}[الأنفال: 67- 69] فَأَحَلَّ الله الْغَنِيمَةَ لَهُمْ([1]). ففدىٰ النبي صلى الله عليه وسلم الأُسارىٰ بمال. وجاء في بعض الروايات أن قدر الفدية كان أربعة آلاف درهم([2]). وعن أَنَس بن مَالِكٍ أَنَّ رِجَالًا مِنْ الْأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: ائْذَنْ لَنَا فَلْنَتْرُكْ لِابْنِ أُخْتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ، قَالَ: وَاللَّهِ لَا تَذَرُونَ مِنْهُ دِرْهَمًا([3]). وقال النَّبِيُ صلى الله عليه وسلم في أُسَارَىٰ بَدْرٍ: «لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بن عَدِيٍّ حَيًّا ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَىٰ لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ»([4]). فضائل من شهد بدرًا من الصحابة والملائكة: عَنْ رِفَاعَة بن رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ – وهو مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ- قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَىٰ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟ قَالَ: «مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ» – أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا- قَالَ: وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ الْمَلَائِكَةِ([5]). وقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب لما قَالَ للنبي صلى الله عليه وسلم - في قصة حاطب بن أبي بلتعة- دَعْنِي يَا رَسُولَ الله أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ الله اطَّلَعَ عَلَىٰ أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ»([6]). وجاء عبد لِحَاطِب يَشْكُو حَاطِبًا للنبي صلى الله عليه وسلم وقَالَ: يَا رَسُولَ الله لَيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «كَذَبْتَ لَا يَدْخُلُهَا فَإِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ»([7]). وأُصِيبَ يَوْمَ بَدْرٍ حارثة وَهُوَ غُلَامٌ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ إِلَىٰ النَّبِيِّ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله قَدْ عَرَفْتَ مَنْزِلَةَ حَارِثَةَ مِنِّي، فَإِنْ يَكُنْ فِي الْجَنَّةِ أَصْبِرْ وَأَحْتَسِبْ، وَإِنْ تَكُ الْأُخْرَىٰ تَرَىٰ مَا أَصْنَعُ؟ فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَيْحَكِ أَوَهَبِلْتِ أَوَجَنَّةٌ وَاحِدَةٌ هِيَ إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ وَإِنَّهُ فِي جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ»([8]).
    ([1]) صحيح: أخرجه مسلم (1763)، كتاب: الجهاد والسير، باب: الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم.
    ([2]) «مجمع الزوائد» 6/90، وقال الهيثمي: رواه الطبراني في «الكبير»، «الأوسط» ورجاله رجال الصحيح.
    ([3]) صحيح: أخرجه البخاري (4018)، كتاب: المغازي، باب: (12).
    ([4]) صحيح: أخرجه البخاري (4024)، كتاب: المغازي، باب: (12). قال النبي صلى الله عليه ذلك وفاءً للمطعم، فالمطعم كان ممن مزقوا صحيفة قريش الجائرة وأخرجوا النبي صلى الله عليه وسلم من شعب أبي طالب، وأيضًا هو الذي أدخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة في جواره بعد عودته من الطائف.
    ([5]) صحيح: أخرجه البخاري (3992)، كتاب: المغازي، باب: شهود الملائكة بدرًا.
    ([6]) متفق عليه: أخرجه البخاري (3983)، كتاب: المغازي، باب: فضل من شهد بدرًا، مسلم (2494)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل أهل بدر وقصة حاطب بن أبي بلتعة.
    ([7]) صحيح: أخرجه مسلم (2495)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل أهل بدر وقصة حاطب بن أبي بلتعة.
    ([8]) صحيح: أخرجه البخاري (3982)، كتاب: المغازي، باب: فضل من شهد بدرًا.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    السيرة النبوية الشريفة [كاملة] - صفحة 2 Empty رد: السيرة النبوية الشريفة [كاملة]

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس أبريل 18, 2013 12:02 pm

    وفي مرجعهم من بدر توفيت رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    خَلَّف النبيُّ صلى الله عليه وسلم عثمانَ بن عفان وأسامة بن زيد رضي الله عنه علىٰ رقية وهي مريضة، وخرج إلىٰ بدر وهي وجعة، فماتت رضي الله عنها قبل رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من بدر إلىٰ المدينة، وقام بدفنها زوجها عثمان رضي الله عنه ([1]).
    وفي رمضان من هذه السنة: قَتَلَ عميرُ بن عدي رضي الله عنه عصماءَ بنتَ مروان اليهودية بسبب أذاها للمسلمين.
    خرج عمير بن عدي رضي الله عنه إلىٰ عصماء بنت مروان من بني أمية بن زيد، لخمس ليالٍ بقين من شهر رمضان علىٰ رأس تسعة عشر شهرًا من مُهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت عصماء عند يزيد بن زيد، وكانت تعيبُ الإسلام، وتؤذي النبي صلى الله عليه وسلم وتحرض عليه، وتقول الشعر، فجاءها عمير بن عدي في جوف الليل، حتىٰ دخل عليها بيتها، وحولها نفر من ولدها نيام منهم من ترضعه في صدرها، فجسها بيده، وكان ضرير البصر، ونحّىٰ الصبي عنها، ووضع سيفه علىٰ صدرها حتىٰ أنفذه من ظهرها، ثم صلىٰ الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أقتلتَ ابنة مرْوان؟» قال: نعم، فهل عليَّ في ذلك من شيء فقال: «لا ينتطحُ فيها عنزان» فكانت هذه الكلمة أول ما سُمِعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمىٰ رسول الله صلى الله عليه وسلم عُميرًا البصير([2]).
    وفي هذه السنة: خرج بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلىٰ المصلىٰ فصلىٰ بهم صلاة العيد، وكان ذلك أول خَرْجة خرجها بالناس إلىٰ المصلىٰ لصلاة العيد.
    وفي هذا العام سن الله للعالم الإسلامي سنة عظيمة، بها يتمكن أبناء البلد الواحد من المسلمين أن يُجددوا عهود الإخاء، ويقووا عروة الدين الوثقىٰ، وهي الاجتماع في يومي عيد الفطر، وعيد الأضحىٰ، وكان عليه الصلاة والسلام يجمع المسلمين في صعيد واحد، ويصلي بهم ركعتين تضرعًا إلىٰ الله أن لا يفصم عُروتهم، وأن ينصرهم علىٰ عدوهم، ثم يخطبهم حاضًا لهم علىٰ الائتلاف، مذكرًا لهم ما يجب عليهم لأنفسهم، ثم يصافح المسلمون بعضهم بعضًا، وبعد ذلك يخرجون لأداء الصدقات للفقراء والمساكين، حتىٰ يكون السرور عامًا لجميع المسلمين، فبعد الفطر زكاته، وبعد الأضحىٰ تضحيته، نسأله تعالىٰ أن يؤلف بين قلوبنا، ويوفقنا لأعمال سلفنا([3]).
    وفي شوال من هذه السنة: قتل سالم بن عمير رضي الله عنه أبا عَفَكٍ اليهودي لتحريضه علىٰ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    ثم كانت سرية سالم بن عمير رضي الله عنه إلىٰ أبي عَفَكٍ اليهودي في شوال علىٰ رأس عشرين شهرًا من مُهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو عفك من بني عمرو بن عوف شيخًا كبيرًا قد بلغ عشرين ومائة سنة، وكان يهوديًا، وكان يُحرض علىٰ رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول الشعر، فقال سالم بن عمير –وهو أحد البكائين وممن شهد بدرًا- عليَّ نذرٌ أن أقتل أبا عفك أو أموت دونه، فأمهل يطلب له غِرَّة، حتىٰ كانت ليلة صائفة، فنام أبو عفك بالفناء، وسمع به سالم بن عمير، فأقبل فوضع السيف علىٰ كبده، ثم اعتمد عليه حتىٰ خشَّ في الفراش، وصاح عدو الله، فثاب إليه ناسٌ ممن هم علىٰ قوله، فأدخلوه منزله وقبروه. فقالت أمامة الزيدية في ذلك:
    تُكذِّب دين الله والمرءَ أحمدا


    لَعمرُ الذي أمْناكَ أنْ بئس ما يُمني

    حباك حَنيفٌ آخر الليل طعنةً


    أبا عُفَكٍ خُذْها علىٰ كَبْرَةِ السِّنِّ([4])



    ([1]) سبق تخريج ما يدل علىٰ ذلك، وهو صحيح.
    ([2]) «عيون الأثر» 1/441، 442. بتصرف يسير.
    ([3]) «نور اليقين في سيرة سيد المرسلين» الشيخ محمد الخضري ~ (94، 95).
    ([4]) «عيون الأثر» 1/442، 443.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    السيرة النبوية الشريفة [كاملة] - صفحة 2 Empty رد: السيرة النبوية الشريفة [كاملة]

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس أبريل 18, 2013 12:03 pm

    وفي شوال من هذه السنة: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنىٰ سُليمٍ حتىٰ بلغ الكُدْر.
    قال ابنُ إسحاق رحمه الله: فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة – أيْ بعد بدر- لم يقم بها إلا سبع ليالٍ حتىٰ غزا بنفسه يُريدُ بني سليم. قال ابنُ هشام رحمه الله: واستعمل علىٰ المدينة سباعَ بن عُرْفُطَة الغِفاريَّ، أو ابن أُمِّ مكتوم. قال ابن إسحاق رحمه الله: فبلغ ماءً من مياههم يُقالُ له الكُدْر فأقام عليه ثلاث ليالٍ، ثم رجع إلىٰ المدينة ولم يلق كيدًا، فأقام بها بقية شوال وذا القعدة، وأُفْدي في إقامته تلك جُلُّ الأُسارىٰ من قريش([1]). وفي هذه السنة: بعد غزوة بدر بشهر هاجرت زينبُ رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فك النبي صلى الله عليه وسلم أسر أبي العاص بن الربيع يوم بدر علىٰ أن يخلي سبيل زينب رضي الله عنها. فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم زَيْدَ بن حَارِثَةَ وَرَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ ليأتيا بزينب رضي الله عنها، وقَالَ لهما: «كُونَا بِبَطْنِ يَأْجَجَ([2])، حَتَّىٰ تَمُرَّ بِكُمَا زَيْنَبُ فَتَصْحَبَاهَا حَتَّىٰ تَأْتِياني بِهَا»([3]). فخرجا مكانهما، وذلك بعد بدر بشهر أو قريب منه، ولما قدم أبو العاص بن الربيع مكة أمرها باللحوق بأبيها فخرجتْ تجهَّز، فلقيتها هند بنت عتبة، فقالت: يا بنت محمد ألم يبلغني أنك تريدين اللحوق بأبيك؟ فقالت: ما أردت ذلك، فقالت: أي ابنة عمي، لا تفعلي، إن كانت لك حاجة بمتاع مما يرفق بك في سفرك، أو بمال تتبلغين به إلىٰ أبيك، فإن عندي حاجتك، فلا تضْطَّني([4]) مني فإنه لا يدخل بين النساء ما بين الرجال، تقول زينب: والله ما أراها قالت ذلك إلا لتفعل، ولكني خِفتُها، فأنكرت أن أكون أريد ذلك، وتجهَّزتُ. فلما فرغتْ من جهازها قدم لها حموها كنانة بن الربيع أخو زوجها، بعيرًا فركبته، وأخذ قوسه وكنانته، ثم خرج بها نهارًا، وهي في هودج لها، وتحدث بذلك رجال من قريش، فخرجوا في طلبها حتىٰ أدركوها بذي طوىٰ، فكان أول من سبق إليها هبَّارُ بن الأسود بن المطلب بن أسد، فروعها هبَّار بالرُمح، وهي في هودجها، وكانت المرأة حاملاً – فيما يزعمون- فلما ريعت طرحتْ ذا بطنها([5]) وبرك حموها كنانة، ونثر كنانته، ثم قال: والله لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهمًا، فتكركر الناس عنه([6]). وأتىٰ أبو سفيان في جله من قريش، فقال: أيها الرجل، كفَّ عنا نبلك حتىٰ نكلمك، فكف، فأقبل أبو سفيان حتىٰ وقف عليه، فقال: إنك لم تصب، خَرَجْتَ بالمرأة علىٰ رءؤس الناس علانية وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا، وما دخل علينا من محمد، فيظن الناس إذا خرجت بابنته إليه علانية علىٰ رؤوس الناس من بين أظهرهنَّ أن ذلك عن ذلِّ أصابنا عن مصيبتنا التي كانت وأن ذلك منا ضعفٌ ووهن، ولعمري ما لنا بحبسها عن أبيها من حاجة، ومالنا في ذلك من ثؤرة([7])، ولكن ارجع بالمرأة حتىٰ إذا هدأت الأصواتُ، وتحدث الناس أن قد رددناها، فَسُلَّها سرًا وألحقها بأبيها. ففعل، فأقامت ليالي، حتىٰ إذا هدأت الأصوات خرج بها ليلاً حتىٰ أسلمها إلىٰ زيد بن حارثة وصاحبه فقدما بها علىٰ رسول الله صلى الله عليه وسلم([8]).
    ([1]) «سيرة ابن هشام» 2/235، 236.
    ([2]) يأجج: اسم لماكنين: أحدهما علىٰ ثمانية أميال من مكة، وثانيهما أبعد منه.
    ([3]) صحيح: وقد سبق تخريجه.
    ([4]) فلا تضطني: أي فلا تستحيي.
    ([5]) أي أسقطت ما في بطنها.
    ([6]) أي: رجعوا عنه.
    ([7]) أي: من ثأر.
    ([8]) «سيرة ابن هشام» 2/165، 166. بتصرف يسير.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    السيرة النبوية الشريفة [كاملة] - صفحة 2 Empty رد: السيرة النبوية الشريفة [كاملة]

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس أبريل 18, 2013 12:03 pm

    وفي هذه السنة: تزوج عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله.
    تزوج عليٌّ رضي الله عنه فاطمة رضي الله عنها- في أواخر السنة الثانية- كما رجَّح ذلك ابن كثير رحمه الله([1]). عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَمَّا تَزَوَّجَ عَلِيٌّ فَاطِمَةَ قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَعْطِهَا شَيْئًا»، قَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ، قَالَ: «أَيْنَ دِرْعُكَ الْحُطَمِيَّةُ؟»([2]) فكان هذا هو مهر بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    وفي هذه السنة: أسلم عُمير بن وهبٍ الجُمَحيُّ حينما رأىٰ علامة من علامات النبوة.
    هو: عُمير بن وهب بن خلف بن وهب بن حذافة بن جُمح القرشيُّ الجُمحيُّ: يكنىٰ: أبا أمية([3]). وكان قد جلس عمير مع صفوان بن أمية بعد مصاب أهل بدر من قريش بيسير في الحِجْر، وكان عمير ممن يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ويلقون منه عناءً وهو بمكة، وكان ابنه وهب ابن عمير في أُسارىٰ بدر. فذكر أصحاب القليب ومُصابهم، فقال صفوان: والله إنْ في العيش بعدهم خير([4]) قال له عمير: صدقت والله، أما والله لولا دَيْنٌ عليَّ ليس له عندي قضاء، وعيال أخشىٰ عليهم الضيعة بعدي، لركبتُ إلىٰ محمد حتىٰ أقتله، فإن لي قِبَلَهُمْ علةً؛ ابني أسير في أيديهم، فاغتنمها صفوان وقال: عليَّ دينك أنا أقضيه عنك، وعيالك مع عيالي أواسيهم ما بقوا، لا يسعني شيء ويعجز عنهم، فقال له عُمير: فاكتم عني، قال: أفعل. قال: ثم أمر عمير بسيفه، فشُحِذ له([5]) وسُمَّ، ثم انطلق حتىٰ قدم المدينة، فبينما عمر بن الخطاب في نفر من المسلمين يتحدثون عن يوم بدر، ويذكرون ما أكرمهم الله به، وما أراهم من عدوهم، إذ نظر عمر إلىٰ عُمير بن وهب حين أناخ علىٰ باب المسجد متوشحًا السيف، فقال: هذا الكلب عدو الله عمير بن وهب، والله ما جاء إلا لشرٍّ، وهو الذي حرَّش بيننا([6])، وحَزَّرَنا([7]) للقوم يوم بدرٍ. ثم دخل عمر علىٰ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، هذا عدو الله عُمير بن وهب قد جاء متوشحًا سيفه، قال: «فأدخله عليَّ» قال: فأقبل عمر حتىٰ أخذ بحمالة سيفه في عنقه فلبَّبه بها، وقال لرجال ممن كانوا معه من الأنصار: ادخلوا علىٰ رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجلسوا عنده، واحذروا عليه من هذا الخبيث، فإنه غير مأمون، ثم دخل به علىٰ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر آخذ بحمالة سيفه في عنقه قال: «أرسله يا عمر، ادنُ يا عُمير» فدنا ثم قال: انْعَمُوا صباحاً – وكانت تحية أهل الجاهلية بينهم- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد أكرمنا الله بتحية غير تحيتك يا عمير، بالسلام تحية أهل الجنة» فقال: أما والله يا محمد إن كنت بها لحديث عهد، قال: «فما جاء بك يا عمير؟» قال: جئتُ لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه، قال: «فما بالُ السيف في عُنقك؟» قال: قبحها الله من سيوف! وهل أغنتْ عنا شيئًا؟! قال: «اصدقني، ما الذي جئت له؟» قال: ما جئتُ إلا لذلك، قال: «بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحِجْر، فذكرتما أصحاب القليب من قريش، ثم قلت: لولا دَيْنٌ عليَّ وعيالٌ عندي لخرجتُ حتىٰ أقتل محمدًا، فتحمل لك صفوان بِدَينِكَ وعيالك علىٰ أن تقتلني له، والله حائل بينك وبين ذلك» قال عمير: أشهد أنك رسول الله، قد كنا يا رسول الله نُكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء، وما ينزل عليك من الوحي، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان، فوالله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله، فالحمد لله الذي هداني للإسلام، وساقني هذا المساق، ثم شهد عمير شهادة الحق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فَقِّهوا أخاكم في دينه وأَقْرِءوه القرآن وأطلقوا له أسيره» ففعلوا، ثم قال: يا رسول الله إني كنت جاهدًا علىٰ إطفاء نور الله، شديد الأذىٰ لمن كان علىٰ دين الله تعالى، وأُحِبُّ أن تأذن لي، فأقدم مكة، فأدعوهم إلىٰ الله تعالىٰ، وإلىٰ رسوله صلى الله عليه وسلم وإلىٰ الإسلام لعل الله يهديهم، وإلا آذيتهم في دينهم كما كنت أوذي أصحابك في دينهم، قال: فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلحق بمكة. وكان صفوان بن أمية حين خرج عمير من مكة يقول: أبشروا بوقعة تأتيكم الآن في أيام، تُنسيكم وقعة بدر، وكان صفوان يسأل عن الرُّكبان، حتىٰ قدم راكب فأخبره عن إسلامه، فحلف ألاَّ يُكَلَّمه أبدًا، ولا ينفعه بنفع أبدًا([8]).
    ([1]) انظر: «البداية والنهاية» 3/370.
    ([2]) صحيح: أخرجه أبو داود (2125)، كتاب: النكاح، باب: في الرجل يدخل بامرأته قبل أن ينقدها شيئًا. الحُطميَّة: نسبة إلىٰ بطن من عبد القيس، يقال لهم: حُطَمة بن محارب، كانوا يعملون الدروع.
    ([3]) «الإصابة في تمييز الصحابة» 2/1381.
    ([4]) أي: ما في العيش بعدهم خير، فـ(إن) هنا نافية.
    ([5]) شُحِذ له: أي حُدَّ له.
    ([6]) أي: أفسد بيننا، ويقصد عمر أنه هو الذي أوقع بين المسلمين وقريش وأفسد بينهم يوم بدر.
    ([7]) حزرنا: أي قَدَّرَ عددنا.
    ([8]) «سيرة ابن هشام» 2/170، 171، عن ابن إسحاق قال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير، به مرسلًا.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    السيرة النبوية الشريفة [كاملة] - صفحة 2 Empty رد: السيرة النبوية الشريفة [كاملة]

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس أبريل 18, 2013 12:03 pm

    وفي شوال من هذه السنة: نقض يهود بني قينقاعَ العهد فحاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم وأجلاهم عن المدينة.
    كان النبي صلى الله عليه وسلم قد عاهد أهل المدينة – كما تقدم- بعد وصوله إليها صلى الله عليه وسلم، وكانت اليهود ومنهم يهود بني قينقاع من أهل هذه المعاهدة، وكان من شروط هذه المعاهدة ألا يعتدي طرفٌ علىٰ الآخر، وألا يغدر طرف بالآخر. ولكن اليهود كعادتهم منذ وُجِدوا علىٰ وجه هذه البسيطة لا عهد لهم ولا ميثاق ولا ذمة، قوم غُدُرٌ، قوم ملئوا الدنيا غدرًا وفسادًا، ووقيعة بين أهل الأرض. فلما كان هذا هو طبع اليهود ودأبهم الذي لا يَنْفَكُّ عنهم، لم يحفظ يهود بني قينقاع ما عاهدوا عليه النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يحترموه، فكان جزاؤهم أن أجلاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن المدينة، ليرتاح ويريح مَنْ بالمدينة منهم. أما عن تفاصيل ما فعلوه، وما فعله النبي صلى الله عليه وسلم بهم، فيرويه ابن إسحاق فيقول: وكان من حديث بني قينقاع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمعهم بسوق بني قينقاع، ثم قال: «يا معشر يهود احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النقمة، وأسلموا فإنكم قد عرفتم أني نبي مرسل، تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم» قالوا: يا محمد، إنك ترىٰ أنَّا قومك، لا يغرنك أنك لقيت قومًا لا علم لهم بالحرب، فأصبت منهم فرصة، إنَّا والله لئن حاربنا لتعلمن أنَّا نحن الناس. فما نزل هؤلاء الآيات إلا فيهم:{قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد قد كان لكم آية في فئتين التقتا}، أي: أصحاب بدر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقريش، {فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار}[آل عمران: 12، 13]. فكان بنو قينقاع أول يهود نقضوا ما بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحاربوا فيما بين بدر وأُحد فحاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم حتىٰ نزلوا علىٰ مكة، فقام إليه عبد الله بن أبي بن سلول، حين أمكنه الله منهم، فقال: يا محمد أحسن في موالي، وكانوا حلفاء الخزرج، فأبطأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد أحسن في موالي، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأدخل يده في جيب درع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرسلني»، وغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتىٰ رأوا لوجهه ظللاً([1])، ثم قال: «ويحك! أرسلني»، قال: لا، والله لا أرسلك حتىٰ تحسن في موالي، أربعُ مئة حاسر([2]) وثلاثُ مئة دارع([3])، قد منعوني الأحمر والأسود، تحصدهم في غداة واحدة، إني والله امرؤ أخشىٰ الدوائر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هم لك»، وأمر بهم أن يجلوا عن المدينة وتولىٰ أمر إجلائهم عبادة بن الصامت، فلحقوا بأذرعات، وتولىٰ قبض أموالهم محمد بن مسلمة، حيث تم تقسيمها بين الصحابة بعد إخراج الخمس للرسول صلى الله عليه وسلم. حيث مشىٰ عبادة بن الصامت رضي الله عنه إلىٰ رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أحد بني عوف لهم في حِلْفِه مثلُ الذي لهم من عبد الله بن أُبيٍّ، فخلعهم إلىٰ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتبرأ إلىٰ الله تعالى، وإلىٰ رسول الله من حِلْفِهم، وقال: يا رسول الله أتولىٰ الله ورسوله والمؤمنين، وأبرأ من حلف هؤلاء الكفار وولايتهم، ففيه وفي عبد الله بن أبي نزلت هذه القصة من المائدة:{يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين}؛ أي: كعبد الله بن أبي وقوله: إني أخشىٰ الدوائر{يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين}إلىٰ قوله:{ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون}[المائدة: 51- 56]([4]). واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم علىٰ المدينة في محاصرته إياهم بَشير بن عبد المنذر، وكانت محاصرته إياهم خمس عشرة ليلة([5]). وذكر ابن هشام سببًا آخر للغزوة فقال: كان من أمر بني قينقاع أن امرأة من العرب قدمت بجلب([6]) لها، فباعته بسوق بني قينقاع، وجلست إلىٰ صائغ بها، فجعلوا يريدونها علىٰ كشف وجهها، فأبتْ، فعهد الصائغ إلىٰ طرف ثوبها فعقده إلىٰ ظهرها، فلما قامت انكشفت سوءتها، فضحكوا بها، فصاحت، فوثب رجل من المسلمين علىٰ الصائغ فقتله، وكان يهوديًا، فشدت اليهود علىٰ المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين علىٰ اليهود، فغضب المسلمون، فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع([7]). وقد يكون كلاهما حدث. والله أعلم.
    ([1]) الظلل: جمع ظُلة، وهو في الأصل السحابة، فاستعارها هنا لتغير وجه النبي.
    ([2]) الحاسر: الذي لا درع له.
    ([3]) الدارع: لابس الدرع.
    ([4]) «سيرة ابن هشام» 2/238، 240. بتصرف.
    ([5]) «سيرة ابن هشام» 2/239.
    ([6]) الجلب: كل ما يجلب إلىٰ السوق ليباع فيها.
    ([7]) «سيرة ابن هشام» 2/239.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    السيرة النبوية الشريفة [كاملة] - صفحة 2 Empty رد: السيرة النبوية الشريفة [كاملة]

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس أبريل 18, 2013 12:04 pm

    وفي ذي الحجة من هذه السنة: وقعت غزوة السَّويق.
    كان أبو سفيان بن حرب نذر ألا يمس رأسه ماءٌ من جنابة حتىٰ يغزو محمدًا صلى الله عليه وسلم، فخرج في مئتي راكبٍ من قريش، لِيبرَّ يمينه، فسلك النجدية، حتىٰ نزل بصدر قناة إلىٰ جبل يقال له ثَيْب، من المدينة علىٰ بريد أو نحوه، ثم خرج من الليل، حتىٰ أتىٰ بني النضير تحت الليل، فأتىٰ حُييَّ بن أخطب، فضرب عليه بابه، فأبىٰ أن يفتح له بابه وخافه، فانصرف عنه إلىٰ سلاَّم بن مِشْكَم، وكان سيد بني النضير في زمانه ذلك، وصاحب كنزهم([1])، فاستأذن عليه، فأذن له، فقراه([2]) وسقاه وبطن له من خبر الناس([3])، ثم خرج في عقب ليلته حتىٰ أتىٰ أصحابه، فبعث رجالاً من قريش إلىٰ المدينة فأتوا ناحية منها، يقال لها: العُريض، فحرقوا فيه أصوار([4]) من نخل بها، ووجدوا بها رجلاً من الأنصار وحليفًا له في حرث لهما، فقتلوهما، ثم انصرفوا راجعين، ونذر بهم الناس([5])، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبهم حتىٰ بلغ قَرْقَرُة الكُدْر، ثم انصرف راجعًا، وقد فاته أبو سفيان وأصحابه، وقد رأوا أزوادًا من أزواد القوم قد طرحوها في الحرث يتخففون منها للنجاء([6]) فقال المسلمون، حين رجع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، أتطمع لنا أن تكون غزوة؟ قال: «نعم». واستعمل النبي صلى الله عليه وسلم علىٰ المدينة بَشير بن عبد المنذر وهو أبو لبابة. وإنما سُمِّيتْ غزوة السَّويق([7])، لأن أكثر ما طرح القوم من أزوادهم السويق، فهجم المسلمون علىٰ سويق كثير، فسُميتْ غزوة السويق([8]).
    ([1]) يريد بالكنز المال الذي يجمعونه للطوارئ ويعدونه للنوائب التي تنوبهم وتعرض لهم.
    ([2]) فقراه: أي صنع له القِرَىٰ، وهو الطعام الذي يُقدَّم للضيف.
    ([3]) أي: أعلمه من سرهم.
    ([4]) الأصوار: جمع صور، وهي الجماعة من النخل.
    ([5]) نذر بهم: أي علم بهم.
    ([6]) النجاء: السرعة.
    ([7]) السَّويق: أن تحمص الحنطة أو الشَّعير ثم تُطحن ثم يسافر بها، وقد تمزج باللبن والعسل والسمن تُلَتُّ به.
    ([8]) «سيرة ابن هشام» 2/236، 237. بتصرف.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 14, 2024 9:18 pm