اللغة العربية والتفسير
وليد سميح عبدالعال
"لا أُوتَى برجل يفسِّر كتابَ الله غيرَ عالِم بلغة العرب، إلا جعلتُه نكالاً"! [مالك بن أنس].
القرآنُ كلام الله المنَزَّل على رسوله محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - النبي العربي الأمين، أنزله - سبحانه - كتابًا معجزًا، باقيًا خالدًا، حقًّا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنْزيل من حكيم حميد.
هو الجِدُّ ليس بالهزل، فيه نبأُ مَن قبلنا، وخبَر مَن بعدنا، وفصلُ ما بيننا، مَن حكَمَ به عَدل، ومَن ترَكه مِن جبَّارٍ قصمه الله، لا يُمَلُّ ولا يَخْلق على كثرة الرَّدِّ، لا تَفنى عجائبُه، ولا تنتهي كنوزُه.
وقد نزل هذا الكتاب بلسان عربي مبين ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ [الشعراء: 193 - 195]، وقال - تعالى -: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [يوسف: 2]، وقال - تعالى -: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ﴾ [النحل: 103]، وقال أيضًا: ﴿ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [فصلت: 3]... إلى غير ذلك من الآيات.
ونقفُ مع بعض هذه الآيات شيئًا قبل الخوض في المقال:
في سورة الشعراء يقول - تعالى -: ﴿ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾، قال ابن كثير [3/442]: هذا القرآن الذي أنزلناه إليك، أنزلناه بلسانك العربي الفصيح، الكامل الشامل؛ ليكون بيِّنًا واضحًا ظاهرًا، قاطعًا للعذر، مقيمًا للحجة، دليلاً على المحجَّة. اهـ.
أما آية فصلت: ﴿ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾، فيقول القرطبي [8/5728]: قال الضحاك: أي: إن القرآن منَزل من عند الله.
وقال مجاهد: أي: يعلمون أنه كتاب واحد في التوراة والإنجيل.
وقيل: يعلمون العربية فيعجزون عن مثله، ولو كان غير عربي لما علموه.
قلت: هذا أصح، والسورة نزلت تقريعًا وتوبيخًا لقريش في إعجاز القرآن. اهـ.
وقال ابن كثير في نفس الآية [4/107]: لفظًا عربيًّا واضحًا؛ فمعانيه مفصَّلَة، وألفاظه واضحة غير مشكلة.
وقوله: ﴿ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾؛ أي: إنما يَعرف هذا البيانَ والوضوح العلماءُ الراسخون. اهـ.
واختار الله - عزَّ وجلَّ - هذا اللسانَ العربي ليُنزل به القرآن على رسوله؛ فقال - تعالى -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ﴾ [إبراهيم: 4]؛ ليفهموا عنه قوله، ويعقلوا عنه منطقه.
وقد كان العربُ هم أهلَ الفصاحة والبلاغة والبيان والشعر، لا يدانيهم فيه أحد، وكانت هذه أكبرَ ميزاتهم؛ بل شَغل الشعرُ جانبًا كبيرًا من حياتهم.
وما كانوا يحترفون زراعةً أو صناعةً؛ بل كانوا يزدرون صاحب الزرع، وكانوا قبائلَ شراذم يرعون الغنم والإبل، وكان هذا الفن فيهم له مكانة أيُّ مكانة، والشاعر عندهم مقدَّمٌ أيما تقدُّم، حتى بلغ بهم الأمرُ أنه إذا نبغ شاعرٌ في قبيلة من القبائل، هنَّأتها القبائلُ الأخرى، وقامت فيها الاحتفالات، وعمَّ السرور بنبوغ هذا الشاعر.
وسِرُّ هذا الاحتفاء أن الشاعر كان هو الجهازَ الإعلاميَّ للقبيلة، والصادَّ والمدافِعَ والمتحدِّثَ باسم القبيلة، والمُعلِنَ لِمَفاخرها، الممجِّدَ لها، المتغنِّي بتاريخها وأمجادها.
وكان انتماءُ الشاعر لقبيلته مطلقًا؛ يَرشد إن رشَدتْ، ويضلُّ إن ضلَّت؛ حتى قال قائلُهم عن قبيلته:
وَهَلْ أَنَا إِلاَّ مِنْ غَزِيَّةَ إِنْ غَوَتْ
غَوَيْتُ وَإِنْ تَرْشُدْ غَزِيَّةُ أَرْشُدِ
وهذا عمرو بن كُلثومٍ يقول:
أَلاَ لاَ يَجْهَلَنْ أَحَدٌ عَلَيْنَا
فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الْجَاهِلِينَا
لَنَا الدُّنْيَا وَمَنْ أَمْسَى عَلَيْهَا
وَنَبْطِشُ حِينَ نَبْطِشُ قَادِرِينَا
بُغَاةً ظَالِمِينَ وَمَا ظُلِمْنَا
وَلَكِنَّا سَنَبْدَأُ ظَالِمِينَا
نعود فنقول: إن الشعر كان له مكانة بينهم؛ لأنه دليل الفصاحة والفحولة والبيان، حتى سَمَّوا كلَّ من ليس بعربي أعجميًّا.
فجاء القرآن ليتحداهم ويُعجزَهم في مضمارهم الذين هم نجومُه ومُقدَّموه؛ فمع أنه جاء بلسانهم، وعلى نحو ما يعرفون من البيان، إلا أنهم عجزوا أمامه أن يأتوا بمثله، أو بعَشر سُوَر، أو حتى سورة واحدة.
وفي ذلك يقول الإمام الطبري في مقدمة تفسيره [1/8]:
"القول في البيان عن اتفاق معاني آيِ القرآن، ومعنى منطق مَن نزل بلسانه القرآن مِن وجه البيان، والدلالة على أن ذلك مِن الله - تعالى ذِكْرُه - الحكمةُ البالغة، مع الإبانة عن فضل المعنى الذي به بايَنَ القرآنُ سائرَ الكلام".
ثم قال:
"فبيِّنٌ ألاَّ بيانَ أبينُ، ولا حكمة أبلغ، ولا منطق أعلى، ولا كلام أشرف - مِن بيانٍ ومنطقٍ تحدَّى به امرؤٌ قومًا في زمانٍ هم فيه رؤساءُ صناعة الخطب والبلاغة، وقِيلِ الشعر والفصاحة، والسجع والكهانة - على كل خطيب منهم وبليغ، وشاعر منهم وفصيح، وكل ذي سجع وكهانة، فسفَّه أحلامهم، وقصَّر بعقولهم، وتبرأ من دينهم، ودعا جميعهم إلى اتباعه، والقبول منه، والتصديق به، والإقرار بأنه رسول الله إليهم من ربهم، وأخبرهم أن دلالته على صِدْق مقالته، وحجته على حقيقة نبوته - ما أتاهم به من البيان والحكمة والفرقان، بلسان مثل ألسنتهم، ومنطق موافقةٍ معانيه معانيَ منطقهم، ثم أنبأ جميعهم أنهم عن أن يأتوا بمثل بعضه عَجَزة، ومن القدرة عليه نَقَصة، فأقر جميعهم بالعجز، وشهدوا على أنفسهم بالنقص. اهـ.
فقامت الحجة عليهم بما يعرفون ويفهمون من اللسان العربي؛ ولذلك فمعاني كتاب الله المنَزل لمعاني كتاب العرب موافقة، وظاهره لظاهر كلامها ملائم، وإن باينَه كتابُ الله بالفضيلة التي فَضَل بها سائرَ الكلام والبيان.
قال الطبري [1/12]:
"فإذا كان ذلك كذلك، فبيِّنٌ - إذ كان موجودًا في كلام العرب الإيجازُ والاختصار، والاجتزاء بالإخفاء من الإظهار، وبالقلة من الإكثار في بعض الأحوال، واستعمال الإطالة والترداد والتكرار، وإظهار المعاني بالأسماء دون الكناية عنها، والإسرار في بعض الأوقات، والخبر عن الخاص في المراد بالعام الظاهر، وعن العام في المراد بالخاص الظاهر، وعن الكناية والمراد منه المصرح، وعن الصفة والمراد الموصوف، وعن الموصوف والمراد الصفة، وتقديم ما هو في المعني مؤخَّر، وتأخير ما هو في المعني مقدَّم، والاكتفاء ببعض من بعض، وبما يظهر عما يحذف، وإظهار ما حظه الحذف - أن يكون ما في كتاب الله المنزل على نبيِّهِ محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - مِن ذلك، في كل ذلك له نظيرًا، وله مِثلاً وشبيهًا. اهـ.
يَعني أن كل هذه الأساليب العربية التي تعرفها العرب - موجودٌ مثلها في القرآن بما يفهمونه ويدركونه؛ لذلك لما جاءهم النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بهذا القرآن، وقال لهم: ((قولوا: لا إله إلا الله))، ما قالوا له: فسِّر وبيِّنْ، ما ندرى معنى ما تقول؟ بل فهموا أنها تعني الإذعان والتسليم.
يبين لنا ذلك قصةُ الصحابي الجليل الطفيل بن عمرٍو الدوسيِّ، لما أتى مكة وقد سَمع من أصحابه أن هناك نبيًّا جديدًا، ولكن كلامه مثل السِّحر، وحذَّروه من أن يستمع لما أتى به النبي من كلام، فدخل مكة - وقد حشا أذنيه كرسفًا - ثم قال في نفسه: "واثكل أمي! إني لرجل لبيب شاعر، لا يخفى عليَّ الحسنُ من القبيح، فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول، فإن كان ما يأتي به حسنًا قبلتُه، وإن كان قبيحًا تركتُه؟!".
وفي "الإصابة" لابن حجر أنه أنشد النبي شعرًا، فقرأ عليه النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - المعوذتين، فأسلم.
فهذه القصة تدل على أن الأوائل كانت ألسنتهم وأفهامهم عربيةً أصيلةً بالسليقة والطبيعة، فكانوا يفهمون القرآن، ويدركون معانيه، وروعة ألفاظه، وبلاغة عباراته وآياته، لا يحتاجون في ذلك لمن يشرح ويفسر ويؤول.
ولذلك فلا تكاد ترى في تفاسير الصحابة ومن بعدهم من التابعين شيئًا من الكلام على حسن بيانه وبلاغته، بل يكاد يقتصر على تفسير لفظة غريبة، أو بيانِ مُشْكِل.
ولكن لما دخلت الألسنة الغريبة، واتَّسعت رقعة الإسلام بالفتوحات، وأقام الله - عزَّ وجلَّ - الجهاد في الأرض، واختلط اللسان العربي بالألسن الأخرى من العجم، انحسر هذا الفهم وهذا الذوق، واحتيج لوضع قواعدَ للعربية تحفظ هذا اللسان، ثم انحرفت الأفهام كثيرًا عن فهم مرادات الكلام العربي، فاحتاج الأمر إلى التفسير والتأويل، واستخراج عجائب القرآن، والبيان عن بلاغته ووجوه إعجازه.
وقد قال ابنُ عباس - رضي الله عنه - عن وجوه التفسير: إن فيها وجهًا تعرفه العرب من كلامها.
مما سبق يتبين لنا أن علم التفسير وقراءة القرآن يرتبطان ارتباطًا وثيقًا بهذه اللغة العربية الجليلة، ويرتبطان بمعرفة علومها من (المعاني) و(البيان).
وما أحوجَنا أن نعود لقراءة تفسيرٍ مثل "تفسير الطبري" شيخ المفسرين - رحمه الله - نستخرج كنوز القرآن وبلاغته، ونتذوق ما فيه من جمال.
وقد ذكر إمامٌ من أئمة البلاغة والتفسير - برغم اعتقاداته المعتزلية المحذورة - وهو جار الله الزمخشري صاحب "الكشاف" - أهميةَ معرفة هذه العلوم لفهم القرآن؛ إذ يقول في مقدمته [1/96]:
"ثم إن أمْلأ العلوم بما يغمر القرائح، وأنهضها بما يبهر الألباب القوارح[1]، من غرائب نُكَت يَلطف مسلكها، ومستودعات أسرار يدق سلكها - علمُ التفسير الذي لا يتم لتعاطيه وإجالة النظر فيه كلُّ ذي علم، كما ذكر الجاحظ في كتاب "نظم القرآن".
فالفقيه وإن بُرِّز على الأقران في علم الفتاوى والأحكام، والمتكلم وإن بَزَّ أهْلَ الدنيا في صناعة الكلام، وحافِظُ القصص والأخبار وإن كان من ابن القِرِّيَّة أحفظ، والواعظ وإن كان من الحسن البصري أوعظ، والنحوي وإن كان أنحى من سيبويه، واللغوي وإن علك اللغات بقوة لَحْيَيْه - لا يتصدى منهم أحدٌ لسلوك تلك الطرائق، ولا يغوص على شيء من تلك الحقائق، إلا رجل قد برع في علمين مختصين بالقرآن، وهما علم المعاني وعلم البيان، وتمهل في ارتيادهما آونةً، وتعب في التنقير عنهما أزمنةً، وبعثته على تتبع مظانهما همةٌ في معرفة لطائف حجة الله، وحرص على استيضاح معجزة رسول الله، بعد أن يكون آخذًا من سائر العلوم بحظٍّ، جامعًا بين أمرين: تحقيقٍ وحفْظ، كثيرَ المطالعات، طويل المراجعات، قد رَجع زمانًا ورُجع إليه، ورَدَّ ورُدَّ عليه، فارسًا في علم الإعراب، مقدَّمًا في حمَلة الكتاب، وكان - مع ذلك - مسترسِلَ الطبيعةِ مُنقادَها، مشتعل القريحة وَقَّادها، يقْظانَ النفْس درَّاكًا للمحة وإنْ لطف شأنُها، منتبهًا إلى الرمزة وإن خفي مكانها، لا كَزًّا جاسيًا، ولا غليظًا جافيًا، متصرفًا ذا دراية بأساليب النظم والنثر، مرتاضًا غير ريِّض[2] لتلقيح بنات الفكر، قد عَلم كيف يرتب الكلام ويؤلف، وكيف ينظم ويرصف، طالما دُفع إلى مضايقه، ووقع في مداحضه ومزالقه. اهـ.
ونختم بما ذكره الدكتور محمد أبو موسى في كتابه "البلاغة القرآنية في تفسير الزمخشري"؛ إذ يقول في مقدمة الطبعة الثانية [ص 7]:
"ويقوم بعضُ كُتَّابنا بتفسير القرآن تفسيرًا بعيدًا عن الإعراب واللغة، ومعتمدًا على إيحاء الألفاظ وظلالها، وهذا ليس هو الطريقَ الذي سَلكه أهلُ العلم، وإن كان قد خُدع به من لم يؤسسوا علمَهم على الوجه الصحيح، كما أن بعض المشتغلين بالعلم يدعون إلى الرجوع إلى القرآن وحده في دراسة أصول العربية، من نحو وصرف وبلاغة، وهذا خطأ بيِّن؛ لأن القرآن إنما يُفهم في ضوء اللسان الذي أنزله الله به، وهذه قاعدة العلماء؛ ولهذا حفظوا اللسان، وحفظوا شعره ونثره؛ لأن هذا الذي يتناثر من أفواههم هو السبيل إلى فهم القرآن.
رُوي عن ابن عباس أنه قال: ما كنت أدري ما قوله - تعالى -: ﴿ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ﴾ [الأعراف: 89] حتى سمعْتُ ابنةَ ذي يزن الحميري وهي تقول: "أفاتحك؛ يعني أقاضيك".
وجاءه رجل من هذيل فقال له ابن عباس: ما فعل فلان؟ قال: مات وترك أربعة من الولد وثلاثة من الوراء، فقال ابن عباس: فبشرناه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، قال: ولد الولد. اهـ. نقلاً عن البرهان".
وقال السيوطي في "الإتقان" [2/24]:
قال أبو بكر بن الأنباري: قد جاء عن الصحابة والتابعين كثيرًا الاحتجاجُ على غريب القرآن ومشكله بالشعر.
ثم أخرج من طريق عكرمة عن ابن عباس، قال: إذا سألتموني عن غريب القرآن فالتمسوه في الشعر؛ فإن الشعر ديوان العرب. اهـ.
وفي مثل هذه النقول ما يؤيد ما وضعناه في مفتتح المقال مِن كلام الإمام مالك - رحمه الله ورضي عنه.
ونسأل الله - عزَّ وجلَّ - أن يهدينا سواء السبيل، والله المستعان، والحمد لله رب العالمين.
[1] - قوارح: جمع قارح، وهو الذي سقطت أسنانه من كل ذي ظفر (بلغ خمس سنين). والمعني -والله أعلم- أن هذا البيان والتفسير يبهر ذوي العقول والألباب التي بلغ بها السن منتهي العقل والفهم.
[2] - غير ريض: يقصد الناقة أول ما ريضت وهي بعدُ صعبة، والمعني أنه تخطى برياضته لهذه العلوم هذه الصعوبات الأولية، والله أعلم.
وليد سميح عبدالعال
"لا أُوتَى برجل يفسِّر كتابَ الله غيرَ عالِم بلغة العرب، إلا جعلتُه نكالاً"! [مالك بن أنس].
القرآنُ كلام الله المنَزَّل على رسوله محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - النبي العربي الأمين، أنزله - سبحانه - كتابًا معجزًا، باقيًا خالدًا، حقًّا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنْزيل من حكيم حميد.
هو الجِدُّ ليس بالهزل، فيه نبأُ مَن قبلنا، وخبَر مَن بعدنا، وفصلُ ما بيننا، مَن حكَمَ به عَدل، ومَن ترَكه مِن جبَّارٍ قصمه الله، لا يُمَلُّ ولا يَخْلق على كثرة الرَّدِّ، لا تَفنى عجائبُه، ولا تنتهي كنوزُه.
وقد نزل هذا الكتاب بلسان عربي مبين ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾ [الشعراء: 193 - 195]، وقال - تعالى -: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [يوسف: 2]، وقال - تعالى -: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ﴾ [النحل: 103]، وقال أيضًا: ﴿ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [فصلت: 3]... إلى غير ذلك من الآيات.
ونقفُ مع بعض هذه الآيات شيئًا قبل الخوض في المقال:
في سورة الشعراء يقول - تعالى -: ﴿ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴾، قال ابن كثير [3/442]: هذا القرآن الذي أنزلناه إليك، أنزلناه بلسانك العربي الفصيح، الكامل الشامل؛ ليكون بيِّنًا واضحًا ظاهرًا، قاطعًا للعذر، مقيمًا للحجة، دليلاً على المحجَّة. اهـ.
أما آية فصلت: ﴿ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾، فيقول القرطبي [8/5728]: قال الضحاك: أي: إن القرآن منَزل من عند الله.
وقال مجاهد: أي: يعلمون أنه كتاب واحد في التوراة والإنجيل.
وقيل: يعلمون العربية فيعجزون عن مثله، ولو كان غير عربي لما علموه.
قلت: هذا أصح، والسورة نزلت تقريعًا وتوبيخًا لقريش في إعجاز القرآن. اهـ.
وقال ابن كثير في نفس الآية [4/107]: لفظًا عربيًّا واضحًا؛ فمعانيه مفصَّلَة، وألفاظه واضحة غير مشكلة.
وقوله: ﴿ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾؛ أي: إنما يَعرف هذا البيانَ والوضوح العلماءُ الراسخون. اهـ.
واختار الله - عزَّ وجلَّ - هذا اللسانَ العربي ليُنزل به القرآن على رسوله؛ فقال - تعالى -: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ ﴾ [إبراهيم: 4]؛ ليفهموا عنه قوله، ويعقلوا عنه منطقه.
وقد كان العربُ هم أهلَ الفصاحة والبلاغة والبيان والشعر، لا يدانيهم فيه أحد، وكانت هذه أكبرَ ميزاتهم؛ بل شَغل الشعرُ جانبًا كبيرًا من حياتهم.
وما كانوا يحترفون زراعةً أو صناعةً؛ بل كانوا يزدرون صاحب الزرع، وكانوا قبائلَ شراذم يرعون الغنم والإبل، وكان هذا الفن فيهم له مكانة أيُّ مكانة، والشاعر عندهم مقدَّمٌ أيما تقدُّم، حتى بلغ بهم الأمرُ أنه إذا نبغ شاعرٌ في قبيلة من القبائل، هنَّأتها القبائلُ الأخرى، وقامت فيها الاحتفالات، وعمَّ السرور بنبوغ هذا الشاعر.
وسِرُّ هذا الاحتفاء أن الشاعر كان هو الجهازَ الإعلاميَّ للقبيلة، والصادَّ والمدافِعَ والمتحدِّثَ باسم القبيلة، والمُعلِنَ لِمَفاخرها، الممجِّدَ لها، المتغنِّي بتاريخها وأمجادها.
وكان انتماءُ الشاعر لقبيلته مطلقًا؛ يَرشد إن رشَدتْ، ويضلُّ إن ضلَّت؛ حتى قال قائلُهم عن قبيلته:
وَهَلْ أَنَا إِلاَّ مِنْ غَزِيَّةَ إِنْ غَوَتْ
غَوَيْتُ وَإِنْ تَرْشُدْ غَزِيَّةُ أَرْشُدِ
وهذا عمرو بن كُلثومٍ يقول:
أَلاَ لاَ يَجْهَلَنْ أَحَدٌ عَلَيْنَا
فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الْجَاهِلِينَا
لَنَا الدُّنْيَا وَمَنْ أَمْسَى عَلَيْهَا
وَنَبْطِشُ حِينَ نَبْطِشُ قَادِرِينَا
بُغَاةً ظَالِمِينَ وَمَا ظُلِمْنَا
وَلَكِنَّا سَنَبْدَأُ ظَالِمِينَا
نعود فنقول: إن الشعر كان له مكانة بينهم؛ لأنه دليل الفصاحة والفحولة والبيان، حتى سَمَّوا كلَّ من ليس بعربي أعجميًّا.
فجاء القرآن ليتحداهم ويُعجزَهم في مضمارهم الذين هم نجومُه ومُقدَّموه؛ فمع أنه جاء بلسانهم، وعلى نحو ما يعرفون من البيان، إلا أنهم عجزوا أمامه أن يأتوا بمثله، أو بعَشر سُوَر، أو حتى سورة واحدة.
وفي ذلك يقول الإمام الطبري في مقدمة تفسيره [1/8]:
"القول في البيان عن اتفاق معاني آيِ القرآن، ومعنى منطق مَن نزل بلسانه القرآن مِن وجه البيان، والدلالة على أن ذلك مِن الله - تعالى ذِكْرُه - الحكمةُ البالغة، مع الإبانة عن فضل المعنى الذي به بايَنَ القرآنُ سائرَ الكلام".
ثم قال:
"فبيِّنٌ ألاَّ بيانَ أبينُ، ولا حكمة أبلغ، ولا منطق أعلى، ولا كلام أشرف - مِن بيانٍ ومنطقٍ تحدَّى به امرؤٌ قومًا في زمانٍ هم فيه رؤساءُ صناعة الخطب والبلاغة، وقِيلِ الشعر والفصاحة، والسجع والكهانة - على كل خطيب منهم وبليغ، وشاعر منهم وفصيح، وكل ذي سجع وكهانة، فسفَّه أحلامهم، وقصَّر بعقولهم، وتبرأ من دينهم، ودعا جميعهم إلى اتباعه، والقبول منه، والتصديق به، والإقرار بأنه رسول الله إليهم من ربهم، وأخبرهم أن دلالته على صِدْق مقالته، وحجته على حقيقة نبوته - ما أتاهم به من البيان والحكمة والفرقان، بلسان مثل ألسنتهم، ومنطق موافقةٍ معانيه معانيَ منطقهم، ثم أنبأ جميعهم أنهم عن أن يأتوا بمثل بعضه عَجَزة، ومن القدرة عليه نَقَصة، فأقر جميعهم بالعجز، وشهدوا على أنفسهم بالنقص. اهـ.
فقامت الحجة عليهم بما يعرفون ويفهمون من اللسان العربي؛ ولذلك فمعاني كتاب الله المنَزل لمعاني كتاب العرب موافقة، وظاهره لظاهر كلامها ملائم، وإن باينَه كتابُ الله بالفضيلة التي فَضَل بها سائرَ الكلام والبيان.
قال الطبري [1/12]:
"فإذا كان ذلك كذلك، فبيِّنٌ - إذ كان موجودًا في كلام العرب الإيجازُ والاختصار، والاجتزاء بالإخفاء من الإظهار، وبالقلة من الإكثار في بعض الأحوال، واستعمال الإطالة والترداد والتكرار، وإظهار المعاني بالأسماء دون الكناية عنها، والإسرار في بعض الأوقات، والخبر عن الخاص في المراد بالعام الظاهر، وعن العام في المراد بالخاص الظاهر، وعن الكناية والمراد منه المصرح، وعن الصفة والمراد الموصوف، وعن الموصوف والمراد الصفة، وتقديم ما هو في المعني مؤخَّر، وتأخير ما هو في المعني مقدَّم، والاكتفاء ببعض من بعض، وبما يظهر عما يحذف، وإظهار ما حظه الحذف - أن يكون ما في كتاب الله المنزل على نبيِّهِ محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - مِن ذلك، في كل ذلك له نظيرًا، وله مِثلاً وشبيهًا. اهـ.
يَعني أن كل هذه الأساليب العربية التي تعرفها العرب - موجودٌ مثلها في القرآن بما يفهمونه ويدركونه؛ لذلك لما جاءهم النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بهذا القرآن، وقال لهم: ((قولوا: لا إله إلا الله))، ما قالوا له: فسِّر وبيِّنْ، ما ندرى معنى ما تقول؟ بل فهموا أنها تعني الإذعان والتسليم.
يبين لنا ذلك قصةُ الصحابي الجليل الطفيل بن عمرٍو الدوسيِّ، لما أتى مكة وقد سَمع من أصحابه أن هناك نبيًّا جديدًا، ولكن كلامه مثل السِّحر، وحذَّروه من أن يستمع لما أتى به النبي من كلام، فدخل مكة - وقد حشا أذنيه كرسفًا - ثم قال في نفسه: "واثكل أمي! إني لرجل لبيب شاعر، لا يخفى عليَّ الحسنُ من القبيح، فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول، فإن كان ما يأتي به حسنًا قبلتُه، وإن كان قبيحًا تركتُه؟!".
وفي "الإصابة" لابن حجر أنه أنشد النبي شعرًا، فقرأ عليه النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - المعوذتين، فأسلم.
فهذه القصة تدل على أن الأوائل كانت ألسنتهم وأفهامهم عربيةً أصيلةً بالسليقة والطبيعة، فكانوا يفهمون القرآن، ويدركون معانيه، وروعة ألفاظه، وبلاغة عباراته وآياته، لا يحتاجون في ذلك لمن يشرح ويفسر ويؤول.
ولذلك فلا تكاد ترى في تفاسير الصحابة ومن بعدهم من التابعين شيئًا من الكلام على حسن بيانه وبلاغته، بل يكاد يقتصر على تفسير لفظة غريبة، أو بيانِ مُشْكِل.
ولكن لما دخلت الألسنة الغريبة، واتَّسعت رقعة الإسلام بالفتوحات، وأقام الله - عزَّ وجلَّ - الجهاد في الأرض، واختلط اللسان العربي بالألسن الأخرى من العجم، انحسر هذا الفهم وهذا الذوق، واحتيج لوضع قواعدَ للعربية تحفظ هذا اللسان، ثم انحرفت الأفهام كثيرًا عن فهم مرادات الكلام العربي، فاحتاج الأمر إلى التفسير والتأويل، واستخراج عجائب القرآن، والبيان عن بلاغته ووجوه إعجازه.
وقد قال ابنُ عباس - رضي الله عنه - عن وجوه التفسير: إن فيها وجهًا تعرفه العرب من كلامها.
مما سبق يتبين لنا أن علم التفسير وقراءة القرآن يرتبطان ارتباطًا وثيقًا بهذه اللغة العربية الجليلة، ويرتبطان بمعرفة علومها من (المعاني) و(البيان).
وما أحوجَنا أن نعود لقراءة تفسيرٍ مثل "تفسير الطبري" شيخ المفسرين - رحمه الله - نستخرج كنوز القرآن وبلاغته، ونتذوق ما فيه من جمال.
وقد ذكر إمامٌ من أئمة البلاغة والتفسير - برغم اعتقاداته المعتزلية المحذورة - وهو جار الله الزمخشري صاحب "الكشاف" - أهميةَ معرفة هذه العلوم لفهم القرآن؛ إذ يقول في مقدمته [1/96]:
"ثم إن أمْلأ العلوم بما يغمر القرائح، وأنهضها بما يبهر الألباب القوارح[1]، من غرائب نُكَت يَلطف مسلكها، ومستودعات أسرار يدق سلكها - علمُ التفسير الذي لا يتم لتعاطيه وإجالة النظر فيه كلُّ ذي علم، كما ذكر الجاحظ في كتاب "نظم القرآن".
فالفقيه وإن بُرِّز على الأقران في علم الفتاوى والأحكام، والمتكلم وإن بَزَّ أهْلَ الدنيا في صناعة الكلام، وحافِظُ القصص والأخبار وإن كان من ابن القِرِّيَّة أحفظ، والواعظ وإن كان من الحسن البصري أوعظ، والنحوي وإن كان أنحى من سيبويه، واللغوي وإن علك اللغات بقوة لَحْيَيْه - لا يتصدى منهم أحدٌ لسلوك تلك الطرائق، ولا يغوص على شيء من تلك الحقائق، إلا رجل قد برع في علمين مختصين بالقرآن، وهما علم المعاني وعلم البيان، وتمهل في ارتيادهما آونةً، وتعب في التنقير عنهما أزمنةً، وبعثته على تتبع مظانهما همةٌ في معرفة لطائف حجة الله، وحرص على استيضاح معجزة رسول الله، بعد أن يكون آخذًا من سائر العلوم بحظٍّ، جامعًا بين أمرين: تحقيقٍ وحفْظ، كثيرَ المطالعات، طويل المراجعات، قد رَجع زمانًا ورُجع إليه، ورَدَّ ورُدَّ عليه، فارسًا في علم الإعراب، مقدَّمًا في حمَلة الكتاب، وكان - مع ذلك - مسترسِلَ الطبيعةِ مُنقادَها، مشتعل القريحة وَقَّادها، يقْظانَ النفْس درَّاكًا للمحة وإنْ لطف شأنُها، منتبهًا إلى الرمزة وإن خفي مكانها، لا كَزًّا جاسيًا، ولا غليظًا جافيًا، متصرفًا ذا دراية بأساليب النظم والنثر، مرتاضًا غير ريِّض[2] لتلقيح بنات الفكر، قد عَلم كيف يرتب الكلام ويؤلف، وكيف ينظم ويرصف، طالما دُفع إلى مضايقه، ووقع في مداحضه ومزالقه. اهـ.
ونختم بما ذكره الدكتور محمد أبو موسى في كتابه "البلاغة القرآنية في تفسير الزمخشري"؛ إذ يقول في مقدمة الطبعة الثانية [ص 7]:
"ويقوم بعضُ كُتَّابنا بتفسير القرآن تفسيرًا بعيدًا عن الإعراب واللغة، ومعتمدًا على إيحاء الألفاظ وظلالها، وهذا ليس هو الطريقَ الذي سَلكه أهلُ العلم، وإن كان قد خُدع به من لم يؤسسوا علمَهم على الوجه الصحيح، كما أن بعض المشتغلين بالعلم يدعون إلى الرجوع إلى القرآن وحده في دراسة أصول العربية، من نحو وصرف وبلاغة، وهذا خطأ بيِّن؛ لأن القرآن إنما يُفهم في ضوء اللسان الذي أنزله الله به، وهذه قاعدة العلماء؛ ولهذا حفظوا اللسان، وحفظوا شعره ونثره؛ لأن هذا الذي يتناثر من أفواههم هو السبيل إلى فهم القرآن.
رُوي عن ابن عباس أنه قال: ما كنت أدري ما قوله - تعالى -: ﴿ رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ﴾ [الأعراف: 89] حتى سمعْتُ ابنةَ ذي يزن الحميري وهي تقول: "أفاتحك؛ يعني أقاضيك".
وجاءه رجل من هذيل فقال له ابن عباس: ما فعل فلان؟ قال: مات وترك أربعة من الولد وثلاثة من الوراء، فقال ابن عباس: فبشرناه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، قال: ولد الولد. اهـ. نقلاً عن البرهان".
وقال السيوطي في "الإتقان" [2/24]:
قال أبو بكر بن الأنباري: قد جاء عن الصحابة والتابعين كثيرًا الاحتجاجُ على غريب القرآن ومشكله بالشعر.
ثم أخرج من طريق عكرمة عن ابن عباس، قال: إذا سألتموني عن غريب القرآن فالتمسوه في الشعر؛ فإن الشعر ديوان العرب. اهـ.
وفي مثل هذه النقول ما يؤيد ما وضعناه في مفتتح المقال مِن كلام الإمام مالك - رحمه الله ورضي عنه.
ونسأل الله - عزَّ وجلَّ - أن يهدينا سواء السبيل، والله المستعان، والحمد لله رب العالمين.
[1] - قوارح: جمع قارح، وهو الذي سقطت أسنانه من كل ذي ظفر (بلغ خمس سنين). والمعني -والله أعلم- أن هذا البيان والتفسير يبهر ذوي العقول والألباب التي بلغ بها السن منتهي العقل والفهم.
[2] - غير ريض: يقصد الناقة أول ما ريضت وهي بعدُ صعبة، والمعني أنه تخطى برياضته لهذه العلوم هذه الصعوبات الأولية، والله أعلم.