الرئيسية
المنشورات
للغة العربية فضلٌ وامتياز عن غيرها من اللغات، وذلك من جهات عديدة
وفيما يلي ذكر لبعض فضلها على سبيل الإيجاز:
1- للغة العربية فضل من جهة اعتدال كلماتها: فإنا نجد أن أكثر ألفاظها قد وضع على ثلاثة أحرف، وأقل من الثلاثي ما وضع على أربعة أحرف، وأقل من الرباعي ما وضع على خمسة أحرف.
وليس في اللغة كلمة ذات ستة أحرف أصلية، وقد جاءت ألفاظ قليلة على حرف واحد أو حرفين.
2- لها فضل من جهة فصاحة مفرداتها: فليس في كلماتها الجارية في الاستعمال ما يثقل على اللسان، أو ينبو عنه السمع.
وللعارف بحسن صياغة الكلام أن يصنع من مفرداتها المأنوسة الوضاءة قِطعاً، أو خطباً تسترق الأسماع، وتسحر الألباب.
3- أنها أقرب سائر لغات الدنيا إلى قواعد المنطق: حيث إن عباراتها سلسلة طبيعية، يهون على الناطق صافي الفكر أن يعبر فيها عما يريده دون تصنع أو تكلف.
4- تعدد أساليبها: فهذا مما يشهد بارتقاء اللغة، وسعة غايتها في البيان؛ فإن العبارات إذا اختلفت أساليبها تغاير ما تصوِّره في نفوس المخاطبين من المعاني، وإن كان الغرض واحداً؛ فصورة المعنى الذي يستفاد بطريق المجاز أو الكناية يغاير الصورة التي تؤدى بلفظ الحقيقة أو القول الصريح.
بل الصورة التي يرسمها قولك: (زيد كريم الطبع) غير الصورة التي ينقشها قولك: (زيد ذو طبع كريم) وإن اتحد أصل المراد من المثالين وهو إثبات الكرم لطبع زيد.
ولولا أن العبارات الواردة على غرض واحد مختلفة في صور معانيها لم يظهر التفاوت والتسابق بينها في حلبة البيان.
وإذا قويت عارضة المتكلم في العربية أمكنه أن يتصرف في الغرض الواحد، ويُفْرِغُه في أساليب مختلفة.
5- طرق اختصارها: فتجد أن في كثير من ألفاظها القصيرة غنى وكفاية في الدلالة على المراد.
6- ارتقاؤها مع المدنية: وقد مر شيء من ذلك عند الحديث عن نهوض الإسلام بالعربية، وسيأتي مزيد بيان لذلك.
قصيدتان في فضل العربية:
هاتان قصيدتان رائعتان في فضل العربية جادت بهما قريحة العلامة الأديب اللغوي الشيخ محمد الخضر حسين ×.
وهما يعبران عن كثير مما نحن بصدده، ويغنيان عن كثير من الكلام في هذا الباب، وهما موجودتان في ديوان الشيخ (خواطر الحياة).
القصيدة الأولى: فضل اللغة العربية: وقد ألقيت في حفلة افتتاح الدورة السادسة لمجمع اللغة العربية بالقاهرة.
شبيهانِ: الهلالُ إذا iiتهادى * وفِكرٌ باتَ يرتادُ iiالسَّدادا
بناتُ الفِكر آبدةٌ ولولا * عِنانُ القول لم تُسْلِسْ iiقيادا
رَعى الله الأديبَ يرومُ iiمعنى * فَيُسعِدُهُ البيانُ بما iiأرادا
أُبَجِّلُهُ ولو لم يأوِ iiظلاً * بَنى العيشُ الأنيقُ به iiوشادا
فهاتِ السيفَ يخطُرُ في iiمَضاءٍ * وخَلِّ الغِمْدَ عندك iiوالنِّجادا
ويَنزعُ بي إلى الآداب وجدٌ * إذا قلت اشْتَفى بالوصل زادا
فأنسى مَعْبَداً وعُرَيبَ iiدهراً * ولا أنسى البديع ولا iiالعِمادا
وأسلو الرَّوضَ والورقاءُ iiتشدو * به والغيث حاك له iiبِجادا
ولا أَسْلو الطُّروسَ تدور iiفيها * رَحَى البحثِ ابتكاراً iiوانتقادا
ولم أَنضُ القريحةَ في نسيبٍ * ولا عذلاً شكوتُ ولا iiبُعادا
فما أهوى سوى لغةٍ iiسقاها * قُريشٌ من بَراعَتِهِمْ iiشِهادا
أداروا مِنْ سَلاسَتِها رحيقاً * وهزوا مِنْ جَزالتِها iiصِعادا
وطَوَّقها كتاب الله iiمجداً * وزادَ سَناً بلاغتها iiاتِّقادا
تصيدُ بِسحر منطقها iiقلوباً * تُحاذِر كالجآذِرِ أن iiتصادا
قَنَتْ حكماً روائعَ لو أَعَارتْ * سَناها النارَ لم تلد الرَّمادا
سرت كالمزن يحيي كل iiأرض * ويُبهجها وِهاداً أو iiنِجادا
وما لِلَّهجة الفصحى iiفخارٌ * إذا لم تملأ الدنيا iiرَشادا
وراعَ حِلى الفصاحةِ غَيْرَ عُرْبٍ * فَحثُّوا مِنْ قرائحهم iiجِيادا
تخوضُ بيانها الفيَّاضَ iiطَلْقاً * وكانت قبله تَردُ iiالثِّمادا
وكم ضاهى ابنُ فارس وهو يُوري * زنادَ الشعر وائلَ أو iiإيَادا
أتاها العلم يَرْسُفُ في كَسادٍ * وخَطْبُ العلم أن يلقى iiكسادا
فألفى من معاجمها iiعُباباً * غَزيرَ النَّبع لا يخشى iiنَفادا
فأودعها نَفائِسَهُ iiوأضحى * شِعار العلمِ إعراباً iiوضادا
عَذيري مِنْ زمانٍ ظلَّ iiيجني * على الفصحى لِيُرْهِقَها فسادا
حَثا في روضها الزاهي iiقَتَاماً * وأنبت بين أزهرها iiقَتادا
ولولا أن هذا الذكرَ iiيُتلى * لردَّ بياضَ غُرتِّها iiسوادا
أجالتْ طَرْفَها في كل iiوادٍ * فلم ترَ في سوى مِصْرٍ iiمَرادا
فتلك معاهدُ العرفانِ iiتُدني * إليهم خيرَ ما يبغون iiزادا
وهذا مَجْمَعٌ يحمي iiتِلادا * ويبني طَارِفا يَحْكي iiالتلادا
كأنَّ عكاظَ عاد بها iiاشتياقٌ * إلى الفصحى فكان لها iiمَعادا
جرى ماءُ الحياة بوجنتيها * فهنَّأْنا اليراعةَ والمِدادا
وقلنا للمنابر: iiذكرينا * علياً حين يخطب أو iiزيادا
فيا لغة النبي سقاك iiعهدٌ * من الإصلاح يَنْتَظِمُ iiالبلادا
فما مِنْ حاجةٍ للعلم إلا * يقيم لها بحكمته iiسِدادا
يصون هداية الله iiاعتزازاً * بها وأضاعها قومٌ iiعِنادا
تَراءى الزَّيْغُ ينفضُ iiمِذْرَوَيْهِ * ويمسح عن لواحِظِهِ iiرُقادا
ومَنْ يصنِ الهدى مُلئت iiيداه * نجاحاً كلما اسْتورى زِنادا
القصيدة الثانية: افتتاح مؤتمر المجمع اللغوي: وهي قصيدة ألقاها الشيخ × في افتتاح مؤتمر المجمع اللغوي بالقاهرة في 26 يناير كانون الثاني 1941م.
نَهضَ القطار فَأَوْمَأوا بسلام * وجرى بهم طَلَقاً بغير iiزِمامِ
بانوا فما بالي فقدتُ حشاشتي * أمضى بها في الركب فرطُ هُيامِ
عجباً لروحٍ فارقت جسدَ iiامرئٍ * يقظانَ لم يُرشقْ بسهم iiحِمامِ
طَوتِ النَّوى عهداً يطوفُ iiسُقاتهُ * بكؤوسِ أُنْسٍ لا كُؤوسِ iiمُدامِ
رُضْتُ القريضَ لعلَّني أسلو iiبه * ذِكراهُمُ وأغيبُ عَنْ آلامي
فصحوتُ من شَجَنٍ إلى شَغَفٍ iiبما * في نُطْقِ يَعْرُبَ مِنْ سنىً iiووسامِ
هي لهجةٌ شبَّتْ بأرضِ iiبداوةٍ * فيحاءَ بين الأُسْد iiوالآرامِ
لكنها وسعتْ علومَ أرِسْطَ iiبل * وسعتْ حضارةَ فارسٍ iiوالشامِ
اللفظُ أصفى مِنْ حَبابِ سُلافةٍ * قد لَثَّموا إبريقَها بفَدامِ
لو أن خَوْداً تستعير الحليَ iiمِنْ * صَوْغِ ابنِ بُرْدٍ أو أبي iiتمَّامِ
أَسَرتَ أسوداً قد تَحاموا iiقبلها * أن يؤسروا بصَبَابةٍ iiوغَرامِ
ولَرُبَّ مُتَئِدٍ يُصاعِرُ iiخَدَّهُ * مُتَجَافياً عن مُطْرِبِ iiالأنغامِ
حَيَّتْهُ روضاتُ البيانِ iiبباقةٍ * مِعْطَارةٍ من زهرها iiالبَسَّامِ
فصَبا إلى الآدابِ مَنْ لم iiيُصْبِهِ * تَلحينُ زِرْيابٍ وسجعُ iiحَمامِ
أذكى خطيبُ الجيشِ فيه iiحَمَاسَةً * أهوتْ براحتِه إلى iiالصَّمْصَامِ
نطقَ الكتابُ بها فأفحمَ iiألسناً * لم تُبْلَ قبلُ بوصْمَةِ iiالإفحامِ
وتألَّقتْ حكمُ النبيِّ iiكأنها * شهبُ السماء تشقُّ بحرَ ظلامِ
سادَ الهوى وسَمَا لِواءُ المُلْكِ ما * بين السيوفِ الغُرِّ iiوالأقلامِ
الدينُ يعلو بانتضاءِ iiيرَاعَةٍ * والملكُ يعلو بامتشاقِ حُسامِ
بعداً ليومٍ نامَ فيه حُماتُها * ورَمَتْ صُروفٌ وجْهِهَا iiبِرَغامِ
مُنِيتْ بلْحنٍ واللسانُ iiمُلَحَّنٌ * ما لم تَرُضْهُ عُلومُها iiبلِجامِ
لو جَسَّ جَالِينوسُ مَنْبضَ iiقلبها * ليُحِسَّ ما تشكو مِنَ iiالأسقامِ
ألفَى ذُبولَ الظامئاتِ وأحرفاً * كادَتْ تزيغُ بها إلى إعجامِ
مَنْ ذا يغارُ على بيانِ العُرْبِ iiمِنْ * أيْدٍ تُواري شَمْسَهُ iiبِقَتامِ
يا مجمعاً نِيْطَتْ به هممٌ تُبا * هي الزُّهْرَ في أفلاكِها iiوتُسامي
هذي شُعوبُ الشرق تنظر وهيَ في * أوطانها القُصْوى بِعَين حَذامِ
تَرْنُو إليك بمُقْلَةٍ iiنَقَّادةٍ * عَرَفَتْ وجوهَ النَّقْضِ iiوالإبرامِ
فلنَقْضِ للفصحى لُبَانَةَ دوحةٍ * قَذَفَ الهجيرُ غصونَها بضِرامِ
ولْنُسْقِ ظامِئها عصيرَ iiدِرايةٍ * إذْ كان لا يُسقَى عصيرَ iiغَمامِ
ما أشبهَ الآمالَ يومَ iiيخونُها * عزمٌ بأضغاثٍ مِنْ iiالأحلامِ
يحلو النضالُ ولا نضالَ ألذُّ iiمِنْ * تَنْقَادِ آراءٍ بغير خصامِ
هيَ كالسَّحائبِ هذهِ وَطْفاءُ iiإنْ * سَنَحَتْ وتلكَ تمُرُّ مرَّ iiجَهامِ
والرأيُ يخلصُ بالنِّقاشِ الحرِّ iiمِنْ * صَدأِ الخُمولِ ولُبْسَةِ الإبهامِ
وجَآذِرُ الأفكار لا تَرِدُ الحِمى * ما لم تُسَسْ برَويَّةٍ ونظامِ
وفيما يلي ذكر لبعض فضلها على سبيل الإيجاز:
1- للغة العربية فضل من جهة اعتدال كلماتها: فإنا نجد أن أكثر ألفاظها قد وضع على ثلاثة أحرف، وأقل من الثلاثي ما وضع على أربعة أحرف، وأقل من الرباعي ما وضع على خمسة أحرف.
وليس في اللغة كلمة ذات ستة أحرف أصلية، وقد جاءت ألفاظ قليلة على حرف واحد أو حرفين.
2- لها فضل من جهة فصاحة مفرداتها: فليس في كلماتها الجارية في الاستعمال ما يثقل على اللسان، أو ينبو عنه السمع.
وللعارف بحسن صياغة الكلام أن يصنع من مفرداتها المأنوسة الوضاءة قِطعاً، أو خطباً تسترق الأسماع، وتسحر الألباب.
3- أنها أقرب سائر لغات الدنيا إلى قواعد المنطق: حيث إن عباراتها سلسلة طبيعية، يهون على الناطق صافي الفكر أن يعبر فيها عما يريده دون تصنع أو تكلف.
4- تعدد أساليبها: فهذا مما يشهد بارتقاء اللغة، وسعة غايتها في البيان؛ فإن العبارات إذا اختلفت أساليبها تغاير ما تصوِّره في نفوس المخاطبين من المعاني، وإن كان الغرض واحداً؛ فصورة المعنى الذي يستفاد بطريق المجاز أو الكناية يغاير الصورة التي تؤدى بلفظ الحقيقة أو القول الصريح.
بل الصورة التي يرسمها قولك: (زيد كريم الطبع) غير الصورة التي ينقشها قولك: (زيد ذو طبع كريم) وإن اتحد أصل المراد من المثالين وهو إثبات الكرم لطبع زيد.
ولولا أن العبارات الواردة على غرض واحد مختلفة في صور معانيها لم يظهر التفاوت والتسابق بينها في حلبة البيان.
وإذا قويت عارضة المتكلم في العربية أمكنه أن يتصرف في الغرض الواحد، ويُفْرِغُه في أساليب مختلفة.
5- طرق اختصارها: فتجد أن في كثير من ألفاظها القصيرة غنى وكفاية في الدلالة على المراد.
6- ارتقاؤها مع المدنية: وقد مر شيء من ذلك عند الحديث عن نهوض الإسلام بالعربية، وسيأتي مزيد بيان لذلك.
قصيدتان في فضل العربية:
هاتان قصيدتان رائعتان في فضل العربية جادت بهما قريحة العلامة الأديب اللغوي الشيخ محمد الخضر حسين ×.
وهما يعبران عن كثير مما نحن بصدده، ويغنيان عن كثير من الكلام في هذا الباب، وهما موجودتان في ديوان الشيخ (خواطر الحياة).
القصيدة الأولى: فضل اللغة العربية: وقد ألقيت في حفلة افتتاح الدورة السادسة لمجمع اللغة العربية بالقاهرة.
شبيهانِ: الهلالُ إذا iiتهادى * وفِكرٌ باتَ يرتادُ iiالسَّدادا
بناتُ الفِكر آبدةٌ ولولا * عِنانُ القول لم تُسْلِسْ iiقيادا
رَعى الله الأديبَ يرومُ iiمعنى * فَيُسعِدُهُ البيانُ بما iiأرادا
أُبَجِّلُهُ ولو لم يأوِ iiظلاً * بَنى العيشُ الأنيقُ به iiوشادا
فهاتِ السيفَ يخطُرُ في iiمَضاءٍ * وخَلِّ الغِمْدَ عندك iiوالنِّجادا
ويَنزعُ بي إلى الآداب وجدٌ * إذا قلت اشْتَفى بالوصل زادا
فأنسى مَعْبَداً وعُرَيبَ iiدهراً * ولا أنسى البديع ولا iiالعِمادا
وأسلو الرَّوضَ والورقاءُ iiتشدو * به والغيث حاك له iiبِجادا
ولا أَسْلو الطُّروسَ تدور iiفيها * رَحَى البحثِ ابتكاراً iiوانتقادا
ولم أَنضُ القريحةَ في نسيبٍ * ولا عذلاً شكوتُ ولا iiبُعادا
فما أهوى سوى لغةٍ iiسقاها * قُريشٌ من بَراعَتِهِمْ iiشِهادا
أداروا مِنْ سَلاسَتِها رحيقاً * وهزوا مِنْ جَزالتِها iiصِعادا
وطَوَّقها كتاب الله iiمجداً * وزادَ سَناً بلاغتها iiاتِّقادا
تصيدُ بِسحر منطقها iiقلوباً * تُحاذِر كالجآذِرِ أن iiتصادا
قَنَتْ حكماً روائعَ لو أَعَارتْ * سَناها النارَ لم تلد الرَّمادا
سرت كالمزن يحيي كل iiأرض * ويُبهجها وِهاداً أو iiنِجادا
وما لِلَّهجة الفصحى iiفخارٌ * إذا لم تملأ الدنيا iiرَشادا
وراعَ حِلى الفصاحةِ غَيْرَ عُرْبٍ * فَحثُّوا مِنْ قرائحهم iiجِيادا
تخوضُ بيانها الفيَّاضَ iiطَلْقاً * وكانت قبله تَردُ iiالثِّمادا
وكم ضاهى ابنُ فارس وهو يُوري * زنادَ الشعر وائلَ أو iiإيَادا
أتاها العلم يَرْسُفُ في كَسادٍ * وخَطْبُ العلم أن يلقى iiكسادا
فألفى من معاجمها iiعُباباً * غَزيرَ النَّبع لا يخشى iiنَفادا
فأودعها نَفائِسَهُ iiوأضحى * شِعار العلمِ إعراباً iiوضادا
عَذيري مِنْ زمانٍ ظلَّ iiيجني * على الفصحى لِيُرْهِقَها فسادا
حَثا في روضها الزاهي iiقَتَاماً * وأنبت بين أزهرها iiقَتادا
ولولا أن هذا الذكرَ iiيُتلى * لردَّ بياضَ غُرتِّها iiسوادا
أجالتْ طَرْفَها في كل iiوادٍ * فلم ترَ في سوى مِصْرٍ iiمَرادا
فتلك معاهدُ العرفانِ iiتُدني * إليهم خيرَ ما يبغون iiزادا
وهذا مَجْمَعٌ يحمي iiتِلادا * ويبني طَارِفا يَحْكي iiالتلادا
كأنَّ عكاظَ عاد بها iiاشتياقٌ * إلى الفصحى فكان لها iiمَعادا
جرى ماءُ الحياة بوجنتيها * فهنَّأْنا اليراعةَ والمِدادا
وقلنا للمنابر: iiذكرينا * علياً حين يخطب أو iiزيادا
فيا لغة النبي سقاك iiعهدٌ * من الإصلاح يَنْتَظِمُ iiالبلادا
فما مِنْ حاجةٍ للعلم إلا * يقيم لها بحكمته iiسِدادا
يصون هداية الله iiاعتزازاً * بها وأضاعها قومٌ iiعِنادا
تَراءى الزَّيْغُ ينفضُ iiمِذْرَوَيْهِ * ويمسح عن لواحِظِهِ iiرُقادا
ومَنْ يصنِ الهدى مُلئت iiيداه * نجاحاً كلما اسْتورى زِنادا
القصيدة الثانية: افتتاح مؤتمر المجمع اللغوي: وهي قصيدة ألقاها الشيخ × في افتتاح مؤتمر المجمع اللغوي بالقاهرة في 26 يناير كانون الثاني 1941م.
نَهضَ القطار فَأَوْمَأوا بسلام * وجرى بهم طَلَقاً بغير iiزِمامِ
بانوا فما بالي فقدتُ حشاشتي * أمضى بها في الركب فرطُ هُيامِ
عجباً لروحٍ فارقت جسدَ iiامرئٍ * يقظانَ لم يُرشقْ بسهم iiحِمامِ
طَوتِ النَّوى عهداً يطوفُ iiسُقاتهُ * بكؤوسِ أُنْسٍ لا كُؤوسِ iiمُدامِ
رُضْتُ القريضَ لعلَّني أسلو iiبه * ذِكراهُمُ وأغيبُ عَنْ آلامي
فصحوتُ من شَجَنٍ إلى شَغَفٍ iiبما * في نُطْقِ يَعْرُبَ مِنْ سنىً iiووسامِ
هي لهجةٌ شبَّتْ بأرضِ iiبداوةٍ * فيحاءَ بين الأُسْد iiوالآرامِ
لكنها وسعتْ علومَ أرِسْطَ iiبل * وسعتْ حضارةَ فارسٍ iiوالشامِ
اللفظُ أصفى مِنْ حَبابِ سُلافةٍ * قد لَثَّموا إبريقَها بفَدامِ
لو أن خَوْداً تستعير الحليَ iiمِنْ * صَوْغِ ابنِ بُرْدٍ أو أبي iiتمَّامِ
أَسَرتَ أسوداً قد تَحاموا iiقبلها * أن يؤسروا بصَبَابةٍ iiوغَرامِ
ولَرُبَّ مُتَئِدٍ يُصاعِرُ iiخَدَّهُ * مُتَجَافياً عن مُطْرِبِ iiالأنغامِ
حَيَّتْهُ روضاتُ البيانِ iiبباقةٍ * مِعْطَارةٍ من زهرها iiالبَسَّامِ
فصَبا إلى الآدابِ مَنْ لم iiيُصْبِهِ * تَلحينُ زِرْيابٍ وسجعُ iiحَمامِ
أذكى خطيبُ الجيشِ فيه iiحَمَاسَةً * أهوتْ براحتِه إلى iiالصَّمْصَامِ
نطقَ الكتابُ بها فأفحمَ iiألسناً * لم تُبْلَ قبلُ بوصْمَةِ iiالإفحامِ
وتألَّقتْ حكمُ النبيِّ iiكأنها * شهبُ السماء تشقُّ بحرَ ظلامِ
سادَ الهوى وسَمَا لِواءُ المُلْكِ ما * بين السيوفِ الغُرِّ iiوالأقلامِ
الدينُ يعلو بانتضاءِ iiيرَاعَةٍ * والملكُ يعلو بامتشاقِ حُسامِ
بعداً ليومٍ نامَ فيه حُماتُها * ورَمَتْ صُروفٌ وجْهِهَا iiبِرَغامِ
مُنِيتْ بلْحنٍ واللسانُ iiمُلَحَّنٌ * ما لم تَرُضْهُ عُلومُها iiبلِجامِ
لو جَسَّ جَالِينوسُ مَنْبضَ iiقلبها * ليُحِسَّ ما تشكو مِنَ iiالأسقامِ
ألفَى ذُبولَ الظامئاتِ وأحرفاً * كادَتْ تزيغُ بها إلى إعجامِ
مَنْ ذا يغارُ على بيانِ العُرْبِ iiمِنْ * أيْدٍ تُواري شَمْسَهُ iiبِقَتامِ
يا مجمعاً نِيْطَتْ به هممٌ تُبا * هي الزُّهْرَ في أفلاكِها iiوتُسامي
هذي شُعوبُ الشرق تنظر وهيَ في * أوطانها القُصْوى بِعَين حَذامِ
تَرْنُو إليك بمُقْلَةٍ iiنَقَّادةٍ * عَرَفَتْ وجوهَ النَّقْضِ iiوالإبرامِ
فلنَقْضِ للفصحى لُبَانَةَ دوحةٍ * قَذَفَ الهجيرُ غصونَها بضِرامِ
ولْنُسْقِ ظامِئها عصيرَ iiدِرايةٍ * إذْ كان لا يُسقَى عصيرَ iiغَمامِ
ما أشبهَ الآمالَ يومَ iiيخونُها * عزمٌ بأضغاثٍ مِنْ iiالأحلامِ
يحلو النضالُ ولا نضالَ ألذُّ iiمِنْ * تَنْقَادِ آراءٍ بغير خصامِ
هيَ كالسَّحائبِ هذهِ وَطْفاءُ iiإنْ * سَنَحَتْ وتلكَ تمُرُّ مرَّ iiجَهامِ
والرأيُ يخلصُ بالنِّقاشِ الحرِّ iiمِنْ * صَدأِ الخُمولِ ولُبْسَةِ الإبهامِ
وجَآذِرُ الأفكار لا تَرِدُ الحِمى * ما لم تُسَسْ برَويَّةٍ ونظامِ
عدل سابقا من قبل أحمد في الإثنين يوليو 20, 2009 10:37 pm عدل 1 مرات
