..
كان جمال الدين بن العديم، قاضي حلب، عاقلاً عادلاً خبيراً بالأحكام. حدث أن ادّعى عنده مدّع على آخر بمبلغ. فلما أنكر المدّعى عليه، أخرج المدّعي وثيقة فيها إقرار "منصور بن أبي جرادة بتسلم المبلغ". فأنكر المدعى عليه أن الاسم المذكور في الوثيقة (أبا جرادة) اسم أبيه. قال له القاضي ابن العديم: فما اسمك أنت؟ قال: منصور. قال: واسم أبيك؟ قال: هبة الله. فسكت عنه القاضي، وتشاغل بالحديث مع من كان عنده حتى طال ذلك، وكان جليسه يقرأ عليه في صحيح البخاري. ثم إذا بالقاضي يصيح فجأة: يا بن أبي جرادة! فأجابه المدّعى عليه مبادراً: مولاي! فقال له: ادفع لغريمك حقَّه. "
من كتاب الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة" لابن حجر العسقلاني.
..
روى الفسوي في المعرفة والتاريخ (1/ 471) قال:
حدثنا علي بن الحسن العسقلاني قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك قال: كان فقهاء أهل المدينة الذين كانوا يصدرون عن رأيهم سبعة: سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وسالم بن عبد الله والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير وعبيد الله بن عتبة وخارجة بن زيد بن ثابت. قال: وكانوا إذا جاءتهم المسألة دخلوا جميعا فنظروا فيها، ولا يقضي القاضي حتى ترفع إليهم فينظرون فيها فيصدرون.
..
وَلِيَ قضاءَ مصر بعد ابن عين الدولة الشيخ عزّ الدين بن عبد السلام. وكان قد قدم من دمشق بسبب أن سلطانها الصالح إسماعيل استعان بالفرنج وأعطاهم مدينة صَيْدا وقلعة الشقيف، فأنكر الشيخ عز الدين ذلك، وترك الدعاء له في الخطبة، فغضب السلطان منه، فخرج إلى الديار المصرية. فأرسل السلطان وراءه وهو في الطريق قاصدًا يتلطّف به في العودة إلى دمشق. فاجتمع الرسول به ولاينه وقال له: ما نريد منك شيئا إلا أن تقبّل يد السلطان لا غير. فقال الشيخ له: يا مسكين، أنا ما أرضاه يقبّل يدي فضلا عن أن أقبِّل يده! يا قوم، أنتم في وادٍ وأنا في وادٍ! والحمد لله الذي عافانا مما ابتلاكم! فلما وصل إلى مصر، تلقاه سلطانها الصالح أيوب وأكرمه، وولاّه قضاء مصر فلما تولاه تصدى لبيع أمراء الدولة من الأتراك، وذكر أنه لم يثبت عنده أنهم أحرار وأن حكم الرّقّ مستصحب عليهم لبيت مال المسلمين. فبلغهم ذلك فعظم الخطب عندهم، والشيخ مصمم لا يصحح لهم بيعًا ولا شراء ولا نكاحًا. وتعطلت مصالحهم لذلك، وكان من جملتهم نائب السلطنة، فاستثار غضبا. فاجتمعوا وأرسلوا إليه، فقال: نعقد لكم مجلسا لبيعكم، وننادي عليكم لبيت مال المسلمين. فرفعوا الأمر إلى السلطان، فبعث إليه فلم يرجع عن رأيه، وأرسل إليه نائب السلطنة بالملاطفة، فلم يفد ذلك. فانزعج النائب وقال: كيف ينادي علينا هذا الشيخ ويبيعنا ونحن ملوك الأرض؟! والله لأضربنّه بسيفي هذا! وركب بنفسه في جماعته، وجاء إلى بيت الشيخ والسيف مسلول في يده. فطرق الباب. فخرج ولد الشيخ فرأى من نائب السلطنة ما رأى فعاد إلى أبيه وشرح له الحال، فما اكترث لذلك وقال: يا ولدي أبوك أقل من أن يقتل في سبيل الله! ثم خرج. فحين وقع بصره على النائب سقط السيف من يد النائب وأرعدت مفاصله. ثم إذا به يبكي ويسأل الشيخ أن يدعو له، وقال: يا سيدي ايش تعمل؟ فقال القاضي: أنادي عليكم فأبيعكم. قال النائب: ففيم تصرف ثمننا؟ قال: في مصالح المسلمين. وتمّ له ما أراد، ونادى على الأمراء واحدًا واحدًا وباعهم بالثمن الوافي، وصرفه في وجوه الخير!
من كتاب "حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة" للسيوطي.
..
عن الأصمعي قال: كنت بالبصرة أطلب العلم، وأنا فقير. وكان على باب زقاقنا بقّال، إذا خرجتُ باكرا يقول لي إلى أين؟ فأقول إلى فلان المحدّث. وإذا عدت مساء يقول لي: من أين؟ فأقول من عند فلان الإخباريّ أو اللغويّ. فيقول البقال: يا هذا، اقبل وصيّتي، أنت شاب فلا تضيّع نفسك في هذا الهراء، واطلب عملا يعود عليك نفعه وأعطني جميع ما عندك من الكتب فأحرقها. فوالله لو طلبت مني بجميع كتبك جزرة، ما أعطيتُك! فلما ضاق صدري بمداومته هذا الكلام، صرت أخرج من بيتي ليلا وأدخله ليلا، وحالي، في خلال ذلك، تزداد ضيقا، حتى اضطررت إلى بيع ثياب لي، وبقيت لا أهتدي إلى نفقة يومي، وطال شعري، وأخلق ثوبي، واتّسخ بدني. فأنا كذلك، متحيّرا في أمري، إذ جاءني خادم للأمير محمد بن سليمان الهاشمي فقال لي: أجب الأمير. فقلت: ما يصنع الأمير برجل بلغ به الفقر إلى ما ترى؟ فلما رأى سوء حالي وقبح منظري، رجع فأخبر محمد بن سليمان بخبري، ثم عاد إليّ ومعه تخوت ثياب، ودرج فيه بخور، وكيس فيه ألف دينار، وقال: قد أمرني الأمير أن أُدخلك الحمام، وأُلبِسك من هذه الثياب وأدع باقيها عندك، وأطعِمك من هذا الطعام، وأبخّرك، لترجع إليك نفسك، ثم أحملك إليه. فسررت سرورا شديدا، ودعوتُ له، وعملتُ ما قال، ومضيت معه حتى دخلت على محمد بن سليمان. فلما سلّمتُ عليه، قرّبني ورفعني ثم قال: يا عبد الملك، قد سمعت عنك، واخترتك لتأديب ابن أمير المؤمنين، فتجهّز للخروج إلى بغداد. فشكرته ودعوت له، وقلت: سمعا وطاعة. سآخذ شيئا من كتبي وأتوجّه إليه غدا. وعدت إلى داري فأخذت ما احتجت إليه من الكتب، وجعلتُ باقيها في حجرة سددتُ بابها، وأقعدت في الدار عجوزا من أهلنا تحفظها. فلما وصلت إلى بغداد دخلت على أمير المؤمنين هارون الرشيد. قال: أنت عبد الملك الأصمعي؟ قلت: نعم. قال أعلم أن ولد الرجل مهجة قلبه. وها أنا أسلم إليك ابني محمدا بأمانة الله. فلا تعلمه ما يُفسد عليه دينه، فلعله أن يكون للمسلمين إماما. قلت: السمع والطاعة. فأخرجه إليّ، وحُوِّلْتُ معه إلى دار قد أُخليت لتأديبه، وأجرى عليّ في كل شهر عشرة آلاف درهم. فأقمت معه حتى قرأ القرآن، وتفقّه في الدين، وروي الشعر واللغة، وعلم أيام الناس وأخبارهم. واستعرضه الرشيد فأُعجب به وقال: أريد أن يصلي بالناس في يوم الجمعة، فاختر له خطبة فحفِّظْه إياها. فحفّظتُه عشرا، وخرج فصلى بالناس وأنا معه، فأعجب الرشيد به وأتتني الجوائز والصلات من كل ناحية، فجمعت مالا عظيما اشتريت به عقارا وضياعا وبنيت لنفسي دارا بالبصرة. فلما عمرت الدار وكثرت الضياع، استأذنتُ الرشيد في الانحدار إلى البصرة، فأذن لي. فلما جئتها أقبل عليّ أهلها للتحية وقد فَشَتْ فيهم أخبار نعمتي. وتأمّلت من جاءني، فإذا بينهما البقال وعليه عمامة وسخة، وجبّة قصيرة. فلما رآني صاح: عبد الملك! فضحكت من حماقته ومخاطبته إيّاي بما كان يخاطبني به الرشيد ثم قلت له: يا هذا! قد والله جاءتني كتبي بما هو خير من الجَزَرَة!
من كتاب "الفرج بعد الشدة" للتنوخي.
..
"وكان المغيرة يَقُولُ: النساء أربع والرجال أربعة، رَجُل مذكر، وامرأة مؤنثة فهو قوام عليها. وامرأة مذكرة ورجل مؤنث فهي قوامة عَلَيْهِ.ورجل مذكر وامرأة مذكرة فهما يكادان يصطكان، ورجل مؤنث وامرأة مؤنثة فهما لا يأتيان بخير ولا يفلحان" ."أنساب الأشراف" للبلاذري (13/ 346).
..
اختارني نصر الحاجب مؤدباً لوليّ عهد الخليفة المقتدر (وهو الراضي)، فرأيته ذكياً فطناً عاقلاً إلا أنه خالٍ من العلوم فحبّبت العلم إليه، واشتريت له من كتب الفقه والشعر واللغة والأخبار قطعةً حسنة. وقرأ علّي من كتب اللغة كتباً كثيرة منها "خلق الإنسان " للأصمعيّ. فمضى خَدَمٌ سمعوا ذلك إلى المقتدر وإلى والدته فقالوا لهما: إن الصولي يعلّمه أسماء الفرج والذّكر! فدعا المقتدر نصر الحاجب فعرّفه ذلك. ودعاني نصر - وكان من أحسن الناس عقلاً - فسألني عن ذلك، فعرّفته أن هذا من العلوم التي لا بد للفقهاء والقضاة منها، فقال: جئني بالكتاب. فجئته به. فأخذه وأدخله إلى المقتدر وعرّفه ما عرّفته. وإني لأذكر يوماً وهو يقرأ علّي شيئاً من شعر بشّار، وبين يديه كتب لغة وكتب أخبار، إذ جاء خدم من خدم جدّته السيدة، فأخذوا جميع ما بين يديه من الكتب، فجعلوه في منديل كبير كان معهم، وما كلّمونا بشيء، ومضوا. فرأيته قد وجم لذلك واغتاظ، فسكّنت منه وقلت له: ليس ينبغي أن يُنكر الأمير هذا، فإنه يقال لهم إن الأمير ينظر في كتب لا ينبغي أن ينظر في مثلها، فأحبوا أن يمتحنوا ذلك. وقد سرّني هذا ليروا كل جميل حسن. ومضت ساعات أو نحو ذلك، ثم ردّوا الكتب بحالها. فقال لهم الراضي: قولوا لمن أمركم بهذا: قد رأيتم هذه الكتب، وإنما هي حديث وفقه وشعر ولغة وأخبار وكتب العلماء، وليست من كتبكم التي تمترحونها مثل عجائب البحر وحديث سندباد والسنور والفأر! وخفت أن يؤدي الخادم قوله فيقال: من كان عنده؟ فيذكرني، فيلحقني من ذلك ما أكره. فقمت إلى الخدم فسألتهم ألا يعيدوا قوله، فقالوا: والله ما فهمناه، فكيف نعيده؟!
من كتاب "الأوراق" للصولي.
..
لما عزم الفتح بن خاقان الأندلسي على تصنيف كتاب "قلائد العقيان"، أرسل إلى كل واحد من أهل الأدب والشعر والبلاغة في الأندلس يعرّفُه عَزْمَه، ويسأله أن يرسل إليه شيئا من شعره ونثره ليذكره في كتابه وكان الأدباء يعرفون شَرَّه وبذاءة لسانه ويخافونه، فأرسلوا إليه مع شعرهم أو نثرهم صُرَرَ الدنانير. فكلُّ من أَرْضَتْهُ صلته أحسن في كتابه وصفَه وصِفَته وأثنى على أدبه، وكل من تغافل عن بِرِّه هجاه وثَلَبهُ. وكان ابن الصائغ أحد أركان العلم والبيان، شديد العناية بعلم الأوائل وكانوا يشبِّهونه بالمغرب بابن سينا بالمشرق. فلما وصلتْه رسالة ابن خاقان تهاون بها ولم يعرها اهتماما لاحتقاره شأن صاحبها. فما كان من ابن خاقان إلا أن كتب عنه في "قلائد العقيان": "وأما ابن الصائغ فهو رَمَدُ جَفْن الدين، وكَمَدُ نفوس المهتدين، فكر في أجرام الأفلاك و حدود الأقاليم، ورفض كتاب الله العليّ العظيم ونبذه وراء ظهره ثاني عِطْفِه، وأراد إبطال ما لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفه، واقتصر على الهيئة، وأنكر أن تكون إلى الله الرجعةُ والفيئة، مع مَنْشَأٍ ذميم ولؤم أصل وخيم، وصورةٍ شوّهها الله وقبحها، وطَلْعَةٍ إذا أبصرها الكلبُ نبحها…." مع كلام طويل من هذا النوع. فلما بلغ ابن الصائغ ما كتبه عنه ابن خاقان، بادر فأرسل إليه مالا طائلا. وإذ ألّف ابن خاقان بعد ذلك كتابه "ذيل شعراء الأندلس"، افتتحه بذكر ابن الصائغ، وأثنى عليه فيه ثناء جميلا فقال: "أبو بكر بن الصائغ، بَدْرُ فَهْمٍ طالع، وبرهان علم قاطع، تَفَرَّحت بعِطرِه الأعصار، وتطيّبتْ بذكره الأمصار، مع نزاهة النفس وصَوْنها، وبُعْدِ الفساد من كَوْنها، والتحقيق الذي هو للإيمان بالله شقيق، والجِدُّ الذي يَخْلُقُ العُمرُ وهو مُسْتَجِدّ، قد جرى في كل ميدان فأحسن كل الإحسان، له أدبٌ يودّ عُطارِدُ أن يَلْتَحِفَه، يزيل من النفس حُزنَها وكَمَدَها ….." مع كلام طويل من هذا النوع!
من كتاب "معجم الأدباء" لياقوت.
..
قيل إن أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان، وهي زوجة الخليفة الوليد ابن عبد الملك، كانت تهوى وضاح اليمن الشاعر، وكان جميلاً، وكانت ترسل إليه فيدخل إليها ويقيم عندها، فإذا خافت وارته في صندوق عندها، وأقفلت عليه. فدخل الخادم إليها مفاجأة فرأى وضاحا عندها، فأدخلته الصندوق. فطلب منها الخادم حجرًا نفيسًا كان يعرفه عندها، فمنعته إياه بُخلاً به. فمضى الخادم وأخبر الوليد بالحال، فقال له: كذبت! ثم جاء الوليد إلى أم البنين وهي جالسة تمشط رأسها. وكان الخادم قد وصف له الصندوق، فجلس الوليد فوقه، ثم قال: يا أم البنين، هبي لي صندوقا من هذه الصناديق. فقالت: كلها بحكمك يا أمير المؤمنين. فقال: إنما أريد واحدًا منها. فقالت: خذ أيها شئت. فقال: هذا الصندوق الذي تحتي. فقالت: غيره أحبّ إليك منه، فإن لي فيه أشياء أحتاج إليها. فقال: ما أريد سواه. فقالت: خذه. فدعا بالخدم، وأمرهم بحمله حتى انتهى إلى مكان فوضعه فيه، ثم دعا عبيدًا له عجمًا وأمرهم بحفر بئر في المكان، فحُفرت إلى الماء. ثم دعا بالصندوق، فوضعه على شفير البئر، ودنا منه وقال: يا صاحب الصندوق، إنه بلغنا شيء إن كان حقًا فقد دفنّاك ودفنّا ذكرك إلى آخر الدهر، وإن كان باطلاً فإنما دفنّا الخشب. ثم قذف به في البئر، و هيل عليه التراب، وسوّيت الأرض. فما رؤي الوضاح بعد ذلك اليوم، ولا أبصرت أم البنين في وجه الوليد غضبًا حتى فرّق الموت بينهما.
من كتاب "وفيات الأعيان" لابن خلكان.
..
من أعجب ما يُؤرّخ من تقلـّبات الدنيا بأهلها ما حكاه محمد بن غسـّان الهاشمي، قال: دخلتُ على والدتي في يوم عيد، فوجدتُ عندها امرأة في ثياب رثـّة. فقالت لي والدتي: أتعرف هذه؟ قلت: لا. قالت: هذه أمّ جفعر البرمكي رحمه الله. فأقبلتُ عليها بوجهي وأكرمتها، وتحادثنا زمانا، ثم قلت: يا أُمـّه، ما أعجب ما رأيتِ؟ فقالت: أتي عليّ يا بنيّ عيدٌ مثل هذا وعلى رأسي أربعمائة وصيفة، وإني لأعدُّ ابني عاقـّا لي. ولقد أتى عليّ يا بنيّ هذا العيد وما مُناي إلا جـِلـْدا شاتين، أفترش أحدَهما وألتحفُ الآخر. فدفعـَتُ إليها خمسمائة درهم، فكادت تموت فرحـًا بها.
من كتاب "وفيات الأعيان" لابن خلـّكان.
..
كان أبو العلاء المعرّي في غاية الذكاء المفرط(و كان أعمى). ويذكرون عنه أنه مرّ في بعض أسفاره بمكان، فطأطأ رأسه. فلما سـُئل عن ذلك قال: أما هنا شجرة؟ قالوا: لا. ونظروا، فإذا أصل شجرة هناك في الموضع الذي طأطأ رأسه فيه، وقد قـُطعت. وكان قد اجتاز بها قديمـًا مرّة، فأمره من كان معه بطأطأة رأسه لما جازوا تحتها، فلما مرّ بها المرّة الثانية طأطأ رأسه خوفـًا من أن يصيبه شيء منها. وكان يومـًا عند الخليفة ببغداد، وكان الخليفة يكره المتنبي ويضع منه، وأبو العلاء يحب المتنبي ويرفع من قدره ويمدحه. فجرى ذكر المتنبي في ذلك المجلس، فذمـّه الخليفة. فقال أبو العلاء: لو لم يكن للمتنبي إلا قصيدته التي أوّلها: لك يا منازل في القلوب منازلُ.... لكفاه ذلك. فغضب الخليفة، وقال لمن في المجلس: أتدرون ما أراد هذا الكلب من ذكره لهذه القصيدة؟ أراد قول المتنبي فيها: وإذا أتتـكَ مـذمـّتي من ناقصٍ فهي الشـهادة لـي بأنـّي كاملُ وإلاّ فالمتنبي له قصائد أحسن من هذه، وإنما أراد هذا. ثم قال: أخرجوا عني هذا الكلب!
من كتاب "البداية والنهاية" لابن كثير.
..
حكى عبد الله السّاوَجِيّ: استأذن الوزير نظامُ الملك السلطانَ ملكشاه في الحج، فأذن له. فعبر دِجلة وعبر خدمه بالآلات والأقمشة، وضربت الخيام على شط دجلة. فأردتُ يوماً أن أدخل عليه، فرأيت بباب الخيمة فقيراً يلوح عليه سيما المتصوفة. فقال لي: يا شيخ، أمانة توصلها إلى الوزير. قلت: نعم. فأعطاني رقعة مطوية، فدخلت بها، ولم أنظر فيها حفظاً للأمانة، ووضعتها بين يدي الوزير. فلما نظر فيها بكى حتى ندمتُ وقلت في نفسي: ليتني نظرت فيها، فإن كان ما فيها يسوءه لم أدفعها إليه. ثم قال لي: يا شيخ، أدخل عليّ صاحب هذه الرُّقعة. فخرجتُ فلم أجده، وطلبتُه فلم أظفر به. فأخبرت الوزير بذلك، فدفع إليّ الرُّقعة فإذا فيها: "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وقال لي: اذهب إلى الوزير وقل له: لِمَ تذهب إلى مكة؟ حجُّك هاهنا. حجُّك في إعانة أصحاب الحوائج". وعاد نظام الملك إلى بلاده ولم يحج. ثم رأيت الفقير بعد ذلك على شط دجلة وهو يغسل خُرَيْقات له. فقلت: إن الوزير يطلبك. فقال: مالي وللوزير؟ إنما كانت عندي أمانة فأديتُها.
من كتاب "طبقات الشافعية الكبرى" لتاج الدين السبكي.
..
كان الشعبي، نديم الخليفة عبد الملك بن مروان، كوفيا تابعيا جليل القدر، وافر العلم. حكى الشعبيّ قال: أنفذني عبد الملك بن مروان إلى ملك الروم. فلما وصلتُ إليه جعل لا يسألني عن شيء إلا أجبته. وكانت الرسل لا تُطيل الإقامة عنده، غير أنه استبقاني أياماً كثيرة، حتى استحثثتُ خروجي. فلما أردت الانصراف قال لي: من أهل بيت الخليفة أنت؟ قلت: لا، ولكني رجل من عامة العرب. فهمس لأصحابه بشيء، فدُفعتْ إليّ رقعة، وقال لي: إذا أدّيتَ الرسائل إلى الخليفة فأوصلْ إليه هذه الرقعة. فأديت الرسائل عند وصولي إلى عبد الملك، ونسيت الرقعة. فلما خرجت من قصره تذكّرتها، فرجعتُ فأوصلتُها إليه. فلما قرأها قال لي: أقال لك شيئاً قبل أن يدفعها إليك؟ قلت: نعم، قال لي: من أهل بيت الخليفة أنت؟ قلت لا، ولكني رجل من عامة العرب. ثم خرجت من عند عبد الملك، فلما بلغتُ الباب ردّني، فلما مثلت بين يديه قال لي: أتدري ما في الرقعة؟ قلت: لا. قال: اقرأها. فقرأتها، فإذا فيها: "عجبتُ من قوم فيهم مثل هذا كيف ملّكوا غيرَه!" فقلت له: والله لو علمتُ ما فيها ما حَمَلتُها، وإنما قال هذا لأنه لم يَرَك. قال عبد الملك: أفتدري لم كتبها؟ قلت: لا. قال: حسدني عليك، وأراد أن يُغريني بقتلك. فلما بلغت القصة مسامع ملك الروم قال: ما أردت إلا ما قال!
من كتاب "وفيات الأعيان" لابن خلكان.
..
عن مكرم بن بكر القاضي قال: دخلت على الوزير عليّ بن عيسى وهو مهموم جدًا. فسألته عن ذلك فقال: كتب إليّ عاملنا بالثغر أن ملك الروم أجاع أسارى المسلمين في بلده وأعراهم وطالبهم بالتنصّر وأنهم في عذاب شديد. ولا حيلة لي في هذا، والخليفة لا يساعدني. ولو ساعدني لأنفقت الأموال وجهّزت الجيوش إلى القسطنطينية. قلت: هذا أمر سهل. قال: فقل. قلت: إن بأنطاكية عظيمًا للنصارى يقال له البطرك، وبالقدس آخر يقال له الجاثليق. وأمرهما ينفذ على الروم وعلى ملوكهم، وبلداهما في سلطاننا، والرجلان في ذمتنا. فيأمر الوزير بإحضارهما، ويتقدم إليهما بإزالة ما يحدث للأسارى، فإن لم يزُلْ لم يُطالَب بتلك الجريرة غيرهما. فكتب الوزير يستدعيهما. فلما كان بعد شهر، جاءني رسوله يستدعيني، فجئته فوجدته مسرورًا، وقال لي: جزاك الله عن نفسك ودينك وعنّي خيرًا. كان رأيك أبركَ رأي. هذا رسول عاملنا بالثغر قد ورد. ثم قال للرسول: خبِّر القاضي بما جرى. فقال العامل: أَنفَذَني العامل مع رسول البطرك والجاثليق إلى القسطنطينية، وكتبا إلى ملكها "إنك قد خرجت بما فعلت عن ملة عيسى عليه السلام، وليس لك الإضرار بالأسارى فإنه يخالف دينك وما يأمرك به المسيح فإما زلت عن هذا الفعل وإلا حرمناك ولعنّاك". فلما وصلنا إلى القسطنطينية حُجبنا أياما ثم استدعانا الملك، وقال لنا ترجمانه: "يقول لكما الملك إن الذي بلغ ملك العرب من فعلنا بالأسارى كذب وتشنيع، وقد أذنّا في دخولك لتشاهدهم على ضدّ ما قيل، وتسمع شكرهم لنا". فحُملتُ فرأيت الأسارى وكأن وجوههم قد خرجتْ من القبور تشهد بما كانوا فيه من الضرّ، غير أني رأيت ثيابهم جميعًا جديدة. فعلمت أني حُجبت تلك الأيام لتغيير حالهم. وقال لي الأسارى: "نحن شاكرون لملك الروم"، غير أن بعضهم أومأ إليّ "إن الذي بلغك كان صحيحا، وإنما خفف علينا لما أتيتم ها هنا. فكيف بلغكم أمرنا؟" فقلت: "الوزير عليّ بن عيسى بلغه حالكم ففعل كذا وكذا". فضجّوا بالدعاء للوزير، وسمعت امرأة منهم تقول: "يا عليّ ابن عيسى، لا نسي الله لك هذا الفعل!" فلما سمع الوزير ذلك أجهش بالبكاء، وسجد شكرًا لله تعالى. فقلتُ له: أيها الوزير، أسمعكَ كثيرًا تتبّرم بالوزارة. فهل كنت تقدر على تحصيل هذا الثواب لولا الوزارة!
من كتاب "المنتظم" لابن الجوزي.
..
كان ابن العلقمي وزير المستعصم آخر الخلفاء العباسيين ببغداد. وَلي الوزارة أربع عشرة سنة، فلما ضعف جانبه وقويت شوكة الدوادار بحاشية الخليفة، سعى في دمار الإسلام وخراب بغداد، وأخذ يكاتب التتار، إلى أن جرّ هولاكو وجرّأه على أخذ بغداد، وقرّر مع هولاكو أموراً انعكست عليه، وندم حيث لا ينفعه الندم، وكان كثيراً ما يقول عند ذلك: وجرى القضاءُ بعكس ما أَمـَّلـْتـُه. لأنه عومل بأنواع الهوان من أراذل التتار. حـُكي أنه كان في الديوان جالسـاً فدخله بعض التتار ممن لا وجاهة له، راكبـاً فرسه، فساق إلى أن وقف بفرسه على بساط الوزير، وخاطبه بما أراد، وبال الفرس على البساط، وأصاب الرشاش ثياب الوزير وهو صابر لهذا الهوان يتظاهر بقوة النفس وبأنه بلغ مراده.. ولم تطل مدته حتى مات غمـّا. ويحكى أنه لما كان يكاتب التتار، تحيـّل مرّة إلى أن أخذ رجلاً وحلق رأسه حلقـاً بليغـاً، وكتب ما أراد عليه بوخز الإبر كما يـُفعل بالوشم، ونفض عليه الكحل، وتركه عنده إلى أن طلع شعره وغطى ما كتب، فجهـّزه وقال له: إذا وصلت مـُرْهم بحلق رأسك ودعهم يقرءون ما فيه. وكان في آخر الكلام: "قطـّعوا الورقة". فضرب التتار عنقه.
من كتاب "الوافي بالوفيات" للصفدي
..
قال أبو القاسم بن مـُفـَرِّج: كنت في بعض الأيام عند الفقيه أبي إبراهيم في مجلسه بالمسجد في قرطبة، ومجلسه حافل بجماعة الطلبة، إذ دخل عليه خصيّ من أصحاب الرسائل جاء من عند الخليفة الحـَكم ابن الناصر. فوقف وسلـّم وقال له: أجب أمير المؤمنين، فهو قاعد ينتظرك، وقد أُمرتُ بإعجالك فالله الله. فقال أبو إبراهيم: سمعـاً وطاعة لأمير المؤمنين، ولا عـَجـَلـَة. فارجع إليه وعرِّفه أنك وجدتني مع طلاب العلم، وليس يمكنني ترك ما أنا فيه حتى يتم المجلس فأمضي إليه. فانصرف الخصيّ وهو يتمتم متضاجراً بكلام لم نسمعه. فما مضت ساعة حتى رأيناه قد عاد فقال للفقيه: أنهيتُ قولك إلى أمير المؤمنين، وهو يقول لك: "جزاك الله خيرًا عن الدين وجماعة المسلمين وأمتعهم بك. وإذا أنت فرغتَ فامض إليه." قال أبو إبراهيم: حسن. ولكني أَضـْعـُفُ عن المشي إلى باب السـُّدّة، ويصعب عليّ ركوب دابة لشيخوختي وضعف أعضائي. وبابُ الصناعة هو من بين أبواب القصر أقربها من مكاننا هذا. فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر بفتحه لأدخل منه هوّن عليّ المشي. فمضى الفتى ثم رجع بعد حين وقال: قد أجابك أمير المؤمنين إلى ما سألت، وأمر بفتح باب الصناعة، وأمرني أن أبقى معك حتى ينقضي الدرس وتمضي معي. وجلس الخصي جانبـاً حتى أكمل أبو إبراهيم مجلسه بأكمل ما جرت به عادته ودون قلق. فلما انفضضنا عنه قام إلى داره فأصلح من شأنه ثم مضى إلى الخليفة الحكم. قال ابن مفرّج: ولقد تعمـّدنا إثر قيامنا عن الشيخ أبي إبراهيم المرور بباب الصناعة فوجدناه مفتوحـاً وقد حفـّه الخدم والأعوان متأهبين لاستقبال أبي إبراهيم، فاشتدّ عجبنا لذلك وقلنا: هكذا يكون العلماء مع الملوك والملوك مع العلماء، قدّس الله تلك الأرواح.
من كتاب "نـَفـْح الطيب" للمـَقـَّرِي التلمساني.
..
كان بمصر مغنيّة تُدعَى عجيبة، قد أولع بها الملك الكامل محمد، فكانت تحضر إليه ليلاً وتغنّيه على الدّفّ في مجلس بحضرة ابن شيخ الشيوخ وغيره. ثم اتّفقت قضية عند القاضي ابن عين الدولة، وأراد الملك الكامل أن يشهد فيها فقال له ابن عين الدولة: السلطان يأمر ولا يشهد. فأعاد الكامل عليه القول فأبى. فلما زاد الأمر وفهم السلطان أنه لا يقبل شهادته قال: أريد أن أشهد. تقبلني أم لا؟ فقال القاضي: لا، ما أقبلك! وعجيبة تطلع إليك بآلات الطرب كل ليلة، وتنزل ثاني يوم وهي تتمايل سَكْرى على أيدي الجواري، وينزل ابن الشيخ من عندك!؟ فقال له الملك الكامل: يا كيواج! (وهي كلمة شتم بالفارسية). فقال القاضي: ما في الشرع يا كيواج! اشهدوا عليّ أني قد عزلت نفسي. ونهض فقام ابن الشيخ إلى الملك الكامل فقال: المصلحة إعادته لئلا يقال: لأي شيء عزل القاضي نفسه؟ وتطير الأخبار إلى بغداد، ويشيع أمر عجيبة. فنهض إلى القاضي، وترضّاه، وعاد إلى القضاء.
من كتاب "حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة" للسيوطي.
..
قال أبو زيد المروزي : رأيت النبي _صلى الله عليه وسلم_ فقال لي : " إلى متى تدرس الفقه ، ولا تدرس كتابي ؟ " . قلت : وما كتابك يا رسول الله ؟. قال : "جامع محمد بن إسماعيل البخاري" أو كما قال " .
قال البخاري _رحمه الله_ "أقمتُ بالبصرة خمس سنين ، معي كتبي ، أصنف وأحج في كل سنة ، وأرجع من مكة إلى البصرة . قال : وأنا أرجو أن الله تعالى يبارك للمسلمين في هذه المصنفات " ...فلقد بارك الله فيها أيها الإمام .
" وبعث الأمير خالد بن أحمد الذهلي والي بخاري إليه : إن احمل إلىَّ كتاب" الجامع" و"التاريخ" ، وغيرهما ؛ لأسمع منك . فبعث إليه : أنا لا أذِلُّ العلم ، ولا أحمله إلى أبواب الناس ؛ فإن كان لك إلى شيءٍ منه حاجةً ؛ فاحضرني في مسجدي ، أو في داري " .
قال الزهري :"ما استودعتُ حفظي شيئاً فخانني " .
"قال يحيى بن بكير : " ما رأيت أحداً أكمل من الليث بْن سعد ، كان فقيه البدن ، عربي اللسان ، يحسن الْقَرْآن ، والنحو ، ويحفظ الشعر والحديث ، حسن المذاكرة ، وما زال يذكر خصالا جميلة ، ويعقد بيده حتى عقد عشرة ، لم أر مثله ".
"تاريخ بغداد"(14/ 524) .
...
"قال الحسن بن عيسى بن ماسرجس مولى ابن المبارك: اجتمع جماعة مثل الفضل بن موسى، ومخلد بن الحسين، فقالوا:تعالوا نعد خصال ابن المبارك من أبواب الخير، فقالوا: العلم، والفقه، والأدب، والنحو، واللغة، والزهد، والفصاحة، والشعر، وقيام الليل، والعبادة، والحج، والغزو، والشجاعة، والفروسية، والقوة، وترك الكلام فيما لا يعنيه، والإنصاف، وقلة الخلاف على أصحابه"."السير" (8/398) .
..
..
قال السبكي الشافعي (رحمه الله):
الإمام الجليل أبو بكر القفال الصغير، شيخ طريقة خراسان، وإنما قيل له "القفَّال" لأنه كان يعمل الأقفال في ابتداء أمره، وبرع في صناعتها، حتى صنع قفلاً بآلاته ومفتاحه وزن أربع حبات، فلما كان ابن ثلاثين سنة أحس من نفسه ذكاء؛ فأقبل على الفقه، فاشتغل به على الشيخ أبي زيد وغيره، وصار إمامًا يُقتدى به فيه، وتفقه عليه خلقٌ من أهل خراسان، وسمع الحديث، وحدَّث وأملى ....
انظر "طبقات الشافعية" للسبكي (5/54)
..
قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا حرملة سمعت ابن وهب يقول: نذرت أني كلما اغتبت إنسانا أن أصوم يوما ، فأجهدني فكنت اغتاب ، وأصوم ، فنويت أني كلما اغتبت إنسانا أن أتصدق بدرهم ، فمنْ حُبِ الدراهم تركتُ الغيبة .قلت [الذهبي] : هكذا والله كان العلماء ، وهذا هو ثمرة العلم النافع .
سير أعلام النبلاء 9/228 .
..
أخرج الخطيب في "تاريخه/ط.بشار" (11/395) من طريق مُحَمَّد بن علي بن الْحَسَن بن شقيق، قَالَ: سمعت أبي، قَالَ: كان ابن المبارك إذا كان وقت الحج اجتمع إليه إخوانه من أهل مرو، فيَقُولون: نصحبك يا أبا عبد الرحمن؟ فيَقُول لهم: هاتوا نفقاتكم، فيأخذ نفقاتهم فيجعلها في صندوق ويقفل عليها، ثم يكتري لَهم ويخرجهم من مرو إلى بغداد، فلا يزال ينفق عليهم ويطعمهم أطيب الطعام، وأطيب الحلواء ثم يخرجهم من بغداد بأحسن زي وأكمل مروءة، حتى يصلوا إلى مدينة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإذا صاروا إلى المدينة، قَالَ لكل رجل منهم: ما أمروك عيالك أن تشتري لهم من المدينة من طرفها؟ فيَقُول: كذا، فيشتري لهم، ثم يخرجهم إلى مكة، فإذا وصلوا إلى مكة وقضوا حجهم، قَالَ لكل واحد منهم: ما أمروك أن تشتري لهم من متاع مكة؟ فيَقُول: كذا وكذا، فيشتري لهم، ثم يخرجهم من مكة، فلا يزال ينفق عليهم إلى أن يصيروا إلى مرو، فإذا وصل إلى مرو جصص أبوابهم ودورهم، فإذا كان بعد ثلاثة أيام صنع لهم وليمة وكساهم، فإذا أكلوا وسروا، دعا بالصندوق، ففتحه ودفع إلى كل رجل منهم صرته بعد أن كتب عليها اسمه ".
..
قال ابن سعد في "الطبقات الكبرى/القسم المتمم" (ص :453) في ترجمة ابن أخي الزهري (محمد بن عبد الله بن مسلم) : "قَتَلَهُ غِلْمَانُهُ بِأَمْرِ ابْنِهِ فِي أَمْوَالِهِ ، بِثُلْيَةَ بِنَاحِيَةِ شَغَبٍ وَبَدَا , وَكَانَ ابْنُهُ سَفِيهًا شَاطِرًا ، قَتَلَهُ لِلْمِيرَاثِ ، وَذَلِكَ فِي آخِرِ خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ , ثُمَّ وَثَبَ غِلْمَانُهُ فَقَتَلُوهُ بَعْدَ سنِينَ أَيْضًا " .
..
"قال محمد بن المثنى: حدثنا عبد الله بن سنان، قال: كنت مع ابن المبارك، ومعتمر بن سليمان بطرسوس، فصاح الناس: النفير. فخرج ابن المبارك، والناس، فلما اصطف الجمعان، خرج رومي، فطلب البراز، فخرج إليه رجل، فشد العلج عليه، فقتله، حتى قتل ستة من المسلمين، وجعل يتبختر بين الصفين يطلب المبارزة، ولا يخرج إليه أحد، فالتفت إلي ابن المبارك، فقال: يا فلان! إن قتلت، فافعل كذا وكذا. ثم حرك دابته، وبرز للعلج، فعالج معه ساعة، فقتل العلج، وطلب المبارزة، فبرز له علج آخر، فقتله، حتى قتل ستة علوج، وطلب البراز، فكأنهم كاعوا عنه،فضرب دابته، وطرد بين الصفين، ثم غاب، فلم نشعر بشيء، وإذا أنا به في الموضع الذي كان، فقال لي: يا عبد الله! لئن حدثت بهذا أحدا، وأنا حي ... ، فذكر كلمة ". "السير" (8/409) .
..
قال محمد بن سلام الجمحي : قيل لأبي الزِّناد (عبد الله بن ذكوان) : لم تحب الدراهم وهي تدنيك من الدنيا ؟! . فقال : إنها وإن أدنتني منها ؛ فقد صانتني عنها "."السير" (5/448) .
..
قال ابن خلكان رحمه الله في وفيات الأعيان : وكان الزمخشري المذكور معتزلي الاعتقاد متظاهراً به، حتى نقل عنه أنه كان إذا قصد صاحباً له واستأذن عليه في الدخول يقول لمن يأخذ له الإذن: قل له أبو القاسم المعتزلي بالباب. وأول ما صنف كتاب " الكشاف " كتب استفتاح الخطبة " الحمد لله الذي خلق القرآن " فيقال إنه قيل له: متى تركته على هذه الهيئة هجره الناس ولا يرغب أحد فيه، فغيره بقوله " الحمد لله الذي جعل القرآن " وجعل عندهم بمعنى خلق، والبحث في ذلك يطول، ورأيت في كثير من النسخ " الحمد لله الذي أنزل القرآن " وهذا إصلاح الناس لا إصلاح المصنف.
..
قد يكون الرجل عالماً متيناً ولكنه غير مشهورٍ ، وقد يكون العكس في الطرفين ، لذا قال ربيعةُ : "شبرٌ من حظوةٍ ، خيرٌ من ذراع علم ". "السير" (5/447) .
..
وأخرج الذهبي في "تذكرة الحفاظ" (3/91) من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن مالكٍ قال : "ما أحد ممن تعلمت العلم منه إلا صار إلي حتى سألني عن أمر دينه " .
..
قال الثعالبي : بدئت الكتابة بعبد الحميد وختمت بابن العميد .
..
"قَالَ حَكِيمُ بْنُ أَبْجَرَ الْمَكِّيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ، يَتَمَثَّلُ:
إِذَا مَا رَأَيْتَ الْمَرْءَ يَقْتَادُهُ الْهَوَى ... فَقَدْ ثَكِلَتْهُ عِنْدَ ذَاكَ ثَوَاكِلُهْ
وَقَدْ أَشْمَتَ الْأَعْدَاءَ جَهْلًا بِنَفْسِهِ ... وَقَدْ وَجَدَتْ فِيهِ مَقَالًا عَوَاذِلُهْ
وَلَنْ يَنْزِعَ النَّفْسَ اللَّحُوحَ عَنِ الْهَوَى ... مِنَ النَّاسِ إِلَّا وَافِرُ الْعَقْلِ كَامِلُهْ " .
"حلية الأولياء" (2/276) .
...
( ذُكر عن العلامة النحوي الشيخ خالد الأزهري ت905 أنه لما بلغ 36سنة من عمره,وبينما كان يشعل فوانيس الزيت في أروقة الأزهر سقطت فتيلة على كرسي أحد الطلاب. فعيره الطالب بالجهل, فترك الوقادة , واشتغل بطلب العلم منذ تلك السنة , فتتلمذ على شيوخ الأزهر في زمانه,
ونال منهم الإجازة في عدد من المتون النحوية,وألف عددا من المؤلفات المشهورة منها:
التصريح ,ومضمون التوضيح شرح كتاب<أوضح المسالك لابن هشام>وشرح الأجرومية وغيرها)
شذرات الذهب8/36
فضل العربية وذم اللحن:رواية ودراية للباتلي95
.