ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    القواعد الفقهية

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    القواعد الفقهية Empty القواعد الفقهية

    مُساهمة من طرف أحمد الأحد يناير 10, 2010 2:16 pm

    بعد أن دُونت كثير من المسائل الفقهية والقواعد الأصولية، اعتنى الفقهاء بتدوين فن آخر نشأ بعد ذلك، وهو ما عرف بالقواعد الفقهية.

    والقاعدة الفقهية: "حكم شـرعـي في قـضية أغلبية يتعرف منها أحكام ما دخل تحتها" أو يقال:"هي أصل فقهي كلي يتضمن أحـكـامـاً تشريعية عامة، من أبواب متعددة في القضايا الـتـي تـدخـل تـحـت مـوضـوعــه" نحو قاعدة: "الأمور بمقاصدها"، و"اليقين لا يزول بالشك"، و"الضرر يُزال"، و"العادة محكمة"، و"المشقة تجلب التيسير"، وهذه هي القواعد الفقهية الكلية الخمس الكبرى، ودونها من القواعد الفقهية كثير.

    ونظراً للأهمية الكبيرة التي تمـتـاز بـهـا هـذه الـقـواعـد، فقد أحببت الوقوف مع بعضها، ممهداً لذلك بمباحث مهمة، من فوائد دراستها، وبــيـان مـصـادرهـا، ويحتوي هذا المقال عدداً من القواعد الكلية مع الإشارة إلى أصلها الذي بُنيت عليه، ثم ذِكْر بـعض فروعها، والتي هي بمثابة التمثيل لها ببعض المسائل الفقهية، وليس المقصود حـصـرهـا، ولكن ذكر القدر الذي تُفهم به القاعدة، ثم تكون الاستفادة منها بتخريج بقية المـسـائــل المـنـدرجــة تحتها عليها، وإلحاقها بها، ولكي تتحقق الفائدة من عرض هذه الـقـواعــد فـإنـي أحاول تقريب أمثلتها ـ ما أمكنني ذلك ـ لتكون ألصق بواقعنا المعيش، وهذا ضــابط في اخـتـيـاري هذه القواعد، والضابط الآخر هو التزام صحة القاعدة وثبوتها. واللهَ أسأل السداد والنفع.

    فوائد دراسة القواعد الفقهية:

    وتظهر أهمية دراسة القواعد الفقهية من خلال معرفة مهمتها في الفقه وفــائـدتـهـا في فهم المسائل وحفظها، ويمكن تسجيل فوائدها في الأمور الآتية.

    1- إن دراســة الــقــواعــد الفـقـهـيــة وحفظها أيسر طريق لمعرفة أحكام المسائل الجزئية وتذكُّرِها؛لأن من الصعب حــفــظ حـكـم كل جزئية على حدة، بينما يسهل حفظ القواعد، وفهم كيفية التفريع عليها، ومعرفة مـسـتـثـنـيـاتها، قال القرافي:"ومن ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات لاندراجها في الكليات".

    2- إن دراسة الجزئيات بمعزل عن القواعد الفقهية الجامعة لها قد تُوقِِعُ في بعض الخطأ والخــلـط والاضـطراب؛ لعدم الرابط الجامع، قال القرافي:"ومن جـعــلَ يُـخـرج الــفــروع بالمناسبات الجزئية دون القواعد الكلية تناقضت عليه الفروع واختلفت، وتزلزلت خواطره فيها واضطربت".

    3- إن دراسـتـهـا تـربي الملكة الفقهية، وتنمي القدرة على إلحاق المسائل وتخريج الفروع لمعرفة أحكامها، قال الـسـيـوطـي:"اعلم أن فن الأشباه والنظائر، الذي تدخل فيه القواعد الفقهية، فن عظيم، به يطلع عـلـى حـقـائـق الفقه ومداركه، ومآخذه وأسراره، ويتمهر في فهمه واستحضاره، ويقتدر على الإلحاق والـتـخـريــج، ومعرفة أحكام المسائل التي ليست بمسطورة، والحوادث والوقائع التي لا تنقضي على مر الزمان".

    4 -إن دراستها مما يعين على معرفة مقاصد الشريعة، بشكل قد لا يتيسر من خلال دراسة الجزئيات؛ حيث إن دارس الفقه قد لا يتفطن لها، بـخـلاف مــا لـو درس قاعدة "المشقة تجلب التيسير"، فإنه يظهر له أن من مقاصد الـشـريـعة: التيسير على المكلفين، و كذا لو درس قاعدة "لا ضرر ولا ضرار"، فإنه يتبين له أن من مـقـاصــد الـشـريـعــة: دفع الضرر ورفعه... وهكذا .

    5- إن دراســة الـقـواعـد الفقهية والإلمام بها تربِّي عند الباحث ملكة المقارنة بين المذاهب المختلفة، وتوضح له وجـهـاً من وجوه الاختلاف وأسبابه بين المذاهب؛ وذلك لأن القواعد الفقهية ـ في أكثرها ـ موضع اتـفـاق بين الأئمة المجتهدين، ومواضع الخلاف فيها قليلة، فتظهر الفائدة من دراسة هذا القليل وتأمله؛ حيث إنه سبب من أسباب الاختلاف.

    6- إن دراستها وإبرازها "تُظهر مدى استيعاب الفقه الإسلامي للأحكام، ومراعاته للحقوق والواجبات، وتُسهِّل على غير المخـتـصـين بالفقه الاطلاع على محاسن هذا الدين، وتُبطِل دعوى من ينتقصون الفقه الإسلامي، ويتهمونه بأنه إنما يشتمل على حلول جزئية وليس قواعد كلية"

    قـــال الـشـيـخ عـبد الرحمن السعدي في منظومته في القواعد مبيناً بعض فوائد دراستها:

    فاحـرص على فهمك القواعد جــامـعــة المــسـائـل الشوارد

    فترتقـي في العلم خير مرتـقـى وتقتفي درب الـذي قد وُفِّقَا

    مصادر القواعد الفقهية:

    "تعد القواعد الفقهية وليدة الأدلة الشرعية والحجج الفقهية؛ إذ هي مؤسَّسَةٌ على ثوابت، مبنية على دعائم قـويـة، وغـالـبـها مأخوذ من دلالات النصوص التشريعية العامة المعللة، ومنها ما هي ـ من حيث ذاتها ـ نـصـوص شـرعـيـة ثم جرت مجرى القواعد عند الفقهاء، مثل:"لا ضرر ولا ضرار"، و "البينة على المدعي، والـيـمـيـن عـلى من أنكر"، و"الخراج بالضمان"، و "جناية العجماء جبار".

    إذن: فالقواعد الفقهية إما أن يكون مصدرها النصوص الـشـرعـية، أو يكون غير النصوص، وهو أنواع:

    فـمـنـهـا: قواعد مصدرها الإجماع، كقاعدة:"لا اجتهاد مع النص"، ومنها: قواعد أوردها الـفـقـهـاء والمـجــتـهدون مستنبطين إياها من أحكام الشرع العامة، ومستدلين لها بنصوص تشملها من الكتاب والسنة والإجماع ومعقول النصوص.

    "وقـريـن هـذه قـواعد أوردوهــا "في مقام الاستدلال القياسي الفقهي؛ حيث تعتبر تعليلات الأحكام الفـقـهـيـة الاجـتـهادية ومسالك الاستدلال القياسي عليها أعظم دليل لتقعيد هذه القواعد وإحكام صيغها عند استقرار المذاهب الفقهية".

    لـذا كـان مـن الأهـمـيـة بـمـكـان: مراعاة دليل القاعدة، وصحة تقعيدها. على أن القواعد الفقهية الكبرى قد جاوزت القنطرة، وكذا غالب القواعد الكلية، وإنما هناك بعض القواعد اليسيرة التي قد تبنى على عـدد مـن الـفـروع الفـقـهية في مذهب معين، وقد يكون الراجح ثبوتها أو عكسه، لكون هذا المذهب في تلك المسألة راجحاً أو مرجوحاً.

    هل يجوز أن نجعل القاعدة الفقهية دليلاً يستنبط منه الحكم الشرعي؟

    هذه المسألة حساسة ومهمة، وعليهـــا تنبني كثير مـن الأحكام، والراجح فيها أنه لا يجوز أن تجعل القاعدة الفقهية دليلاً يستنبط منه الحكم الشرعي؛ وذلك أن القاعدة مستثناة، وصفتها عدم الشمول، ونحن مطالبون بأن نستدل بدليل ثابت صفته الشمول والدقة.

    "نعم! إن لبعض القواعد صفة أخرى كأن تكون معبرة عن قاعدة أصولية، أو كونها حديثاً ثابتاً؛ فهنا نستند إلى صفتها، كأن تكون دليلاً قرآنياً أو سنة نبوية أو قاعدة أصولية؛ فيكون الاستدلال في حقيقة الأمر بالآية أو الحديث أو القاعدة الأصولية الثابتة لا بالقاعدة الفقهية .

    قاعدة (الخروج من الخلاف مستحب(

    إنه لا إنكار في الاجتهادات، وإن الأمة يـسع بعضها بعضاً فيما يسوغ فيه الخلاف، ولكن يـجـب أن لا نـنـسـى أن الاخـتـلافـات الـعـلـمية تثير جدلاً أحياناً، وربما تؤثر في الألفة والتقارب، ولما كان قطع النزاع في الاجـتـهـادات أمراً صعباً، وكان الخلاف شراً.. جاءت هذه القاعدة لتقرر أن الخروج من الخلاف مـسـتحب ـ مع مراعاة شروطه. وهذا تأكيد على أن التقارب هو الأصل، ولذا حرص الإســــلام على تسوية الصفوف في الصلاة؛ لئلا تختلف القلوب في الباطن "لا تختلفوا فتختلف قلوبكم" .

    ولـهذه القاعدة سندها الشرعي، فهي ضرب من الورع المشروع، والاحتياط في الدين، وترك الشبهات، ليسلم للمرء دينه وعرضه.

    وقد ندب النبي-صلى الله عليه وسلم-إلى ترك الشبهات، كما في حديث النعمان بن بشير -رضـي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يقول:"إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن، وبيـنهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه".

    بل إن أكثر مسالك الـورع داخـلـة في هذه القاعدة. وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-:"يا أبا هريرة: كن ورعاً تكن أعبد الناس" قال يونس بن عبيد:"الورع: الخروج من كل شبهة"، وقال بعض الصحابة:"كنا ندع سبعين باباً من الحلال مخافة أن نقع في باب من الحرام" وهو أمر ميسور لصاحب النية والهمة. قال سفيان الثوري:"ما رأيت أسهل من الورع، ما حاك في نفسك فاتركه".

    ومن الشبهات التي يحيك في النفس أمرها ما اختلف أهل العلم في حله وتحريمه من طعام كالخيل، أو شراب كبعض الأنبذة، أو لباس كجلود السباع، أو مكسب كالتورُّق، ســــواء كان سبب الاختلاف تعارض الأدلة الشرعية، أو كون المسألة من مسائل الاجتهاد لا نص صريحاً فيها، فهذه وأشباهها مما يستحب الخروج من الخلاف فيها.

    ويكون الخروج من الخلاف بفعل ما اختلفوا في وجوبه، وترك ما اختلفوا في حرمته.



    ضوابط الاحتياط والخروج من الخلاف:

    هـذا الـباب قد يكون مزلقاً خطيراً، وباباً يولَج منه إلى الابتداع في الدين، أو التضييق على الناس، وســلـب خـاصـيـة الـتـيسير ورفع الحرج في كثير من الأحكام، خاصة في الصورة الأولى؛ لذلك فإن القول بالاحتياط والأخذ به يحتاج إلى عدة ضوابط هي:

    1- أن يكون مأخذ المخالف - في المسألة التي نريد الخروج منها قوياً، فإذا كان ضعيفاً فلا يؤبه به، كقول ابن حزم بوجوب الفطر على المسافر، فلا يقال بأفضلية الفطر مطلقاً مراعاة لخلافه، بل الأفضل هو الأيسر.

    2- أن الـقـول المـعـتـبر في مشروعية الخروج من الخلاف في مسألة ما هو قول العالم القادر على الموازنة بين الأقوال.

    3- هـذا العالم ليس له أن يفتي الناس بالاحتياط في كل مسألة، بل الواجب عليه الفـتوى بما يدين لله به أنه الحق، وهو ما أداه إليه علمه بالدليل واجتهاده في المسائل، ولا يفـتي بالاحتياط إلا حين يتساوى القولان عنده في المسألة؛ فهناك فرق بين فتواه وعمله لـنـفسه؛ فـإن الـشـأن في عمله لنفسه أوسع؛ فله أن يحتاط لنفسه في كثير مما لا يسعه أن يفـتي به الناس.

    4- أن لا تؤدي مراعاة الخروج من الخلاف إلى ترك سنة ثابتة، أو خرق إجماع، فمثلاً لو قيل ببطلان الصلاة برفع اليدين لم نعبأ بهذا الخلاف؛ لمعارضته للأحاديث الثابتة.

    5- أن لا تـؤدي المراعــاة إلى المنع من الاستكثار من عبادة ثابتة، فلا ينبغي ترك الاعتمار مراعاة لكراهة المالكية تكرار العمرة في السنة الواحدة، وكراهة الحنفية اعتمار المقيم بمكة في أشهر الحج، فلا تنبغي هذه المراعاة؛ لكونها يُفَوَّت بها خير كثير ثبت فضله بلا تقييد.

    6- ألا تُـوقِـعَ المـراعـاةُ في خلاف آخر، فنحتاج إلى الخروج منه، فـيـلـزم الـدوْر.

    أمثلة للقاعدة:

    - اسـتـحـبـاب تـبـيـيت نية صوم النفل من الليل؛ لأن التبييت واجب عند المالكية، غير واجب عند غيرهم.

    - استحباب المضمـضة والاستنشاق في غسل الجنابة والوضوء، باعتبار وجوبها عند بعض العلماء.

    - استحباب الدلك في الطهارة، واستيعاب الرأس بالمسح، وغسل المني بالماء، والترتيب في قضاء الصلوات، واجتناب استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة - مع وجود ساتر - كل ذلك خروجاً مِن خلاف مَنْ أوجب الجميع .

    - استحباب الـشـرب جـالـســاً، خروجاً من خلاف من أوجب الجلوس، واعتبر الوقوف خاصاً بالنبي .

    - ترك أكل اللحوم المستوردة حين اشتباه حالها؛ نظراً لاختلاف أهل العلم فيها.

    - ترك الأخذ من الزكاة حين يشتبه حال الآخذ: هل هو من أهلها أم لا؟ كمن لديه فضل مال وعليه حاجات واختلف أهل العلم في حاله، فيكون الأفضل الترك.

    - ترك الأخذ من الأوقاف الموقوفة على أصحاب أوصاف معينة كالفقهاء أو القراء؛ فهناك المتمكنون والمبتدئون، فقد يشتبه حال الرجل؛ فيختلف فيه أهل العلم بناء على اشتباه حاله.

    قاعدة (إذا اجتمع الحلال والحرام غَلَب الحرامُ الحلالَ)

    وأصل هذه القاعدة قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: "»الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات ـ أو مشبهات ـ لا يعـلمها كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الـشـبـهات وقع في الحرام ، كالراعي حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه«".

    كما أن حديث عدي بن حاتم يعتبر أصلاً لهذه القاعدة. قال: قلت يا رسول الله ! أُرسِلُ كلبي وأُسَمِّي، فأجد معه على الصيد كلباً آخر لم أُسَمِّ عليه، ولا أدري أيهما آخذ؟ قال: »لا تـأكـل، إنـمـا سمـيـت على كلبك، ولم تُسَمِّ على الآخر«" - فنهاه عن أكل الصيد؛ لاحتمال أن يكون الكلب الآخر ـ الذي لم يُسَمِّ عليه ـ هو الذي قتل الصيد، وهذا فيه أمر باجتناب ما اختلط فيه الحلال بالحرام.

    ومن الأمثلة على القاعدة:

    - إذا صُبَّ ماء نجس على ماء طاهر أكثر منه في إناء فإنه ينجس.

    - إذا اشتبهت امرأته بامرأة أجنبية، حرمتا عليه حتى يميز امرأته من غيرها.

    - إذا ربح مالاً من تجارة فيها ربا وغش وخديعة حرم عليه الربح كله إذا لم يمكن تمييز الحلال من الحرام.

    قاعدة (التصرف على الرعية منوط بالمصلحة)

    وفي معنى هذه القاعدة، يقول - تعالى - ((إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ)) [النساء:58].

    ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم:" «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته«" ويقول صلى الله عليه وسلم :" «ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصحه لم يجد رائحة الجنة«" .

    ومن فروع هذه القاعدة :

    إذا لم يوجد ولي للقــتـيـل فـالـسـلطان وليه، ولكن ليس له العفو عن القصاص مجاناً؛ لأنه خلاف المصلحة، بل إن رأى المصلحة في القصاص اقتص، أو في الدية أخذها.

    قاعدة: الميسور لا يسقط بالمعسور:

    أصل هذه القاعدة قول الله - تعالى -(( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)) [التغابن:16] ومــا رواه البخاري من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"»ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم«".

    ومن فروعها:

    - إذا كان مقطوع بعض الأعضاء يجب عليه غسل ما بقي جزماً.

    - إذا عجز عن ستر جميع العورة فعليه ستر القدر الممكن.

    - القادر على بعض الفاتحة يأتي به بلا خلاف.

    - من بجسده جرح يمنعه استيعاب الماء فعليه غسل الصحيح مع المسح على المكان الذي لم يغسله، أو التيمم عليه .

    قاعدة: العبادات كلها لا يجوز تقديمها على سبب وجوبها، ويجوز تقديمها بعد سبب الوجوب، وقبل الوجوب، أو قبل شرط الوجوب :

    من فروعها:

    - الـطـهــارة ســبـب وجوبها: الحدث. وشــرط الوجوب: إرادة فعل العبادة المشترط لها الطهارة، فلا يجوز تـقـديـمـهـا على الـحـدث، ويجـوز تقديمها على العبادة، ولو بالزمن الطويل بعد الحدث.

    - زكاة المال يجوز تقديمها من أول الحوْل بعد كــمــال الـنـصــاب، ولا تجزئ قبل كمال النصاب؛ لأنه سبب الوجوب.

    - كفارة اليمين يجوز تقديمها على الحنْث - وهو فعل خلاف ما حلف عليه -، بعد عقد اليمين - وهو سبب وجوب الكفارة -، مالية كانت أو بدنية.

    ويترتب على هذه القاعدة قاعدة:

    إذا عجَّل عـبـادة قـبـل وقــت الوجوب، ثم تغير الحال بحيث لو فعل المعجل فـي وقــت الوجوب لم يجزئه، فهل تجزئه؟ أم لا؟ هذا على قسمين:

    1 - أن يتبين الخلل في العبادة نفسها؛ بأن يظهر بأن الواجب غير المعجل، ومن صوره:

    إذا كفَّـر بالصـــوم قبل الحنث ثم حنث وهــو موسر - يستطيع الإطـــعــام أو الـكـسوة أو العتق كفارة ليمينه - أو صام المتمتع، ثم قدر على الهدي، لعل الصحيح أنه يجزئه لبراءة ذمته بفعله الأول.

    - وفي العبادات المالية: لو زكى قبل الحول ثم نمى المال، فإنه يجزئه ما أخرجه، ويلزمه أن يخرج عن الزيادة.

    2 - أن يتبين الخلل في شرط العبادة - والصحيح أنه يجزئه - ومن صوره:

    - إذا عجل الزكاة إلى فقير مسلم، ثم كفر أو استغنى قبل الحول.

    - إذا جمع بين صلاتين جمع تقديم بتيمم ثم وجد الماء في وقت الثانية.

    - إذا جمع مع القصر مسافراً ثم قدم في وقت الثانية.

    قاعدة (إذا فعل عبادة في وقت وجوبها، يظن أنها الواجبة عليه، ثم تبين أن الواجب كان غيرها، فإنه يجزئه) ولها صور:

    - إذا أناب العاجز عن نفسه من يحج عنه، ثم برئ: أجزأه.

    - إذا كفَّر العاجز عن الصوم، للإياس من برئه، ثم عوفي، لم يلزمه القضاء.

    - إذا صلى الظهر لعذر عن الجمعة، ثم زال العذر قبل تجميع الإمام لم تلزمه الإعادة.

    ويلتحق بها ما إذا خفي الاطلاع على خلل الشرط ثم تبين، فإنه يغتفر - في الأصح - ومن ذلك:

    - إذا أدى الزكاة إلى من يظنه فقيراً فبان أنه غني فإنها تسقط.

    - إذا صلى المسافر بالاجتهاد إلى القبلة، ثم تبين الخطأ فإنه لا إعادة عليه.

    قـاعـدة (من تلبس بعبادة ثم وجد قبل فراغها ما لو كان واجداً له قبل الشروع لكان هو الواجب دون ما تلبس به، هل يلزمه الانتقال إليه أم يمضي ويجزئه؟) هذا على ضربين:

    الأول: أن يكون المتلبَّس به رخصة عامة شُرِعت تيسيراً، فلا يجب عليه الانتقال للأصل، كالمتمتع إذا شرع في الصيام، ثم وجد هدياً، لم يجب عليه الرجوع إلى الهدي.

    الثاني: أن يكون المتلبَّس به إنما شُرِعَ ضرورة للعجز عن الأصل وتعذُّره بالكلية فهذا يلزمه الانتقال للأصل عند القدرة عليه، ولو في أثناء التلبس بالبدل. ومثاله: ما لو عدم الماء، فشرع في التيمم، ثم وجد الماء فإنه يجب عليه استعماله، ولا يجزئه التيمم.

    وهناك أمثلة مترددة بين الضربين:

    منها: من شرع في صيام كفارة ظِهار أو يمين أو غيرهما، ثم وجد الرقبة.

    ومنها: المتيمم إذا شرع في الصلاة ثم وجد الماء.

    هذه القواعد وغيرها متفرعة من القواعد الخمس الكبرى التي قيل : إن الفقه كله مبني عليها ، وهي :

    1. الأمور بمقاصدها ، ودليلها : قول النبي صلى الله عليه وسلم : « إنما الأعمال بالنيات. »

    2. اليقين لا يزول بالشك ، ودليلها : حديث : « لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا » .

    3. المشقة تجلب التيسير ، ودليلها : قول الله تعالى : { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78] ، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم : « بعثت بالحنيفية السَّمْحَة».

    4. الضرر يُزال ، ودليلها : حديث : « لا ضرر ولا ضرار » ، والضرر ما يكون بغير قصد ، والضرار ما يكون بقصد .

    5. العادة مُحَكَّمة ، ودليلها : قوله صلى الله عليه وسلم : « ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن ».

    قال السيوطي في ( الأشباه والنظائر ) : كل ما ورد به الشرع مطلقا بلا ضابط منه ولا من اللغة يرجع فيه إلى العرف .

    وقال بعض العلماء : يرجع الفقه كله إلى قاعدة واحدة وهي :

    جلب المصالح ودفع المفاسد .

    وقال الشيخ تاج الدين السبكي : و أرجع العز بن عبد السلام الفقه كله إلى اعتبار المصالح والمفاسد ؛ بل قد يرجع الكل إلى اعتبار المصالح ؛ فإن درء المفاسد من جملتها .

    وعلى هذا فجميع القواعد الفقهية الكلية والفرعية مبنية على رفع الحرج ، وهي تلمح إلى أن الأحكام الشرعية العملية قد روعي فيها جانب السعة والتخفيف عن العباد.


    االمصدر
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    القواعد الفقهية Empty رد: القواعد الفقهية

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس مايو 16, 2013 5:30 am

    (تعريف القواعد الفقهية)
    القواعد لغة


    القواعد جمع قاعدة , ومعنى القاعدة: أصل الأس و أساس البناء و القواعد الإساس , وقواعد البيت إساسه, ومنه قول الله تعالى:{ وإذا يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا }, ومنه قوله تعالى:{ فأتى الله بنيانهم من القواعد }.

    قال الأصفهاني : " القاعدة في اللغة : الأساس وكل ما يرتكز عليه الشيء فهو قاعدة وتجمع على قواعد , وهي أسس الشيء و أصوله حسية كان ذلك الشيء كقواعد البيت . أو معنوياً كقواعد الدين ودعائمه .

    القواعد اصطلاحاً


    اختلف الفقهاء في تعريف القاعدة الفقهية .

    وكان سبب هذا الإختلاف : هو اختلافهم في مفهومها هل القاعدة قضية كلية أو قضية أغلبية .
    - فمن نظر إلى أن القاعدة هي كلية عرفها بما يدل على ذلك حيث قالوا في تعريفها : القاعدة هي :

    • قال الجرجاني : القاعدة هي : قضية كلية منطبقة على جميع جزئياتها .

    • قضية كلية يتعرف منها أحكام جزئياتها .

    • حكم كلي ينطبق على جميع جزئياته ليتعرف أحكامها منه .

    وغيرها من التعريفات المتقاربة والتي كانت متحدة وإن اختلفت عباراتها حيث تفيد جميعها أن القاعدة هي حكم أو أمر كلي أو قضية كلية تفهم منها أحكام الجزئيات التي تندرج تحت موضوعها وتنطبق عليها.

    - ومن نظر أن القاعدة الفقهية قضية أغلبية نظرا لما يستثنى منها عرفها بأنها: حكم أكثري لا كلي ينطبق على أكثر جزئياته لتعرف أحكامها منه .
    وقال في تهذيب الفروق : ومن المعلوم أن أكثر قواعد الفقه أغلبية .

    والقاعدة تمتاز بمزيد الإيجاز في صياغتها و عموم معناها, وسعة استيعابها للفروع الجزئية , فتصاغ عادة من كلمتين أو بضع كلمات من ألفاظ العموم.
    والقول إن أكثر قواعد الفقه أغلبية مبني على وجود مسال مثتثناة من تلك القواعد تخالف أحكامها حكم القاعدة , ولذلك قيل : حينما أرجع المحققون المسائل الفقهية عن طريق الاستقراء إلى قواعد كلية كل منها ضابط وجامع لكثير من المسائل, واتخذوها أدلة لإثبات أحكام تلك المسائل رأوا أن بعض فروع تلك القواعد يعارضه أثر أو ضرورة أو قيد أو علة مؤثرة تخرجها عن الاطراد فتكون مستثناة من تلك القاعدة ومعدولا بها عن سنن القياس فحكموا عليه بالأغلبية لا بالقياس .

    فمثال الاستثناء بالأثر : جواز السلم و الإجارة في بيع المعدوم الذي الأصل فيه عدم جوازه , ومثال الاستثناء لالإجماع عقد الاستصناع.

    ومثال الاستثناء بالضرورة : طهارة الحياض و الآبار في الفلوات مع ما تلقيه الريح فيها من البعر و الروث وغيرها .

    ولكن العلماء مع ذلك قالوا : إن هذا الاستثناء لا ينقض كلية تلك القواعد و لايقدح في عمومها وذلك لعدة أسباب منها :

    1. لما كان مقصد الشرع ضبط الخلق إلى القواعد العامة - وكانت القواعد اتي جرت بها سنة الله أكثرية لا عامة , وكانت الشريعة موضوعة على ذلك الوضع – كان من الأمر الملتفت إليه إجراء القواعد على العموم العادي لا على العموم الكليالعام الذي لا يتخلف عنه جزئي ما .

    2. إن المختلفات الجزئية لا ينتظم منها كلي يعارض هذا الكلي الثابت , وهذا شأن الكليات الاستقرائية – وإنما يتصور أن يكون تخلف بعض الجزئيات قادح في الكليات العقلية .

    فالكليات العقلية صحيحة وإن تخلف عن مقتضاها بعض الجزئيات .
    كما يقال كل حيوان يحرك فكه الأسفل حين المضغ . وهذه قاعدة كلية استقرائية خرج عنها : التمساح ؛ حيث يقال : إنه يحرك فكه الأعلى حين المضغ فخروج التمساح عن الكلية لا يخرج القاعدة عن كونها كلية.

    فكأنه قيل : كل حيوان يحرك فكه الأسفل حين المضغ إلا التمساح .

    فالعموم العادي المبني على الاستقراء لا يوجب عدم التخلف بل الذي يوجب عدم التخلف إنما هو العموم العقلي لأن العقليات طريقها البحث والنظر , وأما الشرعيات فطريقها الاستقراء ولا ينقضه تخلف بعض الجزئيات .

    3. ومن ناحية أخرى فإن تخلف مسألة ما ع حكم قاعدة ما يلزم منه اندراج هذه المسألة تحت حكم قاعدة أخرى وهذا من باب تنازع المسألة بين قاعدتين .

    فليس إذاً استثناء جزئية من قاعدة ما يقدح في كلية هذه القاعدة ولا بمخرج لتلك الجزئية من الاندراج تحت قاعدة أخرى .

    ===============
    المصدر: موسوعة القواعد الفقهية , محمد صدقي بن أحمد البورنو.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    القواعد الفقهية Empty رد: القواعد الفقهية

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس مايو 16, 2013 5:31 am

    (الفروق بين القواعد الفقهية و القواعد الأصولية)
    علم الفقه وعلم أصول الفقه علمان مرتبطان بارتباط وثيق بحيث يكاد المرء يجزم بالوحدة بينهما , وكيف لا يكون ذلك وأحدهما أصل و الآخر فرع لذلك الأصل , كأصل الشجرة و فرعها , فالأصولي ينبغي أن يكون فقيها , و الفقيه ينبغي أن يكون أصولياً وإلا كيف يمكنه استنباط الحكم من الدليل ؟ وكيف يكون مجتهدا من لم يبحر في علم أصول الفقه ؟.

    ومع ذلك يمكن أن يقال : إنهما علمان متمايزان فأحدهما مستقل عن الأخر من حيث موضوعه واستمداده و ثمرته والغاية من دراسته .

    وبالتالي فإن قواعد كل علم منها تتميز عن قواعد الأخر تبعاً لتمايز موضوعي العلمين :

    فموضوع علم أصول الفقه هو أدلة الفقه الإجمالية والأحكام وما يعرض لكل منهما .

    وأما موضوع علم الفقه فهو أفعال المكلفين وما يستحقه كل فعل من حكم شرعي عملي , وبالتالي فإن قواعد علم أصول الفقه تتمايز وتفترق عن قواعد علم الفقه .

    ومن هذه الفروق بين علم أصول الفقه وعلم الفقه :

    1. أن قواعد الأصول إنما تتعلق بالألفاظ ودلالتها على الأحكام في غالب أحوالها , وأما قواعد الفقه فتتعلق بالأحكام ذاتها .

    2. أن قواعد الأصول إنما وضعت لتضبط للمجتهد طرق الاستنباط واستدلاله , وترسم للفقيه مناهج البحث والنظر في استخراج الأحكام الكلية من الأدلة الإجمالية , وأما قواعد الفقه فإنما تراد لتربط المسائل المختلفة الأبواب برباط متحد وحكم واحد هو الحكم الذي سيقت القاعدة لأجله .

    3. إن قواعد الأصول إنما تبنى عليها الأحكام الإجمالية وعن طرقها يستنبط الفقيه أحكام المسائل الجزئية من أدلتها التفصيلية .

    وأما قواعد الفقه فإنما تعلل بها أحكام الحوادث المتشابهة وقد تكون أصلا لها .

    4. إن قواعد الأصول محصورة في أبواب الأصول ومواضعه ومسائله , وأما قواعد الفقه فهي ليست محصورة أو محدودة العدد بل هي كثيرة جداً منثورة في كتب الفقه العام والفتوى عند جميع المذاهب .

    5. إن قواعد الأصول إذا اتفق على مضمونها لا يستثنى منها شيء فهي قواعد كلية مطردة بلا خلاف .

    وأما قواعد الفقه فهي مع الاتفاق على مضمون كثير منها يستثنى من كل منها مسائل تخالف حكم القاعدة بسبب من الأسباب كالاستثناء بالنص أو بالإجماع أو الضرورة أو غير ذلك من أسباب الاستثناء ؛ ولذلك يطلق عليها كثيرون بأنها قواعد أغلبية لا كلية مطردة .

    ومع وضوح الفروق بين القواعد الأصولية والقواعد الفقهية فقد نجد قواعد مشتركة بين العلمين ولكن تختلف فيهما زاوية النظر حيث أن القاعدة الأصولية ينظر إليها من خلال كونها دليل إجمالي يستنبط منه حكم كلي , والقاعدة الفقهية ينظر إليها من حيث كونها حكماً جزئياً لفعل من أفعال المكلفين.

    فمثلا قاعدة : ( الاجتهاد لا ينقض بمثله أو بالاجتهاد ) , ينظر إليها الأصولي من حيث كونها دليلاً يعتمد عليه في بيان عدم جواز نقض أحكام القضاة وفتاوى المفتيين إذا تعلقت بها الأحكام على سبيل العموم و الإجمال .

    و ينظر إليها الفقيه من حيث تعليل فعل من أفعال المكلفين فيبين حكمه من خلالها , فإذا حكم حاكم أو قاض بنقض حكم في مسألة مجتهد فيها كالخلع هل هو فسخ للعقد أو طلاق فيقال له : لا يجوز ذلك لأن الاجتهاد لا ينقض بمثله .

    ولكن لك في مسألة أخرى مشابهة أن تحكم فيها باجتهادك لا أن تنقض حكمك أو حكم غيرك في مسألة اجتهادية لا نص فيها .

    ==================

    المصدر: موسوعة القواعد الفقهية , محمد صدقي بن أحمد البورنو .
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    القواعد الفقهية Empty رد: القواعد الفقهية

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس مايو 16, 2013 5:31 am

    (أهمية القواعد الفقهية و خصائصها ومميزاتها)
    لهذه القواعد الفقهية خصائص ومميزات منها :

    1. أنها موضوعة بعبارة موجزة , فهي تمتاز بمزيد من الإيجاز في صياغتها فقد تصاغ بكلمتين مثل : (( العادة محكمة )) .

    أو ببعض كلمات من كلمات العموم مثل : (( المشقة تجلب التيسير )).

    2. أن في دراستها خير عون على الحفظ و الضبط للمسائل الكثيرة المتناظرة , بحيث تكون القاعدة وسيلة لاستحضار الأحكام .

    3. ومن خصائص هذه القواعد أيضاً : أنها تعتبر موارد خصبة في باب الإفتاء والقضاء فضلا عن أنها تسهل على رجال التشريع غير المختصين فرصة الاطلاع على الفقه الإسلامي بروحه ومضمونه وأسسه و أهدافه وتقدم العون لهم لاستمداد الأحكام منه و مراعاة الحقوق و الواجبات فيه .

    4. تكون القواعد الفقهية عند الباحث ملكة فقهية قوية تنير أمامه الطريق لدراسة أبواب الفقه الواسعة و المتعددة ومعرفة الأحكام الشرعية في المسائل المعروضة عليه و استنباط الحلول للوقائع المتجددة و المسائل المتكررة .

    5. تساعد القواعد الفقهية على ربط مسائل الفقه بأبوابه المتعددة بوحدات موضوعية يجمعها قياس واحد مما يساعد على حفظ الفقه و ضبطه .

    6. مما تتميز به القواعد الفقهية : العمومية و التجريد فالقاعدة لا توجه إلى شخص أو أشخاص بذواتهم و لا وقائع معينة فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب إلا ما ورد به نص يدفع هذه الحقيقة و هي العمومية والتجريد .

    7. ومن صفاتها وخصائصها أيضاً أنها تتضمن أحكاما عامة تتخذ أدلة لإثبات المسائل الفقهية .

    8. وآخراً : لما كانت أكثر القواعد الفقهية لها ارتباط بعلم أصول الفقه , فإنها تساعد الباحث في دراسة بعض المسائل الأصولية وتهيئ له فرصة الاطلاع على أصول الفقه .

    ==================

    المصدر : القواعد الفقهية الكبرى وما تفرع عنها , د/صالح بن غانم السدلان.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    القواعد الفقهية Empty رد: القواعد الفقهية

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس مايو 16, 2013 5:31 am

    (مصادر القواعد الفقهية)
    نعني بمصادر القواعد الفقهية منشأ كل قاعدة منها و أساس ورودها .

    و تنقسم مصادر القواعد الفقهية إلى ثلاثة أقسام رئيسة :

    القسم الأول :

    قواعد فقهية مصدرها النصوص الشرعية من كتاب و سنة , فما كان مصدره الكتاب الكريم يعتبر من أعلى أنواع القواعد وأولاها بالاعتبار حيث إن الكتاب الكريم هو أصل الشريعة و كليتها و كل ما عداه من الأدلة يكون راجع إليه.

    فمن آيات الكتاب التي جرت مجرى القواعد :

    1. قوله تعالى : { و أحل الله البيع و حرم الربا } ( البقرة , الآية 275) .

    جمعت هذه الآية على وجازة لفظها أنواع البيوع ما أحل منها و ما حرم عدا ما استثنى .


    2. ومنها قوله تعالى : { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } (البقرة , الآية 188).

    فهذه قاعدة شاملة لتحريم كل تعامل و تصرف يؤدي إلى أكل أموال الناس و إتلافها بالباطل من غير وجه مشروع يحله الله و رسوله , كالسرقة و الغصب و الزنا و الجهالة و الضرر و الغرر , فكل عقد باطل يعتبر نوع من أكل أموال الناس بالباطل.

    3. ومنها قوله تعالى : { خذ العفو وأمر بالمعروف و أعرض عن الجاهلين } ( الأعراف , الآية 199)

    فكما قال القرطبي و غيره : هذه الآية من ثلاث كلمات – أي جمل – تضمنت قواعد الشريعة في المأمورات و المنهيات .

    فقوله تعالى : { خذ العفو } دخل فيه صلة القاطعين , والعفو المذنبين , والرفق بالمؤمنين , و غير ذلك من أخلاق المطيعين .

    ودخل في قوله : { وأمر بالمعروف } صلة الأرحام و تقوى الله في الحلال والحرام و غض الأبصار , والاستعداد لدار القرار.

    و في قوله : { وأعرض عن الجاهلين } الحض على التعلق بالعلم , والإعراض عن أهل الظلم , والتنزه عن منازعة السفهاء , ومساواة الجهلة الأغبياء , وغير ذلك من الأخلاق الحميدة و الأفعال الرشيدة.

    4. ومنها قوله تعالى : { يا أيها الذين أمنوا أوفوا بالعقود } ( المائدة , الآية 1)

    فالأمر يقتضي الوفاء بكل عقد مشروع , واحترام كل ما يلتزم به الإنسان مع الناس.

    وغير ذلك في كتاب الله تعالى .

    ومن الأحاديث الشريفة الجامعة التي جرت مجرى القواعد :

    1. قوله عليه الصلاة و السلام : ( كل مسكر حرام ) رواه البخاري و مسلم ومالك و أحمد و أبو داود و الترمذي و ابن ماجه .

    فدل الحديث على تحريم كل مسكر من العنب أو غيره مائع أو جامد , نباتي أو حيواني أو مصنوع .

    2. ومنها قوله عليه السلام : ( لا ضرر و لا ضرار ) رواه مالك و ابن ماجه.

    القاعدة الكلية الكبرى , فهذا الحديث نص في تحريم الضرر بأنواعه ؛ لأن لا النافية تفيد استغراق الجنس فالحديث وإن كان خبراً لكنه في معنى النهي , فيصير المعنى : اتركوا كل ضرر وكل ضرار .

    القسم الثاني :

    ما كان من غير النصوص :

    وهو أنواع :

    النوع الأول : قواعد فقهية مصدرها الإجماع المستند إلى الكتاب و السنة , فمن أمثلة قواعد هذا المصدر :

    1. لا اجتهاد مع النص .

    2. الاجتهاد لا ينقض بمثله أو بالاجتهاد .

    النوع الثاني : وهو قسمان :

    الأول : قواعد فقهية أوردها الفقهاء المجتهدون مستنبطين لها من أحكام الشرع العامة ومستدلين لها بنصوص تشملها من الكتاب و السنة والإجماع ومعقول النصوص مثل :

    1. قاعدة : الأمور بمقاصدها .

    2. قاعدة : اليقين لا يزول بالشك .

    الثاني : قواعد فقهية أوردها الفقهاء المجتهدون في مقام الاستدلال القياسي الفقهي حيث تعتبر تعليلات الأحكام الفقهية الاجتهادية ومسالك الاستدلال القياسي عليها , أعظم مصدر لتقعيد هذه القواعد وإحكام صيغها بعد استقرار المذاهب الفقهية الكبرى وانصراف اتباعها إلى تحريرها و ترتيب أصولها و أدلتها .

    وهذه القواعد التي استنبطها الفقهاء المتأخرون من خلال أحكام المسائل التي أوردها أئمة المذاهب في كتبهم أو نقلت عنهم لا تخرج عن نطاق أدلة الأحكام الشرعية الأصلية أو التبعية الفرعية , فالناظر لهذا القواعد و الباحث عن أدلة ثبوتها و أساس التعليل بها يراها يندرج كل منها تحت دليل شرعي إما من الأدلة المتفق عليها كالكتاب أو السنة و الإجماع , وإما من الأدلة الأخرى كالقياس و الاستحسان والمصالح المرسلة , والعرف و الاستقراء , وغير ذلك مما يستدل به على الأحكام .

    ومن أمثلة هذه القواعد المستنبطة و المعلل بها قولهم أو ما تسمى بـ ( القواعد الأصولية الفقهية ):

    1. قاعدة : إنما يثبت الحكم بثبوت السبب .

    2 . قاعدة : الأيمان في جميع الخصومات موضوعة في جانب المدعى عليه إلا في القسامة .

    3. إذا اجتمعت الإشارة والعبارة واختلف موجبهما غلبت الإشارة .

    4. قاعدة : إذا وجبت مخالفة أصل أو قاعدة وجب تقليل المخالفة ما أمكن .

    =================
    المصدر: موسوعة القواعد الفقهية , محمد صدقي بن محمد البورنو.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    القواعد الفقهية Empty رد: القواعد الفقهية

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس مايو 16, 2013 5:32 am

    (حجية القواعد الفقهية)
    هل يسوغ لنا أن نجعل القواعد الفقهية دليلاً يحتج به وتستنبط منه الأحكام ؟

    وقبل الإجابة عن هذا السؤال نورد آراء العلماء في هذه المسألة :

    الرأي الأول : يرى بعض العلماء أن القاعدة الفقهية تعتبر دليلاً يحتج به إذا كان لها أصل من الكتاب أو السنة بل هي في درجة الحجج القوية التي ينقض لها حكم القاضي إذا حكم بخلافها وهي : النص و الإجماع و القياس الجلي بشرط سلامتها من المعارض .

    ولا ريب أن هناك بعض القواعد الأساسية التي هي مبنية على أدلة من الكتاب و السنة المطهرة وواضحة الأخذ منهما كما أن لبعض القواعد صفة أخرى ككونها معبرة عن دليل أصولي أو كونها حديثاً مستقلاً , ومن الأمثلة على ذلك :

    قاعدة (( الأمور بمقاصدها )) : فإن الاحتجاج بهذه القاعدة نابع من الاحتجاج بأصلها و هو حديث: ( إنما الأعمال بالنيات ) , وكقاعدة (( اليقين لا يزول بالشك )) و(( العادة محكمة )) و (( لا ضرر و لا ضرار )).

    ومن النصوص التي يفهم منها القول بحجية القاعدة الفقهية :

    قال القرافي : " من أن حكم القاضي ينقض إذا خالف قاعدة من القواعد السالمة عن المعرضة , ومثل لذلك بما لو حكم القاضي بوقوع الطلاق في المسألة السريجية " .

    فإنه ينتقض ؛ لأنه يخالف القاعدة المشهورة : أن من شرط الشرط إمكان إجتماعه مع المشروط , وشرط السريجية لا يجتمع مع مشروطه أبداً لأن تقدم الثلاث يمنع لزوم الطلاق بعدها .

    وهذا الإمام النووي يقدم القاعدة المشهورة : (( الأصل بقاء ما كان على ما كان)) وقدمها على الحديث الضعيف .

    ويقول الندوي: وللقواعد الفقهية صفة أخرى هي كونها معبرة عن دليل أصولي : وهو الاستصحاب المعتبر عندهم .

    الرأي الثاني : يرى بعض العلماء أنه لا يصح الرجوع إلى هذه القواعد كأدلة قضائية وحيدة , وإنما هي شواهد يستأنس بها في تخريج أحكام القضايا الجديدة على المسائل الفقهية المدونة , ولا يمكن الاعتماد عليها في استخراج حكم فقهي.

    يقول إمام الحرمين في الغياثي عند إيراده قاعدتي الإباحة و إبراء الذمة :

    " وغرضي بإيرادهما تنبيه القرائح ...... ولست أقصد الاستدلال بهما " .

    ويقول الحموي في شرح الأشباه و النظائر نقلا عن ابن النجيم رحمهما الله :

    " أنه لا يجوز الفتوى بما تقتضيه القواعد و الضوابط , لأنها ليست كلية بل أغلبية".

    القول الراجح:

    والقول الراجح في هذه القضية : أننا لو استثنينا القواعد التشريعية التي مبناها على أدلة الكتاب و السنة , فلا يصح الرجوع إلى هذه القواعد وحدها فقط دون نص أخر خاص أو عام يشمل بعمومه الحادثة المقضي بها ؛ لأن تلك القواعد على ما بها من قيمة و اعتبار أن أكثر المستثنيات وأحكامها أغلبية غير مطردة ؛ لأنها تصور الفكرة الفقهية المبدئية التي تعبر عن المنهاج القياسي العام في حلول القضايا و ترتيب أحكامها و القياس غالبا ما ينخرم و يعدل عنه في بعض المسائل إلى حلول أخرى استحسانية تنسجم مع تلك المسائل و تحقق مقاصد الشريعة في تحقيق العدالة و رفع الحرج و المشقة .

    و لهذا فإن القواعد تعتبر دساتير للتفقه لا نصوص للقضاء , وتاريخ القضاء والمفتيين ثري بالقواعد الفقهية المقرونة بفتاواهم أو قضاياهم .

    يقول القرافي رحمه الله : " إن القواعد ليست مستوعبة في أصول الفقه بل للشريعة قواعد كثيرة جداً عند أئمة الفتوى و القضاء لا توجد في كتب أصول الفقه أصلاً ".


    =================

    المصدر: القواعد الفقهية الكبرى وما تفرع عليها , صالح بن غانم السدلان.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    القواعد الفقهية Empty رد: القواعد الفقهية

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس مايو 16, 2013 5:32 am

    الفرق بين القاعدة والضابط


    القاعدة : بمعنى الضابط في الأصل ، لكن يميز العلماء بين القاعدة والضابط .

    عملياً وفي القرون الأخيرة بأن القاعدة تحيط بالفروع والمسائل في أبواب فقهية مختلفة ، مثل قاعدة " الأمور بمقاصدها" فإنها تطبق على أبواب العبادات ، والجنايات ، والعقود ، والجهاد ، والأيمان ، وغيرها من أبواب الفقه .

    أما الضابط فإنه يجمع الفروع والمسائل من باب واحد من الفقه ، مثل

    "لا تصوم المرأة تطوعاً إلا بإذن الزوج أو كان مسافراً "

    ومثل "أيما إهاب دُبغ فقد طَهُر"

    وهو نص حديث شريف ، ومثل "كل ماء مطلق لم يتغير فهو طهور"

    ومثل "الكفار مخاطبون بفروع الشريعة" عند الشافعية.

    ومثل "الإسلام يجبُّ ما قبله في حقوق الله.

    دون ما تعلق به حق آدمي كالقصاص وضمان المال ".

    يقول السيوطي : " لأن القاعدة تجمع فروعاً من أبواب شتى ، والضابط يجمع فروعَ بابِ واحد".

    ويقول أبو البقاء بعد تعريف القاعدة : "والضابط يجمع فروعاً من باب واحد".

    وإن هذا التفريق بين القاعدة والضابط عند معظم العلماء فقط ، كما أنه ليس تفريقاً حتماً جازماً ، فقد يذكر كثير من العلماء قواعد فقهية ، وهي في حقيقتها مجرد ضابط .
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    القواعد الفقهية Empty رد: القواعد الفقهية

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس مايو 16, 2013 5:32 am

    الفرق بين القواعد والنظريات


    قلنا : إن الفقه الإسلامي بدأ بالفروع والجزئيات في التدوين ، ثم انتقل إلى التقعيد بإقامة الضوابط الفقهية والقواعد الكلية.


    وهذه الضوابط والقواعد مرحلة ممهدة لجمع القواعد المتشابهة ، والمبادئ العامة ، لإقامة نظرية عامة في جانب من الجوانب الأساسية في الفقه ، ولكن الظروف التي مرت بالأمة الإسلامية ، وأحاطت بالاجتهاد والمجتهدين والعلماء ، أوقفت العمل عند مرحلة القواعد ، إلى أن ظهرت في هذا القرن النهضة الفقهية والدراسات المقارنة ، وشرع العلماء في صياغة النظريات الأساسية في الفقه الإسلامي ، مثل : نظرية العقد ، ونظرية الملكية ، ونظرية الأهلية ، ونظرية الفساد ، ونظرية البطلان ، ونظرية الشروط المقترنة بالعقد ، ونظرية العقد الموقوف ، ونظرية الضرورة ، ونظرية الضمان ، ونظرية الإثبات ، ونظام الحكم في الإسلام ، ونظام المال في الإسلام ، ونظرية التكافل الاجتماعي ، ونظام الجهاد ، وغيرهما ، مما يتيح للباحث أو الدارس أن يحصل على منهج الإسلام العام ، وآراء الفقهاء في كل جانب من جوانب التشريع الأساسي في الإسلام.


    والفرق بين القواعد الفقهية وبين النظريات أن القواعد إنما هي ضوابط وأصول فقهية تجمع الفروع والجزئيات ، ويعتمد عليها الفقيه والمفتي في معرفة الأحكام الشرعية.


    أما النظريات الفقهية فهي دساتير ومفاهيم كبرى تشكل نظاماً متكاملاً في جانب كبير من جوانب الحياة والتشريع ، وأن كل نظرية تشمل مجموعة من القواعد الفقهية .

    كما تقوم النظرية على أركان وشروط ومقومات أساسية ، وكثيراً ما تخلو من بيان الأحكام الفقهية ، أما القواعد فلا يوجد لها أركان وشروط ، وتنطوي على عدد كبير من الأحكام الفقهية والفروع والمسائل.


    مثال القواعد " الفقهية " العبرة في العقود للمقاصد والمعاني ، لا للألفاظ والمباني " التي تفسر صيغة العقد ، وموضوعه ، لتحديد الآثار المترتبة عليه.
    ومثال النظريات الفقهية (نظرية العقد) التي تتناول جميع العقود الشرعية في مختلف أحكامها وأطرافها من التعريف والأركان والشروط والآثار ، وموقع العقد بين مصادر الالتزام الأخرى.


    والخلاصة : أن القواعد واسطة بين الفروع والأصول ، أو هي واسطة بين الأحكام والنظريات.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    القواعد الفقهية Empty رد: القواعد الفقهية

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس مايو 16, 2013 5:33 am

    نبذة تاريخية عن ظهور القواعد الفقهية


    بدأ التشريع الإسلامي في العهد النبوي ، ومع نزول القرآن الكريم ، وبيانه في السنة النبوية ، لمعرفة أحكام الشرع في جميع شؤون الحياة.


    ثم بدأت الحركة الفقهية بالظهور بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وقام الصحابة والتابعون ، ومن بعدهم الأئمة والمجتهدون والعلماء والفقهاء باستنباط الأحكام الفقهية من المصادر الشرعية.


    وشمروا عن سواعدهم لاستخراج حكم المسائل والقضايا من الكتاب الكريم.


    والسنة الشريفة ، والاجتهاد بواسطة بقية المصادر ، لاعتقادهم أن لكل قضية أو أمر من أمور الدنيا حكماً لله تعالى ، وأنهم المكلفون ببيان هذه الأحكام ، ومسؤولون أمام الله تعالى عن ذلك.


    فإذا حدث أمر ، أو طرأت حادثة ، أو أثيرت قضية ، أو وقع نزاع ، أو استجد بحث ، رجع الناس والحكام إلى العلماء والفقهاء والمجتهدين لمعرفة حكم الله تعالى في ذلك ، وأحسَّ العلماء بواجبهم نحو هذه الأمانة والمسؤولية الملقاة على عاتقهم ، فنظروا في كتاب الله ، فإن وجدوا فيه نصاً صريحاً بينوه للناس ، وإن لم يجدوا رجعوا إلى السنة دراسة وبحثاً وسؤالاً ، فإن وجدوا فيها ضالتهم المنشودة أعلنوها ووقفوا عندها ، وإن لم يجدوا نصاً في كتاب ولا سنة شرعوا في الاجتهاد وبذل الجهد والنظر في الكتاب والسنة وما يتضمنان من قواعد مجملة ، ومبادئ عامة ، وأحكام أصيلة.


    ومن إحالة صريحة أو ضمنية إلى المصادر الشرعية الأخرى ، ويعملون عقولهم في فهم النصوص وتفسيرها ، وتحقيق مقاصد الشريعة ، وأهدافها العامة ، ليصلوا من وراء ذلك إلى استنباط الأحكام الفقهية وبيان الحلال والحرام ، ومعرفة حكم الله تعالى.


    وتكوَّن من عملهم مجموعة ضخمة من الأحكام الشرعية والفروع الفقهية ، وقاموا بواجبهم أحسن قيام في مسايرة التطور ، ومواكبة الفتوح ، ورسم المنهج الإلهي في حياة الفرد والمجتمع والدولة ، لتبقى مستظلة بالأحكام الشرعية في كل صغيرة أو كبيرة.


    ويظهر من ذلك أن الفقه الإسلامي بدأ من الفروع والجزئيات ، واستمر على هذا المنوال طوال القرن الهجري الأول ، وظهر خلال القرن الثاني عوامل جديدة ، وطرق مختلفة ، وتطورات ملموسة ، منها ظهور الفقه الافتراضي الذي اتجه إلى مسابقة الزمن ، واستباق الحوادث ، وافتراض القضايا ، وما يستجد من المسائل ، لبيان أحكامها الشرعية ، كما ظهر أئمة المذاهب الذين دونوا أحكامهم ، وتميزت اجتهاداتهم.


    وتحددت قواعدهم وأصولهم في الاستنباط والاجتهاد ، واستقل كل مذهب بمنهج معين في بيان الأحكام ، معتمدين على القواعد والأصول التي يسيرون عليها.


    وهنا برزت للوجود ثلاثة أنواع من القواعد ، وهي :


    1 - قواعد الاستنباط والاجتهاد ، وهي السبل التي يعتمد عليها المجتهد ، ويستعين بها في معرفة الأحكام من المصادر ، وهي قواعد علم أصول الفقه.


    2 - قواعد التخريج ، التي وضعها العلماء لرواية الأحاديث ، وتدوين السنة ، وضبط الروايات ، وقبول الأسانيد ، والحكم عليها بالصحة أو الضعف ، والجرح والتعديل ، للاعتماد على الصحيح في الاجتهاد والاستنباط ، وترك الضعيف ، وتجنب الواهي ، والحذر من الموضوع ، وهذه القواعد هي : مصطلح الحديث ، أو أصول الحديث ، أو قواعد التحديث .

    3 - قواعد الأحكام ، وهي القواعد التي صاغها العلماء ، وبخاصة أتباع الأئمة ومجتهدو المذاهب ، لجمع الأحكام المتماثلة ، والمسائل المتناظرة ، وبيان أوجه الشبه بينها ، ثم ربطها في عقد منظوم ، يجمع شتاتها ، ويؤلف بين أجزائها ، ويقيم صلة القربى في أطرافها ، لتصبح عائلة واحدة ، وأسرة متضامنة ، وهي القواعد الكلية في الفقه الإسلامي ، أو القواعد الفقهية.


    يحدثنا الإمام القرافي عن وجود هذه القواعد فيقول :


    "إن الشريعة المحمدية اشتملت على أصول وفروع ، وأصولها قسمان :


    أحدهما : المسمى بأصول الفقه ، وهي في غالب أمره ليس فيها إلا قواعد الأحكام الناشئة عن الألفاظ العربية ، وما يعرض لتلك الألفاظ من النسخ
    والترجيح ، ونحو : الأمر للوجوب ، والنهي للتحريم . . إلخ.


    والقسم الثاني : قواعد كلية جليلة ، كثيرة العدد ، عظيمة المدد ، مشتملة على أسرار الشرع وحِكَمه لكل قاعدة من الفروع في الشريعة ما لا يحصى ، ولم يذكر منها شيء في أصول الفقه ، وإن كان يشار إليها هناك على سبيل الإجمال ، ويبقى تفصيله لم يتحصل . . ".
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    القواعد الفقهية Empty رد: القواعد الفقهية

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس مايو 16, 2013 5:33 am

    منهج الفقهاء في تناول محتويات القواعد موضوعاً :
    الفريق الثاني



    وتتمثّل في كتب تحمل اسم القواعد ، غير أنّها في حقيقة أمرها عبارة عن تقسيمات وضوابط أساسيّة فقهيّة ومذهبيّة أو مجموعة فوائد فرعيّة لم تظهر في صياغة القواعد بالمعنى السّالف البيان إلاّ في مواضع تجمع فروعا من أبواب شتىّ ، منها على سبيل المثال :

    (تقرير القواعد وتحرير الفوائد ) لأبي الفرج عبد الرّحمن بن رجب الحنبلي (ت: 795 ه) المشتهر ب(القواعد) لابن رجب ؛ فقد احتوى كتابه على ستين و مائة (160) قاعدة ، ثمّ ألحق بها إحدى وعشرين (21) فائدة .

    ويظهر منهجه في تقرير القاعدة بوضع موضوع فقهي تحتها ، ثمّ يتعرّض له بإسهاب في الشرح ، ويذكر جملة من الفروع والأمثلة الفقهية التي يراها تندرج تحتها ، ولا تتعدّى كلّ قواعده إلى مختلف المذاهب .

    بل هي خاصة بالمذهب الحنبلي ؛ لأنّ غرضه من ذلك هو ضبط أصول المذهب على ما صرّح به المصنّف في مقدّمة كتابه حيث يقول : ( فهذه قواعد مهمّة ، وفوائد جمّة ، تضبط للفقيه أصول المذهب ، وتطلعه من مآخذ الفقه على ما كان عنه قد تغيب ، وتنظّم له منثور المسائل في سلك واحد ، وتقيّد له الشوارد ، وتقرّب عليه كلّ متباعد ) .


    وقد أدخل ابن رجب في قواعده موضوعات فقهيّة دمجها مع القواعد ؛ كأحكام القبض في العقود ، وأنواع الملك ، وأقسام الأيدي المستولية على مال الغير .


    ( إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك ) لأبي العباس أحمد بن يحيى الونشريسي المالكي (ت : 914 ه) فقد اشتمل كتابه على ثمانية عشرة ومائة (118) قاعدة ، غالبها في الواقع ضوابط فقهيّة تخدم المذهب المالكي ، صيغت صياغة دقيقة ، كلّها من قواعد الخلاف مصوغة بطريق الاستفهام ، مثل ( الموجود حكما هل هو كالموجود حقيقة ) ، ( الشفعة هل هي بيع أو استحقاق ) .

    (الكلّيات في الفقه ) لمحمّد بن عبد الله الشهير بالمكناسي المالكي (ت: 758 ه) الّذي جمع الضوابط الفقهيّة فيه واقتص أثر أبي عبد الله المقّري (ت: 758 ه) حيث إنّ له كتابا يحمل العنوان نفسه ..

    (الفوائد الزينيّة في فقه الحنفيّة ) للإمام زين الدين بن إبراهيم بن نجيم الحنفي (ت:970 ه) اشتمل الكتاب على خمسمائة ضابط بصورة مستقلّة ، وإن تخلّلها تارة قواعد فقهية بالمعنى الإصطلاحي .


    (الفرائد البهيّة في القواعد والفوائد الفقهية ) للشّيخ محمود حمزة مفتي دمشق (ت: 1305 ه )والكتاب خليط من القواعد والضّوابط الفقهيّة يغلب عليه عدد وافر من الفروع الفقهيّة ، مستقلّة مدرجة تحت عنوان (فائدة) ، بل يلاحظ في بعض المواضع خلوّها من ذكر أية قاعدة ، كما هو واضح في باب (مسائل الإجارة ) و (مسائل اللقطة ) ، وقد أومأ المصنّف إلى هذا المعنى بقوله : (.. فوجب تقريب الطريق للوصول إلى أجوبة النّوازل برعاية الضّوابط والقواعد ، وتسهيل المسالك على السّالك ، بتحرير الفوائد وحذف الزوائد ) .

    وعلى هذا النمط تناول معظم الأبواب الفقهيّة .
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    القواعد الفقهية Empty رد: القواعد الفقهية

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس مايو 16, 2013 5:33 am

    منهج الفقهاء في تناول محتويات القواعد موضوعاً :
    الفريق الثالث


    كتب ليست من القواعد الفقهيّة الخالصة ، وإنّما أدمجت مع القواعد الأصولية أو مع موضوعات فقهيّة أو عقائدية ، ويأتي في طليعتها المصنّفات الأصوليّة الّتي أدرجت معها جملة من القواعد الفقهيّة :

    (تأسيس النّظر ) للقاضي أبي زيد الدّبوسي (ت:420 ه) ومعظم قواعده مذهبيّة ، ولم يصرّح بها أئمة المذاهب ، وإنّما صاغها الفقهاء بناء على فروع المذاهب ، وقد أورد فيه مبحث الاحتجاج بمذهب الصحابي ومبحث دلالة الخاص على العام ، وغيرها من المباحث الأصوليّة الّتي وقع فيها الاختلاف بين علماء الحنفيّة الأوائل ، ثمّ بينهم وبين مالك والشافعي .


    (تخريج الفروع على الأصول) لشهاب الدّين محمود بن أحمد الزّنجاني (ت: 656 ه) ، الّذي بيّن فيه علاقة الفروع الفقهيّة بأصولها وضوابطها من القواعد ، ويذكر القاعدة الأصولية والضّابط الفقهي ، ثمّ يأتي بالخلاف فيه ، ويفرّع المسائل على مذهبي الشّافعي وأبي حنيفة ، مع بيان الأصل الذي تردّ إليه كلّ مسألة خلافيّة فيهما ، وقد أومأ المصنّف إلى ذلك بقوله : ( فبدأت بالمسألة الأصوليّة التي تردّ إليها الفروع في كلّ قاعدة و ضمّنتها ذكر الحجّة الأصوليّة من الجانبين ، ثمّ رددت الفروع الناشئة منها إليها ، فتحرّر الكتاب مع صغر حجمه حاويا لقواعد الأصول ، جامعا لقوانين الفروع ) . .

    (أنوار البروق في أنواء الفروق ) للإمام شهاب الدّين أحمد بن إدريس القرافي المالكي (ت: 684 ه) ، حيث أدخل في مؤلّفه مباحث فقهيّة وعقائديّة كما سيأتي ، فأورد مجموعة كثيرة من القواعد الأصوليّة كقاعدة (الواجب المخير) .

    وقاعدة (إقتضاء النّهي الفساد) ، وقاعدة ( الشّرط والمانع ) ، وغيرها من القواعد .

    (التمهيد في تخريج الأصول على الفروع) لجمال الدّين عبد الرّحيم بن الحسن الإسنوي الشّافعي (ت:772 ه) وهو كتاب في علم أصول الفقه مشحون بالفروع الجزئيّة ، اقتصر المؤلّف فيه على بيان القواعد الأصوليّة عند الجمهور أو بالأحرى عند الشّافعيّة مع بعض الإشارات إلى المذهب الحنفي ، والمتتبّع لمعظم مسائله الفقهيّة يجدها مرتّبة على القاعدة الأصوليّة تدور جزئيّاتها على الطّلاق وألفاظه ، الأمر الّذي لم يجلّ فيه أثر الأصول بصورة واضحة على أبواب الفقه الواسع .

    هذا ، ومن بين القواعد الفقهيّة الّتي نثرها الإسنوي في هذا الكتاب ، قاعدة: (إعمال الكلام أولى من إهماله ) .

    وقاعدة : ( التأسيس خير من التوكيد ) ، وقواعد أخرى .


    أمّا المصنّفات الّتي أدخلت ضمنها موضوعات فقهيّة أو عقائديّة ؛ فمنها :


    (القواعد النّورانية الفقهيّة ) لشيخ الإسلام تقيّ الدّين أبي العبّاس أحمد بن تيمية (ت:728 ه) حيث رتّب كتابه حسب الترتيب المعهود في الموضوعات الفقهيّة ، وذكر في كلّ موضوع منها القواعد والضّوابط الّتي تحكمها ، واختلاف مذاهب الفقهاء ، مع الاستدلال لكلّ مذهب وما يتفرّع عن ذلك من مسائل فقهية يفيض في ذكرها أحيانا ، كما يبيّن القواعد في العديد من المواطن بصورة غير مباشرة عند مناسبات مختلفة .


    فالحاصل أن الطّابع العامّ للكتاب يظهر تعرّض المصنّف للمسائل الخلافيّة من عبادات ومعاملات بالبحث الموسع مقرونا بالأدلّة والمناقشة ، وإن تخلّله بعض القواعد الفقهيّة المهمّة إلا أنّه لا يتراءى فيه النّمط المألوف في تقرير القواعد ، فهو بالكتب الفقهيّة أشبه ، وقد احتوى الكتاب على طائفة من القواعد والضّوابط والشّروط الّتي لا يسمّى أكثرها قواعد ، وممّا أومأ إليه المصنّف :


    ( إذا تعذّر جمع الواجبين قدّم أرجحهما ، وسقط الآخر بالوجه الشّرعي ) .


    (إنّ المشكوك في وجوبه لا يجب فعله ، ولا يستحبّ تركه ، بل يستحبّ فعله احتياطا ) .


    (كلّ ما كان حراما بدون الشّرط ، فالشّرط لا يبيحه ؛ كالربا ، والوطء في ملك الغير ، وكثبوت الولاء لغير المعتق ، وأمّا ما كان مباحا بدون الشرط ، فالشّرط يوجبه كالزّيادة في المهر والثّمن والرّهن ، وتأخير الاستيفاء ) .


    هذا ، وجدير بالملاحظة والتنبيه أنّ الكتاب وإن سمّى بعض القواعد والأصول ؛ فإنّما يعني بالأصول : العبادات الشرعيّة المعروفة كالصّلاة والزّكاة والصّيام والحجّ ، لكلّ واحد منها أصل ، أمّا القواعد فأطلقت على خمس وهي :


    القاعدة الأولى : في صيغ العقود .


    القاعدة الثانية : في المعاقد حلالها وحرامها .


    و الثّالثة : في العقود والشروط فيها .


    والرّابعة : في الشّرط المتقدّم على العقد .


    والخامسة : في الأيمان والنذور .

    (المنثور في القواعد ) للإمام بدر الدّين محمّد بن بهادر بن عبد الله الزّركشي الشّافعي (ت:794 ه) فقد جمع فيه المؤلّف القواعد والضّوابط الفقهيّة المقررة ، مع تحرير فروع المذهب الشّافعي ، كما أدخل فيه موضوعات فقهيّة هامّة تحت عنوان قاعدة ، وأبوابا فقهيّة مستقلّة مع البيان والتمحيص وذكر الضّوابط لها ، والتّنبيهات عليها كأحكام الفسخ وأحكام النيّة وجلسات الصّلاة وأحكام الدّين .
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    القواعد الفقهية Empty رد: القواعد الفقهية

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس مايو 16, 2013 5:34 am

    منهج الفقهاء في تناول محتويات القواعد موضوعاً :
    الفريق الرّابع




    كتب لم تتضمّن قواعد فقهيّة بالمعنى الاصطلاحي للكلمة ، بل يهدف مؤلّفوها إلى الجمع بين قاعدتين متشابهتين ، مع بيان الفرق الواقع بينهما ؛ ليتمّ تفريع المسائل عليهما ، فمن أجلّ المصنّفات بهذا المعنى وأغزرها مادّة ما يأتي :

    (أنوار البروق في أنواء الفروق) للإمام شهاب الدين القرافي (ت:684 ه) المشتهر ب(فروق القرافي) ، ضمّن مؤلّفه خمسمائة وثمانية وأربعين قاعدة ، مع إيضاح كلّ قاعدة بما يناسبها من الفروع .

    بعدما كانت مفرّقة في أبواب الفقه من كتابه (الذخيرة) وجمعها في مؤلّف مستقلّ ، وزاد في تلخيصها وبيانها والكشف عن أسرارها وحكمها ، وأضاف إليها قواعد ليست في (الذخيرة) ، وتمثّل منهجه في استنباط الفرق بين قاعدتين ليتمّ تحقيقهما ، حيث إنّ تحقيقهما بالسؤال عن الفرق بينهما أولى من تحقيقهما بغير ذلك .

    غير أنّ هذه القواعد تبقى في الغالب الأعم في معنى الأحكام الأساسية في كلّ موضوعين متشابهين ليتجلّى الفرق بينهما ، مثل قاعدة : (الإنشاء والخبر) وقاعدة : ( المعاني الفعليّة والحكميّة ) ، والفرق بين (المشقّة المسقطة للعبادة والّتي لا تسقطها ) .

    وغيرها ممّا لا يظهر فيه المعنى المحدّد في الاصطلاح ؛ لأنّ مفهوم (القاعدة) أوسع عنده ، فهو يطلقها على ضوابط وأحكام أساسيّة أيضا .

    أمّا القواعد الفقهيّة بالمعنى الاصطلاحي ؛ فهي متناثرة في فصول مختلفة من الكتاب ، تظهر عند تعليل لعض الأحكام أو مناقشة توجيه الآراء الفقهيّة .

    هذا ؛ وقد أدرج المؤلّف في كتابه كثيرا من القواعد الأصوليّة ، كما احتوى مؤلّفه على بعض المباحث الفقهيّة والعقائديّة دمجها تحت عنوان ؛ (القواعد) ، مبرزا الفرق بينهما ، كالفرق بين قاعدة: (خيار المجلس) وقاعدة: ( خيار الشرط ) ، والفرق بين قاعدة: ( الصّلح ) وغيره من العقود ، والفرق بين قاعدة ( الغيبة والنميمة ) ، وقاعدة : (الحسد والغبطة ) ، وقاعدة : ( الطّيرة والفأل ) .

    ( الإعتناء في الفرق والاستثناء ) لبدر الدّين بن محمّد بن أبي بكر البكري الشّافعي (المتوفّى في الرّبع الأوّل من القرن التاسع الهجري ) ، وقد ذكر المؤلّف في طليعة الكتاب سبب تصنيفه ومنهجه فيه حيث يقول : ( .. فشرعت في جمع هذا الكتاب مختصرا من كلام ذوي الألباب ، قليل حجمه ، كثير فوائده ، وقد أوضحته بحيث لا يشكل على منتهي و يعجم على مبتدي ، لكي يرغب فيه طالب ذكيّ يفهم ما لخّصته لطالبه ، وقد جعلته قواعد أصليّة ستّمائة ، جمعتها كليّة ، وأحرجت من كلّ قاعدة فوائد جليّة تعكس على أصلها بقدر فهمي لها ) .

    ، فكان يذكر القواعد مرتّبة على الأبواب الفقهيّة ، ويستثني من كلّ قاعدة مسائل بعددها ، ثمّ يذكر الفرق إن وجد .

    والكتاب قيّم ، مليء بعلم منظّم ومنسّق ، حافل بالقواعد الفقهيّة التي يعدّ جلّها – عند الإمعان – ضوابط فقهيّة ، وإن لم يغب عن بعضها المعنى الجامع للقواعد الفقهيّة ، لأنّ غرض المصنّف من وراء تسمية الكتاب بهذا العنوان ؛ هو التنبيه إلى التحرير الدقيق للضّوابط الفقهيّة التي وضعها ، وإبراز الفروق التي تختلف بها الفروع وتتميّز بها المسائل وبيان المستثنيات الخارجة عن تلك الضّوابط .

    هذا ؛ وتصبّ داخل هذه الزمرة مجموعة كتب الفروق الأخرى مرتّبة بحسب وفيات أصحابها منها :

    (الفروق في فروع الشّافعيّة ) لأبي عبد الله محمّد بن علي بن حكيم التّرمذي الشّافعي (ت :255 ه) .

    (الفروق) لأبي العبّاس أحمد بن عمر بن سريج الشّافعي (ت: 306 ه) .

    (الفروق) لأبي الفضل محمّد بن صالح المعروف بالكرابيسي الحنفي (ت : 322 ه) .

    (فروق مسائل مشتبهة في المذهب ) لأبي القاسم عبد الرّحمن بن علي الكناني ، المشهور بابن الكاتب (ت: 408 ه ) .

    (الفروق في مسائل الفقه) للقاضي عبد الوهاب بن نصر المالكي (ت : 422 ه) .

    (الفروق) لأبي محمّد بن يوسف ابن حيويه الجويني الشّافعي (ت :438 ه ) .

    (الأجناس والفروق ) لأبي العبّاس أحمد ابن محمّد النّاطفي الطّبري الحنفي (ت:446 ه) .

    (النّكت والفروق لمسائل المدوّنة) لأبي محمّد عبد الحقّ بن محمّد بن هارون الصّقلي المالكي (ت: 466 ه) .

    (مطالع الدّقائق في تحرير الجوامع والفوارق ) لأبي محمّد عبد الرّحيم بن الحسن الإسنوي الشّافعي (ت: 772 ه) .

    (الفروق) لأبي عبد الله محمّد بن يوسف العبدري المواق الغرناطي المالكي (897 ه) .

    ( عدة البروق في جمع ما في المذهب من الجموع والفروق ) لأبي العبّاس أحمد بن يحيى الونشريسي (ت : 914 ه) .
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    القواعد الفقهية Empty رد: القواعد الفقهية

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس مايو 16, 2013 5:34 am

    منهج الفقهاء في تناول محتويات القواعد موضوعاً :
    الفريق الخامس




    كتب ليست في القواعد الفقهيّة ، وإنّما أضيفت لعلم القواعد الفقهيّة تسمية ؛ إمّا لاحتوائها على قواعد قليلة منتشرة في ثنايا كتبهم لا تخرج عن القاعدة الأساسيّة ، وإمّا لكونها تحمل اسم القواعد أو القوانين ولا صلة لها بهذا الفنّ .


    ومثال النّوع الأوّل كتاب :


    (قواعد الأحكام في مصالح الأنام ) لعزّ الدّين بن عبد السلام السّلمي الشّافعي (ت : 660 ه ) ، وهو كتاب يشتمل على فصول فقهيّة تندرج تحتها أحكام مفصّلة ، استقلّ في موضوعه عن غيره من الفقهاء المؤلّفين في هذا الفنّ ، والكتاب لا نظير له في بابه ، قسمه إلى موضوعات فقهيّة وأخلاقيّة وعقديّة ، يربط كلّ فروعه برباط وثيق الصّلة بينها جميعا ، ومردّه إلى القاعدة الشرعيّة الأساسيّة : ( درء المفاسد وجلب المصالح ) ، أمّا القواعد الفقهيّة المتناثرة في مواضيع كثيرة من الكتاب ؛ فمرجعها إلى هذه القاعدة العامّة .


    والجدير بالملاحظة أنّ المؤلّف لم يكن غرضه من وضع قواعده الفقهيّة : هو جمعها والتّنسيق بينها على النّمط الاصطلاحي المعهود ، وإنّما قصده من ذلك : هو ما أفصح عنه بقوله : ( الغرض بوضع هذا الكتاب بيان مصالح الطّاعات والمعاملات وسائر التّصرّفات لسعي العباد في تحصيلها وبيان مقاصد المخالفات لسعي العباد في درئها ، وبيان مصالح العبادات ليكون العباد على خبر منها ، وبيان ما يقدّم من بعض المصالح على بعض ، وما يؤخّر من بعض المفاسد على بعض ، وما يدخل تحت اكتساب العبيد مما لا قدرة لهم عليه ولا سبيل لهم إليه ) .

    والمؤلّف وضع القواعد المصلحيّة في مباحث وفصول مختلفة وعالجها معالجة قويمة ، وكشف من خلالها على أسرار التشريع وحكمه لذلك فالكتاب حريّ أن يدرج ضمن مصنّفات مقاصد الشريعة الإسلاميّة لا مع كتب القواعد الفقهيّة .


    (القوانين الفقهيّة في تلخيص مذهب المالكيّة ) .


    للإمام أبي القاسم محمّد بن أحمد ابن جزي الغرناطي المالكي ( ت: 741 ه) .


    فإنّ عنوان الكتاب وتسميته بالقوانين ؛ يوحي بوجود علاقة وطيدة بعلم قواعد الفقه ، ولكنّه عند التحقيق لا صلة له البتّة في مضمونه بالقواعد الفقهيّة ، إذ لا يخرج عن كونه كتابا فقهيا يتضمّن تلحيصا لمذهب مالك ، والإشارة إلى مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد – رحمهم الله تعالى .

    كما يذكر المسائل والأقوال غير مقرونة بأدلّتها مبتدئا بمذهب مالك ثمّ يتبعه بالمذاهب الأخرى ، وافتتح كتابه بعشرة أبواب في العقائد وأعقبه بنفس التّقسيم العددي للأبواب في المسائل الفقهيّة .

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    القواعد الفقهية Empty رد: القواعد الفقهية

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس مايو 16, 2013 5:34 am

    ظاهرة التكرار في كتب القواعد الفقهية، بين التنويع، والتشتيت.
    إن التكرار في كتب القواعد الفقهية ليس خافياً على دارس هذا الفن، ومن يدقق النظر في بعض الكتب المؤلفة فيه؛ يجد فيها كثيراً من القواعد المتفقة أو المتقاربة في المعنى، ويدل لذلك تشابه الفروع المذكورة تحت هذه القواعد.


    والأصل أن التكرار -في كتب القواعد وغيرها- مرغوب عنه لأمور:


    1- أنه يضخم حجم الكتاب.


    2- أنه يشتت القارئ ويتعبه حيث يظن أن القاعدتين مختلفتان؛ فيظل يبحث عن فرق بينهما وهما في الواقع متقاربتين أو لهما نفس المدلول.


    3- يفوت الاهتمام بلب هذا العلم وخلاصته والتركيز على القواعد الأساسية فيه، ويشغل الطالب والباحث بالبحث في ألفاظه وصيغه.


    لكنَّ له فوائد، خاصةً وأنه -في الغالب- ليس تكراراً لفظياً محضاً بل مع تنوع الصيغ واختلاف العبارات، فمن فوائده:


    1- مراعاة أفهام الدارسين ومستويات القُرَّاء، فقد لا يفهم الدارس أو القارئ مدلول القاعدة بصيغة ويفهمها بأخرى.


    2- تسهيل تطبيق القواعد على الفروع الفقهية لأن بعض الصيغ أقرب إلى بعض الفروع من بعض، فقد يمر بك فرع ولا يظهر لك دخوله في قاعدة بصيغة معينة لها،ولكن إذا تذكرت صيغة أخرى لنفس القاعدة ظهر لك اندراج هذا الفرع في تلك القاعدة.


    كما لو سألك رجل بأنَّ في ذهنه أنه أراد أن يقترض من رجل معين مالاً ثم نسي هل أخذ منه أم لا؟ فتقول له :"اليقين لا يزول بالشك" فلا يدرك علاقة سؤاله بالقاعدة التي ذكرت فتذكر له قاعدة فرعية لهذه القاعدة تشترك معها في المعنى العام وهي قاعدة "الأصل براءة الذمة" فيفهم أن المراد أن ذمته بريئة حتى يتيقن شغلها بالدين فأنت ترى أن هذه القاعدة كانت أظهر في الدلالة على ذلك الفرع مع أن القاعدتين متقاربتان في المدلول وتذكر تحتها فروعاً متشابهة، وإن كانت قاعدة " اليقين لا يزول بالشك" قاعدة كلية كبرى والأصل براءة الذمة قاعدة فرعية مندرجة تحتها.
    سأذكر -بإذن الله- نماذج من القواعد الفقهية المكررة في كتاب واحد، والكتاب الذي وقع عليه الاختيار هو: "إيضاح المسالك إلى قواعد الإمام مالك" للعلامة الونشريسي ت 914هـ، وإنما اخترت هذا الكتاب -مع وجود التكرار في غيره من كتب الفن- لأمرين:


    1- أني -في هذه الأيام- مشتغل بمطالعته ومطالعة ما يتعلق به من دراسات ككتاب الغرياني النفيس: (تطبيقات قواعد الفقه عند المالكية من خلال كتاب "إيضاح المسالك للونشريسي" و"شرح المنهج المنتخب للمنجور").


    2- أن محققه العلامة الصادق الغرياني –حفظه الله- قد أشار إلى وجود تكرار فيه، وضرب لذلك أمثله في مقدمة تحقيقه للكتاب ص 43.
    وسأذكر إن شاء الله بعض هذه القواعد، فمن القواعد التي ذكرها الغرياني:


    1- المعدوم معنى هل هو كالمعدوم حقيقة أم لا (الإيضاح ص 116)، وقاعدة النهي هل يصير المنهي عنه كالعدم أم لا(الإيضاح ص 157).


    2- قاعدة الموجود شرعا هل هو كالموجود حقيقة أم لا(الإيضاح ص 58)، مع قاعدة : الموجود حكماً هل هو كالموجود حقيقة أم لا،(الإيضاح ص 139)، انظر مقدمة الغرياني لإيضاح المسالك ص 43.


    3- ومن المكرر أيضاً: قاعدة : "إذا تقابل مكروهان أو محظوران أو ضرران ولم يمكن الخروج عنهما وجب ارتكاب أخفهما (الإيضاح ص 95) مع قاعدة:"إذا اجتمع ضرران أسقط الأصغر الأكبر" (الإيضاح ص 158).
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    القواعد الفقهية Empty رد: القواعد الفقهية

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس مايو 16, 2013 5:34 am

    فوائد القواعد الفقهية وأهميتها


    بيَّن لنا العلامة القرافي أهمية القواعد وفوائدها فقال :

    "وهذه القواعد مهمة في الفقه ، عظيمة النفع ، وبقدر الإحاطة بها يعظم قدر الفقيه ، ويشرف ، ويظهر رونق الفقه ويعرف ، ومن جعل يخرّج الفروع بالمناسبات الجزئية ، دون القواعد الكلية ، تناقضت عليه الفروع واختلفت ، واحتاج إلى حفظ الجزئيات التي لا تتناهى ، ومن ضبط الفقه بقواعده استغنى عن حفظ أكثر الجزئيات ، لاندراجها في الكليات ، واتحد - عنده ما تناقض عند غيره ، وتناسب ".

    وقال العلامة ابن نجيم مبيناً فوائد القواعد :

    "الأول : في معرفة القواعد التي تُردُّ إليها ، وفرعوا الأحكام عليها ، وهي أصل الفقه ، وبها يرتقي الفقيه إلى درجة الاجتهاد ، ولو بالفتوى".
    وممكننا أن نلخص فوائد القواعد وأهميتها بما يلي :

    1 - إن دراسة الفروع والجزئيات الفقهية يكاد يكون مستحيلاً ، بينما يدرس الطالب والعالم قاعدة كلية تنطبق على فروع كثيرة لا حصر لها ، ويتذكر القاعدة ليفرع عليها المسائل والفروع المتشابهة والمتناظرة ، ولذلك سمي هذا العلم أيضاً : علم الأشباه والنظائر.

    يقول العلامة السيوطي :

    "اعلم أن فن الأشباه والنظائر فن عظيم ، به يطلع على حقائق الفقه ومداركه ، ومآخذه وأسراره ، ويتمهر في فهمه واستحضاره ، ويقتدر على الإلحاق والتخريج ، ومعرفة المسائل التي ليست بمسطورة ، والحوادث والوقائع التي لا تنقضي على مرِّ الزمان ، ولهذا قال بعض أصحابنا : الفقه معرفة النظائر".

    فهي تسهل ضبط الأحكام الفقهية ، وحصرها ، وحفظ المسائل الفرعية وجمعها.

    2 - إن دراسة الفروع والجزئيات ، إن حفظت كلها أو أغلبها ، فإنها سريعة النسيان ، ويحتاج الرجوع إليها في كل مرة إلى جهد ومشقة وحرج.
    أما القاعدة الفقهية فهي سهلة الحفظ ، بعيدة النسيان ، لأنها صيغت بعبارة جامعة سهلة تبين محتواها ، ومتى ذكر أمام الفقيه فرع أو مسألة فإنه يتذكر القاعدة ، مثل قاعدة " لا ضرر ولا ضرار" ، أو "الضرر يزال " ، أو " يتحمل الضرر الخاص لمنع الضرر العام " ، أو "الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة".

    3 - إن الأحكام الجزئية قد يتعارض ظاهرها ، ويبدو التناقض بين عللها ، فيقع الطالب والباحث في الارتباك والخلط ، وتشتبه عليه الأمور حتى يبذل الجهد والتتبع لمعرفة الحقيقة.

    أما القاعدة الفقهية فإنها تضبط المسائل الفقهية ، وتنسق بين الأحكام المتشابهة ، وترد الفروع إلى أصولها ، وتسهل على الطالب إدراكها وأخذها وفهمها.

    4 - إن القواعد الكلية تسهل على رجال التشريع غير المختصين بالشريعة فرصة الاطلاع على الفقه بروحه ومضمونه وأسسه وأهدافه ، وتقدم العون لهم لاستمداد الأحكام منه ، ومراعاة الحقوق والواجبات فيه ، وهذا ما حققته القواعد الفقهية في مجلة الأحكام العدلية ، والتي انتقلت إلى العديد من القوانين المعاصرة.

    5 - تكوِّن القواعد الكلية عند الطالب ملكة فقهية تنير أمامه الطريق لدراسة أبواب الفقه الواسع ، ومعرفة الأحكام الشرعية في المسائل المعروضة عليه ، واستنباط الحلول للوقائع المتجددة ، والمشأكل المتكررة ، والحوادث الجديدة.

    6 - تساعد القواعد الكلية في إدراك مقاصد الشريعة ، وأهدافها العامة ؛ لأن مضمون القواعد الفقهية يعطي تصوراً واضحاً عن المقاصد والغايات ، مثل "المشقة تجلب التيْسير" ، أو "الرخص لا تناط بالمعاصي " ، أو "تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة" ، وغير ذلك من الفوائد والمنافع الي تحصل من دراسة القواعد الفقهية .
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    القواعد الفقهية Empty رد: القواعد الفقهية

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس مايو 16, 2013 5:35 am

    مناهج التأليف في القواعد الفقهية




    سلك مؤلّفو هذا الفنّ طرقا مختلفة ، ومناهج متباينة في ترتيب القواعد الفقهية شكلا ، وفي تناول محتوياتها ومضامينها موضوعا .


    فقد رتّب بعض مؤلّفي علم القواعد الفقهيّة مصنّفاتهم على الأبواب الفقهيّة والتزم آخرون الترتيب الهجائي ، وراعى فريق آخر في منهجه حجم المسائل ومقدار فروع القاعدة ، بينما اختارت جماعة منهم سلوك التّرقيم التّسلسلي كما سيأتي بيانه على الوجه التّالي:
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    القواعد الفقهية Empty رد: القواعد الفقهية

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس مايو 16, 2013 5:35 am

    منهج الفقهاء في ترتيب القواعد من الشكل


    ترتيب القواعد الفقهية حسب الأبواب الفقهيّة :

    لقد اعتمد بعض الفقهاء –من الناحية الشكليّة- ترتيب القواعد الفقهية حسب الأبواب الفقهيّة ابتداء من أبواب العبادات من: طهارة وصلاة وزكاة ... إلى آخر أبواب المعاملات.


    وقد تجلّى منهج أبي عبد الله محمّد ابن إبراهيم البقّّوري المالكي (ت:707 ه) في مسايرة هذا الترتيب في مؤلفه (ترتيب فروق القرافي) مع تلخيص قواعده ومسائله.

    وانتهجه -أيضا- أبو عبد الله المقرّي المالكي (ت:758 ه) في (قواعده) .

    وبدر الدين البكري الشافعي (المتوفىّ في الربع الأوّل من القرن التاسع) في (الإعتناء في الفرق والإستثناء).

    وأبو عبد الله محمّد عظوم المالكي (المتوفىّ في القرن التاسع) مؤلّفه (المسند المذهّب في ضبط قواعد المذهب) .

    والشّيخ محمّد حمزة الحسيني الحنفي (ت:1305) في كتابه (الفرائد البهيّة في القواعد الفقهيّة).

    الترتيب الهجائي :

    التزم بدر الدّين الزّركشي الشافعي (ت:794) في (المنثور في القواعد) التّرتيب الهجائي على حروف المعجم ، وكان له السّبق في هذه الطريقة ..

    (1) وعلى وفق هذا الترتيب الألفبائي ذيّل أبو سعيد الخادمي الحنفي (ت:1176 ه) قواعده في (مجامع الحقائق).

    والشّيخ مصطفى الزرقا في (المدخل الفقهي العام) حيث أردف شرح قواعد المجلّة بذكر إحدى وثلاثين قاعدة أخرى مرتّبة على حروف المعجم بحسب أوائل كلماتها.

    الأشباه والنظائر :

    أمّا مؤلّفو ( الأشباه والنّظائر) : تاج الدّين عبد الوهاب السّبكي الشافعي (ت:771ه) .

    وجلال الدّين السّيوطي الشّافعي (ت:911 ه).

    وزين الدّين ابن إبراهيم بن نجيم الحنفي (ت: 970 ه).

    فقد راعوا في منهجهم حجم المسائل ومقدار الفروع المندرجة تحت القاعدة من حيث العموم والشّمول ، آخذين في الإعتبار اتّفاق العلماء واختلافهم فيها ، فرتّبوا الموضوعات بحسب سعة استيعاب القاعدة للفروع الفقهيّة ومدى الاتّفاق والاختلاف عليها ما عدا ابن نجيم الحنفي ؛ فقد أسقط القواعد الفقهية الواردة بصيغة الخلاف من (أشباهه).

    الترتيب التسلسلي :

    هذا ؛ واختار أبو الفرج عبد الرّحمن بن رجب الحنبلي (ت:795 ه) في (قواعده) ، وابن عبد الهادي المقدسي الحنبلي (ت:914 ه) في (مغني ذوي الأفهام) ، وأبو العبّاس أحمد بن يحيى الونشريسي المالكي (ت:914 ه) في (إيضاح المسالك) وعموم شرّاح (مجلّة الأحكام العدلية) ترقيما تسلسليّا في جمعهم للقواعد ولم يلتزموا ترتيبا معينا .
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    القواعد الفقهية Empty رد: القواعد الفقهية

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس مايو 16, 2013 5:35 am

    منهج الفقهاء في تناول محتويات القواعد موضوعاً :
    الفريق الأول


    ويمكن جمع مؤلّفات القواعد الفقهيّة وما تناولته من محتويات ومضامين –من النّاحية الموضوعية- بحسب الاتّجاه الغالب عند مؤلّفيها إلى ستّ زمر :

    الفريق الأول :


    وهي مؤلّفات تتضمّن غالب القواعد الفقهيّة بالمعنى الحقيقي المحدّد لكلمة قاعدة من حيث إنّها : (حكم أغلبيّ ينطبق على معظم جزئيّاته لتعرف أحكامها منه ) ، لا حظ فيها مؤلّفوها الفرق والدّقة بين القواعد والضّوابط من النّاحية الاصطلاحيّة وتمسّكوا بالفرق حال التّأليف .

    ويأتي في الطّليعة ما ألّفه القاضي حسين بن محمّد المروزي الشّافعي (ت: 462 ه) حيث ردّ جميع مذهب الشّافعي إلى قواعد محصورة في أربع وهي :


    - اليقين لا يزال بالشّك .
    - المشقة تجلب التّيسير .
    - الضّرر يزال .
    - العادة محكّمة ، وقد أضاف من جاء بعده قاعدة: (الأمور بمقاصدها) إلى القواعد الكلّية الكبرى .

    ومن أشهر هذه الكتب وأكثرها انتشارا وعناية وتداولا كتابان:

    الأول : (الأشباه والنظائر ) للسّيوطي الشّافعي (ت:911 ه) .


    والثاني : لابن نجيم الحنفي (ت:970 ه) يحمل العنوان نفسه ، وقد سلك مؤلّفاهما نمط (الأشباه والنظائر) لتاج الدّين السّبكي (ت: 771 ه) ، ويؤكّده تصريح ابن نجيم بذلك حيث يقول : ( إنّ المشايح الكرام قد ألّفوا لنا ما بين مختصر ومطوّل من متون وشروح وفتاوى ، واجتهدوا في المذهب والفتوى ، إلاّ أنّي لم أر لهم كتابا يحكي كتاب تاج الدّين السّبكي الشّافعي مشتملا على فنون في الفقه ، فألهمت أن أضع كتابا على النّمط السابق ) ...

    ولا يبعد أن يكون ابن السّبكي كالعلائي (ت:716 ه) في التّسمية والنّسج على منواله ، إذ سلك في المؤلّف منهجا معينا وأوضح ما يريده بالقواعد والضّوابط والمدارك الفقهيّة ، فبدأ مؤلّفه بالقواعد الخمس الكبرى ، وأعقبها بطائفة من القواعد العامة والقواعد الخاصّة من مختلف الأبواب الفقهيّة ، فالمسائل الأصولية وما يترتّب عليها من جزئيّات فقهيّة ، ثمّ أردفها بكلمات نحويّة وما يتخرّج عليها من مسائل فقهية ونحو ذلك ممّا أفصح عنه المصنّف في مقدّمة كتابه عن منهجه ومحتويات كتابه وخطّته .


    هذا ، وكتاب (الأشباه والنظائر) للسّيوطي يشتمل على سبعة كتب بمعنى أبواب ، ذكر القواعد الخمس الكبرى في الكتاب الأوّل مؤصّلا لكلّ قاعدة مع الشّرح بالأمثلة ، وبيان ما يندرج تحتها من أبواب الفقه المختلفة وما يتفرّع على كلّ منها من قواعد فرعيّة .


    وذكر في الكتاب الثاني قواعد كليّة يتخرّج عليها ما لا ينحصر من الصّور الجزئيّة ، وهي أربعون قاعدة دون القواعد الخمس الكبرى في عمومها وشمولها ، وذكر في الكتاب الثالث: عشرين قاعدة مختلفا فيها ، أمّا بقيّة الكتب فتدور على أحكام يكثر دورها ويقبح بالفقيه جهلها ، وفي نظائر الأبواب وما افترقت فيه الأبواب المتشابهة كالفرق بين الغسل والوضوء ، والحيض والنّفاس ، واللّمس والمسّ ، والأذان والإقامة ، والإجارة والجعالة ، ثمّ في نظائر شتّى نثر بين موضوعاتها قواعد مختلفة في مسائل أصولية وفقهيّة ، كمسألة النسخ ، هل هو رفع أو بيان ؟ وهل يجوز إحداث قول ثالث في المسألة؟ ... ومجموع الكتاب يتضمّن ثلاثين ومائة (130) قاعدة كليّة وفرعية .


    أمّا كتاب ابن نجيم الحنفي (ت:970 ه) فقد استفاد من تاج الدين السّبكي (ت:771 ه) عن طريق الإمام السيوطي (ت: 911 ه) على ما صرّح به في عدّة أماكن من كتابه ... (5) ، ولذلك يسير في أغلب الأحيان على غرار (الأشباه) للسيوطي ، فقد رتّبه على سبعة فنون تناول في الفنّ الأوّل نوعين من القواعد .


    تمثّل النوع الأوّل : في القواعد الكبرى ، وزاد قاعدة سادسة على (أشباه) السّيوطي ، وهي قاعدة: ( لا ثواب إلاّ بنيّة ) ...

    ثمّ قام ببيان مع كلّ قاعدة ما يندرج تحتها من قواعد فرعيّة ، وما يدخل في كلّ قاعدة من الأبواب الفقهيّة مع إيراد الأمثلة والنّظائر .


    أمّا النوع الثاني : فخصّصه المصنّف في قواعد كليّة يتخرّج عليها ما لا ينحصر من الصّور الجزئية الّتي لا تخرج عمّا أورده الإمام السيوطي .
    وفي الفنّ الثاني تناول الفوائد في ستة وثلاثين كتابا من كتاب الطهارة إلى غاية كتاب الفرائض ..

    تخلّلتها الضّوابط الفقهيّة المذهبيّة بصورة جليّة واضحة .


    أمّا الفن الثالث : فجعله في الجمع والفرق من (الأشباه والنظائر) ....

    وجعل الفنّ الرابع في الألغاز في ثلاثة وثلاثين كتابا من كتاب الطهارة إلى الفرائض ؛ على شكل أسئلة فقهية واردة للإعجاز والتّعمية على المسؤول مع إرداف أجوبتها .


    والفنّ الخامس في الحيل ، والسادس في الفروق ، والسابع في الحكايات والمراسلات ، ويجدر التنبيه إلى أنّ الإمام ابن نجيم أسقط من (أشباهه) القواعد الخلافية ، أي: تلك الواردة بصيغة الخلاف ، في حين أثبت هذا القسم كلّ من السّبكي والّيوطي .


    وقد حظي (الأشباه والنظائر) لابن نجيم الحنفي (ت:970 ه) باهتمام كبير من العلماء شرحا وترتيبا وحاشية وتعليقا بلغ أزيد من ثلاثين مؤلّفا ...


    ويدخل ضمن هذا الفريق كتب القواعد التّالية :


    (مجامع الحقائق) لأبي سعيد الخادمي (ت:1176 ه) حيث ختم مؤلّفه الأصولي بنيف وخمسين ومائة (150) قاعدة فقهية بالمعنى المحدّد اصطلاحا لكلمة (قاعدة) في الجملة .


    (مجلّة الأحكام العدلية) بشروحها المتضمّنة لتسع وتسعين قاعدة فقهية ذات صياغة شرعية فنيّة بالمعنى الاصطلاحي المحدّد لكلمة قاعدة ، غير أنّه حصل في بعض منها شيء من التّرادف أو التّداخل مع غيرها ، الأمر الذي استوجب تصنيفها إلى صنفين :


    الصنف الأوّل : القواعد المستقلّة : وهي قواعد أساسية يعدّ كلّ منها أصلا مستقلاّ عن غيره ، غير متفرّع عن قاعدة أعمّ منه .


    الصنف الثاني : القواعد غير المستقلّة : وهي قواعد متفرّعة عن تلك القواعد الأساسيّة .


    هذا ؛ وقواعد المجلّة مأخوذة – بشكل عام – من كتب ظاهر الرواية للمذهب الحنفي ، وعند تعدّد الأقوال عند الإمام أبي حنيفة والصّاحبين اختارت المجلّة الرأيّ الموافق لحاجات العصر ومتطلّباته وما تقتضيه المصلحة العامة .


    ونظرا لأهميّة مجلّة الأحكام العدليّة ؛ فقد تولى شرحها جماعة نذكر بعض مؤلّفاتهم فيما يلي :

    1 – (مرآة مجلّة الأحكام العدلية ) للمفتي مسعود أفندي ؛ وهو شرح بالعربية على المتن التركي ، يتضمّن شرحا وجيزا لأحكام المجلّة مع بيان المآخذ والمستثنيات .


    2 – (شرح مجلّة الأحكام العدلية ) لسليم رستم باز اللبناني (ت: 1357 ه) ، وهو شرح معرىّ عن الأدلّة الشرعيّة .


    3 – ( مرآة المجلّة ) للسيّد يوسف آصاف المحامي (ت:1375 ه) .


    4 – ( درر الأحكام شرح مجلّة الأحكام ) للسيّد علي حيدر أفندي ، تعريب : المحامي فهمي الحسيني .


    5 – ( شرح المجلّة ) للشيخ سليم الأتاسي (ت: 1326 ه) ، وله استدراكات قيّمة على من سبقوه كسليم الباز وعلي حيدرأفندي .


    6 – (شرح المجلّة ) للسيد منير قاضي ( ت:1389 ه) يقع في خمسة أجزاء مبوبة بحسب المواضيع لا بحسب المواد .


    7 – ( شرح القواعد الفقهية ) للشيخ أحمد الزّرقا (ت: 1357) ، وهو شرح موجز لقواعد المجلّة ، قام بنشره ولده الأستاذ مصطفى الزرقا والتزم فيه المصنّف المذهب الحنفي في تخريجه وتمثيله .

    (المدخل الفقهي العام ) للأستاذ مصطفى ابن أحمد الزّرقا (ت:1420 ه) ، الّذي أردف قواعد المجلّة التّسع والتّسعين بإحدى وثلاثين قاعدة ، جمعها في مناسباتها المختلفة كالكتب الفقهيّة ، وبعضها عبارات مأثورة عن بعض كبار أئمّة الفقهاء خليقة بالتقعيد ، وقد ذكرها سردا مرتّبة على حروف المعجم دون شرح إلاّ بعض التّعليقات اليسيرة أحيلنا مع الإحالة على مكان وجودها .

    .
    (الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكليّة) للأستاذ محمّد صدقي بن أحمد البورنو الغزي ، الذي شرح فيه أكثر من مائة قاعدة شرحا موجزا ، ذاكرا أصل كلّ قاعدة ودليلها ومعناها اللغوي والاصطلاحي ، وما يندرج تحتها من قواعد فرعيّة ، وما يتفرّع عنها من بعض المسائل الفقهيّة ، مع بيان اختلاف المذاهب إن وجد ، ودليل كلّ مذهب ما أمكن ، وثمرته ، وبعض ما يستثنى من كلّ قاعدة ، وتوجيه الاستثناءات ومجال التّعارض والتّرجيح في ذلك .
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    القواعد الفقهية Empty رد: القواعد الفقهية

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس مايو 16, 2013 5:36 am

    منهج الفقهاء في تناول محتويات القواعد موضوعاً :
    الفريق السادس


    يتمثّل منهج التأليف في هذا الجانب بتخصيص قاعدة معيّنة بالدّراسة والبحث من بين القواعد الكبرى أو من عموم القواعد العامّة الأخرى ، ونذكر منها :
    ( الأمنية في إدراك النيّة ) للقرافي أبي العبّاس أحمد بن إدريس (ت: 684 ه ) .


    (الإخلاص والنيّة) لابن أبي الدّنيا أبي بكر عبد الله بن محمّد (ت: 281 ه) .


    (نهاية الإحكام في بيان ما للنيّة من أحكام) لأحمد بن يوسف الشّافعي (ت: 1332 ه ) .


    (الفعل الضّار والضّمان فيه) لمصطفى أحمد الزرقا .


    (الضّرورة والحاجة وآثارهما في التشريع الإسلامي) للأستاذ عبد الوهاب إبراهيم أبي سليمان .


    (التّحرير في قاعدة المشقّة تجلب التيسير) للأستاذ عامر سعيد اليباري .


    (العرف والعادة في رأي الفقهاء ) للشيخ أحمد فهمي أبي سنّة .


    (القاعدة الكليّة : إعمال الكلام أولى من إهماله ) للشّيخ محمّد مصطفى هرموش .


    (قاعدة : اليقين لايزول بالشكّ) للدّكتور يعقوب عبد الوهّاب الباحسين .



    ولا يخفى أنّ هذه الدراسات الخاصّة بقاعدة فقهيّة واحدة تعتمد أساسا على الكتب المؤلّفة في القواعد الكليّة الّتي تمدّها من غزارة المادة العلميّة والفقهيّة لتسهيل تناولها ضمن دراسات متخصّصة ودقيقة .


    هذا ؛ وقد نبّه بعض الأئمة إلى اختلاف مناهج المؤلفين في ترتيب القواعد الفقهيّة موضوعا ومضمونا ، وعدم مراعاة المعنى الاصطلاحي المحدّد لكلمة (قاعدة كليّة) ، فضلا عن دمج القواعد الفقهيّة مع غيرها من القواعد الأصوليّة والموضوعات الفقهيّة ، ومباحث المآخذ والعلل الّتي يشترك فيها طلبا لجميع المشتركات في قدر مشترك ، وإدخال مثل ذلك في القواعد يعدّ خروجا عن التحقيق ، ووفق هذا المنظور المنهجي ، قال ابن السّبكي في مجموعة فصول :

    ( وراء هذه القواعد ضوابط يذكرها الفقهاء ، وليست عندنا من القواعد الكليّة ، بل من الضّوابط الجزئيّة الموضوعة لتدريب المبتدئين ، لا لحوض المنتهين ، ولتمرين الطّالبين ، لا لتحقيق الرّاسخين ، وهي مثل قولنا : العصبة كلّ ذكر ليس بينه وبين الميّت أنثى ، الولد يتبع أباه في النسب وأمّه في الرّق ، وأنحاء ذلك ، وعندي أنّ إدخالها في القواعد خروج عن التّحقيق ولو فتح الكاتب بابها لاستوعب الفقه وكرّره وردّده وجاء به على غير الغالب المعهود والتّرتيب المقصود ، ومن النّاس من يدخل في القواعد تقاسيم تقع في الفروع يذكرها أصحابنا ، فهي أقسام كثيرة ولا تعلّق لهذا بالقواعد رأسا ، ويقرب منها تعديد فرق النّكاح وأقسام البياعات ، ومنهم من يدخل المآخذ والعلل ، ومن يعقد فصلا لأحكام الأعمى ، وآخر لأحكام الأخرص ، وهذا أيضا ليس من القواعد في شيء ، ومنهم من يشتغل بتقرير كونه مذهب الصّحابي ، والاستحسان مثلا غير حجّة ، وهذا رجل عمد إلى باب من أبواب أصول الفقه فأحبّ النّظر فيه .


    وأغراض الناس تختبف ، ولكلّ مقصد ، ولسنا ننكر على أحد مقصده ، وإنّما إدخال شيء في شيء لا يليق ، ويكبر حجم الكتب بما لا حاجة إليه ) .

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 14, 2024 7:40 pm