ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    الأدب الذي نريده ...

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الأدب الذي نريده ... Empty الأدب الذي نريده ...

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس نوفمبر 19, 2009 12:54 am

    من الحرف والكلمة .. يمتلك الأديب قدرات في الإبداع لا حدود لها فتراه يخلق عالما متكاملا من الشخصيات والأحداث عبر الزمان وباختلاف المكان وتراه يغير بكتاباته عقولا وأحداثاً هو الفاعل الأصلي فيها والمحرك الأول لاتجاهات الرأي العام حولها ومن قديم كان الشعر يقوم بهذا الدور رغم ضيق انتشاره حتى قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن من البيان لسحراً)، وماذا يصنع السحر فوق ما حققه الأدب فعلا في ملامح الحياة الإنسانية وحينما يعيش الأديب تجربة خاصة أو حتى عامة فإنه يخلق منها إبداعاً خالدا يضع هذه التجربة في ذاكرة البشرية أمداً طويلاً، وأين نحن من حروب الجاهلية وأبطالها وأسماء وأوصاف خيولها وإبلها لولا الأدب؟ وماذا كان يدرينا برجلين سعيا لوقف حرب امتدت عقودا لولا معلقة زهير التي خلدت صنيعهما وذمت الحرب.



    فالإبداع إذا معادلة بين: لغة حية لها مفردات وتراكيب تناسب كل تصوير وتجربة ملهمة حركت نفس الشاعر سواء كانت خاصة أو عامة حقيقية أم متوهمة وموهبة أدبية لها توقد وتفاعل باللغة والتجربة وثقافات مترسبة في عقليته المبدعة، وما بين أديب وأديب وما بين تجربة وتجربة يتماوج الإبداع ويتنوع الأدب حتى يغطي جمال الدنيا ويزينها إن شاء ويبقى في تراث الإنسانية ما يحقق التلاحم الحقيقي بين الأديب والمتلقي ومثلما يقول الله تبارك وتعالى: (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ)، كذلك يبقى من الأدب ما يبقى ويذهب ما يذهب وقديما قال الجاحظ: "المعاني مطروحة في الطريق يعرفها العجمي والبدوي .. لكن المسألة تكمن في الصياغة", وهي ما أسماها الجرجاني نظرية النظم فهي التي تتفاوت بها أقدار الأدباء وتتنوع كتاباتهم.



    وقد أحيا الشعراء خصوصا والأدباء عموما حوادث ومشاعر صغيرة لا يلتفت إليها كثير من الناس لكنهم خلدوها في أعمالهم فلا يكاد رجل يبيت مسهدا حتى يذكر قول الشاعر:

    وليل كموج البحر أرخى سدوله عليّ بأنواع الهموم ليبتلي

    وكم من عاشق مزق رسائل محبوبته لكن تبقى تجربة إبراهيم ناجي حية بما كتبه في قصيدته "رسائل محترقة"، وقد علمنا من ثقافة الخيول وطبائعها الكثير وعن الإبل الكثير من روائع الشعر الجاهلي وغير هذا كثير من شخوص ومواضع وحيوانات خلدها التاريخ بأقلام الشعراء والأدباء ونحن رغم كرور القرون وتباعد الدهر نجد فيما قالوه متعة وقيمة فنية حتى في أدق مشاعرهم وأخص مواقفهم الحياتية.



    الأدب بين الشكل والمضمون



    تتصور دوائر معنية بالأدب أن الإبداع له جمهوره الخاص الذي يفهم ما لا يفهمه العامة، وأن من يعشق الأدب عليه أن يتكبد عناء البحث والمعايشة ليفهم ما أراده الأديب من قصة أو قصيدة أغرقت في خصوصية قائلها وحتى مصطلحاته ومفرداته وإذا كان النقاد منذ قديم الزمان يقولون "المعنى في بطن الشاعر" إلا أن المعنى اليوم لا يظهر منه شيء ولا ندري إن كان مرجعه لاتساع بطون الشعراء أم لقلة بضاعة المتلقي خاصة أن غالبية المثقفين اليوم يلهثون وراء لقمة العيش ولا يدركونها وقد أسرعت الحياة بإيقاعاتها وصخبها ثم انخفضت مستويات التعليم لأدنى درجة فانقطعت بين الأدباء والجمهور كل صلة فمن يكتب يغرق في الشخصانية ومن يقرأ مشغول منهمك متعجل قليل الثقافة.



    ولسنا في مقام البحث عن الأسباب والعوامل ولا في مجال دراسة الآثار والنتائج التي واكبت تباعد المسافات وإن شئت الصدق لقلت انقطاع السبل بين الأديب والقارئ، بقدر ما نحاول أن نبحث سبل تضييق هذه المسافات ما بين القارئ والمتلقي وبين الشاعر والأديب، ومن أبرز ما نخوض في ذكره قضايا الشكل والمضمون.



    وإذا كان الأدب يتميز بلغته وأدواته عن الكلام المجرد المعتاد فهو يمثل تحديا كبيرا للأديب حين يحاول تقديم مشاعر وتجارب ربما تكون مكررة في قالب فني جديد في فكرته ولغته مع تقيده بلوازم وآداب الصنعة من عروض وقوافي في الشعر أو تسلسل منطقي في القصة ومن هنا تنوعت أشكال التناول بين متقيد بقيود الشكل حتى تأثر بها مضمونه وبين متفلت منكر لكل قيد حتى ينكر الناس كتاباته.



    وقد تحرر الشعر من القافية تدريجيا ثم من الشكل العمودي للشعر ولا يزال يتحرر حتى ظهرت القصيدة النثرية التي لا تزال تبحث عن نسبها للشعر فلا تجده ولا بتحليل الحامض النووي، وتحررت الرواية من السياق المرتب المعتاد لأحداثها وصارت تبحث عن شكل جديد أو أشكال تكسر بها جمود الرتابة والملل ورغم وجاهة الاعتراضات على كل تغيير لكن الحياة تفرض أحيانا كلمتها و تنحاز للتجديد ويبقى علينا جهد كبير بين مداراة العصر والحفاظ على وشائج القربى بتراثنا العربي الخالد قديمه وحديثه والتجديد الذي يقطع الصلات بالكلية يمثل تهديدا سافرا لتراثنا الأدبي فمن يأتي عليه الزمان بالشعر الحداثي سيجهل بكل تأكيد أن المعلقات من الشعر.



    وتثور في هذا الصدد تساؤلات عديدة تتوقف عليها ملامح الأدب الذي نريده وهو ما يعيد التواصل بين القارئ والكاتب ويخلق في ذات الوقت إبداعات حقيقية مؤثرة تكمل ما كتبه السابقون وتبني عليه من جهة وتواكب صخب الحياة ودوارها من جهة أخرى:

    · فهل نملك أن نقدم مضمونا جديدا جذابا مع احتفاظنا بكل قواعد الشكل القديمة، أم نسعى للارتقاء بالمضمون وإن تحررنا من بعض قيود الشكل، ولا نقول أن الإبقاء على الشكل هو الأهم وإن تدهور المضمون.

    · وهل نتجاوب مع كل صيحة تجديد أتت من الشرق أو الغرب أيا كان مصدرها وأيا كانت أهدافها ومبادئها، أم نؤصل لقواعد ودراسات أدبية تستمد جذورها من تراثنا العريض، أم نتفاعل بحساب مع ما يرد ونحفظ أصولنا وتميزنا في وقت واحد.



    الأدب الإسلامي والأدب من منظور إسلامي



    ما الذي نعنيه باصطلاح الأدب الإسلامي؟ هل هو الأدب الذي يحض على مكارم الأخلاق وفضائل الأعمال وكل قضايا الاعتقاد والدعوة وغيرها وتلك التي تتناول التاريخ الإسلامي مهما قيل في ثناياه؟! أم يتسع المفهوم ليشمل كل أدب لا يصدم العقيدة الإسلامية والأخلاق والآداب فيكون كل أدب لا يجهر بالزندقة ولا يبيح الفاحشة ولا يثير الغرائز؟! وهل الأدب الإسلامي مقصور على ذوي الاتجاهات الأيديولوجية الإسلامية بحسب الرؤية الأولى؟! أم يتسع ليشمل كل أدب ولو كان مترجما بحسب الرؤية الثانية.



    إن كل أدب ينتصر للفضيلة والأخلاق ويعلي شأن الكفاح الإنساني والعفاف الفطري هو أدب إسلامي بدرجة ما .. وهو ما يقول البعض أنه الأدب المباح من منظور إسلامي بمعنى أنه المعالجة التي افترضها الله سبحانه لكل جوانب الحياة، وعلى هذا فإن الأديب مؤتمن على مفردات اللغة وتراكيبها وصدق تجربته وعلى جذور ثقافته .. وهو يؤثر على قطاع عريض من القراء يمثل الشباب فيهم نسبة كبيرة، وقد وثق الناس به فإن قدم لهم ما يبث الإلحاد أو ينشر الرذيلة فهو كالغاش في طعام أو شراب لا يقل جرمه عن ذلك بل يزيد لكونه مؤتمنا على القلوب والعقول التي تشكل مستقبل الأمة وأي مصاب في الناس أعظم من مصابها في ضمائرها وأخلاقها وعقائدها.



    ولا يمكن أن نسميه أدباً ذلك الذي يخلد علاقات الشواذ جنسيا ويخوض في أدق تفاصيلها ويلمس أخص مشاعرهم وأحاسيسهم بما يضطرنا لافتراض الخبرة بأحد نوعيها فيه!! وهل يسعنا أن نسمي هذا أدبا فلا نستبعد أن يأتي من يخلد فنون السرقة وتعاطي المخدرات و .. و ... فيصبح الأدب مجرورا لصفة المضاف إلى لفظة تنفيه أو تقلله.



    إذا يتضح أمامنا شعب ثلاث ...

    شعبة تنتصر للعقيدة والأخلاق والحضارة والتاريخ في الإسلام وهذه ينبغي لها أن تتجاوز مباشرة الوعظ وسطحية التناول وتكتسب من عوامل الجاذبية ما تنافس به أدب الإباحية وإثارة الغرائز ونحن أشد ما مكون احتياجا لهذا اللون في خضم التحامل والتحراب المتعمد ضد كل ما هو إسلامي النسب.

    وشعبة تتقي إثارة الغرائز وتحترم العقيدة وتنضبط بأحكام الشرع وإن ضربت في كل فجاج الأرض وهي ما نسميه المباح من منظور إسلامي.

    وبين شعبة ثالثة تثير الغريزة وتنسف المقدسات وتروج للزندقة أو الفجور وهو ما نقول عنه بملء أفواهنا أنه الأدب المحرم.

    إننا نطلب أدبا يحمي قضايا الأمة ويعيش همومها ويقدم المتعة والجاذبية في نفس الوقت، أدبا يلتزم بالقواعد في حدود الارتقاء بالمضمون، أدبا يغطي جوانب الحياة ولا يتخندق في مفاهيم ورؤى أيديولوجية أو مذهبية..

    إنه الأدب الذي نريده ... فمن ذا تراه يقدمه لنا ؟؟!!

    ___________
    منقول (جزى الله كاتبه خيرا)

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 14, 2024 11:48 pm