ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    من الأدب الأرمني الساخر هاكوب بارونيان (1843- 1891)

    فاطمة الزهراء
    فاطمة الزهراء
    ركن أساسي ساهم في رفعة المنتدى
    ركن أساسي ساهم في رفعة المنتدى


    عدد الرسائل : 301
    العمر : 35
    الموقع : فلسطينية بفضل الله
    العمل/الترفيه : طالبة جامعية_تربية إسلامية(د.جامعية في المستقبل إن شاء الله)
    المزاج : متفائلة..وأحب الخير لجميع الناس
    نقاط : 9
    تاريخ التسجيل : 18/09/2008

    من الأدب الأرمني الساخر هاكوب بارونيان (1843- 1891) Empty من الأدب الأرمني الساخر هاكوب بارونيان (1843- 1891)

    مُساهمة من طرف فاطمة الزهراء الجمعة سبتمبر 19, 2008 11:34 pm

    لم يملك هاكوب بارونيان ذلك الأرق للنفاذ إلى أعماق الظواهر الصارخة في القيم الاجتماعية والسياسية والدينية لما أبدع كل تلك السخرية. وأفضل وصف للفترة التي عاشها الكاتب الساخر الكبير في القرن التاسع عشر هو الذي جاء بعبارته (الفترة حيث وُضِعت الحقيقة في القبر).‏

    يعتبر هاكوب بارونيان (1843- 1891) رائد الأدب الأرمني الساخر، وأحد وجوه الأدب الكلاسيكي في السبعينات والثمانينات من القرن التاسع عشر.‏

    لقد أسس النثر والمسرح الواقعي في الأدب الأرمني الغربي، ونشير إلى وجود أدب أرمني شرقي في أرمينيا وأدب أرمني غربي لدى الأرمن في المهجر.‏


    الهجاء السياسي عند بارونيان‏

    النوع الأساسي للسخرية لدى بارونيان هو الهجاء حيث يشكل مضمونه كافة الظواهر وخبايا الحياة السياسية والاجتماعية في المجتمع الأرمني في ذلك الوقت. وقد توجه هجاؤه إلى الظلم الذي يقع على الجماهير المقهورة وإلى طغيان البورجوازية ونظام السلطان الوحشي وضد السياسة المخادعة للدول الغربية.‏

    لقد لفتَ بارونيان الأنظار في السبعينات بشعبيته ووطنيته، فقد ظهر بوعي عالٍ لقوة السخرية. وقد كتب في مقدمة عمله الشهير (دفتر الأبله): (أنا أيها السادة سأسخر ولست بحاجة إلى لحن أو بيانو كي أسخر...). هذه الأسطر موجهة ضد الرومانتيكية الوطنية وتبيّن أن الساخر الكبير مستعد لإراقة الدماء من أجل خير المجتمع، وأن سخريته لها طابع أصيل و مقاتل. كان بارونيان يرغب من صميم روحه بتحرير الشعب من استبداد السلطان. ويجب أن نعتبر أن الخدمة الكبيرة التي أسداها في هذه الفترة هي أن سخريته قدمت للشعب الحقائق والأحداث بواقعية عميقة، وكان يعمل من أجل التنبيه وتوعية الأفكار لكي لا تعقد آمال التحرر على وعود كاذبة من السلطان والأعيان الوطنيين.‏

    حقاً، لقد كانت إحدى جوانب الهجاء الأساسية لدى بارونيان النقد اللاذع للأعيان الوطنيين أي ممثلي التيارات المحافظة الأرمنية.‏

    إن الملاحظات الساخرة التي كان يبديها بارونيان تحافظ على معناها ومصداقيتها حتَّى يومنا هذا وتبيّن عباراته اللاذعة القيمة الفنية للهجاء السياسي لديه.

    الهجاء الاجتماعي‏

    يعتبر إطار الحياة الاجتماعية الواسع أحد أبرز القيم للسخرية لدى بارونيان. لقد طرح إلى جانب المسائل السياسية العديد من المسائل المتعلّقة بظواهر الحياة الاجتماعية وقد نجح برسم الوجوه الفنية لكافة الفئات الاجتماعية في تلك الفترة.‏

    من العبارات المعروفة في عمله (نزهة في أحياء استنبول) الذي يصف فيه حي الأغنياء: (يحدّه من الشرق الولع بالقمار ومن الغرب حب التبرج ومن الجنوب الإسراف ومن الشمال الخداع).‏

    لقد احتل موضوع الجوانب السلبية من الحياة الأخلاقية في المجتمع آنذاك حيّزاً كبيراً في إبداعات بارونيان. إنه ينتقد بشدة الطبائع المتجذرة في حياة الأغنياء والطبقة الوسطى مثل الآداب المزورة الباطلة والولع بالموضة والتبرج التي بدأت تتفشى وتسيء إلى سلوكيات طبقة الفقراء. كان الكاتب الساخر يرى في التعابير السلبية للحياة مصيبة اجتماعية كبيرة لأنه ونتيجة لذلك يصبح العالم النفسي للنساء فقيراً وينقطع عن الحياة الاجتماعية ليفكرن فقط بجمالهن والتبرج والزينة.‏

    الهجاء لدى بارونيان غني بنقد رجال الدين، فهو لا يرى أي نفع من عملهم ويقول إنهم كانوا ينفعون مجتمعهم بكلامهم أمَّا الآن فببطونهم.‏

    تعتبر (المتسولون الشرفاء) والمسرحية الساخرة (الأخ باغداسار) من أبرز أعمال بارونيان في الهجاء الاجتماعي أو بشكل أعم الساخر.‏

    الإحساس بالآنية قوي لدى بارونيان. فهو أول من يلاحظ الظواهر الجديدة في الحياة ويكتب عن صداها في أعماله. فتعتبر أعماله المسرحية التعبير الواضح عن بصيرته. أتى هذا الكاتب الثاقب النظر بنفس جديد إلى المسرح. إن مسرحية (الأخ باغداسار) تعتبر جوهرة ليس فقط بالنسبة للأدب الأرمني إذ أنها نوع فريد في الجنس الأدبي في الأدب العالمي.‏

    يحمل بارونيان في داخله حكمة الشعب وروحه النبيلة. وبقناعته (أنه لا يوجد في العالم شيء ساخر أكثر من السخرية التي تنقصها العدالة). كان ينتقد الكتّاب الذين يسعون إلى تغطية فقر المضمون بجمالية الشكل الخارجي ويقول: (إن البساطة والصدق تمثلان جمالاً نبحث عنهما قبل كل شيء). لقد خرجت أعمال بارونيان من الإطار القومي ودخلت إطار كنوز القيم في الأدب العالمي.‏

    إن بارونيان كاتب خالد ومبدع. وقد أدرك عظمته فقال مرّة: (أيّها الموت أنت لم تستطع دحري وإماتتي. هاهو اسمي خالد في البلاد. هاهم يتحدثون عني... ويحكون...)‏


    **ويدرج بارونيان تحت تواريخ مختلفة اليوميات التالية لتكون الكلمة الساخرة القوية والطيّعة في آن واحد**
    .‏


    ـ1.‏
    عندما كانوا يأخذون سيدة أرمنية لدفنها، جلست فجأة في التابوت وطلبت ماء لتشرب. فأشارت جريدة (ماسيس) إلى الحادث بقولها: "هل يعقل أن يظن الإنسان الحي ميتاً في القرن التاسع عشر". وأنا أقول: "ولماذا إذاً وفي القرن التاسع عشر، يعتقد أن جريدة (ماسيس) حية وهي ميتة".‏

    ـ 2 .‏
    كنت تقول يا أبي إن الاحمرار دليل على الخجل.‏

    ـ نعم، عندما يخجل الإنسان من فعلته ويحمر وجهه فهذا يدل على أنه فاضل.‏

    ـ إذاً أمي فاضلة جداً.‏

    ـ لماذا.‏

    ـ لأنها تجعل وجهها أحمر كل صباح.‏

    آه، أيتها الألوان، وهل أنت تغيّرين من معناك إلى هذا الحد.‏

    ـ 3 .‏
    يتزايد عدد الأطباء في مدينتي يوماً بعد يوم. حتَّى أن لكل شخص طبيبين.‏

    والحق أن كثيراً من الفقراء يموتون دون طبيب، ولكن كم من الأطباء يموتون دون مرضى.‏

    ـ 4 .‏
    ألم تقدم الفحص يا بني.‏

    ـ نعم قدمته يا أبي.‏

    ـ ألم يهد إليك أستاذك كتاباً يوم توزيع الشهادات.‏

    ـ كلا يا أبي.‏

    ـ ولماذا.‏

    ـ لأنني أنا أيضاً لم أعط أستاذي شيئاً في عيد رأس السنة يا أبي.‏

    ـ 5 .‏
    عقد اليوم أيضاً اجتماع للنواب. وتغيب اليوم أيضاً العديد من النواب بسبب صحي. وحضر فقط من أصابه رشح خفيف. فالوصول إلى منصب في مجلس النواب له أساليبه، كشرب القهوة أو الشاي في البيوت.‏

    ـ تفضلوا الشاي.‏

    ـ شكراً، أنا لا أريد.‏

    ـ أرجوك أن تقبل.‏

    ـ تفضل أنت.‏

    ـ وأنا أيضاً سأشرب.‏

    ـ إذا شربت أنت، أقبل أنا أيضاً.‏

    وأخيراً، يشرب الشاي.‏
    سخر هاكوب بارونيان من الأغنياء أصحاب السيادة والتجار والأطباء الماديين والمفكرين المزورين ورجال الدين. إنه يكتب بلغة بسيطة، لغة الناس المحكية. وهو يعدّ علماً من أعلام الأدب الأرمني الساخر. ومع أن أعماله لم تأخذ فرصتها في الوسط الثقافي العربي، إلا أن سخرية بارونيان الخالدة جعلت أعماله لا منافس لها في السخرية السياسية والاجتماعية في المسرح.‏

    تحمل أعماله الساخرة بصمة العبقرية. إنه ليس فقط أحد الوجوه السائدة في الأدب الساخر الأرمني بل والعالمي. ومن أكبر خصائص هاكوب بارونيان قدرته الاستثنائية على رؤية الحياة وتقديمها، فهو يشاهد ويصف. ولأنه يعتبر البكاء على سلبيات ونقائص الحياة ضعفاً، لذلك يفضل الضحك مقدماً الجوانب الساخرة. وكما يقول هو "فالحياة مسرح وهو المتفرج".
    [/size]

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 14, 2024 7:09 pm