قصيدة ( رسالة إلى شعبان عبد الرحيم )
للأستاذ الشاعر / محمد السيد عبده ( رحمه الله ) ( * )
يعتبر أستاذنا الشيخ محمد السيد عبده من أساتذة الأدب الساخر ، فقد أوتي باعا طويلا فيه ظهر في قصائده بل في حديثه اليومي ، ومن ذلك قصيدته التي كتبها – رحمه الله - منذ سنوات عندما رأى أن نجم المغني المصري ( شعبان عبد الرحيم ) في ارتفاع وأن صيته قد ذاع بين الناس ،
و رأى - في نفس الوقت - حال المعلمين يرثى له ... ،
ولما أخبر - رحمه الله - بأن واحدا من الناس كتب ردا على قصيدته تلك ظل يسأل عني إلى أن قابلني في محل عملي مبادرا إياي : يا ... أنت الذي كتبت ردا على قصيدتي ؟ قلت : والله يا أستاذنا ما كتبت ردا ، ولكنها (مواساة ) ، فقال – رحمه الله - : أنا قلت : ليس غيرك ... .. ثم أسمعته ، فقال بصوت مرتفع للحضور : هذا تلميذي ، هذا تلميذي ... وأفاض - رحمه الله رحمة واسعة - ....
ثم إني أشرت عليه بأن ينشرها ، ومن ثم نشرتها جريدة ( آفاق عربية ) في صفحتها الأدبية ، ولاقت القصيدة قبولا عظيما بين جموع المعلمين خاصة لما فيها من الظرف في تناول حال المعلم ... وتلكم القصيدة وبعدها التعليق...
أيـا ( شعبـانُ يـا عبـدَ الرحيـم )
ويـا ذا الفـنِ والصـوت الرخيـم ِ
إليك رسالتي يـا ( شِعـبُ ) أشكـو
بها مـا حـلّ مـن خطـبٍ جسيـم ِ
ويـا شعبـانُ أنصـتْ لـي فـإنـي
رأيـتـك بينـنـا نـجـمَ النـجـوم
وحولـك مـن بنـات العـزِ جمـعٌ
وفـي التلفـاز تطـلـعُ كالزعـيـم
وإعـلانـاتُ حفـلـك مُشـرعـاتٌ
علـى الـجـدران آلافُ الـرسـوم
وصِيتُـك ذائـعٌ فـي كـل قُـطْـرٍ
كمِثـلِ الطَّبـل فـي الليـل البَهـيـم
ويـا شعبـان قـد أفنيـتُ عـمـري
وكـم علمـتُ مـن جيـلٍ عظـيـم
ولـي بيـن المـدارس ربـعُ قـرن
أدرِّس مخلـصـا خـيـرَ العـلـوم
ومـا زال العطـاءُ يفيـض مـنـي
بـإخـلاصٍ وجـهــدٍ مُسـتـديـم
ولا والله لا أعـطــي دروســـا
فقـد أغضيـتُ عنهـا مـن قـديـم
وإن وزيرنـا يـا ( شِعـب ) يأبَـى
ويُوعد كـل معطيهـا بضيـم ( 1 )
وليس سـوى المُرتَّـب كـلَّ شهـرٍ
ولا يكـفـي لأسـبــوع عـقـيـم
إذا حصلتـه استعـصـى بجيـبـي
وفـرّ مــن الأصـابـع كالنسـيـم
وقـد شـطَّ الغـلاءُ بكـل شــيء
كمثـل النـار ترعـى فـي الهشيـم
وقـد أضحـى المعلـم فـي بـلادي
يئـن مــن المشـاكـل والهـمـوم
وكـم مـن أزمـةٍ هَـبّـت علـيـه
يطـيـر لهولـهـا لُــبُّ الحلـيـم
فـلا دخـلٌ يعيـش بــه كريـمـا
وحسبـك بالمعـلـم مــن كـريـم
إذا ارتفـع الأراذل بـيـن قـومـي
وذل عزيزهـم يـا ويــح قـومـي
لـذا كـسـرت أقـلامـي بغـيـظٍ
وقطعت الدفاتر، بل ( هُدومي ) ( 2 )
كتبت إليـك يـا ( شعبـان ) أرجـو
بقربك أن أنال مـن النعيـم ! ( 3 )
فخذني (عازفا) يـا ( شعـبُ ) إنـي
أجيـد العـزف فـي لحـنٍ رنيـم !
وقد أتقنـتُ فـن ( الطبـلِ ) حتـى
عُرفتُ بصاحـب الطبـل الغشيـم !
ولـو أنصفـتَ يـا شعبـان إنــي
أجيدُ ( الرقصَ ) بل ( كيدَ الحريم ) !
عسى يا ( شِعب ) ينصفُني (زماني )
كما أعفاك من كي ( الهُـدوم ) ( 4 )
وقـلْ للعلـم فـي بلـدي : ســلامٌ
فـإن النـاسَ فـي جهـلٍ مُقيـم !!
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــ
( * ) توفي - رحمه الله – يوم الخميس 21 من صفر 1429هـ - 28/ 2 / 2008م .وكان يعمل موجها للغة العربية والتربية الإسلامية في إدارة سنورس التعليمية - محافظة الفيوم – مصر .
( 1 ) كان وزير التربية والتعليم يومها هو الدكتور حسين كامل بهاء الدين .
- ( شِعْب ) ترخيم لـ ( شعبان ) وهكذا يقول بعض المصريين .
(2 ) الهُدوم : المقصود بها الملابس .
( 3 ) قال لي صديق : سمعت شعبان عبد الرحيم يقول في أحد البرامج الفضائية : (... موجه لغة عربية تمنى أن يعمل معي ) !!! وذلك بعد نشر القصيدة بوقت قليل !!
( 4 ) معروف أن شعبان عبد الرحيم كان يعمل ( مكوجي ) أي كواءً !!
مواساة
إلى أستاذي الأستاذ / محمد السيد عبده تضامنا معه ومواساة لكل المعلمين
قـرأتُ قصيـدةَ الأسـتـاذ حـتـى
عجبـتُ مـن الجواهـر والـلآلـي
أُجِلُّـكَ سيـدي أنْ قـلـتَ صِـدقـا
وأشجيـتَ القلـوبَ بــلا جــدال
فقلـتُ مُواسيـاً ونسـيـتُ قــدري
رجـاءَ مَثوبـةٍ يــومَ الفِـصـال :
أسـاءَك سيـدي أنْ كـنـتَ أهــلاً
لـكـل عظيـمـةٍ والـقـدرُ عــال
وهذا ( الشِعبُ ) فـي التلفـاز يلهـو
كمثـل ال( ....) يُفضـي بالخَـبـال
يقـولُ الهُجْـرَ فـي لـفـظٍ سقـيـمٍ
يغـمّ القـلـبَ كـالـداء العُـضـال
أسـاءكَ مـن بنـات الفُجْـرِ جَمْـعٌ
يُحطْـنَ بـذاك أو هــذي البِـغـال
أسـاءك أنْ خرجْـنَ بـكـل فَــجٍ
يراقصْنَ الأُلَـى نصـفَ الرجـال ؟
أسـاءك كـلُّ ذاك ونـحـن قــومٌ
ذُكرْنـا عنـد ربـك ذي الـجـلال ؟
فإعـلانـاتُ ربــك مُـشْـرعـاتٌ
هنـا وهـنـاك بالـذكـرِ الـحـلال
ومـدحُ رسولنـا المخـتـارِ نــورٌ
لكـلِّ معلـمٍ فــي كــلِّ حــال
يُكـلّـلُ هَامَـنـا بالـعـزِّ دومـــاً
ويُعلـي قَدْرَنـا مـن دون مــال !!
فــلا والله لــن ينـسـاك ربــي
إذا نسيَ (البَها ) رزقَ العِيال !! ( 1 )
ويـا أسـتـاذُ إنْ أفنـيـتَ عُـمْـرًا
وعَلّمْـتَ الرفيـعَ مــن الـخِـلال
وإنْ أمضيـتَ بيـن الـدرسِ دَْهْـرًا
وأنْبَـتَّ العظـيـمَ مــن الـرجـال
وإنْ يَـسَّـرْتَ للـطـلاب عـلـمـا
وصَحَّحْـتَ العليـلَ مــن الفِـعـال
تطيـلُ الشـرحَ إنْ زيـدًا وعَـمْـرًا
وتفْصِـلُ فـي قضايـا الاشتغـال !!
وبعد الدرس - يـا ويحـي - مقيـمٌ
تُصـوِّبُ أوتحضّـرُ فـي الليـالـي
فليـس يضـيـعُ عـنـد اللهِ جـهـدٌ
وعـنـد الله إزجــاءُ الـنَّــوال .
( رحم الله أستاذنا رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته )
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــ ـ
( 1 ) البها : المقصود وزير التربية والتعليم ( حسين كامل بهاء الدين )
_______________
نقلا عن الأستاذ عماد زغلول بشبكة الرواء الأدبية
للأستاذ الشاعر / محمد السيد عبده ( رحمه الله ) ( * )
يعتبر أستاذنا الشيخ محمد السيد عبده من أساتذة الأدب الساخر ، فقد أوتي باعا طويلا فيه ظهر في قصائده بل في حديثه اليومي ، ومن ذلك قصيدته التي كتبها – رحمه الله - منذ سنوات عندما رأى أن نجم المغني المصري ( شعبان عبد الرحيم ) في ارتفاع وأن صيته قد ذاع بين الناس ،
و رأى - في نفس الوقت - حال المعلمين يرثى له ... ،
ولما أخبر - رحمه الله - بأن واحدا من الناس كتب ردا على قصيدته تلك ظل يسأل عني إلى أن قابلني في محل عملي مبادرا إياي : يا ... أنت الذي كتبت ردا على قصيدتي ؟ قلت : والله يا أستاذنا ما كتبت ردا ، ولكنها (مواساة ) ، فقال – رحمه الله - : أنا قلت : ليس غيرك ... .. ثم أسمعته ، فقال بصوت مرتفع للحضور : هذا تلميذي ، هذا تلميذي ... وأفاض - رحمه الله رحمة واسعة - ....
ثم إني أشرت عليه بأن ينشرها ، ومن ثم نشرتها جريدة ( آفاق عربية ) في صفحتها الأدبية ، ولاقت القصيدة قبولا عظيما بين جموع المعلمين خاصة لما فيها من الظرف في تناول حال المعلم ... وتلكم القصيدة وبعدها التعليق...
أيـا ( شعبـانُ يـا عبـدَ الرحيـم )
ويـا ذا الفـنِ والصـوت الرخيـم ِ
إليك رسالتي يـا ( شِعـبُ ) أشكـو
بها مـا حـلّ مـن خطـبٍ جسيـم ِ
ويـا شعبـانُ أنصـتْ لـي فـإنـي
رأيـتـك بينـنـا نـجـمَ النـجـوم
وحولـك مـن بنـات العـزِ جمـعٌ
وفـي التلفـاز تطـلـعُ كالزعـيـم
وإعـلانـاتُ حفـلـك مُشـرعـاتٌ
علـى الـجـدران آلافُ الـرسـوم
وصِيتُـك ذائـعٌ فـي كـل قُـطْـرٍ
كمِثـلِ الطَّبـل فـي الليـل البَهـيـم
ويـا شعبـان قـد أفنيـتُ عـمـري
وكـم علمـتُ مـن جيـلٍ عظـيـم
ولـي بيـن المـدارس ربـعُ قـرن
أدرِّس مخلـصـا خـيـرَ العـلـوم
ومـا زال العطـاءُ يفيـض مـنـي
بـإخـلاصٍ وجـهــدٍ مُسـتـديـم
ولا والله لا أعـطــي دروســـا
فقـد أغضيـتُ عنهـا مـن قـديـم
وإن وزيرنـا يـا ( شِعـب ) يأبَـى
ويُوعد كـل معطيهـا بضيـم ( 1 )
وليس سـوى المُرتَّـب كـلَّ شهـرٍ
ولا يكـفـي لأسـبــوع عـقـيـم
إذا حصلتـه استعـصـى بجيـبـي
وفـرّ مــن الأصـابـع كالنسـيـم
وقـد شـطَّ الغـلاءُ بكـل شــيء
كمثـل النـار ترعـى فـي الهشيـم
وقـد أضحـى المعلـم فـي بـلادي
يئـن مــن المشـاكـل والهـمـوم
وكـم مـن أزمـةٍ هَـبّـت علـيـه
يطـيـر لهولـهـا لُــبُّ الحلـيـم
فـلا دخـلٌ يعيـش بــه كريـمـا
وحسبـك بالمعـلـم مــن كـريـم
إذا ارتفـع الأراذل بـيـن قـومـي
وذل عزيزهـم يـا ويــح قـومـي
لـذا كـسـرت أقـلامـي بغـيـظٍ
وقطعت الدفاتر، بل ( هُدومي ) ( 2 )
كتبت إليـك يـا ( شعبـان ) أرجـو
بقربك أن أنال مـن النعيـم ! ( 3 )
فخذني (عازفا) يـا ( شعـبُ ) إنـي
أجيـد العـزف فـي لحـنٍ رنيـم !
وقد أتقنـتُ فـن ( الطبـلِ ) حتـى
عُرفتُ بصاحـب الطبـل الغشيـم !
ولـو أنصفـتَ يـا شعبـان إنــي
أجيدُ ( الرقصَ ) بل ( كيدَ الحريم ) !
عسى يا ( شِعب ) ينصفُني (زماني )
كما أعفاك من كي ( الهُـدوم ) ( 4 )
وقـلْ للعلـم فـي بلـدي : ســلامٌ
فـإن النـاسَ فـي جهـلٍ مُقيـم !!
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــ
( * ) توفي - رحمه الله – يوم الخميس 21 من صفر 1429هـ - 28/ 2 / 2008م .وكان يعمل موجها للغة العربية والتربية الإسلامية في إدارة سنورس التعليمية - محافظة الفيوم – مصر .
( 1 ) كان وزير التربية والتعليم يومها هو الدكتور حسين كامل بهاء الدين .
- ( شِعْب ) ترخيم لـ ( شعبان ) وهكذا يقول بعض المصريين .
(2 ) الهُدوم : المقصود بها الملابس .
( 3 ) قال لي صديق : سمعت شعبان عبد الرحيم يقول في أحد البرامج الفضائية : (... موجه لغة عربية تمنى أن يعمل معي ) !!! وذلك بعد نشر القصيدة بوقت قليل !!
( 4 ) معروف أن شعبان عبد الرحيم كان يعمل ( مكوجي ) أي كواءً !!
مواساة
إلى أستاذي الأستاذ / محمد السيد عبده تضامنا معه ومواساة لكل المعلمين
قـرأتُ قصيـدةَ الأسـتـاذ حـتـى
عجبـتُ مـن الجواهـر والـلآلـي
أُجِلُّـكَ سيـدي أنْ قـلـتَ صِـدقـا
وأشجيـتَ القلـوبَ بــلا جــدال
فقلـتُ مُواسيـاً ونسـيـتُ قــدري
رجـاءَ مَثوبـةٍ يــومَ الفِـصـال :
أسـاءَك سيـدي أنْ كـنـتَ أهــلاً
لـكـل عظيـمـةٍ والـقـدرُ عــال
وهذا ( الشِعبُ ) فـي التلفـاز يلهـو
كمثـل ال( ....) يُفضـي بالخَـبـال
يقـولُ الهُجْـرَ فـي لـفـظٍ سقـيـمٍ
يغـمّ القـلـبَ كـالـداء العُـضـال
أسـاءكَ مـن بنـات الفُجْـرِ جَمْـعٌ
يُحطْـنَ بـذاك أو هــذي البِـغـال
أسـاءك أنْ خرجْـنَ بـكـل فَــجٍ
يراقصْنَ الأُلَـى نصـفَ الرجـال ؟
أسـاءك كـلُّ ذاك ونـحـن قــومٌ
ذُكرْنـا عنـد ربـك ذي الـجـلال ؟
فإعـلانـاتُ ربــك مُـشْـرعـاتٌ
هنـا وهـنـاك بالـذكـرِ الـحـلال
ومـدحُ رسولنـا المخـتـارِ نــورٌ
لكـلِّ معلـمٍ فــي كــلِّ حــال
يُكـلّـلُ هَامَـنـا بالـعـزِّ دومـــاً
ويُعلـي قَدْرَنـا مـن دون مــال !!
فــلا والله لــن ينـسـاك ربــي
إذا نسيَ (البَها ) رزقَ العِيال !! ( 1 )
ويـا أسـتـاذُ إنْ أفنـيـتَ عُـمْـرًا
وعَلّمْـتَ الرفيـعَ مــن الـخِـلال
وإنْ أمضيـتَ بيـن الـدرسِ دَْهْـرًا
وأنْبَـتَّ العظـيـمَ مــن الـرجـال
وإنْ يَـسَّـرْتَ للـطـلاب عـلـمـا
وصَحَّحْـتَ العليـلَ مــن الفِـعـال
تطيـلُ الشـرحَ إنْ زيـدًا وعَـمْـرًا
وتفْصِـلُ فـي قضايـا الاشتغـال !!
وبعد الدرس - يـا ويحـي - مقيـمٌ
تُصـوِّبُ أوتحضّـرُ فـي الليـالـي
فليـس يضـيـعُ عـنـد اللهِ جـهـدٌ
وعـنـد الله إزجــاءُ الـنَّــوال .
( رحم الله أستاذنا رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته )
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــ ـ
( 1 ) البها : المقصود وزير التربية والتعليم ( حسين كامل بهاء الدين )
_______________
نقلا عن الأستاذ عماد زغلول بشبكة الرواء الأدبية