[centerالفوهرر هتلر .. والعرب والمسلمون» تلــخيص كــتاب للعلامـــــــــة محمــــــد سعيــــــــد العرفــــــــــي[/center]
إن ظاهرة هتلر القائد الألماني الشهير ؛ علامة مميزة في التاريخ البشري ، تستحق الوقوف عندها ، ولعل الأستاذ العلامة العرفي يعدُّ من المفكرين الأوائل الذين توقفوا عند هذه الظاهرة بالتحليل والدراسة ؛ وقام بإسقاطها على الواقع العربي الإسلامي بدقة متناهية . من خلال كتابه الشهير (هتلر والعرب المسلمون) وهذا الكتاب مطبوع ومتداول ، ويقع في قرابة مئتي صفحة من القطع الوسط ، ويعد من الكتب العربية النادرة التي تناولت الظاهرة الهتلرية ، وكان صرخة للأمة العربية وللمسلمين
للاستفادة من تجارب الآخرين ؛ وعدم تكرار أخطائهم وسقطاتهم ، لذلك كان هذا العمل دراسة فريدة لظاهرة هتلر . ولقد كتبه الأستاذ العلامة في نهاية الأربعينيات من القرن المنصرم ؛ وطُبع أكثر من مرة . ففي مقدمة هذا الكتاب بيَّن أن هزيمة العرب وقعت ؛ عندما جعلوا مقاليد الأمور بأيدي الأعاجم ممن لم يفقهوا مقاصد الإسلام ؛ بل فهموه رسالة إمبراطورية عسكرية ، مما أثر سلباً على حقيقة الإسلام في نظر الآخرين ؛ ووضَّح أن الشعوبيين الذين تغلغلوا في المجتمع العربي مستغلين عاطفة العرب المسلمين وحسن ظنهم من أهم الأسباب التي عملت على هدم البنية الاجتماعية والثقافية للمجتمع العربي ؛ فهؤلاء الشعوبيون نقلوا خلفيتهم الثقافية ومزجوها بالأفكار الإسلامية مما أظهر الإسلام بغير الصورة الحقيقية له ولمقاصده . ويقدم هذا الكتاب بأسلوبه السهل الممتنع ؛ ويطرح ما يريد من التجربة الهتلرية بغاية الذكاء ؛ بحيث تشعر بعد كتابته بنصف قرن ؛ أنه يصلح لهذه الأيام أكثر من أيام الأستاذ العلامة . ينقسم الكتاب إلى محورين : الأول : أسباب نجاح التجربة الهتلرية : يحلل بدقة وعلمية ومهنية الأسباب التي أدت إلى نجاح تلك التجربة ، ومن أهمها وجود القائد الذي امتلك شخصية كارزمية جعلت الأمة تلتف حولها ، وموهبة الخطابة الآسرة التي كان يمتلكها هتلر ، إضافة إلى نظافة يده ، وعدم استغلاله المنصب لنهب الثروة ، بل كان يعيش هتلر من واردات كتاب )كفاحي) . وساهمت محاربته للفساد ومحاسبته بقسوة للفاسدين ، والاعتماد على الصناعة الوطنية في المجالات كلها وإذكاء روح الوطنية والتضحية في سبيل الأمة ؛ وإشعال روح الحماس والعاطفة في أبناء الأمة ، والعمل الصادق لرفع الأمة الألمانية إلى مصاف الدول الرائدة إلى الأمة به والإيمان بأفكاره . ويقدم الأستاذ العلامة العرفي من خلال دراسة الظاهرة الهتلرية العوامل التي جعلت الأمة الألمانية تثق به ؛ ويضعها في ثلاثة عوامل ، لو وضعها أي قائد أممي في إستراتيجيته سيكون قائداً محبوباً وموثوقاً به من قبل شعبه . هذه العوامل الثلاثة هي : 1- الاهتمام بالمرأة : حيث منحها دورها الحقيقي كاملاً للمساهمة في بناء المجتمع لذلك كانت المرأة تربي أبناءها وتدفعهم للإيمان بأفكار هتلر . كما كانت الجهة الداخلية في دعم هتلر شعبياً ؛ ولقد كان لها دور عظيم في عهد هتلر . 2- الشباب : أعلن هتلر إيمانه بقدرة الشباب الألماني على جعل ألمانيا أمة عظيمة ، ولذلك وفَّر لهم فرص الدراسة ؛ واعتنى ودعم المتفوقين منهم ؛ ووفر لهم أسباب الإبداع كلها ؛ كما قام بحلِّ مشكلة البطالة وقضى عليها ؛ من خلال افتتاح المصانع المغلقة وإنشاء مصانع جديدة ؛ استوعبت الشباب الألماني ؛ وخلقت لهم فرص عمل عبَّروا من خلالها على قدرتهم في الإنتاج والتنمية والإبداع . 3- القفزة العلمية والصناعية : إن افتتاح هتلر للمصانع المغلقة وإنشاء مصانع حديثة واحتضانه للمبدعين جعل ألمانيا تحقق في عهد هتلر قفزة نوعية إنْ في مجال الإبداع والابتكار والتطوير ، وإنْ في مجال التنمية والقدرة الفائقة على القضاء على غول البطالة الذي يدمر طاقات الشباب ويحرفهم عما يجب أن يسيروا فيه . وبما أن مَنْ يمتلك الشباب يمتلك القوة ؛ ومن يهتم بالمرأة سيؤسس مجتمعاً ناضجاً غير مشلول ولا مبتور ؛ ومن يعمل على نهضة صناعية وحركة ابداعية ؛ سيجعل من السهل تحويل أفكاره إلى أفعال في الواقع ؛ وسيحقق ما يريد ويطمح. بهذا الثالوث الذي أنشأه هتلر واهتم به ؛ حول ألمانيا إلى أمة عظيمة بكل المقاييس ، ثم يردف الأستاذ العلامة ذلك الثالوث المؤسس للنجاح بعاملين هما المتوجان لنجاح تلك التجربة ، الأول توحيد الأمة المتفرقة ؛ حيث قام هتلر بإعادة توحيد ألمانيا ؛ وإعادة ضم النمسا وتشيكوسلوفاكيا إلى الوطن الأم ، وهذا ما جعل الشعب الألماني يثق بهتلر ثقة مطلقة ؛ ويحبه حباً جماً . وأما العامل الثاني فهو العامل الديني ؛ صحيح أنه لا يوجد ما يثبت أو ينفي تدين هتلر ؛ ولكنه عَلِمَ تعلُّق شعبه بالدين ؛ ودور الدين في جعل الأفكار تتحول إلى سلوك في الواقع ؛ كما أن وجود الاعتقاد الديني يمكن استخدامه كسلاح فعال ومهم في معركة الأمة ، لذلك اتخذ هتلر من الصليب شعاراً وعلماً للأمة الألمانية ؛ ولكنه قام بعكفه ، وكأنه يقول بذلك : إن الدين إنْ لم يحرك الشعوب ؛ ويبعث فيها الهمة والإرادة على القفزة الحضارية ؛ سيكون عامل تأخير لا تحضير . ثم انتقل إلى موضوع الدعاية والإعلام المنظمة والدقيقة التي جعلت الأمة الألمانية ذات هدف محدد واضح المعالم . المحور الثاني للكتاب : أسباب الإخفاق والفشل : يعرج الأستاذ العلامة بالبحث عن الأسباب التي جعلت هكذا تجربة ، امتلكت مقومات النجاح كلها تفشل هذا الفشل الذريع فيقوم بالتحليل وسبر أغوار تلك التجربة ؛ فيخرج بعدة أسباب يلخصها فيما يلي : 1- إعلان الحرب على الآخرين : إن أخذ الأمة باتجاه معارك ليست من أهدافها ؛ وستشغلها عن هدف التنمية والتطور والتحضر ؛ وخصوصاً في وقت لم تنضج بعد التجربة الهتلرية كانت العامل الأساس في تعجيل انهيار تلك التجربة الفريدة ؛ أضف إلى ذلك اعتماد هتلر على أشخاص كانوا يظهرون الولاء لشخص هتلر لا لأفكاره ؛ ولقد كان النذير الأكبر في انهيار التجربة محاولة اغتيال هتلر في أيلول من عام 1944 من قبل من كانوا يُظهرون الولاء له . 2- الدور اليهودي : أين ما تكون النكسات لدى الأمم ؛ ففتش عن الدور اليهودي ، ناهيك أن هتلر استخف بخطرهم ؛ وما يمكن أن يفعلوه خصوصاً إنْ علمنا أنَّ اليهود عبر التاريخ كانوا طابوراً خامساً ضد البلدان التي عاشوا فيها ؛ فما انهارت أمة من الأمم في المنطقة إلا وكان لليهود دور في ذلك الانهيار ، بسبب تواطئهم مع قوى الخارج . وحذر في هذا الكتاب من كذب اليهود وقدرتهم على إقناع الآخرين في تزويرهم للحقائق ؛ ولقد شكك في هذا الكتاب بالمحرقة اليهودية ؛ ولقد كان أول من شكك فيها عالمياً . كما يعد الأستاذ العلامة العرفي هو أول من شكك بالمحرقة اليهودية ؛ إذ حذر العالم من أكاذيب اليهود وحيلهم في ابتزاز الآخرين . 3 - الجهل بقوة الخصم : عدم دراسة الخصم بعمق قبل مواجهته ؛ يجعله مجهولاً في المعركة ، فلا بد من دراسة نقاط قوته لمعرفة كيفية مواجهتها وصدها بالأدوات المناسبة ؛ وكذلك عليه اكتشاف نقاط الضعف ؛ حتى يمكن استغلالها لتكون موطن الوجع الذي يمكن الضغط عليه لتحصيل مكاسب سهلة في المعركة . يضاف إلى تلك العوامل الاستعانة بإيطاليا ذات المجتمع المتفسخ لكون الشعب الإيطالي لم يصل إلى اللحظة التي غدا فيها مؤمناً بأفكار موسوليني ، وبالتالي فإن الاعتماد على حليف مهلهل سيزيد من نقاط ضعفك ؛ وستتحمل أخطاءه ؛ فتكون معوقاً لك ولمشروعك ، كما أن هتلر أثناء حاجته للجنود ؛ قام بإعادة المتقاعدين العسكريين للخدمة وهذا ما شكل شرخاً بين الجيش الذي أسسه ؛ فهؤلاء تأسسوا على عقلية مختلفة عن عقلية وثقافة الجيل الحديث الذي أسسه . ثم يلفت النظر إلى أن النظام الذي يستخدم الوسيلة الأمنية لمحاصرة أمته ؛ وتكميم الأفواه ، سيجعل طبقة المنافقين هي الطبقة التي تبرز ؛ وبالتالي لن تقدم النصيحة الحقيقية ؛ بل ستبحث عن أسباب بقائها وبقاء مصالحها ، وستدفع تلك الوسيلة المعارضين للتعاون مع قوة الخارج حتى وإنْ لم تكن مؤمنة به كوسيلة للتغير . الأجمل في هذا الكتاب أن الأستاذ العلامة لم يترك سبباً من أسباب نجاح التجربة الهتلرية إلا وحث الأمة على الأخذ به ؛ ثم قام بالإسقاط التاريخي للبرهنة على صحة التجربة ؛ مع مقارنة بالواقع العربي والإسلامي البعيد عنها ، كما أنه لم يدع عاملاً من عوامل فشل تلك التجربة إلا ونبه إلى وقائع تاريخية للعرب والمسلمين مشابهة لها ؛ ونبه أن الواقع العربي يعج بأمثلة كثيرة مشابهة لأسباب الفشل في التجربة الهتلرية . وهنا يدعو الأستاذ العلامة للاستفادة من التجربة الهتلرية وهي لو محصتها تجربة يدعو إليها الإسلام في مقاصده ومنهجه . إنَّ هذا العمل الإبداعي للأستاذ العلامة يستحق الوقوف عنده خصوصاً في عصرنا الحاضر ؛ فهو عمل يجب دراسته ومحاكاة تجاربنا السياسية والاجتماعية من خلاله .
أخوكم حسين الخزاعي (الفوهرر) - العراق
إن ظاهرة هتلر القائد الألماني الشهير ؛ علامة مميزة في التاريخ البشري ، تستحق الوقوف عندها ، ولعل الأستاذ العلامة العرفي يعدُّ من المفكرين الأوائل الذين توقفوا عند هذه الظاهرة بالتحليل والدراسة ؛ وقام بإسقاطها على الواقع العربي الإسلامي بدقة متناهية . من خلال كتابه الشهير (هتلر والعرب المسلمون) وهذا الكتاب مطبوع ومتداول ، ويقع في قرابة مئتي صفحة من القطع الوسط ، ويعد من الكتب العربية النادرة التي تناولت الظاهرة الهتلرية ، وكان صرخة للأمة العربية وللمسلمين
للاستفادة من تجارب الآخرين ؛ وعدم تكرار أخطائهم وسقطاتهم ، لذلك كان هذا العمل دراسة فريدة لظاهرة هتلر . ولقد كتبه الأستاذ العلامة في نهاية الأربعينيات من القرن المنصرم ؛ وطُبع أكثر من مرة . ففي مقدمة هذا الكتاب بيَّن أن هزيمة العرب وقعت ؛ عندما جعلوا مقاليد الأمور بأيدي الأعاجم ممن لم يفقهوا مقاصد الإسلام ؛ بل فهموه رسالة إمبراطورية عسكرية ، مما أثر سلباً على حقيقة الإسلام في نظر الآخرين ؛ ووضَّح أن الشعوبيين الذين تغلغلوا في المجتمع العربي مستغلين عاطفة العرب المسلمين وحسن ظنهم من أهم الأسباب التي عملت على هدم البنية الاجتماعية والثقافية للمجتمع العربي ؛ فهؤلاء الشعوبيون نقلوا خلفيتهم الثقافية ومزجوها بالأفكار الإسلامية مما أظهر الإسلام بغير الصورة الحقيقية له ولمقاصده . ويقدم هذا الكتاب بأسلوبه السهل الممتنع ؛ ويطرح ما يريد من التجربة الهتلرية بغاية الذكاء ؛ بحيث تشعر بعد كتابته بنصف قرن ؛ أنه يصلح لهذه الأيام أكثر من أيام الأستاذ العلامة . ينقسم الكتاب إلى محورين : الأول : أسباب نجاح التجربة الهتلرية : يحلل بدقة وعلمية ومهنية الأسباب التي أدت إلى نجاح تلك التجربة ، ومن أهمها وجود القائد الذي امتلك شخصية كارزمية جعلت الأمة تلتف حولها ، وموهبة الخطابة الآسرة التي كان يمتلكها هتلر ، إضافة إلى نظافة يده ، وعدم استغلاله المنصب لنهب الثروة ، بل كان يعيش هتلر من واردات كتاب )كفاحي) . وساهمت محاربته للفساد ومحاسبته بقسوة للفاسدين ، والاعتماد على الصناعة الوطنية في المجالات كلها وإذكاء روح الوطنية والتضحية في سبيل الأمة ؛ وإشعال روح الحماس والعاطفة في أبناء الأمة ، والعمل الصادق لرفع الأمة الألمانية إلى مصاف الدول الرائدة إلى الأمة به والإيمان بأفكاره . ويقدم الأستاذ العلامة العرفي من خلال دراسة الظاهرة الهتلرية العوامل التي جعلت الأمة الألمانية تثق به ؛ ويضعها في ثلاثة عوامل ، لو وضعها أي قائد أممي في إستراتيجيته سيكون قائداً محبوباً وموثوقاً به من قبل شعبه . هذه العوامل الثلاثة هي : 1- الاهتمام بالمرأة : حيث منحها دورها الحقيقي كاملاً للمساهمة في بناء المجتمع لذلك كانت المرأة تربي أبناءها وتدفعهم للإيمان بأفكار هتلر . كما كانت الجهة الداخلية في دعم هتلر شعبياً ؛ ولقد كان لها دور عظيم في عهد هتلر . 2- الشباب : أعلن هتلر إيمانه بقدرة الشباب الألماني على جعل ألمانيا أمة عظيمة ، ولذلك وفَّر لهم فرص الدراسة ؛ واعتنى ودعم المتفوقين منهم ؛ ووفر لهم أسباب الإبداع كلها ؛ كما قام بحلِّ مشكلة البطالة وقضى عليها ؛ من خلال افتتاح المصانع المغلقة وإنشاء مصانع جديدة ؛ استوعبت الشباب الألماني ؛ وخلقت لهم فرص عمل عبَّروا من خلالها على قدرتهم في الإنتاج والتنمية والإبداع . 3- القفزة العلمية والصناعية : إن افتتاح هتلر للمصانع المغلقة وإنشاء مصانع حديثة واحتضانه للمبدعين جعل ألمانيا تحقق في عهد هتلر قفزة نوعية إنْ في مجال الإبداع والابتكار والتطوير ، وإنْ في مجال التنمية والقدرة الفائقة على القضاء على غول البطالة الذي يدمر طاقات الشباب ويحرفهم عما يجب أن يسيروا فيه . وبما أن مَنْ يمتلك الشباب يمتلك القوة ؛ ومن يهتم بالمرأة سيؤسس مجتمعاً ناضجاً غير مشلول ولا مبتور ؛ ومن يعمل على نهضة صناعية وحركة ابداعية ؛ سيجعل من السهل تحويل أفكاره إلى أفعال في الواقع ؛ وسيحقق ما يريد ويطمح. بهذا الثالوث الذي أنشأه هتلر واهتم به ؛ حول ألمانيا إلى أمة عظيمة بكل المقاييس ، ثم يردف الأستاذ العلامة ذلك الثالوث المؤسس للنجاح بعاملين هما المتوجان لنجاح تلك التجربة ، الأول توحيد الأمة المتفرقة ؛ حيث قام هتلر بإعادة توحيد ألمانيا ؛ وإعادة ضم النمسا وتشيكوسلوفاكيا إلى الوطن الأم ، وهذا ما جعل الشعب الألماني يثق بهتلر ثقة مطلقة ؛ ويحبه حباً جماً . وأما العامل الثاني فهو العامل الديني ؛ صحيح أنه لا يوجد ما يثبت أو ينفي تدين هتلر ؛ ولكنه عَلِمَ تعلُّق شعبه بالدين ؛ ودور الدين في جعل الأفكار تتحول إلى سلوك في الواقع ؛ كما أن وجود الاعتقاد الديني يمكن استخدامه كسلاح فعال ومهم في معركة الأمة ، لذلك اتخذ هتلر من الصليب شعاراً وعلماً للأمة الألمانية ؛ ولكنه قام بعكفه ، وكأنه يقول بذلك : إن الدين إنْ لم يحرك الشعوب ؛ ويبعث فيها الهمة والإرادة على القفزة الحضارية ؛ سيكون عامل تأخير لا تحضير . ثم انتقل إلى موضوع الدعاية والإعلام المنظمة والدقيقة التي جعلت الأمة الألمانية ذات هدف محدد واضح المعالم . المحور الثاني للكتاب : أسباب الإخفاق والفشل : يعرج الأستاذ العلامة بالبحث عن الأسباب التي جعلت هكذا تجربة ، امتلكت مقومات النجاح كلها تفشل هذا الفشل الذريع فيقوم بالتحليل وسبر أغوار تلك التجربة ؛ فيخرج بعدة أسباب يلخصها فيما يلي : 1- إعلان الحرب على الآخرين : إن أخذ الأمة باتجاه معارك ليست من أهدافها ؛ وستشغلها عن هدف التنمية والتطور والتحضر ؛ وخصوصاً في وقت لم تنضج بعد التجربة الهتلرية كانت العامل الأساس في تعجيل انهيار تلك التجربة الفريدة ؛ أضف إلى ذلك اعتماد هتلر على أشخاص كانوا يظهرون الولاء لشخص هتلر لا لأفكاره ؛ ولقد كان النذير الأكبر في انهيار التجربة محاولة اغتيال هتلر في أيلول من عام 1944 من قبل من كانوا يُظهرون الولاء له . 2- الدور اليهودي : أين ما تكون النكسات لدى الأمم ؛ ففتش عن الدور اليهودي ، ناهيك أن هتلر استخف بخطرهم ؛ وما يمكن أن يفعلوه خصوصاً إنْ علمنا أنَّ اليهود عبر التاريخ كانوا طابوراً خامساً ضد البلدان التي عاشوا فيها ؛ فما انهارت أمة من الأمم في المنطقة إلا وكان لليهود دور في ذلك الانهيار ، بسبب تواطئهم مع قوى الخارج . وحذر في هذا الكتاب من كذب اليهود وقدرتهم على إقناع الآخرين في تزويرهم للحقائق ؛ ولقد شكك في هذا الكتاب بالمحرقة اليهودية ؛ ولقد كان أول من شكك فيها عالمياً . كما يعد الأستاذ العلامة العرفي هو أول من شكك بالمحرقة اليهودية ؛ إذ حذر العالم من أكاذيب اليهود وحيلهم في ابتزاز الآخرين . 3 - الجهل بقوة الخصم : عدم دراسة الخصم بعمق قبل مواجهته ؛ يجعله مجهولاً في المعركة ، فلا بد من دراسة نقاط قوته لمعرفة كيفية مواجهتها وصدها بالأدوات المناسبة ؛ وكذلك عليه اكتشاف نقاط الضعف ؛ حتى يمكن استغلالها لتكون موطن الوجع الذي يمكن الضغط عليه لتحصيل مكاسب سهلة في المعركة . يضاف إلى تلك العوامل الاستعانة بإيطاليا ذات المجتمع المتفسخ لكون الشعب الإيطالي لم يصل إلى اللحظة التي غدا فيها مؤمناً بأفكار موسوليني ، وبالتالي فإن الاعتماد على حليف مهلهل سيزيد من نقاط ضعفك ؛ وستتحمل أخطاءه ؛ فتكون معوقاً لك ولمشروعك ، كما أن هتلر أثناء حاجته للجنود ؛ قام بإعادة المتقاعدين العسكريين للخدمة وهذا ما شكل شرخاً بين الجيش الذي أسسه ؛ فهؤلاء تأسسوا على عقلية مختلفة عن عقلية وثقافة الجيل الحديث الذي أسسه . ثم يلفت النظر إلى أن النظام الذي يستخدم الوسيلة الأمنية لمحاصرة أمته ؛ وتكميم الأفواه ، سيجعل طبقة المنافقين هي الطبقة التي تبرز ؛ وبالتالي لن تقدم النصيحة الحقيقية ؛ بل ستبحث عن أسباب بقائها وبقاء مصالحها ، وستدفع تلك الوسيلة المعارضين للتعاون مع قوة الخارج حتى وإنْ لم تكن مؤمنة به كوسيلة للتغير . الأجمل في هذا الكتاب أن الأستاذ العلامة لم يترك سبباً من أسباب نجاح التجربة الهتلرية إلا وحث الأمة على الأخذ به ؛ ثم قام بالإسقاط التاريخي للبرهنة على صحة التجربة ؛ مع مقارنة بالواقع العربي والإسلامي البعيد عنها ، كما أنه لم يدع عاملاً من عوامل فشل تلك التجربة إلا ونبه إلى وقائع تاريخية للعرب والمسلمين مشابهة لها ؛ ونبه أن الواقع العربي يعج بأمثلة كثيرة مشابهة لأسباب الفشل في التجربة الهتلرية . وهنا يدعو الأستاذ العلامة للاستفادة من التجربة الهتلرية وهي لو محصتها تجربة يدعو إليها الإسلام في مقاصده ومنهجه . إنَّ هذا العمل الإبداعي للأستاذ العلامة يستحق الوقوف عنده خصوصاً في عصرنا الحاضر ؛ فهو عمل يجب دراسته ومحاكاة تجاربنا السياسية والاجتماعية من خلاله .
أخوكم حسين الخزاعي (الفوهرر) - العراق