كان لاكتشاف اللغة السنسكريتية الهندية القديمة في أواخر القرن الثامن عشر أثر كبير في تطور الدراسات اللغويبة في أوربا ذلك أن البحث اللغوي الهندي كان يتميز بالدقة والاهتمام بالدراسات الوصفية، ويبتعد عن الجدل والفلسفة، وقد تبين للغويين وجود أوجه شبه كبيرة بين السنسكريتية واللغات الأوربية، فدفعهم هذا إلى الاهتمام بالدراسة الوصفية والتاريخية والمقارنة للغات.
كان علماء تلك الفترة في أوربا مهتمين بالبحث التاريخي، ويحاولون وضع دراسة تاريخية تطورية لكل علم متأثرين بنظرية دارون التطورية، كما كانوا يسعون إلى وضع قوانين لعلومهم، فسار علماء اللغة على هذا النهج؛ لأجل تحديد أوجه الشبه والاتفاق بين اللغات، والبحث عن الأصول المشتركة لهذه اللغات؛ رغبة في الوصول إلى ما يسمى باللغة الأولى أو الأم، ودراسة تطور اللغات، وكتابة تاريخها اللغوي، ووضع قوانين عامة للغات.
ودفع تحديد ملامح المجموعات اللغوية في أوربا ومعرفة العلاقات بينها - إلى البحث في لغات العالم الأخرى، حتى توصل العلماء إلى بعض التقسيمات للغات، وهو ما يسمى بالفصائل أو الأسر اللغوية.
والغرض الذي يُسعى إليه من دراسة الفصائل اللغوية هو معرفة التقسيمات العامة للغات العالم، والمجموعة التي تنتمي إليها لغتنا، وخصائص المجموعة، وتاريخها، ثم نعرج على لغتنا؛ فندرسها بالتفصيل.
ولقد توصل العلماء إلى عدة نظريات في تقسيم اللغات في العالم ولكن أشهر تلك النظريات نظريتان:
النظرية الأولى: وهي التي تعتمد على الدراسة الوصفية والتشكيلية للغات، ولا تنظر إلى ما بينها من قرابات وصلات تاريخية.
وصاحب هذه النظرية هو العالم الألماني (شليجل) وقد قسم اللغات إلى ثلاثة أقسام:
1- اللغات المتصرفة أو التحليلية: وتمتاز هذه اللغات من الناحية التصريفية بتغير المعاني مع تصرف الكلمات، وأن الألفاظ فيها يشتق بعضها من بعض، ومن الناحية النحوية وتراكيب الجمل تَسْتَخدِم روابطَ وأدواتٍ تدل على مختلف العلاقات.
ومن هذا النوع اللغات الأوربية واللغات السامية ومنها العربية التي بلغت من ذلك مبلغاً فاقت به سائر اللغات؛ ففي العربية - على سبيل المثال - تقول من مادة (شُرْب): شَرِبَ، يشرب، شارب، شَرَاب، شُرْب، شروب، شَريب، تَشراب. . . وكل منها يدل على معنى.
وتقول: ركب محمد وعلي القطار من الرياض إلى الظهران فتدل الضمة في (محمد) على الفاعلية، والفتحة في (القطار) على المفعولية، والواو على الرابط بين (علي) و (محمد) و (من) على الابتداء و (إلى) على الانتهاء. . . وهكذا.
2- اللغات الوصلية أو اللاصقة: وهذه اللغات تتغير المعاني فيها عن طريق إضافة لواصق أو سوابق إلى الكلمات، لتحمل معاني جديدة.
ومن أشهر لغات هذه الفصيلة: اليابانية، وبعض اللغات البدائية.
3- اللغات العازلة: وهي لغات لا تتصرف الكلمات فيها ولا تلحقها الإضافات، بل تحمل كل كلمة بصورتها معنى لا يتغير.
ولا تعرف هذه اللغاتُ الأدواتِ النحويةَ، ولعل هذا هو السبب في تسميتها بـ: العازلة؛ لأن لكل كلمة دلالة خاصة، لا تقبل التغير.
ومن هذه اللغات الصينية وكثير من لغات الأمم البدائية.
وزعم القائلون بهذه النظرية أنها تدل على تطور اللغات؛ فاللغة في نظرهم تبدأ من مرحلة (العزل)، ثم ترتقي إلى المرحلة التي تستخدم فيها السوابق واللواحق، ثم إلى أرقى مراحلها وهي أن تكون تصريفية كما يرى القائلون بها أن بعض اللغات قد تتوقف عند مرحلة معينة فلا تتجاوزها، وقد استدلوا على نظريتهم هذه بلغات الأطفال ولغات الأمم البدائية.
ولم تلقَ هذه النظرية قبولاً عند العلماء ووجهوا إليها اعتراضات أهمها:
أن كثيراً من اللغات تعرف أكثر من قسم من الأقسام الثلاثة؛ فالعربية التي هي لغة تصريفية تعتمد اعتماداً كبيراً على الوصل، والإلصاق كحروف المضارعة، وعلامات التثنية والجمع، وغيرها.
وكذلك نجد فيها بعض الصيغ العازلة كالمثال الذي يسوقه النحويون: ضرب موسى عيسى، من وجوب تقديم الفاعل، لعدم وجود قرينة تدل عليه، ولو قدمت (عيسى) على (موسى) أو على (ضرب) لتغير المعنى.
النظرية الثانية: وهي التي تعتمد على الصلات وروابط القربى، والعلاقات التاريخية والجغرافية بين الشعوب، فتحاول أن تجعل من كل مجموعة متقاربة من اللغات فصيلة مستقلة.
وهذه النظرية أكثر النظريات قبولاً، ورواجاً بين العلماء.
وأشهر تقسيم للغات سار في هذا الاتجاه هو ما قال به العالم الألماني (ماكس مولر) ت1900م، فقد لاحظ أن أكثر لغات العالم تجمع بينها علاقات تاريخية، وأوجه شبه مما يمكن أن تكون متفرعة عن أصل واحد.
ومن منطلق وحدة النشأة للغات وجد (مولر) أمامه مجموعتين لغويتين متميزتين، أما اللغات التي لم تندرج تحت هاتين المجموعتين فقد صنفهما تحت مجموعة ثالثة.
وعلى هذا ففصائل اللغات في العالم ثلاث:
1- فصيلة اللغات الهندية - الأوربية: وهي أكثر اللغات انتشاراً في العالم؛ إذ يتكلم بها أكثر سكان أوربا وأمريكا واستراليا، وقسم كبير من سكان آسيا.
ويندرج تحت هذه المجموعة عدد من اللغات البائدة كالسنسكريتية، والفارسية القديمة، والبهلوية واللغات الجرمانية، واليونانية، والإغريقية القديمة، كما يدخل ضمن هذه المجموعة من اللغات المستعملة الحية اللغات الهندية، والفارسية، والكردية، والأفغانية، والأرمنية، والألبانية، واللغات الأوربية، والسلافية والاسكندنافية وغيرها.
وقد اختلف العلماء في تحديد موطن هذه اللغات فقيل نشأت في وسط آسيا في منطقة التركستان، أو في أوربا الشرقية، أو في بحر البلطيق كما حاولوا تصور كيفية انتقال هذه اللغات وانتشارها في تلك البقاع الواسعة في العالم.
وقد بحث العلماء كثيراً في هذه اللغات لأن أكثر علماء اللغة في العصور المتأخرة ينتمون إليها.
وتمتاز هذه الفصيلة بكثرة شعبها، واتساع الرقعة المنتشرة فيها وقد سلك المتحدثون بها إن كانت يوماً ما لغةً واحدة مسالك متباعدة حتى لا يكاد يوجد بين فروع هذه الفصيلة إلا أوجه شبه محدودة يدركها المتخصصون.
2- فصيلة اللغات السامية - الحامية: وتشمل هذه الفصيلة مجموعتين لا يربط بينهما إلا روابط جغرافية؛ ذلك أن الاختلاف بين المجموعتين كبير.
أما الأولى - السامية - فلها حديث خاص، وأما الثانية - الحامية - فتنتسب إلى حام بن نوح - عليه السلام - وهي تحوي اللغاتِ المصريةَ القديمةَ، والقبطيةَ، واللغاتِ البربريةَ التي لا يزال لها بعض الاستعمال في مناطق من شمال أقريقيا، واللغات الكنوشيتية - الحبشية القديمة - والنوبية.
وأكثر هذه اللغات طغت عليها اللغات السامية.
3- فصيلة اللغات الطورانية: وتسميتها بالفصيلة من قبيل المجاز، وإلا فإن هذه الفصيلة تضم لغات لا تربط بينها علاقات، ولكن (مولر) جمعها تحت هذا الاسم؛ تخلصاً من كثرة التقسيمات.
ومن هذه الفصيلةِ اللغاتُ الصينية، واليابانية، والتركية، والمغولية وغيرها.
ولم يُرضِ هذا التقسيم العلماء المحدثين، فجعلوا اللغات السامية الحامية فصيلتين مستقلتين، وجعلوا الفصيلة الطورانية تسعة عشر قسماً؛ لتصل الفصائل إلى اثنتين وعشرين.
كان علماء تلك الفترة في أوربا مهتمين بالبحث التاريخي، ويحاولون وضع دراسة تاريخية تطورية لكل علم متأثرين بنظرية دارون التطورية، كما كانوا يسعون إلى وضع قوانين لعلومهم، فسار علماء اللغة على هذا النهج؛ لأجل تحديد أوجه الشبه والاتفاق بين اللغات، والبحث عن الأصول المشتركة لهذه اللغات؛ رغبة في الوصول إلى ما يسمى باللغة الأولى أو الأم، ودراسة تطور اللغات، وكتابة تاريخها اللغوي، ووضع قوانين عامة للغات.
ودفع تحديد ملامح المجموعات اللغوية في أوربا ومعرفة العلاقات بينها - إلى البحث في لغات العالم الأخرى، حتى توصل العلماء إلى بعض التقسيمات للغات، وهو ما يسمى بالفصائل أو الأسر اللغوية.
والغرض الذي يُسعى إليه من دراسة الفصائل اللغوية هو معرفة التقسيمات العامة للغات العالم، والمجموعة التي تنتمي إليها لغتنا، وخصائص المجموعة، وتاريخها، ثم نعرج على لغتنا؛ فندرسها بالتفصيل.
ولقد توصل العلماء إلى عدة نظريات في تقسيم اللغات في العالم ولكن أشهر تلك النظريات نظريتان:
النظرية الأولى: وهي التي تعتمد على الدراسة الوصفية والتشكيلية للغات، ولا تنظر إلى ما بينها من قرابات وصلات تاريخية.
وصاحب هذه النظرية هو العالم الألماني (شليجل) وقد قسم اللغات إلى ثلاثة أقسام:
1- اللغات المتصرفة أو التحليلية: وتمتاز هذه اللغات من الناحية التصريفية بتغير المعاني مع تصرف الكلمات، وأن الألفاظ فيها يشتق بعضها من بعض، ومن الناحية النحوية وتراكيب الجمل تَسْتَخدِم روابطَ وأدواتٍ تدل على مختلف العلاقات.
ومن هذا النوع اللغات الأوربية واللغات السامية ومنها العربية التي بلغت من ذلك مبلغاً فاقت به سائر اللغات؛ ففي العربية - على سبيل المثال - تقول من مادة (شُرْب): شَرِبَ، يشرب، شارب، شَرَاب، شُرْب، شروب، شَريب، تَشراب. . . وكل منها يدل على معنى.
وتقول: ركب محمد وعلي القطار من الرياض إلى الظهران فتدل الضمة في (محمد) على الفاعلية، والفتحة في (القطار) على المفعولية، والواو على الرابط بين (علي) و (محمد) و (من) على الابتداء و (إلى) على الانتهاء. . . وهكذا.
2- اللغات الوصلية أو اللاصقة: وهذه اللغات تتغير المعاني فيها عن طريق إضافة لواصق أو سوابق إلى الكلمات، لتحمل معاني جديدة.
ومن أشهر لغات هذه الفصيلة: اليابانية، وبعض اللغات البدائية.
3- اللغات العازلة: وهي لغات لا تتصرف الكلمات فيها ولا تلحقها الإضافات، بل تحمل كل كلمة بصورتها معنى لا يتغير.
ولا تعرف هذه اللغاتُ الأدواتِ النحويةَ، ولعل هذا هو السبب في تسميتها بـ: العازلة؛ لأن لكل كلمة دلالة خاصة، لا تقبل التغير.
ومن هذه اللغات الصينية وكثير من لغات الأمم البدائية.
وزعم القائلون بهذه النظرية أنها تدل على تطور اللغات؛ فاللغة في نظرهم تبدأ من مرحلة (العزل)، ثم ترتقي إلى المرحلة التي تستخدم فيها السوابق واللواحق، ثم إلى أرقى مراحلها وهي أن تكون تصريفية كما يرى القائلون بها أن بعض اللغات قد تتوقف عند مرحلة معينة فلا تتجاوزها، وقد استدلوا على نظريتهم هذه بلغات الأطفال ولغات الأمم البدائية.
ولم تلقَ هذه النظرية قبولاً عند العلماء ووجهوا إليها اعتراضات أهمها:
أن كثيراً من اللغات تعرف أكثر من قسم من الأقسام الثلاثة؛ فالعربية التي هي لغة تصريفية تعتمد اعتماداً كبيراً على الوصل، والإلصاق كحروف المضارعة، وعلامات التثنية والجمع، وغيرها.
وكذلك نجد فيها بعض الصيغ العازلة كالمثال الذي يسوقه النحويون: ضرب موسى عيسى، من وجوب تقديم الفاعل، لعدم وجود قرينة تدل عليه، ولو قدمت (عيسى) على (موسى) أو على (ضرب) لتغير المعنى.
النظرية الثانية: وهي التي تعتمد على الصلات وروابط القربى، والعلاقات التاريخية والجغرافية بين الشعوب، فتحاول أن تجعل من كل مجموعة متقاربة من اللغات فصيلة مستقلة.
وهذه النظرية أكثر النظريات قبولاً، ورواجاً بين العلماء.
وأشهر تقسيم للغات سار في هذا الاتجاه هو ما قال به العالم الألماني (ماكس مولر) ت1900م، فقد لاحظ أن أكثر لغات العالم تجمع بينها علاقات تاريخية، وأوجه شبه مما يمكن أن تكون متفرعة عن أصل واحد.
ومن منطلق وحدة النشأة للغات وجد (مولر) أمامه مجموعتين لغويتين متميزتين، أما اللغات التي لم تندرج تحت هاتين المجموعتين فقد صنفهما تحت مجموعة ثالثة.
وعلى هذا ففصائل اللغات في العالم ثلاث:
1- فصيلة اللغات الهندية - الأوربية: وهي أكثر اللغات انتشاراً في العالم؛ إذ يتكلم بها أكثر سكان أوربا وأمريكا واستراليا، وقسم كبير من سكان آسيا.
ويندرج تحت هذه المجموعة عدد من اللغات البائدة كالسنسكريتية، والفارسية القديمة، والبهلوية واللغات الجرمانية، واليونانية، والإغريقية القديمة، كما يدخل ضمن هذه المجموعة من اللغات المستعملة الحية اللغات الهندية، والفارسية، والكردية، والأفغانية، والأرمنية، والألبانية، واللغات الأوربية، والسلافية والاسكندنافية وغيرها.
وقد اختلف العلماء في تحديد موطن هذه اللغات فقيل نشأت في وسط آسيا في منطقة التركستان، أو في أوربا الشرقية، أو في بحر البلطيق كما حاولوا تصور كيفية انتقال هذه اللغات وانتشارها في تلك البقاع الواسعة في العالم.
وقد بحث العلماء كثيراً في هذه اللغات لأن أكثر علماء اللغة في العصور المتأخرة ينتمون إليها.
وتمتاز هذه الفصيلة بكثرة شعبها، واتساع الرقعة المنتشرة فيها وقد سلك المتحدثون بها إن كانت يوماً ما لغةً واحدة مسالك متباعدة حتى لا يكاد يوجد بين فروع هذه الفصيلة إلا أوجه شبه محدودة يدركها المتخصصون.
2- فصيلة اللغات السامية - الحامية: وتشمل هذه الفصيلة مجموعتين لا يربط بينهما إلا روابط جغرافية؛ ذلك أن الاختلاف بين المجموعتين كبير.
أما الأولى - السامية - فلها حديث خاص، وأما الثانية - الحامية - فتنتسب إلى حام بن نوح - عليه السلام - وهي تحوي اللغاتِ المصريةَ القديمةَ، والقبطيةَ، واللغاتِ البربريةَ التي لا يزال لها بعض الاستعمال في مناطق من شمال أقريقيا، واللغات الكنوشيتية - الحبشية القديمة - والنوبية.
وأكثر هذه اللغات طغت عليها اللغات السامية.
3- فصيلة اللغات الطورانية: وتسميتها بالفصيلة من قبيل المجاز، وإلا فإن هذه الفصيلة تضم لغات لا تربط بينها علاقات، ولكن (مولر) جمعها تحت هذا الاسم؛ تخلصاً من كثرة التقسيمات.
ومن هذه الفصيلةِ اللغاتُ الصينية، واليابانية، والتركية، والمغولية وغيرها.
ولم يُرضِ هذا التقسيم العلماء المحدثين، فجعلوا اللغات السامية الحامية فصيلتين مستقلتين، وجعلوا الفصيلة الطورانية تسعة عشر قسماً؛ لتصل الفصائل إلى اثنتين وعشرين.