ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    فصائل اللغات الإنسانية

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    فصائل اللغات الإنسانية Empty فصائل اللغات الإنسانية

    مُساهمة من طرف أحمد الأحد نوفمبر 02, 2008 3:35 pm

    كان لاكتشاف اللغة السنسكريتية الهندية القديمة في أواخر القرن الثامن عشر أثر كبير في تطور الدراسات اللغويبة في أوربا ذلك أن البحث اللغوي الهندي كان يتميز بالدقة والاهتمام بالدراسات الوصفية، ويبتعد عن الجدل والفلسفة، وقد تبين للغويين وجود أوجه شبه كبيرة بين السنسكريتية واللغات الأوربية، فدفعهم هذا إلى الاهتمام بالدراسة الوصفية والتاريخية والمقارنة للغات.

    كان علماء تلك الفترة في أوربا مهتمين بالبحث التاريخي، ويحاولون وضع دراسة تاريخية تطورية لكل علم متأثرين بنظرية دارون التطورية، كما كانوا يسعون إلى وضع قوانين لعلومهم، فسار علماء اللغة على هذا النهج؛ لأجل تحديد أوجه الشبه والاتفاق بين اللغات، والبحث عن الأصول المشتركة لهذه اللغات؛ رغبة في الوصول إلى ما يسمى باللغة الأولى أو الأم، ودراسة تطور اللغات، وكتابة تاريخها اللغوي، ووضع قوانين عامة للغات.

    ودفع تحديد ملامح المجموعات اللغوية في أوربا ومعرفة العلاقات بينها - إلى البحث في لغات العالم الأخرى، حتى توصل العلماء إلى بعض التقسيمات للغات، وهو ما يسمى بالفصائل أو الأسر اللغوية.

    والغرض الذي يُسعى إليه من دراسة الفصائل اللغوية هو معرفة التقسيمات العامة للغات العالم، والمجموعة التي تنتمي إليها لغتنا، وخصائص المجموعة، وتاريخها، ثم نعرج على لغتنا؛ فندرسها بالتفصيل.

    ولقد توصل العلماء إلى عدة نظريات في تقسيم اللغات في العالم ولكن أشهر تلك النظريات نظريتان:

    النظرية الأولى: وهي التي تعتمد على الدراسة الوصفية والتشكيلية للغات، ولا تنظر إلى ما بينها من قرابات وصلات تاريخية.

    وصاحب هذه النظرية هو العالم الألماني (شليجل) وقد قسم اللغات إلى ثلاثة أقسام:

    1- اللغات المتصرفة أو التحليلية: وتمتاز هذه اللغات من الناحية التصريفية بتغير المعاني مع تصرف الكلمات، وأن الألفاظ فيها يشتق بعضها من بعض، ومن الناحية النحوية وتراكيب الجمل تَسْتَخدِم روابطَ وأدواتٍ تدل على مختلف العلاقات.

    ومن هذا النوع اللغات الأوربية واللغات السامية ومنها العربية التي بلغت من ذلك مبلغاً فاقت به سائر اللغات؛ ففي العربية - على سبيل المثال - تقول من مادة (شُرْب): شَرِبَ، يشرب، شارب، شَرَاب، شُرْب، شروب، شَريب، تَشراب. . . وكل منها يدل على معنى.

    وتقول: ركب محمد وعلي القطار من الرياض إلى الظهران فتدل الضمة في (محمد) على الفاعلية، والفتحة في (القطار) على المفعولية، والواو على الرابط بين (علي) و (محمد) و (من) على الابتداء و (إلى) على الانتهاء. . . وهكذا.

    2- اللغات الوصلية أو اللاصقة: وهذه اللغات تتغير المعاني فيها عن طريق إضافة لواصق أو سوابق إلى الكلمات، لتحمل معاني جديدة.

    ومن أشهر لغات هذه الفصيلة: اليابانية، وبعض اللغات البدائية.

    3- اللغات العازلة: وهي لغات لا تتصرف الكلمات فيها ولا تلحقها الإضافات، بل تحمل كل كلمة بصورتها معنى لا يتغير.

    ولا تعرف هذه اللغاتُ الأدواتِ النحويةَ، ولعل هذا هو السبب في تسميتها بـ: العازلة؛ لأن لكل كلمة دلالة خاصة، لا تقبل التغير.

    ومن هذه اللغات الصينية وكثير من لغات الأمم البدائية.

    وزعم القائلون بهذه النظرية أنها تدل على تطور اللغات؛ فاللغة في نظرهم تبدأ من مرحلة (العزل)، ثم ترتقي إلى المرحلة التي تستخدم فيها السوابق واللواحق، ثم إلى أرقى مراحلها وهي أن تكون تصريفية كما يرى القائلون بها أن بعض اللغات قد تتوقف عند مرحلة معينة فلا تتجاوزها، وقد استدلوا على نظريتهم هذه بلغات الأطفال ولغات الأمم البدائية.

    ولم تلقَ هذه النظرية قبولاً عند العلماء ووجهوا إليها اعتراضات أهمها:

    أن كثيراً من اللغات تعرف أكثر من قسم من الأقسام الثلاثة؛ فالعربية التي هي لغة تصريفية تعتمد اعتماداً كبيراً على الوصل، والإلصاق كحروف المضارعة، وعلامات التثنية والجمع، وغيرها.

    وكذلك نجد فيها بعض الصيغ العازلة كالمثال الذي يسوقه النحويون: ضرب موسى عيسى، من وجوب تقديم الفاعل، لعدم وجود قرينة تدل عليه، ولو قدمت (عيسى) على (موسى) أو على (ضرب) لتغير المعنى.

    النظرية الثانية: وهي التي تعتمد على الصلات وروابط القربى، والعلاقات التاريخية والجغرافية بين الشعوب، فتحاول أن تجعل من كل مجموعة متقاربة من اللغات فصيلة مستقلة.

    وهذه النظرية أكثر النظريات قبولاً، ورواجاً بين العلماء.

    وأشهر تقسيم للغات سار في هذا الاتجاه هو ما قال به العالم الألماني (ماكس مولر) ت1900م، فقد لاحظ أن أكثر لغات العالم تجمع بينها علاقات تاريخية، وأوجه شبه مما يمكن أن تكون متفرعة عن أصل واحد.

    ومن منطلق وحدة النشأة للغات وجد (مولر) أمامه مجموعتين لغويتين متميزتين، أما اللغات التي لم تندرج تحت هاتين المجموعتين فقد صنفهما تحت مجموعة ثالثة.

    وعلى هذا ففصائل اللغات في العالم ثلاث:

    1- فصيلة اللغات الهندية - الأوربية: وهي أكثر اللغات انتشاراً في العالم؛ إذ يتكلم بها أكثر سكان أوربا وأمريكا واستراليا، وقسم كبير من سكان آسيا.

    ويندرج تحت هذه المجموعة عدد من اللغات البائدة كالسنسكريتية، والفارسية القديمة، والبهلوية واللغات الجرمانية، واليونانية، والإغريقية القديمة، كما يدخل ضمن هذه المجموعة من اللغات المستعملة الحية اللغات الهندية، والفارسية، والكردية، والأفغانية، والأرمنية، والألبانية، واللغات الأوربية، والسلافية والاسكندنافية وغيرها.

    وقد اختلف العلماء في تحديد موطن هذه اللغات فقيل نشأت في وسط آسيا في منطقة التركستان، أو في أوربا الشرقية، أو في بحر البلطيق كما حاولوا تصور كيفية انتقال هذه اللغات وانتشارها في تلك البقاع الواسعة في العالم.

    وقد بحث العلماء كثيراً في هذه اللغات لأن أكثر علماء اللغة في العصور المتأخرة ينتمون إليها.

    وتمتاز هذه الفصيلة بكثرة شعبها، واتساع الرقعة المنتشرة فيها وقد سلك المتحدثون بها إن كانت يوماً ما لغةً واحدة مسالك متباعدة حتى لا يكاد يوجد بين فروع هذه الفصيلة إلا أوجه شبه محدودة يدركها المتخصصون.

    2- فصيلة اللغات السامية - الحامية: وتشمل هذه الفصيلة مجموعتين لا يربط بينهما إلا روابط جغرافية؛ ذلك أن الاختلاف بين المجموعتين كبير.

    أما الأولى - السامية - فلها حديث خاص، وأما الثانية - الحامية - فتنتسب إلى حام بن نوح - عليه السلام - وهي تحوي اللغاتِ المصريةَ القديمةَ، والقبطيةَ، واللغاتِ البربريةَ التي لا يزال لها بعض الاستعمال في مناطق من شمال أقريقيا، واللغات الكنوشيتية - الحبشية القديمة - والنوبية.

    وأكثر هذه اللغات طغت عليها اللغات السامية.

    3- فصيلة اللغات الطورانية: وتسميتها بالفصيلة من قبيل المجاز، وإلا فإن هذه الفصيلة تضم لغات لا تربط بينها علاقات، ولكن (مولر) جمعها تحت هذا الاسم؛ تخلصاً من كثرة التقسيمات.

    ومن هذه الفصيلةِ اللغاتُ الصينية، واليابانية، والتركية، والمغولية وغيرها.

    ولم يُرضِ هذا التقسيم العلماء المحدثين، فجعلوا اللغات السامية الحامية فصيلتين مستقلتين، وجعلوا الفصيلة الطورانية تسعة عشر قسماً؛ لتصل الفصائل إلى اثنتين وعشرين.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    فصائل اللغات الإنسانية Empty رد: فصائل اللغات الإنسانية

    مُساهمة من طرف أحمد الأحد نوفمبر 02, 2008 3:36 pm

    اللغات السامية


    والمراد بها - كما يقول الرافعي في تاريخ آداب العرب: لهجات سكان القسم الجنوبي من غرب آسيا من حدود الأردن شمالاً إلى البحر العربي جنوباً، ومن خليج العجم شرقاً إلى البحر الأحمر غرباً.

    وهي منسوبة إلى سام بن نوح - عليهما السلام - باعتبار أن المتكلمين بها هم في الجملة من نسله.

    وقد اختار الباحثون الغربيون هذه التسمية؛ حيث لاحظوا - وهم يقسمون لغات العالم - أوجه شبه بين مجموعة اللغات العربية والعبرية والحبشية والسريانية، والآشورية، والآرامية، وغيرها من اللغات؛ فاعتقدوا أنها - في الأصل - لغة واحدة، وأن أهلها يسكنون في بقعة واحدة، ثم تفرقوا في الأرض، وانتشروا، واختلفت ألسنتهم، وتباينت لغاتهم.

    وقد اختار العالم الألماني (شلوترز) اصطلاح اللغات السامية؛ لإطلاقه على هذه اللغات، ويعد أول من استخدم هذا الوصف، وذلك في القرن الثامن عشر الميلادي.

    وقد استمد هذه التسمية من جدول تقسيم الشعوب في الإصحاح العاشر من سفر التكوين في التوراة، وهو الجدول الذي يرجع الشعوب التي عمرت الأرض بعد الطوفان إلى أبناء نوح - عليه السلام -: سام، وحام، ويافث، والذي جعل الأشوريين، والآراميين، والعبريين من أبناء سام.

    وقد ارتضى الباحثون هذه التسمية رغم اعتراضهم على التقسيمات الموجودة في الجدول؛ لأن الجدول أدخل في الساميين شعوباً ليسوا منهم، واستبعد شعوباً من الساميين؛ لاعتبارات دينية، وسياسية.

    ولكن ذلك التقسيم - كاصطلاح علمي - كتب له الشيوع على ما فيه من تجاوزات.

    (تنبيه): قال أ.د علي البواب - حفظه الله -: (تناقل المستشرقون وكثير ممن سار على نهجهم من الباحثين العرب - أن علماء اليهود الذين كانوا يعيشون في الأندلس في القرن العاشر الميلادي هم أول من تنبه إلى الصلات والروابط بين الشعوب السامية، وأنهم أول من أدرك القرابة اللغوية بين الساميين.

    وهذا ادعاء غير صحيح، وفيه مغالطة تاريخية؛ فقد عرف كثير من علماء المسلمين قبل القرن العاشر الميلادي وبعده صلات القربى بين الشعوب السامية، كما عرفوا أنهم من ذرية سام بن نوح.

    فالخليل بن أحمد الفراهيدي ت170هـ - القرن الثامن الميلادي - يقول في كتابه العين: (وكنعان بن سام بن نوح ينسب إليه الكنعانيون، وكانوا يتكلمون بلغة تضارع العربية).

    والجوهري من علماء القرن الرابع الهجري - العاشر الميلادي - يقول: (وسام أحد بني نوح - عليه السلام - وهو أبو العرب).

    وابن حزم الأندلسي من علماء القرن الخامس الهجري يقول: (إن الذي وقفنا عليه، وعلمناه يقيناً أن السريانية، والعبرانية، والعربية والتي هي لغة مضر وربيعة لا لغة حمير - واحدة تبدلت بتبدل مساكن أهلها. . . فمن تدبر العربية والعبرانية والسريانية أيقن أن اختلافها إنما هو من تبديل ألفاظ الناس على طول الأزمان واختلاف البلدان ومجاورة الأمم وأنها لغة واحدة في الأصل).

    والإمام ابن تيمية ت728هـ أشار في فتاواه إلى وجود علاقات لغوية بين هذه اللغات قال: (والألفاظ العبرية تقارب العربية بعض المقاربة، كما تتقارب الأسماء في الاشتقاق الأكبر، وقد سمعت ألفاظ التوراة بالعبرية من مسلمة أهل الكتاب، فوجدت اللغتين متقاربتين غاية التقارب، حتى صرت أفهم كثيراً من كلامهم العبري بمجرد معرفة العربية).

    فإدراك علماء العربية لأوجه الشبه بين لغتهم وغيرها وارد ومعروف، وليس من العدل أن ينسب لغيرهم.

    بل إن من علماء العربية من عرف بعض اللغات السامية وغيرها، فأبو حيان الأندلسي أَلَّف في نحو الحبشية والتركية.

    ولكن علماء العربية لم يسعوا إلى إجراء البحوث المقارنة بين العربية وغيرها، وربما كان ذلك لاعتقادهم أن لغتهم أسمى من أن تقارن بغيرها، وتقديسهم لها جعلهم يربؤون بأنفسهم عن مقارنتها بلغات أخرى).

    بداية البحث التاريخي والمقارن للغات السامية وفائدة ذلك: أما البحث التاريخي والمقارن للغات السامية فهو وليد القرن التاسع عشر الميلادي، وقد برزت هذه البحوث على أيدي الغربيين بعد تطوير البحوث اللغوية، وللبحث التاريخي المقارن في اللغات السامية فوائد عديدة منها:

    1- معرفة تاريخ الشعوب السامية التي تتصل مع الشعوب بصلات القربى، وعاداتهم، وتقاليدهم، ودياناتهم، وحضاراتهم وأثر ذلك على العرب.

    2- أن البحث التاريخي المقارن يساعد على تفهم كثير من قضايا اللغة ويفسر بعض ظواهرها الصوتية واللفظية؛ فكثير من قضايا الدلالة كالترادف، والاشتراك، والإبدال يمكن أن يكشف البحثُ المقارن عن بعض غموضها، وأسباب حدوثها، كما أن هذا البحث يوضح كثيراً من التبدلات الدلالية.

    طريقة البحث في اللغات السامية:

    وقد سار البحث في اللغات السامية في اتجاهين:

    - أحدهما: تاريخي: يتناول الحديث عن موطن الساميين، وهجراتهم، وصراعهم مع الشعوب الأخرى، والممالك التي أقاموها، والآثار التي خلفوها وغير ذلك من البحوث التاريخية.

    - والثاني: لغوي: يعتمد على الدراسة الوصفية لكل لغة من حيث أصواتها، ومفرداتها، وتراكيبها، ثم المقارنة بين هذه اللغات للخروج بقوانين عامة للغات السامية، ومحاولة معرفة اللغة الأولى.

    والباحث في اللغات السامية يحتاج إلى الجمع بين الجانبين التاريخي واللغوي.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    فصائل اللغات الإنسانية Empty رد: فصائل اللغات الإنسانية

    مُساهمة من طرف أحمد الأحد نوفمبر 02, 2008 3:37 pm

    الموطن الأول للساميين



    اختلف العلماء كثيراً حول تحديد المكان الأول الذي عاش فيه الساميون، وسلكوا للإجابة على السؤال مسالك متعددة، وخرجوا بآراء مختلفة تبعاً للمنهج الذي اعتمدوه في بحث المسألة، ومن أشهر ما قيل في ذلك:

    1- رأى بعض الباحثين أن يكون شمال أفريقيا أو بلاد الحبشة - الموطن الأول للساميين، وأنهم نزحوا منها إلى جنوبي الجزيرة عن طريق باب المندب.

    وقد استندوا في ذلك على ما لاحظوا من أوجه التشابه بين الحاميين والساميين، وإلى وجود أوجه بين اللغات السامية والحامية.

    وهذه النظرية لا تستند على أسس قوية؛ فقد اعتُرِضَ عليها بأن التشابه بين السامية والحامية محدود، وأنه لم يكن للغات السامية وجود أو أثر يذكر عند الفتوح الإسلامية لشمال أفريقيا مما ينفي كون تلك المناطق مهداً للساميين.

    2- واعتمد بعض العلماء على المأثورات الدينية؛ ففي قصة الطوفان أن السفينة رست عند منابع دجلة والفرات، فرأى بعض العلماء أن مرتفعات كردستان، أو بلاد أرمينية هي المكان المقصود، وافترضوا أن تكون موطناً للساميين.

    وبناءاً على هذه النظرية فإن الموطن الأول للغات كلها هو ذلك المكان.

    ولكن أصحاب النظرية يقولون أن (حام) طرد، وأن (يافث) انطلق إلى مكان آخر، ولم يبق هناك إلا (سام) والنظرية - كما يبدو - تعتمد على تصورات لا تستند إلى كثيراً إلى الواقع؛ لذا لم يكتب لها الرواج كسابقتها.

    3- وافترض بعض العلماء أن تكون بلاد كنعان - الشام - الموطن الأول للساميين، واعتمدوا في ذلك على دراسة الأساطير، والمأثورات الشعبية.

    ولكن العلماء يعترضون على هذه النظرية بأن الانتقال من بلاد الشام الخصيبة إلى أرض الجزيرة انتقال شاق لا داعي له، وأن تلك الهجرات التي تمت في القرن الرابع ق.م تحتاج إلى الإبل التي ثبت أنها لم تستأنس إلا في الألف الثالث ق.م.

    4- ونظرية رابعة ترى أن سهول العراق وما بين النهرين هي البيئة الأولى التي نشأ فيها الساميون، وأول من قال بهذا الرأي العالم الإيطالي (جويدي) وتابعه على ذلك جماعة من العلماء، وحجة جويدي في ذلك لغوية، فقد وجد أن كلمة (نهر) معروفة في كل اللغات السامية بنفس اللفظ على حين تختلف كلمة (جبل) من لغة سامية إلى أخرى، كما لاحظ أن كثيراً من أسماء النباتات والحيوانات تشبه ما يوجد في البابلية الآشورية التي كانت في العراق أكثر مما تشبه العربية، واستخلص من ذلك أن يكون الساميون قد عاشوا في سهول العراق.

    وبخاصة إذا عرفنا أن البابلية الآشورية لها نصوص مكتوبة منذ الألف الرابع ق. م، وهي أقدم كتابات سامية.

    والاعتراضات الموجهة إلى هذه النظرية قائمة على أساس أن تاريخ العراق معروف قبل البابليين عن طريق النقوش السورية، والسوريون ليسوا ساميين، وأن أحد ملوك الساميين في العراق، وهو الملك الأكادي سرجون الأول 2600ق.م كتب عن أصله في نقش مشهور ما يفهم منه أنه وعشيرته قدموا إلى بلاد الرافدين من جزيرة العرب.

    أما الألفاظ اللغوية فقد تكون مستعارة من لغات غير سامية، وقد يكون الساميون عرفوا النهر قبل أن يعرفوا الجبل، ولكن ليس من الضرورة أن يكون دجلة أو الفرات.

    5- أما أشهر الآراء وأرجحها فهو القائل إن شبه الجزيرة العربية هي الموطن الأول للساميين، وقد مال إلى هذا الرأي كثير من المستشرقين، واستندوا في ذلك إلى عدة أدلة منها:

    1- المسكن: فأكثر المناطق التي حُددت على أنها الوطن الأول للساميين كانت مسكونة بشعوب غير سامية، على حين لا يُعرف قومٌ غير الساميين سكنوا جزيرة العرب.

    2- فالتاريخ يتحدث عن هجرات كانت تنطلق من جزيرة العرب إلى بلاد الشام والعراق، ولم يذكر عكس ذلك، وقد استمرت تلك الهجرات حتى غمر المهاجرون أرض العراق والشام وأفريقيا.

    والنقوش السورية تبين أن بلاد سومر كانت مهددة دائماً بهجرات قبائل تأتي من الجهات الجنوبية والجنوبية الغربية.

    3- ملائمة بلاد العرب: فقد ذكر بعض العلماء أن بلاد العرب كانت في العصور القديمة كثيفة بالسكان، خصبة الأرض، موفورة الخيرات، تخترقها عدة أنهر، وأنه على أثر بعض الظواهر الجيلوجية فقدت تلك المناطق خصبها، فنزح أكثر سكانها إلى مناطق أخرى.

    وقد عرف العرب السدود والأنهار، وقصص القرآن الكريم تحدثنا عن (سبأ) و (عاد) و (ثمود) وغيرهم كما تحدثنا عن القصص الدينية والروايات التاريخية عن كثير من الأمم التي سكنت جزيرة العرب، وكانوا يعيشون في رغد من العيش، وأن الله - تعالى - انتقم من كثير منهم لكفرهم بنعم الله - تعالى - .

    4- أن العرب أقرب الشعوب إلى السامية: فالمستشرقون يرون أن أقرب الشعوب إلى الساميين لغة، وخلقاً هم العرب، الذين بقوا في أرضهم ولم يختلطوا كثيراً مع غيرهم، وأن كثيراً من الألفاظ السامية يعبر عن عقلية تعتمد على المشاهدات الحسية التي تنشأ في الصحراء.

    هذه الأدلة دفعت بكثير من العلماء إلى الأخذ بهذا الرأي، وإلى افتراض أن أقدم موطن للساميين هو جزيرة العرب، أو أنها أقدم موطن عرف للساميين، بمعنى أنه لا يستبعد أن يكونوا قد نزحوا إليها من مكان آخر في فترة موغلة في القدم.

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    فصائل اللغات الإنسانية Empty رد: فصائل اللغات الإنسانية

    مُساهمة من طرف أحمد الأحد نوفمبر 02, 2008 3:39 pm

    الخصائص المشتركة للغات السامية



    يرى العلماء أن صلات القربى، والصفات الجامعة بين اللغات السامية كثيرة وواضحة، وأشد ظهوراً مما هي بين مجموعة اللغات الهندية الأوربية، وقد مر بنا أن بعض علماء العربية تنبهوا إلى العلاقة والرابطة بين العربية وغيرها دون معرفة بتلك اللغات.

    أما اللغات الهندية الأوربية فلا يستطيع إدراك الروابط بينها الباحثون المدققون.

    وأسباب كثرة الروابط بين اللغات السامية كثيرة منها:

    1- أن الساميين لم يتفرقوا في مناطق شاسعة متباعدة من الأرض كما هو الحال بالنسبة للغات الهندية الأوربية.

    2- وأن الساميين مع تفرقهم وانتشارهم لم تنقطع الاتصالات بينهم، ولم تتوقف هجراتهم.

    3- أن أكثر اللغات السامية ترتبط بالأديان والحضارات التي حرص أهلها عليها، وتمسكوا بها، فارتباط العربية بكتاب الله - تعالى - وتمسك اليهود والسريان والآراميين وغيرهم بمعتقداتهم وعباداتهم جعلهم يرتبطون بلغتهم، فلم ينلها تغير كبير، ولم تبتعد عن أصولها الأولى بعداً واسعاً.

    أما أهم الخصائص التي تجمع اللغات السامية فهي ما يلي:

    1- من الناحية الصوتية: تمتاز اللغات السامية باحتوائها على حروف الحلق (الهمزة والهاء والعين والحاء والغين والخاء) بحيث لا تخلو لغة سامية من بعض هذه الحروف، ويضيع منها بعضها، أو يتحول إلى صوت آخر تحت تأثير اللغات الأخرى.

    وقد استنتج العلماء أن السامية كانت تعرف حروف الحلق كما هي في العربية، وأن فقدها من غير العربية طرأ على الساميات، خصوصاً حرف (الحاء) حيث زعم ابن فارس رحمه الله في كتابه الصاحبي أن الحاء، والظاء مما اختصت به العرب.

    وقال - أيضاً -: (وزعم أناس أن الضاد مما اختصت به العرب دون غيرهم).

    وحروف التفخيم أو الإطباق: (ص، ض، ط، ظ، ق) من مميزات اللغات السامية، وقد أجمع الباحثون على وجود القاف والطاء والصاد في كل اللغات السامية، أما الظاء فيظن أنها متطورة عن الصاد، والضاد من خصائص العربية فلا توجد في غيرها - كما مر -.

    والحروف بين الأسنانية (ذ، ث، ظ) مما تميز السامية؛ فالذال والثاء صوتان أصليان في السامية الأولى، وإن فُقدا من بعض اللغات السامية وتحولا إلى أصوات أخرى كما هو الحال في العاميات العربية.

    2- ومن الناحية الصرفية: تعتمد اللغات السامية على الأصوات الساكنة، ويتحدد معنى الكلمة بالسواكن، ولا يكون للحركات قيمة كبيرة في ذلك، ويغلب على اللغات السامية الأصول الثلاثية، ويوجد فيها بعض الأصول الثنائية والرباعية، كما أن اللغات السامية لغات اشتقاقية تصريفية، وتعتمد على السوابق واللواحق في الزيادة على المعنى الأصلي.

    3- وزمن الفعل في اللغات السامية ينقسم إلى ماض، ومستمر، ولا تعرف اللغات السامية في الأصل غير هذين الزمنين على حين نرى اللغات الهندية الأوربية ينقسم زمن الفعل فيها إلى عدة أقسام.

    4- وتعرِفُ اللغاتُ الساميةُ حالتين فقط من حيث الجنس، وهما المذكر والمؤنث ولا تعرف نوعاً ثالثاً، وتدخل ما ليس بمذكر أو مؤنث حقيقي في أحدهما مجازاً.

    5- كما أن اللغات السامية تُقَسِّم الاسم من حيث العدد إلى مفرد ومثنى وجمع، والمثنى لا يعرف في كثير من اللغات.

    6- وظاهرة الإعراب ظاهرة ساميَّةٌ قديمة، فهي معروفة في النقوش القديمة كالأكادية كما هو الحال في العربية، وفَقْدُ الإعراب في بعض اللغات السامية حَدَثٌ متأخر.

    7- ومما يربط بين اللغات السامية أننا نجد كثيراً من المفردات تتشابه معانيها، كالاشتراك في الضمائر، والأعداد، وأسماء الأسرة، وأعضاء الجسم، وبعض الألفاظ الدالة على المعيشة.

    هذه الصفات والخصائص المشتركة بين اللغات السامية جعلت الباحثين يؤكدون أنها لغات لها أصل واحد، وهذا لا يعني أنه لا يوجد اختلافات بين هذه اللغات، فبالإضافة إلى ما أصاب اللغات السامية من تغيير في أصواتها وما دخلها من ألفاظ واستعمالات - فإن بينها فروقاً ليست قليلة في أداة التعريف، وعلامات التثنية والجمع، وكثير من المفردات.

    أما أقدم لغة سامية، أو أقرب لغة سامية إلى الأصل المشترك، أو اللغة الأولى للساميين كما يتصورها العلماء - فهو أمر مختلف فيه وإن كان أكثرهم يرى أن العربية أقرب اللغات إلى السامية الأولى؛ فالأبجدية الصوتية التي رسمها العلماء للسامية الأولى قريبة إلى حد ما من الألفبائية العربية، والعربيةُ لم تَفْقِد شيئاً من مخارجها، وحافظت على ظاهرة الإعراب كاملة، كما أن المفردات والتصريف، وتركيب الجملة السامية الأولى مما حافظت عليه العربية، وليس ذلك غريباً إذا ما تذكرنا أن أرجح الآراء ترى أن جزيرة العرب موطن الساميين، ومن ثم يكون سكان الجزيرة الذين لم يغادروا أرضهم ولم يختلطوا إلا قليلاً بغيرهم، والذين توارثوا الديانات والحضارات - هم أجدر الناس بالمحافظة على خصائص لغتهم الأم.

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 06, 2024 3:49 pm