احتجاج النحويين بالحديث
للدكتور محمود حسني محمود
لم تكن قضية الاحتجاج بالحديث تشغل فكر أحد من النحاة الأوائل، الواضعين لعلم النحو، المستقرئين لأحكامه من لسان العرب. لقد أثاروا النقاش حول الاحتجاج بالشعر، والاحتجاج بأقوال العرب وبالقراءات؛ ولكن أحداً منهم لم يحاول أن يبدي رأياً حول الاحتجاج بالحديث. فَلِمَ لاذ هؤلاء بالصمت؟ ألأَن النبي قال قولته المشهورة:([1]) "أنا أفصح العرب بيد أني من قريش"، فلم تترك هذه القولة مجالاً لأحد في المناقشة، وكأنها تجعل الاحتجاج بالأحاديث أمراً مسلّماً به، كما هو الأمر في الاحتجاج بالقرآن الكريم؟. أم لأن الوضع في الحديث كَثُر وتزايَدَ، بحيث صَعُب على هؤلاء النحاة الأوائل الذين كانوا يتحرّون الدقة ويتشددون التشدد كله أن يميّزوا ما هو للرسول وما هو ليس له؟ أم لأن الحديث رُوِي بعض منه بالمعنى فاشتمل على لفظ غير لفظ النبي، وإعراب غير إعرابه، وتصريف في اللفظ غير تصريفه، الأمر الذي جعل هؤلاء يتحرجون في البتّ في هذه القضية؟
يبدو لي أن هذه الأسباب جميعاً جعلت هؤلاء يلوذون بالصمت دون أن يصرحوا بقول أو رأي، وكأن الوقت لم يحن بعد للقطع في مثل هذه القضية. ولو بَتّوا فيها كما بتّوا في الاحتجاج بنصوص الشعر والنثر، لما كان هناك مجال لأحد من النحاة المتأخرين في الذهاب فيها مذاهب متباينة، والإدلاء بآراء متناقضة، والتحامل على بعضهم بعضاً، ولما امتد هذا الخلاف أزمنة متعاقبة ظهر تأثيره في كتب المعاصرين الذين بحثوا هذه القضية وناقشوا جوانبها العديدة.
ولعل إفراط ابن مالك في الاستشهاد بالحديث إفراطاً شديداً هو الذي أثار قضية الاحتجاج بالحديث، وأوهم النحاة في عصره وبعد عصره أنه خرج على سُنّة الأولين، وأنه شقَّ مذهباً جديداً لا سابق له. وجعلهم يحاولون كدّ عقولهم لمطالعة الناس بفتاوى وآراء، فكان حصيلة ذلك آراء ثلاثة رئيسية:
الأول: لا يجوز الاحتجاج بالحديث مطلقاً لأسباب عديدة، أولها: أَن الحديث مرويّ بالمعنى دون اللفظ، وما دام كذلك فكثير من ألفاظه وما اعتراها من تصريف أو إعراب ليس من نطق الرسول ولا من لفظه. وثانيهما: أن الحديث وقع فيه لحن كثير، لأن أغلب رواته أعاجم لا يتقنون اللغة العربية. وثالثهما: أن أوائل النحاة من أئمة البصريين والكوفيين، النحاة المتأخرين في بغداد والأندلس وغيرها، لم يفعلوا ذلك.
وأبرز من قال([2]) بهذا الرأي أبو حيان، وابن الضائع، والسيوطي.
الثاني: رأى([3]) الشاطبي، الذي يقف موقفاً وسطاً بين المنع والتجويز، فيرى أنه يجوز الاحتجاج بالأحاديث التي اعُتني بنقل ألفاظها لمقصود خاص، كتلك التي قُصد بها بيان فصاحته، وكالأمثال النبوية. ولا يجوز الاحتجاج بالأحاديث التي اعتني رواتها بالمعنى دون اللفظ. وقد تبع الشاطبي أبا حيان في نفيه احتجاج أحد من النحاة الأوائل به.
الثالث: التجويز مطلقاً؛ وقال به ابن مالك والرضي([4])، الذي زاد عليه جواز الاحتجاج بكلام أهل البيت، رضي الله عنهم. وقال به أيضاً الدماميني([5]) وابن الصلاح([6]). غير أن أشد هؤلاء تحمّساً لهذا الرأي وأكثرهم دفاعاً عنه أمام أبي حيان، ابن الطيب المغربي، في شرحه على اقتراح السيوطي، ولعل أبرز ما بني عليه دفاعه:
أَن القول([7]) إن القدامى لم يستدلّوا بالحديث ولا أثبتوا القواعد الكلية، لا دليل فيه على أنهم يمنعون ذلك ولا يجوّزونه.
إن القول([8]) إن الأحاديث بأسرها ليس موثوقاً بأنها من كلام النبي، صلى الله عليه وسلم، قول باطل، لأن المتواتر، وإن كان قليلاً، مجزوم أنه من كلام النبي، وكذلك ما اشتمل عليه صحيحا البخاري ومسلم، إلا قليلاً، مجزوم بأنه من كلامه، وما صح أنه من كلامه لا شك في كونه في إثبات القواعد كالقرآن.
أما القول([9]) إن الرواة جوَّزوا النقل بالمعنى، فاحتمل نقل المعاني دون الألفاظ، فالخلاف فيه مشهور، وكما أجازه قوم منعه آخرون، بل ذهب إلى المنع كثير من المحدثين الفقهاء والأصوليين. وإن بعض الأئمة شدَّد في الرواية بالمعنى غاية التشديد، فمنع تقديم كلمة على كلمة أخرى، وحرف على آخر. وذهب بعض الأئمة إلى أنه لا تجوز الرواية بالمعنى إلا لمن أحاط بجميع دقائق علم اللغة، وإلا فلا يجوز له الرواية بالمعنى.
أما القول([10]) بتعدد رواية القصة الواحدة، فالرد عليه بأن ورود القصة الواحدة بالعبارات المختلفة صحيح موجود في كثير من الأحاديث، فقد كان النبي يعيد الكلام المرَّتَيْن وأكثر لقصد البيان وإزالة الإبهام. وقد ورد أنه، عليه الصلاة السلام، كان من عادته تكرار الكلام ثلاث مرات؛ وقد وضع البخاري باباً أسماه: باب من أعاد الحديث ثلاثاً ليفهم عنه.
وآخر دفاعاته([11]) أن صحيح البخاري، مع أنه مشتمل على سبعة آلاف ومئتين وخمسة وسبعين حديثاً بالمكرر، فإن التراكيب المخالفة لظاهر الإعراب فيه تكاد لا تبلغ أربعين، ومع ذلك بسطها شُرّاحه، وأزال النقابَ عن وجوه أشكالها ابنُ مالك في ما كتبه على صحيح البخاري، بحيث لم يعد فيها إشكال ولا غرابة.
وقضية الاحتجاج بالحديث هي في حقيقتها ذات جانبين يمكن دراسة أحدهما مستقلاً عن الآخر، وإن كان كل منهما يكمل الآخر ويلقي الضوء عليه:
الجانب الأول: الإفتاء في الاحتجاج بالحديث: هل يجوز أو لا يجوز؟
الجانب الثاني: هل احتج النحاة الأوائل بالحديث أم لا؟ ومتى كانت بداية الاحتجاج به؟ وما حجتهم إن كانوا عملوا به؟
أما الجانب الأول فقد بَتَّ فيه مجمع اللغة العربية إذ جوّز الاحتجاج بعد أن وضع شروطاً([12]) ومقاييس للأحاديث التي يُحْتَجّ بها.
وأما الجانب الثاني فقد بقي المجال فيه مفتوحاً أمام الباحثين المعاصرين للتنقيب والتفتيش، ولتبيين: هل كان الحديث مصدراً من مصادر الاحتجاج أو لا؟ وقد نفى الدكتور([13]) شوقي ضيف، والدكتور([14]) عبدالرحمن السيد احتجاج النحاة، كأبي عمرو بن العلاء، والخليل بن أحمد، وسيبويه، وغيرهم، بالحديث. وعد([15]) الأستاذ طه الراوي ابن خروف (ت 609هـ) أول من احتج به. بينما عد([16]) الشيخ محمد الخضر حسين ابن حزم سابقاً لابن مالك في هذا المضمار. أما الدكتور أحمد مكي الأنصاري فقد نسب([17]) أولية الاحتجاج به إلى الفراء. وكان الدكتور عبدالفتاح شلبي دقيقاً في قوله حين بحث في هذا الموضوع، إذ جعل أبا علي الفارسي أسبق من ابن خروف، ولكنه لا يستطيع – كما ذكر- أن يدعي أنه أول من احتج، قال: ([18]) "ولست أزعم أن صاحبي أول من اعتمد الأحاديث في الاحتجاج اللغوي والنحوي والصرفي، لأن هذه القضية عريضة تستلزم استقصاء آثار النحاة الذين سبقوا أبا علي؛ ولكني أكتفي بتقرير أن أبا علي أسبق من ابن خروف في الاحتجاج بالحديث في مسائل النحو والصرف".
ولم ينتبه أحد قبل عثمان فكي إلى احتجاج سيبويه بالحديث النبوي، فقد ذكر([19]) أنه عثر في ثنايا الكتاب على ثلاثة أحاديث، وعَدَّه بناء على ذلك أول من احتج به؛ وتابعه في ذلك كل من الدكتور([20]) أحمد مكي الأنصاري، والدكتور([21]) موسى بناي، والأستاذ أحمد راتب النفاخ بعد أن زاد([22]) عليهما حديثين آخرين.
ومن يستقصي هذا الموضوع بعناية، ويتفحص كتب الأقدمين يتبين أن سيبويه ليس أول من احتج بالحديث، وليس هو صاحب هذه السنّة، وإنما سبقه إليها أوائل النحاة الذين أخذوا على عاتقهم شق طريق القواعد العربية في النحو والصرف بجدّ وعناء. وأول هؤلاء -حسب ما توصلت إليه في هذه الدراسة- أبو عمرو بن العلاء (ت 154هـ)؛ وأبو عمرو هذا أستاذ سيبويه، وتلميذ تلميذ أبي الأسود الدؤلي - فقد أورد الزجاجي القول الآتي:([23]) "اعلم أن للعلماء في اشتقاق النبي قولين: أما سيبويه في حكايته عن الخليل فيذهب إلى أنه مهموز الأصل من أنبأ عن الله ... فالنبي في مذهب هؤلاء فعيل بمعنى فاعل، ولامه همزة أبدلت ياء وأدغمت فيها التي قبلها فقيل نبيّ، كما ترى ... وقيل: القول الآخر مذهب جماعة من أهل اللغة، وهو رأي أبي عمرو بن العلاء، قالوا ليس بمهموز الأصل، وإنما هو من النباوة، وهي الرفعة، فإنه قيل: نبا ينبو: أي ارتفع على الخَلْق وعلا عليهم، ولامُهُ واو قُلبت ياء لوقوعها بعد ياء ساكنة، وأدغمت الأولى في الثانية فقيل نبيّ كما ترى. وهَمْزُهُ على هذا المذهب خطأ غير جائز، وعلى المذهب الأول جائز همزهُ وتَركُ همزه، لأن ما كان مهموز الأصل فتخفيفه جائز، وما لم مهموزاً في الأصل فهمزه لحن، إلا ما كانت فيه علة موجبة. وقال هؤلاء: والدليل على صحة مذهبنا ما روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أن رجلاً قال له: يا نبيء الله، فهمزه. فقال له عليه السلام:([24]) (لست بنبيء الله، ولكنني نبيّ الله)، فقال القائلون بالمذهب الأول: هذا حديث مرسل رواه حمزة".
وهذا القول فيه أمران صريحان:
الأول: كان أبو عمرو بن العلاء ممن يحتجون بالحديث، فقد دعم رأيه في عدم همز النبي بقوله، صلى الله عليه وسلم، ردّاً على الرجل: (لست بنبيء الله ولكنني نبيّ الله).
الثاني: لم يكن الخليل وسيبويه يرفضان الاحتجاج بالحديث أو يمنعانه. وإذا كانا يرفضان فإنما يرفضان الاحتجاج بالحديث المرسل، فلم يرفضا الاحتجاج بالحديث المذكور لأنه قول الرسول وإنما لأنه مرسل، والمرسل([25]) نوع من أنوع الحديث الضعيف لعدم إسناده.
صحيح أن هذا الحديث استشهد به أبو عمرو في ميدان علم الصرف، إلا أن من يستشهد بالحديث في الصرف يستشهد به في النحو؛ فالصرف أقرب إلى النحو من أي علم آخر، وأشد صلة به من الاشتقاق أو علم اللغة. وكانا إلى فترة طويلة من الزمن علماً واحداً، انفصلا فيما بعد ولكن الصلة بينهما بقيت قوية. هذا بالإضافة إلى أن الصرف يبحث في ما يطرأ على الكلمة من زيادة أو نقصان أو تغيير، بينما يبحث النحو غالباً في ما يتناوب على آخرها من حركات الإعراب لتناوب العامل، فالأول أكثر([26]) صعوبة والإفتاء فيه أشد خطورة.
أما بالنسبة لاحتجاج الخليل فقد أورد الزجاج نصاً آخر فيه أنه كان يحتج بحديث النبي([27]): (لا تدخل الجنة إلا نفس مؤمنة مسلمة) في موضوع وصف المذكر والمؤنث، قال الزجاج([28]): "فأما ما كان من صفات المؤنث نحو: طالق طامث، فإذا سميت به رجلاً انصرف، لأنك إنما سميت بلفظ مذكر وُصِفَ به مؤنث؛ قال الخليل: المؤنث الذي يوصف بالمذكر بمنزلة شيء، كأنك قلت: شيء طالق. قال: والمؤنث الذي يكون صفة للمذكر نحو قولهم: رجل رَبْعة، وامرأة رَبْعة، ورجل نُكَحة، وجمل خُجَأَة، قال الخليل: لفظ الذَّكَر في هذا الذي وصف بالمؤنث بمنزلة سلعة، كما جاء في الخبر (لا تدخل الجنة إلا نفس مؤمنة مسلمة)".
فسيبويه إذن يأتي ثالثاً في الاحتجاج بالحديث - حسب ما توصلت إليه- وليس الأول كما ذكر.
أما الأحاديث الثلاثة التي ذكر عثمان فكي أن سيبويه احتج بها، وتابعه في الموافقة عليها د. أحمد مكي الأنصاري. و د. بناي، والأستاذ النفاخ، فسأحاول أن أقف عندها وأحقق في أمرها لأبدي رأياً نحوها.
وأول هذه الأحاديث ورد في باب "ما يكون فيه هو وأنت وأنا ونحن وأخواتهن فصلاً" قال سيبيويه([29]): " وأما قولهم([30]) (كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهوِّدانِه ويُنَصِّرانِه)، ففيه ثلاثة أوجه: فالرفع وجهان، والنصب وجه واحد. فأحد وجهي الرفع أن يكون المولود مضمراً في يكون، والأبوان مبتدآن، وما بعدهما مبني عليهما، كأنه قال: حتى يكون المولود أبواه اللذان يهودانه وينصرانه. والوجه الآخر: أن تعمل يكون في الأبوين ويكون: هُما: مبتدأ، وما بعده، خبراً له. والنصب على أن تجعل هُما فصلاً".
ومع أن هذا الذي استشهد به سيبويه حديث نبوي، إلا أن الضمير، هما، وهو موطن الاستشهاد والذي جاء بالحديث من أجله، لم أعثر له على ذكر في كتاب من كتب الحديث، ولم يرد في نص من نصوصه، وكأن سيبويه ساق الحديث النبوي هذا للاستفادة منه في ميدان النحو بعد تخليله هذا الضمير لتوضيح ما يذهب إليه. ويبدو أن سيبويه أحس بالمخالفة وتخوف أن ينسبه بعد أن أدخل فيه ما أدخل، فسبق ذكره بقوله: "كقولهم" وكأن ما يستشهد به عبارة نثرية عادية، والصيغة المشهورة للحديث([31]):
(ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه، أو ينصّرانه، أو يمجّسانه).
ولذلك فإن هذا الحديث لا يجوز - وفقاً لما ذكرت- أن يكون في عداد الأحاديث التي استشهد بها سيبويه، ما دام موطن الشاهد، وهو ضمير الفصل "هما" والذي يرتكز حديثه عليه، ليس من لفظ النبي.
وثاني الأحاديث، ورد في عمل اسم التفضيل ورفعها اسماً بارزاً؛ قال سيبويه ([32]) "وتقول: "ما رأيت رجلاً أبغضَ إليه الشرُّ منه إليه، وما رأيت أحداً أحسنَ في عينه الكحلُ منه في عينه"، ومثل ذلك([33]) (ما من أيام أحبَّ إلى الله عز وجل فيها الصومُ منه في عشر ذي الحجة) وإن شئت قلت: ما رأيتُ أحداً أحسنَ في عينه الكحلُ منه، وما رأيت رجلاً أبغضَ إليه الشرُّ منه، وما من أيام أحبَّ إلى الله فيها الصومُ في عشر ذي الحجة".
ومع أن ما استشهد به سيبويه يختلف في بعض ألفاظه عما ورد في كتب الحديث ككلمة "الصوم" التي لم أعثر عليها في رواية من الروايات، التي حلَّت محل "أن يُتَعَبَّد له فيها" أو محل "العمل"، إلا أن موطن الشاهد ثابت وهو كلمة "أحب"، وأنها رفعت اسماً ظاهراً وهو "الصوم" الذي ورد محل "العمل" في إحدى([34]) روايات الحديث؛ ولذلك فإن هذا الحديث يعد واحداً من الأحاديث التي كان يحتج بها سيبويه.
وقد استشهد به المبرّد، ولكنه ذكره كما يذكر عبارة نثرية. قال في باب مسائل "افعل مستقصاة"([35]): "وكذلك لو قلت: ما من أيام أحبَّ إلى الله فيها الصومُ منه في عشر ذي الحجة، أو تؤخر الصوم ومعناه التقديم"؛ وقد أخذه عن سيبويه كما هو؛ ولما كان سيبويه ساقه من غير أن ينسبه فقد التبس الأمر على المبرد، فأورده من غير معرفة بأنه حديث نبوي، ظنّاً منه أنه عبارة نثرية؛ وهذا ما أوحاه إليه تعبير سيبويه. وقد وقع([36]) ابن السراج في ما وقع فيه المبرد أستاذه. ولو كان يعلم المبرد (ت 285هـ) وابن السراج (ت 310هـ) أن ما يستشهدان به حديث، لما التزما بكل لفظة أوردها سيبويه فيه، لأن كتب الصحاح كانت قد بدأت تنتشر وتشيع في عصرهما، وأولها صحيح البخاري (ت 256هـ). ولكنهما لم يفعلا ذلك.
وقد علق([37]) محمد عضيمة، محقق المقتضب، على الأشموني، في شرحه لأنه جعله حديثاً. وذكر أن الراوية في كتب الصحاح: البخاري، والترمذي، وسنن ابن ماجه، وسنن النسائي، ليس فيها : "أحب" رافعاً للاسم الظاهر. فأنكر عليه ذلك. ومع أن ما نسبه عضيمة إلى الصحاح صحيح، إلا أن "أحب" رويت رافعة اسماً ظاهراً في إحدى روايات مسند ابن حنبل، كما أشرت قبل قليل([38]).
أما الحديث الثالث الذي ذكره عثمان فكي، فهو ما ورد في موضوع التنازع: قال سيبويه في الاستغناء عن الفاعل أحياناً لمعرفته من السياق: "ومما يقوّي ترك نحو هذا العلم المخاطب قوله عز وجل([39]): (والحافظين فروجهم والحافظات، والذاكرين الله كثيراً والذاكرات) فلم يعمل الآخر فيما عمل فيه الأول، استغناء عنه؛ ومثل ذلك ([40]) (ونخلع ونترك من يفجرك)".
وهذا الحديث نصه مطابق لما روي، فليس فيه ما يمنع أن يكون في عداد الأحاديث التي احتج بها سيبويه.
وقد أضاف([41]) الأستاذ النفاخ إلى هذه الثلاثة، التي شارك فيها عثمان فكي، حديثين آخرين انفرد بهما وعدّهما أيضاً مما استشهد به سيبويه في كتابه:
أحدهما في باب "ما ينتصب لأنه خبر للمعروف المبني على ما هو قبله من الأسماء المبهمة" قال سيبويه([42]): "وقد تقول هو عبدالله وأنا عبدالله فاخراً أو موعداً: أي اعرفني بما كنت تعرف، وبما كان يبلغك عني؛ ثم يفسر الحال التي كان يعلمه عليها أو تبلغه فيقول: أنا عبدالله كريماً جواداً، وهو عبدالله شجاعاً بطلاً، ويقول([43]) (إني عبدالله) مصغّراً نفسه لربه، ثم يفسر حال العبيد فيقول(43) (آكلاً كما يأكل العبد وشارباً كما يشرب العبد)".
وهذا الذي أورده سيبويه لا يعد من بين الأحاديث التي احتج بها سيبويه لأمور ثلاثة:
أولاً: إن الطريقة التي ساق بها سيبويه هذا القول لا توحي إلى أنه استشهد به حديثاً نبوياً، وإنما توحي إلى أنه يأتي بعبارة نثرية استوحاها من الحديث في رواياته المتعددة والتي أشرت إليها في الحاشية.
ثانياً: إن الصياغة التي أتى بها سيبويه تختلف عن الروايات التي روى الحديث بها كتب السنن.
ثالثاً: إن موطن الاستشهاد الذي مثل به سيبويه يختلف في لفظه وفي إعرابه عما ورد في كتب السنن؛ فإن كلمة "آكلاً" التي أوردها سيبويه، والتي هي موطن الاستشهاد، حلت محل "آكل"؛ فالكلمة الأولى اسم والثانية هي وفاعلها أما أن تكون في محل رفع خبر على أنها خبر إن، أو في محل نصب على أنها حال.
أما ثانيهما فهو ما أورده سيبويه في باب "من المصادر ما ينتصب بإضمار الفعل المتروك إظهاره" قال([44]): "وأما (سُبُّوحاً([45]) قُدّوساً ربَّ الملائكة والروح) فليس بمنزلة سبحان الله، لأن السُّبُّوح والقدّوس اسم، ولكنه على قوله: أذكر سبوحاً قدوساً، وذلك أنه خطر على باله أو ذكره ذاكر فقال: سبوحاً أي ذكرت سبوحاً، كما تقول: أهل ذلك، إذا سمعت الرجل ذكر الرجل بثناء أو بذم كأنه قال: ذكرت أهلَ ذاك".
وما استشهد به سيبويه هذا ليس واحداً من الأحاديث النبوية كما تراءى للنفاخ، ذلك أن "سبوحاً قدوساً" وردتا في الحديث النبوي مرفوعتين لا منصوبتين، ولكنّ سيبويه استفاد من الحديث لمعالجة قضية نحوية وليوضح فكرة الباب الذي عرضهما فيه، وهو نصب المصادر بأفعال مضمرة متروكة، فأتى بهما منصوبتين؛ فالنصب ليس من نطق الرسول وإنما هو من صنع سيبويه، أو نقله عن العرب، كما سيظهر في ما بعد في الرفع. فلا يجوز إذن أن يعد شاهداً من شواهد الحديث عند سيبويه، ولو ذهبنا إلى ذلك لكأنما اعترفنا بأن النصب من لفظ الرسول، وهو ليسه.
وقد نسب النفاخ "سبوحاً قدوساً رب الملائكة والروح" إلى النبي، وعدَّه حديثاً اعتماداً على ما ورد في "عون المعبود" الذي أتى بقول للقاضي عياض يتحدث فيه عن حديث النبي([46]) (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) قال القاضي عياض([47]): "وقيل فيه سبوحاً قدوساً على تقدير أسبح سبوحاً أو أذكر، أو أعظّم، أو أعبد (رب الملائكة والروح) هو من عطف الخاص على العام، لأن الروح من الملائكة، وهو ملك عظيم، يكون إذا وقف كجميع الملائكة. وقيل: يحتمل أن يكون جبريل".
وقول القاضي عياض: "وقيل فيه سبوحاً قدوساً" ليس معناه أن النبي كان ينصب فيقول هذا القول، لعدة دلالات، منها:
1- لو كان القاضي عياض ينسب النصب إلى النبي لأسنده بإحدى الطرق.
2- يستخدم القاضي عياض أسلوب "قيل" المبني للمجهول، وليس فيه تحديد أو إشارة إلى القائل، ففيه النسبة معممة مما يوحي أن هذا القول قول عام.
3- يلمح من سياق كلام القاضي عياض أنه يريد أن يعالج لفظ الحديث من الناحية اللغوية والنحوية؛ فقد أورد صاحب عون المعبود قولة القاضي في سياق شرح معنى "سبوح قدوس"، وسياق بيان الأوجه الإعرابية واللغوية والاشتقاقية، وهو يستأنس برأي القاضي في هذا المجال.
بالإضافة إلى ذلك كله فإن "عون المعبود" لا يقوم بدور الجامع للأحاديث أو تصنيفها وتحقيقها، وإنما بدور الشارح لما ورد في سنن أبي داود وما ورد فيه من أحاديث. ولم يرد النصب في هذه السنن.
وقد ورد "سبوح قدوس رب الملائكة والروح" بالرفع في صفحة كتاب سيبويه نفسها التي ورد فيها النصب، وعدَّه النفاخ من بين الأحاديث التي استشهد بها سيبويه. ومع أن هذا القول حديث نبوي - كما أشرت إليه في الحاشية حين الحديث عن النصب، إلا أنه في المقام الذي أورده سيبويه فيه لا يعدّ حديثاً، وإنما قولاً من أقوال العرب ما دام نسبه إليهم. قال سيبويه بعد الحديث عن النصب: "ومن العرب من يرفع فيقول: (سُبُّوحٌ قُدّوسٌ ربُّ الملائكة والروح)، كما قال أهلُ ذاك وصادقٌ والله؛ وكل هذا على ما سمعنا العرب تتكلم به رفعاً ونصباً". وما دام كذلك فلا يجوز أن يُعَدّ من بين الأحاديث التي احتج بها سيبويه؛ ولو جاز لجاز أن نعد([48]) "فأَنزِلَنْ سكينة علينا" الذي استشهد([49]) به سيبويه على النون الخفيفة والثقيلة، حديثاً، مع أنه فعلاً حديث نبوي، ولكنه في الأصل من شعر عبدالله بن رواحة، ثم أعجب به النبي، فكرّره مراراً، وصار حديثاً تناقله رواة الحديث؛ غير أن سيبوه حينما استشهد به نسبه إلى عبدالله بن رواحة؛ فهو قول عبدالله ، ولو نسبه إلى النبي لكان قول النبي وحديثه.
من هذه الوقفة يتبين لنا أن ما صحَّ أن يُعَدّ من الأحاديث التي احتج بها سيبويه، مما ذكره الفكي والنفاخ، حديثان اثنان: الأول "ونخلع ونترك من يفجرك". والثاني "ما من أيام أحب إلى الله فيها الصوم منه في عشر ذي الحجة".
ولقد حاولت أن أتعمق كتاب سيبويه لالتقاط بعض درر الحديث التي زين كتابه بها؛ وكتاب سيبويه بحر شاسع، كلّما أعدت النظر فيه وأمعنت اكتشفت شيئاً جديداً؛ ولكن اكتشاف الحديث فيه ليس أمراً يسيراً. تفحّصت الكتاب جملة جملة، ودَوّنت ما ظننت أنه حديث أو توقعت، لأن سيبويه لا يصرّح به، ثم استشرت بعض الكتب التي تفهرس الحديث، فاستخرجت ثلاثة أخرى عرضتها على كتب الحديث ووثقتها.
أما الحديث الأول فاستشهد به سيبويه في "باب تسمية المذكر والمؤنث، وهو الذي استشهد به الخليل كما مر. قال سيبويه([50]): "ومما جاء مؤنثاً صفة تقع للمذكر والمؤنث: هذا غلام يَفَعَة، وجارية يَفَعَة، وهذا رجل رَبْعة؛ فأما ما جاء من المؤنث لا يقع إلا لمذكر وصفاً، فكأنه في الأصل صفة لسلعة أو نفس، كما قال([51]) (لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة)".
أما الثاني فاستشهد به في باب "إن وأن" مبيناً المواطن التي تفتح فيها همزة أن وتكسر قال([52]): "وتقول([53]): ( لبيك إن الحمد والنعمة لك). وإن شئت قلت أن، ولو قال إنسان أن "أن" في موضع جر في هذه الأشياء؛ ولكنه حرف كثر استعماله في كلامهم فجاز فيه حذف الجارّ، كما حذفوا رُبَّ في قولهم:
وبلد تحسبه مكسوحاً
لكان قولاً قوياً".
أما الثالث فقد استشهد به في باب "تسميتك الحروف بالظروف وغيرها من الأسماء". قال([54]): "وأما ثَمَّ وأين وحيثُ ونحوهن إذا صيرت اسماً لرجل أو امرأة أو كلمة، فلا بد لهن من أن يتغيرن عن حالهن ويصرن بمنزلة زيد وعمرو، لأنك وضعتهن بذلك الموضع، كما تغَيَّرتْ ليت وأن، فإن أردت حكاية هذه الحروف تركتها على حالها، كما قال([55]): (إن الله ينهاكم عن قِيْلَ وقالَ) ومنهم من يقول عن قِيلٍ وقالٍ لما جعله اسماً، وفي الحكاية قالوا: "مِن شُبَّ إلى دُبَّ"، وإن شئت مُذ شُبٍّ إلى دُبٍّ".
وقد ذكر سيبويه الحديث مروياً بالمعنى لا بالحرف. ولكن موطن الاستشهاد ثابت في الكتب التي روت الحديث. والاستفادة من قول النبي بيّنة، فهو يبين هنا أن الفعلين "قيل وقال" يدلان على المصدرية في وضعهما كما هما من غير تحويل، مع جواز دخول الجر عليهما. قال الأستاذ محمود شاكر([56]): "وهما مصدران بمعنى الإشارة إلى هذين الفعلين الماضيين يجعلان حكاية متضمنة للضمير والإعراب، على إجرائها مجرى الأسماء، خلوين من الضمير فيدخل عليهما حرف التعريف لذلك، فيقال: "القيل والقال".
وقد صَرَّح بهذا الحديث الفراء واحتج به في بيان أصل الآن، قال([57]): "وإن شئت جعلت "الآن" أصلها من قولك آن لك أن تفعل أدخلت عليها الألف واللام ثم تركتها على مذهب فعل، فأتاها النصب من نصب فعل؛ وهو وجه جيد كما قالوا: نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن قيل وقال وكثرة السؤال، فكانتا كالاسمين، فهما منصوبتان ولو خفضتا على أنهما أخرجتا من نية الفعل كان صواباً؛ سمعت العرب تقول: مِن شُبَّ إلى دُبَّ بالفتح، ومن شُبٍّ إلى دُبٍّ، يقول: مُذ كان صغيراً إلى أن دبّ. وهو فعل".
هذه أحاديث ثلاثة احتجَّ بها سيبويه، ولعلّ في كتابه أحاديث أخرى لم أهتد إليها، وقد يهتدي إليها آخرون.
وما هو ضروري في هذا الصدد أن أذكر من خلال ما مرّ أن سيبويه كان يعامل قسماً من الأحاديث معاملة تختلف عن القسم الآخر: كان يورد أحاديث القسم الأول بعد أن يغير فيها ما يخدم الفكرة التي يتحدث عنها، ولكنه ينظر في هذه الحالة إلى ما استشهد به وكأنه عبارة نثرية؛ ومثل هذا لا يعد من ضمن الأحاديث التي استشهد بها، وبخاصة إذا كان موطن الشاهد ليس مذكوراً في إحدى روايات الحديث. أما أحاديث القسم الآخر فكان يوردها كما هي من غير تغيير أو تعديل، وإذا طرأ عليها ما يخالف الرواية المشهورة فإن موطن الشاهد يبقى ثابتاً لا يمسّه تغيير، وأحاديث هذا القسم تُعَدّ من شواهد الحديث في الكتاب.
ومن يمعن النظر في الأسلوب الذي يقدّم به سيبويه القسم الأول يجده نحو: "وأما قولهم" أو "وقد تقول ..." أو "وأما ..."، بينما يقدم القسم الثاني بـ"مثل ذلك ..." أو "كما قال ..."، والأسلوب الأخير أوضح إشارة إلى أن ما يورده واحد من أحاديث النبي.
يتبادر إلى الذهن في نهاية هذا البحث سؤالان يبحثان عن الإجابة عنهما:
الأول: لِمَ كانت أحاديث سيبويه التي احتج بها قليلة إلى هذا الحد اللافت؟
الثاني: لِمَ كان سيبويه يسوق الحديث دون أن ينسبه إلى النبي؟
وفي تصوري أن الإجابة عنهما تكمن في حقيقتين اثنتين، إحداهما تكمل الأخرى.
الأولى: أن سيبويه كان ممن سمعوا الحديث ولكنه كان([58]) "شديد الأخذ" حَذِراً، حريصاً، دقيقاً في كل ما يقول، وفي نسبة ما ينسب من الشواهد؛ فإنه كان يخشى أن ينسب إلى النبي فيقول: "قال النبي" أو "وفي الحديث" ثم يظهر خلاف ما ذكر. وصِدْقُ سيبويه مُجمَع عليه. قيل([59]) ليونس: إن سيبويه ألف كتاباً في ألف ورقة في علم الخليل. فقال: ومتى سمع سيبويه من الخليل هذا كله؟ جيئوني بكتابه، فلما نظر في كتابه ورأى ما حكى قال: يجب أن يكون هذا الرجل قد صَدَق عن الخليل فيما حكاه كما صدق فيما حكى عني.
وقد ترسخت الثقة بسيبويه من خلال نسبته شواهد الشعر إلى أصحابها؛ فشواهده أصحّ الشواهد([60]) "اعتمد عليها خلف بعد سلف، مع أن فيها أبياتاً عديدة جُهل قائلوها، وما عيب بها ناقلوها؛ وقد خرج كتابه إلى الناس والعلماء كثير، والعناية بالعلم وتهذيبه وكيدة، ونظر فيه وفتش، فما طعن أحد من المتقدمين عليه، ولا ادعى أنه أتى بشعر منكر".
أما الثانية: فإن الوضع في الحديث والكذب على النبي جعل التحرج والتحرز مبدأ من مبادئ سيبويه (ت 180هـ) التي لا يتزحزح عنها، ولم تظهر المسانيد التي جمعت الأحاديث ودونتها، والتي تجنبت الموضوع منها إلا في فترة تالية لسيبويه، وأول([61]) من ألف فيها أبو داود سليمان الطيالسي (ت 204هـ)، ثم تلا المسانيد كتب الصحاح، وصاحب أولها البخاري (ت 259هـ) الذي أجمع المحققون على([62]) "أن كتابه أصح كتاب بعد القرآن". وكان مسلم يقول له: ([63]) "يا طبيبَ الحديث".
وكتب الصحاح هي([64]) ذروة الفن في تحقيق الحديث، وضع أصحابها شروط الأحاديث الصحاح التي اطمأن إليها المؤمنون، وبيّنوا متواتر الحديث، وآحاده، ومشهوره، وعزيزه، وغريبه، ومقبوله، ومردوده، وشاذَّه، ومنكره، ومحكمه، ومختلفه، ومعلَّقه، ومرسله، ومنقطعه، ومعضله.
ومن ينظر في كتب النحاة بعد تأليف الصحاح يجد أن الاحتجاج بالحديث بدأ يزداد، والتصريح بأنه حديث أخذ يلازم كل ذكر له. فقد اطمأن النحاة وتعمّقت الثقة؛ ويأتي في طليعة هؤلاء نحاة المدرسة البغدادية الذين يُعَدّ([65]) الاحتجاج بالحديث في كتبهم والإكثار منه ميزة واضحة من مزايا مدرستهم، ومن أبرزهم في الاحتجاج به الزجاجي، والفارسي، وابن جني، والزمخشري. فابن خروف وابن عصفور وابن مالك ليسوا إلا مقتفين لآثارِ نحاة المدرسة البغدادية في هذا المضمار.
د. محمود حسني محمود
ثبت المصادر والمراجع
1- د. إبراهيم مدكور- مجمع اللغة العربية في 30 عاماً- الطبعة الثانية 1971م.
2- الأشموني – شرح الأشموني- تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد، مطبعة السعادة بمصر، الطبعة الأولى 1955م.
3- ابن الأثير- النهاية في غريب الحديث- تحقيق الطناحي، دار إحياء الكتب العربية.
4- ابن الأنباري- الإنصاف، مطبعة السعادة، الطبعة الرابعة 1961م.
5- ابن جني- المنصف، تحقيق إبراهيم مصطفى، الطبعة الأولى 1954م.
6- ابن السراج- الأصول في النحو، تحقيق د. عبدالسلام الفتلي، بغداد 1973م.
7- ابن سعد- طبقات ابن سعد، بيروت 1957م.
8- ابن الطيب المغربي- شرح الاقتراح، مخطوطة مصورة ملك الزميل الدكتور محمد إسماعيل عواد.
9- ابن ماجه - سنن ابن ماجه. تحقيق محمد فؤاد عبدالباقي، دار إحياء الكتب العربية.
10- ابن منظور- لسان العرب، دار صادر، بيروت 1955م.
11- ابن يعيش- شرح المفصل، الطبعة المنيرية.
12- أبو داود- سنن أبي داود، مطبعة الحلبي، الطبعة الأولى 1952م.
13- أبو الطيب محمد شمس الحق- عون المعبود في شرح سنن أبي داود، تحقيق عبدالرحمن عثمان، الطبعة الثانية 1968م.
14- أبو علي الفارسي- الإيضاح العضدي، تحقيق حسن شاذلي فرهود، دار الكتب، الطبعة الأولى 1969م.
15- أحمد بن حنبل- مسند ابن حنبل، بيروت.
16- أحمد راتب النفاخ- شواهد كتاب سيبويه، دار الأمانة، الطبعة الأولى 1970م.
17- د. أحمد مكي الأنصاري- أبو زكريا الفراء، القاهرة 1964م.
18- د. أحمد مكي الأنصاري- سيبويه والقراءات، دار المعارف بمصر 1972م.
19- البخاري- صحيح البخاري، بولاق، 1315م.
20- البغدادي- خزانة الأدب، تحقيق عبدالسلام هارون، القاهرة 1967م.
21- الترمذي- صحيح الترمذي، المطبعة المصرية، الطبعة الأولى 1931م.
22- الجاحظ- البيان والتبيين، تحقيق عبدالسلام هارون، الطبعة الثانية 1961م.
23- الذهبي- سير أعلام النبلاء، تحقيق إبراهيم الأبياري.
24- الذهبي- ميزان الاعتدال، تحقيق محمد البجاوي، مطبعة الحلبي.
25- الزبيدي- تاج العروس، بيروت 1966م.
26- الزبيدي- طبقات النحويين واللغويين، تحقيق أبو الفضل إبراهيم، القاهرة، الطبعة الأولى 1954م.
27- الزجاج- ما ينصرف وما لا ينصرف، تحقيق هدى قراعة، القاهرة 1971م.
28- الزجاجي- اشتقاق أسماء الله، تحقيق د. عبدالحسين المبارك، النجف الأشرف 1974م.
29- الزجاجي- اللامات، تحقيق د. مازن مبارك. دمشق 1969م.
30- الزمخشري- الفائق في غريب الحديث، تحقيق أبو الفضل إبراهيم، القاهرة، الطبعة الأولى 1948م.
31- سيبويه- الكتاب، تحقيق عبدالسلام هارون، دار القلم 1968م.
32- د. شوقي ضيف- المدارس النحوية، دار المعارف بمصر 1968م.
33- الطبري- تاريخ الطبري، تحقيق محمود شاكر، دار المعارف.
الطبري- تاريخ الطبري، بولاق، الطبعة الأولى 1324هـ.
34- طه الراوي- نظرات في اللغة والنحو، بيروت، الطبعة الأولى 1962م.
35- د. عبدالرحمن السيد- مدرسة البصرة النحوية، دار المعارف، الطبعة الأولى 1968م.
36- د. عبدالفتاح شلبي- أبو علي الفارسي، مكتبة نهضة مصر.
37- عثمان فكي- الاستشهاد في النحو العربي، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية دار العلوم في 1969م.
38- د. عز الدين السيد- الحديث النبوي، القاهرة، ط 1973م.
39- الفراء- معاني القرآن، دار الكتب المصرية، القاهرة، الطبعة الأولى 1955م.
40- القفطي- إنباه الرواة، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة 1952م.
41- الكرماني- شرح صحيح البخاري، المطبعة البهية المصرية.
42- مالك بن أنس- الموطأ، تصحيح محمد فؤاد عبدالباقي، دار إحياء الكتب العربية 1951م.
43- المبرّد- المقتضب، تحقيق محمد عضيمة، القاهرة 1385هـ.
44- محمد الخضر حسين - دراسات في العربية، دمشق، الطبعة الثانية 1960م.
45- د. محمد الخطيب - أصول الحديث، لبنان، الطبعة الأولى 1967م.
46- د. محمود حسني محمود - المدرسة البغدادية في تاريخ النحو العربي، مكتبة الجامعة الأردنية، ضمن مجموعة الرسائل الجامعية.
47- مسلم - صحيح مسلم، دار إحياء الكتب العربية.
48- د. موسى بناي- الإيضاح في شرح المفصل لابن الحاجب (دراسة)، بغداد 1976م.
49- النسائي- سنن النسائي، المطبعة المصرية.
[1]) ) الفائق في غريب الحديث (المقدمة). النهاية في غريب الحديث 1: 171.
[2]) ) انظر: خزانة الأدب 1: 10.
[3]) ) انظر: المصدر نفسه 1: 13.
[4]) ) انظر: المصدر نفسه 1: 9.
[5]) ) انظر: المصدر نفسه 1 : 14.
[6]) ) انظر: المصدر نفسه 1: 15.
[7]) ) شرح الاقتراح ورقة 1: 39.
[8]) ) المصدر نفسه ورقة 39.
[9]) ) شرح الاقتراح ورقة 40.
[10]) ) المصدر نفسه ورقة 42.
[11]) ) المصدر نفسه ورقة 44.
[12]) ) انظر: كتاب مجمع اللغة العربية في 30 عاماً. القاهرة.
[13]) ) انظر: المدارس النحوية ص 17، ص80.
[14]) ) انظر: مدرسة البصرة ص 255.
[15]) ) انظر: نظرات في اللغة والنحو ص20.
[16]) ) انظر: دراسات في العربية ص 43.
[17]) ) انظر: أبو زكريا الفراء ص 241.
[18]) ) أبو علي الفارسي ص 205- 203.
[19]) ) انظر: الاستشهاد في النحو العربي ص 157.
[20]) ) أنظر: سيبويه والقراءات ص 42 (الحاشية).
[21]) ) انظر: الإيضاح في شرح المفصل ص 84 (قسم الدراسة).
[22]) ) انظر: شواهد كتاب سيبويه ص 57- 58.
[23]) ) اشتقاق أسماء الله ص 504- 506.
[24]) ) النهاية في غريب الحديث 5/3.
[25]) ) انظر: أصول الحديث ص 334.
[26]) ) انظر: المنصف 1/4 (المقدمة).
[27]) ) انظر: صحيح مسلم، كتاب الإيمان حديث 178، 277، 378. وسنن ابن ماجة، كتاب الصيام، حديث 35.
[28]) ) ما ينصرف وما لا ينصرف ص55.
[29]) ) الكتاب 2: 393 (دار القلم).
[30]) ) الحديث في موطأ مالك: باب الجنائز نصه ..."كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه". وفي مسند ابن حنبل ورد في صيغ مختلفة أحداها 2/ 346:"ما من مولود إلا يولد على الفطرة حتى يكون أبواه اللذان يهودانه وينصرانه". وفي صحيح الترمذي، أبوب القدر:"كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يشركانه". وفي سنن أبي داود 2/531. كتاب السنة. باب ذرارى المشركين:"كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه". وقد ذكر النفاخ خطأ أنه في باب القدر من كتاب السنة لسنن أبي داود.انظر: شواهد سيبويه ص 57.
وقد استفاد من هذا الحديث أبو علي الفارسي واورده كما أورده سيبويه انظر: الإيضاح ص 101.
[31]) ) صحيح البخاري. باب الجنائز 2/95.
[32]) ) الكتاب: 2/31- 32 (دار القلم).
[33]) ) الحديث في ميزان الاعتدال 4/100 "ما من أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من أيام العشر". وفي صحيح الترمذي. أبواب الصوم "ما من أيام العمل الصالح فيهن أحبُّ إلى الله من هذه الأيام العشر". وفيه أيضاً عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد فيها من عشر ذي الحجة".
[34]) ) انظر: مسند أحمد بن حنبل 2/ 131- 132 أحد نصوص الحديث فيه:"ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العملُ فيهن من هذه الأيام العشر".
[35]) ) المقتضب 3: 350.
[36]) ) انظر: الأصول في النحو = 1: 155.
[37]) ) انظر: المقتضب 3: 250 (الحاشية).
[38]) ) انظر: شرح الأشموني 2: 390.
[39]) ) الأحزاب آية 45.
[40]) ) الحديث بـ:النهاية في غريب الحديث 3/ 414. وأشار النفاخ إلى أنه قطعة من دعاء القنوات أخرجه الطحاوي في معاني الآثار ص 147. وقد ورد بعض لفظ الحديث مغلوطاً في دراسة الدكتور بناي للإيضاح في شرح المفصل ص 85 إذ ورد :"ونخلع ونترك من يفرجك".
[41]) ) انظر: شواهد سيبويه ص 57- 58.
[42]) ) الكتاب 1/ 257 (بولاق).
[43]) ) حقق عبدالسلام هارون قول سيبويه هكذا:"وتقول (أني عبدالله) مصغراً نفسه لربه، ثم تفسر حال العبيد فتقول: (آكلا كما تأكل العبيد)". الكتاب 2/ 80 (دار القلم).
[44]) ) الكتاب 1/ 327.
[45]) ) الحديث في صحيح مسلم، كتاب الصلاة. وفي مسند ابن حنبل 6/148:"سبوح قدوس رب الملائكة والروح". بالرفع. وكذلك في سنن أبي داود 1/201 وفي سنن أبي داود 1: 325 من عون المعبود.
[46]) ) سنن أبي داود 1: 201.
[47]) ) عون المعبود 3/ 124.
[48]) ) الحديث في : صحيح البخاري كتاب الجهاد 34. باب القدر 16. باب الأدب 90 وصحيح مسلم. كتاب الجهاد. حديث 123، 124، 125، 132.
[49]) ) انظر: الكتاب 3: 511.
[50]) ) الكتاب 3/ 237.
[51]) ) انظر: صحيح مسلم. كتاب الإيمان. حديث 178، 377، 378. وسنن أبن ماجة، كتاب الصيام، حديث 35.
[52]) ) الكتاب 3: 128.
[53]) ) انظر: الموطأ. كتاب الحج. باب العمل في الاهلال. وصحيح البخاري: كتاب الحج. وصحيح مسلم. حج حديث 19، 20، 21، وصحيح الترمذي أبواب ابن ماجة. مناسك الحج. باب التلبية.
[54]) ) الكتاب 3/ 268.
[55]) ) الحديث بالحرف في تفسير الطبري 3/ 66 بولاق :"أن الله عز وجل كره لكم ثلاثاً قبل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال، فإذا شئت رأيته في قيل وقال يومه أجمع، وصدر ليلته".
وفي لسان العرب. مادة "قول": "روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن قيل وقال، وإضاعة المال" وفي تاج العروس. مادة "قول" أيضاً": "وفي الحديث : نهى عن قيل وقال وإضاعة المال".
[56]) ) تفسير الطبري 5/ 600 دار المعارف (الحاشية).
[57]) ) معاني القرآن 1: 468. وانظر: اللامات ص 39، والانصاف مسألة 71 وشرح المفصل 4/ 103.
[58]) ) أنباه الرواة 2/ 349.
[59]) ) طبقات النحويين واللغويين ص 73.
[60]) ) خزانة الأدب 1: 16- 17.
[61]) ) انظر: أصول الحديث ص183.
[62]) ) شرح صحيح البخاري – (المقدمة).
[63]) ) المصدر نفسه- (المقدمة).
[64]) ) انظر: الحديث النبوي من الوجهة البلاغية ص29.
[65]) ) انظر: المدرسة البغدادية في تاريخ النحو العربي ص 147.
المصدر: ملتقى شذرات
للدكتور محمود حسني محمود
لم تكن قضية الاحتجاج بالحديث تشغل فكر أحد من النحاة الأوائل، الواضعين لعلم النحو، المستقرئين لأحكامه من لسان العرب. لقد أثاروا النقاش حول الاحتجاج بالشعر، والاحتجاج بأقوال العرب وبالقراءات؛ ولكن أحداً منهم لم يحاول أن يبدي رأياً حول الاحتجاج بالحديث. فَلِمَ لاذ هؤلاء بالصمت؟ ألأَن النبي قال قولته المشهورة:([1]) "أنا أفصح العرب بيد أني من قريش"، فلم تترك هذه القولة مجالاً لأحد في المناقشة، وكأنها تجعل الاحتجاج بالأحاديث أمراً مسلّماً به، كما هو الأمر في الاحتجاج بالقرآن الكريم؟. أم لأن الوضع في الحديث كَثُر وتزايَدَ، بحيث صَعُب على هؤلاء النحاة الأوائل الذين كانوا يتحرّون الدقة ويتشددون التشدد كله أن يميّزوا ما هو للرسول وما هو ليس له؟ أم لأن الحديث رُوِي بعض منه بالمعنى فاشتمل على لفظ غير لفظ النبي، وإعراب غير إعرابه، وتصريف في اللفظ غير تصريفه، الأمر الذي جعل هؤلاء يتحرجون في البتّ في هذه القضية؟
يبدو لي أن هذه الأسباب جميعاً جعلت هؤلاء يلوذون بالصمت دون أن يصرحوا بقول أو رأي، وكأن الوقت لم يحن بعد للقطع في مثل هذه القضية. ولو بَتّوا فيها كما بتّوا في الاحتجاج بنصوص الشعر والنثر، لما كان هناك مجال لأحد من النحاة المتأخرين في الذهاب فيها مذاهب متباينة، والإدلاء بآراء متناقضة، والتحامل على بعضهم بعضاً، ولما امتد هذا الخلاف أزمنة متعاقبة ظهر تأثيره في كتب المعاصرين الذين بحثوا هذه القضية وناقشوا جوانبها العديدة.
ولعل إفراط ابن مالك في الاستشهاد بالحديث إفراطاً شديداً هو الذي أثار قضية الاحتجاج بالحديث، وأوهم النحاة في عصره وبعد عصره أنه خرج على سُنّة الأولين، وأنه شقَّ مذهباً جديداً لا سابق له. وجعلهم يحاولون كدّ عقولهم لمطالعة الناس بفتاوى وآراء، فكان حصيلة ذلك آراء ثلاثة رئيسية:
الأول: لا يجوز الاحتجاج بالحديث مطلقاً لأسباب عديدة، أولها: أَن الحديث مرويّ بالمعنى دون اللفظ، وما دام كذلك فكثير من ألفاظه وما اعتراها من تصريف أو إعراب ليس من نطق الرسول ولا من لفظه. وثانيهما: أن الحديث وقع فيه لحن كثير، لأن أغلب رواته أعاجم لا يتقنون اللغة العربية. وثالثهما: أن أوائل النحاة من أئمة البصريين والكوفيين، النحاة المتأخرين في بغداد والأندلس وغيرها، لم يفعلوا ذلك.
وأبرز من قال([2]) بهذا الرأي أبو حيان، وابن الضائع، والسيوطي.
الثاني: رأى([3]) الشاطبي، الذي يقف موقفاً وسطاً بين المنع والتجويز، فيرى أنه يجوز الاحتجاج بالأحاديث التي اعُتني بنقل ألفاظها لمقصود خاص، كتلك التي قُصد بها بيان فصاحته، وكالأمثال النبوية. ولا يجوز الاحتجاج بالأحاديث التي اعتني رواتها بالمعنى دون اللفظ. وقد تبع الشاطبي أبا حيان في نفيه احتجاج أحد من النحاة الأوائل به.
الثالث: التجويز مطلقاً؛ وقال به ابن مالك والرضي([4])، الذي زاد عليه جواز الاحتجاج بكلام أهل البيت، رضي الله عنهم. وقال به أيضاً الدماميني([5]) وابن الصلاح([6]). غير أن أشد هؤلاء تحمّساً لهذا الرأي وأكثرهم دفاعاً عنه أمام أبي حيان، ابن الطيب المغربي، في شرحه على اقتراح السيوطي، ولعل أبرز ما بني عليه دفاعه:
أَن القول([7]) إن القدامى لم يستدلّوا بالحديث ولا أثبتوا القواعد الكلية، لا دليل فيه على أنهم يمنعون ذلك ولا يجوّزونه.
إن القول([8]) إن الأحاديث بأسرها ليس موثوقاً بأنها من كلام النبي، صلى الله عليه وسلم، قول باطل، لأن المتواتر، وإن كان قليلاً، مجزوم أنه من كلام النبي، وكذلك ما اشتمل عليه صحيحا البخاري ومسلم، إلا قليلاً، مجزوم بأنه من كلامه، وما صح أنه من كلامه لا شك في كونه في إثبات القواعد كالقرآن.
أما القول([9]) إن الرواة جوَّزوا النقل بالمعنى، فاحتمل نقل المعاني دون الألفاظ، فالخلاف فيه مشهور، وكما أجازه قوم منعه آخرون، بل ذهب إلى المنع كثير من المحدثين الفقهاء والأصوليين. وإن بعض الأئمة شدَّد في الرواية بالمعنى غاية التشديد، فمنع تقديم كلمة على كلمة أخرى، وحرف على آخر. وذهب بعض الأئمة إلى أنه لا تجوز الرواية بالمعنى إلا لمن أحاط بجميع دقائق علم اللغة، وإلا فلا يجوز له الرواية بالمعنى.
أما القول([10]) بتعدد رواية القصة الواحدة، فالرد عليه بأن ورود القصة الواحدة بالعبارات المختلفة صحيح موجود في كثير من الأحاديث، فقد كان النبي يعيد الكلام المرَّتَيْن وأكثر لقصد البيان وإزالة الإبهام. وقد ورد أنه، عليه الصلاة السلام، كان من عادته تكرار الكلام ثلاث مرات؛ وقد وضع البخاري باباً أسماه: باب من أعاد الحديث ثلاثاً ليفهم عنه.
وآخر دفاعاته([11]) أن صحيح البخاري، مع أنه مشتمل على سبعة آلاف ومئتين وخمسة وسبعين حديثاً بالمكرر، فإن التراكيب المخالفة لظاهر الإعراب فيه تكاد لا تبلغ أربعين، ومع ذلك بسطها شُرّاحه، وأزال النقابَ عن وجوه أشكالها ابنُ مالك في ما كتبه على صحيح البخاري، بحيث لم يعد فيها إشكال ولا غرابة.
وقضية الاحتجاج بالحديث هي في حقيقتها ذات جانبين يمكن دراسة أحدهما مستقلاً عن الآخر، وإن كان كل منهما يكمل الآخر ويلقي الضوء عليه:
الجانب الأول: الإفتاء في الاحتجاج بالحديث: هل يجوز أو لا يجوز؟
الجانب الثاني: هل احتج النحاة الأوائل بالحديث أم لا؟ ومتى كانت بداية الاحتجاج به؟ وما حجتهم إن كانوا عملوا به؟
أما الجانب الأول فقد بَتَّ فيه مجمع اللغة العربية إذ جوّز الاحتجاج بعد أن وضع شروطاً([12]) ومقاييس للأحاديث التي يُحْتَجّ بها.
وأما الجانب الثاني فقد بقي المجال فيه مفتوحاً أمام الباحثين المعاصرين للتنقيب والتفتيش، ولتبيين: هل كان الحديث مصدراً من مصادر الاحتجاج أو لا؟ وقد نفى الدكتور([13]) شوقي ضيف، والدكتور([14]) عبدالرحمن السيد احتجاج النحاة، كأبي عمرو بن العلاء، والخليل بن أحمد، وسيبويه، وغيرهم، بالحديث. وعد([15]) الأستاذ طه الراوي ابن خروف (ت 609هـ) أول من احتج به. بينما عد([16]) الشيخ محمد الخضر حسين ابن حزم سابقاً لابن مالك في هذا المضمار. أما الدكتور أحمد مكي الأنصاري فقد نسب([17]) أولية الاحتجاج به إلى الفراء. وكان الدكتور عبدالفتاح شلبي دقيقاً في قوله حين بحث في هذا الموضوع، إذ جعل أبا علي الفارسي أسبق من ابن خروف، ولكنه لا يستطيع – كما ذكر- أن يدعي أنه أول من احتج، قال: ([18]) "ولست أزعم أن صاحبي أول من اعتمد الأحاديث في الاحتجاج اللغوي والنحوي والصرفي، لأن هذه القضية عريضة تستلزم استقصاء آثار النحاة الذين سبقوا أبا علي؛ ولكني أكتفي بتقرير أن أبا علي أسبق من ابن خروف في الاحتجاج بالحديث في مسائل النحو والصرف".
ولم ينتبه أحد قبل عثمان فكي إلى احتجاج سيبويه بالحديث النبوي، فقد ذكر([19]) أنه عثر في ثنايا الكتاب على ثلاثة أحاديث، وعَدَّه بناء على ذلك أول من احتج به؛ وتابعه في ذلك كل من الدكتور([20]) أحمد مكي الأنصاري، والدكتور([21]) موسى بناي، والأستاذ أحمد راتب النفاخ بعد أن زاد([22]) عليهما حديثين آخرين.
ومن يستقصي هذا الموضوع بعناية، ويتفحص كتب الأقدمين يتبين أن سيبويه ليس أول من احتج بالحديث، وليس هو صاحب هذه السنّة، وإنما سبقه إليها أوائل النحاة الذين أخذوا على عاتقهم شق طريق القواعد العربية في النحو والصرف بجدّ وعناء. وأول هؤلاء -حسب ما توصلت إليه في هذه الدراسة- أبو عمرو بن العلاء (ت 154هـ)؛ وأبو عمرو هذا أستاذ سيبويه، وتلميذ تلميذ أبي الأسود الدؤلي - فقد أورد الزجاجي القول الآتي:([23]) "اعلم أن للعلماء في اشتقاق النبي قولين: أما سيبويه في حكايته عن الخليل فيذهب إلى أنه مهموز الأصل من أنبأ عن الله ... فالنبي في مذهب هؤلاء فعيل بمعنى فاعل، ولامه همزة أبدلت ياء وأدغمت فيها التي قبلها فقيل نبيّ، كما ترى ... وقيل: القول الآخر مذهب جماعة من أهل اللغة، وهو رأي أبي عمرو بن العلاء، قالوا ليس بمهموز الأصل، وإنما هو من النباوة، وهي الرفعة، فإنه قيل: نبا ينبو: أي ارتفع على الخَلْق وعلا عليهم، ولامُهُ واو قُلبت ياء لوقوعها بعد ياء ساكنة، وأدغمت الأولى في الثانية فقيل نبيّ كما ترى. وهَمْزُهُ على هذا المذهب خطأ غير جائز، وعلى المذهب الأول جائز همزهُ وتَركُ همزه، لأن ما كان مهموز الأصل فتخفيفه جائز، وما لم مهموزاً في الأصل فهمزه لحن، إلا ما كانت فيه علة موجبة. وقال هؤلاء: والدليل على صحة مذهبنا ما روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أن رجلاً قال له: يا نبيء الله، فهمزه. فقال له عليه السلام:([24]) (لست بنبيء الله، ولكنني نبيّ الله)، فقال القائلون بالمذهب الأول: هذا حديث مرسل رواه حمزة".
وهذا القول فيه أمران صريحان:
الأول: كان أبو عمرو بن العلاء ممن يحتجون بالحديث، فقد دعم رأيه في عدم همز النبي بقوله، صلى الله عليه وسلم، ردّاً على الرجل: (لست بنبيء الله ولكنني نبيّ الله).
الثاني: لم يكن الخليل وسيبويه يرفضان الاحتجاج بالحديث أو يمنعانه. وإذا كانا يرفضان فإنما يرفضان الاحتجاج بالحديث المرسل، فلم يرفضا الاحتجاج بالحديث المذكور لأنه قول الرسول وإنما لأنه مرسل، والمرسل([25]) نوع من أنوع الحديث الضعيف لعدم إسناده.
صحيح أن هذا الحديث استشهد به أبو عمرو في ميدان علم الصرف، إلا أن من يستشهد بالحديث في الصرف يستشهد به في النحو؛ فالصرف أقرب إلى النحو من أي علم آخر، وأشد صلة به من الاشتقاق أو علم اللغة. وكانا إلى فترة طويلة من الزمن علماً واحداً، انفصلا فيما بعد ولكن الصلة بينهما بقيت قوية. هذا بالإضافة إلى أن الصرف يبحث في ما يطرأ على الكلمة من زيادة أو نقصان أو تغيير، بينما يبحث النحو غالباً في ما يتناوب على آخرها من حركات الإعراب لتناوب العامل، فالأول أكثر([26]) صعوبة والإفتاء فيه أشد خطورة.
أما بالنسبة لاحتجاج الخليل فقد أورد الزجاج نصاً آخر فيه أنه كان يحتج بحديث النبي([27]): (لا تدخل الجنة إلا نفس مؤمنة مسلمة) في موضوع وصف المذكر والمؤنث، قال الزجاج([28]): "فأما ما كان من صفات المؤنث نحو: طالق طامث، فإذا سميت به رجلاً انصرف، لأنك إنما سميت بلفظ مذكر وُصِفَ به مؤنث؛ قال الخليل: المؤنث الذي يوصف بالمذكر بمنزلة شيء، كأنك قلت: شيء طالق. قال: والمؤنث الذي يكون صفة للمذكر نحو قولهم: رجل رَبْعة، وامرأة رَبْعة، ورجل نُكَحة، وجمل خُجَأَة، قال الخليل: لفظ الذَّكَر في هذا الذي وصف بالمؤنث بمنزلة سلعة، كما جاء في الخبر (لا تدخل الجنة إلا نفس مؤمنة مسلمة)".
فسيبويه إذن يأتي ثالثاً في الاحتجاج بالحديث - حسب ما توصلت إليه- وليس الأول كما ذكر.
أما الأحاديث الثلاثة التي ذكر عثمان فكي أن سيبويه احتج بها، وتابعه في الموافقة عليها د. أحمد مكي الأنصاري. و د. بناي، والأستاذ النفاخ، فسأحاول أن أقف عندها وأحقق في أمرها لأبدي رأياً نحوها.
وأول هذه الأحاديث ورد في باب "ما يكون فيه هو وأنت وأنا ونحن وأخواتهن فصلاً" قال سيبيويه([29]): " وأما قولهم([30]) (كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه هما اللذان يهوِّدانِه ويُنَصِّرانِه)، ففيه ثلاثة أوجه: فالرفع وجهان، والنصب وجه واحد. فأحد وجهي الرفع أن يكون المولود مضمراً في يكون، والأبوان مبتدآن، وما بعدهما مبني عليهما، كأنه قال: حتى يكون المولود أبواه اللذان يهودانه وينصرانه. والوجه الآخر: أن تعمل يكون في الأبوين ويكون: هُما: مبتدأ، وما بعده، خبراً له. والنصب على أن تجعل هُما فصلاً".
ومع أن هذا الذي استشهد به سيبويه حديث نبوي، إلا أن الضمير، هما، وهو موطن الاستشهاد والذي جاء بالحديث من أجله، لم أعثر له على ذكر في كتاب من كتب الحديث، ولم يرد في نص من نصوصه، وكأن سيبويه ساق الحديث النبوي هذا للاستفادة منه في ميدان النحو بعد تخليله هذا الضمير لتوضيح ما يذهب إليه. ويبدو أن سيبويه أحس بالمخالفة وتخوف أن ينسبه بعد أن أدخل فيه ما أدخل، فسبق ذكره بقوله: "كقولهم" وكأن ما يستشهد به عبارة نثرية عادية، والصيغة المشهورة للحديث([31]):
(ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه، أو ينصّرانه، أو يمجّسانه).
ولذلك فإن هذا الحديث لا يجوز - وفقاً لما ذكرت- أن يكون في عداد الأحاديث التي استشهد بها سيبويه، ما دام موطن الشاهد، وهو ضمير الفصل "هما" والذي يرتكز حديثه عليه، ليس من لفظ النبي.
وثاني الأحاديث، ورد في عمل اسم التفضيل ورفعها اسماً بارزاً؛ قال سيبويه ([32]) "وتقول: "ما رأيت رجلاً أبغضَ إليه الشرُّ منه إليه، وما رأيت أحداً أحسنَ في عينه الكحلُ منه في عينه"، ومثل ذلك([33]) (ما من أيام أحبَّ إلى الله عز وجل فيها الصومُ منه في عشر ذي الحجة) وإن شئت قلت: ما رأيتُ أحداً أحسنَ في عينه الكحلُ منه، وما رأيت رجلاً أبغضَ إليه الشرُّ منه، وما من أيام أحبَّ إلى الله فيها الصومُ في عشر ذي الحجة".
ومع أن ما استشهد به سيبويه يختلف في بعض ألفاظه عما ورد في كتب الحديث ككلمة "الصوم" التي لم أعثر عليها في رواية من الروايات، التي حلَّت محل "أن يُتَعَبَّد له فيها" أو محل "العمل"، إلا أن موطن الشاهد ثابت وهو كلمة "أحب"، وأنها رفعت اسماً ظاهراً وهو "الصوم" الذي ورد محل "العمل" في إحدى([34]) روايات الحديث؛ ولذلك فإن هذا الحديث يعد واحداً من الأحاديث التي كان يحتج بها سيبويه.
وقد استشهد به المبرّد، ولكنه ذكره كما يذكر عبارة نثرية. قال في باب مسائل "افعل مستقصاة"([35]): "وكذلك لو قلت: ما من أيام أحبَّ إلى الله فيها الصومُ منه في عشر ذي الحجة، أو تؤخر الصوم ومعناه التقديم"؛ وقد أخذه عن سيبويه كما هو؛ ولما كان سيبويه ساقه من غير أن ينسبه فقد التبس الأمر على المبرد، فأورده من غير معرفة بأنه حديث نبوي، ظنّاً منه أنه عبارة نثرية؛ وهذا ما أوحاه إليه تعبير سيبويه. وقد وقع([36]) ابن السراج في ما وقع فيه المبرد أستاذه. ولو كان يعلم المبرد (ت 285هـ) وابن السراج (ت 310هـ) أن ما يستشهدان به حديث، لما التزما بكل لفظة أوردها سيبويه فيه، لأن كتب الصحاح كانت قد بدأت تنتشر وتشيع في عصرهما، وأولها صحيح البخاري (ت 256هـ). ولكنهما لم يفعلا ذلك.
وقد علق([37]) محمد عضيمة، محقق المقتضب، على الأشموني، في شرحه لأنه جعله حديثاً. وذكر أن الراوية في كتب الصحاح: البخاري، والترمذي، وسنن ابن ماجه، وسنن النسائي، ليس فيها : "أحب" رافعاً للاسم الظاهر. فأنكر عليه ذلك. ومع أن ما نسبه عضيمة إلى الصحاح صحيح، إلا أن "أحب" رويت رافعة اسماً ظاهراً في إحدى روايات مسند ابن حنبل، كما أشرت قبل قليل([38]).
أما الحديث الثالث الذي ذكره عثمان فكي، فهو ما ورد في موضوع التنازع: قال سيبويه في الاستغناء عن الفاعل أحياناً لمعرفته من السياق: "ومما يقوّي ترك نحو هذا العلم المخاطب قوله عز وجل([39]): (والحافظين فروجهم والحافظات، والذاكرين الله كثيراً والذاكرات) فلم يعمل الآخر فيما عمل فيه الأول، استغناء عنه؛ ومثل ذلك ([40]) (ونخلع ونترك من يفجرك)".
وهذا الحديث نصه مطابق لما روي، فليس فيه ما يمنع أن يكون في عداد الأحاديث التي احتج بها سيبويه.
وقد أضاف([41]) الأستاذ النفاخ إلى هذه الثلاثة، التي شارك فيها عثمان فكي، حديثين آخرين انفرد بهما وعدّهما أيضاً مما استشهد به سيبويه في كتابه:
أحدهما في باب "ما ينتصب لأنه خبر للمعروف المبني على ما هو قبله من الأسماء المبهمة" قال سيبويه([42]): "وقد تقول هو عبدالله وأنا عبدالله فاخراً أو موعداً: أي اعرفني بما كنت تعرف، وبما كان يبلغك عني؛ ثم يفسر الحال التي كان يعلمه عليها أو تبلغه فيقول: أنا عبدالله كريماً جواداً، وهو عبدالله شجاعاً بطلاً، ويقول([43]) (إني عبدالله) مصغّراً نفسه لربه، ثم يفسر حال العبيد فيقول(43) (آكلاً كما يأكل العبد وشارباً كما يشرب العبد)".
وهذا الذي أورده سيبويه لا يعد من بين الأحاديث التي احتج بها سيبويه لأمور ثلاثة:
أولاً: إن الطريقة التي ساق بها سيبويه هذا القول لا توحي إلى أنه استشهد به حديثاً نبوياً، وإنما توحي إلى أنه يأتي بعبارة نثرية استوحاها من الحديث في رواياته المتعددة والتي أشرت إليها في الحاشية.
ثانياً: إن الصياغة التي أتى بها سيبويه تختلف عن الروايات التي روى الحديث بها كتب السنن.
ثالثاً: إن موطن الاستشهاد الذي مثل به سيبويه يختلف في لفظه وفي إعرابه عما ورد في كتب السنن؛ فإن كلمة "آكلاً" التي أوردها سيبويه، والتي هي موطن الاستشهاد، حلت محل "آكل"؛ فالكلمة الأولى اسم والثانية هي وفاعلها أما أن تكون في محل رفع خبر على أنها خبر إن، أو في محل نصب على أنها حال.
أما ثانيهما فهو ما أورده سيبويه في باب "من المصادر ما ينتصب بإضمار الفعل المتروك إظهاره" قال([44]): "وأما (سُبُّوحاً([45]) قُدّوساً ربَّ الملائكة والروح) فليس بمنزلة سبحان الله، لأن السُّبُّوح والقدّوس اسم، ولكنه على قوله: أذكر سبوحاً قدوساً، وذلك أنه خطر على باله أو ذكره ذاكر فقال: سبوحاً أي ذكرت سبوحاً، كما تقول: أهل ذلك، إذا سمعت الرجل ذكر الرجل بثناء أو بذم كأنه قال: ذكرت أهلَ ذاك".
وما استشهد به سيبويه هذا ليس واحداً من الأحاديث النبوية كما تراءى للنفاخ، ذلك أن "سبوحاً قدوساً" وردتا في الحديث النبوي مرفوعتين لا منصوبتين، ولكنّ سيبويه استفاد من الحديث لمعالجة قضية نحوية وليوضح فكرة الباب الذي عرضهما فيه، وهو نصب المصادر بأفعال مضمرة متروكة، فأتى بهما منصوبتين؛ فالنصب ليس من نطق الرسول وإنما هو من صنع سيبويه، أو نقله عن العرب، كما سيظهر في ما بعد في الرفع. فلا يجوز إذن أن يعد شاهداً من شواهد الحديث عند سيبويه، ولو ذهبنا إلى ذلك لكأنما اعترفنا بأن النصب من لفظ الرسول، وهو ليسه.
وقد نسب النفاخ "سبوحاً قدوساً رب الملائكة والروح" إلى النبي، وعدَّه حديثاً اعتماداً على ما ورد في "عون المعبود" الذي أتى بقول للقاضي عياض يتحدث فيه عن حديث النبي([46]) (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) قال القاضي عياض([47]): "وقيل فيه سبوحاً قدوساً على تقدير أسبح سبوحاً أو أذكر، أو أعظّم، أو أعبد (رب الملائكة والروح) هو من عطف الخاص على العام، لأن الروح من الملائكة، وهو ملك عظيم، يكون إذا وقف كجميع الملائكة. وقيل: يحتمل أن يكون جبريل".
وقول القاضي عياض: "وقيل فيه سبوحاً قدوساً" ليس معناه أن النبي كان ينصب فيقول هذا القول، لعدة دلالات، منها:
1- لو كان القاضي عياض ينسب النصب إلى النبي لأسنده بإحدى الطرق.
2- يستخدم القاضي عياض أسلوب "قيل" المبني للمجهول، وليس فيه تحديد أو إشارة إلى القائل، ففيه النسبة معممة مما يوحي أن هذا القول قول عام.
3- يلمح من سياق كلام القاضي عياض أنه يريد أن يعالج لفظ الحديث من الناحية اللغوية والنحوية؛ فقد أورد صاحب عون المعبود قولة القاضي في سياق شرح معنى "سبوح قدوس"، وسياق بيان الأوجه الإعرابية واللغوية والاشتقاقية، وهو يستأنس برأي القاضي في هذا المجال.
بالإضافة إلى ذلك كله فإن "عون المعبود" لا يقوم بدور الجامع للأحاديث أو تصنيفها وتحقيقها، وإنما بدور الشارح لما ورد في سنن أبي داود وما ورد فيه من أحاديث. ولم يرد النصب في هذه السنن.
وقد ورد "سبوح قدوس رب الملائكة والروح" بالرفع في صفحة كتاب سيبويه نفسها التي ورد فيها النصب، وعدَّه النفاخ من بين الأحاديث التي استشهد بها سيبويه. ومع أن هذا القول حديث نبوي - كما أشرت إليه في الحاشية حين الحديث عن النصب، إلا أنه في المقام الذي أورده سيبويه فيه لا يعدّ حديثاً، وإنما قولاً من أقوال العرب ما دام نسبه إليهم. قال سيبويه بعد الحديث عن النصب: "ومن العرب من يرفع فيقول: (سُبُّوحٌ قُدّوسٌ ربُّ الملائكة والروح)، كما قال أهلُ ذاك وصادقٌ والله؛ وكل هذا على ما سمعنا العرب تتكلم به رفعاً ونصباً". وما دام كذلك فلا يجوز أن يُعَدّ من بين الأحاديث التي احتج بها سيبويه؛ ولو جاز لجاز أن نعد([48]) "فأَنزِلَنْ سكينة علينا" الذي استشهد([49]) به سيبويه على النون الخفيفة والثقيلة، حديثاً، مع أنه فعلاً حديث نبوي، ولكنه في الأصل من شعر عبدالله بن رواحة، ثم أعجب به النبي، فكرّره مراراً، وصار حديثاً تناقله رواة الحديث؛ غير أن سيبوه حينما استشهد به نسبه إلى عبدالله بن رواحة؛ فهو قول عبدالله ، ولو نسبه إلى النبي لكان قول النبي وحديثه.
من هذه الوقفة يتبين لنا أن ما صحَّ أن يُعَدّ من الأحاديث التي احتج بها سيبويه، مما ذكره الفكي والنفاخ، حديثان اثنان: الأول "ونخلع ونترك من يفجرك". والثاني "ما من أيام أحب إلى الله فيها الصوم منه في عشر ذي الحجة".
ولقد حاولت أن أتعمق كتاب سيبويه لالتقاط بعض درر الحديث التي زين كتابه بها؛ وكتاب سيبويه بحر شاسع، كلّما أعدت النظر فيه وأمعنت اكتشفت شيئاً جديداً؛ ولكن اكتشاف الحديث فيه ليس أمراً يسيراً. تفحّصت الكتاب جملة جملة، ودَوّنت ما ظننت أنه حديث أو توقعت، لأن سيبويه لا يصرّح به، ثم استشرت بعض الكتب التي تفهرس الحديث، فاستخرجت ثلاثة أخرى عرضتها على كتب الحديث ووثقتها.
أما الحديث الأول فاستشهد به سيبويه في "باب تسمية المذكر والمؤنث، وهو الذي استشهد به الخليل كما مر. قال سيبويه([50]): "ومما جاء مؤنثاً صفة تقع للمذكر والمؤنث: هذا غلام يَفَعَة، وجارية يَفَعَة، وهذا رجل رَبْعة؛ فأما ما جاء من المؤنث لا يقع إلا لمذكر وصفاً، فكأنه في الأصل صفة لسلعة أو نفس، كما قال([51]) (لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة)".
أما الثاني فاستشهد به في باب "إن وأن" مبيناً المواطن التي تفتح فيها همزة أن وتكسر قال([52]): "وتقول([53]): ( لبيك إن الحمد والنعمة لك). وإن شئت قلت أن، ولو قال إنسان أن "أن" في موضع جر في هذه الأشياء؛ ولكنه حرف كثر استعماله في كلامهم فجاز فيه حذف الجارّ، كما حذفوا رُبَّ في قولهم:
وبلد تحسبه مكسوحاً
لكان قولاً قوياً".
أما الثالث فقد استشهد به في باب "تسميتك الحروف بالظروف وغيرها من الأسماء". قال([54]): "وأما ثَمَّ وأين وحيثُ ونحوهن إذا صيرت اسماً لرجل أو امرأة أو كلمة، فلا بد لهن من أن يتغيرن عن حالهن ويصرن بمنزلة زيد وعمرو، لأنك وضعتهن بذلك الموضع، كما تغَيَّرتْ ليت وأن، فإن أردت حكاية هذه الحروف تركتها على حالها، كما قال([55]): (إن الله ينهاكم عن قِيْلَ وقالَ) ومنهم من يقول عن قِيلٍ وقالٍ لما جعله اسماً، وفي الحكاية قالوا: "مِن شُبَّ إلى دُبَّ"، وإن شئت مُذ شُبٍّ إلى دُبٍّ".
وقد ذكر سيبويه الحديث مروياً بالمعنى لا بالحرف. ولكن موطن الاستشهاد ثابت في الكتب التي روت الحديث. والاستفادة من قول النبي بيّنة، فهو يبين هنا أن الفعلين "قيل وقال" يدلان على المصدرية في وضعهما كما هما من غير تحويل، مع جواز دخول الجر عليهما. قال الأستاذ محمود شاكر([56]): "وهما مصدران بمعنى الإشارة إلى هذين الفعلين الماضيين يجعلان حكاية متضمنة للضمير والإعراب، على إجرائها مجرى الأسماء، خلوين من الضمير فيدخل عليهما حرف التعريف لذلك، فيقال: "القيل والقال".
وقد صَرَّح بهذا الحديث الفراء واحتج به في بيان أصل الآن، قال([57]): "وإن شئت جعلت "الآن" أصلها من قولك آن لك أن تفعل أدخلت عليها الألف واللام ثم تركتها على مذهب فعل، فأتاها النصب من نصب فعل؛ وهو وجه جيد كما قالوا: نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن قيل وقال وكثرة السؤال، فكانتا كالاسمين، فهما منصوبتان ولو خفضتا على أنهما أخرجتا من نية الفعل كان صواباً؛ سمعت العرب تقول: مِن شُبَّ إلى دُبَّ بالفتح، ومن شُبٍّ إلى دُبٍّ، يقول: مُذ كان صغيراً إلى أن دبّ. وهو فعل".
هذه أحاديث ثلاثة احتجَّ بها سيبويه، ولعلّ في كتابه أحاديث أخرى لم أهتد إليها، وقد يهتدي إليها آخرون.
وما هو ضروري في هذا الصدد أن أذكر من خلال ما مرّ أن سيبويه كان يعامل قسماً من الأحاديث معاملة تختلف عن القسم الآخر: كان يورد أحاديث القسم الأول بعد أن يغير فيها ما يخدم الفكرة التي يتحدث عنها، ولكنه ينظر في هذه الحالة إلى ما استشهد به وكأنه عبارة نثرية؛ ومثل هذا لا يعد من ضمن الأحاديث التي استشهد بها، وبخاصة إذا كان موطن الشاهد ليس مذكوراً في إحدى روايات الحديث. أما أحاديث القسم الآخر فكان يوردها كما هي من غير تغيير أو تعديل، وإذا طرأ عليها ما يخالف الرواية المشهورة فإن موطن الشاهد يبقى ثابتاً لا يمسّه تغيير، وأحاديث هذا القسم تُعَدّ من شواهد الحديث في الكتاب.
ومن يمعن النظر في الأسلوب الذي يقدّم به سيبويه القسم الأول يجده نحو: "وأما قولهم" أو "وقد تقول ..." أو "وأما ..."، بينما يقدم القسم الثاني بـ"مثل ذلك ..." أو "كما قال ..."، والأسلوب الأخير أوضح إشارة إلى أن ما يورده واحد من أحاديث النبي.
يتبادر إلى الذهن في نهاية هذا البحث سؤالان يبحثان عن الإجابة عنهما:
الأول: لِمَ كانت أحاديث سيبويه التي احتج بها قليلة إلى هذا الحد اللافت؟
الثاني: لِمَ كان سيبويه يسوق الحديث دون أن ينسبه إلى النبي؟
وفي تصوري أن الإجابة عنهما تكمن في حقيقتين اثنتين، إحداهما تكمل الأخرى.
الأولى: أن سيبويه كان ممن سمعوا الحديث ولكنه كان([58]) "شديد الأخذ" حَذِراً، حريصاً، دقيقاً في كل ما يقول، وفي نسبة ما ينسب من الشواهد؛ فإنه كان يخشى أن ينسب إلى النبي فيقول: "قال النبي" أو "وفي الحديث" ثم يظهر خلاف ما ذكر. وصِدْقُ سيبويه مُجمَع عليه. قيل([59]) ليونس: إن سيبويه ألف كتاباً في ألف ورقة في علم الخليل. فقال: ومتى سمع سيبويه من الخليل هذا كله؟ جيئوني بكتابه، فلما نظر في كتابه ورأى ما حكى قال: يجب أن يكون هذا الرجل قد صَدَق عن الخليل فيما حكاه كما صدق فيما حكى عني.
وقد ترسخت الثقة بسيبويه من خلال نسبته شواهد الشعر إلى أصحابها؛ فشواهده أصحّ الشواهد([60]) "اعتمد عليها خلف بعد سلف، مع أن فيها أبياتاً عديدة جُهل قائلوها، وما عيب بها ناقلوها؛ وقد خرج كتابه إلى الناس والعلماء كثير، والعناية بالعلم وتهذيبه وكيدة، ونظر فيه وفتش، فما طعن أحد من المتقدمين عليه، ولا ادعى أنه أتى بشعر منكر".
أما الثانية: فإن الوضع في الحديث والكذب على النبي جعل التحرج والتحرز مبدأ من مبادئ سيبويه (ت 180هـ) التي لا يتزحزح عنها، ولم تظهر المسانيد التي جمعت الأحاديث ودونتها، والتي تجنبت الموضوع منها إلا في فترة تالية لسيبويه، وأول([61]) من ألف فيها أبو داود سليمان الطيالسي (ت 204هـ)، ثم تلا المسانيد كتب الصحاح، وصاحب أولها البخاري (ت 259هـ) الذي أجمع المحققون على([62]) "أن كتابه أصح كتاب بعد القرآن". وكان مسلم يقول له: ([63]) "يا طبيبَ الحديث".
وكتب الصحاح هي([64]) ذروة الفن في تحقيق الحديث، وضع أصحابها شروط الأحاديث الصحاح التي اطمأن إليها المؤمنون، وبيّنوا متواتر الحديث، وآحاده، ومشهوره، وعزيزه، وغريبه، ومقبوله، ومردوده، وشاذَّه، ومنكره، ومحكمه، ومختلفه، ومعلَّقه، ومرسله، ومنقطعه، ومعضله.
ومن ينظر في كتب النحاة بعد تأليف الصحاح يجد أن الاحتجاج بالحديث بدأ يزداد، والتصريح بأنه حديث أخذ يلازم كل ذكر له. فقد اطمأن النحاة وتعمّقت الثقة؛ ويأتي في طليعة هؤلاء نحاة المدرسة البغدادية الذين يُعَدّ([65]) الاحتجاج بالحديث في كتبهم والإكثار منه ميزة واضحة من مزايا مدرستهم، ومن أبرزهم في الاحتجاج به الزجاجي، والفارسي، وابن جني، والزمخشري. فابن خروف وابن عصفور وابن مالك ليسوا إلا مقتفين لآثارِ نحاة المدرسة البغدادية في هذا المضمار.
د. محمود حسني محمود
ثبت المصادر والمراجع
1- د. إبراهيم مدكور- مجمع اللغة العربية في 30 عاماً- الطبعة الثانية 1971م.
2- الأشموني – شرح الأشموني- تحقيق محمد محيي الدين عبدالحميد، مطبعة السعادة بمصر، الطبعة الأولى 1955م.
3- ابن الأثير- النهاية في غريب الحديث- تحقيق الطناحي، دار إحياء الكتب العربية.
4- ابن الأنباري- الإنصاف، مطبعة السعادة، الطبعة الرابعة 1961م.
5- ابن جني- المنصف، تحقيق إبراهيم مصطفى، الطبعة الأولى 1954م.
6- ابن السراج- الأصول في النحو، تحقيق د. عبدالسلام الفتلي، بغداد 1973م.
7- ابن سعد- طبقات ابن سعد، بيروت 1957م.
8- ابن الطيب المغربي- شرح الاقتراح، مخطوطة مصورة ملك الزميل الدكتور محمد إسماعيل عواد.
9- ابن ماجه - سنن ابن ماجه. تحقيق محمد فؤاد عبدالباقي، دار إحياء الكتب العربية.
10- ابن منظور- لسان العرب، دار صادر، بيروت 1955م.
11- ابن يعيش- شرح المفصل، الطبعة المنيرية.
12- أبو داود- سنن أبي داود، مطبعة الحلبي، الطبعة الأولى 1952م.
13- أبو الطيب محمد شمس الحق- عون المعبود في شرح سنن أبي داود، تحقيق عبدالرحمن عثمان، الطبعة الثانية 1968م.
14- أبو علي الفارسي- الإيضاح العضدي، تحقيق حسن شاذلي فرهود، دار الكتب، الطبعة الأولى 1969م.
15- أحمد بن حنبل- مسند ابن حنبل، بيروت.
16- أحمد راتب النفاخ- شواهد كتاب سيبويه، دار الأمانة، الطبعة الأولى 1970م.
17- د. أحمد مكي الأنصاري- أبو زكريا الفراء، القاهرة 1964م.
18- د. أحمد مكي الأنصاري- سيبويه والقراءات، دار المعارف بمصر 1972م.
19- البخاري- صحيح البخاري، بولاق، 1315م.
20- البغدادي- خزانة الأدب، تحقيق عبدالسلام هارون، القاهرة 1967م.
21- الترمذي- صحيح الترمذي، المطبعة المصرية، الطبعة الأولى 1931م.
22- الجاحظ- البيان والتبيين، تحقيق عبدالسلام هارون، الطبعة الثانية 1961م.
23- الذهبي- سير أعلام النبلاء، تحقيق إبراهيم الأبياري.
24- الذهبي- ميزان الاعتدال، تحقيق محمد البجاوي، مطبعة الحلبي.
25- الزبيدي- تاج العروس، بيروت 1966م.
26- الزبيدي- طبقات النحويين واللغويين، تحقيق أبو الفضل إبراهيم، القاهرة، الطبعة الأولى 1954م.
27- الزجاج- ما ينصرف وما لا ينصرف، تحقيق هدى قراعة، القاهرة 1971م.
28- الزجاجي- اشتقاق أسماء الله، تحقيق د. عبدالحسين المبارك، النجف الأشرف 1974م.
29- الزجاجي- اللامات، تحقيق د. مازن مبارك. دمشق 1969م.
30- الزمخشري- الفائق في غريب الحديث، تحقيق أبو الفضل إبراهيم، القاهرة، الطبعة الأولى 1948م.
31- سيبويه- الكتاب، تحقيق عبدالسلام هارون، دار القلم 1968م.
32- د. شوقي ضيف- المدارس النحوية، دار المعارف بمصر 1968م.
33- الطبري- تاريخ الطبري، تحقيق محمود شاكر، دار المعارف.
الطبري- تاريخ الطبري، بولاق، الطبعة الأولى 1324هـ.
34- طه الراوي- نظرات في اللغة والنحو، بيروت، الطبعة الأولى 1962م.
35- د. عبدالرحمن السيد- مدرسة البصرة النحوية، دار المعارف، الطبعة الأولى 1968م.
36- د. عبدالفتاح شلبي- أبو علي الفارسي، مكتبة نهضة مصر.
37- عثمان فكي- الاستشهاد في النحو العربي، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية دار العلوم في 1969م.
38- د. عز الدين السيد- الحديث النبوي، القاهرة، ط 1973م.
39- الفراء- معاني القرآن، دار الكتب المصرية، القاهرة، الطبعة الأولى 1955م.
40- القفطي- إنباه الرواة، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، القاهرة 1952م.
41- الكرماني- شرح صحيح البخاري، المطبعة البهية المصرية.
42- مالك بن أنس- الموطأ، تصحيح محمد فؤاد عبدالباقي، دار إحياء الكتب العربية 1951م.
43- المبرّد- المقتضب، تحقيق محمد عضيمة، القاهرة 1385هـ.
44- محمد الخضر حسين - دراسات في العربية، دمشق، الطبعة الثانية 1960م.
45- د. محمد الخطيب - أصول الحديث، لبنان، الطبعة الأولى 1967م.
46- د. محمود حسني محمود - المدرسة البغدادية في تاريخ النحو العربي، مكتبة الجامعة الأردنية، ضمن مجموعة الرسائل الجامعية.
47- مسلم - صحيح مسلم، دار إحياء الكتب العربية.
48- د. موسى بناي- الإيضاح في شرح المفصل لابن الحاجب (دراسة)، بغداد 1976م.
49- النسائي- سنن النسائي، المطبعة المصرية.
[1]) ) الفائق في غريب الحديث (المقدمة). النهاية في غريب الحديث 1: 171.
[2]) ) انظر: خزانة الأدب 1: 10.
[3]) ) انظر: المصدر نفسه 1: 13.
[4]) ) انظر: المصدر نفسه 1: 9.
[5]) ) انظر: المصدر نفسه 1 : 14.
[6]) ) انظر: المصدر نفسه 1: 15.
[7]) ) شرح الاقتراح ورقة 1: 39.
[8]) ) المصدر نفسه ورقة 39.
[9]) ) شرح الاقتراح ورقة 40.
[10]) ) المصدر نفسه ورقة 42.
[11]) ) المصدر نفسه ورقة 44.
[12]) ) انظر: كتاب مجمع اللغة العربية في 30 عاماً. القاهرة.
[13]) ) انظر: المدارس النحوية ص 17، ص80.
[14]) ) انظر: مدرسة البصرة ص 255.
[15]) ) انظر: نظرات في اللغة والنحو ص20.
[16]) ) انظر: دراسات في العربية ص 43.
[17]) ) انظر: أبو زكريا الفراء ص 241.
[18]) ) أبو علي الفارسي ص 205- 203.
[19]) ) انظر: الاستشهاد في النحو العربي ص 157.
[20]) ) أنظر: سيبويه والقراءات ص 42 (الحاشية).
[21]) ) انظر: الإيضاح في شرح المفصل ص 84 (قسم الدراسة).
[22]) ) انظر: شواهد كتاب سيبويه ص 57- 58.
[23]) ) اشتقاق أسماء الله ص 504- 506.
[24]) ) النهاية في غريب الحديث 5/3.
[25]) ) انظر: أصول الحديث ص 334.
[26]) ) انظر: المنصف 1/4 (المقدمة).
[27]) ) انظر: صحيح مسلم، كتاب الإيمان حديث 178، 277، 378. وسنن ابن ماجة، كتاب الصيام، حديث 35.
[28]) ) ما ينصرف وما لا ينصرف ص55.
[29]) ) الكتاب 2: 393 (دار القلم).
[30]) ) الحديث في موطأ مالك: باب الجنائز نصه ..."كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه". وفي مسند ابن حنبل ورد في صيغ مختلفة أحداها 2/ 346:"ما من مولود إلا يولد على الفطرة حتى يكون أبواه اللذان يهودانه وينصرانه". وفي صحيح الترمذي، أبوب القدر:"كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يشركانه". وفي سنن أبي داود 2/531. كتاب السنة. باب ذرارى المشركين:"كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه". وقد ذكر النفاخ خطأ أنه في باب القدر من كتاب السنة لسنن أبي داود.انظر: شواهد سيبويه ص 57.
وقد استفاد من هذا الحديث أبو علي الفارسي واورده كما أورده سيبويه انظر: الإيضاح ص 101.
[31]) ) صحيح البخاري. باب الجنائز 2/95.
[32]) ) الكتاب: 2/31- 32 (دار القلم).
[33]) ) الحديث في ميزان الاعتدال 4/100 "ما من أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من أيام العشر". وفي صحيح الترمذي. أبواب الصوم "ما من أيام العمل الصالح فيهن أحبُّ إلى الله من هذه الأيام العشر". وفيه أيضاً عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد فيها من عشر ذي الحجة".
[34]) ) انظر: مسند أحمد بن حنبل 2/ 131- 132 أحد نصوص الحديث فيه:"ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العملُ فيهن من هذه الأيام العشر".
[35]) ) المقتضب 3: 350.
[36]) ) انظر: الأصول في النحو = 1: 155.
[37]) ) انظر: المقتضب 3: 250 (الحاشية).
[38]) ) انظر: شرح الأشموني 2: 390.
[39]) ) الأحزاب آية 45.
[40]) ) الحديث بـ:النهاية في غريب الحديث 3/ 414. وأشار النفاخ إلى أنه قطعة من دعاء القنوات أخرجه الطحاوي في معاني الآثار ص 147. وقد ورد بعض لفظ الحديث مغلوطاً في دراسة الدكتور بناي للإيضاح في شرح المفصل ص 85 إذ ورد :"ونخلع ونترك من يفرجك".
[41]) ) انظر: شواهد سيبويه ص 57- 58.
[42]) ) الكتاب 1/ 257 (بولاق).
[43]) ) حقق عبدالسلام هارون قول سيبويه هكذا:"وتقول (أني عبدالله) مصغراً نفسه لربه، ثم تفسر حال العبيد فتقول: (آكلا كما تأكل العبيد)". الكتاب 2/ 80 (دار القلم).
[44]) ) الكتاب 1/ 327.
[45]) ) الحديث في صحيح مسلم، كتاب الصلاة. وفي مسند ابن حنبل 6/148:"سبوح قدوس رب الملائكة والروح". بالرفع. وكذلك في سنن أبي داود 1/201 وفي سنن أبي داود 1: 325 من عون المعبود.
[46]) ) سنن أبي داود 1: 201.
[47]) ) عون المعبود 3/ 124.
[48]) ) الحديث في : صحيح البخاري كتاب الجهاد 34. باب القدر 16. باب الأدب 90 وصحيح مسلم. كتاب الجهاد. حديث 123، 124، 125، 132.
[49]) ) انظر: الكتاب 3: 511.
[50]) ) الكتاب 3/ 237.
[51]) ) انظر: صحيح مسلم. كتاب الإيمان. حديث 178، 377، 378. وسنن أبن ماجة، كتاب الصيام، حديث 35.
[52]) ) الكتاب 3: 128.
[53]) ) انظر: الموطأ. كتاب الحج. باب العمل في الاهلال. وصحيح البخاري: كتاب الحج. وصحيح مسلم. حج حديث 19، 20، 21، وصحيح الترمذي أبواب ابن ماجة. مناسك الحج. باب التلبية.
[54]) ) الكتاب 3/ 268.
[55]) ) الحديث بالحرف في تفسير الطبري 3/ 66 بولاق :"أن الله عز وجل كره لكم ثلاثاً قبل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال، فإذا شئت رأيته في قيل وقال يومه أجمع، وصدر ليلته".
وفي لسان العرب. مادة "قول": "روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن قيل وقال، وإضاعة المال" وفي تاج العروس. مادة "قول" أيضاً": "وفي الحديث : نهى عن قيل وقال وإضاعة المال".
[56]) ) تفسير الطبري 5/ 600 دار المعارف (الحاشية).
[57]) ) معاني القرآن 1: 468. وانظر: اللامات ص 39، والانصاف مسألة 71 وشرح المفصل 4/ 103.
[58]) ) أنباه الرواة 2/ 349.
[59]) ) طبقات النحويين واللغويين ص 73.
[60]) ) خزانة الأدب 1: 16- 17.
[61]) ) انظر: أصول الحديث ص183.
[62]) ) شرح صحيح البخاري – (المقدمة).
[63]) ) المصدر نفسه- (المقدمة).
[64]) ) انظر: الحديث النبوي من الوجهة البلاغية ص29.
[65]) ) انظر: المدرسة البغدادية في تاريخ النحو العربي ص 147.
المصدر: ملتقى شذرات