ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    مسائل تتعلق بالحديث الصحيح (2)

    ام عائشه
    ام عائشه
    ركن أساسي ساهم في رفعة المنتدى
    ركن أساسي ساهم في رفعة المنتدى


    عدد الرسائل : 496
    الموقع : أرض الله _ القاهرة
    العمل/الترفيه : حب الله وحب الخير للجميع
    المزاج : الحمد لله رب العالمين
    نقاط : 286
    تاريخ التسجيل : 01/10/2008

    مسائل تتعلق بالحديث الصحيح (2) Empty مسائل تتعلق بالحديث الصحيح (2)

    مُساهمة من طرف ام عائشه الأربعاء ديسمبر 03, 2008 12:37 pm



    مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ

    مُوَطَّأُ مَالِكٍ

    (تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- "لَا أَعْلَمُ كِتَابًا فِي الْعِلْمِ أَكْثَرَ صَوَابًا مِنْ كِتَابِ مَالِكٍ" ، إِنَّمَا قَالَهُ قَبْلَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَقَدْ كَانَتْ كُتُبٌ كَثِيرَةٌ مُصَنَّفَةٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي السُّنَنِ ، لِابْنِ جُرَيْحٍ ، وَابْنِ إِسْحَاقَ -غَيْرَ السِّيرَةِ- وَلِأَبِي قُرَّةَ مُوسَى بْنِ طَارِقٍ الزَّبِيدِيِّ ، وَمُصَنَّفُ عَبْدِ الرَّازِقِ بْنِ هَمَّامٍ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.

    وَكَانَ كِتَابُ مَالِكٍ ، وَهُوَ (اَلْمُوَطَّأُ) أَجَلُّهَا وَأَعْظَمُهَا نَفْعً ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا أَكْبَرَ حَجْمًا مِنْهُ وَأَكْثَرَ أَحَادِيثَ وَقَدْ طَلَبَ الْمَنْصُورُ مِنَ الْإِمَامِ مَالِكٍ أَنْ يَجْمَعَ النَّاسَ عَلَى كِتَابِهِ ، فَلَمْ يُجِبْهُ إِلَى ذَلِكَ وَذَلِكَ مِنْ تَمَامِ عِلْمِهِ وَاتِّصَافِهِ بِالْإِنْصَافِ ، وَقَالَ "إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا وَاطَّلَعُوا عَلَى أَشْيَاءَ لَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهَا".

    وَقَدْ اِعْتَنَى النَّاسُ بِكِتَابِهِ (اَلْمُوَطَّأِ) وَعَلَّقُوا عَلَيْهِ كُتُبًا جَمَّةً وَمِنْ أَجْوَدِ ذَلِكَ كِتَابَا (اَلتَّمْهِيدِ) ، وَ(اَلِاسْتِذْكَارِ) ، لِلشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ النَّمْرِيِّ الْقُرْطُبِيِّ ، -رَحِمَهُ اللَّهُ- هَذَا مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُتَّصِلَةِ الصَّحِيحَةِ وَالْمُرْسَلَةِ وَالْمُنْقَطِعَةِ ، وَالْبَلَاغَاتِ اللَّاتِي لَا تَكَادُ تُوجَدُ مُسْنَدَةً إِلَّا عَلَى نُدُورٍ.

    إِطْلَاقُ اِسْمِ "اَلصَّحِيحِ" عَلَى التِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ

    وَكَانَ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَالْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ يُسَمِّيَانِ كِتَابَ التِّرْمِذِيِّ "اَلْجَامِعَ الصَّحِيحَ" وَهَذَا تَسَاهُلٌ مِنْهُمَا فَإِنَّ فِيهِ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً مُنْكَرَةً وَقَوْلُ الْحَافِظِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ ، وَكَذَا الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي كِتَابِ السُّنَنِ لِلنَّسَائِيِّ إِنَّهُ صَحِيحٌ ، فِيهِ نَظَرٌ وَإِنَّ لَهُ شَرْطًا فِي الرِّجَالِ أَشَدُّ مِنْ شَرْطِ مُسْلِمٍ غَيْرَ مُسَلَّمٍ ، فَإِنَّ فِيهِ رِجَالًا مَجْهُولِينَ إِمَّا عَيْنًا أَوْ حَالً ، وَفِيهِمْ الْمَجْرُوحُ ، وَفِيهِ أَحَادِيثُ ضَعِيفَةٌ وَمُعَلَّلَةٌ وَمُنْكَرَةٌ ، كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ فِي (اَلْأَحْكَامِ الْكَبِيرِ).

    مُسْنَدُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ

    وَأَمَّا قَوْلُ الْحَافِظِ أَبِي مُوسَى مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْمَدِينِيِّ عَنْ مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ إِنَّهُ صَحِيحٌ ، فَقَوْلٌ ضَعِيفٌ ، فَإِنَّ فِيهِ أَحَادِيثَ ضَعِيفَةً ، بَلْ وَمَوْضُوعَةً ، كَأَحَادِيثِ فَضَائِلِ مَرْوٍ ، وَعَسْقَلَانَ ، وَالْبَرْثِ الْأَحْمَرِ عِنْدَ حِمْصٍ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ ، كَمَا قَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ.

    ثُمَّ إِنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ قَدْ فَاتَهُ فِي كِتَابِهِ هَذَا -مَعَ أَنَّهُ لَا يُوَازِيهِ مُسْنَدٌ فِي كَثْرَتِهِ وَحُسْنِ سِيَاقَتِهِ- أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ جِدًّ ، بَلْ قَدْ قِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَقَعْ لَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَيْنِ.

    (اَلْكُتُبُ الْخَمْسَةُ وَغَيْرُهَا)

    وَهَكَذَا قَوْلُ الْحَافِظِ أَبِي طَاهِرٍ السَّلَفِيِّ فِي الْأُصُولِ الْخَمْسَةِ ، يَعْنِي الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا وَسُنَنَ أَبِي دَاوُدَ وَاَلتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ إِنَّهُ اِتَّفَقَ عَلَى صِحَّتِهَا عُلَمَاءُ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ تَسَاهُلٌ مِنْهُ وَقَدْ أَنْكَرَهُ اِبْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ قَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ وَهِيَ ذَلِكَ أَعْلَى رُتْبَةً مِنْ كُتُبِ الْمَسَانِيدِ كَمُسْنَدِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ ، وَالدَّارِمِيِّ ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، وَأَبِي يَعْلَى ، وَالْبَزَّارِ ، وَأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ ، وَالْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى ، وَغَيْرِهِمْ ؛ لِأَنَّهُمْ يَذْكُرُونَ عَنْ كُلِّ صَحَابِيٍّ مَا يَقَعُ لَهُمْ مِنْ حَدِيثِهِ.

    اَلتَّعْلِيقَاتُ الَّتِي فِي الصَّحِيحَيْنِ

    وَتَكَلَّمَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو عَلَى التَّعْلِيقَاتِ الْوَاقِعَةِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ ، وَفِي مُسْلِمٍ أَيْضً ، لَكِنَّهَا قَلِيلَةٌ ، قِيلَ إِنَّهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَوْضُوعًا.

    وَحَاصِلُ الْأَمْرِ : أَنَّ مَا عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ بِصِيغَةِ الْجَزْمِ فَصَحِيحٌ إِلَى مَنْ عَلَّقَهُ عَنْهُ ، ثُمَّ النَّظَرُ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ مِنْهَا بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ فَلَا يُسْتَفَادُ مِنْهَا صِحَّةٌ وَلَا تُنَافِيهَا أَيْضً ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَهُوَ صَحِيحٌ ، وَرُبَّمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

    وَمَا كَانَ مِنْ التَّعْلِيقَاتِ صَحِيحًا فَلَيْسَ مِنْ نَمَطِ الصَّحِيحِ الْمُسْنَدِ فِيهِ ، لِأَنَّهُ قَدْ وَسَمَ كِتَابَهُ (بِالْجَامِعِ الْمُسْنَدِ الصَّحِيحِ الْمُخْتَصَرِ فِي أُمُورِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَسُنَنِهِ وَأَيَّامِهِ).

    فَأَمَّا إِذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ "قَالَ لَنَا" أَوْ "قَالَ لِي فُلَانٌ كَذَا" ، أَوْ "زَادَنِي" وَنَحْوَ ذَلِكَ ، فَهُوَ مُتَّصِلٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ.

    وَحَكَى اِبْنُ الصَّلَاحِ عَنْ بَعْضِ الْمَغَارِبَةِ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ أَيْضً ، يَذْكُرُهُ لِلِاسْتِشْهَادِ لَا لِلِاعْتِمَادِ ، وَيَكُونُ قَدْ سَمِعَهُ فِي الْمُذَاكَرَةِ.

    وَقَدْ رَدَّهَا اِبْنُ الصَّلَاحِ ، فَإِنَّ الْحَافِظَ أَبَا جَعْفَرٍ بْنَ حَمْدَانَ قَالَ إِذَا قَالَ الْبُخَارِيُّ "وَقَالَ لِي فُلَانٌ" فَهُوَ مِمَّا سَمِعَهُ عَرَضًا وَمُنَاوَلَةً.

    وَأَنْكَرَ اِبْنُ الصَّلَاحِ عَلَى اِبْنٍ حَزْمٍ رَدَّهُ حَدِيثَ الْمَلَاهِي حَيْثُ قَالَ فِيهِ الْبُخَارِيُّ "وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ" وَقَالَ أَخْطَأَ اِبْنُ حَزْمٍ مِنْ وُجُوهٍ ، فَإِنَّهُ ثَابِتٌ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ.

    (قُلْتُ) وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ ، وَأَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ وَخَرَّجَهُ البُرْقَانِيُّ فِي صَحِيحِهِ ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ ، مُسْنَدًا مُتَّصِلًا إِلَى هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ وَشَيْخِهِ أَيْضً ، كَمَا بَيَّنَاهُ فِي كِتَابِ (اَلْأَحْكَامِ) ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

    ثُمَّ حَكَى أَنَّ الْأَئِمَّةَ تَلَقَّتْ هَذَيْنِ الْكِتَابَيْنِ بِالْقَبُولِ ، سِوَى أَحْرُفٍ يَسِيرَةٍ ، اِنْتَقَدَهَا بَعْضُ الْحُفَّاظِ ، كَاَلدَّارَقُطْنِيِّ وَغَيْرِهِ ، ثُمَّ اِسْتُنْبِطَ مِنْ ذَلِكَ الْقَطْعُ بِصِحَّةِ مَا فِيهِمَا مِنَ الْأَحَادِيثِ ؛ لِأَنَّ الْأُمَّةَ مَعْصُومَةٌ عَنْ الْخَطَ ، فَمَا ظَنَّتْ صِحَّتَهُ وَوَجَبَ عَلَيْهَا الْعَمَلُ بِهِ ، لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ صَحِيحًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهَذَا جَيِّدٌ.

    وَقَدْ خَالَفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيُّ ، وَقَالَ لَا يُسْتَفَادُ الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ مِنْ ذَلِكَ.

    (قُلْتُ) وَأَنَا مَعَ اِبْنِ الصَّلَاحِ فِيمَا عَوَّلَ عَلَيْهِ وَأَرْشَدَ إِلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ "حَاشِيَةٌ" ثُمَّ وَقَفْتُ بَعْدَ هَذَا عَلَى كَلَامٍ لِشَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ اِبْنِ تَيْمِيَّةَ ، مَضْمُونُهُ أَنَّهُ نَقَلَ الْقَطْعَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ عَنْ جَمَاعَاتٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ مِنْهُمْ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَالِكِيُّ ، وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ ، وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ ، وَابْنُ حَامِدٍ ، وَأَبُو يَعْلَى بْنُ الْفَرَّاءِ ، وَأَبُو الْخَطَّابِ ، وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ ، وَأَمْثَالُهُمْ مِنَ الْحَنَابِلَةِ ، وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ "وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْكَلَامِ مِنَ الْأَشْعَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ كَأَبِي إِسْحَاقَ الْإِسْفَرَايِينِيِّ ، وَابْنِ فُورَكٍ قَالَ وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَدِيثِ قَاطِبَةً وَمَذْهَبُ السَّلَفِ عَامَّةً".

    وَهُوَ مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ اِبْنُ الصَّلَاحِ اِسْتِنْبَاطًا فَوَافَقَ فِيهِ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ.

    اَلنَّوْعُ الثَّانِي

    اَلْحَسَنُ

    وَهُوَ فِي الِاحْتِجَاجِ بِهِ كَالصَّحِيحِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ

    وَهَذَا النَّوْعُ لَمَّا كَانَ وَسَطًا بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالضَّعِيفِ فِي نَظَرِ النَّاظِرِ ، لَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، عَسُرَ التَّعْبِيرُ عَنْهُ وَضَبْطُهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الصِّنَاعَةِ وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ نِسْبِيٌّ ، شَيْءٌ يَنْقَدِحُ عِنْهُ الْحَافِظِ ، رُبَّمَا تَقْصُرُ عِبَارَتُهُ عَنْهُ.

    وَقَدْ تَجَشَّمَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ حَدَّهُ فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ مَا عُرِفَ مَخْرَجُهُ وَاشْتُهِرَ رِجَالُهُ ، قَالَ وَعَلَيْهِ مَدَارُ أَكْثَرِ الْحَدِيثِ ، وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ ، وَيَسْتَعْمِلُهُ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ.

    (قُلْتُ) فَإِنْ كَانَ الْمُعَرِّفُ هُوَ قَوْلُهُ "مَا عُرِفَ مَخْرَجُهُ وَاشْتُهِرَ رِجَالُهُ ، فَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ كَذَلِكَ ، بَلْ وَالضَّعِيفُ وَإِنْ كَانَ بَقِيَّةُ الْكَلَامِ مِنْ تَمَامِ الْحَدِّ ، فَلَيْسَ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مُسَلَّمًا لَهُ أَنَّ أَكْثَرَ الْحَدِيثِ مِنَ قَبِيلِ الْحِسَانِ ، وَلَا هُوَ الَّذِي يَقْبَلُهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَيَسْتَعْمِلُهُ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ.

    تَعْرِيفُ التِّرْمِذِيِّ لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ

    قَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ وَرُوِّينَا عَنْ التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ يُرِيدُ بِالْحَسَنِ أَنْ يَكُونَ فِي إِسْنَادِهِ مَنْ يُتَّهَمُ بِالْكَذِبِ ، وَلَا يَكُونَ حَدِيثًا شَاذًّ ، وَيُرْوَى مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ نَحْوُ ذَلِكَ.

    وَهَذَا إِذَا كَانَ قَدْ رُوِيَ عَنْ التِّرْمِذِيِّ أَنَّهُ قَالَهُ ، فَفِي أَيِّ كِتَابٍ لَهُ قَالَهُ؟ وَأَيْنَ إِسْنَادُهُ عَنْهُ؟ وَإِنْ كَانَ قَدْ فُهِمَ مِنْ اِصْطِلَاحِهِ فِي كِتَابِهِ "اَلْجَامِعِ" فَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ ، فَإِنَّهُ يَقُولُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

    (تَعْرِيفَاتٌ أُخْرَى لِلْحَسَنِ)

    قَالَ الشَّيْخُ عَمْرُو بْنُ الصَّلَاحِ -رَحِمَهُ اللَّهُ- وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ ضَعْفٌ قَرِيبٌ مُحْتَمَلٌ ، هُوَ الْحَدِيثُ الْحَسَنُ ، وَيَصْلُحُ لِلْعَمَلِ بِهِ.

    ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ وَكُلُّ هَذَا مُسْتَبْهِمٌ لَا يَشْفِي الْغَلِيلَ ، وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْخَطَّابِيُّ مَا يَفْصِلُ الْحَسَنَ عَنْ الصَّحِيحِ ، وَقَدْ أَمْعَنْتُ النَّظَرَ فِي ذَلِكَ وَالْبَحْثَ ، فَتَنَقَّحَ لِي وَاتَّضَحَ أَنَّ الْحَدِيثَ الْحَسَنَ قِسْمَانِ:

    (أَحَدُهُمَا) الْحَدِيثُ الَّذِي لَا يَخْلُو رِجَالُ إِسْنَادِهِ مِنْ مَسْتُورٍ لَمْ تَتَحَقَّقْ أَهْلِيَّتُهُ ، غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ مُغَفَّلًا كَثِيرَ الْخَطَ ، وَلَا هُوَ مُتَّهَمٌ بِالْكَذِبِ ، وَيَكُونُ مَتْنُ الْحَدِيثِ قَدْ رُوِيَ مِثْلُهُ أَوْ نَحْوُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، فَيَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ شَاذًّا أَوْ مُنْكَرًا ثُمَّ قَالَ وَكَلَامُ التِّرْمِذِيِّ عَلَى هَذَا الْقِسْمِ يُتَنَزَّلُ.

    (قُلْتُ) لَا يُمْكِنُ تَنْزِيلُهُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

    قَالَ (اَلْقِسْمُ الثَّانِي) أَنْ يَكُونَ رَاوِيهِ مِنَ الْمَشْهُورِينَ بِالصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ وَلَمْ يَبْلُغْ دَرَجَةَ رِجَالِ الصَّحِيحِ فِي الْحِفْظِ وَالْإِتْقَانِ ، وَلَا يُعَدُّ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ مُنْكَرً ، وَلَا يَكُونُ الْمَتْنُ شَاذًّا وَلَا مُعَلَّلًا قَالَ وَعَلَى هَذَا يُتَنَزَّلُ كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ ، قَالَ وَاَلَّذِي ذَكَرْنَاهُ يَجْمَعُ بَيْنَ كَلَامَيْهِمَا.

    قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو لَا يَلْزَمُ مِنْ وُرُودِ الْحَدِيثِ مِنْ طُرُقِ مُتَعَدِّدَةٍ كَحَدِيثِ ( اَلْأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ ) أَنْ يَكُونَ حَسَنً ؛ لِأَنَّ الضَّعْفَ يَتَفَاوَتُ ، فَمِنْهُ مَا لَا يَزُولُ بِالْمُتَابَعَاتِ ، يَعْنِي لَا يُؤَثِّرُ كَوْنُهُ تَابِعًا أَوْ مَتْبُوعً ، كَرِوَايَةِ الْكَذَّابِينَ وَالْمَتْرُوكِينَ ، وَمِنْهُ ضَعْفٌ يَزُولُ بِالْمُتَابَعَةِ ، كَمَا إِذَا كَانَ رَاوِيهِ سَيِّئَ الْحِفْظِ ، أَوْ رَوَى الْحَدِيثَ مُرْسَلً ، فَإِنَّ الْمُتَابَعَةَ تَنْفَعُ حِينَئِذٍ ، وَيُرْفَعُ الْحَدِيثُ عَنْ حَضِيضِ الضَّعْفِ إِلَى أَوْجِ الْحُسْنِ أَوْ الصِّحَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

    (اَلتِّرْمِذِيُّ أَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ الْحَسَنِ)

    قَالَ وَكِتَابُ التِّرْمِذِيِّ أَصْلٌ فِي مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ الْحَسَنِ ، وَهُوَ الَّذِي نَوَّهَ بِذِكْرِهِ ، وَيُوجَدُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ مِنْ مَشَايِخِهِ ، كَأَحْمَدَ ، وَالْبُخَارِيِّ ، وَكَذَا مَنْ بَعْدَهُ ، كَاَلدَّارَقُطْنِيِّ.

    (أَبُو دَاوُدَ مِنْ مَظَانِّ الْحَدِيثِ الْحَسَنِ)

    قَالَ وَمِنْ مَظَانِّهِ سُنَنُ أَبِي دَاوُدَ ، رُوِّينَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ ذَكَرْتُ الصَّحِيحَ وَمَا يُشْبِهُهُ وَيُقَارِبُهُ ، وَمَا كَانَ فِيهِ وَهَنٌ شَدِيدٌ بَيَّنْتُهُ ، وَمَا لَمْ أَذْكُرْ فِيهِ شَيْئًا فَهُوَ صَالِحٌ ، وَبَعْضُهَا أَصَحُّ مِنْ بَعْضٍ قَالَ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَذْكُرُ فِي كُلِّ بَابٍ أَصَحَّ مَا عَرَفَهُ فِيهِ.

    (قُلْتُ) وَيُرْوَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ هُوَ حَسَنٌ.

    قَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ : فَمَا وَجَدْنَاهُ فِي كِتَابِهِ مَذْكُورًا مُطْلَقًا وَلَيْسَ فِي وَاحِدٍ مِنْ الصَّحِيحَيْنِ ، وَلَا نَصَّ عَلَى صِحَّتِهِ أَحَدٌ ، فَهُوَ حَسَنٌ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ.

    (قُلْتُ) الرِّوَايَاتُ عَنْ أَبِي دَاوُدَ بِكِتَابِهِ (اَلسُّنَنِ) كَثِيرَةٌ جِدًّ ، وَيُوجَدُ فِي بَعْضِهَا مِنَ الْكَلَامِ ، بَلْ وَالْأَحَادِيثِ ، مَا لَيْسَ فِي الْأُخْرَى وَلِأَبِي عُبَيْدٍ الْآجُرِّيِّ عَنْهُ أَسْئِلَةٌ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ ، وَالتَّصْحِيحِ وَالتَّعْلِيلِ ، كِتَابٌ مُفِيدٌ وَمِنْ ذَلِكَ أَحَادِيثُ وَرِجَالٌ قَدْ ذَكَرَهَا فِي سُنَنِهِ فَقَوْلُهُ وَمَا سَكَتَ عَلَيْهِ فَهُوَ حَسَنٌ ، مَا سَكَتَ عَلَيْهِ فِي سُنَنِهِ فَقَطْ؟ أَوْ مُطْلَقًا؟ هَذَا مِمَّا يَنْبَغِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ وَالتَّيَقُّظُ لَهُ

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 14, 2024 10:53 am