ومن خطب أبي بكر بن عبد الله أمير المدينة النبوية، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، والتحية والإكرام، وقد بلغه عن قوم من أهل المدينة أنهم ينالون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسعفهم آخرون على ذلك: أيها الناس! إني قائل قولاً فمن وعاه وأداه فعلى الله جزاؤه، ومن لم يعه فلا يعد من ذمامها؛ إن قصرتم عن تفصيله، فلن تعجزوا عن تحصيله.
فأرعوه أبصاركم وأوعوه أسماعكم وأشعروه قلوبكم؛ فالموعظة حياة، والمؤمنون إخوة؛ وعلى الله قصد السبيل، ولو شاء لهداكم أجمعين. فأتوا الهدى تهتدوا، واجتنبوا الغي ترشدوا، وأنيبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون. والله جل جلاله وتقدست أسماؤه أمركم بالجماعة ورضيها لكم. ونهاكم عن الفرقة وسخطها منكم. فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون. اعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحت بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها. جعلنا الله وإياكم ممن يتبع رضوانه ويجتنب سخطه فإنا نحن به وله. وإن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالدين، واختاره على العالمين، واختار له أصحاباً على الحق وزراء دون الخلق. اختصهم به وانتخبهم له، فصدقوه ونصروه وعزروه ووقروه؛ فلم يقدموا إلا بأمره، ولم يحجموا إلا عن رأيه، وكانوا أعوانه بعهده، وخلفاءه من بعده. فوصفهم فأحسن وصفهم وذكرهم فأثنى عليهم فقال وقوله الحق " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار " إلى قوله: " مغفرة وأجراً عظيماً " فمن غاظوه كفر وخاب وفجر وخسر. وقال الله جل وعز " للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً " إلى قوله " ربنا إنك رءوف رحيم " فمن خالف شريطة الله عليه لهم وأمره إياه فيهم فلا حق له في الفيء، ولا سهم له في الإسلام في آي كثيرة من القرآن، فمرق مارقة من الدين. وفارقوا المسلمين وجعلوهم عصين. وحزبوا أجزاباً، وأشابات وأوشاباً. فخالفوا كتاب الله فيهم فخابوا وخسروا الدنيا والآخرة. ذلك هو الخسران المبين. أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم. مالي أرى عيوناً خزراً، ورقاباً صعراً، وبطوناً بجرى، شجى لا يسيغه الماء، وداء لا يشرب فيه الدواء. أفنضب عنكم الذكر صفحاً أن كنتم قوماً مسرفين. كلا والله بل هو الهناء والطلاء حتى يظهر العذر، ويبوح السر، ويضح العيب، ويشوس الجيب. فإنكم لم تخلقوا عبثاً ولم تتركوا سدى، ويحكم إني لست أتاوياً أعلم، ولا بدوياً أفهم. قد حلبتكم أشطراً، وقلبتكم أبطناً وأظهراً. فعرفت أنحاءكم وأهواءكم، وعلمت أن قوماً أظهروا الإسلام بألسنتهم، وأسروا الكفر في قلوبهم، فضربوا بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض، وولدوا الروايات فيهم، وضربوا الأمثال، ووجدوا على ذلك من أهل الجهل من أبنائهم أعواناً يأذنون لهم، ويصغون إليهم، مهلاً مهلا! قبل وقوع القوارع وطول الروائع هذا لهذا ومع هذا، فلست أعتنش آئباً ولا تائباً، عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام، فأسروا خيراً وأظهروه واجهروا به وأخلصوه. وطالما مشيتم القهقرى ناكصين. وليعلم من أدبر وأصر أنها موعظة بين يدي نقمة، ولست أدعوكم إلى هوى يتبع، ولا إلى رأي يبتدع. إنما أدعوكم إلى الطريقة المثلى، التي فيها خير الآخرة والأولى، فمن أجاب فإلى رشده، ومن عمي فعن قصده. فهلم إلى الشرائع، الجدائع، ولا تؤولوا عن سبيل المؤمنين، ولا تستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير " بئس للظالمين بدلاً " . إياكم وبنيات الطريق، فعندها الترنيق والترهيق. وعليكم بالجادة فيه أسد وأورد، ودعوا الأماني فقد أودت من كان قبلكم. وأن ليس للإنسان إلا ما سعى. ولله الآخرة والأولى. ولا تفتروا على الله الكذب فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
فأرعوه أبصاركم وأوعوه أسماعكم وأشعروه قلوبكم؛ فالموعظة حياة، والمؤمنون إخوة؛ وعلى الله قصد السبيل، ولو شاء لهداكم أجمعين. فأتوا الهدى تهتدوا، واجتنبوا الغي ترشدوا، وأنيبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون. والله جل جلاله وتقدست أسماؤه أمركم بالجماعة ورضيها لكم. ونهاكم عن الفرقة وسخطها منكم. فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون. اعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحت بنعمته إخواناً وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها. جعلنا الله وإياكم ممن يتبع رضوانه ويجتنب سخطه فإنا نحن به وله. وإن الله بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالدين، واختاره على العالمين، واختار له أصحاباً على الحق وزراء دون الخلق. اختصهم به وانتخبهم له، فصدقوه ونصروه وعزروه ووقروه؛ فلم يقدموا إلا بأمره، ولم يحجموا إلا عن رأيه، وكانوا أعوانه بعهده، وخلفاءه من بعده. فوصفهم فأحسن وصفهم وذكرهم فأثنى عليهم فقال وقوله الحق " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار " إلى قوله: " مغفرة وأجراً عظيماً " فمن غاظوه كفر وخاب وفجر وخسر. وقال الله جل وعز " للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً " إلى قوله " ربنا إنك رءوف رحيم " فمن خالف شريطة الله عليه لهم وأمره إياه فيهم فلا حق له في الفيء، ولا سهم له في الإسلام في آي كثيرة من القرآن، فمرق مارقة من الدين. وفارقوا المسلمين وجعلوهم عصين. وحزبوا أجزاباً، وأشابات وأوشاباً. فخالفوا كتاب الله فيهم فخابوا وخسروا الدنيا والآخرة. ذلك هو الخسران المبين. أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم. مالي أرى عيوناً خزراً، ورقاباً صعراً، وبطوناً بجرى، شجى لا يسيغه الماء، وداء لا يشرب فيه الدواء. أفنضب عنكم الذكر صفحاً أن كنتم قوماً مسرفين. كلا والله بل هو الهناء والطلاء حتى يظهر العذر، ويبوح السر، ويضح العيب، ويشوس الجيب. فإنكم لم تخلقوا عبثاً ولم تتركوا سدى، ويحكم إني لست أتاوياً أعلم، ولا بدوياً أفهم. قد حلبتكم أشطراً، وقلبتكم أبطناً وأظهراً. فعرفت أنحاءكم وأهواءكم، وعلمت أن قوماً أظهروا الإسلام بألسنتهم، وأسروا الكفر في قلوبهم، فضربوا بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض، وولدوا الروايات فيهم، وضربوا الأمثال، ووجدوا على ذلك من أهل الجهل من أبنائهم أعواناً يأذنون لهم، ويصغون إليهم، مهلاً مهلا! قبل وقوع القوارع وطول الروائع هذا لهذا ومع هذا، فلست أعتنش آئباً ولا تائباً، عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه والله عزيز ذو انتقام، فأسروا خيراً وأظهروه واجهروا به وأخلصوه. وطالما مشيتم القهقرى ناكصين. وليعلم من أدبر وأصر أنها موعظة بين يدي نقمة، ولست أدعوكم إلى هوى يتبع، ولا إلى رأي يبتدع. إنما أدعوكم إلى الطريقة المثلى، التي فيها خير الآخرة والأولى، فمن أجاب فإلى رشده، ومن عمي فعن قصده. فهلم إلى الشرائع، الجدائع، ولا تؤولوا عن سبيل المؤمنين، ولا تستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير " بئس للظالمين بدلاً " . إياكم وبنيات الطريق، فعندها الترنيق والترهيق. وعليكم بالجادة فيه أسد وأورد، ودعوا الأماني فقد أودت من كان قبلكم. وأن ليس للإنسان إلا ما سعى. ولله الآخرة والأولى. ولا تفتروا على الله الكذب فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.