[تلخيص شرحِ نظمِ المقصود] للشيخ / أحمدُ بن عمر الحازمي –حفظه الله-.
لأبي الهمام البرقاوي (حفظه الله)
الدرسُ الاولُ
[1] المقدمة:
-علم النحو أبو العلوم العربيةِ وعمادُها، وعلم الصرف أم العلوم العربية وميزانها.
- كتاب (المقصود) في الأصلِ منثورٌ، ولا تصحُّ نسبتُه لأبي حنيفة –رحمه الله-؛ لأن طريقته تناسبُ القرن السادس والسابع، وله منظومات كثيرة، أشهرُها نظم أحمدِ بن عبد الرحيم.
-بحث كتابِ (المقصود): الأفعالُ وتصريفها وما يلتحق بها كاسمِ الفاعل والمفعول والصفةِ المشبهة والمصدر الميمي، واسمُ الزمان والمكان وغيره، وأصّل للقواعدِ ولم يهتم كثيرًا بالشواذ.
-اخترتُ هذا النظم دونَ متن البناء، والتصريف للعزي، لأن الأصلَ فيما اخترته لنفسي أن يكون نظمًا، ليتمكن طلاب العلم من الحفظ.
-من أرادَ أن يقف على أبواب الصرف منثورةً على قواعد المناطقة، فلينظر " شرح الشروح " أو " إمعان الأنظار ".
-(نظم المقصود) لأحمد بن عبد الرحيم الطهطاوي، المتوفى سنة -1038هـ- وقد شرحه جليسُه أحمد بن عليش في (حل المعقود من نظم المقصود) وهو شرح موسع.
[2] الصرف لغةً واصطلاحًا.
- يقالُ "صرفٌ وتصريفٌ" لغةً، يدلان على التغيير والتحويل، قال تعالى (وتصريف الرياح) وقال (انظر كيفَ نصرّف الآيات) والتصريفُ: تفعيلٌ من الصرفِ للمبالغة والتكثير؛ لكثرة التحولات والتغيرات في هذا الفن، وهما لفظان مترادفانِ عند المتأخرين، وأما عند المتقدمين فالصرفُ كمثل ما ذُكر عند المتأخرين، وأما التصريفُ، فهي: التمارين، بمعنى أنّ وزنَ " سفرجل " لم يأتِ له وزنٌ مصدري، فمن بابِ التمارينِ وتعليم الطلابِ يقالُ له: ما وزن سفرجل؟ فيقول: ضربْرَبْ.
-الاصطلاحُ: اتفاق طائفة مخصوصة على أمرٍ معهودٍ بينهم، وللصرفِ والتصريفِ جهتان: جهةٌ عملية، وجهلة علمية، وما يعنينا هو كونه عملًا وصناعةً وتمرينًا، فهو: تحويلُ الأصلِ الواحد إلى أمثلةٍ مختلفةٍ لمعانٍ مقصودةٍ لا تحصلُ إلا بها.
-الأصلُ الواحد: المصدرُ؛ لأنه أصلُ الاشتقاقِ [والمصدرُ الأصلُ وأيُّ أصلِ ** ومنه يا صاحِ اشتقاقُ الفعلِ] فاشتقاقُ الفعلِ الماضي، والمضارع، والأمر، واسم الفاعل، واسم المفعولِ، والصفةِ المشبهة، وأفعل التفضيلِ من المصدرِ، سواءً كان بلا واسطةٍ كالفعل الماضي، أو بواسطة كاسمِ الفاعل والمفعول.
-عبر بـ [الأصل الواحد] ليشمل المذهبين: البصريَّ، والكوفيَّ، فالأصلُ عند البصريين (المصدر) وعند الكوفيين (الفعلُ الماضي) فالأحسنُ أن نعمّمَ فنقولَ : الأصلُ الواحدُ وغيرهُ؛ لتدخل الأبوابُ كلها كـ الثنية، والجمع، والتصغير، والنسب.
-قوله [إلى أمثلة مختلفة] أي: الأبنية والصيَغ، أي: من جهةِ عدد الحروف أو ترتيبها، أو حركاتها، وكون الكلمة كلها أصول، أو فيها ما هو زائد، فمثلًا (الضَرْب) ماضيه: ضرَب، ومضارُعه: يضرِبُ، وبينهما تغاير في الزنةِ والصيغةِ، وسرُّ هذا التغييرِ لحصول [لمعانٍ مقصودةٍ لا تحصل إلا بها].
-قوله [لمعانٍ] جمعُ معنىً، وفي الأصلِ: مصدرٌ ميمي نُقل إلى معنى المفعول، والمعنى اصطلاحًا: ما يقصد من اللفظِ، فماذا تقصد منَ (ضرَب) في (ضرب زيدٌ عمرًا) و (يضرب) في (يضربُ زيدٌ عمرًا) لا يمكن أن يحصل معنى المضيّ إلا بـ ضربَ مثلًا، والزمنِ الحالِ بـ يضرب.
- ومن جهةِ العِلْمية: عرفَهُ ابنُ الحاجبِ [علمٌ بأصولٍ تعرف بها أحوالُ أبنيةِ الكلم التي ليست بإعراب] يبحُث الصرفُ عن الكلماتِ مفردةً لا مركبةً، وبعضهم يقدم دراسة الصرفِ على النحو؛ لأن العلم بالمفرداتِ قبل المركبات، وكان النحو عند المتقدمين شاملًا لعلمي النحو والصرف، وفصلَ بينهما المتأخرون.
-قولُ ابنِ الحاجبِ [علمٌ] جنسٌ، يطلق على ثلاثةِ أمورٍ: الإدراك، والمسائل، والملكة, = والعلمُ معناهُ الأصليُ في لغةِ العرب: إدراك المعاني مطلقًا، مفردًا أو مركبًا، والإدراكُ : وصول النفس إلى المعنى بتمامه، فإن كان للمفردِ مثل (بيت) (مسجد) فهو تصور، وإن كان لجملةٍ تصديقًا وتكذيبًا فـ تصديقي،والمسائلُ: ما تبحث في ذلك الفن، والملَكة: ما يحصلهُ الصرفيُّ أو النحويُّ من ممارسة العلم.
-علمٌ بأصولٍ، أو قضية كليةٌ يُتعرف بها أحكامُ جزئياتها، والبحثُ في العلومِ إنما يكون للقضايا الكلية.
-تمثيلٌ للقواعدِ العامة الكلية:
قالَ، أصلُها قوَل، إن تحركتِ الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفا، باع، أصلُها بيَع، إن تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفًا ، إذًا= أي واو أو ياءٍ يُفتح ما قبلها تُقلبُ ألفًا.
سيّد، أصلها سيْوِد، إن اجتمعت الواوُ والياءُ وسُبق أحدهما بالسكونِ، وجبَ قلبُ الواوِ ياءً وأدغمت الياء في الياء، ومثلهُا ميّت، ميوِت.
-قد يشترك النحاةُ والصرفيون في البحث عن حال الآخر وصفته وهيئته، لكنّ الجهة تختلف، فجهةُ النحويين: من كون الكلمة قد طلبها عامل، وأثر العامل لا يظهر إلا في آخر الكلمة، وجهةُ الصرفيين: من جهةِ التقاء الساكنين " قمِ الليل " والإدغام " اضرب بعصاك".
-موضوع الصرفِ [المفردات العربية] من جهتين: جهة صياغتها لإفادة المعاني، وجهة البحث عن الأحوال العارضة لهذه الأبنية، ومبحثُ الصرفيين هو: في الاسمِ المتمكن، والفعل المتصرف.
-ويشكل عليه نحو " ذا، تان " فقد ثنيا " ذان، تان " وسُمع تصغيرها " ذيّا، تيّا " والجوابُ: أنه ليس مثنى حقيقةً، لأن الأصلَ قلبُ الألفِ واوًا في الثلاثي المختوم بالألف، كما تقول (عصوان) في (عصى) فالأصل أن تقول (ذوان، توان) ولو كانت مثنى حقيقةً فإن هذه الألفاظ مبنيةٌ، وشرطُ التثنية أن يكونُ اللفظُ معربًا، فتعيّن كونها ألفاظًا تحفظ ولا قياسَ عليها.
-حكمُ تعلمِه: فرضُ كفاية، قال السيوطي [وهو على الكلّ رأى الجمهور ** والقولُ بالبعضِ هو المشهورُ] والصوابُ أن الجميع مأمورونَ به، فإن قامَ به البعض كفى.
-واضعُهُ: أبو مسلم، وقيل: أبو علي معاذ بن مسلم الهراء كما عند المتأخرين، ولكن الصحيحَ أنّ واضعَ النحوِ واضعُ الصرف (أبو الأسود الدؤلي) وإنما أفردَ علمَ الصرف في كتابٍ مستقلٍ أبو علي.
[الدرسُ الثاني]
-من أرادَ أن يستغرق في كتابٍ يغنيه عن غيره، ولا يغني غيره عنه، فعليه بـ شرح الرضي على شافية ابنِ الحاجب، في خمسِ مجلدات، وهو من أنفس الكتب في الصرف.
-نقل الشيخُ –حفظه الله- في هذا الدرس نقولات كثيرة عن الشافعيّ ومن بعده كابن حزم، والشاطبي، والطوفي، والسيوطي، -رحمهم الله- في أهمية تعلم اللغة العربية وفنونها وآدابها، وأنها مستلزمه لفهم اللسان العربي، والشريعة المطهرة.
[الدرسُ الثالثُ]
-أجمعوا على جوازِ كتابةِ البسملة بدايةَ المنظومات العلمية الشرعية، والأولى ألا تُنظمَ البسملةُ، وما عدا المتضمن للعلومِ الشرعية فإن كان ما فيه محرما فمحرم، أو مكروها فمكروه، أو مباحا أو مستحبا فمباح ومستحب.
-يجبُ وجوبًا صناعيا ذكرُ أربع: البسملة، والحمدلة، والصلاةُ على النبي صلى الله عليه وسلم، والتشهدُ.
-يستحب استحبابًا صناعيًا ذكرُ أربع: أن يأتي بـ أما بعد، وأن يسمي نفسه، وكتابَه، ويأتي ببراعة الاستهلال.
-[اسمٌ] فيه نزاعٌ بين البصريين والكوفيين، فيرىَ البصريون أنّه اسمٌ منقوصٌ واويٌّ، أي: لامه حرفُ علةٍ، سُمْوٌ، أو سِموٌ بالضم والكسر؛ لثقلها على اللسان، حُذفتِ اللامُ اعتباطًا، أي: لغير علةٍ تصريفية، وحذفُ اللامِ؛ لثقلها على اللسان، وكانتْ محلّ الإعرابِ، فنقلتِ الحركة إلى ما قبلها وهي الميم، فنّزلتْ منزلة الحرف الأخير، فخَففوا ثقلَ الأخير بالحذف، ولما أرادوا أن يُخففوا الأولَ للثقلِ وجدوا أن الكلمة بقيت على حرف واحد، وهذا إجحاف، فعدلوا عن حذف الحرف إلى حذف الحركةِ فسُكنتْ وتعذّر الابتداء بالساكنِ فاجتُلبت همزةُ الوصلِ، فالتقى ساكنانِ : همزةُ الوصل، والسينُ، فحركَ الأول بالكسر لالتقاء الساكنين، -واختلف هل الهمزة عوضٌ عن اللام؟-وهو مأخوذٌ عندهم من " السمو " وهو العلوُّ، وهو أرجح، فوزنُهُ (افعٌ).
ويرى الكوفيُّون أنه اسم مثالٌ واويّ، أي: فاؤه حرف علةٍ، وَسْمٌ، حذفت الفاءُ اعتباطًا، كما حذفت من " عدة، زنة " وعد، وزن، وجيء بهمزة الوصل لئلا يُبدأ بساكن، وحركت لئلا يلتقي ساكنان، وكسرت لأنه الأصل، فوزنه " اعْلٌ ".
وترجيحُ مذهبِ البصريين؛ لأن الجمعَ والتصغير" أسماء، أسامي، سميّ، سميْتُ " لأن أصل " أسماء " سماوٌ، والهمزةُ إذا وقعت بعد ألف زائدة فمقلوبةٌ من واو، ودليلُ الواوِ الجمعُ في " سماوات " ولو كان مثالًا واويّا لقيل " أوسام، أوسُم، وُسيم، وَسمت " وأيضًا: فإن الحذفَ في اللام أكثر مما في الفاء، وإذا اختلفَ فيما حُذف حُمل الأكثر على الأقل.
-اللهُ، إن قيل: اسم جامد فلا مبحث للصرفيين، وإن قيلَ مشتق فلهمٌ مبحث فيه، فقيل في اشتقاقه أربعة أقوال:
القولُ الأول: من (إله) على وزن فِعال، بمعنى مفعول (مألوه) حذفتِ الهمزة اعتباطًا، وجيء بـ أل التعريف، فاجتمع مثلان: لامٌ ساكنة، ولام مفتوحة، فوجبَ الإدغام ثم التفخيم [وفخم اللامَ من اسم الله ** عن ضم اوْ فتح كعبد الله] أي: بعد ضم وفتح.
القول الثاني: من (الإله) وفعل بها كما فُعل بالأول، وهذان القولان لا إشكال فيهما، فاختر أيهما شئت.
القولُ الثالث: من (لاه) إذا استتر واحتجب، واحتجوا بقراءةٍ شاذة (وهو الذي في السماء لاهٌ وفي الأرض لاهٌ) وإن كان الشاذ يحتج في اللغة، لكن على القراءةِ كلامٌ، فأدخلت أل عليه وفُعل به مثل ما ذكر قبلُ.
القول الرابع: من (هاء) الكناية، وهو أشبه ما يكون مأخوذا من الصوفية، زيدت لامُ الملك (له) ثم أل، مع الإدغام، وهذا القولُ لا أصلَ له.
والراجح: أنه مشتق من (إله) لقوله (وهو الله) وقوله (وهو الذي في السماءِ إلهٌ) وأيضا: فإن الجار والمجرور من قوله تعالى (وهو الله في السموات) متعلقٌ بالفعل وما في معناه كالوصف، فهما متعلقان بـ الله مما يدل على اشتقاقه.
-بسمِ الله، يحتملُ أن يكون المعنى : بسمٍ هو الله، فتكون الإضافة بيانية، ويحتمل أن يكون المعنى: بسمٍ هو لله، أي: بكل اسم للهِ، فتكون الإضافة من الاسم إلى المسمى.
-الرحمنُ أبلغُ من الرحيمِ؛ لتقديمه على الرحيم، ولزيادة المبنى زيادةٌ في المعنى، وهما اسما مبالغة، وقيل: صفة مشبهة، أصلُهما رحِم، نُقل إلى رحُم، ومن جهة المعنى فالرحمن خاصُ الاسمِ لله، عام الفعلِ للمؤمنين وغيرهم، والرحيم عامُّ الاسم لله ولغيره إطلاقا، وخاصُّ الفعلِ للمؤمنين.
-بسمِ الله، جار ومجرور متعلقَان بفعلٍ مضارعٍ خاصٍ متأخرٍ " أنظمُ " وهو أرجح من مذهبِ البصريين أنه متعلق بـالاسم.
-قَال، قوَل يقوْلُ، يقوُلُ، قلْ قولْ في هذه الأحرفِ حصل إعلالٌ بالقلب، وبالنقل، وبالحذفِ، فأما قوَل تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا، وأما يقوُل فنقلت الضمة إلى القافِ الساكنة، وأما قولْ فأعلّ بحذف الواوِ لالتقاء الساكنين.
- بعدَ : ظرف منصوبَ مضافِ، حمدِ مضافٌ إليه، وحمد: مصدرٌ مضاف إلى مفعولِهِ ذِيْ والفاعلُ محذوف وهو الياء للمتكلم، حمدِيْ حذف للتخلص من التقاء الساكنين.
-النبيْ: مشتق من النبوة، وهي: الارتفاع أو من النبأ، وهو: الخبر، وهما فعيل بمعنى فاعل، أو مفعول فإما أن يكون فاعلا أي: مرتفعا، أو مفعولا: رافعًا لمن اتبعه، أو فعيل من نبيء، بمعنى منبّئ من اللهِ للناس، أو منبَّئ من الله بواسطة جبريل.
-آلْ، أصلها أأل، على وزنِ فَعَل واختلف: هل الهمزة الثانية منقلبة عن واو أَوَل تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا، لأنك تجمعه على " أويل " أم منقلبة عن هاء أهل، كما في " أريقوا، هريقوا " لتصغيرها على "أهيل".
لأبي الهمام البرقاوي (حفظه الله)
الدرسُ الاولُ
[1] المقدمة:
-علم النحو أبو العلوم العربيةِ وعمادُها، وعلم الصرف أم العلوم العربية وميزانها.
- كتاب (المقصود) في الأصلِ منثورٌ، ولا تصحُّ نسبتُه لأبي حنيفة –رحمه الله-؛ لأن طريقته تناسبُ القرن السادس والسابع، وله منظومات كثيرة، أشهرُها نظم أحمدِ بن عبد الرحيم.
-بحث كتابِ (المقصود): الأفعالُ وتصريفها وما يلتحق بها كاسمِ الفاعل والمفعول والصفةِ المشبهة والمصدر الميمي، واسمُ الزمان والمكان وغيره، وأصّل للقواعدِ ولم يهتم كثيرًا بالشواذ.
-اخترتُ هذا النظم دونَ متن البناء، والتصريف للعزي، لأن الأصلَ فيما اخترته لنفسي أن يكون نظمًا، ليتمكن طلاب العلم من الحفظ.
-من أرادَ أن يقف على أبواب الصرف منثورةً على قواعد المناطقة، فلينظر " شرح الشروح " أو " إمعان الأنظار ".
-(نظم المقصود) لأحمد بن عبد الرحيم الطهطاوي، المتوفى سنة -1038هـ- وقد شرحه جليسُه أحمد بن عليش في (حل المعقود من نظم المقصود) وهو شرح موسع.
[2] الصرف لغةً واصطلاحًا.
- يقالُ "صرفٌ وتصريفٌ" لغةً، يدلان على التغيير والتحويل، قال تعالى (وتصريف الرياح) وقال (انظر كيفَ نصرّف الآيات) والتصريفُ: تفعيلٌ من الصرفِ للمبالغة والتكثير؛ لكثرة التحولات والتغيرات في هذا الفن، وهما لفظان مترادفانِ عند المتأخرين، وأما عند المتقدمين فالصرفُ كمثل ما ذُكر عند المتأخرين، وأما التصريفُ، فهي: التمارين، بمعنى أنّ وزنَ " سفرجل " لم يأتِ له وزنٌ مصدري، فمن بابِ التمارينِ وتعليم الطلابِ يقالُ له: ما وزن سفرجل؟ فيقول: ضربْرَبْ.
-الاصطلاحُ: اتفاق طائفة مخصوصة على أمرٍ معهودٍ بينهم، وللصرفِ والتصريفِ جهتان: جهةٌ عملية، وجهلة علمية، وما يعنينا هو كونه عملًا وصناعةً وتمرينًا، فهو: تحويلُ الأصلِ الواحد إلى أمثلةٍ مختلفةٍ لمعانٍ مقصودةٍ لا تحصلُ إلا بها.
-الأصلُ الواحد: المصدرُ؛ لأنه أصلُ الاشتقاقِ [والمصدرُ الأصلُ وأيُّ أصلِ ** ومنه يا صاحِ اشتقاقُ الفعلِ] فاشتقاقُ الفعلِ الماضي، والمضارع، والأمر، واسم الفاعل، واسم المفعولِ، والصفةِ المشبهة، وأفعل التفضيلِ من المصدرِ، سواءً كان بلا واسطةٍ كالفعل الماضي، أو بواسطة كاسمِ الفاعل والمفعول.
-عبر بـ [الأصل الواحد] ليشمل المذهبين: البصريَّ، والكوفيَّ، فالأصلُ عند البصريين (المصدر) وعند الكوفيين (الفعلُ الماضي) فالأحسنُ أن نعمّمَ فنقولَ : الأصلُ الواحدُ وغيرهُ؛ لتدخل الأبوابُ كلها كـ الثنية، والجمع، والتصغير، والنسب.
-قوله [إلى أمثلة مختلفة] أي: الأبنية والصيَغ، أي: من جهةِ عدد الحروف أو ترتيبها، أو حركاتها، وكون الكلمة كلها أصول، أو فيها ما هو زائد، فمثلًا (الضَرْب) ماضيه: ضرَب، ومضارُعه: يضرِبُ، وبينهما تغاير في الزنةِ والصيغةِ، وسرُّ هذا التغييرِ لحصول [لمعانٍ مقصودةٍ لا تحصل إلا بها].
-قوله [لمعانٍ] جمعُ معنىً، وفي الأصلِ: مصدرٌ ميمي نُقل إلى معنى المفعول، والمعنى اصطلاحًا: ما يقصد من اللفظِ، فماذا تقصد منَ (ضرَب) في (ضرب زيدٌ عمرًا) و (يضرب) في (يضربُ زيدٌ عمرًا) لا يمكن أن يحصل معنى المضيّ إلا بـ ضربَ مثلًا، والزمنِ الحالِ بـ يضرب.
- ومن جهةِ العِلْمية: عرفَهُ ابنُ الحاجبِ [علمٌ بأصولٍ تعرف بها أحوالُ أبنيةِ الكلم التي ليست بإعراب] يبحُث الصرفُ عن الكلماتِ مفردةً لا مركبةً، وبعضهم يقدم دراسة الصرفِ على النحو؛ لأن العلم بالمفرداتِ قبل المركبات، وكان النحو عند المتقدمين شاملًا لعلمي النحو والصرف، وفصلَ بينهما المتأخرون.
-قولُ ابنِ الحاجبِ [علمٌ] جنسٌ، يطلق على ثلاثةِ أمورٍ: الإدراك، والمسائل، والملكة, = والعلمُ معناهُ الأصليُ في لغةِ العرب: إدراك المعاني مطلقًا، مفردًا أو مركبًا، والإدراكُ : وصول النفس إلى المعنى بتمامه، فإن كان للمفردِ مثل (بيت) (مسجد) فهو تصور، وإن كان لجملةٍ تصديقًا وتكذيبًا فـ تصديقي،والمسائلُ: ما تبحث في ذلك الفن، والملَكة: ما يحصلهُ الصرفيُّ أو النحويُّ من ممارسة العلم.
-علمٌ بأصولٍ، أو قضية كليةٌ يُتعرف بها أحكامُ جزئياتها، والبحثُ في العلومِ إنما يكون للقضايا الكلية.
-تمثيلٌ للقواعدِ العامة الكلية:
قالَ، أصلُها قوَل، إن تحركتِ الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفا، باع، أصلُها بيَع، إن تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفًا ، إذًا= أي واو أو ياءٍ يُفتح ما قبلها تُقلبُ ألفًا.
سيّد، أصلها سيْوِد، إن اجتمعت الواوُ والياءُ وسُبق أحدهما بالسكونِ، وجبَ قلبُ الواوِ ياءً وأدغمت الياء في الياء، ومثلهُا ميّت، ميوِت.
-قد يشترك النحاةُ والصرفيون في البحث عن حال الآخر وصفته وهيئته، لكنّ الجهة تختلف، فجهةُ النحويين: من كون الكلمة قد طلبها عامل، وأثر العامل لا يظهر إلا في آخر الكلمة، وجهةُ الصرفيين: من جهةِ التقاء الساكنين " قمِ الليل " والإدغام " اضرب بعصاك".
-موضوع الصرفِ [المفردات العربية] من جهتين: جهة صياغتها لإفادة المعاني، وجهة البحث عن الأحوال العارضة لهذه الأبنية، ومبحثُ الصرفيين هو: في الاسمِ المتمكن، والفعل المتصرف.
-ويشكل عليه نحو " ذا، تان " فقد ثنيا " ذان، تان " وسُمع تصغيرها " ذيّا، تيّا " والجوابُ: أنه ليس مثنى حقيقةً، لأن الأصلَ قلبُ الألفِ واوًا في الثلاثي المختوم بالألف، كما تقول (عصوان) في (عصى) فالأصل أن تقول (ذوان، توان) ولو كانت مثنى حقيقةً فإن هذه الألفاظ مبنيةٌ، وشرطُ التثنية أن يكونُ اللفظُ معربًا، فتعيّن كونها ألفاظًا تحفظ ولا قياسَ عليها.
-حكمُ تعلمِه: فرضُ كفاية، قال السيوطي [وهو على الكلّ رأى الجمهور ** والقولُ بالبعضِ هو المشهورُ] والصوابُ أن الجميع مأمورونَ به، فإن قامَ به البعض كفى.
-واضعُهُ: أبو مسلم، وقيل: أبو علي معاذ بن مسلم الهراء كما عند المتأخرين، ولكن الصحيحَ أنّ واضعَ النحوِ واضعُ الصرف (أبو الأسود الدؤلي) وإنما أفردَ علمَ الصرف في كتابٍ مستقلٍ أبو علي.
[الدرسُ الثاني]
-من أرادَ أن يستغرق في كتابٍ يغنيه عن غيره، ولا يغني غيره عنه، فعليه بـ شرح الرضي على شافية ابنِ الحاجب، في خمسِ مجلدات، وهو من أنفس الكتب في الصرف.
-نقل الشيخُ –حفظه الله- في هذا الدرس نقولات كثيرة عن الشافعيّ ومن بعده كابن حزم، والشاطبي، والطوفي، والسيوطي، -رحمهم الله- في أهمية تعلم اللغة العربية وفنونها وآدابها، وأنها مستلزمه لفهم اللسان العربي، والشريعة المطهرة.
[الدرسُ الثالثُ]
-أجمعوا على جوازِ كتابةِ البسملة بدايةَ المنظومات العلمية الشرعية، والأولى ألا تُنظمَ البسملةُ، وما عدا المتضمن للعلومِ الشرعية فإن كان ما فيه محرما فمحرم، أو مكروها فمكروه، أو مباحا أو مستحبا فمباح ومستحب.
-يجبُ وجوبًا صناعيا ذكرُ أربع: البسملة، والحمدلة، والصلاةُ على النبي صلى الله عليه وسلم، والتشهدُ.
-يستحب استحبابًا صناعيًا ذكرُ أربع: أن يأتي بـ أما بعد، وأن يسمي نفسه، وكتابَه، ويأتي ببراعة الاستهلال.
-[اسمٌ] فيه نزاعٌ بين البصريين والكوفيين، فيرىَ البصريون أنّه اسمٌ منقوصٌ واويٌّ، أي: لامه حرفُ علةٍ، سُمْوٌ، أو سِموٌ بالضم والكسر؛ لثقلها على اللسان، حُذفتِ اللامُ اعتباطًا، أي: لغير علةٍ تصريفية، وحذفُ اللامِ؛ لثقلها على اللسان، وكانتْ محلّ الإعرابِ، فنقلتِ الحركة إلى ما قبلها وهي الميم، فنّزلتْ منزلة الحرف الأخير، فخَففوا ثقلَ الأخير بالحذف، ولما أرادوا أن يُخففوا الأولَ للثقلِ وجدوا أن الكلمة بقيت على حرف واحد، وهذا إجحاف، فعدلوا عن حذف الحرف إلى حذف الحركةِ فسُكنتْ وتعذّر الابتداء بالساكنِ فاجتُلبت همزةُ الوصلِ، فالتقى ساكنانِ : همزةُ الوصل، والسينُ، فحركَ الأول بالكسر لالتقاء الساكنين، -واختلف هل الهمزة عوضٌ عن اللام؟-وهو مأخوذٌ عندهم من " السمو " وهو العلوُّ، وهو أرجح، فوزنُهُ (افعٌ).
ويرى الكوفيُّون أنه اسم مثالٌ واويّ، أي: فاؤه حرف علةٍ، وَسْمٌ، حذفت الفاءُ اعتباطًا، كما حذفت من " عدة، زنة " وعد، وزن، وجيء بهمزة الوصل لئلا يُبدأ بساكن، وحركت لئلا يلتقي ساكنان، وكسرت لأنه الأصل، فوزنه " اعْلٌ ".
وترجيحُ مذهبِ البصريين؛ لأن الجمعَ والتصغير" أسماء، أسامي، سميّ، سميْتُ " لأن أصل " أسماء " سماوٌ، والهمزةُ إذا وقعت بعد ألف زائدة فمقلوبةٌ من واو، ودليلُ الواوِ الجمعُ في " سماوات " ولو كان مثالًا واويّا لقيل " أوسام، أوسُم، وُسيم، وَسمت " وأيضًا: فإن الحذفَ في اللام أكثر مما في الفاء، وإذا اختلفَ فيما حُذف حُمل الأكثر على الأقل.
-اللهُ، إن قيل: اسم جامد فلا مبحث للصرفيين، وإن قيلَ مشتق فلهمٌ مبحث فيه، فقيل في اشتقاقه أربعة أقوال:
القولُ الأول: من (إله) على وزن فِعال، بمعنى مفعول (مألوه) حذفتِ الهمزة اعتباطًا، وجيء بـ أل التعريف، فاجتمع مثلان: لامٌ ساكنة، ولام مفتوحة، فوجبَ الإدغام ثم التفخيم [وفخم اللامَ من اسم الله ** عن ضم اوْ فتح كعبد الله] أي: بعد ضم وفتح.
القول الثاني: من (الإله) وفعل بها كما فُعل بالأول، وهذان القولان لا إشكال فيهما، فاختر أيهما شئت.
القولُ الثالث: من (لاه) إذا استتر واحتجب، واحتجوا بقراءةٍ شاذة (وهو الذي في السماء لاهٌ وفي الأرض لاهٌ) وإن كان الشاذ يحتج في اللغة، لكن على القراءةِ كلامٌ، فأدخلت أل عليه وفُعل به مثل ما ذكر قبلُ.
القول الرابع: من (هاء) الكناية، وهو أشبه ما يكون مأخوذا من الصوفية، زيدت لامُ الملك (له) ثم أل، مع الإدغام، وهذا القولُ لا أصلَ له.
والراجح: أنه مشتق من (إله) لقوله (وهو الله) وقوله (وهو الذي في السماءِ إلهٌ) وأيضا: فإن الجار والمجرور من قوله تعالى (وهو الله في السموات) متعلقٌ بالفعل وما في معناه كالوصف، فهما متعلقان بـ الله مما يدل على اشتقاقه.
-بسمِ الله، يحتملُ أن يكون المعنى : بسمٍ هو الله، فتكون الإضافة بيانية، ويحتمل أن يكون المعنى: بسمٍ هو لله، أي: بكل اسم للهِ، فتكون الإضافة من الاسم إلى المسمى.
-الرحمنُ أبلغُ من الرحيمِ؛ لتقديمه على الرحيم، ولزيادة المبنى زيادةٌ في المعنى، وهما اسما مبالغة، وقيل: صفة مشبهة، أصلُهما رحِم، نُقل إلى رحُم، ومن جهة المعنى فالرحمن خاصُ الاسمِ لله، عام الفعلِ للمؤمنين وغيرهم، والرحيم عامُّ الاسم لله ولغيره إطلاقا، وخاصُّ الفعلِ للمؤمنين.
-بسمِ الله، جار ومجرور متعلقَان بفعلٍ مضارعٍ خاصٍ متأخرٍ " أنظمُ " وهو أرجح من مذهبِ البصريين أنه متعلق بـالاسم.
-قَال، قوَل يقوْلُ، يقوُلُ، قلْ قولْ في هذه الأحرفِ حصل إعلالٌ بالقلب، وبالنقل، وبالحذفِ، فأما قوَل تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا، وأما يقوُل فنقلت الضمة إلى القافِ الساكنة، وأما قولْ فأعلّ بحذف الواوِ لالتقاء الساكنين.
- بعدَ : ظرف منصوبَ مضافِ، حمدِ مضافٌ إليه، وحمد: مصدرٌ مضاف إلى مفعولِهِ ذِيْ والفاعلُ محذوف وهو الياء للمتكلم، حمدِيْ حذف للتخلص من التقاء الساكنين.
-النبيْ: مشتق من النبوة، وهي: الارتفاع أو من النبأ، وهو: الخبر، وهما فعيل بمعنى فاعل، أو مفعول فإما أن يكون فاعلا أي: مرتفعا، أو مفعولا: رافعًا لمن اتبعه، أو فعيل من نبيء، بمعنى منبّئ من اللهِ للناس، أو منبَّئ من الله بواسطة جبريل.
-آلْ، أصلها أأل، على وزنِ فَعَل واختلف: هل الهمزة الثانية منقلبة عن واو أَوَل تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفًا، لأنك تجمعه على " أويل " أم منقلبة عن هاء أهل، كما في " أريقوا، هريقوا " لتصغيرها على "أهيل".