أبيات في الزهد وذم الدنيا

يا أيها المتسمن *** قل لي لمن تتسمن؟


سمنت نفسك للبلى *** وبطنت يا مستبطن


وأسأت كل إساءة *** وظننت أنك تحسن!


مالي رأيتك تطمئن *** إلى الحياة وتركن!


يا سكن الحجرات ما *** لك غير قبرك مسكن


اليوم أنت مكاثر *** ومفاخر تتزين


وغداً تصير إلى القبور *** محنط ومكفن!


أحدث لربك توبة *** فسبيلها لك ممكن


واصرف هواك لخوفه *** مما تسر وتعـــلن

ما للمقابر لا تجيب *** إذا دعاهن الكئيب


حفر مسقفة عليهن *** الجنادل والكثيب


فيهن ولدان وأطفال *** وشبان وشيب


كم من حبيب لم تكن *** نفسي بفرقته تطيب


غادرته في بعضهن *** مجندلاً وهو الحبيب


وسلوت عنه وإنما *** عهدي برؤيته قريب

أيتها المقابر فيك *** من كنا ننازله


ومن كنا نتاجره *** ومن كنا نعامله


ومن كنا نعاشره *** ومن كنا نطاوله


ومن كنا نشاربه *** ومن كنا نؤاكله


ومن كنا له إلفا *** قليلاً ما نزايله


ومن كنا له بالأمس *** أحيانا نواصله


فحل محله من حلها *** صرمت حبائله


ألا إن المنبة منهل *** والخلق ناهله

أرى أهل القصور إذا أميتـــــــوا *** بنوا فوق المقابر بالصخــور


أبوا إلا مباهاة وفخـــــــــــــــــراً *** على الفقراء حتى في القبور


لعمرك لو كشقت التــــرب عنهم *** فما تدري الغني من الفقــــير


ولا الجلد المباشر ثوب صـــوف *** من الجلد المباشر للـــــحرير


إذا أكل الثرى هــــــــــــــذا وهذا *** فما فضل الغني على الفقير؟

تجهز إلى الأجداث ويحك والرمس *** جهازاً من التقوى لطول ما حبس


فإنـــك ما تدري إذا كنت مصبحــاً *** بأحسن ما ترجو لعلك لا تمســي

قدّم لنفسك في الحياة تزوُّدا**فلقد تفارقها وأنت مودّع
واهتّم للسفر القريب فإنه**أنأى من السفر البعيد وأشسع
واجعل تزودك المخافة والتّقى **وكأن حتفك من مسائك أسرع