ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    أبو العلاء المعري ( رهين المحبسين )

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    أبو العلاء المعري ( رهين المحبسين )  Empty أبو العلاء المعري ( رهين المحبسين )

    مُساهمة من طرف أحمد الثلاثاء أكتوبر 15, 2013 10:50 pm

    أبو العلاء المعري ( رهين المحبسين )
    الشاعر والأديب والمبدع العربي الكبير أحمد بن سليمان المتوفى سنة 439 هـ .
    ولُقِّب بالمعري نسبة لـ معرَّة النعمان في سوريا حيث ولد بها وعاش فيها حياته كلها إلا عامين سافر فيهما إلى العراق حاضرة الدولة العباسية وقتئذ سنة 399 هـ ، وكانت هذه الرحلة فاصلا كبيرا في حياة الشاعر اضطر على إثرها بعد الرجوع منها إلى اتخاذ قراره الشهير والمأساوي باعتزال الناس وحبس نفسه في داره فأُطلق عليه ( رهين المحبسين ) حبس العمى لأنه كان ضريرا وحبس نفسه في المنزل فترة طويلة اقتربت من نصف قرن .
    من المواقف السيئة التي حدثت للمعري في رحلته إلى العراق أحكي موقفين كان لهما تأثير نفسي كبير على مشاعر الأديب المرهفة .
    حين وطئت قدماه أرض بغداد تصادف وفاة والد الأديبين الكبيرين الشريف الرضي والشريف المرتضى وذهب أبو العلاء ليقدم العزاء للأديبين وأثناء دخوله عثر في قدم أحد الجالسين فقال الرجل : فلينظر الكلب .
    ورد أبو العلاء عليه : الكلب من لا يعرف للكلب سبعين اسما .
    بالطبع هذا إفحام فقد كان أبو العلاء صاحب ذاكرة خارقة تستوعب وتحفظ ما تسمعه لمرة واحدة وكانت أشبه بالقرص المضغوط يختزن عليه تراثا لغويا هائلا .
    لكن الموقف يترك أثره السيئ في نفس صاحب الحس المرهف الرقيق .
    أستطرد من هذا الموقف لأقول : إن العلامة المصري جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911 هـ رأى في رد المعري تهمة لا بد أن يتبرأ منها وأن يسرد سبعين اسما للكلب كما كان أبو العلاء يحفظها فألف رسالة صغيرة سماها : دفع التعرِّي عن معرة المعري سرد فيها أسماء الكلب السبعين .
    الموقف الثاني جمعه بالشاعر الكبير الشريف الرضي وهنا كان تباين شديد بين إعجاب لا حدود له من المعري بالمتنبي( فقد كان يجله جدا وحين شرح شعره سماه : معجز أحمد . يقصد أن شعر المتنبي معجز لغيره من الشعراء ) وكره شديد وبغض كبير من الشريف الرضي للمتنبي وفي اللقاء دار حديث عن المتنبي فأخذ الشريف يعدد مساوئه وينقده نقدا لاذعا فقال المعري مدافعا عن شاعره الأثير : لو لم يكن للمتنبي إلا قصيدته التي يقول في أولها :
    لكِ يا منازلُ في القلوب منازل أقْفرْتِ أنت وهنَّ منك أواهلُ
    لكفاه.
    وهنا انتفخت أوداج الشريف وتميز غيظه وأمر به فسُحِب على وجهه ( سُحِل ) وأُخرج من البيت .
    ثم قال الشريف للجالسين : أتدرون ماذا كان يقصد الأعمى بهذه القصيدة ؟
    قالوا : لا . قال : كان يقصد بيت المتنبي في هذه القصيدة :
    وإذا أتتْك مذمّتي من ناقصٍ فهي الشهادةُ لي بأنيَ كاملُ .
    كان القرار صعبا جدا لكنه رجل اختبر الناس ولاقى منهم ما لاقى فآثر لنفسه البعد عنهم إلا من طلاب يفدون إليه من كل فج ليتعلموا على يديه العلم .
    سيرة أبي العلاء تفرض العجب والإعجاب وتطلعنا على شخصية كانت لها فلسفة خاصة ورؤية للكون والناس من حوله ، وقد بثَّ هذه الآراء في شعره الذي قاله بعد العزلة وسماه : لزوم ما لا يلزم .

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 14, 2024 9:52 pm