هذه قصيدة المعري في رثاء الفقيه الحنفي الحلبي
ضجعة الموت رقدة
غيرُ مجدٍ في ملّتي واعتقادي=نوح باكٍ ولا ترنم شاد
وشبيهٌ صوت النعيّ إذا قِي =س بصوت البشير في كل ناد
أبَكَت تلكم الحمامة أم غ=نّت على فرع غصنها الميّاد
صاح هذي قبورنا تملأ الرُح=بَ فأين القبور من عهد عاد
خفف الوطء ما أظن أديم ال=أرض إلا من هذه الأجساد
وقبيح بنا وإن قدُم العه=د هوان الآباء والأجداد
سر إن اسطعت في الهواء رويداً=لااختيالاً على رفات العباد
رُب لحدٍ قد صار لحداً مراراً=ضاحكٍ من تزاحم الأضداد
ودفينٍ على بقايا دفين=في طويل الأزمان والآباد
فاسأل الفرقدين عمّن أحسّا= من قبيلٍ وآنسا من بلاد
كم أقاما على زوال نهار=وأنارا لمدلج في سواد
تعبٌ كلها الحياة فما أع=جب إلا من راغبٍ في ازدياد
إنّ حزناً في ساعة الموت أضعا=ف سرورٍ في ساعة الميلاد
خُلق الناس للبقاء فضلّت =أمة يحسبونهم للنفاد
إنما ينقلون من دار أعما=لٍ إلى دار شِقوة أو رشاد
ضجعة الموت رقدة يستريح ال=جسم فيها والعيش مثا السهاد
أبَنات الهديل أسعدن أو عد=ن قليلَ العزاء بالإسعاد
إيه لله درّكن فأنتن ال=لواتي تحسنّ حفظ الوداد
بيد أنّي لا أرتضي ما فعلت=نّ وأطواقكنّ في الأجياد
فتسلّبن واستعرن جميعاً=من قميص الدجى ثياب حداد
ثم غردن في المآتم واندب=ن بشجوٍ مع الغواني الخراد
قصد الدهر من أبي حمزة الأّوّ=اب مولى حِجىً وخدن اقتصاد
وفقيهاً أفكاره شدن للنّع=مان مالم يشده شعر زياد
فالعراقيُّ بعده للحجاز=يّ قليل الخلاف سهل القياد
وخطيباً لو قام بين وحوش=علّم الضاريات بِرّ النِّقاد
راوياً للحديث لم يحوج المع=روف من صدقه إلى الأسناد
أنفق العمر ناسكاً يطلب العل=م بكشفٍ عن أصله وانتقاد
مستقي الكف من قليبِ زجاجٍ=بغروب اليراع ماء مداد
ذا بنانٍ لا تلمس الذهب الأح=مر زهداً في العسجد المستفاد
ودّعا أيها الحفيّان ذاك ال=شخص إنّ الوداع أيسر زاد
واغسلاه بالدمع إن كان طهراً=وادفناه بين الحشى والفؤاد
واحبواه الأكفان من ورق المص=حف كبراً عن أنفس الأبراد
واتلوَا النعش بالقراءة والتس=بيح لا بالنحيب والعداد
أسفٌ غيرُ نافع واجتهادٌ=لا يؤدّي إلى غَناء اجتهاد
طالما أخرج الحزين جوى الحز=ن إلى غير لائقٍ بالسداد
مثلَ ما فاتت الصلاة سليما=ن فأنحى على رقاب الجياد
وهو من سُخرت له الإنس والج=ن بما صح من شهادة صاد
خاف غدر الأنام فاستودع الرِّي=ح سليلاً تغذوه درّ العهاد
وتوخى له النجاة وقد أي=قن أن الحِمام بالمرصاد
فرمته به على جانب الكر=سيّ أم اللُّهَيم أخت النآد
كيف أصبحت في محلّك بعدي=ياجديراً مني بحسن افتقاد
قد أقرّ الطبيب عنك بعجز=وتقضّى تَرددُ العوّاد
وانتهى اليأس منك واستشعر الوج=د بأن لامعاد حتى المعاد
هجد الساهرون حولك للتم=ريض ويحٌ لأعين الهجّاد
من أسرة مضوَا غير مغرو=رين من عيشة بذات ضماد
لا يغيّركم الصعيد وكونوا=فيه مثل السيوف في الأغماد
فعزيزٌ علي خلطُ الليالي=رِمِّ أقدامكم بِرِمّ الهوادي
كنتَ خل الصبا فلما أراد ال=بين وافقتَ رأيه في المراد
ورأيت الوفاء للصاحب الأ=ول من شيمة الكرام الجواد
وخلعت الشباب غضّاً فيا لي=تك أبليته مع الأنداد
فاذهبا خير ذاهبين حقيقي=نِ بسقيا روائح وغواد
ومَراثٍ لو أنهن دموعٌ=لمَحَون السطور في الإنشاد
زحلٌ أشرف الكواكب داراً=من لقاء الردى على ميعاد
ولِنار المريخ من حَدَثَان الده=ر مطفٍ وإن علَت في اتقاد
والثريا رهينةٌ بافتراق ال=شمل حتى تُعدُّ في الأفراد
فليكن للمحسّن الأجلُّ المم=دودُ رغماً لآنف الحساد
وليطب عن أخيه نفساً وأبنا=ء أخيه جرائحِ الأكباد
وإذا البحر غاض عني ولم أر=وَ فلا رِيّ بادّخار الثِّماد
كل بيت للهدم ما تبتني الور=قاء والسيد الرفيع الهماد
والفتى ظاعنٌ ويكفيه ظل ال=سدر ضربَ الأطناب والأوتاد
بان أمر الإله واختلف النا=سُ فداع إلى ضلال وهاد
والذي حارت البرية فيه=حيوان مستحدث من جماد
واللبيب اللبيب من ليس يغت=رُّ بكونٍ مصيره للفساد
ضجعة الموت رقدة
غيرُ مجدٍ في ملّتي واعتقادي=نوح باكٍ ولا ترنم شاد
وشبيهٌ صوت النعيّ إذا قِي =س بصوت البشير في كل ناد
أبَكَت تلكم الحمامة أم غ=نّت على فرع غصنها الميّاد
صاح هذي قبورنا تملأ الرُح=بَ فأين القبور من عهد عاد
خفف الوطء ما أظن أديم ال=أرض إلا من هذه الأجساد
وقبيح بنا وإن قدُم العه=د هوان الآباء والأجداد
سر إن اسطعت في الهواء رويداً=لااختيالاً على رفات العباد
رُب لحدٍ قد صار لحداً مراراً=ضاحكٍ من تزاحم الأضداد
ودفينٍ على بقايا دفين=في طويل الأزمان والآباد
فاسأل الفرقدين عمّن أحسّا= من قبيلٍ وآنسا من بلاد
كم أقاما على زوال نهار=وأنارا لمدلج في سواد
تعبٌ كلها الحياة فما أع=جب إلا من راغبٍ في ازدياد
إنّ حزناً في ساعة الموت أضعا=ف سرورٍ في ساعة الميلاد
خُلق الناس للبقاء فضلّت =أمة يحسبونهم للنفاد
إنما ينقلون من دار أعما=لٍ إلى دار شِقوة أو رشاد
ضجعة الموت رقدة يستريح ال=جسم فيها والعيش مثا السهاد
أبَنات الهديل أسعدن أو عد=ن قليلَ العزاء بالإسعاد
إيه لله درّكن فأنتن ال=لواتي تحسنّ حفظ الوداد
بيد أنّي لا أرتضي ما فعلت=نّ وأطواقكنّ في الأجياد
فتسلّبن واستعرن جميعاً=من قميص الدجى ثياب حداد
ثم غردن في المآتم واندب=ن بشجوٍ مع الغواني الخراد
قصد الدهر من أبي حمزة الأّوّ=اب مولى حِجىً وخدن اقتصاد
وفقيهاً أفكاره شدن للنّع=مان مالم يشده شعر زياد
فالعراقيُّ بعده للحجاز=يّ قليل الخلاف سهل القياد
وخطيباً لو قام بين وحوش=علّم الضاريات بِرّ النِّقاد
راوياً للحديث لم يحوج المع=روف من صدقه إلى الأسناد
أنفق العمر ناسكاً يطلب العل=م بكشفٍ عن أصله وانتقاد
مستقي الكف من قليبِ زجاجٍ=بغروب اليراع ماء مداد
ذا بنانٍ لا تلمس الذهب الأح=مر زهداً في العسجد المستفاد
ودّعا أيها الحفيّان ذاك ال=شخص إنّ الوداع أيسر زاد
واغسلاه بالدمع إن كان طهراً=وادفناه بين الحشى والفؤاد
واحبواه الأكفان من ورق المص=حف كبراً عن أنفس الأبراد
واتلوَا النعش بالقراءة والتس=بيح لا بالنحيب والعداد
أسفٌ غيرُ نافع واجتهادٌ=لا يؤدّي إلى غَناء اجتهاد
طالما أخرج الحزين جوى الحز=ن إلى غير لائقٍ بالسداد
مثلَ ما فاتت الصلاة سليما=ن فأنحى على رقاب الجياد
وهو من سُخرت له الإنس والج=ن بما صح من شهادة صاد
خاف غدر الأنام فاستودع الرِّي=ح سليلاً تغذوه درّ العهاد
وتوخى له النجاة وقد أي=قن أن الحِمام بالمرصاد
فرمته به على جانب الكر=سيّ أم اللُّهَيم أخت النآد
كيف أصبحت في محلّك بعدي=ياجديراً مني بحسن افتقاد
قد أقرّ الطبيب عنك بعجز=وتقضّى تَرددُ العوّاد
وانتهى اليأس منك واستشعر الوج=د بأن لامعاد حتى المعاد
هجد الساهرون حولك للتم=ريض ويحٌ لأعين الهجّاد
من أسرة مضوَا غير مغرو=رين من عيشة بذات ضماد
لا يغيّركم الصعيد وكونوا=فيه مثل السيوف في الأغماد
فعزيزٌ علي خلطُ الليالي=رِمِّ أقدامكم بِرِمّ الهوادي
كنتَ خل الصبا فلما أراد ال=بين وافقتَ رأيه في المراد
ورأيت الوفاء للصاحب الأ=ول من شيمة الكرام الجواد
وخلعت الشباب غضّاً فيا لي=تك أبليته مع الأنداد
فاذهبا خير ذاهبين حقيقي=نِ بسقيا روائح وغواد
ومَراثٍ لو أنهن دموعٌ=لمَحَون السطور في الإنشاد
زحلٌ أشرف الكواكب داراً=من لقاء الردى على ميعاد
ولِنار المريخ من حَدَثَان الده=ر مطفٍ وإن علَت في اتقاد
والثريا رهينةٌ بافتراق ال=شمل حتى تُعدُّ في الأفراد
فليكن للمحسّن الأجلُّ المم=دودُ رغماً لآنف الحساد
وليطب عن أخيه نفساً وأبنا=ء أخيه جرائحِ الأكباد
وإذا البحر غاض عني ولم أر=وَ فلا رِيّ بادّخار الثِّماد
كل بيت للهدم ما تبتني الور=قاء والسيد الرفيع الهماد
والفتى ظاعنٌ ويكفيه ظل ال=سدر ضربَ الأطناب والأوتاد
بان أمر الإله واختلف النا=سُ فداع إلى ضلال وهاد
والذي حارت البرية فيه=حيوان مستحدث من جماد
واللبيب اللبيب من ليس يغت=رُّ بكونٍ مصيره للفساد