الحروف النافية المشبهة بـ (ليس)
هى بعض الحروف الناسخة العاملة عمل كان ، وهى : ما ولا ولات وإن
أولاً : مـــا
لغة بني تميم أنها لا تعمل شيئا ، فتقول : ما زيد قائم ، فـ (زيد) مرفوع بالابتداء ، و (قائم) خبره ، ولا عمل لما في شيء منهما ، وذلك لأن ما حرف لا يختص ، لدخوله على الاسم نحو : ما زيد قائم ، وعلى الفعل نحو : ما يقوم زيد ، وما لا يختص فحقه ألا يعمل.
أما لغة أهل الحجاز فإعمالها كعمل ليس لشبهها بها في أنها لنفي الحال عند الإطلاق ، فيرفعون بها الاسم وينصبون بها الخبر نحو : ما زيد قائما ، قال الله تعالى : ( مَا هَذَا بَشَراً ) ، وقال تعالى : ( مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ ) ، وقال الشاعر :
أبناؤها متكنفون أباهم حنقو الصدور وما هم أولادها
لكن لا تعمل عندهم إلا بشروط ستة :
الأول : ألا يزاد بعدها إنْ ، فإن زيدت بطل عملها نحو : ما إن زيد قائم برفع (قائم) ، ولا يجوز نصبه ، وأجاز ذلك بعضهم.
الثاني : ألا ينتقض النفي بإلا نحو : ما زيد إلا قائم ، فلا يجوز نصب (قائم) ، وكقوله تعالى : ( مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا ) ، وقوله : ( وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ ) خلافا لمن أجازه.
الثالث : ألا يتقدم خبرها على اسمها وهو غير ظرف ولا جار ومجرور ، فإن تقدم وجب رفعه نحو : ما قائم زيد ، فلا تقول : ما قائما زيد ، وفي ذلك خلاف.
فإن كان ظرفا أو جارا ومجرورا فقدمته فقلت : ما في الدار زيد ، وما عندك عمرو ، فاختلف الناس في (ما) حينئذ هل هي عاملة أم لا ، فمن جعلها عاملة قال : إن الظرف والجار والمجرور في موضع نصب بها ، ومن لم يجعلها عاملة قال : إنهما في موضع رفع على أنهما خبران للمبتدأ الذي بعدهما .
الرابع : ألا يتقدم معمول الخبر على الاسم وهو غير ظرف ولا جار ومجرور ، فإن تقدم بطل عملها نحو : ما طعامك زيد آكل ، فلا يجوز نصب آكل ، ومن أجاز بقاء العمل مع تقدم الخبر يجيز بقاء العمل مع تقدم المعمول بطريق الأولى لتأخر الخبر ، وقد يقال لا يلزم ذلك لما في الإعمال مع تقدم المعمول من الفصل بين الحرف ومعموله ، وهذا غير موجود مع تقدم الخبر.
فإن كان المعمول ظرفا أو جاراً ومجروراً لم يبطل عملها نحو : ما عندك زيد مقيما ، وما بي أنت معنيا ؛ لأن الظروف والمجرورات يتوسع فيها ما لا يتوسع في غيرها.
الخامس : ألا تتكرر ما ، فإن تكررت بطل عملها نحو : ما ما زيد قائم ، فالأولى نافية ، والثانية نفت النفي فبقي إثباتا ، فلا يجوز نصب قائم ، وأجازه بعضهم.
السادس : ألا يبدل من خبرها موجب ، فإن أبدل بطل عملها نحو : ما زيد بشيء إلا شيء لا يعبأ به ، فـ (بشيء) في موضع رفع خبر عن المبتدأ الذي هو زيد ، ولا يجوز أن يكون فى موضع نصب خبرا عن ما ، وأجازه قوم.
ثانياً : لا
مذهب الحجازيين إعمالها عمل ليس ، ومذهب تميم إهمالها ، ولا تعمل عند الحجازيين إلا بشروط ثلاثة :
أحدها : أن يكون الاسم والخبر نكرتين نحو : لا رجل أفضل منك ، ومنه قوله :
تعز فلا شيء على الأرض باقيا ولا وزر مما قضى الله واقيا
وقوله :
نصرتك إذ لا صاحب غير خاذل فبوئت حصنا بالكماة حصينا
وزعم بعضهم أنها قد تعمل في المعرفة ، وأنشد للنابغة :
بدت فعل ذي ود فلما تبعتها تولت وبقت حاجتي في فؤاديا
وحلت سواد القلب لا أنا باغيا سواها ولا عن حبها متراخيا
واختلف كلام ابن مالك في هذا البيت ، فمرة قال : إنه مؤول ، ومرة قال : إن القياس عليه سائغ.
الثاني : ألا يتقدم خبرها على اسمها ، فلا نقول : لا قائما رجل.
الثالث : ألا ينتقض النفي بإلا ، فلا تقول : لا رجل إلا أفضل من زيد ، بنصب (أفضل) بل يجب رفعه.
ثالثاً : إن النافية
مذهب أكثر البصريين والفراء أنها لا تعمل شيئا ، ومذهب الكوفيين خلا الفراء أنها تعمل عمل ليس ، وقال به من البصريين أبو العباس المبرد وأبو بكر بن السراج وأبو علي الفارسي وأبو الفتح بن جنى ، واختاره ابن مالك ، وزعم أن في كلام سيبويه رحمه الله تعالى إشارة إلى ذلك ، وقد ورد السماع به ، قال الشاعر :
إن هو مستوليا على أحد إلا على أضعف المجانين
وقال آخر :
إن المرء ميتا بانقضاء حياته ولكن بأن يبغى عليه فيخذلا
وذكر ابن جنى في المحتسب أن سعيد بن جبير رضي الله عنه قرأ : ( إِنِ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ عِبَاداً أَمْثَالَكُمْ ) بنصب العباد.
ولا يشترط في اسمها وخبرها أن يكونا نكرتين بل تعمل في النكرة والمعرفة ، فتقول : إنْ رجلٌ قائماً ، وإنْ زيدٌ القائمَ ، وإنْ زيدُ قائماً.
رابعاً : لات
وأما لات فهي (لا) النافية زيدت عليها تاء التأنيث مفتوحة ، ومذهب الجمهور أنها تعمل عمل ليس ، فترفع الاسم وتنصب الخبر ، لكن اختصت بأنها لا يذكر معها الاسم والخبر معاً بل إنما يذكر معها أحدهما ، والكثير في لسان العرب حذف اسمها وبقاء خبرها ، ومنه قوله تعالى : ( وَلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ ) بنصب الحين ، فحذف الاسم وبفي الخبر ، والتقدير : " ولات الحينُ حينَ مناص " ، فالحينُ اسمها ، و (حينَ مناص) خبرها ، وقد قرىء شذوذا ( وَلاَتَ حِينُ مَنَاصٍ " برفع الحين على أنه اسم لات ، والخبر محذوف ، والتقدير : " ولات حينُ مناص لهم " أي : ولات حين مناص كائنا لهم.
وذكر سيبويه أن لات لا تعمل إلا في الحين ، واختلف الناس فيه ، فقال قوم : المراد أنها لا تعمل إلا في لفظ الحين ، ولا تعمل فيما رادفه كالساعة ونحوها ، وقال قوم : المراد أنها لا تعمل إلا في أسماء الزمان ، فتعمل في لفظ الحين وفيما رادفه من أسماء الزمان ، ومن عملها فيما رادفه قول الشاعر :
ندم البغاة ولات ساعةَ مندَمٍ والبغيُ مرتع مبتغيه وخيم
وكلام ابن مالك محتمل للقولين ، وجزم بالثاني في التسهيل ، ومذهب الأخفش أنها لا تعمل شيئا ، وأنه إن وجد الاسم بعدها منصوبا فناصبه فعل مضمر ، والتقدير : " لات أرى حين مناص " ، وإن وجد مرفوعا فهو مبتدأ والخبر محذوف ، والتقدير : لات حين مناص كائن لهم ، والله أعلم.
هى بعض الحروف الناسخة العاملة عمل كان ، وهى : ما ولا ولات وإن
أولاً : مـــا
لغة بني تميم أنها لا تعمل شيئا ، فتقول : ما زيد قائم ، فـ (زيد) مرفوع بالابتداء ، و (قائم) خبره ، ولا عمل لما في شيء منهما ، وذلك لأن ما حرف لا يختص ، لدخوله على الاسم نحو : ما زيد قائم ، وعلى الفعل نحو : ما يقوم زيد ، وما لا يختص فحقه ألا يعمل.
أما لغة أهل الحجاز فإعمالها كعمل ليس لشبهها بها في أنها لنفي الحال عند الإطلاق ، فيرفعون بها الاسم وينصبون بها الخبر نحو : ما زيد قائما ، قال الله تعالى : ( مَا هَذَا بَشَراً ) ، وقال تعالى : ( مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ ) ، وقال الشاعر :
أبناؤها متكنفون أباهم حنقو الصدور وما هم أولادها
لكن لا تعمل عندهم إلا بشروط ستة :
الأول : ألا يزاد بعدها إنْ ، فإن زيدت بطل عملها نحو : ما إن زيد قائم برفع (قائم) ، ولا يجوز نصبه ، وأجاز ذلك بعضهم.
الثاني : ألا ينتقض النفي بإلا نحو : ما زيد إلا قائم ، فلا يجوز نصب (قائم) ، وكقوله تعالى : ( مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا ) ، وقوله : ( وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ ) خلافا لمن أجازه.
الثالث : ألا يتقدم خبرها على اسمها وهو غير ظرف ولا جار ومجرور ، فإن تقدم وجب رفعه نحو : ما قائم زيد ، فلا تقول : ما قائما زيد ، وفي ذلك خلاف.
فإن كان ظرفا أو جارا ومجرورا فقدمته فقلت : ما في الدار زيد ، وما عندك عمرو ، فاختلف الناس في (ما) حينئذ هل هي عاملة أم لا ، فمن جعلها عاملة قال : إن الظرف والجار والمجرور في موضع نصب بها ، ومن لم يجعلها عاملة قال : إنهما في موضع رفع على أنهما خبران للمبتدأ الذي بعدهما .
الرابع : ألا يتقدم معمول الخبر على الاسم وهو غير ظرف ولا جار ومجرور ، فإن تقدم بطل عملها نحو : ما طعامك زيد آكل ، فلا يجوز نصب آكل ، ومن أجاز بقاء العمل مع تقدم الخبر يجيز بقاء العمل مع تقدم المعمول بطريق الأولى لتأخر الخبر ، وقد يقال لا يلزم ذلك لما في الإعمال مع تقدم المعمول من الفصل بين الحرف ومعموله ، وهذا غير موجود مع تقدم الخبر.
فإن كان المعمول ظرفا أو جاراً ومجروراً لم يبطل عملها نحو : ما عندك زيد مقيما ، وما بي أنت معنيا ؛ لأن الظروف والمجرورات يتوسع فيها ما لا يتوسع في غيرها.
الخامس : ألا تتكرر ما ، فإن تكررت بطل عملها نحو : ما ما زيد قائم ، فالأولى نافية ، والثانية نفت النفي فبقي إثباتا ، فلا يجوز نصب قائم ، وأجازه بعضهم.
السادس : ألا يبدل من خبرها موجب ، فإن أبدل بطل عملها نحو : ما زيد بشيء إلا شيء لا يعبأ به ، فـ (بشيء) في موضع رفع خبر عن المبتدأ الذي هو زيد ، ولا يجوز أن يكون فى موضع نصب خبرا عن ما ، وأجازه قوم.
ثانياً : لا
مذهب الحجازيين إعمالها عمل ليس ، ومذهب تميم إهمالها ، ولا تعمل عند الحجازيين إلا بشروط ثلاثة :
أحدها : أن يكون الاسم والخبر نكرتين نحو : لا رجل أفضل منك ، ومنه قوله :
تعز فلا شيء على الأرض باقيا ولا وزر مما قضى الله واقيا
وقوله :
نصرتك إذ لا صاحب غير خاذل فبوئت حصنا بالكماة حصينا
وزعم بعضهم أنها قد تعمل في المعرفة ، وأنشد للنابغة :
بدت فعل ذي ود فلما تبعتها تولت وبقت حاجتي في فؤاديا
وحلت سواد القلب لا أنا باغيا سواها ولا عن حبها متراخيا
واختلف كلام ابن مالك في هذا البيت ، فمرة قال : إنه مؤول ، ومرة قال : إن القياس عليه سائغ.
الثاني : ألا يتقدم خبرها على اسمها ، فلا نقول : لا قائما رجل.
الثالث : ألا ينتقض النفي بإلا ، فلا تقول : لا رجل إلا أفضل من زيد ، بنصب (أفضل) بل يجب رفعه.
ثالثاً : إن النافية
مذهب أكثر البصريين والفراء أنها لا تعمل شيئا ، ومذهب الكوفيين خلا الفراء أنها تعمل عمل ليس ، وقال به من البصريين أبو العباس المبرد وأبو بكر بن السراج وأبو علي الفارسي وأبو الفتح بن جنى ، واختاره ابن مالك ، وزعم أن في كلام سيبويه رحمه الله تعالى إشارة إلى ذلك ، وقد ورد السماع به ، قال الشاعر :
إن هو مستوليا على أحد إلا على أضعف المجانين
وقال آخر :
إن المرء ميتا بانقضاء حياته ولكن بأن يبغى عليه فيخذلا
وذكر ابن جنى في المحتسب أن سعيد بن جبير رضي الله عنه قرأ : ( إِنِ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ عِبَاداً أَمْثَالَكُمْ ) بنصب العباد.
ولا يشترط في اسمها وخبرها أن يكونا نكرتين بل تعمل في النكرة والمعرفة ، فتقول : إنْ رجلٌ قائماً ، وإنْ زيدٌ القائمَ ، وإنْ زيدُ قائماً.
رابعاً : لات
وأما لات فهي (لا) النافية زيدت عليها تاء التأنيث مفتوحة ، ومذهب الجمهور أنها تعمل عمل ليس ، فترفع الاسم وتنصب الخبر ، لكن اختصت بأنها لا يذكر معها الاسم والخبر معاً بل إنما يذكر معها أحدهما ، والكثير في لسان العرب حذف اسمها وبقاء خبرها ، ومنه قوله تعالى : ( وَلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ ) بنصب الحين ، فحذف الاسم وبفي الخبر ، والتقدير : " ولات الحينُ حينَ مناص " ، فالحينُ اسمها ، و (حينَ مناص) خبرها ، وقد قرىء شذوذا ( وَلاَتَ حِينُ مَنَاصٍ " برفع الحين على أنه اسم لات ، والخبر محذوف ، والتقدير : " ولات حينُ مناص لهم " أي : ولات حين مناص كائنا لهم.
وذكر سيبويه أن لات لا تعمل إلا في الحين ، واختلف الناس فيه ، فقال قوم : المراد أنها لا تعمل إلا في لفظ الحين ، ولا تعمل فيما رادفه كالساعة ونحوها ، وقال قوم : المراد أنها لا تعمل إلا في أسماء الزمان ، فتعمل في لفظ الحين وفيما رادفه من أسماء الزمان ، ومن عملها فيما رادفه قول الشاعر :
ندم البغاة ولات ساعةَ مندَمٍ والبغيُ مرتع مبتغيه وخيم
وكلام ابن مالك محتمل للقولين ، وجزم بالثاني في التسهيل ، ومذهب الأخفش أنها لا تعمل شيئا ، وأنه إن وجد الاسم بعدها منصوبا فناصبه فعل مضمر ، والتقدير : " لات أرى حين مناص " ، وإن وجد مرفوعا فهو مبتدأ والخبر محذوف ، والتقدير : لات حين مناص كائن لهم ، والله أعلم.