المسند تعريفه وعوارضه
(المسند): هو المحكوم به، فعلاً كان، أم خبراً، أم نحوهما.
ويعرضه الذكر والحذف، والتعريف والتنكير، والتقديم والتأخير، وغيرها.
ذكر المسند وحذفه:
أما ذكره فلأغراض، أهمها:
1 ـ كونه الأصلي ولا داعي للعدول عنه، قال تعالى: { آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} (النمل: من الآية59).
2 ـ اذا ضعف التعويل على دلالة القرينة فيجب الذكر، كقوله: (خير مال المرء ما أنفقه...).
3 ـ ضعف تنبه السامع، نحو: (زيدٌ قائم و عمرو قائم).
4 ـ الردّ على المخاطب، فيكون الذكر أحسن، قال تعالى حكاية عن منكر البعث: { مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}(يّـس: من الآية78)؟! فردّه الله تعالى: { قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ}(يّـس: من الآية79).
5 ـ إفادة التجدّد بإتيان الفعل، كقوله: (يحمد الله كل عبد فقيه...).
6 ـ إفادة الثبوت والدوام بإتيان الاسم، قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ}(الأنعام: من الآية73).
وأمّا حذفه فلأمور، أهمّها:
1 ـ الإحتراز عن العبث، لقرينة مذكورة، قال تعالى: { أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ } (التوبة: من الآية3) أي رسوله بريءٌ أيضاً.
2 ـ الإحتراز عن العبث، لقرينة مقدّرة، كما لو قيل لك: (ما صنع بالكبش؟) فتقول: (الكبش) ـ مع الإشارة إليه ـ مذبوحاً، فإنّ المراد: ذُبح الكبش.
3 ـ ضيق المقام عن الإطالة، كقوله:
نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأي مختلف
أي: نحن بما عندنا راضون.
4 ـ إتباع الإستعمال الوارد، قال تعالى: { لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} (سـبأ: من الآية31) أي: لولا أنتم موجودون.
تعريف المسند وتنكيره:
وأمّا تعريفه فلأمور:
1 ـ إفادة السامع حكماً معلوماً على أمر معلوم، وذلك يفيد النسبة المجهولة، فمن عرف زيداً بشخصه، وعرف أنّ له صديقاً، ولكن لم يعرف أنّ زيداً هو صديقه، قيل له: (زيد صديقك) وهذا يفيد النسبة، وإن لم يفد الخبر ـ لكونه معلوماً -.
2 ـ قصر المسند على المسند إليه حقيقة، كقوله: (عليّ عليه السلام أمير المؤمنين صريحة...).
3 ـ قصر المسند على المسند إليه ادّعاءً، كقوله: (وأخو كليب عالم الأنساب...).
وأمّا تنكيره، فلأنّ الأصل في المسند أن يكون نكرة، لإفادة العلم بشيء مجهول، لكن قد يرجّحها أمور:
1 ـ إرداة عدم العهد والحصر، كقوله: (مجاهد عبد، وسلمى أمة...).
2 ـ إرادة التفخيم، قال تعالى: { هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} (البقرة: من الآية2) بناءً على كونه خبراً.
3 ـ إرادة التحقير، كقوله: (وما هندة شيئاً، ولكن رجالها...).
4 ـ إتباع المسند اليه في التنكير، كقوله: (رجل عالم وآخر فقيه...).
تقديم المسند وتأخيره:
وأمّا تأخيره عن المسند إليه، فلأنّ الأصل في المسند التأخير، لأنه حكم على شيء، والمحكوم عليه مقدم طبعاً.
لكن قد يتقدّم لأمور:
1 ـ كونه عاملاً نحو: (جاء زيد).
2 ـ كونه ممّا له الصدارة في الكلام نحو: (أين زيد؟).
3 ـ التخصيص بالمسند اليه، قال تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (الشورى: من الآية49).
4 ـ التنبيه على أنه خبر لا صفة ـ من بدء الكلام ـ كقوله يصف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
لـه هــمم لامـنتهى لكبارهـا وهمّتـه الصغرى أجلّ من الدهر
له راحة لو أنّ معشار جودها على البرّ كان البرّ أندى من البحر
فلو قال: (همم له) أو (راحة له) توهم بادي الأمر أنّ (همم) أو (راحة) صفة.
5 ـ التشويق للمتأخّر، إذا كان المقدّم مشوّقاً له، قال تعالى: { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (آل عمران:190)
6 ـ التفاؤل، كقوله:
سعدت بغرّة وجهك الأيام وتــزيّنت بلقائك الأعوام
7 ـ التطيّر، كقوله: (شاهت بلقياك الوجوه وإنّما...).
8 ـ قصر المسند إليه على المسند، قال تعالى: { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ } (الكافرون:6) أي دينكم مقصور عليكم وديني مقصور عليّ.
9 ـ المساءاة، كقوله:
ومن نكد الدنيا على الحرّ أن يرى عدواً له ما مـن صداقته بدّ
10 ـ تعجيل التعجّب، أو التعظيم، أو المدح، أو الذمّ، أو الترحّم، أو الدعاء، أو الإغراء، أو المسرّة، أو ما أشبه ذلك.
كقوله: (ومعجب كل فتى بوالده...).
وقوله: (عظيم أنت يا ربّ الفصاحة...).
وقوله: (كريم علاء الدين عند الملمات...).
وقوله: (بئس أخو القوم الذي أن يحضر...).
وقوله: (ومسكين أبوه لدى المجاعة...).
وقوله: (بخير رجعت من السفر...).
وقوله: (أسير العدل أنت أبا ظليم...).
وقوله: (لله درّك).
أقسام المسند:
المسند إما مفرد وإمّا جملة، والمفرد على قسمين:
1 ـ فعل، نحو: (قام زيد).
2 ـ اسم، نحو: (زيد أسد).
والجملة على ثلاثة أقسام:
1 ـ اسمية، نحو: (زيد أبوه منطلق).
2 ـ فعلية، نحو: (زيد يصلّي).
3 ـ ظرفية، إما جاراً أو مجروراً، نحو: (محمد في الدار)، أو لا، نحو: (عليّ عندك).
أقسام الجملة:
ثم إن الجملة على ثلاثة أقسام:
1 ـ السببية، وهي ما تكون من متعلقات المسند إليه، نحو: (حسين انتصر ابنه).
2 ـ المؤكدة، وهي ما تكون مؤكدة للحكم، نحو: (جعفر يفقه) لتكرر الإسناد.
3 ـ المخصصة، وهي ما تكون مخصصة للحكم بالمسند إليه، نحو: (أنا سعيتُ في حاجتك) أي: الساعي فيها أنا وحدي لا غير.
تقسيم المسند:
ثم المسند إما جامد وإمّا مشتق:
1 ـ فالجامد، هو الذي لايؤوّل بالمشتق، ولايكون مشتقّاً، نحو: (فارقليطا اسم).
2 ـ والمشتق، نحو: (حسان شاعر)، ويلحق به المؤوّل، نحو: (جعفر أسد) أي شجاع.
=========
كتاب البلاغة : (المعاني . البيان . البديع) للشيرازي.
(المسند): هو المحكوم به، فعلاً كان، أم خبراً، أم نحوهما.
ويعرضه الذكر والحذف، والتعريف والتنكير، والتقديم والتأخير، وغيرها.
ذكر المسند وحذفه:
أما ذكره فلأغراض، أهمها:
1 ـ كونه الأصلي ولا داعي للعدول عنه، قال تعالى: { آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} (النمل: من الآية59).
2 ـ اذا ضعف التعويل على دلالة القرينة فيجب الذكر، كقوله: (خير مال المرء ما أنفقه...).
3 ـ ضعف تنبه السامع، نحو: (زيدٌ قائم و عمرو قائم).
4 ـ الردّ على المخاطب، فيكون الذكر أحسن، قال تعالى حكاية عن منكر البعث: { مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}(يّـس: من الآية78)؟! فردّه الله تعالى: { قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ}(يّـس: من الآية79).
5 ـ إفادة التجدّد بإتيان الفعل، كقوله: (يحمد الله كل عبد فقيه...).
6 ـ إفادة الثبوت والدوام بإتيان الاسم، قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ}(الأنعام: من الآية73).
وأمّا حذفه فلأمور، أهمّها:
1 ـ الإحتراز عن العبث، لقرينة مذكورة، قال تعالى: { أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ } (التوبة: من الآية3) أي رسوله بريءٌ أيضاً.
2 ـ الإحتراز عن العبث، لقرينة مقدّرة، كما لو قيل لك: (ما صنع بالكبش؟) فتقول: (الكبش) ـ مع الإشارة إليه ـ مذبوحاً، فإنّ المراد: ذُبح الكبش.
3 ـ ضيق المقام عن الإطالة، كقوله:
نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأي مختلف
أي: نحن بما عندنا راضون.
4 ـ إتباع الإستعمال الوارد، قال تعالى: { لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} (سـبأ: من الآية31) أي: لولا أنتم موجودون.
تعريف المسند وتنكيره:
وأمّا تعريفه فلأمور:
1 ـ إفادة السامع حكماً معلوماً على أمر معلوم، وذلك يفيد النسبة المجهولة، فمن عرف زيداً بشخصه، وعرف أنّ له صديقاً، ولكن لم يعرف أنّ زيداً هو صديقه، قيل له: (زيد صديقك) وهذا يفيد النسبة، وإن لم يفد الخبر ـ لكونه معلوماً -.
2 ـ قصر المسند على المسند إليه حقيقة، كقوله: (عليّ عليه السلام أمير المؤمنين صريحة...).
3 ـ قصر المسند على المسند إليه ادّعاءً، كقوله: (وأخو كليب عالم الأنساب...).
وأمّا تنكيره، فلأنّ الأصل في المسند أن يكون نكرة، لإفادة العلم بشيء مجهول، لكن قد يرجّحها أمور:
1 ـ إرداة عدم العهد والحصر، كقوله: (مجاهد عبد، وسلمى أمة...).
2 ـ إرادة التفخيم، قال تعالى: { هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} (البقرة: من الآية2) بناءً على كونه خبراً.
3 ـ إرادة التحقير، كقوله: (وما هندة شيئاً، ولكن رجالها...).
4 ـ إتباع المسند اليه في التنكير، كقوله: (رجل عالم وآخر فقيه...).
تقديم المسند وتأخيره:
وأمّا تأخيره عن المسند إليه، فلأنّ الأصل في المسند التأخير، لأنه حكم على شيء، والمحكوم عليه مقدم طبعاً.
لكن قد يتقدّم لأمور:
1 ـ كونه عاملاً نحو: (جاء زيد).
2 ـ كونه ممّا له الصدارة في الكلام نحو: (أين زيد؟).
3 ـ التخصيص بالمسند اليه، قال تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (الشورى: من الآية49).
4 ـ التنبيه على أنه خبر لا صفة ـ من بدء الكلام ـ كقوله يصف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
لـه هــمم لامـنتهى لكبارهـا وهمّتـه الصغرى أجلّ من الدهر
له راحة لو أنّ معشار جودها على البرّ كان البرّ أندى من البحر
فلو قال: (همم له) أو (راحة له) توهم بادي الأمر أنّ (همم) أو (راحة) صفة.
5 ـ التشويق للمتأخّر، إذا كان المقدّم مشوّقاً له، قال تعالى: { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (آل عمران:190)
6 ـ التفاؤل، كقوله:
سعدت بغرّة وجهك الأيام وتــزيّنت بلقائك الأعوام
7 ـ التطيّر، كقوله: (شاهت بلقياك الوجوه وإنّما...).
8 ـ قصر المسند إليه على المسند، قال تعالى: { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ } (الكافرون:6) أي دينكم مقصور عليكم وديني مقصور عليّ.
9 ـ المساءاة، كقوله:
ومن نكد الدنيا على الحرّ أن يرى عدواً له ما مـن صداقته بدّ
10 ـ تعجيل التعجّب، أو التعظيم، أو المدح، أو الذمّ، أو الترحّم، أو الدعاء، أو الإغراء، أو المسرّة، أو ما أشبه ذلك.
كقوله: (ومعجب كل فتى بوالده...).
وقوله: (عظيم أنت يا ربّ الفصاحة...).
وقوله: (كريم علاء الدين عند الملمات...).
وقوله: (بئس أخو القوم الذي أن يحضر...).
وقوله: (ومسكين أبوه لدى المجاعة...).
وقوله: (بخير رجعت من السفر...).
وقوله: (أسير العدل أنت أبا ظليم...).
وقوله: (لله درّك).
أقسام المسند:
المسند إما مفرد وإمّا جملة، والمفرد على قسمين:
1 ـ فعل، نحو: (قام زيد).
2 ـ اسم، نحو: (زيد أسد).
والجملة على ثلاثة أقسام:
1 ـ اسمية، نحو: (زيد أبوه منطلق).
2 ـ فعلية، نحو: (زيد يصلّي).
3 ـ ظرفية، إما جاراً أو مجروراً، نحو: (محمد في الدار)، أو لا، نحو: (عليّ عندك).
أقسام الجملة:
ثم إن الجملة على ثلاثة أقسام:
1 ـ السببية، وهي ما تكون من متعلقات المسند إليه، نحو: (حسين انتصر ابنه).
2 ـ المؤكدة، وهي ما تكون مؤكدة للحكم، نحو: (جعفر يفقه) لتكرر الإسناد.
3 ـ المخصصة، وهي ما تكون مخصصة للحكم بالمسند إليه، نحو: (أنا سعيتُ في حاجتك) أي: الساعي فيها أنا وحدي لا غير.
تقسيم المسند:
ثم المسند إما جامد وإمّا مشتق:
1 ـ فالجامد، هو الذي لايؤوّل بالمشتق، ولايكون مشتقّاً، نحو: (فارقليطا اسم).
2 ـ والمشتق، نحو: (حسان شاعر)، ويلحق به المؤوّل، نحو: (جعفر أسد) أي شجاع.
=========
كتاب البلاغة : (المعاني . البيان . البديع) للشيرازي.