ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    جيش محمد علي بقلم اليوزباشى : محمد جمال الدين محفوظ

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

     جيش محمد علي بقلم اليوزباشى : محمد جمال الدين محفوظ	 Empty جيش محمد علي بقلم اليوزباشى : محمد جمال الدين محفوظ

    مُساهمة من طرف أحمد الأحد مارس 17, 2013 7:40 am

    جيش محمد علي
    بقلم اليوزباشى : محمد جمال الدين محفوظ
    ========================
    يقترن اسم محمد على باشا بنهضة عظيمة للجيش المصرى ، اخذ فيها بأسباب التقدم والارتقاء حتى طالت شهرته الافاق ، وافضت انتصاراته الباهرة المتوالية مضاجع الدول العظمى ، فحسبت لمصر الف حساب ، واخذت تنظر اليها نظرة ملؤها الرهبة والاحترام ، وراحت تخطب ودها وصداقتها ، ثم ناصبتها العداوة حينما خشيت على كيانها .

    ولقد ادرك محمد على باشا بثاقب فكرة ، وسديد نظرته للامور ، ان بالجيش تعلو الامم وترقى ، وبه تستطيع ان تشق الطريق فى خضم الحياة ، مرفوعة الرأس ، موفورة الكرامة ، عزيزة الجانب ، لأن النفس العالية تخضع منطق القوة اكثر مما تخضع لقواعد العدل والانصاف .

    كانت نهضة الجيش شاملة لكل فروعه فى البر والبحر ، بل كانت انقلابا هائلا نقله من حال الى حال .

    كيف انشأ محمد على باشا الجيش المصرى ؟
    هناك اسئلة فى غاية الاهمية وهى :
    كيف تيسر لمحمد على ان ينفذ هذا البرنامج الضخم للتسليح من غير ان يقترض قرشا واحدا من الخارج معتمدا على مرافق البلاد الاقتصادية دون سواها ؟ .
    وكيف اتيح لهذا البطل العظيم ان يفعل كل مافعل ، وماهى الاسباب التى اختارها لبلوغ امانيه وتحقيق رغباته ؟ .
    وكيف استطاع ان يفعل كل هذا بعد ان كانت مصر غارقة فى بحر من الفوضى ، وكان الفقر ضاربا اطنابه فيها ، وعدد سكانها قليل ، وكانت ايرادات الدولة فى عام 1830 حوالى 2.466.470 جنيها ، وفى عام 1833 بلغت 2.525.275 جنيها ، ووصلت فى عام 1838 الى مبلغ 2.725.794 جنيها ؟ .

    وقبل الاجابة على هذا السؤال الهام يجدر بنا ان نقف برهة اجلالا لعبقرية محمد على التى صنعت هذه المعجزة التاريخية .

    ادرك محمد على ان ثروة البلاد والمحافظة على كيانها المالى من اكبر دعائم الاستقلال ، لأن العمران مادة التقدم ، والثروة الاهلية قوام الاستقلال المالى ، ولايتحقق الاستقلال السياسى مالم يدعمه الاستقلال المالى والاقتصادى ، لذلك كان اول ماهدف اليه فى سياسته اصلاح حالة البلاد الاقتصادية ، وانشاء اعمال العمران لتنمو ثروتها القومية ، وتتوافر الاموال اللازمة للتسليح وانشاء المصانع وغيرها .

    وقد تولى محمد على بنفسه تنفيذ هذه السياسة الحكيمة ، بعزيمة حديدية ، وبذل فى ذلك جهودا جبارة حتى خلف اعمالا ومنشئات يزدان بها تاريخه ، فشملت البلاد موجة من النهوض الزراعى كفلت لها الرخاء والموال الطائلة التى امكن بفضلها الاحتفاظ بقوات عسكرية كبيرة .

    ويكفينا ان نمر فى عجالة قصيرة على مانشىء فى عهد محمد على من ترع وجسور وقناطر اهمها القناطر الخيرية ، وتوسيع نطاق الزراعة والانقلاب فى زراعة القطن الذى يعتبر عماد الثروة فى مصر ، وزراعة الزيتون والنيلة والخشخاش ، وكذلك انشاء مصانع الغزل والنسج والجوخ والحرير والصوف والكتان والحبال والطرابيش ، ومعامل سبك الحديد والالواح النحاسية ، والسكر والصابون ، لندرك مدى ماكانت عليه سياسة مصر العسكرية من سعة افاق اهدافها التى كانت ترمى الى جعلها دولة صناعية زراعية نامية الثروة زاهية العمران زاخرى القوى العسكرية ، يمكنها ان تحقق مبدأ الكفاية الذاتية لقواتها لتصون استقلالها .

    وليس ادل على ماجنته مصر من ثروة ورخاء بفضل هذه السياسة الحكيمة من قول محمد محمد على للقنصل الفرنسى " ميمو " عندما انذره بتدخل اوربا :
    " وتخطىء اوربا خطأ اخر بأعتقادها انى فى حاجة الى مال ، واكبر دليل على عدم صحة هذا الاعتقاد اننى لا ابيع محصول القطن ، مع انه من اهم موارد مصر ، وجنودى يقبضون مرتباتهم بأنتظام ، وانى لااعقد قرضا ما فى بلاد ما ، ولست مدينا لأحد بشئ " .

    السنا نلمس بوضوح وجلاء عبقرية محمد على الفذة ، التى اضحى الجيش المصرى بفضلها اكبر دعامة لأستقلال البلاد ؟ ، وانه ليكفينا ان نعلم ان تعداد الجيش فى عام 1831 بلغ 70.000 مقاتل ، ثم بلغ فى عام 1833 حوالى 194.032 مقاتل بينهم 25.143 من البحارة وعمال الترسانات البحرية ، وفى عام 1839 زاد الى 235.880 مقاتل .

    الجيش قبل محمد على :
    الان لنعد الى الوراء لنرى حالة القوات العسكرية قبل محمد على ...

    كانت مؤلفة من عناصر تميل بطبيعتها الى الشغب والفوضى ، فمعظمها من الاكراد والالبان والشراكسة الذين يطلق عليها لفظة ( باشبوزق ) اى الجنود غير النظاميين ، ولم تكن لمثل تلك المجموعة المختلطة من الاجناس الغربية عن مصر الشعور القومى الذى يشعر به ابناء البلاد ، وكان تنظيم هذه القوات خاضعا للانقلابات السياسية التى املتها الثورات فى الولايات العثمانية والمعارك والاختلافات التى الفتها حياة المماليك اثناء القرن الثامن عشر .

    ويضاف الى تلك القوات جماعات من الاعراب الذين كانوا يهددون الامن فى بعض الاقاليم ، ولم تكن هذه القوات فى مجموعها خاضعة لنظام عام او تدريب ثابت منسق ، وانما كانت اعمالها عبارة عن حرب عصابات وحرم كر وفر .

    خلق الجيش الحديث :
    رأى محمد على ان هذا الجيش لايعتمد عليه فى تحقيق مشروعاته العظيمه لتأسيس ملكه الجديد ، فبذل جهده فى انشاء جيش من الفلاحين ابناء البلد ، وقد اتيحت لمحمد على الفرصه ليشهد الجيوش الاجنبية فى قتالها ، فقاتل الفرنسيين فى معركة الرحمانية ، واستطاع ان يشهد نظامها الحديث ، وتكتيكاتها وقارن بين هذا وبين الحالة التى عليها الجيش ، فصمم على ان يستبدل جنوده غير النظامية بجيش على النظام العسكرى الحديث متى سمحت الفرصة لذلك ، وقد كان يعلم تماما صعوبة هذه المهمة لتغلغل الروح الرجعية فى الاهالى ورفضهم لكل جديد وخصوصا اذا جاء على يد الاجانب ، اضف الى ذلك ان حالة اهل مصر كانت تدب فيها الفوضى والاهمال منذ عهد طويل تحت حكم الاتراك والمماليك ، ولذلك لم ير من الحكمة التعجل فى تنفيذ مشروعة .

    مدرسة اسوان الحربية :
    بعد عام 1815 كانت حروب نابليون قد انتهت وسرحت جيوشة ، واصبح كثيرون من ضباطه بلا عمل ، فأستقدم محمد على منهم كثيرين واشهرهم " سيف " الذى اصبح فيما بعد " سليمان باشا الفرنساوى " .

    اخذ سيف على عاتقه انشاء جيش مصرى حديث ، فأستصدر امرا من محمد على باشا فى 8 اغسطس سنة 1821 بأنشاء مدرسة اسوان الحربية ، بدأ فيها بتعليم العدد الضرورى لتولى مهمة مهمة ضباط الجيش ، وجمع له محمد على لهذا الغرض الفا من المماليك الشبان الذين تألفت منهم نواة الجيش المصرى ، وكان برنامج التعليم الموضوع يستغرق ثلاث سنوات تقريبا ، وليس ادل على اهتمام محمد على بأمر هذه المدرسة وعلى مقدار ماكان يعلقه عليها من امال من هذه الرسالة التى وجهها فى 12 محرم سنة 1238 هـ ( 29 سبتمبر 1822 ) الى نواة ضباط جيشه الجديد بأسوان والتى تنبئ عما فى مكنون نفسه للنهوض بدولته الجديدة .

    ( اليكم يامفاخر الاماثل والاقران بكباشية جنودنا الجاهدية المقيمين فى اسوان وضباطهم من رتبة الصاغ قول اغاسى واليوزباشى والملازمين وحاملى الاعلام والضباط الاخرين : نبلغكم ان سلك الجهادية الشريف هو اعز المسالك واكرمها من الوجهتين الدينية والشعبية ، وان الشئون الحربية هى اهم الشئون والمصالح بالنسبة للحكومة والوطن ، وقد اثنى الله سبحانه وتعالى احسن الثناء على من سلكوا هذا المسلك القويم ، لقد واتاكم السعد ونالكم الخظ الاوفر وامدكم التوفيق الازلى ، فجاء كل منكم واصبح مظهرا للعطف والعناية ، ومصدرا للشرف والسعادة كل على قدرها ، وتراعوا حقوقها ، لهذا التقدير وهذه المراعاة لايكونان مرة اخرى الا اذا تركتم عاداتكم التى كنتم مطبوعين عليها ونبذتموها ظهريا ، وتشبثتم بقواعد المسلك الجديد والحمد لله ، فكل منكم محترم الجانب مرعى الخاطر ، وكل قوانينكم ونظمكم موافقة ، فأرجعوا الى انفسكم ، واقرأوا ضمائركم واعملوا بمقتضى الرجولة ، وليقم كل منكم بذل همته فى امور تعليم وتدريب الموجودين فى اورطتكم ، ولايهملن فى ذلك ، وليسع الى ان يكون كل شىء منظما احسن نظام وفقا لقوانينكم وقواعدكم المقررة ، اما ناظركم محمد بك فهو رجلى الامين الوفى ، وهو ناظركم الرؤف بكم كأنه ابوكم ، فرضاؤه رضائى وارادته ارادتى ، فلا تخرجوا عن رأيه ولاتنحرفوا عن طاعته ولاتحيدوا عن ادراته بأى حال من الاحوال .... الخ ) .

    وقد ضرب محمد على مثلا عاليا اذ الحق ابنه ابراهيم بهذه المدرسة ليتعلم كواحد من طلبتها ، وكان هذا من اكبر عوامل نجاح المشروع ، ولايفوتنا ان نذكر ان هناك حادثة صغيرة كان فيها ابراهيم مثلا للطاعة والنظام ، فقد اتفق ان ( سيف ) كان يمر ذات يوم هو ومن معه من الضباط فأتخذ ابراهيم موقفه فى اول الصف مع انه كان اقصرهم قامة ، فأمسك سيف يده وارجعه الى اخر الصف الذى يتفق مع قامته ، فأمتثل ابراهيم ولم يعترض ، فضرب بذلك مثلا فى تقبل الروح العسكرية الحديثة .

    وقد نقلت هذه المدرسة من اسوان الى اسنا ثم الى اخميم ثم الى بنى عدى ثم الى اثر النبى ، واستدعى محمد على باشا نخبة من الضباط الفرنسيين ، منهم الجنرال بواييه والكولونيل جودان ، وكان لهم اثر واضح فى التدريب الحديث على نمط الجيش الفرنسى فى اداء الحركات والسير والمناورات فيما عدا النداء فكان يصدر باللغة التركية ، وطبقت على الجيش المصرى قوانين الجيش الفرنسى بعد ترجمة القوانين العسكرية الى التركية للعمل بموادها .


    التجنيد :
    كانت حركة التجنيد قائمه على قدم وساق فى جميع انحاء البلاد ، ولم يأت عام 1823 حتى تألفت الاورط الست الاولى فى الجيش المصرى ، وعين الالف ضابط الذين تم تدريبهم بمدرسة اسوان الحربية ضباطا فى هذه الاورط .
    استمرت سياسة التجنيد والتعليم فى تزايد واتساع حتى وجد فى معسكر بنى عدى فى يوم من الايام المجيدة ثلاثون اورطة بكل واحدة منها 800 جندى .
    وقد برهن الجنود المصريون فى جميع المعارك الاولى التى اشتركوا فيها على انهم مقاتلون اكفاء من الطراز الاول ، وابدوا من البسالة والاقدام والصبر ماكان حديث المؤرخين ، وشهد به الاجانب والقناصل .

    وقد اراد محمد على باشا ان يعرب عن تقديره لهم فأنعم بالميداليات الذهبية والفضية على كثير من جنود الالاى الثانى بعد عودته من حرب الحجاز فى اكتوبر 1826 تشجيعا لهم وتقديرا لبسالتهم ، وامر بأن يقيم الالاى فى القاهره ليكون حامية لها .

    المعاهد العسكرية :
    رأى محمد على باشا ان ينظم التعليم العسكرى فى مصر ، فأمر بتأليف مجلس يشرف على شئون التعليم والتدريب وسماه ( قومسيون المدارس العسكرية ) وكان يتألف من ناظر الجهادية رئيسا وعضوية قادة الالايات وغيرهم .

    مدرسة القصر العينى :
    ووجه محمد على باشا نظره الى ناحية الاعداد والتجهيز ، فأنشأ مدرسة قصر العينى سنة 1825 ، وكان عدد تلاميذ هذه المدرسة يتراوح بين الخمسمائه والستمائه من ابناء الاتراك والمصريين ، وتتفاوت اعمارهم بين الثانية عشر والسادسة عشر ، وكانت هذه المدرسة تقوم بمرحلة التعليم الاعداى ، يتلقى فيها الطلبة اللغات العربية والتركية والايطالية والرسم والحساب والهندسة ، وبعد اتمام الدراسة فيها يوزع الخريجون على مختلف مدارس الجيش العالية التى سيأتى الحديث عنها ، وقد توسع محمد على فى هذه المدارس وزاد عدد طلبتها لأجابة طالب الجيش حتى بلغ عدد تلاميذها فى عام 1834 الف ومائتين .

    مدرسة البياده بالخانقاه :
    علاوة على مدرسة اسوان الحربية السابق ذكرها ، انشأ محمد على فى عام 1832 فى الخانقاه هذه المدرسة ، وذلك تبعا لمقتضيات التوسع فى الجيش ، وانتقلت بعد سنتين الى دمياط ، وكان عدد طلبتها 400 من المصريين يمكثون فيها ثلاث سنوات ، ويتعلمون فيها التمرينات والادارة العسكرية واللغات العربية والتركية والفارسية والطبوغرافيا ورسم الخطط والاسلحة والشئون الادارية والرسم والهندسة والرياضة البدينة ، وقد عهد بأدارتها الى الضابط ( يولونينو ) من ضباط نابليون ، ثم تولى ادارتها بعده يوسف اغا .

    مدرسة اركان الحرب :
    انشئت هذه المدرسة فى 15 اكتوبر 1825 للدراسات العليا بقرية جهاد اباد بقرب الخانقاه بمشورة عثمان نور الدين افندى ، وقام على تأسيسها الكابتن ( جول بلانا ) الفرنسى ، واقيم للمدرسة بناء جميل ومنازل على النمط الحديث ، وكانت نواتها الاولى 18 ضابطا ، وكان بها بعض المدرسين الاجانب ، وكانت مدة الدراسة ثلاث سنوات ، ويعين خريجوها اركان حرب فى الوحدات الفنية فى الجيش .

    مدرسة المدفعية بطره :
    تأسست عام 1831 وانتخب لها 300 من خريجى مدرسة قصر العينى التجهيزية لدراسة فن المدفعية والتدريب على مختلف انواع مدافع الميدان والهاون ، وكانت المواد التى تدرس فى المدرسة هى الرياضيات والكيمياء والرسم والاستحكامات ولغة اجنبية واللغة العربية والتركية علاوة على فن المدفعية والمساحة .

    وقد وزع خريجوا هذه المدرسة على وحدات المدفعية بالجيش وخصص بعضهم للعمل بمدفعية الاسطول .

    مدرسة السوارى بالجيزة :
    انشئت فى الجيزة عام 1831 وعهد بها الى المسيو ( فاران ) الذى كان ضابط اركان حرب المارشال ( جوفيون سان سير ) وكان عدد طلبتها 200 من خريجى المدرسة التجهيزية وغيرهم ، ومدة الدراسة فيها ثلاث سنوات او اربع ، يتلقى فيها الطلبة فنون الفروسية وركوب الخيل واللغات علاوة على باقى العلوم العسكرية المتقدمة ، وكان لهم مدرب المانى اسمه ( الهر . م . بير ) لتدريبهم على فنون الفروسية .

    مدرسة الطب والمستشفى العسكرى :

    شيدت بين الخانقاه وابى زعبل ، وعهد بشئونها الى الدكتور ( كلوت بك ) رئيس اطباء الجيش ، والتحق بها 140 طالبا يدرسون الطب ، وخمسون لدراسة فن الصيدلة ، وكان بالمستشفى 730 سريرا للمرضى من رجال الجيش ، وانشئ مجلس صحى للاشراف على الصحة العامة ، واختيار الاطباء والصيادلة للجيش بعد امتحانهم .

    مدرسة الطب البيطرى :
    شيدت بجوار المستشفى العسكرى لدراسة الطب البيطرى عام 1837 ، والحق بها 120 طالبا ، وقد تولى ادارتها مصريون بعد المسيو ( هامون ) وحتى عام 1849 ، ونقلت هذه المدرسة فيما بعد الى شبرا .

    مدرسة الهندسة العسكرية :
    انشئت فى عام 1844 فى بولاق ، وكان طلبتها يتخصصون فى اعمال هندسة الترع والالغام والكبارى والطرق والاستحكامات .

    مدرسة الموسيقى العسكرية :
    انشئت فى قرية جهاد اباد ، وكان عدد طلبتها 200 ، ثم نقلت الى الخانقاه ، وانشئت مدرس اخرى للموسيقى فى القلعة واثر النبى .

    مدارس الوحدات .... محو الامية :
    عنى محمد على بأمر تعليم جنود الجيش ، فألحقت مدارس بوحدا تالجيش المختلفة والاسطول لتعليم القراءه والكتابة والحساب للجنود ، وكانت الحكومة تشجع المتفوقين منهم بترقيتهم قبل اقرانهم .

    البعوث العسكرية :
    وجد محمد على بعد خلق النظام العسكرى الحديث فى مصر وتأسيس هذه المدارس الحربية والمؤسسات التى لاغنى عنها لجيش وطنى ، انه لايزال فى حاجة ماسة الى الاجانب الذين استقدمهم لمعاونته فى هذا الشأن ، ولكن نفسه الطموحه دفعته الى التفكير فى تمصير التعليم فى الجيش المصرى ، فعمل على ايفاد البعوث من الشبان الذين اهلتهم معاهد العلم فى مصر الى اوربا ليتموا دراستهم بها ، ويعودوا لتولى المراكز الهامة فى التعليم العسكرى .

    الصحافة العسكرية :
    عنى محمد على بالصحافة العسكرية والمطبوعات فأنشأ المطبعة الاميرية او مطبعة صاحب السعاده فى عام 1819 ، وكانت تقوم بطبع مايحتاج اليه الجيش من الكتب اللازمه للتعليم ونشر ماينبغى نشره من القوانين والتعليمات العسكرية ، ومن اجل هذه المطبعة حاول محمد على ان ينشئ صناعة الورق على ضفاف النيل كما كان ايام الفراعنة ، واستطاع ان يجعله صناعه وطنية فيما بعد ، وكان المصنع ( الكاغدخانة ) يخرج بعض اصناف الورق ، وكانت مصر تصدر منه الى المغرب واليمن والحجاز ، وبجانب مطبعة بولاق كانت للجيش مطابع خاصة واهمها مطبعة المدفعية بطره ، واخرى لمدرسة الطب فى ابى زعبل وثالثة فى مدرسة الفرسان بالجيزة ، ومطبعة القلعة الخاصة ( بجرنال الخديوى ) ، ثم اصدر محمد على الوقائع المصرية فى عام 1829 وكانت توزع على ضباط الجيش .

    الصناعات الحربية :
    رأى محمد على ان انشاء جيش مصرى حديث لايقام الا بأن يجد كفايته من السلاح والذخيرة والمعدات فى داخل البلاد ، لأن الاعتماد على جلب العتاد من الخارج يعرض قوة الدفاع الوطنى للخطر ، ويجعل الجيش والبلاد بأسرها تحت رحمة الدول الاجنبية التى تتحكم فى تموينه بهذه المستلزمات الضرورية لكيانه .

    لذا هدفت سياسته الى انشاء مصانع الاسلحة فى مصر كى تكون مطالب الجيش منها متوفرة دواما ومناسبه لما يتطلبه التسليح .

    ترسانة القلعة :
    وكان اول مااتجه اليه التفكير هو انشاء ترسانة القلعة لصناعة الاسلحة وصب المدافع ، وقد اتسمت ارجاؤها ولاسيما بعد عام 1827 ، وكان اهم مصانع الترسانه واكثرها عملا هو معمل صب المدافع الذى كان يصنع كل شهر ثلاثة مدافع ميدان او اربعة من عيار ثمانية ارطال ، وصنعت فيه مدافع الهاون عيار 8 بوصة وعيار 24 بوصة ، وكان يشرف على ادارة هذه الترسانة العظيمه احد ضباط المدفعية الاكفاء وهو اللواء ابراهيم باشا ادهم ، وقد اشتغل 900 عامل فى معامل الاسلحة وكانت تنتج فى الشهر الواحد من 600 الى 650 بندقية ، وكانت البندقية الواحدة تتكلف 12 قرشا .

    وفى مصنع اخر كانت تصنع زنادات البنادق وسيوف الفرسان ورماحهم وحمائل السيوف واللجم والسروج وملحقاتها من صناديق المفرقعات ، ومواسير البنادق ، ولما زار المارشال ( مارمون ) هذه الترسانة عام 1834 اعجب بنظامها واعمالها وقال عنها ( ان معامل القلعة تضارع احسن معامل الاسلحة فى فرنسا من حيث الاحكام والجودة والتدبير ) .

    مصنع الاسلحة بالحوض المرصود : لم يكتف محمد على بمصانع القلعة بل انشأ فى الحوض المرصود عام 1831 معملا لصنع البنادق بلغ عدد عماله 1200 ، وكان ينتج 900 بندقية فى الشهر الواحد على الطراز الفرنسى ، وقد انشىء مصنع ثالث للاسلحة فى ضواحى القاهرة ، وكانت المصانع الثلاثة تصنع فى السنة 36.000 بندقية عدا الطبنجات والسيوف .

    ترسانة السفن الحربية بالاسكندرية :
    لم يغفل عاهل مصر عن ضرورة انشاء ترسانة لصنع السفن الحربية ومعدات الاسطول ، فأنشأ ترسانة بولاق لصنع السفن الكبيرة ، ثم اعقبها دار الصناعة الكبرى للسفن الحربية بالاسكندرية .

    معامل البارود ... الكهرجالات :
    اقام محمد على معملا للبارود بطرف جزيرة الروضة بعيدا عن العمران ، وقد تعددت معامل البارود فى مصر بعد ذلك ، وكان انتاجها عام 1833 كالاتى :
    معمل القاهرة 9621 قنطارا
    معمل الاشموتين 1533 قنطارا
    معمل اهناس 1250 قنطارا
    معمل البدرشين 1689 قنطارا
    معمل الفيوم 1279 قنطارا
    معمل الطرانة 412 قنطارا
    مجموع الانتاج 15.784 قنطارا
    وقد اعد محمد على باشا مكانا لخزن البارود والقنابل فى سفح المقطم .

    صناعات اخرى :
    ولكى يمد محمد على باشا الجيش بكل حاجياته ، انشأ مصانع الغزل والنسيج بالخرنفش عام 1819 وبولاق ، وورش الحدادة المختلفة مصانع الجوخ فى بولاق للملابس ومصانع الحبال اللازمة للسفن الحربية والتجارية ، ومصنع الطرابيش بفوه ، ومعمل سبك الحديد ببولاق ، ومصنع الواح النحاس والصابون ودبغ الجلود برشيد .


    خاتمة :
    كان الجيش المصرى فى عصر محمد على عماد كل شىء ، فله انشئت مدارس الطب والهندسة والفنون العسكرية ، ولنهضته قامت صناعة الاسلحة والذخيرة والملابس ، ولخدمته كان العمل على انهاض الزراعة والعمران ، فأستطاعت مصر القيام بأعباء الكفاح الحربى ، وحققت مطامع العاهل العظيم .

    وقد احب محمد على مصر ، وكان يتكلم بحماسة نادرة عن شعوره بهذا الحب ، ولا ادل على ذلك من حديثه مع الامير الالمانى ( يوكلر موسكو ) وفيه يقول :
    ( يجب على ان اتغلب على صعاب شديدة ، وفى سبيل هذا التغلب اشعر اننى مرتبط بهذا الوطن الجديد الذى اتخذته مقاما لى ، ولن اعرف الراحة ولا السلام الى ان ابعث هذه البلاد التى ظهرت لى طفل صغير معدم ، عار ، وحيد ، استسلمت للنوم العميق منذ اجيال ، سأكون لها كل شىء سأكون اباها واماها وسيدها وخادمها ومعلمها وقاضيها ، وكثيرا مافكرت فيها وانا متكئ على وسادتى سائلا نفسى " هل يستطيع محمد على وحده ان يعهد اليه بأمرها وكسوتها وتعليمها فتشب وتنمو كالطفل ؟ اننى اشك فى نجاحى " ، بيد انه بالرغم من كل صعب سيحقق الله امالى ، واليه ادين بالنجاح جلت قدرته ، ان العظمة فى متناول جميع الامم ، كما ان الظفر محقق لكل الجيوش اذا وجد الرجل الذى يقودها ويعرف السبيل التى يسلكها ) .





    مصدر المقال :
    مجلة المدفعية الملكية - الصادرة فى 19 نوفمبر سنة 1949

    ----------------------------
    مرادفات:
    اليوزباشي = رتبة ضابط بالجيش في العهد العثماني يقابلها حالياً رتبة "رائد"

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 14, 2024 7:25 pm