ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    سُلطة النور والسمو عند نيتشه

    تاج العروبة (الفوهرر)
    تاج العروبة (الفوهرر)
    فيلسوف ثمار الأوراق
    فيلسوف ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 598
    العمر : 40
    الموقع : العراق
    العمل/الترفيه : خريج كليه الاداب - قسم الفلسفة
    المزاج : الارادة مفتاح النصر
    نقاط : 104
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    سُلطة النور والسمو عند نيتشه Empty سُلطة النور والسمو عند نيتشه

    مُساهمة من طرف تاج العروبة (الفوهرر) الخميس سبتمبر 25, 2008 7:56 pm

    سُلطة النور والسمو عند نيتشه

    [size=12]يرى أورتيجا، أن الإنسان خلاقاً لجواهر الكون الأخرى غير واثق، ولا يمكنه أن يكون واثقاً بأنه فعلاً إنسان ( كالنمر – مثلاً – واثق بأنه نمر، والسمكة واثقة بأنها سمكة ). إن الإنسان بهذا المعنى، لا يعد إنساناً أبداً، بل على العكس، أن يكون إنساناً، يعني أن يكون دائماً على تلك الحافة كي لا يكونه، أن يكون قضية نابضة بالحياة ومغامرة خطرة ودراما. فالإنسان، هو ذات الشخص، التي لن تتحقق في وقت من الأوقات بصورة كاملة. إنه دائماً أوتوبيا تحريضية وأسطورة سرية يحتفظ بها كل واحد في قلبه.(1)

    بحث نيتشه – مثل الفيلسوف الإغريقي القديم ديوجين – عن الإنسان، ولكن ليس في صفوف العامة ولا في الطبيعة ولا في التاريخ، بل في الإنسان نفسه. إن البشر الذين نعيش بينهم يواصلون التطور الحيواني. إنهم يشبهون الشظايا المتكسرة من الرسوم التخطيطية الثمينة للغاية، حيث تستغيث: تعالوا، ساعدوا، أكملوا، حددوا. هؤلاء البشر، لم يصبحوا بشراً بعد، بل هم رسوم تخطيطية. وكل واحد منا، يجب أن ينظر إلى ذاته كمشروع فاشل من مشاريع الطبيعة.

    إن الطريق إلى الذات، لا يمر إلا عبر إدراك الذات ولا طريق آخر. هذا طريق وعر وخطر ورجولي . إن الإنسان بما هو عليه، بمظهره التاريخي والسيكولوجي والاجتماعي ليس إنساناً بعد، بل هو طريق فقط نحو الإنسان. وهنا، يحاجج نيتشه الفلاسفة الكلاسيكيين، الذين اعتقدوا أن الإنسان حيوان سياسي، وأن نزعته الاجتماعية وحريته تكمنان قبل كل شيء في الدولة. الدولة – بالنسبة لنيتشه – صيغة معاصرة للقطيع، وهي غول بارد. أما رجالها فهم صغار وجشعون، نكرات ومسمّمون بثقافة سطحية ورغبتهم الوحيدة هي السلطة والثروة. باختصار أنهم حَمير في جلد الأسد.

    لا يعد إنساناً بعد ذلك الذي يخضع لسلطة التقاليد، الأديان، التاريخ، الدولة، الأخلاق، الثقافة وحتى الفلسفة نفسها. الإنسانِ، إنسانٌ فقط عندما يكون حُراً. والحر لا يتبع شيئاً أو أحداً، إنه يتبع ذاته فقط.

    إنسان القطيع، يهرب من ذاته ويضع خططاً واسعة لحياته فقط كي – يهرب من المهمة الحقيقية. تتلاشى عنده الشخصية الواعية وتهيمن عليه الشخصية اللاواعية.

    ولا يعود هو نفسه وإنما يصبح إنساناً آلياً وإرادته عاجزة على أن تقوده. عندئذ يتصف بعفوية الكائنات البدائية وعنفها وضراوتها وحماستها وخبثها. إنه يشبه حبة رمل وسط الحبات الرملية الأخرى على الشاطئ، ولو اتحدت هذه الحبة مع الحبات الأخرى لتحولت إلى قوة مدمرة. ففي الجمهور يتحرر الأبله والجاهل والحسود من الإحساس بدونيتهم وعدم كفاءتهم وعجزهم ويصيرون مجيّشين بقوة عنيفة وعابرة، ولكن هائلة. يعجز إنسان القطيع( الجمهور ) عن التفكير وعن كل روح نقدية، وعلى التمييّز بين الحقيقة والخطأ. والعامل الكبير لتطور التاريخ، ما كانت الحقيقة أبداً، وإنما الخطأ. وبما أن إنسان القطيع غير قادر على المحاكمة العقلية فإنه لا يعرف معنى المستحيل .والأشياء الأكثر استحالة، هي عادة الأكثر إدهاشاً وتأثيراً. وهو، لم يكن أبداً عطشاً للحقيقة، بل فضّل دوماً تأليه الخطأ. ومن يعرف إيهامه يصير سيداً له، ومن يحاول قشع الأوهام عن عينيه يصير ضحية له. (2) "إن قوة الكلمات مرتبطة بالصور التي تثيرها، وهي مستقلة تماماً عن معانيها الحقيقية. والكلمات التي يصعب تحديد معانيها بشكل دقيق، هي التي تمتلك أحياناً أكبر قدرة على التأثير والفعل. نضرب على ذلك مثلاً الكلمات التالية: ديمقراطية، اشتراكية، مساواة، حرية، ...إلخ .. فمعانيها من الغموض بحيث إننا نحتاج إلى مجلدات ضخمة لشرحها. ومع ذلك فإن حروفها تمتلك قوة سحرية بالفعل، كما لو أنها تحتوي على حل لكل المشاكل. فهي تجمع المطامحة اللاوعية المتنوعة، وتحتوي على الأمل بتحقيقها ". (3)

    لا يجب حرق الجسور التي تربط إنسان القطيع بهذا الوجود فحسب، بل أيضاً حرق الذات أيضاً في لهيب الذات؛ وإلا، كيف يمكن للإنسان أن يصبح أنساناً دون أن يصبح رماداً.

    ولكن، كلٍ منا مشغول بأشياء تافهة ليهرب من ذاته الحقيقية. بالرغم أن كل لحظة من لحظات الحياة تريد أن تقول لنا " كن مع ذاتك " إلا أننا لا نودُّ الإصغاء إلى هذه الأصوات الخفية. نحن نخاف عندما نكون وحيدين في جوٍ من السكينة والهدوء، لأن الحياة ستهمس في آذاننا ذلك الشيء نفسه، لِذا نكره الهدوء والعزلة، فنهرب لمعاشرة القطيع. نحن ضعفاء لدرجة أننا غير قادرين على تحمل تلك البرهات من التركيز العميق. والأكثر إخلاصاً يشعرون بأننا لسنا أولئك البشر الذين تسعى إليهم الطبيعة بصفتهم خلاصها، لسنا أولئك البشر المستعدين والقادرين على تجاوز ذواتنا والتغلب عليها.
    يتساءل القطيع: كيف يمكن للإنسان أن يبقى ويحافظ على ذاته؟ في الوقت الذي يكون فيه السؤال الأساسي والأخير بالنسبة إلى نيتشه هو: كيف يمكن التفوق على الإنسان؟

    مع الأسف، أن الناس الصغار والضعفاء هم سادة العصر، الذين يدعون إلى الخنوع والتواضع والحذر والتحفظ وإلى سلسلة طويلة من الفضائل الصغيرة. وهنا، يكمن الخطر الأكبر بالنسبة إلى السوبرمان ( الإنسان الأعلى )، أي الإنسان المتجدد والناهض من الرماد – والذي أصبح " مبدعاً " و" نحاتاً " وليس مجرد " مخلوق " و " مادة " و " حطام " و " طين " و " فوضى " ويتحلى برجولة حقيقية، إنه يرى الهاوية، إلا أنه ينظر إليها بكبرياء. (4) يحرر السوبرمان الحياة ويزيل أثقالها: لا تحميل الحياة تحت وزن القيم العليا، بل خلق قيم جديدة تكون قيم الحياة، تجعل من الحياة خفيفة وفاعلة.

    تحويل الثقيل إلى خفيف، والأسفل إلى أعلى، والألم إلى فرح، يشكل ثالوث الرقص واللعب والضحك ماهية السوبرمان.

    من هو السوبرمان الذي ينتظره نيتشه؟
    إن مفهوم السوبرمان مرتبط عنده بإرادة القوة. والقوة لدى نيتشه هو مفهوم قوة تتعلق بقوة أخرى. " وبهذا المظهر، تسمى القوة إرادة. إن الإرادة ( إرادة القوة ) هي عنصر القوة التفاضلي. وينتج من ذلك تصور جديد لفلسفة الإرادة، ذلك أن الإرادة، لا تمارس بصورة غامضة على عضلات أو على أعصاب، وأقل أيضاً على مادة بوجه عام، لكنها تمارس بالضرورة على إرادة أخرى. إن المشكلة الحقيقية ليست في علاقة الإرادة باللاإرادي، بل في علاقة إرادة تأمر بإرادة تطيع، وتطيع إلى هذا الحد أو ذاك...

    ماذا تعني الإرادة بوجه خاص؟ إرادة القوة لا تعني أنها تريد القوة، أو أنها ترغب في القوة أو تبحث عنها كغاية، كما لا تعني القوة بأنها الدافع إليها. ليس ثمة عبثية في عبارة " الرغبة في القوة " أقل مما في عبارة " إرادة الحياة ". من المؤكد أنه لم يلتق الحقيقة ذلك الذي كان يتكلم على إرادة الحياة، فهذه الإرادة غير موجودة. لأن ما ليس موجوداً لا تستطيع الإرادة الحصول عليه، وكيف يمكن ما يكون في الحياة أن يرغب أيضاً في الحياة ".(5)

    ما هي صفات الإنسان الميت؟ الإنسان الميت لا يملك صفة الحياة، لا يتغير. إنه لا يسعى إلى شيء. الميت، لا يمكن أن يكون إنساناً آخر. " السمكة الميتة لا تسبح ضد التيار ". إذن فقط الإنسان الحي يسعى إلى شيء آخر، إلى الاجتياز، إلى العلو والسمو، إلى النور.

    تتألف إرادة القوة من كلمتين: إرادة وقوة. الإرادة، تعني أراد، يريد، سعى، يسعى، رغب، يرغب. القوة، هي أن يصير القوي سيداً. فالعبد يريد أن يصير سيداً عندما يعطي الأوامر لإنسان أدنى من مستواه. ( إذا كنا نفهم بهذا المعنى إرادة القوة فهي تعني سيطرة إنسان على آخر. ولكن هذا مفهوم خاطئ لتفسير مصطلحات نيتشه ).

    الإرادة، أمرٌ في حد ذاتها – صاحبها يعيش في الأمر ولا يحتاج لإعطاء الأوامر، وإنما هو يسمع الأمر من فوق ، لأنه يخاطر ويغامر بنفسه. وإعطاء الأوامر أصعب بكثير من سماع وإطاعة الأوامر. والذي لا يسمع نفسه، يجب إعطاؤه أوامر خاصة. هذا يعني تسليم النفس كلها للأمر.

    أنت تعطي الأوامر لا لشيء غير موجود، بل لشيء موجود حقيقة. الإنسان يخاطب نفسه. والإرادة، تأمر بإرادتها لكي تعلو بنفسها، وتأمر بأن تفقد السلطة سلطتها. كي تعلوَ ( تصير سوبر ماناً ) يجب عليك أن تحطم ذاتك القديمة. إذن، يخاطب نيتشه الإنسان القابع في الأعماق بأن يُفتح له المجال ليتحرر، ليحلق نحو النور.

    وهكذا، نودُّ أن نلملم بقايا شرف، ونزيل الغبارعن المفهوم النيتشوي الحقيقي للسوبرمان: فهو لا يعني سيطرة شعب على آخر، أو إنسان على آخر، أو دولة على أخرى، ولا سيطرة أمة على أمة أخرى، بل يعني أن الإنسان يجب أن يسيطر على ذاته ليعلوَ على ذاته. فالإنسان الأعلى، ليس كائناً مفارقاً ولا حلقة جديدة أخيرة في سلسلة تطور الكائنات الحية بالمعنى الذي يقصده داروين، ولا بطلاً تاريخياً أو سياسياً أو عسكرياً. السوبرمان، هو من لحم ودم ويحمل معنى الأرض، " ذلك الذي سيعلم الناس الطيران يوماً، سوف يكون غيرَّ كل الحدود. بالنسبة إليه، سوف تطير الحدود بحد ذاتها في الجو، وسوف يُعمَّد الأرض من جديد ".(6)

    عبرّ نيتشه عن أفكاره بالصرخات والمطارق، وليس بالتحليل والنقد. فهو الذي قال يوماً: " لستُ فيلسوفاً، بل ديناميت. إنني اتفلسف بالمطرقة ". ولهذا دفع الثمن غالياً، ليس فقط حياته، بل وما بعد حياته. إنه كالمسيح، صُلبَ على الصليب الذي حمله بنفسه، ولكنه صُلِب مرتين: مرة في حياته ومرة بعد موته.

    في مظاهرات طلبة باريس 1968 ، كتب الطلاب على جدران الجامعة " مات الإله، وكذلك نيتشه "، ولكن هل ماتَ نيتشه فعلاً؟

    لم يكن نيتشه ملحداً قط، فهو قصد بجملته المشهورة هذه أن الإنسان قد مات وليس الإله، ذلك الإنسان الحي الميت، الذي يلقي بكل همومه وآلامه وفشله وأيضاً نجاحاته على عاتق الإله. هذا الإنسان ،قد مات. وعلينا أن ننتظر الإنسان الجديد. وبهذا لم يمتْ نيتشه قط، فنحن نجد تأثيره واضحاً وجلياً في كل ثقافة القرن العشرين من فن وأدب وفلسفة.

    وأخيراً، حين يسأل أحدهم ما فائدة الفلسفة، يجب أن يكون الجواب عدوانياً، لأن السؤال يريد أن يكون ساخراً ولاذعاً. لا تصلح الفلسفة للدولة ولا للكنيسة، اللتين لهما هموم أخرى. لا تخدم أية قوة سائدة. تصلح الفلسفة لإثارة الحزن. فالفلسفة التي لا تحزن أحداً ولا تعاكس أحداً ليست بفلسفة. إنها تصلح للإضرار بالحماقة، تجعل من الحماقة شيئاً مخجلاً. ليس لها من استخدام غير هذا: أن تفضح سفالة الفكر بكل أشكالها. هل هنالك نظام، خلا الفلسفة، يطرح على نفسه نقد كل المخاتلات، أياً يكن مصدرها وهدفها؟ ... صُنْعَ أناس أحرار، أي أناس لا يخلطون بين غايات الثقافة واستفادة الدولة أو الأخلاق أو الدين. التغلبَ على النافي وأمجاده الزائفة. من له مصلحة في كل ذلك عدا الفلسفة؟ تقول لنا الفلسفة كناقدة أكثر ما فيها من إيجابي: عملية إثابة إلى الرشد. يجب علينا ألا نسارع بالإعلان عن إخفاق الفلسفة. مهما تكن الحماقة والسفالة كبيرتين، ربما تكونان أكبر أيضاً لو لم يبق قليل من الفلسفة يمنعهما في كل حقبة من أن تمضياً بعيداً قدر ما تشاءان، يحظر على كل منهما، ولو بالسماع، أن تكون حمقاء أو سافلة إلى الدرجة التي تتمنى بلوغها. بعض التجاوزات محظورة عليهما، لكن مَنْ غير الفلسفة يحظر عليهما ذلك؟ من يجبرهما على التنكر، ومن غير الفلسفة تصنع النبل والذكاء، والتفكير؟...

    إن التفكير، يتوقف على القوى التي تستولي على الفكر. يجب أن نعترف بأننا لا نفكر بعد. إن التفكير يدل على نشاط الفكر، لكن للفكر طرقه ليكون غير فاعل، ويمكنه أن يكرس جهوده لذلك بالكامل، وبكل قواه. وانتظر نيتشه من القوى القادرة على أن يجعل من الفكر شيئاً فاعلاً، فاعلاً بصورة مطلقة. الفاعلية، القادرة على أن تجعل منه إثباتاً. إن التفكير، كنشاط، هو دائماً فاعلية ثانية للفكر، ليس الممارسة الطبيعية لطاقة، بل هو حدث خارق في الفكر بالذات، لأجل الفكر بالذات.(7)

    يقول نيتشه في " ولادة الفلسفة ": " لقد ألقى الفلاسفة القدماء موعظة ضد الغباوة. من المؤكد أن الفلسفة جردت الغباوة من راحة ضميرها: لقد أضرَّ هؤلاء الفلاسفة بالحماقة ".
    .
    .
    1- أورتيجا . ج- التعمق في الذات ونزعة التوجه إلى الخارج – في:( العلوم الفلسفية – العدد5 – موسكو 1991 – ص 168). (باللغة الروسية)
    2- غوستاف لوبون – سيكولوجية الجماهير – ترجمة هاشم صالح – دار الساقي – ط ح – بيروت 1997 – ص122،86،74،60
    3- نفس المصدر – ص 116 .
    4- نيتشه ف – غسق الآلهة – موسكو 1902 - ص 86 .. ( باللغة الروسية )
    5- جيل دولوز – نيتشه والفلسفة – ترجمة أسامة الحاج – المؤسسة الجامعية للدراسات – بيروت 1993 – ص 103 – 102، 12 .
    6- جيل دولوز – نيتشه والفلسفة – ص 102 .
    7- جبل دولوز – ص 138، 136 – 135.[/size]
    منقوووووووووووووول

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 14, 2024 7:40 pm