لقد أقسم الله تعالى بنفسه وبآياته المستلزمة لذاته وصفاته، وأقسم أيضا ببعض مخلوقاته الدالة على عظمته وقدرته، ومن بين هذه المخلوقات التي أقسم الله تعالى بها فاكهة التين " والتين و الزيتون و طور سنين و هذا البلد الأمين لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" سورة التين، هذه الفاكهة التي تتكون من نبات ينتمي إلى جنس(Ficus) - من عائلة التوتيات (Moraceae) والذي يضم حسب علماء النبات حوالي 700 نوع موزع عبر أقطار العالم .
وبحثا في سرّ القسم بهذه الفاكهة المباركة سنحاول :
- الكشف بطريقة علمية عن كيفية تكوين فاكهة التين مننوع (Ficus carica) و هي الفاكهة التي يقصد بها القسم في سورة التين حسب بعض المفسرين، والتي يطلق عليها اسم "الكرموص" بشمال إفريقيا. وبتواجدها حول البحر الأبيض المتوسط فقد وردت في كتب تاريخ الحضارات العريقة و القديمة، كما أنها ذكرت في الكتب السماوية. وقد عرفت بفوائدها وبمنافعها الطبية الكثيرة عند الإنسان منذ الأزمنة القديمة.كما ثبت حاليا أن شراب التين الذي يدخل في العديد من المركبات الطبية له منافع جمة. و من هنا كان قول الرسول (ص) " لو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة، قلت هذه، لأن فاكهة الجنة بلا عجم، فكلوا منها، فإنها تقطع البواسير، وتنفع من النقرس " .
-إبراز الدور الأساسي للحشرة التي تسمى باسم " ذات البلعوم المتفجر(Blastophaga psenes )والمختصة في تلقيح هذا النوع من التين، حيث أن هذا النبات لا يمكن تلقيحه طبيعيا إلا بواسطة هذه الحشرة، كما أن هذه الأخيرة لا يمكن أن تتوالد أو تتكاثر إلا بداخل هذه الفاكهة .
وفي هذا البحث سنحاول ربط هذه القراءة العلمية المعتمدة أساسا على وسائل وتقنيات معاصرة بقراءة إيمانية رصينة، مبرزين قيمة الزمن في تكوين التين وأهمية التصميم المحكم لأزهار هذه الفاكهة وعلاقتها بالدور الأساسي الذي تلعبه الحشرات في عمليتي الأبر و الإخصاب. آملين الاقتراب بإذن الله، من فهم سّر هذا القسم الذي يعتبر إشارة ربانية لعظمة هذا المخلوق النباتي و تنبيها إلى المنة العظمى في هذه الفاكهة العظيمة و إلى ما فيها من عبر و منافع كثيرة لخلق الله . كلمات دالة : القسم – التين – الحشرة الملقحة – الذكار – الكرمة
مقدمة :
نزل القرآن الكريم للناس كافة فوقفوا منه مواقف متباينة، منهم الشاك، و منهم المنكر، و منهم الخصم الألد. والقسم في كلام الله من المؤكدات التي تمكن الشيء في النفس و تقويه وتزيل الشكوك وتقيم الحجة وتقر الحكم في أكمل صورة. و لقد أقسم الله تعالى بنفسه المقدسة في سبع سور من القرآن الكريم ( 7 – التغابن / 3 – سبأ / 53- يونس / 68 - مريم/ 92 - الحجر/65- النساء/ 40- المعارج)، وأقسم بآياته المستلزمة لذاته وصفاته. وإقسامه أيضا ببعض مخلوقاته ( كالسماء والشمس و القمر والليل و النهار الخ...) لدليل على أنه من عظيم خلقه. و من بين هذه المخلوقات أقسم الله تعالى أيضا بفاكهة التين - و هو الغني عن القسم لعباده - " والتين و الزيتون و طور سنين و هذا البلد الأمين لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" التين/1-2-3-4)، هذه الفاكهة التي وردت في كتب تاريخ الحضارات العريقة و القديمة وفي الكتب السماوية قد عرفت بفوائدها وبمنافعها الطبية الكثيرة عند الإنسان منذ الأزمنة القديمة . كما ثبت حاليا أن شراب التين يدخل في العديد من المركبات الطبية له منافع جمة . و من هنا كان قول الرسول (ص) " لو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة، قلت هذه، لأن فاكهة الجنة بلا عجم، فكلوا منها، فإنها تقطع البواسير، وتنفع من النقرس " .
والبحث في سّر القسم بهذه الفاكهة المباركة والقول المعجز لرسول الله (ص) ألزمنا البحث في كيفية تكوين هذه الفاكهة ونوعية النبات الذي تتكون منه، معتمدين في ذلك نهجا علميا ومرتكزين أساسا على وسائل وتقنيات معاصرة، آملين الاقتراب بإذن الله، من فهم سّر هذا القسم الذي يعتبر إشارة ربانية لعظمة هذا المخلوق النباتي و تنبيها إلى المنة العظمى في هته الفاكهة العظيمة و إلى ما فيها من عبر و منافع كثيرة لخلق الله .
القراءات العلمية:
1/ معطيات حول نبات التين
ينتمي نبات التين إلى جنس " فيكوس(Ficus) و هو من عائلة التوتيات(Moraceae) ( الجدول رقم 1) التي تشتق اسمها من التوت الأبيض(Morus alba) و يعتبر هذا الأخير نموذج العائلة. فإذا قارنا فاكهتي التوت والتين ( شكل1) نلاحظ أن الأولى على شكل تينة مقلوبة أزهارها تظهر على كرسي الزهرة (ر.ت1 / شكل أ) عكس فاكهة التين فإن أزهارها توجد بداخل كيس، و لا تتصل بالخارج إلا بواسطة فتيحة بأعلى الكيس. والكل يشكل الفاكهة (ر.ت1 / شكل ب) .
تعلو شجرة التين من 3 إلى 10 أمتار ، ساقها طلحاء اللون غزيرة العصارة اللبنية الزجة الكاوية. أوراقها عابلة، معنقة ، متعاقبة، كفية الشكل ، ثلاثية أو خماسية التفريض ، جامدة النصل. توجد في جميع الأتربة من الرملية إلى الطينية. و هي تتكاثر بالتعقيل و الدريخ و الترقيد .
حسب علماء النبات يضم شجرة التين من جنس ""Ficus 700 نوع موزعة عبر أقطار العالم، عامة نعرف منها الكثير، منها الأنواع التي تستعمل لتزيين المنازل والشقق و مداخل العمارات مثل(Ficus benjamina)أو لتزيين الحدائق مثل (Ficus macrophylla) و أخرى تستعمل لتزيين الشوارع والأزقة مثل (Ficus microcarpa) المعروفة على صعيد إفريقيا الشمالية والشرق الأوسط. أما بالنسبة للنوع الذي سنتطرق إليه في بحثنا هذا هو التين(Ficus carica )المعروف عامية باسم "الكرموص" بشمال إفريقيا و ينمو عامة في منطقة البحر الأبيض المتوسط التي تعد الموطن الأصلي لأشجار التين .
تصنيف نبات التين (Ficus carica ) _ مملكة: النبات Règne : végétal_مملكة فرعية: كورموفيتات (Sous – Règne : Cormophytes) _ شعبة: كاسية البذور(Embranchement : Angiospermes)_صنف: ذوات الفلقتين Classe des Magnoliopsida (Dicotylédones)رتبة: القراصيات(Ordre des Urticales) عائلة :التوتياتFamille Moraceae
2/ حول بيولوجية تين (Ficus carica )
2.1 / التين و بعض خصائصه
أ- الفاكهة :
فاكهة التين هي عبارة عن كيس يحمل بداخله مئات الأزهار المنتشرة فوق كرسي الزهرة وهي نوعان كما هو مبينا في( شكل2)
- الأزهار الذكرية الموجودة بالقرب من فتيحة الكيس و تساهم عامة في عملية الأبر .
- الأزهار الأنثوية المنتشرة ناحية الشمراخ وتساهم في تغذية و نمو الحشرات أو في إنتاج الثمرات بعد عملية الإخصاب. ويشكل مجموع الثمرات بالإضافة إلى الكيس الفاكهة المتعارف عليها .
ويبين الشكل 3 أن فاكهة التين تولد عند إبط الورقة " كبرعم" على شكل حبة فلفل أسود(شكل أ) و تبقى على هذا الحال عدة شهور إلى أن تصبح تينة مستقبلة (شكل ب)، حيث يبقى حجمها ثابتا بضعة أسابيع إلى بضعة أشهر، ثم سرعان ما يزيد إلى أن تصبح تينة ناضجة (شكل ج)، فتسقط بعد ذلك تاركة نذبة ظاهرة فوق غصن شجرة التين (شكل د) .
ب- شجرة الذكار وشجرة الكرمة (الشكل 4)
من خلال تفحص الفواكه الناضجة التي تنمو على شجر التين، يمكن تصنيف هذا الأخير إلى نوعين: شجرالتين الذكار(Caprifiguier) ويعتبر مستودعا للحشرات الملقحة حيث إن فاكهته تُستغل لتوالد و تكاثر الحشرات وبالتالي ستكون غير صالحة للأكل بالنسبة للإنسان . أما شجر التين الكرمة(Figuier Domestique )فيستقبل الحشرات المحملة بحبوب اللقاح التي تقوم بعمليتي أبر وإخصاب بييضات أزهار تين الكرمة ويُنتج عن ذلك فواكه ناضجة صالحة للأكل .
ج- التين والحشرة المختصة في تلقيحه
تلعب الحشرة " ذات البلعوم المتفجر(Blastophaga psenes ) ( ر.ت. 5) من عائلة (Agonidae) دورا هاما و ضروريا في عملية أبر أزهار تين (Ficus carica)، حيث أن هذا النوع من التين لا يمكن تلقيحه بطريقة طبيعية إلا بواسطة هذه الحشرة ، كما أن هذه الأخيرة لا يمكن أن تتوالد أو تتكاثر خارج هذه الفاكهة. وبوجود علاقة تكافل بينهما فإن كل نوع من أنواع التين يلقحه نوع خاص من الحشرات، لذا نجد عدد أنواع التين يقارب عدد أنواع الحشرات الملقحة .
2.2/ التين ومراحل تكوين فاكهته
أ- شجرة التين " الذكار "
تلعب هذه الشجرة دورا هاما في دورة نمو نوع التين، حيث أنها تعتبر مستودعا للحشرات. تتناوب فوق أغصان هذه الشجرة ثلاثة أجيال من فاكهة التين .
فاكهة التين والأجيال الثلاثة: المام،البروفيشي والماموني ( شكل6)
-جيلين تنمو فيهما الحشرات ﻹستمرار عيشها و دوام نسلها، و يسميان بتين الماموني (Mammoni) و تين المام(Mamme) ، لا يلعبان دورا في أبر و إخصاب أزهار التين .
-الجيل الثالث يسمى بتين البروفشي (Profichi) (شكل 7 )ويضم حشرات تلعب دورا هاما في حمل حبوب اللقاح و نقله إلى أزهار تين الكرمة. و يتميز هذا الجيل أيضا يضم لأزهار ذكرية تحتوي على أسدية تنتج حبوب اللقاح ( شكل ب)، وأزهار أنثوية تلعب دورا في تغدية بيض الحشرات (الشكل ج) . تين المام يلعب دورا هاما في الحفاظ على استمرارية عيش الحشرات إذا حاولنا أن نتتبع هذه الحشرات أثناء انتقالها من جيل إلى آخر على شجرة الذكار و عبرالزمن فسنلاحظ أن خلال شهر مايو تخرج الحشرات من المام غير محملة بحبوب لقاح وبالتالي فهي لا تساهم في عملية الأبر، مهمتها الوحيدة داخل دورة نمو الحشرة هو الحفاظ على استمرارية نوع هذه الأخيرة . و رغم أن كل فاكهة المام يمكن أن تحرر ما يفوق 200 حشرة أنثى فإن بعض المئات تكفي لتأمين زيارة كل فواكه تين البروفيشي الموجودة على الشجرة. كما أن استعمال تقنية الغبار المتفلور بين أن الحشرات الأنثى التي تخرج من المام غالبا ما تزور تينة مستقبلة موجودة على بعد أقل من متر على نفس الشجرة، باستثناء بعض الحالات التي يمكن للحشرات أن تزور فيها فاكهة مستقبلة على بعد كيلومترات . دخول الحشرة إلى تين البروفيشي وتحول مبيضات الأزهار إلى جربات كما سبق ذكر ذلك فإن براعم تين البروفيشي الذكار التي قضت فصل الشتاء على شكل حبات الفلفل الأسود تتحول إلى تينات مستقبلة مرسلة روائح قصد جذب الحشرات .
لا شك أن وجود كثافة غير معتادة لهذه الروائح أثناء استقبال البروفيشي للحشرات لها علاقة بحجم التينة و عددها على كل غصن. (هناك حوالي خمس إلى ست تينات على كل غصن أي أن شجرة كبيرة يمكنها أن تحمل عشرات الآلاف) . يعتبر تين البروفيشي من الفواكه ذات متاع مبكر النضج (Protandri ) بمعنى أن أزهاره الأنثوية تنضج قبل نضج الأزهار الذكرية الموجودة في نفس التينة، و لذلك فإن عملية التلقيح لا تتم إلا بواسطة الحشرات. وعند دخول هذه الأخيرة إلى تين البروفيشي، تحاول وضع بيضها داخل مبيض الزهرة. إلا أن هذه العملية تتطلب تقنية جد دقيقة، حيث أن الحشرة - بعد تموضعها فوق الميسم- تدخل قناة مبيضها عبر قلم الميسم قصد وضع بيضها بالقرب من بييضة الزهرة (شكل 8) . و بعد ذلك تنتقل الحشرة من زهرة إلى أخرى إلى أن تضع كل بيضها بهدف تغذيته على الأنسجة المجاورة لمبيض الأزهار. و نتيجة لذلك يصبح تين البروفيشي مملوء ببيض الحشرات، كما أن الأزهار تتحول إلى جربات .
وبحثا في سرّ القسم بهذه الفاكهة المباركة سنحاول :
- الكشف بطريقة علمية عن كيفية تكوين فاكهة التين مننوع (Ficus carica) و هي الفاكهة التي يقصد بها القسم في سورة التين حسب بعض المفسرين، والتي يطلق عليها اسم "الكرموص" بشمال إفريقيا. وبتواجدها حول البحر الأبيض المتوسط فقد وردت في كتب تاريخ الحضارات العريقة و القديمة، كما أنها ذكرت في الكتب السماوية. وقد عرفت بفوائدها وبمنافعها الطبية الكثيرة عند الإنسان منذ الأزمنة القديمة.كما ثبت حاليا أن شراب التين الذي يدخل في العديد من المركبات الطبية له منافع جمة. و من هنا كان قول الرسول (ص) " لو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة، قلت هذه، لأن فاكهة الجنة بلا عجم، فكلوا منها، فإنها تقطع البواسير، وتنفع من النقرس " .
-إبراز الدور الأساسي للحشرة التي تسمى باسم " ذات البلعوم المتفجر(Blastophaga psenes )والمختصة في تلقيح هذا النوع من التين، حيث أن هذا النبات لا يمكن تلقيحه طبيعيا إلا بواسطة هذه الحشرة، كما أن هذه الأخيرة لا يمكن أن تتوالد أو تتكاثر إلا بداخل هذه الفاكهة .
وفي هذا البحث سنحاول ربط هذه القراءة العلمية المعتمدة أساسا على وسائل وتقنيات معاصرة بقراءة إيمانية رصينة، مبرزين قيمة الزمن في تكوين التين وأهمية التصميم المحكم لأزهار هذه الفاكهة وعلاقتها بالدور الأساسي الذي تلعبه الحشرات في عمليتي الأبر و الإخصاب. آملين الاقتراب بإذن الله، من فهم سّر هذا القسم الذي يعتبر إشارة ربانية لعظمة هذا المخلوق النباتي و تنبيها إلى المنة العظمى في هذه الفاكهة العظيمة و إلى ما فيها من عبر و منافع كثيرة لخلق الله . كلمات دالة : القسم – التين – الحشرة الملقحة – الذكار – الكرمة
مقدمة :
نزل القرآن الكريم للناس كافة فوقفوا منه مواقف متباينة، منهم الشاك، و منهم المنكر، و منهم الخصم الألد. والقسم في كلام الله من المؤكدات التي تمكن الشيء في النفس و تقويه وتزيل الشكوك وتقيم الحجة وتقر الحكم في أكمل صورة. و لقد أقسم الله تعالى بنفسه المقدسة في سبع سور من القرآن الكريم ( 7 – التغابن / 3 – سبأ / 53- يونس / 68 - مريم/ 92 - الحجر/65- النساء/ 40- المعارج)، وأقسم بآياته المستلزمة لذاته وصفاته. وإقسامه أيضا ببعض مخلوقاته ( كالسماء والشمس و القمر والليل و النهار الخ...) لدليل على أنه من عظيم خلقه. و من بين هذه المخلوقات أقسم الله تعالى أيضا بفاكهة التين - و هو الغني عن القسم لعباده - " والتين و الزيتون و طور سنين و هذا البلد الأمين لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" التين/1-2-3-4)، هذه الفاكهة التي وردت في كتب تاريخ الحضارات العريقة و القديمة وفي الكتب السماوية قد عرفت بفوائدها وبمنافعها الطبية الكثيرة عند الإنسان منذ الأزمنة القديمة . كما ثبت حاليا أن شراب التين يدخل في العديد من المركبات الطبية له منافع جمة . و من هنا كان قول الرسول (ص) " لو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة، قلت هذه، لأن فاكهة الجنة بلا عجم، فكلوا منها، فإنها تقطع البواسير، وتنفع من النقرس " .
والبحث في سّر القسم بهذه الفاكهة المباركة والقول المعجز لرسول الله (ص) ألزمنا البحث في كيفية تكوين هذه الفاكهة ونوعية النبات الذي تتكون منه، معتمدين في ذلك نهجا علميا ومرتكزين أساسا على وسائل وتقنيات معاصرة، آملين الاقتراب بإذن الله، من فهم سّر هذا القسم الذي يعتبر إشارة ربانية لعظمة هذا المخلوق النباتي و تنبيها إلى المنة العظمى في هته الفاكهة العظيمة و إلى ما فيها من عبر و منافع كثيرة لخلق الله .
القراءات العلمية:
1/ معطيات حول نبات التين
ينتمي نبات التين إلى جنس " فيكوس(Ficus) و هو من عائلة التوتيات(Moraceae) ( الجدول رقم 1) التي تشتق اسمها من التوت الأبيض(Morus alba) و يعتبر هذا الأخير نموذج العائلة. فإذا قارنا فاكهتي التوت والتين ( شكل1) نلاحظ أن الأولى على شكل تينة مقلوبة أزهارها تظهر على كرسي الزهرة (ر.ت1 / شكل أ) عكس فاكهة التين فإن أزهارها توجد بداخل كيس، و لا تتصل بالخارج إلا بواسطة فتيحة بأعلى الكيس. والكل يشكل الفاكهة (ر.ت1 / شكل ب) .
تعلو شجرة التين من 3 إلى 10 أمتار ، ساقها طلحاء اللون غزيرة العصارة اللبنية الزجة الكاوية. أوراقها عابلة، معنقة ، متعاقبة، كفية الشكل ، ثلاثية أو خماسية التفريض ، جامدة النصل. توجد في جميع الأتربة من الرملية إلى الطينية. و هي تتكاثر بالتعقيل و الدريخ و الترقيد .
حسب علماء النبات يضم شجرة التين من جنس ""Ficus 700 نوع موزعة عبر أقطار العالم، عامة نعرف منها الكثير، منها الأنواع التي تستعمل لتزيين المنازل والشقق و مداخل العمارات مثل(Ficus benjamina)أو لتزيين الحدائق مثل (Ficus macrophylla) و أخرى تستعمل لتزيين الشوارع والأزقة مثل (Ficus microcarpa) المعروفة على صعيد إفريقيا الشمالية والشرق الأوسط. أما بالنسبة للنوع الذي سنتطرق إليه في بحثنا هذا هو التين(Ficus carica )المعروف عامية باسم "الكرموص" بشمال إفريقيا و ينمو عامة في منطقة البحر الأبيض المتوسط التي تعد الموطن الأصلي لأشجار التين .
تصنيف نبات التين (Ficus carica ) _ مملكة: النبات Règne : végétal_مملكة فرعية: كورموفيتات (Sous – Règne : Cormophytes) _ شعبة: كاسية البذور(Embranchement : Angiospermes)_صنف: ذوات الفلقتين Classe des Magnoliopsida (Dicotylédones)رتبة: القراصيات(Ordre des Urticales) عائلة :التوتياتFamille Moraceae
2/ حول بيولوجية تين (Ficus carica )
2.1 / التين و بعض خصائصه
أ- الفاكهة :
فاكهة التين هي عبارة عن كيس يحمل بداخله مئات الأزهار المنتشرة فوق كرسي الزهرة وهي نوعان كما هو مبينا في( شكل2)
- الأزهار الذكرية الموجودة بالقرب من فتيحة الكيس و تساهم عامة في عملية الأبر .
- الأزهار الأنثوية المنتشرة ناحية الشمراخ وتساهم في تغذية و نمو الحشرات أو في إنتاج الثمرات بعد عملية الإخصاب. ويشكل مجموع الثمرات بالإضافة إلى الكيس الفاكهة المتعارف عليها .
ويبين الشكل 3 أن فاكهة التين تولد عند إبط الورقة " كبرعم" على شكل حبة فلفل أسود(شكل أ) و تبقى على هذا الحال عدة شهور إلى أن تصبح تينة مستقبلة (شكل ب)، حيث يبقى حجمها ثابتا بضعة أسابيع إلى بضعة أشهر، ثم سرعان ما يزيد إلى أن تصبح تينة ناضجة (شكل ج)، فتسقط بعد ذلك تاركة نذبة ظاهرة فوق غصن شجرة التين (شكل د) .
ب- شجرة الذكار وشجرة الكرمة (الشكل 4)
من خلال تفحص الفواكه الناضجة التي تنمو على شجر التين، يمكن تصنيف هذا الأخير إلى نوعين: شجرالتين الذكار(Caprifiguier) ويعتبر مستودعا للحشرات الملقحة حيث إن فاكهته تُستغل لتوالد و تكاثر الحشرات وبالتالي ستكون غير صالحة للأكل بالنسبة للإنسان . أما شجر التين الكرمة(Figuier Domestique )فيستقبل الحشرات المحملة بحبوب اللقاح التي تقوم بعمليتي أبر وإخصاب بييضات أزهار تين الكرمة ويُنتج عن ذلك فواكه ناضجة صالحة للأكل .
ج- التين والحشرة المختصة في تلقيحه
تلعب الحشرة " ذات البلعوم المتفجر(Blastophaga psenes ) ( ر.ت. 5) من عائلة (Agonidae) دورا هاما و ضروريا في عملية أبر أزهار تين (Ficus carica)، حيث أن هذا النوع من التين لا يمكن تلقيحه بطريقة طبيعية إلا بواسطة هذه الحشرة ، كما أن هذه الأخيرة لا يمكن أن تتوالد أو تتكاثر خارج هذه الفاكهة. وبوجود علاقة تكافل بينهما فإن كل نوع من أنواع التين يلقحه نوع خاص من الحشرات، لذا نجد عدد أنواع التين يقارب عدد أنواع الحشرات الملقحة .
2.2/ التين ومراحل تكوين فاكهته
أ- شجرة التين " الذكار "
تلعب هذه الشجرة دورا هاما في دورة نمو نوع التين، حيث أنها تعتبر مستودعا للحشرات. تتناوب فوق أغصان هذه الشجرة ثلاثة أجيال من فاكهة التين .
فاكهة التين والأجيال الثلاثة: المام،البروفيشي والماموني ( شكل6)
-جيلين تنمو فيهما الحشرات ﻹستمرار عيشها و دوام نسلها، و يسميان بتين الماموني (Mammoni) و تين المام(Mamme) ، لا يلعبان دورا في أبر و إخصاب أزهار التين .
-الجيل الثالث يسمى بتين البروفشي (Profichi) (شكل 7 )ويضم حشرات تلعب دورا هاما في حمل حبوب اللقاح و نقله إلى أزهار تين الكرمة. و يتميز هذا الجيل أيضا يضم لأزهار ذكرية تحتوي على أسدية تنتج حبوب اللقاح ( شكل ب)، وأزهار أنثوية تلعب دورا في تغدية بيض الحشرات (الشكل ج) . تين المام يلعب دورا هاما في الحفاظ على استمرارية عيش الحشرات إذا حاولنا أن نتتبع هذه الحشرات أثناء انتقالها من جيل إلى آخر على شجرة الذكار و عبرالزمن فسنلاحظ أن خلال شهر مايو تخرج الحشرات من المام غير محملة بحبوب لقاح وبالتالي فهي لا تساهم في عملية الأبر، مهمتها الوحيدة داخل دورة نمو الحشرة هو الحفاظ على استمرارية نوع هذه الأخيرة . و رغم أن كل فاكهة المام يمكن أن تحرر ما يفوق 200 حشرة أنثى فإن بعض المئات تكفي لتأمين زيارة كل فواكه تين البروفيشي الموجودة على الشجرة. كما أن استعمال تقنية الغبار المتفلور بين أن الحشرات الأنثى التي تخرج من المام غالبا ما تزور تينة مستقبلة موجودة على بعد أقل من متر على نفس الشجرة، باستثناء بعض الحالات التي يمكن للحشرات أن تزور فيها فاكهة مستقبلة على بعد كيلومترات . دخول الحشرة إلى تين البروفيشي وتحول مبيضات الأزهار إلى جربات كما سبق ذكر ذلك فإن براعم تين البروفيشي الذكار التي قضت فصل الشتاء على شكل حبات الفلفل الأسود تتحول إلى تينات مستقبلة مرسلة روائح قصد جذب الحشرات .
لا شك أن وجود كثافة غير معتادة لهذه الروائح أثناء استقبال البروفيشي للحشرات لها علاقة بحجم التينة و عددها على كل غصن. (هناك حوالي خمس إلى ست تينات على كل غصن أي أن شجرة كبيرة يمكنها أن تحمل عشرات الآلاف) . يعتبر تين البروفيشي من الفواكه ذات متاع مبكر النضج (Protandri ) بمعنى أن أزهاره الأنثوية تنضج قبل نضج الأزهار الذكرية الموجودة في نفس التينة، و لذلك فإن عملية التلقيح لا تتم إلا بواسطة الحشرات. وعند دخول هذه الأخيرة إلى تين البروفيشي، تحاول وضع بيضها داخل مبيض الزهرة. إلا أن هذه العملية تتطلب تقنية جد دقيقة، حيث أن الحشرة - بعد تموضعها فوق الميسم- تدخل قناة مبيضها عبر قلم الميسم قصد وضع بيضها بالقرب من بييضة الزهرة (شكل 8) . و بعد ذلك تنتقل الحشرة من زهرة إلى أخرى إلى أن تضع كل بيضها بهدف تغذيته على الأنسجة المجاورة لمبيض الأزهار. و نتيجة لذلك يصبح تين البروفيشي مملوء ببيض الحشرات، كما أن الأزهار تتحول إلى جربات .