نصائح لمن فقد قريب أو عزيز
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}، والحمد لله حق من قائل: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ}، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد بن عبد الله ورسوله وخليله عليه أفضل الصلاة والسلام، أما بعد:
فهذه نصائح وتوجيهات نبويه لمن توفي له قريب أو عزيز، وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يغفر لأحيائنا وأمواتنا أجمعين .. اللهم آمين.
ما يجب على أقارب الميت
فإنه مما يجب على أقارب الميت أمران، هما:
الأمر الأول : الصبر والرضا بالقدر لقوله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعون * أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة:155-157]، ولحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
" مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة عند قبر وهي تبكي، فقال لها: اتقي الله واصبري، فقالت: إليك عني، فإنك لم تصب بمصيبتي! قال: ولم تعرفه! فقيل لها: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فأخذها مثل الموت، فأتت باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابي، فقالت: يا رسول الله إني لم أعرفك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الصبر عند أول الصدمة "، أخرجه البخاري ومسلم والبيهقي والسياق له.
الأمر الثاني : مما يجب على الأقارب: الاسترجاع، وهو أن يقول: {إنا لله وإنا إليه راجعون} كما في الآية المتقدمة، ويزيد عليه قوله: " اللهم اجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها " لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله {إنا لله وإنا إليه راجعون} اللهم اجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها ... الحديث "، أخرجه مسلم والبيهقي وأحمد.
ما يحرم على أقارب الميت
وأما ما يحرم على أقارب الميت أمور حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا بد من بيانها لمعرفتها واجتنابها وهي:
1- النياحة : وهي أمر زائد على البكاء. قال ابن العربي: " النوح ما كانت الجاهلية تفعل، كان النساء يقفن متقابلات يصحن، ويحثين التراب على رؤوسهن ويضربن وجوههن " نقله الأبي على المسلم.
وفيها أحاديث كثيرة أقتصر على ذكر أحدها وهي: " أربع في أمتي من أمر الجاهلية، لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة. وقال: النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب "، رواه مسلم والبيهقي من حديث أبي مالك الأشعري.
2، 3 – ضرب الخدود، وشق الجيوب لقوله صلى الله عليه وسلم:
" ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعى بدعوى الجاهلية "، رواه البخاري، ومسلم، وابن الجارود، والبيهقي، وغيرهم من حديث ابن مسعود.
4- حلق الشعر، لحديث أبي بردة بن أبي موسى قال :
" وجع أبو موسى وجعاً فغشي عليه، ورأسه في حجر امرأة من أهله، فصاحت امرأة من أهله، فلم يستطع أن يرد عليها شيئاً، فلما أفاق قال: أنا بريء ممن برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الصالقة والحالقة والشاقة " .
أخرجه البخاري ومسلم والنسائي والبيهقي.
والصالقة: هي التي ترفع صوتها عند الفجيعة بالموت.
5- نشر الشعر، لحديث امرأة من المبايعات قال:
" كيف فيما أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المعروف الذي أخذ علينا أن لا نعصيه فيه، وأن لا نخمش وجهاً ولا ندعو ويلا، ولا نشق جيباً، وأن لا ننشر شعرا ".
أخرجه أبو داود ومن طريقه البيهقي بسند صحيح.
6- إعفاء بعض الرجال لحاهم أياماً قليلة حزناً على ميتهم، فإذا مضت عادوا إلى حلقها ! فهذا الإعفاء في معنى نشر الشعر كما هو ظاهر، يضاف إلى ذلك أنه بدعة، وقد قال صلى الله عليه وسلم:
" كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ".
رواه النسائي والبيهقي في "الأسماء والصفات" بسند صحيح عن جابر.
7- الإعلان عن موته على رؤوس المنائر ونحوها، لأنه من النعي وقد ثبت عن حذيفة بن اليمان أنه:
" كان إذا مات له الميت قال: لا تؤذوا به أحداً، إني أخاف أن يكون نعياً، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النعي ".
أخرجه الترمذي وحسنه، وابن ماجه، وأحمد، والسياق له، والبيهقي، وأخرج المرفوع منه ابن أبي شيبة في "المصنف" وإسناده حسن كما قال الحافظ في "الفتح".
والنعي لغة: هو الإخبار بموت الميت، فهو على هذا يشمل كل إخبار ولكن قد جاءت أحاديث صحيحة تدل على جواز نوع من الإخبار، وقيد العلماء بها مطلق النهي، وقالوا: المراد بالنعي الإعلان الذي يشبه ما كان عليه أهل الجاهلية من الصياح على أبواب البيوت والأسواق كما سيأتي.
النعي الجائز
والنعي الجائز هو إعلان الوفاة إذا لم يقترن به ما يشبه نعي الجاهلية وقد يجب ذلك إذا لم يكن عنده من يقوم بحقه من الغسل والتكفين والصلاة عليه ونحو ذلك، وفي أحاديث منها:
عن أبي هريرة رضي الله عنه:
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج إلى المصلى، فصف بهم وكبر أربعاً ".
أخرجه الشيخان وغيرهما.
وترجم البخاري في صحيحه باباً بقوله:
" باب الرجل ينعى أهل الميت بنفسه "، وقال الحافظ:
" وفائدة هذه الترجمة الإشارة إلى أن النعي ليس ممنوعاً كله، وإنما نهى عما كان أهل الجاهلية يصنعونه، فكانوا يرسلون من يعلن بخبر موت الميت على أبواب الدور والأسواق ... ".
ويستحب للمخبر أن يطلب من الناس أن يستغفروا للميت لحديث أبي هريرة وغيره في قوله صلى الله عليه وسلم لما نعي للناس النجاشي: " استغفروا لأخيكم ".
ومما سبق تعلم أن قول الناس اليوم في بعض البلاد: " الفاتحة على روح فلان " مخالف للسنة المذكورة، فهو بدعة بلا شك، لا سيما والقراءة لا تصل إلى الموتى على القول الصحيح.
التعزية
وتشرع تعزية أهل الميت، لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من عزى أخاه المؤمن في مصيبته كساه الله حلة خضراء يحبر بها يوم القيامة، قيل يا رسول الله ما يحبر ؟ قال يغبط " يغبط يعني يسر.
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" وابن عساكر في "تاريخ دمشق"، وله شاهد عن طلحة بن عبيد الله بن كريز مقطوعاً، أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" وهو حديث حسن بمجموع الطريقين.
وينبغي اجتناب أمرين وإن تتابع الناس عليهما:
1- الاجتماع للتعزية في مكان خاص كالدار أو المقبرة أو المسجد.
2- اتخاذ أهل الميت الطعام لضيافة الواردين للعزاء.
وذلك لحديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال:
" كنا نعد (وفي رواية نرى) الاجتماع إلى أهل الميت، وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة".
أخرجه أحمد وابن ماجه والرواية الأخرى له وإسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه النووي والبوصيري في الزوائد.
وقال النووي في "المجموع":
"وأما الجلوس للتعزية، فنص الشافعي والمصنف وسائر الأصحاب على كراهته، قالوا يعني بالجلوس لها أن يجتمع أهل الميت في بيت فيقصدهم من أراد التعزية، قالوا: بل ينبغي أن ينصرفوا في حوائجهم فمن صادفهم عزاهم، ولا فرق بين الرجال والنساء في كراهة الجلوس لها ".
وإنما السنة أن يصنع أقرباء الميت وجيرانه لأهل الميت طعاماً يشبعهم، لحديث عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال:
" لما جاء نعي جعفر حيث قتل قال النبي صلى الله عليه وسلم: اصنعوا لآل جعفر طعاماً، فقد أتاهم أمر يشغلهم، أو أتاهم ما يشغلهم ".
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}، والحمد لله حق من قائل: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ}، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد بن عبد الله ورسوله وخليله عليه أفضل الصلاة والسلام، أما بعد:
فهذه نصائح وتوجيهات نبويه لمن توفي له قريب أو عزيز، وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يغفر لأحيائنا وأمواتنا أجمعين .. اللهم آمين.
ما يجب على أقارب الميت
فإنه مما يجب على أقارب الميت أمران، هما:
الأمر الأول : الصبر والرضا بالقدر لقوله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعون * أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة:155-157]، ولحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
" مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بامرأة عند قبر وهي تبكي، فقال لها: اتقي الله واصبري، فقالت: إليك عني، فإنك لم تصب بمصيبتي! قال: ولم تعرفه! فقيل لها: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فأخذها مثل الموت، فأتت باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابي، فقالت: يا رسول الله إني لم أعرفك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الصبر عند أول الصدمة "، أخرجه البخاري ومسلم والبيهقي والسياق له.
الأمر الثاني : مما يجب على الأقارب: الاسترجاع، وهو أن يقول: {إنا لله وإنا إليه راجعون} كما في الآية المتقدمة، ويزيد عليه قوله: " اللهم اجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها " لحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله {إنا لله وإنا إليه راجعون} اللهم اجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها ... الحديث "، أخرجه مسلم والبيهقي وأحمد.
ما يحرم على أقارب الميت
وأما ما يحرم على أقارب الميت أمور حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا بد من بيانها لمعرفتها واجتنابها وهي:
1- النياحة : وهي أمر زائد على البكاء. قال ابن العربي: " النوح ما كانت الجاهلية تفعل، كان النساء يقفن متقابلات يصحن، ويحثين التراب على رؤوسهن ويضربن وجوههن " نقله الأبي على المسلم.
وفيها أحاديث كثيرة أقتصر على ذكر أحدها وهي: " أربع في أمتي من أمر الجاهلية، لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة. وقال: النائحة إذا لم تتب قبل موتها، تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب "، رواه مسلم والبيهقي من حديث أبي مالك الأشعري.
2، 3 – ضرب الخدود، وشق الجيوب لقوله صلى الله عليه وسلم:
" ليس منا من لطم الخدود، وشق الجيوب، ودعى بدعوى الجاهلية "، رواه البخاري، ومسلم، وابن الجارود، والبيهقي، وغيرهم من حديث ابن مسعود.
4- حلق الشعر، لحديث أبي بردة بن أبي موسى قال :
" وجع أبو موسى وجعاً فغشي عليه، ورأسه في حجر امرأة من أهله، فصاحت امرأة من أهله، فلم يستطع أن يرد عليها شيئاً، فلما أفاق قال: أنا بريء ممن برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الصالقة والحالقة والشاقة " .
أخرجه البخاري ومسلم والنسائي والبيهقي.
والصالقة: هي التي ترفع صوتها عند الفجيعة بالموت.
5- نشر الشعر، لحديث امرأة من المبايعات قال:
" كيف فيما أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المعروف الذي أخذ علينا أن لا نعصيه فيه، وأن لا نخمش وجهاً ولا ندعو ويلا، ولا نشق جيباً، وأن لا ننشر شعرا ".
أخرجه أبو داود ومن طريقه البيهقي بسند صحيح.
6- إعفاء بعض الرجال لحاهم أياماً قليلة حزناً على ميتهم، فإذا مضت عادوا إلى حلقها ! فهذا الإعفاء في معنى نشر الشعر كما هو ظاهر، يضاف إلى ذلك أنه بدعة، وقد قال صلى الله عليه وسلم:
" كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ".
رواه النسائي والبيهقي في "الأسماء والصفات" بسند صحيح عن جابر.
7- الإعلان عن موته على رؤوس المنائر ونحوها، لأنه من النعي وقد ثبت عن حذيفة بن اليمان أنه:
" كان إذا مات له الميت قال: لا تؤذوا به أحداً، إني أخاف أن يكون نعياً، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النعي ".
أخرجه الترمذي وحسنه، وابن ماجه، وأحمد، والسياق له، والبيهقي، وأخرج المرفوع منه ابن أبي شيبة في "المصنف" وإسناده حسن كما قال الحافظ في "الفتح".
والنعي لغة: هو الإخبار بموت الميت، فهو على هذا يشمل كل إخبار ولكن قد جاءت أحاديث صحيحة تدل على جواز نوع من الإخبار، وقيد العلماء بها مطلق النهي، وقالوا: المراد بالنعي الإعلان الذي يشبه ما كان عليه أهل الجاهلية من الصياح على أبواب البيوت والأسواق كما سيأتي.
النعي الجائز
والنعي الجائز هو إعلان الوفاة إذا لم يقترن به ما يشبه نعي الجاهلية وقد يجب ذلك إذا لم يكن عنده من يقوم بحقه من الغسل والتكفين والصلاة عليه ونحو ذلك، وفي أحاديث منها:
عن أبي هريرة رضي الله عنه:
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج إلى المصلى، فصف بهم وكبر أربعاً ".
أخرجه الشيخان وغيرهما.
وترجم البخاري في صحيحه باباً بقوله:
" باب الرجل ينعى أهل الميت بنفسه "، وقال الحافظ:
" وفائدة هذه الترجمة الإشارة إلى أن النعي ليس ممنوعاً كله، وإنما نهى عما كان أهل الجاهلية يصنعونه، فكانوا يرسلون من يعلن بخبر موت الميت على أبواب الدور والأسواق ... ".
ويستحب للمخبر أن يطلب من الناس أن يستغفروا للميت لحديث أبي هريرة وغيره في قوله صلى الله عليه وسلم لما نعي للناس النجاشي: " استغفروا لأخيكم ".
ومما سبق تعلم أن قول الناس اليوم في بعض البلاد: " الفاتحة على روح فلان " مخالف للسنة المذكورة، فهو بدعة بلا شك، لا سيما والقراءة لا تصل إلى الموتى على القول الصحيح.
التعزية
وتشرع تعزية أهل الميت، لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من عزى أخاه المؤمن في مصيبته كساه الله حلة خضراء يحبر بها يوم القيامة، قيل يا رسول الله ما يحبر ؟ قال يغبط " يغبط يعني يسر.
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" وابن عساكر في "تاريخ دمشق"، وله شاهد عن طلحة بن عبيد الله بن كريز مقطوعاً، أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" وهو حديث حسن بمجموع الطريقين.
وينبغي اجتناب أمرين وإن تتابع الناس عليهما:
1- الاجتماع للتعزية في مكان خاص كالدار أو المقبرة أو المسجد.
2- اتخاذ أهل الميت الطعام لضيافة الواردين للعزاء.
وذلك لحديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال:
" كنا نعد (وفي رواية نرى) الاجتماع إلى أهل الميت، وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة".
أخرجه أحمد وابن ماجه والرواية الأخرى له وإسناده صحيح على شرط الشيخين، وصححه النووي والبوصيري في الزوائد.
وقال النووي في "المجموع":
"وأما الجلوس للتعزية، فنص الشافعي والمصنف وسائر الأصحاب على كراهته، قالوا يعني بالجلوس لها أن يجتمع أهل الميت في بيت فيقصدهم من أراد التعزية، قالوا: بل ينبغي أن ينصرفوا في حوائجهم فمن صادفهم عزاهم، ولا فرق بين الرجال والنساء في كراهة الجلوس لها ".
وإنما السنة أن يصنع أقرباء الميت وجيرانه لأهل الميت طعاماً يشبعهم، لحديث عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال:
" لما جاء نعي جعفر حيث قتل قال النبي صلى الله عليه وسلم: اصنعوا لآل جعفر طعاماً، فقد أتاهم أمر يشغلهم، أو أتاهم ما يشغلهم ".