( أ ) الجناس
الجِنَاسُ أَنْ يَتَشَابَهَ اللفظانِ في النُّطْق وَيَخْتَلِفَا في الْمَعْنى.
نحو قول أبو تمام:
ما مات مِنْ كرمِ الزمان فإِنَّه … …يحْيا لَدى يحْيى بْنِ عبد الله
انظر إلى هذا البيت فيه لفظان متشابهان في النطق وهما ( يحيا) و( يحي) وكلمة يحيا الأولى معناه فعل وهو يعيش , و يحي الثانية علم, فوجدنا اللفظان متشابهان في النطق و قد اختلفا في المعنى وهذا هو (الجناس).
وهو نَوْعانِ:
(أ) تَامٌّ : وهو ما اتَّفَقَ فيه اللفظان في أمورٍ أَربعةٍ هيَ: نَوْعُ الحُروفِ، وشَكلُهَا، وعَدَدُها، وتَرْتيبُها.
نحو قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ} (الروم:55).
انظر إلى هذه الآية تجد أَن لفظ "الساعة" مكررٌ مرتين، وأن معناه مرةً يومُ القيامة، ومرة إحدى الساعات الزمانية.
فهما اتفقا في نوع الحروف و شكلها وعددها و ترتيبها , وقد اختلفا في المعنى وهذا ما يسمى ( جناسا تاما).
(ب) غَيْرُ تَامِّ: وهو ما اخْتَلَفَ فيه اللفظان في واحدٍ مِنَ الأمور الْمُتَقَدِّمة.
نحو قوله تعالى: { فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10)}(الضحى:9-11).
وإذا تأمَّلتَ الكلمتين المتجانستين في هذه الآية وهما (تقْهرْ وتَنْهَرْ) رأيت أنهما اختلفتا في ركن من أَركان الوفاق الأَربعة المتقدمة، ويُسمَّى ما بين كل كلمتين هنا من تجانس (جناساً غير تامٍّ).
والجناسُ في مذهب كثير من أهل الأدب غيرُ محبوب؛ لأَنه يؤدي إلى التعقيد، ويَحول بين البليغ وانطلاق عِنانه في مضمار المعاني اللهم إِلا ما جاءَ منه عفوًا وسَمحَ به الطبعُ من غير تكلفٍ.
===========
( ب ) السجع
السَّجْعُ:َ توَافُقُ الْفَاصِلَتَيْن في الْحَرْفِ الأخِير، وأَفْضَلهُ ما تسَاوَتْ فِقَرُهُ( أي ما كانت الفقرات فيه متساوية).
والفاصلة هي الكلمة الأخيرة منْ كل فقرة ، وتُسكَّن الفاصلةُ دائماً في النثر للوقف.
نحو قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا ، وَيَقُولُ الآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا ).
إذا تأملت هذا الحديث وجدت فيه فقرتين , وكل فقرة تنتهي بكلمة تسمى الفاصلة , وكل فاصلة تنتهي بحرف واحد هو الفاء, وهذا ما يسمى (السجع).
ونحو:
( الحُرُّ إذَا وَعَدَ وَفَى، وإِذَا أعَانَ كَفَى، وإِذَا مَلَكَ عَفَا).
فنجد في هذا المثال ثلاث فقرات , تنتهي فواصلها بحرف واحد .
وأَفضلُ السجع ما تساوت فقراته، ولا يحسنُ السجعُ إلا إِذا كان رصين التركيب، سليماً من التكلف، خالياً منَ التكرار في غير فائدة.
كما رأَيت في الأمثلة.
=============
( ت ) الاقتباس
الاقْتِباسُ: تَضْمِينُ النَّثْر أو الشِّعر شَيْئاً مِنَ الْقُرآن الكريم أو الحديثِ الشريفِ مِنْ غَيْر دلالةٍ عَلَى أنَّهُ منهما، ويَجُوز أنْ يُغَيِّرَ في الأَثَر المُقْتَبِس قَليلاً.
ومعنى هذا التعريف أن الأديب قد يأتي في الشعر أو النثر بشيء من القرآن أو الحديث من غير أن يشير إلى أنه اقتبسه , ويجوز له أن يغير قليلا فيما اقتبسه.
نحو قول عبد المؤمن الأصفَهانيُّ :
لا تَغُرَّنَّكَ مِنَ الظَّلَمَةِ كثرُة الجيوش والأَنصار
ْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبصَارُإِنما نُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبصَارُ.
إذا تأملت هذا البيت وجدت أن الشاعر قد اقتبس الشطر الثاني من القرآن الكريم , وقد ضمَّن الشاعر كلامه هذه الآية الشريفة من غير أن يُصرَّح بأنها من القرآن وغرضه من هذا التضمين أن يسْتعِيرَ من قوتها قوة، وأن يكشف عن مهارته في إِحكام الصلة بين كلامه والكلام الذي أخذه، وهذا النوع يسمَّى اقتباساً.
ونحو قول ابن سناء المُلك:
رَحَلُوا فَلَستُ مُسَائِلاً عَنْ دَارهِمْ … …أنَا بَاخِعٌ نَفْسِي عَلَى آثَارَهِمْ
إذا تأملت هذا البيت وجدت الشاعر قد اقتبس فيه من القرآن الكريم من قوله تعالى : {فلعلك باخع نفسك على آثارهم }, والشاعر لم يصرح بهذا الاقتباس, كما أنه قد غير قليلا فيما اقتبسه كما رأينا وهذا جائز في الاقتباس.
=============
كتاب البلاغة الواضحة : علي الجارم ومصطفى أمين.
الجِنَاسُ أَنْ يَتَشَابَهَ اللفظانِ في النُّطْق وَيَخْتَلِفَا في الْمَعْنى.
نحو قول أبو تمام:
ما مات مِنْ كرمِ الزمان فإِنَّه … …يحْيا لَدى يحْيى بْنِ عبد الله
انظر إلى هذا البيت فيه لفظان متشابهان في النطق وهما ( يحيا) و( يحي) وكلمة يحيا الأولى معناه فعل وهو يعيش , و يحي الثانية علم, فوجدنا اللفظان متشابهان في النطق و قد اختلفا في المعنى وهذا هو (الجناس).
وهو نَوْعانِ:
(أ) تَامٌّ : وهو ما اتَّفَقَ فيه اللفظان في أمورٍ أَربعةٍ هيَ: نَوْعُ الحُروفِ، وشَكلُهَا، وعَدَدُها، وتَرْتيبُها.
نحو قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ} (الروم:55).
انظر إلى هذه الآية تجد أَن لفظ "الساعة" مكررٌ مرتين، وأن معناه مرةً يومُ القيامة، ومرة إحدى الساعات الزمانية.
فهما اتفقا في نوع الحروف و شكلها وعددها و ترتيبها , وقد اختلفا في المعنى وهذا ما يسمى ( جناسا تاما).
(ب) غَيْرُ تَامِّ: وهو ما اخْتَلَفَ فيه اللفظان في واحدٍ مِنَ الأمور الْمُتَقَدِّمة.
نحو قوله تعالى: { فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ (10)}(الضحى:9-11).
وإذا تأمَّلتَ الكلمتين المتجانستين في هذه الآية وهما (تقْهرْ وتَنْهَرْ) رأيت أنهما اختلفتا في ركن من أَركان الوفاق الأَربعة المتقدمة، ويُسمَّى ما بين كل كلمتين هنا من تجانس (جناساً غير تامٍّ).
والجناسُ في مذهب كثير من أهل الأدب غيرُ محبوب؛ لأَنه يؤدي إلى التعقيد، ويَحول بين البليغ وانطلاق عِنانه في مضمار المعاني اللهم إِلا ما جاءَ منه عفوًا وسَمحَ به الطبعُ من غير تكلفٍ.
===========
( ب ) السجع
السَّجْعُ:َ توَافُقُ الْفَاصِلَتَيْن في الْحَرْفِ الأخِير، وأَفْضَلهُ ما تسَاوَتْ فِقَرُهُ( أي ما كانت الفقرات فيه متساوية).
والفاصلة هي الكلمة الأخيرة منْ كل فقرة ، وتُسكَّن الفاصلةُ دائماً في النثر للوقف.
نحو قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا ، وَيَقُولُ الآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا ).
إذا تأملت هذا الحديث وجدت فيه فقرتين , وكل فقرة تنتهي بكلمة تسمى الفاصلة , وكل فاصلة تنتهي بحرف واحد هو الفاء, وهذا ما يسمى (السجع).
ونحو:
( الحُرُّ إذَا وَعَدَ وَفَى، وإِذَا أعَانَ كَفَى، وإِذَا مَلَكَ عَفَا).
فنجد في هذا المثال ثلاث فقرات , تنتهي فواصلها بحرف واحد .
وأَفضلُ السجع ما تساوت فقراته، ولا يحسنُ السجعُ إلا إِذا كان رصين التركيب، سليماً من التكلف، خالياً منَ التكرار في غير فائدة.
كما رأَيت في الأمثلة.
=============
( ت ) الاقتباس
الاقْتِباسُ: تَضْمِينُ النَّثْر أو الشِّعر شَيْئاً مِنَ الْقُرآن الكريم أو الحديثِ الشريفِ مِنْ غَيْر دلالةٍ عَلَى أنَّهُ منهما، ويَجُوز أنْ يُغَيِّرَ في الأَثَر المُقْتَبِس قَليلاً.
ومعنى هذا التعريف أن الأديب قد يأتي في الشعر أو النثر بشيء من القرآن أو الحديث من غير أن يشير إلى أنه اقتبسه , ويجوز له أن يغير قليلا فيما اقتبسه.
نحو قول عبد المؤمن الأصفَهانيُّ :
لا تَغُرَّنَّكَ مِنَ الظَّلَمَةِ كثرُة الجيوش والأَنصار
ْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبصَارُإِنما نُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبصَارُ.
إذا تأملت هذا البيت وجدت أن الشاعر قد اقتبس الشطر الثاني من القرآن الكريم , وقد ضمَّن الشاعر كلامه هذه الآية الشريفة من غير أن يُصرَّح بأنها من القرآن وغرضه من هذا التضمين أن يسْتعِيرَ من قوتها قوة، وأن يكشف عن مهارته في إِحكام الصلة بين كلامه والكلام الذي أخذه، وهذا النوع يسمَّى اقتباساً.
ونحو قول ابن سناء المُلك:
رَحَلُوا فَلَستُ مُسَائِلاً عَنْ دَارهِمْ … …أنَا بَاخِعٌ نَفْسِي عَلَى آثَارَهِمْ
إذا تأملت هذا البيت وجدت الشاعر قد اقتبس فيه من القرآن الكريم من قوله تعالى : {فلعلك باخع نفسك على آثارهم }, والشاعر لم يصرح بهذا الاقتباس, كما أنه قد غير قليلا فيما اقتبسه كما رأينا وهذا جائز في الاقتباس.
=============
كتاب البلاغة الواضحة : علي الجارم ومصطفى أمين.