ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    المجاز

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    المجاز Empty المجاز

    مُساهمة من طرف أحمد الأربعاء أبريل 10, 2013 12:04 pm

    أولآً: تعريف المجاز.

    المَجَازُ اللّغَويُّ: هُوَ اللفظُ المُسْتعْمَلُ في غير ما وُضِعَ لَه لِعَلاقة مع قَرينةٍ مانِعةٍ مِنْ إِرادَةِ المعْنَى الحقيقي.

    والعَلاقةُ بَيْنَ الْمَعْنَى الحقيقي والمعنى المجازيِّ قدْ تكونُ المُشَابَهةَ، وقد تكونُ غيرَها، والقَرينَةُ قد تكونُ لفظيةً وقد تكونُ حَالِيَّةً.

    وهذا ما سوف نتناوله بالشرح و التفصيل من خلال الأمثلة الآتية:

    المثال الأول:

    قال ابنُ العَمِيد في الغزل:

    قَامَتْ تُظَلِّلُنِي مِنَ الشَّمْسِ ... نَفْسٌ أَعَزُّ عَلَيَّ مِنْ نَفْسِي

    قامَتْ تُظَلِّلُنِي ومِنْ عجَبٍ ... شَمْسٌ تُظَلِّلُنِي مِنَ الشَّمْسِ


    انظر إِلى الشطر الأَخير في البيتين السابقين، تجد أنَّ كلمة "الشمسِ " استعملت في معنيين:

    أحدُهما المعنى الحقيقي للشمس التي تعرفها، وهي التي تظهر في المشرق صبحاً وتختفي عند الغروب مساءً.

    والثاني إنسانٌ وضاءُ الوجه يشبه الشمسَ في التلأْلؤ، وهذا المعنى غير حقيقي.

    وإِذا تأملتَ رأيتَ أنَّ هناك صِلَةً وعلاقةً بين المعنى الأصليِّ للشمس والمعنى العارضِ الذي اسْتُعْمِلَتْ فيه. وهذه العلاقة هي المشابهةُ، لأَنَّ الشخص الوضيءَ الوجه يُشْبِه الشمس في الإِشراق.

    ولا يمكن أن يلتبس عليك الأَمر فتَفْهَم منْ "شمس تظللني" المعنى الحقيقي للشمس، لأَنَّ الشمس الحقيقية لا تُظَلِّل، فكلمة تظللني إِذا تمنع من إِرادة المعنى الحقيقي، ولهذا تسمَّى قرينةً دالةً على أَنَّ المعنى المقصودَ هو المعنى الجديدُ العارضُ.

    المثال الثاني:

    قال البحتريُّ يَصِف مبارزة الفَتْح بن خاقان لأسد:

    فلَمْ أرَ ضِرْغَامَينِ أصْدَقَ منكُمَا عرَاكاً إذا الهَيّابَةُ النّكسُ كَذّبَا

    هِزَبْرٌ مَشَى يَبغي هِزَبْراً، وأغلَبٌ منَ القَوْمِ يَغشَى بَاسلَ الوَجهِ أغلَبَا


    إذا تأَملت البيت الثاني للبحتريِّ رأَيت أنَّ كلمة "هِزَبْرًا" الثانية يراد بها الأَسد الحقيقي، وأنَّ كلمة "هزبر" الأُولى يراد بها الممدوحُ الشجاعُ، وهذا معنى غير حقيقي.

    ورأيت أنَّ العلاقة بين المعنى الحقيقي للأسد والمعنى العارض هي المشابهةُ في الشجاعة.

    وأنَّ القرينة المانعةَ من إرادة المعنى الحقيقي للأَسد هي أنَّ الحال المفهومةَ من سياق الكلام تدلُّ على أنَّ المقصود المعنى العارض.

    ومثل ذلك يقال في "أغْلب من القَوْم" و "باسِل الوَجْه أغْلبا" فإِن الثانية تدلُّ على المعنى الأصلي للأسد، والأولى تدل على المعنى العارض وهو الرجلُ الشجاع والعلاقة المشابهةُ، والقرينةُ المانعة من إرادة المعنى الأَصلي هنا لفظيةٌ وهي "من القوم".

    المثال الثالث:

    قال المتنبي وقد سقط مطرٌ على سيف الدولة :

    لِعَيْني كُلَّ يَومٍ مِنْكَ حَظُّ … …تَحَيَّرُ مِنْهُ فِي أمْرٍ عُجابِ

    حِمَالةُ ذَا الحُسَام عِلى حُسامٍ … …وَمَوْقِعُ ذَا السَّحَابِ على سَحَابِ


    تستطيعُ بعد هذا البيان أنْ تدرك في البيت الثاني للمتنبي أنَّ كلمة "حسام" الثانية استعملتْ في غير معناها الحقيقي لعلاقة المشابهة في تَحمُّل الأَخطار.

    والقرينةُ تُفهم منَ المقام فهي حالِيةٌ، ومثل ذلك كلمة "سحاب" الأَخيرة فإِنها استعملتْ لتدلَّ على سيف الدولة لعلاقة المشابهةِ بينه وبين السحابِ في الكرم، والقرينةُ حالِيَّةٌ أيضاً.

    المثال الرابع:

    قال البحتريُّ:

    إذا العَينُ رَاحتْ وَهيَ عَينٌ على الجَوَى، فَلَيْسَ بسِرٍّ ما تُسِرُّ الأضَالِعُ


    بيتُ البحتري هذا معناه أنَّ عين الإنسان إِذا أصبحت بسبب بكائها جاسوساً على ما في النفس من وجْدٍ وحُزْن؛ فإنَّ ما تَنْطَوِي عليه النفسُ منهما لا يكون سرًّا مكتوماً؛ فأَنت ترى أنَّ كلمة "العين" الأولى استعملت في معناها الحقيقي وأنَّ كلمة "عين" الثانية استعملت في الجاسوسِ وهو غير معناها الأصلي، ولكنْ لأَنَّ العين جزءٌ من الجاسوس وبها يَعْملُ، أطلقَها وأراد الكلَّ شأنَ العرب في إِطلاق الجزء وإِرادة الكلِّ.

    وأَنت ترَى أنَّ العلاقة بين العين والجاسوس ليست المشابهةَ وإنما هي الجزئيةُ.

    والقرينةُ "على الجوى" فهي لفظيَّةٌ.

    ويتَّضحُ منْ كل ما ذكرنا أنَّ الكلماتِ: (شمسٌ، وهِزَبْرٌ، وأغْلبُ، وحُسامٌ، وسحابٌ، وعينٌ) ، استُعملت في غير معناها الحقيقي لعلاقةٍ وارتباطٍ بين المعنى الحقيقي والمعنى العارضِ وتسمَّى كلُّ كلمة من هذه( مجازاً لغويًّا).

    ===========


    ثانيا: أقسام المجاز:

    ينقسم المجاز إلى قسمين هما :

    1 ـ لغويّ، وهواستعمال اللفظ في غير ما وضع له لعلاقة ـ أي مناسبة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي ـ ويكون الاستعمال لقرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي، وهي قد تكون:

    لفظيّة، وقد تكون حاليّة، وكلّما أطلق المجاز، انصرف إلى هذا المجاز وهو المجاز اللغوي.

    2 ـ عقلي، وهو يجري في الإسناد، بمعنى أن يكون الإسناد إلى غير من هو له، نحو:

    (شفى الطبيب المريض) فإن الشفاء من الله تعالى، فإسناده إلى الطبيب مجاز، ويتمّ ذلك بوجود علاقة مع قرينة مانعة من جريان الإسناد إلى من هو له.

    =============


    ( أ ) المجاز العقلي

    المجاز العقلي: وهو الذي يجري في الإسناد، بمعنى أن يكون الإسناد إلى غير من هو له، ويتمّ ذلك بوجود علاقة مع قرينة مانعة من جريان الإسناد إلى من هو له نحو:

    (شفى الطبيب المريض) فإن الشفاء من الله تعالى، فإسناده إلى الطبيب مجاز،والعلاقة هنا أن الطبيب سبب للشفاء, والقرينة المانعة من جريان الإسناد إلى الطبيب : أ، الشفاء لا يكون إلا من الله تعالى.

    أقسام المجاز العقلي:

    المجاز العقلي على قسمين:

    الأول: المجاز في الإسناد، وهو إسناد الفعل أو ما في معنى الفعل إلى غير من هو له، وهو على أقسام، أشهرها:

    أ‌- الإسناد إلى الزمان، كقوله: (من سرّه زمن سائته أزمان) فإن إسناد المسرّة والإساءة إلى الزمان مجاز، إذ المسيء هو بعض الطواريء العارضة فيه، لا الزمان نفسه.

    ب‌- الإسناد إلى المكان، نحو قوله تعالى: {وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم} (الأنعام :6) فإنّ إسناد الجري إلى الأنهار مجاز، باعتبار مائها.

    ت‌- الإسناد إلى السبب، كقوله: (بنى الأمير المدينة) فإنّ الأمير سبب بناء المدينة لا إنّه بناها بنفسه.

    ث‌- الإسناد إلى المصدر، كقوله: (سيذكرني قومي إذا جَدَّ جِدّهم) فإنّ الفعل (جَدَّ) أُسند إلى المصدر: (جِدّهم ) مجازاً، لأنّ الفاعل الأصلي هو الجادّ.

    الثاني: المجاز في النسبة غير الإسنادية، وأشهرها النسبة الإضافيّة نحو:

    أ‌- (جَرْيُ الأنهار) فإنّ نسبة الجري إلى النهر مجاز باعتبار الإضافة إلى المكان.

    ب‌- (صومُ النهار) فإنّ نسبة الصوم إلى النهار مجاز باعتبار الإضافة إلى الزمان.

    ت‌- (غُرابُ البَين) فإنّه مجاز باعتبار الإضافة إلى السبب.

    ث‌- (اجتهاد الجِدّ) مجاز باعتبار الإضافة إلى المصدر.


    ===========


    ( ب) المجاز المرسل

    المجازُ الْمُرسَلُ : كلمةٌ اسْتُعْمِلَتْ في غَيْر مَعناها الأَصْليِّ لعلاقةٍ غير المشابهةِ مَعَ قرينةٍ مانعةٍ من إِرادةِ المعنَى الأصْليِّ .

    انظر إلى هذا المثال:

    ( يَلْبَسُ المصريونَ القطنَ الذي تُنتِجُهُ بلادُهم).


    فكلمة (القطنَ) لا يراد بها معناها الأصلي الذي وضع له, ولكن يراد بها ( نسيجٌ) كان قطن , و العلاقة هنا اعتبار ما كان عليه النسيج و هو القطن, و القرينة المانعة من إرادة المعنى الأصلي هنا هي : أنه لا يعقل أن يرتدي المصريون القطن قبل تحوله إلى نسيج. وهذا هو المجاز المرسل.

    علاقات المجاز المرسل:

    مِنْ عَلاقات المجاز المُرْسَل:

    1. السَّببيَّةُ : نحو قول المتنبيّ :

    لَهُ أيَادٍ إليّ سَابِقَةٌ أعُدّ مِنْهَا وَلا أُعَدّدُهَا


    انظر إلى الكلمة "أيادٍ" في قول المتنبي؛ أَتظن أنه أَراد بها الأيدي الحقيقية؟ لا. إِنه يريد بها النّعم، فكلمة أَياد هنا مجازٌ، ولكن هل ترى بين الأَيدي والنعم مشابهة؟ لا. فما العلاقة إِذا بعد أَنْ عرفت أَنَّ لكل مجازٍ علاقةً، وأَنَّ العربيَّ لا يُرسل كلمةً في غير معناها إِلا بعد وجود صلة وعلاقة بين المعنيين؟.
    تأَملْ تجد أَنَّ اليد الحقيقية هي التي تمنح النعم فهي سببٌ فيها، فالعلاقة إِذًا السببيةُ، وهذا كثير شائع في لغة العرب.

    2. المسَبَّبيَّةُ: نحو قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاء رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَن يُنِيبُ} (غافر:13).

    انظر إلى قوله تعالى: {ويُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السماءِ رزْقاً}؛ الرزق لا ينزلُ من السماءِ ولكنَّ الذي ينزل مطرٌ ينشأُ عنه النبات الذي منه طعامُنا ورزقُنا، فالرزق مسَّببٌ عن المطر، فهو مجاز علاقته المسببةُ.

    3. الجُزئيةُ: نحو قول الشاعر:

    كَمْ بَعَثنَا الْجَيْشَ جرَّا رًا وَأَرْسَلْنا الْعُيُونَا


    أَمَّا كلمة "العيون" في البيت فالمراد بها الجواسيسُ، ومنَ الهيِّن أن تفهم أنَّ استعمالها في ذلك مجازيٌّ، والعلاقة أنَّ العين جزءٌ من الجاسوس ولها شأنٌ كبير فيه، فأُطلق الجزء وأريد الكل: ولذلك يقال : إِنَّ العلاقة هنا الجزئيةُ.

    4. الكليَّةُ: نحو قوله تعالى: {وإِنِّي كُلَّما دَعَوتُهُمْ لِتغفِر لهُمْ جَعَلُوا أصَابِعَهُمْ في آذَانهمْ}(نوح:7) .

    إذا نظرت في هذه الآية رأيت أنَّ الإنسان لا يستطيع أنْ يضع إِصبعَهُ كلها في أُذنه، وأنَّ الأصابع في الآية الكريمة أُطلقتْ وأُريد أطرافُها فهي مجاز علاقته الكليةُ.

    5. اعْتبَارُ ما كانَ : نحو قوله تعالى: {وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} (النساء:2) .

    تأمل قوله تعالى: {وآتُوا الْيتَامى أمْوَالَهم} تجد أَنَّ اليتيمَ في اللغة هو الصغير الذي مات أبوه، فهل تظن أنَّ الله سبحانه يأمر بإعطاءِ اليتامَى الصغار أموال آبائهم؟ هذا غير معقول، بل الواقع أن الله يأْمر بإعطاء الأموال منْ وصلوا سِنَّ الرُّشد بعد أن كانوا يتامَى، فكلمة اليتامى هنا مجاز لأنها استعملتْ في الراشدين والعلاقةُ اعتبار ما كانَ.

    6. اعتبارُ ما يكونُ : نحو قوله تعالى على لسان نوح عليه السلام {إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} (نوح:27).

    انظر إلى قوله تعالى: {ولا يلِدُوا إِلاَّ فاجرا كفارا} تجدْ أنَّ فاجرًا وكفارًا مجازان لأنَّ المولود حين يولد لا يكون فاجرًا ولا كفارًا، ولكنه قد يكونُ كذلك بعد الطفولة، فأُطْلِقَ المولود الفاجر وأريد به الرَّجلُ الفاجرُ والعلاقة اعتبارُ ما يكون.

    7. المَحَليَِّّةُ: نحو قوله تعالى: { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) } (العلق:17-18)

    انظر إلى قوله تعالى: { فلْيَدْعُ نادِيهُ } تجد الأَمر هنا للسخريةِ والاستخفافِ، فإِننا نعرف أنَّ معنَى النادي مكانُ الاجتماع، ولكنَّ المقصود به في الآية الكريمة مَنْ في هذا المكان مِنْ عشيرتِهِ ونُصرائه، فهو مجاز أُطلق فيه المحلُّ وأريدَ الحالُّ، فالعلاقة المحليةُ .

    8. الحالِّيَّةُ: نحو قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} (الإنفطار:13) .

    انظر إلى قوله تعالى: {إِنَّ الأَبْرارَ لَفِي نَعِيم} , فالنعيم لا يحُلُّ فيه الإنسان لأنه معنًى من المعاني، وإنما يحلُّ في مكانه، فاستعمال النعيم في مكانه مجازٌ أطلق فيه الحالُّ وأريد المحلُّ فعلاقته الحاليةُ.


    ===========


    ثالثاً : بلاغة المجاز المرسل و العقلي

    إذا تأملت أنواع المجاز المرسل والعقلي رأيت أنها في الغالب تؤدي المعنَى المقصود بإيجاز :

    فإذا قلت : " هزمَ القائدُ الجيشَ " أو " قررَ المجلس كذا " كان ذلك أوجزَ من أنْ تقول : " هزمَ جنودُ القائد الجيش " ، أو " قرر أهل المجلس كذا " .

    ولا شكَّ أنَّ الإيجاز ضربٌ من ضروب البلاغة .

    وهناك مظهر آخر للبلاغة في هذين المجازين هو المهارة في تخير العلاقة بين المعنى الأصلي والمعنى المجازيِّ ، بحيث يكون المجاز مصوراً للمعنى المقصود خير تصوير:

    كما في إطلاق العين على الجاسوس.

    والأذن على سريع التأثير بالوشاية.

    والخفِّ والحافر على الجمال والخيل في المجاز المرسل، وكما في إسناد الشيء إلى سببه أو مكانه أو زمانه في المجاز العقلي، فإن البلاغة توجبُ أنْ يختار السبب القوي والمكان والزمان المختصان.

    وإذا دققت النظر رأيت أنَّ أغلب ضروب المجاز المرسل والعقلي لا تخلو من مبالغة بديعة ذات أثر في جعل المجاز رائعاً خلاباً .

    فإطلاقُ الكلِّ على الجزء مبالغة ومثله إطلاق الجزء وإرادة الكل ، كما إذا قلت :

    " فلان فٌم " تريد أنه شره يلتقم كلَّ شيء .

    أو " فلانٌ أنفٌ " عندما تريد أن تصفه بعظم الأنف فتبالغ فتجعله كله أنفاً .

    ومما يؤثر عن بعض الأدباء في وصف رجل أنافيٍّ قوله : " لست أدري أهو في أنفه أمْ أنفهُ فيه " .

    ============
    كتاب البلاغة الواضحة: على الجارم و مصطفى أمين.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    المجاز Empty رد: المجاز

    مُساهمة من طرف أحمد السبت مايو 04, 2013 10:26 am

    المجاز يطلق عند أهل علم البيان على اللفظ المستعمل لغير ما وضع له من معان.
    مثال قول عنترة بن شداد:
    هلا سألت الخيل ياينة مالك
    إن كنت جاهلة بما لم تعلم
    أراد بقوله سألت الخيل سألت الفرسان أصحاب الخيل
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    المجاز Empty رد: المجاز

    مُساهمة من طرف أحمد السبت ديسمبر 27, 2014 12:55 pm

    المجازُ العقليُّ
    هوَ إسنادُ الفعْلِ أوْ ما في معناهُ إلى غيرِ ما هوَ لهُ عندَ المتكلِّمِ في الظاهِرِ لعَلاقةٍ، نحوُ قولِه:
    أشابَ الصغيرَ وأَفْنَى الكبيـ = ـرَ كَرُّ الغَداةِ ومَرُّ العَشِيّ
    فإنَّ إسنادَ الإشابةِ والإفناءِ إلى كرِّ الغَداةِ، ومرورِ العَشيِّ إسنادٌ إلى غيرِ ما هوَ له، إذ الْمُشيبُ والْمُفْنِي في الحقيقةِ هوَ اللَّهُ تعالى.
    ومن الْمَجازِ العقليِّ إسنادُ ما بُنِيَ للفاعلِ إلى المفعولِ، نحوُ: {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ}، وعكْسُه، نحوُ: (سَيْلٌ مُفْعَمٌ)؛ والإسنادُ إلى المصدرِ، نحوَ: (جَدَّ جَدُّه)، وإلى الزمانِ، نحوُ: (نهارُه صائمٌ)، وإلى المكانِ، نحوُ: (نهرٌ جارٍ)، وإلى السببِ، نحوُ: (بنى الأميرُ المدينةَ).
    ويُعلَمُ ممَّا سَبَقَ أنَّ الْمَجازَ اللُّغَوِيَّ يكونُ في اللفظِ، والْمَجازَ العقليَّ يكونُ في الإسنادِ.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    المجاز Empty رد: المجاز

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين مارس 16, 2015 10:57 pm

    البلاغة العربية


    "علم البيان" الفصل الثالث: المجاز

    المقدمة

    (1)
    تعريفات
    سبق في المقدمة العامّة لعلم المعاني تعريف كلٍّ من الحقيقة والمجاز في اصطلاح البيانيين.
    وإذْ جاء في هذا الفصل بحث المجاز بقسميه فإنّ من المستحسن إعادة ذكر تعريف كلٍّ من الحقيقة والمجاز اصطلاحاً مع إضافة بيان أصل معناهما في اللّغة.
    الحقيقة لغةً: الشّيء الثابت يقيناً. وحقيقة الشيء: خالصُهُ وكُنْهُهُ وعناصره الذّاتيّة. وحقيقة الأمر: ما كان من شأنه يقينا. وحقيقةُ الرَّجُلِ: ما يلْزَمُه حفظه والدّفاع عنه، يقالُ: فلانٌ يحمي الحقيقة.
    الحقيقة: "فَعِلية" من حقَّت الفكرةُ أو الكلمةُ أو القضيّةُ أو الْمُدْرَكَةُ الذّهنيّة أو نحو ذلك تَحِقُّ حقاً وحُقُوقاً إذا صحّتْ وثبتَتْ وصدقت واستقرت، فهي على هذا بمعنى "فاعله" أي: ثابتة مستقرة صادقة.
    الحقيقة اصطلاحاً: اللّفظ المستَعْمَل فيما وُضِع له في اصطلاحٍ به التخاطب.
    والمراد من الوضع تَعْيِينُ اللّفظ في أصل الاصطلاح للدّلالة بنفسه على معنىً ما، دون الحاجة إلى قرينة.
    المجاز لغة: مصدر فِعْلِ "جَازَ" يقال لغة: جاز المسافر ونحوه الطريق، وجاز به جَوْزاً وجوازاً ومجازاً، إذا سار فيه حتى قطعه.
    ويطلق لفظ "المجاز" على المكان الذي اجتازه من سار فيه حتى قطعه.

    ويقال: جازَ القولُ، إذا قُبِلَ وَنَفَذ. وكذا يقال: جازَ الْعَقْد وغَيْرُه، إذا نَفَذَ ومضَى على الصحّة.
    المجاز اصطلاحاً: اللَّفظ المستعمل في غير مَا وُضِع له في اصطلاحٍ به التخاطب، على وجْهٍ يَصِحُّ ضمْن الأصول الفكرية واللّغويّة العامّة، بقرينة صارفة عن إرادة ما وُضِع له اللّفظ.
    فالقرينةُ هي الصارف عن الحقيقة إلى المجاز، إذِ اللّفظ لا يَدُلُّ على المعنى المجازيّ بنفسه دون قرينة.
    ***
    (2)
    أقسام الحقيقة والمجاز اللّغوية والشرعية والعرفية
    كلُّ من الحقيقة والمجاز ينقسم إلى أربعة أقسامٍ متقابلة:
    (1) الحقيقة اللّغوية، ويقابلُها، المجازُ اللّغوي.
    إذا استعمل اللّفظ في مجالات الاستعمالات اللّغوية العامة بمعناه الذي وضع له في اللّغة، كان حقيقة لُغَوية.
    وإذا استعمل في هذه المجالات في غير معناه الذي وُضِع له في اللّغة، لعلاقة من علاقات المجاز، كان مجازاً لغويّاً.
    أمثلة:
    * لفظ "أسد" إذا استعمل في المجالات المذكورة للدّلالة على الحيوان المفترس المعروف فهو حقيقة لغوية.
    وإذا استعمل للدلالة به على الرجل الشجاع فهو مجاز لغويّ، وعلاقته المشابهة، فهو من نوع المجاز بالاستعارة.

    * لفظ "اليد" إذا استعمل في العضو المعروف من الجسد، فهو حقيقة لغويّة.
    وإذا استعمل للدلالة به على الإِنعام، أو على القوة، أو على التسبُّب في أمْرٍ ما، فهو مجاز لغوي، وعلاقتُه غَيْرُ المشابهة، فهو من نوع المجاز المرسل.
    لفظ "النَّهْر" إذا اسْتُعمل في الشِّق من الأرض الذي يجري فيه الماء، فهو حقيقة لغويّة.
    وإذا استعمل للدلالة به على الماء الجاري فيه، فهو مجاز لغويّ، وعلاقته غير المشابهة، وهي هنا "المحليَّة" فهو من نوع المجاز المرسل.
    * وإذا قلنا مثلاً "سَالَ الوادي" فقد أسندنا السيلان إلى الوادي مع أن الوادي لا يسيل، لكن الذي يسيل هو الماء فيه، فهذا إسنادٌ مجازي علاقته المجاورة، وهو من "المجاز العقلي".
    (2) الحقيقة الشرعية، ويقابلها، المجاز الشرعي.
    إذا استعمل اللفظ في مجالات استعمال الألفاظ الشرعية بمعناه الاصطلاحيّ الشرعيّ كان حقيقة شرعيّة.
    وإذا استعمل للدلالة به على معنىً آخر ولو كان معناه اللغوي الأصلي كان بالنسبة إلى المفهوم الاصطلاحي الشرعيّ مجازاً شرعيّاً.
    أمثلة:
    * لفظ "الصلاة" إذا اسْتُعْمِل في مجالات الدراسة الشرعية للدلالة به على الركن الثاني من أركان الإِسلام والنوافل الّتي على شاكلته، فهو حقيقة شرعيّة.

    وإذا استعمل بمعنى الدعاء الذي هو الحقيقة اللّغوية، كان مجازاً شرعيّاً.
    * لفظ "الزّكاة" إذا اسْتُعْمِل في الركن الثالث من أركان الإِسلام في مجالات الدراسة الشرعية، فهو حقيقة شرعيّة.
    وإذا استعمل بمعنى النّماء والطهارة فهو مجاز شرعي.
    وهكذا إلى سائر المصطلحات الشرعيّة.
    (3) الحقيقة في العرف العام، ويقابلها، المجاز في العرف العام.
    يراد بالعرف العامّ ما هو جار على ألسنة الناس في عُرْفٍ عامٍّ على خلاف أصل الوضع اللّغويّ.
    إذا اسْتُعْمِل اللّفظ في مجالات العرف العامّ بمعناه الذي جرى عليه هذا العرف كان حقيقة عرفيّة عامّة.
    وإذا استعمل للدلالة به على معنىً آخر ولو كان معناه اللّغوي الأصلي، كان بالنسبة إلى هذا العرف مجازاً عرفيّاً عامّاً.
    مثل: لفظ "الدّابة" جرى إطلاقه في العرف العامّ على ما يمشي من الحيوانات على أربع، فإطلاق هذا اللّفظ ضمن العرف العام بهذا المعنى حقيقة عرفيّةٌ عامّة.
    وإطلاقة ضمن أهل العرف العامّ بمعنىً آخر ولو كان معناه اللّغوي الأصليّ، وهو كلّ ما يدبّ على الأرض من ذي حياة فهو مجاز في العرف العامّ.
    وكذلك إذا أطلق على ما يدبّ على الأرض من آلةٍ غير ذات حياة، ومثل هذا الإِطلاق يكون مجازاً في العرف العامّ ومجازاً لغويّاً.
    (4) الحقيقة في العرف الخاصّ، ويقابلها، المجاز في العرف الخاصّ.
    يراد بالْعُرف الخاصّ مصطلحات العلوم، إذْ لكلّ علْم مصطلحاتُه من الكلمات اللّغويّة ذات الدّلالات اللّغوية بحسب الأوضاع اللّغوية، وهي قد تخالف ما اصطلح عليه أصحاب العلم الخاصّ.

    مثل ألفاظ: "الفاعل - المفعول به - الضمير - الحال - التمييز - البدل - وغيرها" في علم النحو.
    ومثل ألفاظ: "الجمع - الطرح - الضرب - التقسيم - ونحوها" في علم الرياضيات.
    فإذا استعملت هذه الألفاظ ضمن علومها على وفق مفاهيمها الاصطلاحيّة كانت حقيقة في الْعُرف الخاص.
    وإذا استعملت في معاني أخرى ولو كانت معانيها اللّغوية الأصلية كانت مجازاً في العرف الخاص.
    ***
    (3)
    تقسيم المجاز إلى مجاز لغوي ومجاز عقلي
    ينقسم المجاز في الكلام إلى قسمين:
    القسم الأول: المجاز اللّغويّ، وهو الذي يكون التجوّز فيه باستعمال الألفاظ في غير معانيها اللّغوية أو بالحذف منها أو بالزّيادة أو غير ذلك، مثل:
    * استعمال لفظة "الأسد" للدلالة على الإِنسان الشجاع.
    * واستعمال الشراء والبيع بمعنى أخذ شيءٍ يلزم عنه ترك شيءٍ آخر.
    * واستعمال "اليد" بمعنى الإِنعام، أو بمعنى القوة والسلطان.
    * واستعمال "الإِصبع" وإرادة الأنملة التي هي جزء من الإِصبع.
    * واستعمال عبارة "أراك تقدّم رِجْلاً وَتؤخّر أُخرى" بمعنى: أراك متردّداً.

    * ومثل حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، وزيادة بعض الحروف للتأكيد أو التزيين.
    القسم الثاني: المجاز العقلي، وهو المجاز الذي يكون في الإِسناد بين مُسْنَدٍ ومُسْندٍ إليه.
    والتجوّز في هذا القسم يكون في حركة الفكر بإسناد معنىً من المعاني مدلولٍ عليه بحقيقة أو مجاز إلى غير الموصوف به في اعتقاد المتكلّم لمُلابَسَةٍ ما تُصَحِّحُ في الذّهن هذا الإِسناد تجوّزاً، بشرط وجود قرينة صارفةٍ عن إرادة كون الإِسناد على وجه الحقيقة، مثل ما يلي:
    * إسناد بناء الجسور ودوائر الحكومة ومنشآتها في الدولة إلى ملك البلاد، نظراً إلى كونه الآمِرَ ببنائها.
    * وإسناد القيام إلى ليل العابد لربّه، وإسناد الصيام إلى نهاره، مع أنّ الإِسناد الحقيقي يقتضي أن يُسْنَد القيام والصيام إلى شخص العابد.
    * وإسناد حُسْن التأليف والتصنيف إلى قلم الكاتب، مع أنّ القلب لا يُحْسِن تأليفاً ولا تصنيفاً، إنّما يُحْسِنُهما الكاتب به البارع.
    * وجعل المأكول في الرَّعْيِ الغيثَ النازل من السماء، مع أنّ المأكولَ هو الزرع الذي نبت في الأرض بسبب الغيث.
    إلى غير ذلك من أمثلة، وسيأتي إن شاء الله بيان وشرح المجاز العقلي في هذا الفصل.
    ***

    (4)
    تقسيم المجاز إلى مجاز في المفرد ومجاز في المركب ومجاز في الإِسناد ومجاز قائم على التوسّع في اللّغة دون ضابط معين
    ينقسم المجاز إلى الأقسام الأربعة التالية:
    القسم الأول: "المجاز في المفرد" وهو اللّفظ المفرد المستعمل في غير ما وضع له، كالأسد في الرجل الشجاع، وكاليد بمعنى الإِنعام.
    القسم الثاني: "المجاز في المركب" وهو اللفظ المركّب المستعمل بهيئته المركبة في غير المعنى الذي وضع له، لعلاقة ما، مع قرينة صارفة عن إرادة المعنى الأصلي، مثل:
    * أراك تقدّم رجلاً وتؤخّر أخرى، أي: حالك كحال المتردّد.
    * أنت تنفخ في رماد، أي: حالُكَ كحال من ينفخ في رماد، في ضياع الجهد.
    ومثل:
    * استعمال الْجُمَل الخبريّة بمعنى الإِنشاء.
    * استعمال الجمل الإِنشائية بمعنى الخبر.
    القسم الثالث: "المجاز في الإِسناد" وهو المجاز العقلي الذي يُسْنَد فيه الفعل أو ما في معناه إلى غير ما هو له في اعتقاد المتكلم، مثل:
    * سالَ الوادي، بإسناد السيلان إلى الوادي، مع أنّ الذي سال هو الماء فيه، والعلاقة المجاورة.
    القسم الرابع: "المجاز القائم على التوسّع في اللّغة دون ضابط معين" وهو

    المجاز الذي يكون التوسُّع اللُغويُّ فيه بوجوه مختلفة لا يجمعها ضابط معين، كالزيادة أو الحذف في بعض الكلام، وكإطلاق الماضي على المستقبل والعكس، مثل:
    * حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، نحو: اسأل القرية، أي: اسأل أهل القرية.
    * زيادة حروف في ضمن الكلام للتأكيد أو للتزيين، نحو: لفظ "ما" بعد "إذا".
    ***
    (5)
    تقسيم المجاز اللّغوي إلى استعارة ومجاز مرسل
    ينقسم المجاز اللغوي بالنظر إلى وجود علاقة بين المعنى الأصلي والمعنى المجازي، أو بين الاستعمال الأصلي والاستعمال المجازي، أو عدم ملاحظة علاقة ما، بل هو مجرّد توسّع لغوي، إلى قسمين:
    القسم الأول: "الاستعارة" وهي المجاز الذي تكون علاقته المشابهة بين المعنى الأصليّ والمعنى المجازي الذي استعمل اللّفظ للدّلالة به عليه.
    وهذه الاستعارة تكون في المفرد، وتكون في المركب كما سيأتي إن شاء الله.
    القسم الثاني: "المجاز المرسل" وهو نوعان:
    * نوعٌ توُجَدُ فيه علاقة غير المشابهة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي الذي استعمل اللّفظ للدّلالة به عليه، كاستعمال "اليد" بمعنى النعمة لعلاقة كون اليد هي الوسيلة التي تستعمل عادة في عطاء الإِنعامات، وكإسناد الفعل أو ما في معناه لغير ما هو له.
    * ونَوْعٌ لا توجد فيه علاقة فكريَّةٌ ما، وإنّما كان مجرّد توسُّع لغوي، كالمجاز بالحذف دون ملاحظة علاقة فكرية، وكالمجاز بالزيادة، وغير ذلك.

    وسُمِّيَ هذا "مجازاً مُرْسَلاً" لكونه مُرْسلاً عن التقييد بعلاقة المشابهة، سواء أكان له علاقة غير المشابهة، أمْ لم تكن له علاقة ما.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    المجاز Empty رد: المجاز

    مُساهمة من طرف أحمد السبت مايو 09, 2015 8:08 am

    المجاز اللغوي

    2- المجاز اللغوي:
    وهو الذي يكون فيه المرجع للغة بمعنى أن هناك نقلاً للكلمة من معناها الأصلي إلى معنى جديد، فإذا كانت العلاقة بين الكلمة والمعنى الجديد هي المشابهة ، فنسمي ذلك استعارة وإن كان غير المشابهة فنسميه مجازا مرسلا.
    أ- الاستعارة:
    هي نقل اللفظ من معناه الأصلي إلى معنى جديد لعلاقة المشابهة مع وجود قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي .
    أركان الاستعارة هي:
    (1) المستعار. (2) المستعار له. (3) المستعار منه.
    وإيضاح ذلك يتجلى في قوله تعالى ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ...) فكلمة (الظلمات) وكلمة (النور) كلاهم استعارة فأما الظلمات فالمقصود بها هنا الكفر أو عدم الهدى والجامع بينهما الضياع في كل منهما وعدم الوضوح فالمستعار هنا كلمة الظلمات والمستعار له الكفر والمستعار منه معنى الظلمة ومثلها في النور فالمقصود به الإيمان وبهذا ندرك أن المستعار له هو المشبه .
    قرينة الاستعارة:
    لا بد في الاستعارة من قرينة تمنع إرادة المعنى الأصلي وهي قد تكون لفظية أو معنوية فإذا قلت (رأيت أسداً يضيء القرآن قلبه ) فلا شك أنك تدرك أن كلمة (أسد) هنا استعارة والقرينة الدالة على ذلك والمانعة من إرادة المعنى الأصلي هي (يضيء القرآن قلبه ) وهي لفظية.
    الجامع: الجامع في الاستعارة هو كوجه الشبه في التشبيه.
    أقسام الاستعارة باعتبار ذكر المشبه والمشبه به:
    1ـ الاستعارة التصريحية والمكنية:
    أ‌- ( التصريحية ) وهي التي صرح فيها بالمشبه به كما في قوله تعالى ( اهدنا الصراط المستقيم) فقد شبه الإسلام هنا بالصراط المستقيم الذي لا عوج فيه بجامع التوصيل إلى الهدف في كل منهما، ثم حذف المشبه وهو الإسلام، وبقي المشبه به مصرحاً به في الكلام، ومثله الآية السابقة في الظلمات والنور .
    قال الشاعر :
    ولم أر مثلي من مشى البدر نحوه ولا رجلاً قامت تعانقه الأسد
    ففي كلمة (البدر) و( الأسد ) استعارة تصريحية لأن مراد الشاعر الافتخار بأن أصحاب الرتب يمشون إليه وليس (البدر) كما ذكر، ومراده أن الشجعان يقومون لمعانقته وليس (الأسد)، لكنه عدل عن الحقيقة فشبه مستقبليه والماشين إليه بالبدور والأسْد بجامع العلو والرفعة والشجاعة والقوة والقرينة المانعة المشي والمعانقة فهو هنا صرح بالمشبه به فالاستعارة تصريحية .
    ب‌- المكنية : وهي التي حذف فيها المشبه به و ذكر المشبه قال تعالى ( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها ) ففي كلمة الأيمان استعارة مكنية وذلك أنه شبه الأيمان بالحبال ثم حذف المشبه به ورمز إليه بشيء من لوازمه وهو النقض على سبيل الاستعارة المكنية والقرينة المانعة هنا هي (تنقضوا) وهناك قاعدة عامة تقول :-
    قرينة الاستعارة المكنية استعارة تخيلية فإسناد النقض إلى الأيمان شيء متخيل لا يلمس ولا يحس والجامع في هذه الاستعارة هو الربط والتوثيق .
    وقال تعالى ( الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه) فالنقض هو الفسخ وفك التركيب فإذا قال قائل من أين ساغ استعمال النقض في إبطال العهد قلنا من حيث تسميتهم العهد بالحبل على سبيل الاستعارة فقد شبه العهد بالحبل بجامع التوثيق والربط في كل منهما ثم حذف ورمز إليه بشيء من لوازمه وهذا من أسرار البلاغة ولطائف اللغة حيث إنهم يسكتون عن ذكر المشبه به ثم يرمزون له بشيء من لوازمه فنتبين بذلك على مكانه ووجوده ومن هذا قوله تعالى ( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ) فالمقصود هنا التواضع للوالدين والذل لهما وقد شبه الذل هنا بالطائر ثم حذف المشبه به ورمز إليه بشيء من لوازمه وهو الجناح على سبيل الاستعارة المكنية .
    وقال الشاعر:
    وإذا المنية أنشبت أظفارها ألفيت كل تميمة لا تنفع
    شبه المنية بالحيوان المفترس ثم حذف المشبه به ورمز له بشيء من لوازمه وهو ( الأظفار ) على سبيل الاستعارة المكنية والجامع في هذه الاستعارة هو الإهلاك في كل والقرينة المانعة (أنشبت أظفارها) استعارة تخيلية لو أجريت فيها .
    أقسام الاستعارة باعتبار الملائم:
    1- المرشحة هي ما يذكر فيها بعد أركان الاستعارة ما يلائم المشبه به مثل قوله تعالى ( اهدنا الصراط المستقيم) فهنا شبه الإسلام بالصراط أي الطريق بجامع الإيصال إلى الهدف في كل منهما وهذا من قبيل الاستعارة التصريحية ثم ذكر ما يناسب المشبه به وهو المستقيم وفي هذا ترشيح للاستعارة وتقوية للكلمة المستعارة.
    وقوله تعالى( وهو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها ) شبه الأرض بالحيوان ثم ذكر ما يلائم الحيوان وهو(مناكبها) على سبيل الاستعارة التصريحية المرشحة.
    2- المجردة : وهي عكس المرشحة يذكر فيها ما يلائم المشبه كما قال تعالى( وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ) شبه الريح التي لا مطر بها بالمرأة التي لا تلد(العقيم)، ثم ذكر ما يناسب المشبه ( ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم ) وهذا يناسب المشبه وهو الريح على سبيل الاستعارة المجردة .
    3- المطلقة : وهي التي لا يذكر معها شيء يلائم أحد الطرفين أو يذكر ما يلائمهما معاً قال تعالى ( لتخرج الناس من الظلمات إلى النور ) فشبه الكفر بالظلمات والإسلام بالنور ولم يذكر بعدهما شيء .
    من بلاغة الاستعارة في القرآن الكريم:
    قال تعالى (ولأصلبنكم في جذوع النخل) فهنا استعمل حرف الجر وهو للظرفية مكان الحرف (على) وهو للاستعلاء لأنه من المقرر أن فرعون صلبهم على الجذوع لا فيها لكن لما أريد بيان كثرة المصلوبين وكثرة الجذوع التي صلبوا عليها فهي بعمومها تحيط بهم وهم في وسطها جاء التعبير بالظرفية ( في ) وأيضاً ففيها دلالة على شدة العذاب حيث إنه ـ كما يصور الحرف المذكور ـ قد صلبهم مقطوعي في الأطراف على الجذوع حتى كأنه الناظر إليهم لا يميزهم من الجذوع وبهذا يكون الجذع كأنه قد أحاط بهم فكأنهم فيه لا عليه.
    قال تعالى ( وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ) فكلمة ( يموج ) استعارة لأن الذي يموج هو الماء لا الإنسان لكن اختير هذا اللفظ بدلا من أن يقال: يدخل بعضهم في بعض لما لهذه الكلمة من دلالة في تصوير العدد الهائل من البشر في موقف الزحام فلا ترى العين إلا ما تراه في البحر الزاخر من حركة وتموج واضطراب.
    قال تعالى ( وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون ) فكلمة نسلخ استعارة والمقصود (نزيل) وهي تصور للعين انحسار الضوء عن الكون قليلا قليلا وتصور دبيب الظلام إليه في بطء حتى إذا تراجع الضوء ظهر ما كان مختفياً من ظلمة الليل والكون كما يقرر علماء الفلك يغرق في ظلام هائل.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 14, 2024 9:26 pm