ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    الأخلاقيَّات التي ينبغي أن يتحلى بها المحقق عند ضبط النصِّ وتحقيقه

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الأخلاقيَّات التي ينبغي أن يتحلى بها المحقق عند ضبط النصِّ وتحقيقه Empty الأخلاقيَّات التي ينبغي أن يتحلى بها المحقق عند ضبط النصِّ وتحقيقه

    مُساهمة من طرف أحمد الأحد فبراير 03, 2013 9:25 pm

    الأخلاقيَّات التي ينبغي أن يتحلى بها المحقق عند ضبط النصِّ وتحقيقه :

    إن الحمد لله ، نحمده تعالى ، ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ، ومن سيِّئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهدُ أن لا إله إلّا الله ، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله ، أما بعد :

    مما لاشك فيه أن التحقيق ليس مجرد عمليات إجرائية ، تقوم على جمع المخطوطات ، والمقابلة بينها ، وتخريج النصوص والتعريف بمواد المخطوط فحسب، وإنما هو قبل ذلك كله ، كما يرى الأستاذ : أحمد محمود شاكر ، (زادٌ علميٌّ كبيرٌ)، جمعه الممارسُ من سنوات دراسته ، ومطالعاته ، وسياحته العريضة ، في مجالات التراث الكثيرة والمتنوعة ، وسبر أغوارها ، واطلاعٍ على أعماق فكر الأمة ، وقيمها الثابتة ، وشخصيتها الشامخة .

    إن ثقافة ذلك المحقق ؛ تقوم على منظومة تتكون من عناصر ثلاثة :
    أولاً : العلم النظري .
    ثانياً : الخبرة العملية ,
    ثالثاً : الممارسة الدؤوبة .
    لذا هو نوعٌ من الصناعات المعقدة ، لما تتسم به من السِّعة والتشعب ، لا يؤهَّل للقيام بها ؛ من لم يتصف بأنه : { القوي الآمين }.
    ولا بد لمن يتصدي لتحقيق التراث المخطوط من امتلاكه ، زمام أداتين أساسيتين :
    الأولى : تتصل بما يمكن أن نسميه بــ(المنهجية العلمية القويمة) .
    والثانية : تتصل بما يمكن أن نسميه ، بــ(المرجعية الواسعة السليمة) .

    كما لا بد له من أدواتٍ مكملة تتمثل بالمعرفة اللغوية ، وضبظ ما يلزم من المصطلحات المتعلقة ، بعلم المخطوط ، وعلم التحقيق .

    وأخيرا لا بد من أن يتحلى المحقق بالأخلاقيات التي تكسب عمله ، قيمة ً عالية رفعيةً ، وكل ذلك يندرج تحت مظلة ما يمكن أن نطلق عليه : "ثقافة المحقق" .

    ولتقريب دراسة "ثقافة المحقق" يمكننا أن نصنفها ؛ إلي خمسة أنواعٍ :
    أولاً : الثفافة اللُّغوية .
    ثانياً : الثقافة المصطلحيَّة .
    ثالثاً : الثقافة المنهجيَّة .
    رابعاً : الثقافة المرجعيَّة .
    خامساً : الثقافة الأخلاقيَّة .

    أولاً :الثقافة اللُّغوية :
    إن اللغة لا تقتصر أهميتها ؛ على كونها أداةٌ للتفكير والتعبير ، وإنما تتجاوز ذلك لكونها ؛ العنصر الأساسي ؛ في الثفافة والهوية ، فهذا الوعاء الذي حمل ذلك التراث الحضاري ، صار جزءاً منه ، والتعامل مع أي نصٍ من النصوص ينبغي أن يأخذ ذلك بعين الاعتبار ، مهما كان نوع العلم ، الذي يتوجه إلى التحقيق فيه .

    فلابد للمحقق من التمكن من النحو ، والصرف ، وأساليب العربية ، وأشكال بلاغتها ، وتطور دلالات الألفاظ ، وقواعد الرسم والكتابة ، وأنواع الخطوط ، وتطورها ، عبر العصور المختلفة ، ولا بد من الاطلاع علىالمعجمات العربية ، ومعرفة أنواعها ، وطرق استخدامها ، والإفادة منها ، ثم إن لكلِّ عصرٍ ؛ سماته اللغوية الرائجة ، التي يجب التنبه من أجل حسن فهم النص ، وحسن التعامل معه .

    وقد جعل الشاهد البوشيخي ، من أوجه معضلة التعامل مع التراث : "وجه فهم الألفاظ اللغوية والاصطلاحية" ، إذ هو تراث قرون وقرون ، والمعاجم اللغوية _ على كثرتها _ اهتمت أو كادت لا تهتم إلَّا بلغة بعض القرون ، وهو تراث أعلام ٍ ، ومدارس ، واتجاهات ، وعلومٍ ، وفنونٍ ، وصناعات ، ولكل صنعةٍ ألفاظ ، ولكلِّ قومٍ ألفاظ .....والمعاجم الاصطلاحية على _قلتها_ لم تعن ، أو كادت لا تعني إلَّا برأي الجمهور ، في اصطلاحات العلوم والفنون ، وحتى الآن ؛ لما ينجز المعجم التاريخي ؛ للغة العربية ، ووجه فهم مقاله ، في إطار مقامه ، زماماً ومكاناً ، ومخاطَباً ومخاطِباً ، فكما أنه عند البيان ؛ لكلِّ مقامٍ مقالٍ ، فكذلك عند التبيِّين ؛ لكلِّ مقامٍ مقام ، وقياساً على بلاغة البيان ، يجوز القول ببلاغة التبيين ، ولا حظ في الفهم والوصل ؛ لمن أقام منهج تبيينه ، أو قرأءته _بلغة بعض أهل العصر_ على القطع ، أو العزل .

    وإن التمكن من كلِّ ما سبق من النقاط ، سوف يوظف خلال عملية التحقيق ؛ فيما يأتي :
    · فهم النص فهماً جيداً ، مما يؤدي إلى تجنب تشويه النص ، وإخراجه بصورة ٍ بعيدةٍ عمَّا يريده المؤلف .
    · التمكن من توجيه العبارة ، وترجيح قرآءة على أخرى .
    · التمكن من تصحيح النصِّ ، بناءً على الضوابط اللغوية المتعارف عليها ، خطَّاً ، ونحواً ، ولغةً .
    · التمكن من تحديد دلالات الألفاظ الواردة في المخطوط .
    · التمكن من قرآءة ما يُشكل من المخطوط ، فإن بعض المخطوطات ، كتبت برسمٍ يعسر تبيُّن ملامحه ، إلَّا على الخبير المتمرس بقرآءة المخطوط .
    · التمكمن من معرفة اللغة الصحيحة ، الجارية على ألسن القدماء ، كيلا يقع في التصحيف ، والتحريف ، خصوصاً ؛ في عناوين الكتب . فلا يقرأ مثلاً عنوان كتاب " معجم السفر" للحافظ السكفي " معجم الشعر" .
    · التمكن من التعرف على أسلوب المؤلف .
    · التمكن من ربط عبارات المؤلف ببعضها ، مما يقرب النص ، وييسره على القارئ .
    · التمكن من نسبة الكتاب إلى عصرٍ معينٍ ، في حال جهل مؤلفه ، وذلك ؛ من خلال معرفة طبيعة التراكيب الخاصة ، والمعجم اللغوي ، وبعض الخصائص المتعلقة بحروف الجر ، واستعمال المجاز والأفعال .


    هذا ؛ وإلى الثفافة المصطلحية في اللقاء القادم إن شاء الله .

    مقالات الدكتور : محمود المصري .

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 14, 2024 6:33 pm