ما معنى قول العلماء : العادة محكمة؟
الكاتب : عبد الجليل مبرور
هذه إحدى القواعد الخمس الكبرى وقد وردت في أغلب كتب القواعد الفقهية بهذه الصيغة، أو بما يدل على مضمونها، كما وردت في بعض كتب أصول الفقه، وكتب في معناها، وما يتعلق بها كتب مستقلة.
يعني الفقهاء بهذه القاعدة أنه يرجع في تحديد المراد من بعض الألفاظ الشرعية، والألفاظ التي يتعامل بها الناس، وبناء الأحكام الشرعية عليها إلى عادة الناس وما تعارفوا عليه، وذلك إذا لم يرد الشرع بتحديده، ولم يتضمن المعنى اللغوي للفظ تحديدا وتقديرا له.([16])
شروط الاستدلال بالعرف و العادة :
سبق أن علمنا أن العرف المعتبر عند الفقهاء هو ما كان صحيحا، وكي يكون صحيحا فلا بد من توافر الشروط التالية :
الشرط الأول : أن تكون العادة مطردة أو غالبة
قال السيوطي : " إنما تعتبر العادة إذا اطردت فإن اضطربت فلا "([17])
ومعنى هذا أن العادة يجب أن تكون معمولا بها في كل الأوقات وأن تكون سمة غالبة لبلد معين تنصرف الأذهان إليها عند كل إطلاق في معاملاتهم، ومعنى اضطرابها أن يتردد معنى اللفظ في معاملات الناس وإطلاقاتهم بين معان مشتركة تساوت في القوة فلا يدرى على ماذا يحمل قصدهم، وهنا يجب البيان حال المعاملة بما يزيل كل إبهام أو إشكال .
وقد مثل لها السيوطي وغيره بأمثلة منها :
منها : باع شيئا بدراهم و أطلق نزل على النقد الغالب فلو اضطربت العادة في البلد وجب البيان و إلا يبطل البيع
و منها : غلبت المعاملة بجنس من العروض أو نوع منه انصرف الثمن إليه عند الإطلاق في الأصح كالنقد
و منها : استأجر للخياطة و النسخ و الكحل فالخيط و الحبر و الكحل على من ؟ خلاف صحح الرافعي في الشرح الرجوع فيه إلى العادة فإن اضطربت وجب البيان و إلا فتبطل الإجارة....([18])
وهنا نصطدم مع إشكال وهو هل يلزم من كونها مطردة ألا يكون فيها انخرام في آحاد هذه العادة؟ أي هل حكمها أغلبي أم كلي؟
من المعلوم عند الفقهاء أن مبنى الأحكام الشرعية يكون للغالب ولا عبرة بالشذوذ أو انخرام بعض آحاد القواعد، لكون كل قاعدة فقهية لها استثناءات، وعامة هذه الاستثناءات لا ترقى لمستوى إبطال القاعدة وإسقاطها، فالنادر في الشرع لا حكم له، وهو ما عبر عنه العلماء بقولهم إنما العبرة بالغالب.
فيقول الشاطبي رحمه الله : " وإذا كانت العوائد معتبرة شرعا فلا يقدح في اعتبارها انخراقها ما بقيت عادة على الجملة وإنما ينظر في انخراقها، ومعنى انخراقها أنها تزول بالنسبة إلى جزئي فيخلفها في الموضع حالة إما من حالات الأعذار المعتادة في الناس أو من غير ذلك"([19])
ويقول محمد صدقي البرنو :" أن تكون العادة مطردة، أي أن العمل بموجبها مستمر بين الناس أو معظمهم في شؤون حياتهم، لأن العادة إذا كان يعمل بها في وقت دون وقت لا تصلح أن تكون حكما.
وكذلك يشترط أن تكون العادة غالبة شائعة بين الناس فلا اعتبار لعادة يعمل بها فئة من الناس ولا يعمل بها آخرون"([20])
ويقول عزت عبيد الدعاس :" إنما العادة المعتبرة التي تبنى عليها الأحكام الشرعية إنما هي المطردة أو الغالبة ، وإن الشيوع في الأكثر كاف إذ لا عبرة للأقل، والعادة المطردة تنزل منزلة الشرط"([21])
الشرط الثاني : العرف الذي تحمل عليه الألفاظ إنما هو المقارن السابق دون المتأخر ([22])
قال الرافعي : العادة الغالبة إنما تؤثر في المعاملات لكثرة وقوعها و رغبة الناس فيما يروج في النفقة غالبا ولا يؤثر في التعليق و الإقرار بل يبقى اللفظ على عمومه فيها .
يقول مصطفى الزرقا :" إنما تعتبر العادة إذا كانت سابقة، فلا عبرة بالعرف الطارئ"([23])
ومعنى هذا أن هذا القيد مهم جدا لكون معاملات الناس يجب أن تحمل على ما تعارفوه من عادات وقت إنجازها، ولا يمكن حمل إطلاقاتهم ومقاصدهم على ما طرأ وحدث من عادات بعد ذلك، ما لم يوجد تصريح بخلافه وقت المعاملة فيعد نقلا عن الأصل المتعارف عليه وبالتالي يجب المصير إليه ولا بد، لأن العرف المطردة ينزل منزلة الشرط كما يقول الفقهاء، فالتصريح بخلافه تصريح بإلغاءه صراحة.
ومثال ذلك :
و لو أقر بألف مطلقة في بلد دراهمه ناقصة لزمه الناقصة في الأصح و قيل يلزمه وافية لعرف الشرع و لا خلاف أنه لو اشترى بألف في هذه البلد لزمه الناقصة لأن البيع معاملة و الغالب : أن المعاملة تقع بما يروج فيها بخلاف الإقرار .([24])
الشرط الثالث : أن لا يخالف نصا ثابتا أو أصلا شرعيا قطعيا([25])
لأن في ذلك ذهاب للشريعة و هدم لأركانها ، فالناس اليوم قد تعارفوا شتى أصناف المنكرات، وقد عمت بها البلوى كشرب الخمر والحكم بالتشريعات الوضعية والنظم الغربية وفتح الحانات والتعامل بشتى أنواع العقود الفاسدة والغرر والجهالة و لبس الحرير والذهب للرجال و لعب القمار واليانصيب والحجاب المتبرج فضلا عن التبرج، ومضاحكة الرجل للمرأة والاختلاط والانفراد بالنساء وتشييع الجنائز مع النساء وملامسة النساء للرجال في الأماكن العامة ووسائل النقل، والفن الهابط والوضيع ، والتمثيل الفاضح والخليع والبناء على المقابر وتسريجها وغيرها من صنوف الفساد الأخلاقي والاجتماعي والاقتصادي مما لا يمكن أن يستحله إلا فاسق وخارج عن الملة بالإجماع.
لذلك فتعارض العرف مع الشرع .
هو نوعان :
أحدهما : أن لا يتعلق بالشرع حكم ، فيقدم عليه عرف الاستعمال .
فلو حلف لا يأكل لحما ؛ لم يحنث بالسمك ، وإن سماه الله لحما ، أو لا يجلس على بساط أو تحت سقف أو في ضوء سراج ، لم يحنث بالجلوس على الأرض وإن سماها الله بساطا ، ولا تحت السماء ، وإن سماها الله سقفا ، ولا في الشمس ، وإن سماها الله سراجا ، أو لا يضع رأسه على وتد ، لم يحنث بوضعها على جبل ، أو لا يأكل ميتة أو دما ، لم يحنث بالسمك والجراد والكبد والطحال ، فقدم العرف في جميع ذلك ؛ لأنها استعملت في الشرع تسمية بلا تعلق حكم وتكليف .
والثاني : أن يتعلق به حكم فيقدم على عرف الاستعمال .
فلو حلف لا يصلي ؛ لم يحنث إلا بذات الركوع والسجود أو لا يصوم ، لم يحنث بمطلق الإمساك ، أو لا ينكح حنث بالعقد لا بالوطء .
أو قال : إن رأيت الهلال فأنت طالق ، فرآه غيرها ، وعلمت به ، طلقت ، حملا له على الشرع فإنها فيه بمعنى العلم لقوله :" إذا رأيتموه فصوموا "([26]) .
ولو كان اللفظ يقتضي العموم ، والشرع يقتضي التخصيص ، اعتبر خصوص الشرع في الأصح .
فلو حلف لا يأكل لحما لم يحنث بالميتة ، أو لا يطأ لم يحنث بالوطء في الدبر على ما رجحه في كتاب الأيمان ، أو أوصى لأقاربه لم تدخل ورثته عملا بتخصيص الشرع إذ لا وصية لوارث أو حلف لا يشرب ماء ، لم يحنث بالمتغير كثيرا بزعفران ونحوه .([27])
وقد جاء في مجلة المجمع (ع 5، ج4 ص 2921)
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1-6 جمادى الأول 1409هـ الموافق10-15 كانون الأول (ديسمبر)1988م،
بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع العرف ، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله ،
قرر ما يلي :
أولا : يراد بالعرف ما اعتاده الناس وساروا عليه من قول أو فعل أو ترك ، وقد يكون معتبرا شرعا أو غير معتبر .
ثانيا : العرف ، إن كان خاصا ، فهو معتبر عند أهله ، وإن كان عاما ، فهو معتبر في حق الجميع .
ثالثا : العرف المعتبر شرعا هو ما استجمع الشروط الآتية :
أ - أن لا يخالف الشريعة ، فإن خالف العرف نصا شرعيا أو قاعدة من قواعد الشريعة فإنه عرف فاسد .
ب - أن يكون العرف مطردا (مستمرا ) أو غالبا .
ج - أن يكون العرف قائما عند إنشاء التصرف .
د - أن لا يصرح المتعاقدان بخلافه ، فإن صرحا بخلافه فلا يعتد به .
رابعا : ليس للفقيه - مفتيا كان أو قاضيا - الجمود على المنقول في كتب الفقهاء من غير مراعاة تبدل الأعراف .
والله أعلم
المصادر والمراجع :
([16])القواعد والضوابط الفقهية المتضمنة للتيسير(1/298)
([17]) الأشباه والنظائر (ص130)
([18]) الأشباه والنظائر (ص130)
([19]) الموافقات (2/495)
([20]) موسوعة القواعد الفقهية (7/338) شرح القواعد الفقهية للزرقا (233)
([21]) القواعد الفقهية مع الشرح الموجز (ص 50)
([22]) الأشباه والنظائر (136)
([23]) شرح تنقيح الفصول (165)شرح القواعد الفقهية للزرقا (220) موسوعة القواعد الفقهية (7/401)
([24]) الأشباه والنظائر(136)
([25]) مجموعة رسائل ابن عابدين (2/115)
([26]) البخاري(1900)ومسلم(1080)
([27]) الأشباه والنظائر(ص131)
الكاتب : عبد الجليل مبرور
هذه إحدى القواعد الخمس الكبرى وقد وردت في أغلب كتب القواعد الفقهية بهذه الصيغة، أو بما يدل على مضمونها، كما وردت في بعض كتب أصول الفقه، وكتب في معناها، وما يتعلق بها كتب مستقلة.
يعني الفقهاء بهذه القاعدة أنه يرجع في تحديد المراد من بعض الألفاظ الشرعية، والألفاظ التي يتعامل بها الناس، وبناء الأحكام الشرعية عليها إلى عادة الناس وما تعارفوا عليه، وذلك إذا لم يرد الشرع بتحديده، ولم يتضمن المعنى اللغوي للفظ تحديدا وتقديرا له.([16])
شروط الاستدلال بالعرف و العادة :
سبق أن علمنا أن العرف المعتبر عند الفقهاء هو ما كان صحيحا، وكي يكون صحيحا فلا بد من توافر الشروط التالية :
الشرط الأول : أن تكون العادة مطردة أو غالبة
قال السيوطي : " إنما تعتبر العادة إذا اطردت فإن اضطربت فلا "([17])
ومعنى هذا أن العادة يجب أن تكون معمولا بها في كل الأوقات وأن تكون سمة غالبة لبلد معين تنصرف الأذهان إليها عند كل إطلاق في معاملاتهم، ومعنى اضطرابها أن يتردد معنى اللفظ في معاملات الناس وإطلاقاتهم بين معان مشتركة تساوت في القوة فلا يدرى على ماذا يحمل قصدهم، وهنا يجب البيان حال المعاملة بما يزيل كل إبهام أو إشكال .
وقد مثل لها السيوطي وغيره بأمثلة منها :
منها : باع شيئا بدراهم و أطلق نزل على النقد الغالب فلو اضطربت العادة في البلد وجب البيان و إلا يبطل البيع
و منها : غلبت المعاملة بجنس من العروض أو نوع منه انصرف الثمن إليه عند الإطلاق في الأصح كالنقد
و منها : استأجر للخياطة و النسخ و الكحل فالخيط و الحبر و الكحل على من ؟ خلاف صحح الرافعي في الشرح الرجوع فيه إلى العادة فإن اضطربت وجب البيان و إلا فتبطل الإجارة....([18])
وهنا نصطدم مع إشكال وهو هل يلزم من كونها مطردة ألا يكون فيها انخرام في آحاد هذه العادة؟ أي هل حكمها أغلبي أم كلي؟
من المعلوم عند الفقهاء أن مبنى الأحكام الشرعية يكون للغالب ولا عبرة بالشذوذ أو انخرام بعض آحاد القواعد، لكون كل قاعدة فقهية لها استثناءات، وعامة هذه الاستثناءات لا ترقى لمستوى إبطال القاعدة وإسقاطها، فالنادر في الشرع لا حكم له، وهو ما عبر عنه العلماء بقولهم إنما العبرة بالغالب.
فيقول الشاطبي رحمه الله : " وإذا كانت العوائد معتبرة شرعا فلا يقدح في اعتبارها انخراقها ما بقيت عادة على الجملة وإنما ينظر في انخراقها، ومعنى انخراقها أنها تزول بالنسبة إلى جزئي فيخلفها في الموضع حالة إما من حالات الأعذار المعتادة في الناس أو من غير ذلك"([19])
ويقول محمد صدقي البرنو :" أن تكون العادة مطردة، أي أن العمل بموجبها مستمر بين الناس أو معظمهم في شؤون حياتهم، لأن العادة إذا كان يعمل بها في وقت دون وقت لا تصلح أن تكون حكما.
وكذلك يشترط أن تكون العادة غالبة شائعة بين الناس فلا اعتبار لعادة يعمل بها فئة من الناس ولا يعمل بها آخرون"([20])
ويقول عزت عبيد الدعاس :" إنما العادة المعتبرة التي تبنى عليها الأحكام الشرعية إنما هي المطردة أو الغالبة ، وإن الشيوع في الأكثر كاف إذ لا عبرة للأقل، والعادة المطردة تنزل منزلة الشرط"([21])
الشرط الثاني : العرف الذي تحمل عليه الألفاظ إنما هو المقارن السابق دون المتأخر ([22])
قال الرافعي : العادة الغالبة إنما تؤثر في المعاملات لكثرة وقوعها و رغبة الناس فيما يروج في النفقة غالبا ولا يؤثر في التعليق و الإقرار بل يبقى اللفظ على عمومه فيها .
يقول مصطفى الزرقا :" إنما تعتبر العادة إذا كانت سابقة، فلا عبرة بالعرف الطارئ"([23])
ومعنى هذا أن هذا القيد مهم جدا لكون معاملات الناس يجب أن تحمل على ما تعارفوه من عادات وقت إنجازها، ولا يمكن حمل إطلاقاتهم ومقاصدهم على ما طرأ وحدث من عادات بعد ذلك، ما لم يوجد تصريح بخلافه وقت المعاملة فيعد نقلا عن الأصل المتعارف عليه وبالتالي يجب المصير إليه ولا بد، لأن العرف المطردة ينزل منزلة الشرط كما يقول الفقهاء، فالتصريح بخلافه تصريح بإلغاءه صراحة.
ومثال ذلك :
و لو أقر بألف مطلقة في بلد دراهمه ناقصة لزمه الناقصة في الأصح و قيل يلزمه وافية لعرف الشرع و لا خلاف أنه لو اشترى بألف في هذه البلد لزمه الناقصة لأن البيع معاملة و الغالب : أن المعاملة تقع بما يروج فيها بخلاف الإقرار .([24])
الشرط الثالث : أن لا يخالف نصا ثابتا أو أصلا شرعيا قطعيا([25])
لأن في ذلك ذهاب للشريعة و هدم لأركانها ، فالناس اليوم قد تعارفوا شتى أصناف المنكرات، وقد عمت بها البلوى كشرب الخمر والحكم بالتشريعات الوضعية والنظم الغربية وفتح الحانات والتعامل بشتى أنواع العقود الفاسدة والغرر والجهالة و لبس الحرير والذهب للرجال و لعب القمار واليانصيب والحجاب المتبرج فضلا عن التبرج، ومضاحكة الرجل للمرأة والاختلاط والانفراد بالنساء وتشييع الجنائز مع النساء وملامسة النساء للرجال في الأماكن العامة ووسائل النقل، والفن الهابط والوضيع ، والتمثيل الفاضح والخليع والبناء على المقابر وتسريجها وغيرها من صنوف الفساد الأخلاقي والاجتماعي والاقتصادي مما لا يمكن أن يستحله إلا فاسق وخارج عن الملة بالإجماع.
لذلك فتعارض العرف مع الشرع .
هو نوعان :
أحدهما : أن لا يتعلق بالشرع حكم ، فيقدم عليه عرف الاستعمال .
فلو حلف لا يأكل لحما ؛ لم يحنث بالسمك ، وإن سماه الله لحما ، أو لا يجلس على بساط أو تحت سقف أو في ضوء سراج ، لم يحنث بالجلوس على الأرض وإن سماها الله بساطا ، ولا تحت السماء ، وإن سماها الله سقفا ، ولا في الشمس ، وإن سماها الله سراجا ، أو لا يضع رأسه على وتد ، لم يحنث بوضعها على جبل ، أو لا يأكل ميتة أو دما ، لم يحنث بالسمك والجراد والكبد والطحال ، فقدم العرف في جميع ذلك ؛ لأنها استعملت في الشرع تسمية بلا تعلق حكم وتكليف .
والثاني : أن يتعلق به حكم فيقدم على عرف الاستعمال .
فلو حلف لا يصلي ؛ لم يحنث إلا بذات الركوع والسجود أو لا يصوم ، لم يحنث بمطلق الإمساك ، أو لا ينكح حنث بالعقد لا بالوطء .
أو قال : إن رأيت الهلال فأنت طالق ، فرآه غيرها ، وعلمت به ، طلقت ، حملا له على الشرع فإنها فيه بمعنى العلم لقوله :" إذا رأيتموه فصوموا "([26]) .
ولو كان اللفظ يقتضي العموم ، والشرع يقتضي التخصيص ، اعتبر خصوص الشرع في الأصح .
فلو حلف لا يأكل لحما لم يحنث بالميتة ، أو لا يطأ لم يحنث بالوطء في الدبر على ما رجحه في كتاب الأيمان ، أو أوصى لأقاربه لم تدخل ورثته عملا بتخصيص الشرع إذ لا وصية لوارث أو حلف لا يشرب ماء ، لم يحنث بالمتغير كثيرا بزعفران ونحوه .([27])
وقد جاء في مجلة المجمع (ع 5، ج4 ص 2921)
إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1-6 جمادى الأول 1409هـ الموافق10-15 كانون الأول (ديسمبر)1988م،
بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع العرف ، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله ،
قرر ما يلي :
أولا : يراد بالعرف ما اعتاده الناس وساروا عليه من قول أو فعل أو ترك ، وقد يكون معتبرا شرعا أو غير معتبر .
ثانيا : العرف ، إن كان خاصا ، فهو معتبر عند أهله ، وإن كان عاما ، فهو معتبر في حق الجميع .
ثالثا : العرف المعتبر شرعا هو ما استجمع الشروط الآتية :
أ - أن لا يخالف الشريعة ، فإن خالف العرف نصا شرعيا أو قاعدة من قواعد الشريعة فإنه عرف فاسد .
ب - أن يكون العرف مطردا (مستمرا ) أو غالبا .
ج - أن يكون العرف قائما عند إنشاء التصرف .
د - أن لا يصرح المتعاقدان بخلافه ، فإن صرحا بخلافه فلا يعتد به .
رابعا : ليس للفقيه - مفتيا كان أو قاضيا - الجمود على المنقول في كتب الفقهاء من غير مراعاة تبدل الأعراف .
والله أعلم
المصادر والمراجع :
([16])القواعد والضوابط الفقهية المتضمنة للتيسير(1/298)
([17]) الأشباه والنظائر (ص130)
([18]) الأشباه والنظائر (ص130)
([19]) الموافقات (2/495)
([20]) موسوعة القواعد الفقهية (7/338) شرح القواعد الفقهية للزرقا (233)
([21]) القواعد الفقهية مع الشرح الموجز (ص 50)
([22]) الأشباه والنظائر (136)
([23]) شرح تنقيح الفصول (165)شرح القواعد الفقهية للزرقا (220) موسوعة القواعد الفقهية (7/401)
([24]) الأشباه والنظائر(136)
([25]) مجموعة رسائل ابن عابدين (2/115)
([26]) البخاري(1900)ومسلم(1080)
([27]) الأشباه والنظائر(ص131)