اسم التفضيل
1- هو الاسم المُصُوغ من المصدر للدلالة على أن شيئين اشتركا في صفة، وزاد أحدهما على الآخر في تلك الصفة.
2- وقياسه أن يأتي على «أَفْعَل» كزيد أكرم من عمرو، وهو أعظم منه، وخرج عن ذلك ثلاثة ألفاظ أتت بغير همزة وهي: خَيْرٌ وَشرٌّ وَحبٌّ، نحو: خيرٌ منه وشرٌّ منه وقوله:
وحَبُّ شَيءٍ إلاَّ الإنسان ما مُنِعَا ***
وحذفت همزتهن لكثرة الاستعمال، وقد ورد استعمالهُنَّ بالهمزة على الأصل كقوله:
بلالُ خيرُ النَّاسِ وابن الأخْيَرِ ***
وكقراءة بعضهم: {سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الأشَرُّ} (القمر: 26)، بفتح الهمزة والشين وتشديد الراء وكقوله صلى اللّه عليه وسلم: «أحبُّ الأعمال إلى اللّه أدْوَمُها وإن قَلَّ»، وقيل حذفها ضرورة في الأخير وفي الأولين لأنهما لا فعل لهما ففيهما شذوذان على ما سيأتي.
وله ثمانية شروط:
الأول: أن يكون له فِعْل، وشذّ مما لا فعلَ له: كهو أقْمَن بكذا: أي أحق به، وألَصُّ من شِظاظ، بَنَوْهُ مِنْ قولهم: هو لِصّ أي سارق.
والثاني: أن يكون الفعل ثُلاثياً، وشذّ: هذا الكلام أخْصَرُ من غيره، مِن اخْتُصِر المبني للمجهول، ففيه شذوذ آخر كما سيأتي، وسُمع هو أعطاهم بالدراهم، وأولاهم للمعروف، وهذا المكان أقفر من غيره، وبعضهم جوَّز بناءه من أفعل مطلقاً، وبعضهم جوَّزه إن كانت الهمزة لغير النقل.
والثالث: أن يكون الفعل متصرفاً، فخرج نحو: عَسى ولَيْس، فليس له أفعل تفضيل.
والرابع: أن يكون حدثه قابلاً للتفاوت، فخرج نحو: مات وفَنِي، فليس له أفعل تفضيل.
والخامس: أن يكون تاماً، فخرجت الأفعال الناقصة لأنها لا تدل على الحدث.
السادس: ألاّ يكون مَنفيًّا ولو كان النفي لازماً، نحو: ما عاج زيد بالدواء أي ما انتفع به، لئلا يلتبس المنفيّ بالمثبت.
والسابع: ألاّ يكون الوصف منه على أفْعَل الذي مؤنثه فَعْلاء، بأن يكون دالا على لون أو عيب أو حلية لأن الصيغة مشغولة بالوصف عن التفضيل وأهل الكوفة يصوغونه من الأفعال التي الوصف منها على أفعل مطلقاً، وعليه درج المتنبي يخاطب الشيب، قال:
أبْعَد بَعِدْتَ بياضاً لا بياضَ لهُ *** لأنت أسودُ في عَيْنِي مِنَ الظُّـلَمِ
وقال الرضِيّ في شرح الكافية: ينبغي المنع في العيوب والألوان الظاهرة، بخلاف الباطنة، فقد يُصاغ من مصدرها، نحو: فلان أبْلَهُ من فلان، وَأرْعَنُ، وأحْمَقُ منه.
والثامن: ألاّ يكون مبنيا للمجهول ولو صورة لئلا يلتبس بالآتي من المبني للفاعل وسمع شذوذاً» هو أزْهَى من دِيك» و«أشغل مِنْ ذَاتِ النِّحْيَيْن»، وكلامٌ أخْصَرُ من غيره، من زُهِيَ بمعنى تكبر، وشُغِل، واخْتُصِرَ، بالبناء للمجهول فيهن، وقيل إن الأوَّل قد ورد فيه زَهَا يَزْهو، فإذنْ لا شُذُوذَ فيه.
4- ولاسم التفضيل باعتبار اللفظ ثلاث حالات:
الأولى: أن يكون مجرَّد من أل والإضافة وحينئذ يجب أن يكون مفرداً مذكراً وأن يأتي بعده بمن جارة للمفضل عليه، نحو قوله تعالى: {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبّ إِلَىَ أَبِينَا مِنّا} (يوسف: 8)، وقوله: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَآ أَحَبّ إِلَيْكُمْ مّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ} (التوبة: 24).
وقد تحذف من ومدخولها، نحو: {وَالأَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىَ} (الأعلى: 17)، وقد جاء الحذف والإثبات في: {أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزّ نَفَراً} (الكهف: 34).
الثانية: أن يكون فيه أل فيجب أن يكون مطابقاً لموصوفه وأن لا يُؤْتَى معه بِمِن، نحو: محمد الأفضلُ، وفاطمة الفُضلى، والزيدان الأفضلان، والزيدون الأفضلون، والهِنْدات الفُضَليَات، أو الفُضَلُ.
وأما الإتيان معه بمن مع اقترانه بأل في قول الأعشى:
ولسْتُ بالأكْثَرِ مِنْهُمْ حَصىً *** وإنَّمَـا العِــزَّةُ للكَـاثِـر
فخُرِّج على زيادة «أل»، أو أنَّ «مِنْ» متعلقة بأكثر نكرة محذوفة، مُبْدلاً من أكثر الموجودة.
الثالثة: أن يكون مضافاً.
فإن كانت إضافته لنكرة التزم فيه الإفراد والتذكير كما يلزمان المجرَّد لاستوائهما في التنكير ولزمت المطابقة في المضاف إليه، نحو: الزيدان أفضل رجلين والزيدون أفضل رجال وفاطمة أفضل امرأة، وأما قوله تعالى: {وَلاَ تَكُونُوَاْ أَوّلَ كَافِرٍ بِهِ} (البقرة: 41)، فعلى تقدير موصوف محذوف، أي أول فريق.
وإن كانت إضافته لمعرفة جازت المطابقة وعدمها، كقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا} (الأنعام: 123)، وقوله: {وَلَتَجِدَنّهُمْ أَحْرَصَ النّاسِ عَلَىَ حَيَاةٍ} (البقرة: 96)، بالمطابقة في الأوَّل وعدمها في الثاني.
5- وله باعتبار المعنى ثلاث حالات أيضاً:
الأولى: ما تقدَّم شرحه، وهو الدلالة على أن شيئين اشتركا في صفة، وزاد أحدهما على الآخر فيها.
الثانية: أن يُراد به أن شيئاً زاد في صفة نفسه، على شيء أخر في صفته، فلا يكون بينها وصف مشترك كقولهم: العسلُ أحْلَى من الخَلّ، والصيف أحرُّ من الشتاء. والمعنى: أن العسل زائد في حلاوته على الخَلّ في حُموضته، والصيف زائد في حره على الشتاء في برده.
الثالثة: أي يراد به ثبوت الوصف لمحلّه، من غير نظر إلى تفضيل، كقولهم: «الناقصُ والأشَجُّ أعدلا بني مَرْوان»: أي هما العادلان، ولا عدلَ في غيرهما، وفي هذه الحالة تجب المطابقة، وعلى هذا يُخَرَّج قول أبي نواس:
كأَنَّ صُغْرى وكُبْرى من فَقاقِعها *** حَصْباءُ دُرّ عَلَى أَرْضٍ من الذَّهَبِ
أي صغيرة وكبيرة، وهذا كقول العَرُوضيين: فاصلة صُغْرى وفاصلة كُبْرى، وبذلك يندفع القول بلحن أبي نواس في هذا البيت، اللّهم إلاَّ إذا عُلِم أن مراده التفضيل، فيقال إذ ذلك بلحنه، كان يلزمه الإفراد والتذكير، لعدم التعريف، والإضافة إلى معرفة.
تنبيهان:
الأول: مثل اسم التفضيل في شروطه فعل التعجب الذي هو انفعال النفس عند شعورها بما خفي سببه.
وله صيغتان: ما أفْعَلَه، وأفعِلْ به، نحو: ما أحَسَنَ الصدقَ ! وأحسِنْ به، وهاتان الصيغتان هما المبوّب لهما في كتب العربية، وإن كانت صيغه كثيرة، من ذلك قوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ} (البقرة: 28)، وقوله عليه الصلاة والسلام: «سبحان اللّه ! إن المؤمن لا يَنْجَسُ حَيّاً ولا مَيِّتَاً»، وقولهم للّه دره فارساً وقوله:
يا جارَتَا ما أنْتِ جارَهْ ! ***
وأصل أحسِنْ بزيد ! أحسَن زيدٌ، أي صار ذا حُسْن، ثم أريد التعجب من حسنه، فَحُوِّل إلى صورة صيغة الأمر، وزيدت الباء في الفاعل، لتحسين اللفظ.
وأما ما أفْعَلَهُ ! فإن «ما» نكرة تامة، وأفْعلَ: فعل ماض، بدليل لحاق نون الوقاية له في، نحو: ما أحوجني إلى عفو اللّه.
الثاني: إذا أردت التفضيلَ أو التعجب مما لم يستوف الشروط فأت بصيغة مستوفية لها واجعل المصدر غير المستوفي تمييزا لاسم التفضيل ومعمولا لفعل التعجب، نحو: فلان أشدّ استخراجاً للفوائد وما أشدّ استخراجه وأشْدِدْ باستخراجه.
المصدر : كتاب شذا العرف في فن الصرف
1- هو الاسم المُصُوغ من المصدر للدلالة على أن شيئين اشتركا في صفة، وزاد أحدهما على الآخر في تلك الصفة.
2- وقياسه أن يأتي على «أَفْعَل» كزيد أكرم من عمرو، وهو أعظم منه، وخرج عن ذلك ثلاثة ألفاظ أتت بغير همزة وهي: خَيْرٌ وَشرٌّ وَحبٌّ، نحو: خيرٌ منه وشرٌّ منه وقوله:
وحَبُّ شَيءٍ إلاَّ الإنسان ما مُنِعَا ***
وحذفت همزتهن لكثرة الاستعمال، وقد ورد استعمالهُنَّ بالهمزة على الأصل كقوله:
بلالُ خيرُ النَّاسِ وابن الأخْيَرِ ***
وكقراءة بعضهم: {سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الأشَرُّ} (القمر: 26)، بفتح الهمزة والشين وتشديد الراء وكقوله صلى اللّه عليه وسلم: «أحبُّ الأعمال إلى اللّه أدْوَمُها وإن قَلَّ»، وقيل حذفها ضرورة في الأخير وفي الأولين لأنهما لا فعل لهما ففيهما شذوذان على ما سيأتي.
وله ثمانية شروط:
الأول: أن يكون له فِعْل، وشذّ مما لا فعلَ له: كهو أقْمَن بكذا: أي أحق به، وألَصُّ من شِظاظ، بَنَوْهُ مِنْ قولهم: هو لِصّ أي سارق.
والثاني: أن يكون الفعل ثُلاثياً، وشذّ: هذا الكلام أخْصَرُ من غيره، مِن اخْتُصِر المبني للمجهول، ففيه شذوذ آخر كما سيأتي، وسُمع هو أعطاهم بالدراهم، وأولاهم للمعروف، وهذا المكان أقفر من غيره، وبعضهم جوَّز بناءه من أفعل مطلقاً، وبعضهم جوَّزه إن كانت الهمزة لغير النقل.
والثالث: أن يكون الفعل متصرفاً، فخرج نحو: عَسى ولَيْس، فليس له أفعل تفضيل.
والرابع: أن يكون حدثه قابلاً للتفاوت، فخرج نحو: مات وفَنِي، فليس له أفعل تفضيل.
والخامس: أن يكون تاماً، فخرجت الأفعال الناقصة لأنها لا تدل على الحدث.
السادس: ألاّ يكون مَنفيًّا ولو كان النفي لازماً، نحو: ما عاج زيد بالدواء أي ما انتفع به، لئلا يلتبس المنفيّ بالمثبت.
والسابع: ألاّ يكون الوصف منه على أفْعَل الذي مؤنثه فَعْلاء، بأن يكون دالا على لون أو عيب أو حلية لأن الصيغة مشغولة بالوصف عن التفضيل وأهل الكوفة يصوغونه من الأفعال التي الوصف منها على أفعل مطلقاً، وعليه درج المتنبي يخاطب الشيب، قال:
أبْعَد بَعِدْتَ بياضاً لا بياضَ لهُ *** لأنت أسودُ في عَيْنِي مِنَ الظُّـلَمِ
وقال الرضِيّ في شرح الكافية: ينبغي المنع في العيوب والألوان الظاهرة، بخلاف الباطنة، فقد يُصاغ من مصدرها، نحو: فلان أبْلَهُ من فلان، وَأرْعَنُ، وأحْمَقُ منه.
والثامن: ألاّ يكون مبنيا للمجهول ولو صورة لئلا يلتبس بالآتي من المبني للفاعل وسمع شذوذاً» هو أزْهَى من دِيك» و«أشغل مِنْ ذَاتِ النِّحْيَيْن»، وكلامٌ أخْصَرُ من غيره، من زُهِيَ بمعنى تكبر، وشُغِل، واخْتُصِرَ، بالبناء للمجهول فيهن، وقيل إن الأوَّل قد ورد فيه زَهَا يَزْهو، فإذنْ لا شُذُوذَ فيه.
4- ولاسم التفضيل باعتبار اللفظ ثلاث حالات:
الأولى: أن يكون مجرَّد من أل والإضافة وحينئذ يجب أن يكون مفرداً مذكراً وأن يأتي بعده بمن جارة للمفضل عليه، نحو قوله تعالى: {لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبّ إِلَىَ أَبِينَا مِنّا} (يوسف: 8)، وقوله: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَآ أَحَبّ إِلَيْكُمْ مّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ} (التوبة: 24).
وقد تحذف من ومدخولها، نحو: {وَالأَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىَ} (الأعلى: 17)، وقد جاء الحذف والإثبات في: {أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزّ نَفَراً} (الكهف: 34).
الثانية: أن يكون فيه أل فيجب أن يكون مطابقاً لموصوفه وأن لا يُؤْتَى معه بِمِن، نحو: محمد الأفضلُ، وفاطمة الفُضلى، والزيدان الأفضلان، والزيدون الأفضلون، والهِنْدات الفُضَليَات، أو الفُضَلُ.
وأما الإتيان معه بمن مع اقترانه بأل في قول الأعشى:
ولسْتُ بالأكْثَرِ مِنْهُمْ حَصىً *** وإنَّمَـا العِــزَّةُ للكَـاثِـر
فخُرِّج على زيادة «أل»، أو أنَّ «مِنْ» متعلقة بأكثر نكرة محذوفة، مُبْدلاً من أكثر الموجودة.
الثالثة: أن يكون مضافاً.
فإن كانت إضافته لنكرة التزم فيه الإفراد والتذكير كما يلزمان المجرَّد لاستوائهما في التنكير ولزمت المطابقة في المضاف إليه، نحو: الزيدان أفضل رجلين والزيدون أفضل رجال وفاطمة أفضل امرأة، وأما قوله تعالى: {وَلاَ تَكُونُوَاْ أَوّلَ كَافِرٍ بِهِ} (البقرة: 41)، فعلى تقدير موصوف محذوف، أي أول فريق.
وإن كانت إضافته لمعرفة جازت المطابقة وعدمها، كقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا} (الأنعام: 123)، وقوله: {وَلَتَجِدَنّهُمْ أَحْرَصَ النّاسِ عَلَىَ حَيَاةٍ} (البقرة: 96)، بالمطابقة في الأوَّل وعدمها في الثاني.
5- وله باعتبار المعنى ثلاث حالات أيضاً:
الأولى: ما تقدَّم شرحه، وهو الدلالة على أن شيئين اشتركا في صفة، وزاد أحدهما على الآخر فيها.
الثانية: أن يُراد به أن شيئاً زاد في صفة نفسه، على شيء أخر في صفته، فلا يكون بينها وصف مشترك كقولهم: العسلُ أحْلَى من الخَلّ، والصيف أحرُّ من الشتاء. والمعنى: أن العسل زائد في حلاوته على الخَلّ في حُموضته، والصيف زائد في حره على الشتاء في برده.
الثالثة: أي يراد به ثبوت الوصف لمحلّه، من غير نظر إلى تفضيل، كقولهم: «الناقصُ والأشَجُّ أعدلا بني مَرْوان»: أي هما العادلان، ولا عدلَ في غيرهما، وفي هذه الحالة تجب المطابقة، وعلى هذا يُخَرَّج قول أبي نواس:
كأَنَّ صُغْرى وكُبْرى من فَقاقِعها *** حَصْباءُ دُرّ عَلَى أَرْضٍ من الذَّهَبِ
أي صغيرة وكبيرة، وهذا كقول العَرُوضيين: فاصلة صُغْرى وفاصلة كُبْرى، وبذلك يندفع القول بلحن أبي نواس في هذا البيت، اللّهم إلاَّ إذا عُلِم أن مراده التفضيل، فيقال إذ ذلك بلحنه، كان يلزمه الإفراد والتذكير، لعدم التعريف، والإضافة إلى معرفة.
تنبيهان:
الأول: مثل اسم التفضيل في شروطه فعل التعجب الذي هو انفعال النفس عند شعورها بما خفي سببه.
وله صيغتان: ما أفْعَلَه، وأفعِلْ به، نحو: ما أحَسَنَ الصدقَ ! وأحسِنْ به، وهاتان الصيغتان هما المبوّب لهما في كتب العربية، وإن كانت صيغه كثيرة، من ذلك قوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ} (البقرة: 28)، وقوله عليه الصلاة والسلام: «سبحان اللّه ! إن المؤمن لا يَنْجَسُ حَيّاً ولا مَيِّتَاً»، وقولهم للّه دره فارساً وقوله:
يا جارَتَا ما أنْتِ جارَهْ ! ***
وأصل أحسِنْ بزيد ! أحسَن زيدٌ، أي صار ذا حُسْن، ثم أريد التعجب من حسنه، فَحُوِّل إلى صورة صيغة الأمر، وزيدت الباء في الفاعل، لتحسين اللفظ.
وأما ما أفْعَلَهُ ! فإن «ما» نكرة تامة، وأفْعلَ: فعل ماض، بدليل لحاق نون الوقاية له في، نحو: ما أحوجني إلى عفو اللّه.
الثاني: إذا أردت التفضيلَ أو التعجب مما لم يستوف الشروط فأت بصيغة مستوفية لها واجعل المصدر غير المستوفي تمييزا لاسم التفضيل ومعمولا لفعل التعجب، نحو: فلان أشدّ استخراجاً للفوائد وما أشدّ استخراجه وأشْدِدْ باستخراجه.
المصدر : كتاب شذا العرف في فن الصرف