مما يدل على منزلة الحفظ ما حدث للشيخ أبي حامد الغزالي
–رحمه الله- فقد سافر إلى جُرجان وقرأ على كثير من علمائها وهو صغير، فكان يكتب تعليقات أستاذه في الفقه، والفوائد التي أخذها منه، وجمعها في كراريس سماها ((التعليقة))، وقد كان يريد الاكتفاء بالكتابة دون الحفظ، غير أن هذا الإهمال لقَّنه درسًا قاسيًا حيث قُطعت عليه الطريق وهو في طريق عودته إلى طوس، وأخذ قُطَّاع الطرق جميع ما كان مع القافلة، بما فيه المخلاة –أي الحقيبة- التي كان فيها تعليقته.
وقد حكى الغزالي هذه الحادثة فقال: فتبعتهم فالتفت إليَّ كبيرهم، وقال: ويحك! ارجع وإلا هلكت. فقلت: أسألك بالذي ترجو السلامة منه أن تردَّ عليَّ تعليقتي فقط، فما هي بشيء تنتفعون به. فقال لي: وما هي تعليقتك؟ فقلت: كتب في تلك المخلاة هاجرت لسماعها وكتابتها ومعرفة علمها؛ فضحك وقال: كيف تدَّعي أنك عرفت علمها وقد أخذناها منك فتجرَّدت من معرفتها وبقيت بلا علم؟! ثم أمر بعض أصحابه فسلَّم لي المخلاة.
قال: فقلت: هذا مستنطق أنطقه الله ليرشدني به أمري، فلما وافيت طوس أقبلت على الاشتغال ثلاث سنين حتى حفظت جميع ما علَّقته، وصرتُ بحيث لو قُطع عليَّ الطريق لم أتجرد من علمي.
–رحمه الله- فقد سافر إلى جُرجان وقرأ على كثير من علمائها وهو صغير، فكان يكتب تعليقات أستاذه في الفقه، والفوائد التي أخذها منه، وجمعها في كراريس سماها ((التعليقة))، وقد كان يريد الاكتفاء بالكتابة دون الحفظ، غير أن هذا الإهمال لقَّنه درسًا قاسيًا حيث قُطعت عليه الطريق وهو في طريق عودته إلى طوس، وأخذ قُطَّاع الطرق جميع ما كان مع القافلة، بما فيه المخلاة –أي الحقيبة- التي كان فيها تعليقته.
وقد حكى الغزالي هذه الحادثة فقال: فتبعتهم فالتفت إليَّ كبيرهم، وقال: ويحك! ارجع وإلا هلكت. فقلت: أسألك بالذي ترجو السلامة منه أن تردَّ عليَّ تعليقتي فقط، فما هي بشيء تنتفعون به. فقال لي: وما هي تعليقتك؟ فقلت: كتب في تلك المخلاة هاجرت لسماعها وكتابتها ومعرفة علمها؛ فضحك وقال: كيف تدَّعي أنك عرفت علمها وقد أخذناها منك فتجرَّدت من معرفتها وبقيت بلا علم؟! ثم أمر بعض أصحابه فسلَّم لي المخلاة.
قال: فقلت: هذا مستنطق أنطقه الله ليرشدني به أمري، فلما وافيت طوس أقبلت على الاشتغال ثلاث سنين حتى حفظت جميع ما علَّقته، وصرتُ بحيث لو قُطع عليَّ الطريق لم أتجرد من علمي.