الكلبية أو المذهب الكلبي Cynicism
الكلبيون Cynics
هم مجموعة فلسفية يونانية وُجِدَتْ بين عامَي 437 و370 ق م. أسَّسها، على ما يقال، أنتيسثينِس الذي كان أحد تلامذة سقراط، وكان أول من استخدم العصا والخِرْج الذي يحمله الشحاذون رمزًا لفلسفته.
وقد استمرت هذه المدرسة، بهذا الشكل أو ذاك، حتى نهاية العصور القديمة. أما تسميتها بهذا الاسم فله عدة تفسيرات هي:
- التفسير الأول هو "التحدي"، حيث يعود أصل الكلمة إلى الاسم اليوناني kuon، أي "الكلب".
- أما التفسير الثاني فيعود، ربما، لكون أتباعها يجتمعون في ملعب رياضي اسمه كينوسارغوس، ومنه جاء اشتقاق الاسم.
- أو ربما أيضًا – وهذا هو التفسير الثالث – كتذكار عن واحد من أهم فلاسفتهم، وكان يدعى ذيوجينِس ويلقَّب بـ"الكلب" (413-323 ق م).
ذيوجينِس هذا هو الذي أطلق عليه أفلاطون لقب "سقراط المجنون"، ذاك الذي، من خلال ما يروى عنه من أحاديث وقصص أضحت أسطورية، يعكس العقلية الكلبية، بجمالها ومفارقاتها: كان يعيش في برميل؛ كان يلبس معطفًا خَلِقًا مثقبًا؛ كان يمارس التسول ممارسة عدوانية؛ يقال إنه كسر قصعته بعد أن رأى طفلاً يشرب الماء براحة يده؛ كذلك الأمر فيما يتعلق بفانوسه الشهير الذي كان يسير به مضاءً في رابعة النهار "باحثًا عن إنسان"؛ أو حين أجاب الاسكندر المقدوني بوقاحة، إذ مدَّ إليه يده ليصادقه: "تنحَّ عن شمسي!"
ويُحكى عنه أيضًا أنه حين حاول زينون ذات يوم البرهان على عدم وجود الحركة فإن كلَّ ما فعله ذيوجينِس كان أن تمشَّى أمامه؛ أو حين عرَّف أفلاطون الإنسان بأنه "حيوان غير مغطى بالريش ويسير على قدمين"، فألقى ذيوجينِس أمام المستمعين إليه بدجاجة منتوفة، وصاح وهو يضحك: "انظروا، هذا هو إنسان أفلاطون!"
وتستند أخلاقيات الكلبيين، بشكل عام، إلى رفض الأعراف الاجتماعية، التي يميِّزون بدقة بينها وبين الطبيعة التي كانوا يدَّعون الرغبة في الرجوع إليها. من هنا، يمكن تفسير ازدراءهم الكبير بالعلم وتأكيدهم بأن الخير الوحيد إنما هو الفضيلة.
والكلبية التاريخية، على عكس المفهوم المحقِّر السائد اليوم حولها، إنما تؤدي بمعتنقيها إلى نوع من التزهُّد الصعب والمتشدِّد الذي غالبًا ما كان ينعكس احتقارًا شديدًا للمظاهر ورفضًا وتصعيدًا لوحدانية الإرادة. إن مثل هذه التصرفات التي يمكن أن تكون مضحكة أو لنقل مفارِقة (كطلب الصدقة للتعوُّد على مجابهة الرفض) قد أثَّرت كثيرًا فيما بعد على الفلسفة الرواقية