رأفت الهجان هو الاسم البديل للمواطن المصرى رفعت على سليمان الجمال (1927 - 1982) الذى وحسب المخابرات المصرية ارتحل الى اسرائيل بتكليف من المخابرات المصرية في إطار خطة منظمة عام 1954 وتمكن من إقامة مصالح تجارية واسعة وناجحة في تل ابيب وأصبح شخصية بارزة في المجتمع الاسرائيلي وحسب الرواية المصرية فإن الهجان قام ولسنوات طويلة بالتجسس و إمداد جهاز المخابرات المصرى بمعلومات مهمة تحت ستار شركة سياحية داخل اسرائيل حيث زود بلاده بمعلومات خطيرة منها موعد حرب يونيو 1967 وكان له دور فعال فى الاعداد لحرب اكتوبر 1973 بعد ان زود مصر بتفاصيل عن خط برليف . أحدثت هذه الرواية والعملية هزة عنيفة لإسطورة تألق الموساد وصعوبة إختراقه , وتم إعتبار الهجان بطلاً قومياً في مصر عمل داخل إسرائيل بنجاح باهر لمدة 20 سنة وتم بث سلسل تلفزيوني ناجح عن حياة الهجان الذي شد الملايين و قام بتمثيل دوره بنجاح الممثل المصري محمود عبدالعزيز
من جهة أخرى كان الرد الرسمى من جانب المخابرات الاسرائيلية في البداية "ان هذة المعلومات التى اعلنت عنها المخابرات المصرية ما هى الا نسج خيال وروايه بالغة التعقيد وان على المصريين ان يفخروا بنجاحهم في خلق هذه الرواية" .ولكن وتحت ضغوط الصحافة الإسرائيلية صرح رئيس الموساد الأسبق عيزرا هارئيل "أن السلطات كانت تشعر باختراق قوي في قمة جهاز الأمن الاسرائيلي ولكننا لم نشك مطلقا في جاك بيتون وهو الأسم الأسرائيلي للهجان .وبدأت الصحافة الإسرائيلية و منذ عام 1988 تحاول التوصل الى حقيقة الهجان او بيتون او الجمال فقامت صحيفة "الجيروزليم بوست" الإسرائيلية بنشر خبر يؤكد فيه إن ان "جاك بيتون" او "رفعت الجمال" يهودى مصرى من مواليد المنصورة عام 1919 وصل الى اسرائيل عام 1955 وغادرها للمرة الاخيرة عام 1973 و استطاع ان ينشئ علاقات صداقه مع عديد من القيادات فى اسرائيل منها جولدا مائير رئيسة الوزراء ، وموشى ديان وزير الدفاع. وبعد سنوات قام صحفيان إسرائيليان وهما ايتان هابر و يوسي ملمن بإصدار كتاب بعنوان "الجواسيس" وفيه قالوا إن العديد من التفاصيل التي نشرت في مصر عن شخصية الهجان صحيحة ودقيقة. لكن ما ينقصها هو الحديث عن الجانب الآخر في شخصيته, ألا وهو خدمته لاسرائيل حيث ان الهجان او بيتون ماكان الا جاسوساً مزدوجاً خدم إسرائيل أكثر مما خدم مصر حسب رأي الكاتبين
البدايات حسب الرواية المصرية
ولد رفعت على سليمان الجمال في مدينه "دمياط" في "جمهورية مصر العربية" في 1 يوليو 1927, وهناك مصادر أخرى تشير الى انه من مواليد مدينة طنطا حيث كان والده يعمل في تجارة الفحم اما والدته فكانت ربه منزل تحدرت من أسرة مرموقة وكانت والدته تجيد اللغتين الإنجليزية والفرنسية , وكان له اخوين اشقاء هما لبيب ونزيهه اضافة الى اخ غير شقيق هو سامى بعد ذلك بسنوات وتحديدا في 1936 توفى "على سليمان الجمال" والد رفعت الجمال وأصبح "سامي" الأخ الغير شقيق لـ"رأفت" هو المسئول الوحيد عن المنزل , وكانت مكانة "سامي" الرفيعة , وعمله كمدرس لغة إنجليزية لأخو الملكة "فريدة" تؤهله ليكون هو المسئول عن المنزل وعن إخوته بعد وفاة والدة , وبعد ذلك انتقلت الأسرة بالكامل إلى القاهرة , ليبدأ فصل جديد من حياة هذا الرجل الذي عاش في الظل ومات في الظل.
شخصية "رفعت" لم تكن شخصيه مسئولة , كان طالبا مستهترا لا يهتم كثيرا بدراسته , وبرغم محاولات اخيه سامى ان يخلق من رفعت رجلا منضبطا ومستقيما الا ان رفعت كان على النقيض من اخية سامى فقد كان يهوى اللهو والمسرح والسينما بل انه استطاع ان يقنع الممثل الكبير بشارة وكيم بموهبته ومثل معه بالفعل في ثلاثة افلام, لذا رأى إخوته ضرورة دخوله لمدرسه التجارة المتوسطه رغم اعتراض "رفعت" على إلحاقه بمثل هذه النوعية من المدارس . في المدرسة بدأت عيناه تتفتحان على البريطانيين وانبهر بطرق كفاحهم المستميت ضد الزحف النازي , تعلم الإنجليزية بجدارة , ليس هذا فقط بل أيضا تعلم أن يتكلم الإنجليزية باللكنة البريطانية . وكما تعلم "رفعت" الإنجليزية بلكنة بريطانية تعلم الفرنسية بلكنة أهل باريس
تخرج في عام 1946 و تقدم بطلب لشركة بترول اجنبية تعمل بالبحر الأحمر للعمل كمحاسب واختارته الشركة برغم العدد الكبير للمتقدمين ربما نظرا لإتقانه الإنجليزية والفرنسية ثم تم طرده من تلك الوظيفة بتهمة أختلاس اموال. تنقل رفعت من عمل لعمل وعمل كمساعد لضابط الحسابات على سفينة الشحن "حورس" وبعد أسبوعين من العمل غادر مصر لأول مرة في حياته على متن السفينة وطافت "حورس" طويلا بين الموانئ , نابولي، جنوة، مارسيليا، برشلونة، جبل طارق ، طنجة وفي النهاية رست السفينة في ميناء ليفربول الإنجليزي لعمل بعض الإصلاحات وكان مقررا أن تتجه بعد ذلك إلى بومباي الهندية
هناك في ليفربول وجد عرضا مغريا للعمل في شركة سياحية تدعى سلتيك تورز وبعد عمله لفترة مع تلك الشركة غادر الى الولايات المتحدة دون تأشيرة دخول او بطاقه خضراء وبدأت ادارة الهجره تطارده مما اضطره لمغادرة امريكا الى كندا ومنها الى المانيا وفي المانيا اتهمه القنصل المصري ببيع جواز سفره ورفض اعطائه وثيقة سفر بدل من جواز سفره والقت الشرطه الالمانيه القبض عليه وحبسه ومن ثم تم ترحيله قسرا لمصر . مع عودة "رفعت" إلى "مصر"، بدون وظيفة، أو جواز سفر، وقد سبقه تقرير عما حدث له في "فرانكفورت"، وشكوك حول ما فعله بجواز سفره، بدت الصورة أمامه قاتمة إلى حد محبط، مما دفعه إلى حالة من اليأس والإحباط، لم تنته إلا مع ظهور فرصة جديدة، للعمل في شركة قناة السويس، تتناسب مع إتقانه للغات. ولكن الفرصة الجديدة كانت تحتاج إلى وثائق، وأوراق، وهوية. هنا، بدأ "رفعت" يقتحم العالم السفلي، وتعرَّف على مزوِّر بارع، منحه جواز سفر باسم "على مصطفى"، يحوي صورته، بدلاً من صورة صاحبه الأصلي. وبهذا الاسم الجديد، عمل "رفعت" في شركة قناة "السويس"، وبدا له وكأن حالة الاستقرار قد بدأت
قامت ثورة يوليو 1952، وشعر البريطانيون بالقلق، بشأن المرحلة القادمة، وأدركوا أن المصريين يتعاطفون مع النظام الجديد، فشرعوا في مراجعة أوراقهم، ووثائق هوياتهم، مما استشعر معه "رفعت" الخطر، فقرَّر ترك العمل، في شركة قناة "السويس"، وحصل من ذلك المزوِّر على جواز سفر جديد، لصحفي سويسري، يُدعى "تشارلز دينون".وهكذا اصبح الحال معه من اسم لاسم ومن شخصيه مزوره لشخصية اخرى الا ان القى القبض عليه من قبل ضابط بريطاني اثناء سفره الى ليبيا بعد التطورات السياسيه والنتغيرات في 1953 واعادوه لمصر ولافت في الموضوع ان عند القاء القبض عليه كان يحمل جواز سفر بريطاني الا ان الضابط البريطاني شك انه يهودي وتم تسليمه الى المخابرات المصرية التي بدأت في التحقيق معه على انه شخصيه يهوديه
بالنسبه لـ"رفعت" فيقول فى مذكراته عن هذة المرحله فى حياته:
"وبعد أن قضيت زمناً طويلاً وحدي مع أكاذيبي، أجدني مسروراً الآن إذ أبوح بالحقيقة إلى شخص ما. وهكذا شرعت أحكي لـ"حسن حسنى" كل شيء عني منذ البداية. كيف قابلت كثيرين من اليهود في استوديوهات السينما، وكيف تمثلت سلوكهم وعاداتهم من منطلق الاهتمام بأن أصبح ممثلاً. وحكيت له عن الفترة التي قضيتها في "إنجلترا" و"فرنسا" و"أمريكا"، ثم أخيراً في "مصر". بسطت له كل شيء في صدق. إنني مجرد مهرج، ومشخصاتي عاش في التظاهر ومثل كل الأدوار التي دفعته إليها الضرورة ليبلغ ما يريد في حياته".
بداياته كجاسوس