- قضية فلسطين حملة صليبية تعبّر عن الصدام المفروض علينا من الغرب
- نحتاج منهجاً تاريخياً يتجاوز التحيّزات المذهبية وألاعيب المستشرقين
- المشروع الصهيوني لن يقف عند حدود الأقصى وله أطماعه في الجزيرة ووادي النيل
- الجهاد والإصلاح الإسلامي الداخلي يجب أن يسيرا معاً.
- المقررات التعليمية تتعرض لأكبر عملية تزييف بأيدي لجان التطوير والخبراء الأمريكان
ـــــــ
تلتقي جهود المستشرقين - واليهود منهم خاصة - مع جهود بعض الكتاب العرب الذين يهدفون إلى إخضاع (التاريخ) إلى أهوائهم المذهبية ، إلى الحد الذي وصل بالفئة الأولى إلى الطعن في الشريعة وجعل الفئة الأخرى تذهب إلى تصنيف الصحابة إلى أهل يمين ويسار.
والمؤرخ د. عبد الحليم عويس - أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية - يضع هذا الحوار النقاط على فى قضية أثر الاستشراق والتحيز في الكتابات التاريخية وكيف نقرأ التاريخ ؟ وما القضايا ذات الأولوية في الاهتمام والبحث في الواقع المعاش الآن ؟ وما المقصود بمصطلح (فقه التاريخ) ؟
وكذلك القضية الفلسطينية من وجهة النظر التاريخية:
الأكاديمي المبدع
سؤال : في البداية نود أن نسألكم عن تقويم أداء اتحاد المؤرخين العرب ؟
- أي أن اتحاد المؤرخين العرب ما زال يعالج قضايا يمكن أن تقوم بها أقسام التاريخ في الجامعات العربية ، وهو أنه يمارس مهنته في أنشطته المختلفة بعيدًا عن الالتحام بمشكلات الأمة ، ولا سيما أن التاريخ الحديث عامة وتاريخ القرن العشرين خاصة لم توضع النقاط فوق حروف كثيرة من أحداثه بعد ، وكثيراً من قضاياه تركت للساسة والعسكريين.
سؤال : وهل هناك أمثلة على القضايا التي لم تدخل بعد في قائمة أولويات اتحاد المؤرخين العرب؟
- هناك قضايا عديدة تتصل بنهوض الأمة مثل: أسباب تخلف المسلمين المعاصر ، والتاريخ الحديث بين التحيز والموضوعية ، والثورات والانقلابات في العالم العربي بين السلب والإيجاب ، وأسباب الانهيارات الاقتصادية والأخلاقية ، ووسائل وحدة الأمة ، ولعل أهم تلك القضايا قضية فلسطين والقدس ، كما ينبغي على المؤرخين أن يهتموا بحركات الهدم المعاصرة مثل: الروتاري والليونز وشهوديهو ، ويبينوا جذورها وآثارها الضارة.
سؤال : إزاء تناول هذه القضايا وغيرها أيهما تفضل العالم الموسوعي أم المتخصص ؟
- إن الذين يجمعون بين الناحيتين الأكاديمية والإبداعية هم الذين أفادوا أكثر من غيرهم وأحترم د. عماد الدين خليل ; لأنه جمع بين هذه وتلك ، كما أستطيع أن أقول: إن مؤرخا مثل د. أحمد شلبي نجح في تقديم التاريخ لعامة الناس وتبسيطه لهم فأدى خدمة ثقافية.
وبالنسبة لي فقد كتبت بين 30 و40 كتابا في التاريخ والحضارة الإسلامية أذكر منها: "صور وبطولات من الحضارة الإسلامية، وتفسير التاريخ.. علم إسلامي ، وفقه التاريخ وأزمة المسلمين الحضارية ، والتأصيل الإسلامي لنظريات ابن خلدون ، والعقل المسلم في مرحلة الغزو" ، ولم تقف اهتماماتي عند هذه الحدود وقمت بتحرير 17 كتابا في الفقه الإسلامي وكتبت بعض القصص الإسلامية ، كما أشرفت على إعداد موسوعة للتاريخ والحضارة الإسلامية وتقع في عشرة آلاف صفحة كتبها 80 مؤرخا من عشرين بلدا عربياً وإسلامياً ، وأشرف الآن على "معجم مصطلحات علوم القرآن".
منهاجية إسلامية
سؤال : نسمع عن مفهوم "التحيز" في تفسير علم التاريخ.. فما المقصود به ؟
- المقصود بالتحيز هو الإسقاط المسبق على الواقعة التاريخية لخدمة المذهب الفكري ، وهو أمر مرفوض ، وقد جنت التفسيرات المادية والحزبية على تاريخنا العربي والإسلامي جنايات كبيرة ، وظهر من بيننا من يقسم الصحابة إلى يمين ويسار فيجعل سيدنا عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنهما) من الرأسماليين ، وعمر بن الخطاب وأبا ذر من أهل اليسار ، وذلك خضوعاً للمذهبية اليسارية ، وفي الوقت ذاته ادعى التغريبيون أن الإسلام انتهى بوفاة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، كما يزعمون أن التاريخ الإسلامي لم يشهد نظما وأفكارا مستقاة من الشريعة ، وهذا وذاك يمثل إسفافا سيئا من وجهة نظري.
سؤال : هذا يقودنا إلى المنهجية العلمية ، فما تعريفها ؟
- المنهاجية العلمية تتلخص في ضرورة الانطلاق من الواقعة التاريخية الموضوعية والوصول إليها من وراء كل التزييفات والتحريفات بحيث تكون الواقعة هي المتكلمة ، ويلي ذلك تحليل الواقعة بمنهج موضوعي ، وهنا بالضرورة ستلتقي الرؤية الإسلامية مع الرؤية العلمية.
سؤال : بعضهم يقول: إن كتابة تاريخنا تقع بين مطرقة التحيز وسندان الاستشراق ؟
- بالفعل لقد استطاع المستشرقون - وخاصة اليهود منهم - تشويه كثير من جوانب السيرة والتاريخ الإسلامي ، وبعدما نجحوا قديما في الزج بالإسرائليات في كتب التفسير ، حاولوا في العصر الحديث الزج بها في كتب التاريخ ، ولكن الأخطر من ذلك هؤلاء الكتاب العرب مثل: طه حسين وغيره ، وأخير ًا حسين أحمد أمين الذين ينقلون عنهم نقلاً حرفياً ، وخصوصاً آراءهم في الشريعة والتاريخ.
فقه التاريخ
سؤال : هذا يقودنا إلى معرفة رأيكم في المقررات التعليمية التاريخية ؟
ليس لدي أدنى أمل في توجيه النداءات للساسة بأن يتقوا الله في المناهج التعليمية وألا يتركوها للجان التطوير الغربية والخبراء الأمريكان ، وأحملهم أمام الله مسؤولية هذا الخطأ الجسيم ، وأسألهم: هل توافق أمريكا على تعديل مناهجها التعليمية ؟ وإذا كانت الإجابة بلا.. فلماذا توافقون؟!
وأود أن أشير إلى أن اليهود حافظوا على أنفسهم في أوروبا رغم أنهم كانوا يتلقون لغة غير لغتهم ودينا غير دينهم وتغير موقعهم الآن من الدفاع إلى الهجوم ، وهذا الأمر وارد بالنسبة إلينا بشرط وجود الإرادة في التغيير.
سؤال : السؤال المطروح الآن هو: كيف نقرأ التاريخ ؟
لقد كان لي شرف صك مصطلح "فقه التاريخ" أسوة بأستاذينا وصديقينا الشيخ محمد الغزالي (رحمه الله) في كتابه فقه السيرة ، ود. محمد سعيد رمضان البوطي (فقه السيرة النبوية) ، وأرى أن تاريخاً بلا فقه هو تاريخ جامد ومحنط.
ولعل في بعض الدراسات التي تعمد إلى استخلاص الدروس منهجية طيبة يجب أن تكون عامة ، وللدكتور عماد الدين خليل كتاب تجب الإشارة إليه هو: ملامح الانقلاب الإسلامي في خلافة عمر بن عبد العزيز ، وللشيخ أبو الحسن الندوي كتابات على رأسها موسوعة "رجال الفكر والدعوة في الإسلام" وكتابه في السيرة يدخل في هذا السياق.
وبالطبع لا يمكنني حصر الكتابات التي مزجت بين وقائع التاريخ والفكر التحليلي فهي كثيرة وبدأت تتألق ويجب أن يشار إلى كتابات د. أحمد عبد الهادي ، والأستاذ منير الغضبان.
حملة صليبية
سؤال : بالنسبة إلى قضية فلسطين.. كيف تنظرون إليها من زاوية الرؤية التاريخية ؟
- قضية فلسطين تمثل عند ذوي البصيرة والفقه "حملة صليبية" لم تتوقف والعميان وحدهم لا يبصرون مخططاتها ، وهي قضية تعبر عن واقع الصدام الذي تفرضه علينا الحضارة الغربية هنا وفي مواقع أخرى مثل كشمير وأفغانستان والقوقاز والبوسنة وكوسوفا.
سؤال : ولكن هذه الحملة الصليبية طال أمدها أليس كذلك ؟
- أظن أن ذلك نتيجة ضعفنا إزاء القوي الغربية بقدر ما هو نتيجة الاتحاد الكامل بين الأعداء الواضحين جدا وآخرين من بيننا يعملون في خندقهم في المستويات السياسية والثقافية.
سؤال : وما هو نموذج الحسم القادر على إنهاء هذه الحملة ؟
- الجهاد ، لا سبيل غير ذلك لرد هذا العدوان ، ويجب أن نأخذ في الاعتبار النموذج الأفغاني أيام كان هناك مجاهدون فعلا لا طلاب دنيا ، كانت تجربة ناجحة ووقف خلفها العالم الإسلامي ، بل أزعم أنها كانت من أهم العوامل في القضاء على الاتحاد السوفيتي والشيوعية.
والنموذج الثاني الذي أشير إليه ونتمنى أن يكون نموذجا عاما يعبر عن الهوية الإسلامية العامة لا عن مذهبية خاصة هو نموذج حزب الله في جنوب لبنان الذي قدم تجربة ناجحة وخطط تخطيطًا حسنًا نحو غايات محددة أبعدته عن أي مشكلات جانبيه كان من الممكن أن تضعف فاعلية أعمال الجهاد.
الجهاد المطلوب
سؤال : ولكن كيف نقاتل دون أن تكون الظهور محمية ؟
- القتال مرحلة تالية لأخذ الأمة حياتها بمنهجية جادة ، فالتغيير الداخلي مطلوب ، وكذلك تغيير أساليب التعامل مع الغرب ، فلا يمكن أن تواجه خصما وأنت تقلده في مأكولاته وعاداته فأنت في الحقيقة تنصره.
لابد من المفاصلة مع الغرب والعدو الصهيوني والنظر إلى قضية فلسطيـن على أنها قضية كل المسلمين وأن المشروع الصهيوني لن يقف عند حدود الأقصى ، بل سيمتد إلى خيبر وبني النضير وله أطماعه في جنوب الجزيرة العربية ووادي النيل ، وذلك بعد أن نجح في الهيمنة على الغرب دعائياً واقتصادياً.
سؤال : إذن أيهما أولا: قتال اليهود أم التغيير الداخلي في عالم المسلمين ؟
- أرى أن يمشيا معًا ولا يسبق أحدهما الآخر ، فنحن في جهاد حضاري وجهاد عسكري أيضاً ، والشمولية في التفكير والتخطيط مطلوبة; لأن اليهود يأخذون بها ولا يفرقون بين كسب المزيد من الأراضي وبين اصطفاء الجواسيس في مجالات الثقافة والإعلام والاقتصاد.. إنها حرب وجود وحضارة.
عبد الحليم عويس .. سيرة ومسيرة
- أ. د. عبد الحليم عويس من مواليد مدينة المحلة بمحافظة الغربية - مصر في العام 1943م.
- حاصل على ليسانس الدراسات العربية والإسلامية من كلية دار العلوم - جامعة القاهرة.
- حصل على درجة الماجستير عام 1977 عن أطروحته: "دولة بني حماد في الجزائر".
- نال درجة الدكتوراه عام 1978 عن بحث: "ابن حزم الأندلسي مؤرخاً" .
- عضو نقابة الصحفيين المصريين واتحاد الكتاب.
- عضو مجلس أمناء رابطة الأدب الإسلامي ومستشار رابطة الجامعات الإسلامية.
- له كتابات عديدة في مجلات الاعتصام ، الدعوة ، المجتمع.
- يعمل حاليا نائبا لرئيس جامعة روتردام الإسلامية
http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=10355
- نحتاج منهجاً تاريخياً يتجاوز التحيّزات المذهبية وألاعيب المستشرقين
- المشروع الصهيوني لن يقف عند حدود الأقصى وله أطماعه في الجزيرة ووادي النيل
- الجهاد والإصلاح الإسلامي الداخلي يجب أن يسيرا معاً.
- المقررات التعليمية تتعرض لأكبر عملية تزييف بأيدي لجان التطوير والخبراء الأمريكان
ـــــــ
تلتقي جهود المستشرقين - واليهود منهم خاصة - مع جهود بعض الكتاب العرب الذين يهدفون إلى إخضاع (التاريخ) إلى أهوائهم المذهبية ، إلى الحد الذي وصل بالفئة الأولى إلى الطعن في الشريعة وجعل الفئة الأخرى تذهب إلى تصنيف الصحابة إلى أهل يمين ويسار.
والمؤرخ د. عبد الحليم عويس - أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية - يضع هذا الحوار النقاط على فى قضية أثر الاستشراق والتحيز في الكتابات التاريخية وكيف نقرأ التاريخ ؟ وما القضايا ذات الأولوية في الاهتمام والبحث في الواقع المعاش الآن ؟ وما المقصود بمصطلح (فقه التاريخ) ؟
وكذلك القضية الفلسطينية من وجهة النظر التاريخية:
الأكاديمي المبدع
سؤال : في البداية نود أن نسألكم عن تقويم أداء اتحاد المؤرخين العرب ؟
- أي أن اتحاد المؤرخين العرب ما زال يعالج قضايا يمكن أن تقوم بها أقسام التاريخ في الجامعات العربية ، وهو أنه يمارس مهنته في أنشطته المختلفة بعيدًا عن الالتحام بمشكلات الأمة ، ولا سيما أن التاريخ الحديث عامة وتاريخ القرن العشرين خاصة لم توضع النقاط فوق حروف كثيرة من أحداثه بعد ، وكثيراً من قضاياه تركت للساسة والعسكريين.
سؤال : وهل هناك أمثلة على القضايا التي لم تدخل بعد في قائمة أولويات اتحاد المؤرخين العرب؟
- هناك قضايا عديدة تتصل بنهوض الأمة مثل: أسباب تخلف المسلمين المعاصر ، والتاريخ الحديث بين التحيز والموضوعية ، والثورات والانقلابات في العالم العربي بين السلب والإيجاب ، وأسباب الانهيارات الاقتصادية والأخلاقية ، ووسائل وحدة الأمة ، ولعل أهم تلك القضايا قضية فلسطين والقدس ، كما ينبغي على المؤرخين أن يهتموا بحركات الهدم المعاصرة مثل: الروتاري والليونز وشهوديهو ، ويبينوا جذورها وآثارها الضارة.
سؤال : إزاء تناول هذه القضايا وغيرها أيهما تفضل العالم الموسوعي أم المتخصص ؟
- إن الذين يجمعون بين الناحيتين الأكاديمية والإبداعية هم الذين أفادوا أكثر من غيرهم وأحترم د. عماد الدين خليل ; لأنه جمع بين هذه وتلك ، كما أستطيع أن أقول: إن مؤرخا مثل د. أحمد شلبي نجح في تقديم التاريخ لعامة الناس وتبسيطه لهم فأدى خدمة ثقافية.
وبالنسبة لي فقد كتبت بين 30 و40 كتابا في التاريخ والحضارة الإسلامية أذكر منها: "صور وبطولات من الحضارة الإسلامية، وتفسير التاريخ.. علم إسلامي ، وفقه التاريخ وأزمة المسلمين الحضارية ، والتأصيل الإسلامي لنظريات ابن خلدون ، والعقل المسلم في مرحلة الغزو" ، ولم تقف اهتماماتي عند هذه الحدود وقمت بتحرير 17 كتابا في الفقه الإسلامي وكتبت بعض القصص الإسلامية ، كما أشرفت على إعداد موسوعة للتاريخ والحضارة الإسلامية وتقع في عشرة آلاف صفحة كتبها 80 مؤرخا من عشرين بلدا عربياً وإسلامياً ، وأشرف الآن على "معجم مصطلحات علوم القرآن".
منهاجية إسلامية
سؤال : نسمع عن مفهوم "التحيز" في تفسير علم التاريخ.. فما المقصود به ؟
- المقصود بالتحيز هو الإسقاط المسبق على الواقعة التاريخية لخدمة المذهب الفكري ، وهو أمر مرفوض ، وقد جنت التفسيرات المادية والحزبية على تاريخنا العربي والإسلامي جنايات كبيرة ، وظهر من بيننا من يقسم الصحابة إلى يمين ويسار فيجعل سيدنا عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف (رضي الله عنهما) من الرأسماليين ، وعمر بن الخطاب وأبا ذر من أهل اليسار ، وذلك خضوعاً للمذهبية اليسارية ، وفي الوقت ذاته ادعى التغريبيون أن الإسلام انتهى بوفاة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، كما يزعمون أن التاريخ الإسلامي لم يشهد نظما وأفكارا مستقاة من الشريعة ، وهذا وذاك يمثل إسفافا سيئا من وجهة نظري.
سؤال : هذا يقودنا إلى المنهجية العلمية ، فما تعريفها ؟
- المنهاجية العلمية تتلخص في ضرورة الانطلاق من الواقعة التاريخية الموضوعية والوصول إليها من وراء كل التزييفات والتحريفات بحيث تكون الواقعة هي المتكلمة ، ويلي ذلك تحليل الواقعة بمنهج موضوعي ، وهنا بالضرورة ستلتقي الرؤية الإسلامية مع الرؤية العلمية.
سؤال : بعضهم يقول: إن كتابة تاريخنا تقع بين مطرقة التحيز وسندان الاستشراق ؟
- بالفعل لقد استطاع المستشرقون - وخاصة اليهود منهم - تشويه كثير من جوانب السيرة والتاريخ الإسلامي ، وبعدما نجحوا قديما في الزج بالإسرائليات في كتب التفسير ، حاولوا في العصر الحديث الزج بها في كتب التاريخ ، ولكن الأخطر من ذلك هؤلاء الكتاب العرب مثل: طه حسين وغيره ، وأخير ًا حسين أحمد أمين الذين ينقلون عنهم نقلاً حرفياً ، وخصوصاً آراءهم في الشريعة والتاريخ.
فقه التاريخ
سؤال : هذا يقودنا إلى معرفة رأيكم في المقررات التعليمية التاريخية ؟
ليس لدي أدنى أمل في توجيه النداءات للساسة بأن يتقوا الله في المناهج التعليمية وألا يتركوها للجان التطوير الغربية والخبراء الأمريكان ، وأحملهم أمام الله مسؤولية هذا الخطأ الجسيم ، وأسألهم: هل توافق أمريكا على تعديل مناهجها التعليمية ؟ وإذا كانت الإجابة بلا.. فلماذا توافقون؟!
وأود أن أشير إلى أن اليهود حافظوا على أنفسهم في أوروبا رغم أنهم كانوا يتلقون لغة غير لغتهم ودينا غير دينهم وتغير موقعهم الآن من الدفاع إلى الهجوم ، وهذا الأمر وارد بالنسبة إلينا بشرط وجود الإرادة في التغيير.
سؤال : السؤال المطروح الآن هو: كيف نقرأ التاريخ ؟
لقد كان لي شرف صك مصطلح "فقه التاريخ" أسوة بأستاذينا وصديقينا الشيخ محمد الغزالي (رحمه الله) في كتابه فقه السيرة ، ود. محمد سعيد رمضان البوطي (فقه السيرة النبوية) ، وأرى أن تاريخاً بلا فقه هو تاريخ جامد ومحنط.
ولعل في بعض الدراسات التي تعمد إلى استخلاص الدروس منهجية طيبة يجب أن تكون عامة ، وللدكتور عماد الدين خليل كتاب تجب الإشارة إليه هو: ملامح الانقلاب الإسلامي في خلافة عمر بن عبد العزيز ، وللشيخ أبو الحسن الندوي كتابات على رأسها موسوعة "رجال الفكر والدعوة في الإسلام" وكتابه في السيرة يدخل في هذا السياق.
وبالطبع لا يمكنني حصر الكتابات التي مزجت بين وقائع التاريخ والفكر التحليلي فهي كثيرة وبدأت تتألق ويجب أن يشار إلى كتابات د. أحمد عبد الهادي ، والأستاذ منير الغضبان.
حملة صليبية
سؤال : بالنسبة إلى قضية فلسطين.. كيف تنظرون إليها من زاوية الرؤية التاريخية ؟
- قضية فلسطين تمثل عند ذوي البصيرة والفقه "حملة صليبية" لم تتوقف والعميان وحدهم لا يبصرون مخططاتها ، وهي قضية تعبر عن واقع الصدام الذي تفرضه علينا الحضارة الغربية هنا وفي مواقع أخرى مثل كشمير وأفغانستان والقوقاز والبوسنة وكوسوفا.
سؤال : ولكن هذه الحملة الصليبية طال أمدها أليس كذلك ؟
- أظن أن ذلك نتيجة ضعفنا إزاء القوي الغربية بقدر ما هو نتيجة الاتحاد الكامل بين الأعداء الواضحين جدا وآخرين من بيننا يعملون في خندقهم في المستويات السياسية والثقافية.
سؤال : وما هو نموذج الحسم القادر على إنهاء هذه الحملة ؟
- الجهاد ، لا سبيل غير ذلك لرد هذا العدوان ، ويجب أن نأخذ في الاعتبار النموذج الأفغاني أيام كان هناك مجاهدون فعلا لا طلاب دنيا ، كانت تجربة ناجحة ووقف خلفها العالم الإسلامي ، بل أزعم أنها كانت من أهم العوامل في القضاء على الاتحاد السوفيتي والشيوعية.
والنموذج الثاني الذي أشير إليه ونتمنى أن يكون نموذجا عاما يعبر عن الهوية الإسلامية العامة لا عن مذهبية خاصة هو نموذج حزب الله في جنوب لبنان الذي قدم تجربة ناجحة وخطط تخطيطًا حسنًا نحو غايات محددة أبعدته عن أي مشكلات جانبيه كان من الممكن أن تضعف فاعلية أعمال الجهاد.
الجهاد المطلوب
سؤال : ولكن كيف نقاتل دون أن تكون الظهور محمية ؟
- القتال مرحلة تالية لأخذ الأمة حياتها بمنهجية جادة ، فالتغيير الداخلي مطلوب ، وكذلك تغيير أساليب التعامل مع الغرب ، فلا يمكن أن تواجه خصما وأنت تقلده في مأكولاته وعاداته فأنت في الحقيقة تنصره.
لابد من المفاصلة مع الغرب والعدو الصهيوني والنظر إلى قضية فلسطيـن على أنها قضية كل المسلمين وأن المشروع الصهيوني لن يقف عند حدود الأقصى ، بل سيمتد إلى خيبر وبني النضير وله أطماعه في جنوب الجزيرة العربية ووادي النيل ، وذلك بعد أن نجح في الهيمنة على الغرب دعائياً واقتصادياً.
سؤال : إذن أيهما أولا: قتال اليهود أم التغيير الداخلي في عالم المسلمين ؟
- أرى أن يمشيا معًا ولا يسبق أحدهما الآخر ، فنحن في جهاد حضاري وجهاد عسكري أيضاً ، والشمولية في التفكير والتخطيط مطلوبة; لأن اليهود يأخذون بها ولا يفرقون بين كسب المزيد من الأراضي وبين اصطفاء الجواسيس في مجالات الثقافة والإعلام والاقتصاد.. إنها حرب وجود وحضارة.
عبد الحليم عويس .. سيرة ومسيرة
- أ. د. عبد الحليم عويس من مواليد مدينة المحلة بمحافظة الغربية - مصر في العام 1943م.
- حاصل على ليسانس الدراسات العربية والإسلامية من كلية دار العلوم - جامعة القاهرة.
- حصل على درجة الماجستير عام 1977 عن أطروحته: "دولة بني حماد في الجزائر".
- نال درجة الدكتوراه عام 1978 عن بحث: "ابن حزم الأندلسي مؤرخاً" .
- عضو نقابة الصحفيين المصريين واتحاد الكتاب.
- عضو مجلس أمناء رابطة الأدب الإسلامي ومستشار رابطة الجامعات الإسلامية.
- له كتابات عديدة في مجلات الاعتصام ، الدعوة ، المجتمع.
- يعمل حاليا نائبا لرئيس جامعة روتردام الإسلامية
http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=10355