السؤال: لماذا ظهر الأنبياء جميعهم في منطقة واحدة من العالم ، ولم يظهر نبي في مناطق أخرى ، مثل أوروبا ؟ .
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
من المقرر في شريعتنا : أن الله تعالى أقام الحجة على العباد ، بإرسال الرسل ، وإنزال الكتب ، ولم يكن هذا الإرسال لأمة دون أخرى ، ولا لقارة دون غيرها ، بل كان إرسالاً للأمم كافةً ، على اختلاف مكانها ، وزمانها ، كما قال تعالى : ( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ ) فاطر /24 ، وقال تعالى : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ) النحل/ 36 .
ولذا كان من عدل الله تعالى أنه قضى أنه لا يعذِّب أحداً لم تبلغه دعوة الأنبياء والرسل ، كما قال تعالى : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) الإسراء/ 15 ، وقال تعالى : ( ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ ) الأنعام/ 131 .
إلا أن الله تعالى لم يقص علينا خبر جميع الرسل ، بل قص علينا خبر بعضهم ، وأكثرهم لم يقص علينا خبره ، كما قال الله تعالى : (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ).
وعليه ؛ فالقول بأن الأنبياء لم يكونوا إلا في منطقة واحدة من العالَم : قول غير صحيح ، بل أرسل الله الرسل إلى جميع أمم الأرض .
وانظر جواب السؤال ( 95747 ) ففيه تفصيل مهم في الأحاديث الواردة في عدد الأنبياء والمرسلين ، وذِكر أقوال العلماء في المسألة .
ثانياً :
من المعلوم أن أغلب الحضارات التي قامت على مر التاريخ : سكنت هذه البلاد ، وهي ما يسمى بـ "منطقة حوض البحر المتوسط" وما قاربها ، وهي : الشام ، ومصر ، والعراق ، وجزيرة العرب ، وبالتالي كانت الكثافة السكانية ـ في الأغلب ـ في تلك البلاد ، وهذا مناسب جداً لكون أكثر الرسل أرسلوا إلى أهل هذه البلاد .
وأما الحكمة من أن الله تعالى قص علينا قصص أنبياء ورسل هذه المناطق دون غيرها :
1. فلأن أهل تلك البلاد هم أكمل الناس عقولاً ، وأخلاقاً ، وقد أثنى الله تعالى على بني إسرائيل في زمانهم أنهم خير الأمم ، قال تعالى : (يَا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ) البقرة/ 47 ، كما أثنى الله تعالى على أمة محمد صلى الله بأنها خير الأمم إلى قيام الساعة ، قال تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) آل عمران/ 110 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن دعوة الإسلام ، وسبب انتشارها في تلك البلاد في بداية الأمر - :
"وانتشرت دعوته (يعني : النبي صلى الله عليه وسلم) في وسط الأرض ، لأنهم أكمل عقولاً ، وأخلاقاً ، وأعدل أمزجة ، بخلاف طرفي الجنوب ، والشمال ؛ فإن هؤلاء نقصت عقولهم ، وأخلاقهم ، وانحرفت أمزجتهم .
أما طرف الجنوب : فإنه لقوة الحرارة احترقت أخلاطهم ، فاسودت ألوانهم ، وتجعدت شعورهم .
وأما أهل طرق الشمال فلقوة البرد لم تنضج أخلاطهم ، بل صارت فجة ، فأفرطوا في سبوطة الشعر والبياض البارد الذي لا يستحسن .
ولهذا لما ظهر الإسلام غلب أهله على وسط المعمورة وهم أعدل بني آدم ، وأكملهم ، والنصارى الذين تربوا تحت ذمة المسلمين أكمل من غيرهم من النصارى عقولاً ، وأخلاقا .
وأما النصارى المحاربون للمسلمين ، الخارجون عن ذمتهم من أهل الجنوب والشمال : فهم أنقص عقولاً ، وأخلاقاً , ولما فيهم من نقص العقول ، والأخلاق : ظهرت فيهم النصرانية ، دون الإسلام" انتهى .
"الجواب الصحيح لمن بدَّل دين المسيح" (1/164 ، 165) .
2. أن العبر والعظات في قصص أولئك الأنبياء والرسل الكرام أعظم من غيرها .
قال الطاهر بن عاشور رحمه الله :
"وإنَّما ترك الله أن يقصّ على النّبي صلى الله عليه وسلم أسماء كثير من الرسل للاكتفاء بمن قصّهم عليه : لأنّ المذكورين هم أعظم الرسل ، والأنبياء ، قصصاً ذات عبر" انتهى .
"التحرير والتنوير" (6/35) .
3. أن هؤلاء الرسل بحكم وجودهم في منطقة العرب وما حولها كانت أخبارهم معروفة عند العرب ، وعند أهل الكتاب المتواجدين في هذه المنطقة ، وهذا يكون أقوى في إقامة الحجة على هؤلاء ، وتأثير الموعظة والعبرة بما وقع لهؤلاء .
والله أعلم
الحمد لله
أولاً :
من المقرر في شريعتنا : أن الله تعالى أقام الحجة على العباد ، بإرسال الرسل ، وإنزال الكتب ، ولم يكن هذا الإرسال لأمة دون أخرى ، ولا لقارة دون غيرها ، بل كان إرسالاً للأمم كافةً ، على اختلاف مكانها ، وزمانها ، كما قال تعالى : ( وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ ) فاطر /24 ، وقال تعالى : ( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ) النحل/ 36 .
ولذا كان من عدل الله تعالى أنه قضى أنه لا يعذِّب أحداً لم تبلغه دعوة الأنبياء والرسل ، كما قال تعالى : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) الإسراء/ 15 ، وقال تعالى : ( ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ ) الأنعام/ 131 .
إلا أن الله تعالى لم يقص علينا خبر جميع الرسل ، بل قص علينا خبر بعضهم ، وأكثرهم لم يقص علينا خبره ، كما قال الله تعالى : (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ).
وعليه ؛ فالقول بأن الأنبياء لم يكونوا إلا في منطقة واحدة من العالَم : قول غير صحيح ، بل أرسل الله الرسل إلى جميع أمم الأرض .
وانظر جواب السؤال ( 95747 ) ففيه تفصيل مهم في الأحاديث الواردة في عدد الأنبياء والمرسلين ، وذِكر أقوال العلماء في المسألة .
ثانياً :
من المعلوم أن أغلب الحضارات التي قامت على مر التاريخ : سكنت هذه البلاد ، وهي ما يسمى بـ "منطقة حوض البحر المتوسط" وما قاربها ، وهي : الشام ، ومصر ، والعراق ، وجزيرة العرب ، وبالتالي كانت الكثافة السكانية ـ في الأغلب ـ في تلك البلاد ، وهذا مناسب جداً لكون أكثر الرسل أرسلوا إلى أهل هذه البلاد .
وأما الحكمة من أن الله تعالى قص علينا قصص أنبياء ورسل هذه المناطق دون غيرها :
1. فلأن أهل تلك البلاد هم أكمل الناس عقولاً ، وأخلاقاً ، وقد أثنى الله تعالى على بني إسرائيل في زمانهم أنهم خير الأمم ، قال تعالى : (يَا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ) البقرة/ 47 ، كما أثنى الله تعالى على أمة محمد صلى الله بأنها خير الأمم إلى قيام الساعة ، قال تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) آل عمران/ 110 .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن دعوة الإسلام ، وسبب انتشارها في تلك البلاد في بداية الأمر - :
"وانتشرت دعوته (يعني : النبي صلى الله عليه وسلم) في وسط الأرض ، لأنهم أكمل عقولاً ، وأخلاقاً ، وأعدل أمزجة ، بخلاف طرفي الجنوب ، والشمال ؛ فإن هؤلاء نقصت عقولهم ، وأخلاقهم ، وانحرفت أمزجتهم .
أما طرف الجنوب : فإنه لقوة الحرارة احترقت أخلاطهم ، فاسودت ألوانهم ، وتجعدت شعورهم .
وأما أهل طرق الشمال فلقوة البرد لم تنضج أخلاطهم ، بل صارت فجة ، فأفرطوا في سبوطة الشعر والبياض البارد الذي لا يستحسن .
ولهذا لما ظهر الإسلام غلب أهله على وسط المعمورة وهم أعدل بني آدم ، وأكملهم ، والنصارى الذين تربوا تحت ذمة المسلمين أكمل من غيرهم من النصارى عقولاً ، وأخلاقا .
وأما النصارى المحاربون للمسلمين ، الخارجون عن ذمتهم من أهل الجنوب والشمال : فهم أنقص عقولاً ، وأخلاقاً , ولما فيهم من نقص العقول ، والأخلاق : ظهرت فيهم النصرانية ، دون الإسلام" انتهى .
"الجواب الصحيح لمن بدَّل دين المسيح" (1/164 ، 165) .
2. أن العبر والعظات في قصص أولئك الأنبياء والرسل الكرام أعظم من غيرها .
قال الطاهر بن عاشور رحمه الله :
"وإنَّما ترك الله أن يقصّ على النّبي صلى الله عليه وسلم أسماء كثير من الرسل للاكتفاء بمن قصّهم عليه : لأنّ المذكورين هم أعظم الرسل ، والأنبياء ، قصصاً ذات عبر" انتهى .
"التحرير والتنوير" (6/35) .
3. أن هؤلاء الرسل بحكم وجودهم في منطقة العرب وما حولها كانت أخبارهم معروفة عند العرب ، وعند أهل الكتاب المتواجدين في هذه المنطقة ، وهذا يكون أقوى في إقامة الحجة على هؤلاء ، وتأثير الموعظة والعبرة بما وقع لهؤلاء .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب