السؤال : قرأت في أحد المنتديات هذا الموضوع وأرجو التأكد من صحته : لماذا نؤذن في أذن الطفل اليمنى ونقيم الصلاة في الأذن اليسرى ..؟ عند ولادة الطفل أمرنا رسولنا الكريم بأن نؤذن في أذنه اليمنى ونقيم الصلاة في الأذن اليسرى ؟ فهل فكرنا وتأملنا قليلاً ما هي العبرة من هذا الفعل ؟ إيمانا واعتقاداً جازماً أن كل ما جاء به الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم إنما هو لعبرة وعظة . فمعلوم أن كل أذان يتبعه إقامة وكل إقامة يتبعها صلاة ،،، فأين هي الصلاة !!!!هنا ؟؟؟ تفكروا قليلا !!! هذا هو الأذان وهذه هي إقامة الصلاة تمت في أذن الطفل فأين الصلاة ؟ إن الصلاة تصلى عند وفاته ألم تلحظوا أن صلاة الجنازة بدون أذان ولا إقامة ، إنما كان الأذان والإقامة يوم مولده والصلاة يوم وفاته ، وهذه عبرة على أن الدنيا ما هي إلا ساعة فاجعلها أخي طاعة لخالقك ولا تنسى ذكره وشكره وتلذذ بعبادته وتقرب إليه يملأ قلبك نورا ورضا ، فاللهم لا تشغلني برزقك عن قربك ولا بلهو عن ذكرك ولا بحاجة من حوائج الدنيا عن عبادتك وشكرك . اللهم لا تأخذنا منك إلا إليك ولا تشغلنا عنك إلا بك ، واجعل أعمالنا وأقوالنا وحياتنا كلها خالصة لوجهك الكريم ، وطهر قلوبنا من الرياء والنفاق وسوء الأخلاق .
الجواب :
الحمد لله
أولا :
الأحاديث الواردة بشأن الأذان والإقامة في أذن الوليد لا تخلو أسانيدها من ضعف ، وخاصة ما ورد منها بشأن الإقامة في الأذن اليسري ، فإنها في غاية الضعف ، ومن أخذ بها من أهل العلم فمن باب الترخص بالأخذ بالضعيف في فضائل الأعمال .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
"هذا بيان للناس ، كنا نقول من قبل بشرعية الأذان في أذن المولود ، مع العلم بأن الحديث الذي ينص على سنية الأذان في أذن المولود ، مروي في سنن الترمذي بإسناد ضعيف ، لكننا نحن على طريقة تقوية الأحاديث الضعيفة بالشواهد ، كنا وجدنا لهذا الحديث شاهداً في كتاب ابن القيم الجوزية المعروف بــ (تحفة الودود في أحكام المولود) ، كان يومئذ عزاه لكتاب (شعب الإيمان) للبيهقي ، ومع أنه صرح بأن إسناده ضعيف ، فقد اعتبرت تصريحه هذا بأن السند ليس شديد الضعف ، وبناء على ذلك اعتبرته شاهداً لحديث الترمذي ، وهو من رواية أبي رافع ، ولم يكن يومئذ كتاب (شعب الإيمان) بين أيدينا ، لا مخطوطاً ، ولا مطبوعاً .
واليوم فقد تيسر طبع هذا الكتاب (شعب الإيمان) ، وإذا بهذا الحديث رواه الإمام البيهقي في كتابه الشعب بسند فيه راويان متهمان بالكذب ، وحينئذ تبين لي أن ابن القيم رحمه الله كان متساهلاً في تعبيره عن إسناد الحديث بأنه ضعيف فقط ، وكان الصواب أن يقول : بأنه ضعيف جداً ، لأنه في هذه الحالة لا يجوز لمن يشتغل بعلم الحديث ، أن يعتبر الشديد الضعف شاهداً لما كان ليس شديد الضعف . وحينئذ لم يسعني ، إلا التراجع عن تقوية حديث أبي رافع في سنن الترمذي ، بحديث شعب الإيمان لشدة ضعفه . فبقي حديث أبي رافع على ضعفه ، ونحن على ما هدانا الله عز وجل إليه من عدم جواز العمل بالحديث الضعيف ، رجعنا إلى القول ما دام أن حديث أبي رافع أصله ضعيف السند ، والشاهد له أشد ضعفاً منه. إذاً بقي الضعف على ضعفه ، رجعنا عن القول السابق بسنية ، أو شرعية الأذان في أذن المولود "
انتهى باختصار .
وقال الشيخ سليمان بن ناصر العلوان :
" الحديث الوارد في الأذان في أُذن المولود لا يثبت ... ولا يصح في الباب شيء ؛ فيصبح الأذان في أذن المولود غير مستحب . والأحكام الشرعية – من واجبات ومندوبات ومحرمات ومكروهات – لا تقوم إلا على أدلة صحيحة وأخبار ثابتة " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين :
هل الأذان للمولود في أذنه اليمنى والإقامة في أذنه اليسرى يكون في اليوم السابع أم في اليوم الأول ، أم متى يكون ذلك ؟
فأجاب رحمه الله :
" أولا : لابد أن نسأل : هل هذا من الأمور المشروعة أم لا ؟ لأن الأحاديث الواردة في ذلك ليست بتلك القوة ، لاسيما الإقامة ، ومن صحح الأحاديث الواردة في ذلك قال : إنه يكون عند ولادة المولود كما جاء في هذه الأحاديث " انتهى .
"لقاء الباب المفتوح" (60/ 24) .
ثانياً :
ذكر العلماء الحكمة من التأذين في أذن المولود أول ما يولد عند من يستحبه من العلماء حتى يكون أول ما يطرق سمعه هذه الكلمات التي فيها تعظيم الله وتكبيره والشهادة له سبحانه بالوحدانية ولنبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة ، ولأن الأذان يطرد الشيطان .
قال ابن القيم رحمه الله :
"وسر التأذين ـ والله أعلم ـ أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلماته المتضمنة لكبرياء الرب وعظمته والشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام فكان ذلك كالتلقين له شعار الإسلام عند دخوله إلى الدنيا كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه منها ، وغير مستنكر وصول أثر التأذين إلى قلبه وتأثيره به وإن لم يشعر ، مع ما في ذلك من فائدة أخرى وهي هروب الشيطان من كلمات الأذان ، وهو كان يرصده حتى يولد فيقارنه للمحنة التي قدرها الله وشاءها فيسمع شيطانه ما يضعفه ويغيظه أول أوقات تعلقه به .
وفيه معنى آخر وهو أن تكون دعوته إلى الله وإلى دينه الإسلام وإلى عبادته سابقة على دعوة الشيطان ، كما كانت فطرة الله التي فطر عليها سابقة على تغيير الشيطان لها ونقله عنها ولغير ذلك من الحكم " انتهى .
"تحفة المودود بأحكام المولود" (ص 31) .
وقال القاري في "المرقاة" (12/418) :
" الأظهر أن حكمة الأذان في الأذن أنه يطرق سمعه أول وهلة ذكر الله تعالى على وجه الدعاء إلى الإيمان والصلاة التي هي أم الأركان " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
" قال العلماء : والحكمة في ذلك أن يكون أول ما يسمعه الأذان الذي هو النداء إلى الصلاة والفلاح ، وفيه تعظيم الله وتوحيده والشهادة لنبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة " انتهى .
"فتاوى نور على الدرب" (3/ 280) .
وأما قول من قال : إنما كان الأذان والإقامة يوم مولده والصلاة يوم وفاته ، فهذا القول لا شك عندنا في خطئه ، للأسباب التالية :
1- أن الأحاديث الواردة في ذلك ضعيفة كما سبق .
2- أن هذا القول لم يقله أحد من علماء المسلمين ـ فيما نعلم ـ .
3- أن عدم الأذان والإقامة ليس خاصاً بصلاة الجنازة حتى نلتمس له هذه العلة الباطلة ، فهناك الكثير من الصلوات لا أذان لها ولا إقامة ، فصلاة النوافل ، والعيدين ، والكسوف ، والاستسقاء ، كلها لا أذان لها ولا إقامة ، ثم هناك من المسلمين من لا يصلى عليه وهم الشهداء ، وبهذا يتبين بطلان هذا القول المسؤول عنه .
ويُخشى أن يكون هذا القول وأشباهه من التقول على الشرع ، والافتراء على الله ، وجرأة على تعليل أحكام الله بعلل ليس لها أصل ، والواجب على المسلم ألا يتكلم في الأحكام الشرعية إلا بعلم ، وليعلم أنه ممسؤول عن هذا القول من أين أتى به ؟ قال الله تعالى : (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً ) الإسراء/36 .
ثالثاً :
نود أن ننبه على ما ورد في السؤال من الدعاء بقوله : "اللهم لا تأخذنا منك إلا إليك ولا تشغلنا عنك إلا بك" .
فهذا الدعاء من الأدعية المخترعة التي لا تؤدي معنى صحيحاً ، فضلاً عن ركاكة لفظه ، والذي ينبغي للمسلم إذا أراد أن يدعو أن يحسن اختيار الدعاء ، ويكون بعيداً عن تكلف السجع والتقعر في الكلام أو ركاكة الألفاظ والأسلوب .
ونسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
الجواب :
الحمد لله
أولا :
الأحاديث الواردة بشأن الأذان والإقامة في أذن الوليد لا تخلو أسانيدها من ضعف ، وخاصة ما ورد منها بشأن الإقامة في الأذن اليسري ، فإنها في غاية الضعف ، ومن أخذ بها من أهل العلم فمن باب الترخص بالأخذ بالضعيف في فضائل الأعمال .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
"هذا بيان للناس ، كنا نقول من قبل بشرعية الأذان في أذن المولود ، مع العلم بأن الحديث الذي ينص على سنية الأذان في أذن المولود ، مروي في سنن الترمذي بإسناد ضعيف ، لكننا نحن على طريقة تقوية الأحاديث الضعيفة بالشواهد ، كنا وجدنا لهذا الحديث شاهداً في كتاب ابن القيم الجوزية المعروف بــ (تحفة الودود في أحكام المولود) ، كان يومئذ عزاه لكتاب (شعب الإيمان) للبيهقي ، ومع أنه صرح بأن إسناده ضعيف ، فقد اعتبرت تصريحه هذا بأن السند ليس شديد الضعف ، وبناء على ذلك اعتبرته شاهداً لحديث الترمذي ، وهو من رواية أبي رافع ، ولم يكن يومئذ كتاب (شعب الإيمان) بين أيدينا ، لا مخطوطاً ، ولا مطبوعاً .
واليوم فقد تيسر طبع هذا الكتاب (شعب الإيمان) ، وإذا بهذا الحديث رواه الإمام البيهقي في كتابه الشعب بسند فيه راويان متهمان بالكذب ، وحينئذ تبين لي أن ابن القيم رحمه الله كان متساهلاً في تعبيره عن إسناد الحديث بأنه ضعيف فقط ، وكان الصواب أن يقول : بأنه ضعيف جداً ، لأنه في هذه الحالة لا يجوز لمن يشتغل بعلم الحديث ، أن يعتبر الشديد الضعف شاهداً لما كان ليس شديد الضعف . وحينئذ لم يسعني ، إلا التراجع عن تقوية حديث أبي رافع في سنن الترمذي ، بحديث شعب الإيمان لشدة ضعفه . فبقي حديث أبي رافع على ضعفه ، ونحن على ما هدانا الله عز وجل إليه من عدم جواز العمل بالحديث الضعيف ، رجعنا إلى القول ما دام أن حديث أبي رافع أصله ضعيف السند ، والشاهد له أشد ضعفاً منه. إذاً بقي الضعف على ضعفه ، رجعنا عن القول السابق بسنية ، أو شرعية الأذان في أذن المولود "
انتهى باختصار .
وقال الشيخ سليمان بن ناصر العلوان :
" الحديث الوارد في الأذان في أُذن المولود لا يثبت ... ولا يصح في الباب شيء ؛ فيصبح الأذان في أذن المولود غير مستحب . والأحكام الشرعية – من واجبات ومندوبات ومحرمات ومكروهات – لا تقوم إلا على أدلة صحيحة وأخبار ثابتة " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين :
هل الأذان للمولود في أذنه اليمنى والإقامة في أذنه اليسرى يكون في اليوم السابع أم في اليوم الأول ، أم متى يكون ذلك ؟
فأجاب رحمه الله :
" أولا : لابد أن نسأل : هل هذا من الأمور المشروعة أم لا ؟ لأن الأحاديث الواردة في ذلك ليست بتلك القوة ، لاسيما الإقامة ، ومن صحح الأحاديث الواردة في ذلك قال : إنه يكون عند ولادة المولود كما جاء في هذه الأحاديث " انتهى .
"لقاء الباب المفتوح" (60/ 24) .
ثانياً :
ذكر العلماء الحكمة من التأذين في أذن المولود أول ما يولد عند من يستحبه من العلماء حتى يكون أول ما يطرق سمعه هذه الكلمات التي فيها تعظيم الله وتكبيره والشهادة له سبحانه بالوحدانية ولنبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة ، ولأن الأذان يطرد الشيطان .
قال ابن القيم رحمه الله :
"وسر التأذين ـ والله أعلم ـ أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلماته المتضمنة لكبرياء الرب وعظمته والشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام فكان ذلك كالتلقين له شعار الإسلام عند دخوله إلى الدنيا كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه منها ، وغير مستنكر وصول أثر التأذين إلى قلبه وتأثيره به وإن لم يشعر ، مع ما في ذلك من فائدة أخرى وهي هروب الشيطان من كلمات الأذان ، وهو كان يرصده حتى يولد فيقارنه للمحنة التي قدرها الله وشاءها فيسمع شيطانه ما يضعفه ويغيظه أول أوقات تعلقه به .
وفيه معنى آخر وهو أن تكون دعوته إلى الله وإلى دينه الإسلام وإلى عبادته سابقة على دعوة الشيطان ، كما كانت فطرة الله التي فطر عليها سابقة على تغيير الشيطان لها ونقله عنها ولغير ذلك من الحكم " انتهى .
"تحفة المودود بأحكام المولود" (ص 31) .
وقال القاري في "المرقاة" (12/418) :
" الأظهر أن حكمة الأذان في الأذن أنه يطرق سمعه أول وهلة ذكر الله تعالى على وجه الدعاء إلى الإيمان والصلاة التي هي أم الأركان " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
" قال العلماء : والحكمة في ذلك أن يكون أول ما يسمعه الأذان الذي هو النداء إلى الصلاة والفلاح ، وفيه تعظيم الله وتوحيده والشهادة لنبيه صلى الله عليه وسلم بالرسالة " انتهى .
"فتاوى نور على الدرب" (3/ 280) .
وأما قول من قال : إنما كان الأذان والإقامة يوم مولده والصلاة يوم وفاته ، فهذا القول لا شك عندنا في خطئه ، للأسباب التالية :
1- أن الأحاديث الواردة في ذلك ضعيفة كما سبق .
2- أن هذا القول لم يقله أحد من علماء المسلمين ـ فيما نعلم ـ .
3- أن عدم الأذان والإقامة ليس خاصاً بصلاة الجنازة حتى نلتمس له هذه العلة الباطلة ، فهناك الكثير من الصلوات لا أذان لها ولا إقامة ، فصلاة النوافل ، والعيدين ، والكسوف ، والاستسقاء ، كلها لا أذان لها ولا إقامة ، ثم هناك من المسلمين من لا يصلى عليه وهم الشهداء ، وبهذا يتبين بطلان هذا القول المسؤول عنه .
ويُخشى أن يكون هذا القول وأشباهه من التقول على الشرع ، والافتراء على الله ، وجرأة على تعليل أحكام الله بعلل ليس لها أصل ، والواجب على المسلم ألا يتكلم في الأحكام الشرعية إلا بعلم ، وليعلم أنه ممسؤول عن هذا القول من أين أتى به ؟ قال الله تعالى : (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً ) الإسراء/36 .
ثالثاً :
نود أن ننبه على ما ورد في السؤال من الدعاء بقوله : "اللهم لا تأخذنا منك إلا إليك ولا تشغلنا عنك إلا بك" .
فهذا الدعاء من الأدعية المخترعة التي لا تؤدي معنى صحيحاً ، فضلاً عن ركاكة لفظه ، والذي ينبغي للمسلم إذا أراد أن يدعو أن يحسن اختيار الدعاء ، ويكون بعيداً عن تكلف السجع والتقعر في الكلام أو ركاكة الألفاظ والأسلوب .
ونسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب