الجميل والقبيح في الشعب العراقي (دراسة استطلاعية )
توطئة:
مع أن كل الشعوب فيها الجميل من السمات والقبيح من الصفات الا أن جميلها في الشعب العراقي له نكهة خاصة وقبيحها فيه له هجنة خاصة .
ولأن الشعب العراقي اصبح الان " شاغل الدنيا " أكثر مما كان شاغلها في أزمنة إمبراطورياته القديمة والحديثة ، فأن الفضول العلمي يدفع الباحث الى معرفة ما ينفرد او يمتاز به الشعب العراقي عن باقي الشعوب فيما هو جميل وقبيح من السلوك او الصفات.
وللآسف فأن الباحثين النفسيين والاجتماعيين من الأكاديميين منشغلون في همومهم اليومية وأن الحكومة غير مهتمة بالبحوث الاجتماعية والنفسية ، وبصريح العبارة فانها لا ترتاح لعلماء النفس والاجتماع لأسباب سنفرد لها موضوعا خاصا ، فضلا عن أنه لا يوجد مشروع لبحوث ميدانية عن الشخصية العراقية .
تعليق استباقي :
كنا أشرنا في موضوع سابق " انظر : السادية والمازوشية في الشخصية العراقية " الى انه ليس من الصحيح علميا" وعمليا" القول بوجود شخصية عراقية " نموذجية او منوالية " تمثل المجتمع العراقي ، بمعنى انك اذا حللتها يمكن تعميم نتائجها على العراقيين جميعا" بطريقة مشابهة لتحليل قطرة من دم انسان لتعمم النتيجة على دمه كله وانت مطمئن . والحال الأقرب الى الواقع وجود شخصيتين في المجتمع العراقي الأولى تمثل جيل الكبار " 35 سنة فما فوق " والثانية تمثل جيل الشباب " اقل من 35 سنة ".
وثمة اعتراض اخر يرى أن الشعب العراقي ليس شعبا" واحدا" بل مجموعة شعوب ، ومع انه اعتراض سياسي وقومي أكثر منه اجتماعي ، (لاندماج "الشعوب العراقية" في حياة اجتماعية ونفسية مشتركة لمئات من السنين ) ، الا ان فيه وجة نظر تحتاج الى دراسات ميدانية . ومع ذلك فأنه توجد صفات ايجابية وسلبية مشتركة لدى العراقيين بشكل عام ، وهو افتراض نظري يحتاج ايضا" الى دراسات ميدانية رصينة .
دراسة استطلاعية :
بدأنا الخطوة الاولى باستطلاع اراء عدد من التدريسيين في الجامعة يمثلون عينة عشوائية مؤلفة من " 67 " تدريسيا وتدريسية من اختصاصات علمية وانسانية متنوعة ، وباعمار تراوحت من 24 الى 62 سنة ، من حملة الماجستير والدكتوراه ، خلال شهري آب وايلول 2007 . وكانت اداة الاستطلاع استبانة حملت الطلب الآتي :
( حدد ثلاث صفات ايجابية وثلات صفات سلبية ترى انها سائدة في الشعب العراقي او الشخصية العراقية ) .
نتائج الدراسة :
بعد تفريغ البيانات وحساب تكراراتها ونسبها المئوية كانت النتائج على النحو الاتي :
أولا :الصفات الإيجابية
1. خصائص شخصية : جاءت بالمرتبة الاولى وبنسبة 24% ، وتضمنت الاتي :
الغيرة ، النخوة ، الشهامة ، المروءة ، عزة النفس ، الطيبة ، الشجاعة ، حسن النية ، البساطة ، الاخلاص ، الوفاء ، الثقة بالنفس ، القدرة على التكيف والتأقلم وسرعة الاختلاط بالاخرين ، روح المقاومة ومجابهة الظلم ، الاصرار على تحقيق الهدف ، حلاوة اللسان ، حب المرح والفكاهة والنكتة حتى في احلك الظروف .
2. العلاقات الاجتماعية : جاءت بالمرتبة الثانية بنسبة 18% وتضمنت الاتي :
مساعدة الاخرين ، روح التعاون خاصة عند حصول مصائب وكوارث وحوادث غير متوقعة ، المشاركة الاجتماعية في مناسبات الاحزان والافراح والاعياد ، احترام الوالدين وكبار السن ، مساعدة الغريب والمحتاج وعابر السبيل .
3. صلابة الشخصية : جاءت بالمرتبة الثالثة بنسبة 14 % وتضمن الاتي :
القدرة على تحمل المصائب والمآسي والفواجع والصبر والجلد ، والقدرة على مواصلة الحياة برغم صعوباتها .
4. خصائص عقلية : جاءت بالمرتبة الرابعة وبنسبة 13% وتضمنت الاتي :
الذكاء العالي ، الذكاء الاكاديمي ، التفوق الفكري في الميادين المتنوعة ، الابداع في المجالات كافة ، الطموح ، حب العلم والتعلم .
5. الكرم والجوّد : جاءت بالمرتبة الخامسة وبنسبة 12% وتضمنت الاتي :
كرم الضيافة " يقدم العراقي كل ما يملك ليرضي ضيفه خاصة اذا كان غريبا" ، واحترام
الغريب وتقديره.
6. حب الوطن : جاءت بالمرتبة السادسة وبنسبة 10% وتضمنت :
حب الوطن والغيرة عليه والدفاع عنه ، والروح الوطنية العالية .
7. التمسك بالقيم : جاءت بالمرتبة السابعة وبنسبة 9% وتضمنت :
الالتزام بالعادات والقيم الاصيلة ، كرم الاخلاق ، المحافظة على الشرف والعرض ،والتمسك بالقيم الدينية .
وقد وصف المجيبون الشعب العراقي بأنه ( شعب : صابر ، قوّي ، منتج ، مبدع ، وطني ، مضياف ، ومجبول على المحاولة والمجادلة).
ثانيا : الصفات السلبية :
1. النفاق الاجتماعي وازدواج الشخصية :
جاءت بالمرتبة الاولى وبنسبة 16% . ومع أن المجيبين لم يحددوا المقصود بالصفتين ألا أن المعنى الغالب لهما أن النفاق الاجتماعي يعني أن يظهر الإنسان عكس ما يبطن، كأن يكره الموظف مديره ويتمنى زواله ويسّبه في غيابه لكنه في حضوره يبدي له الاحترام والحب والدعاء بالبقاء في منصبه ، فيما يعني ازدواج الشخصية التناقض بين اتجاه الفرد وسلوكه كأن يدعو الى حرية المرأة في ممارسة العمل الذي ترغب فيه لكنه يمنع ابنته او اخته الناجحة بالاعدادية من التقديم الى كلية الفنون الجميلة او كلية التربية الرياضية مثلا".
2.صفات انفعالية : جاءت بالمرتبة الثانية بنسبة 14% وتضمنت :
تقلب المزاج ، سرعة الانفعال ، شدة الغضب وسرعته ، التصّرف بحدّه ، التسّرع في رد الفعل ، التسّرع في القرارات ، التطّرف بالحب وفي الكره ، والحماس الزائد.
3. الانانية : جاءت بالمرتبة الثالثة بنسبة 12% وتضمنت :
حب الذات ، ايثار المصلحة الشخصية على المصالح العامة ، حب المال والتوجه المادي ، والحسد
4.. التمسك بقيم وعادات متخلفة . جاءت بالمرتبة الرابعة بنسبة 11% وتضمنت :
العنصرية ، والتعصب الديني والمذهبي والعشائري ، والأخذ بالثأر ، وزواج البدل ، والقتل غسلا" للعار ، والايمان بالخرافات .
5. تدني الشعور بالمسؤولية : جاءت بالمرتبة الرابعة ايضا" بنسبة 11% وتضمنت :
ضعف الإخلاص للوظيفة الرسمية والعمل ، وضعف الشعور بالمسؤولية او التهرب منها ، الميل الى الكسل والراحة ، واللامبالاة ، وعدم الاهتمام بالوقت ، وعدم احترام المواعيد ، وعدم التخطيط.
6. مفهوم الذات السلبي : جاءت بالمرتبة الخامسة بنسبة 10% وتضمنت :
ضعف الثقة بالنفس ، الانغلاق على الذات ، استصغار الذات ، عدم الاعتماد على النفس في حل المشكلات ، الثقة العمياء بالاخرين ، الضعف في التعبير عن الرأي والبطء فيه .
7. سلوكيات مذمومة : جاءت بالمرتبة السادسة بنسبة 9% وتضمنت :
الغش والتزوير والكذب والفضول المزعج والغوغائية والتقليد .
8. تضخيم الذات: جاءت بالمرتبة السابعة بنسبة 6% وتضمنت :
التكبر والتعالي والفخفخة والغرور " وغير متفاهم " والسعي الدائم نحو التزعم والقيادة وحب السيطرة والتفرد بالرأي والتعصب له .
9. مخاوف نفسية : جاءت بالمرتبة الثامنة بنسبة 5% وتضمنت :
الخوف من المستقبل والمجهول وفقدان الامل .
10. تمجيد الحاكم : جاءت بالمرتبة التاسعة بنسبة 4% وتضمنت :
عبادة الفرد الحاكم ، وتمجيد الاشخاص وتقديس المسؤولين ، ومدح من يأتي للسلطة .
11. الإيحاء والمبالغة والثرثرة : جاءت بالمرتبة العاشرة والأخيرة بنسبة 3% وتضمنت :
تقبل الشائعات وترويجها وتضخيم الاحداث وكثرة القيل والقال وعدم التروي في صحة المعلومات.
تعليق
تمثل هذه الدراسة الاستطلاعية الأولية وجهة نظر عينة صغيرة نسبيا من أساتذة الجامعة بخصوص الصفات الايجابية والصفات السلبية في الشعب العراقي ، الأمر الذي يحتاج الى دراسات مماثلة على عينات من شرائح اجتماعية اخرى . غير أن هذه المهمة لا يمكن أن يقوم بها باحث واحد ولا حتى مجموعة محدودة العدد من الباحثين ، لأنها تحتاج الى إعداد أدوات بحث تتمتع بالصدق والثبات والموضوعية ، وتفريغ وتحليل كم هائل من المعلومات ، وتفسير ومناقشة النتائج بتفكير علمي رصين . وعليه فنحن ندعو الى أن تكون هذه المهمة مشروعا وطنيا يمكن أن تنهض بجانب منه أقسام الاجتماع وعلم النفس في الجامعات العراقية. منقووووووووووووول
* * * * * *