جاءت هذه الآية الكريمة في خواتيم سورة الرعد, وهي السورة الوحيدة من سور القرآن التي تحمل اسم ظاهرة من الظواهر الجوية, وسورة الرعد توصف بأنها سورة مدنية. وإن كان الخطاب فيها خطابا مكيا, يدور حول أسس العقيدة الاسلامية ومن أولها قضية الايمان بالوحي المنزل من رب العالمين إلي خاتم الانبياء والمرسلين( صلي الله وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه أجمعين), والايمان بالحق الذي اشتمل عليه هذا الوحي الرباني, ومن ركائزه الايمان بالله, وبوحدانيته المطلقة فوق كافة خلقه, والايمان بملائكته, وكتبه, ورسله, وباليوم الآخر, وما يستتبعه من بعث ونشور, وعرض أكبر أمام الله, وحساب وجزاء, وما يستوجبه هذا الايمان من خشية لله وتقواه, وحرص علي طلب رضاه بالعمل الصالح لأن ذلك كله نابع من الايمان بالوحي, وبأن الله( تعالي) هو منزل القرآن الداعي الي عبادة الله بما أمر( سبحانه وتعالي), وبالقيام بواجبات الاستخلاف في الأرض بحسن عمارتها, وإقامة عدل الله فيها.
وتعجب الآيات من منكري البعث والحساب والجزاء, الدين كفروا بربهم, وكذبوا رسله, وجحدوا آياته, وتعرض لشيء من عذابهم في الآخرة, وخلودهم في النار.
وتستشهد السورة في مواضع كثيرة منها بالعديد من الآيات والظواهر الكونية الدالة علي طلاقة القدرة الالهية المبدعة في الخلق والافناء, وفي الأماتة والاحياء, وفي النفع والضر, والشاهدة علي أن كل ما جاء به القرآن الكريم حق مطلق, وإن كان أكثر الناس لا يؤمنون.
ثم تقارن الآيات بين أهل النار وأهل الجنة, وبين أوصاف كل فريق منهم وخصاله وأعماله, وضربت لهما مثلا بالأعمي والبصير, وبينت مصير كل من الفريقين, مع تصوير رائع لكل من الجنة والنار.
وتستطرد آيات سورة الرعد في الحديث عن عدد من الظواهر الكونية من مثل حدوث الرعد, والبرق, والصواعق, وتكوين السحاب الثقال, وإنزال المطر, وتدفق الأودية بمائه حاملة من الزبد والخبث الذي لايلبث أن يذهب جفاء, وبما ينفع الناس من نفائس المعادن التي لا تلبث أن تمكث في الأرض, وتشبه الآيات الكريمة ذلك بكل من الباطل والحق, ولله المثل الأعلي.
ثم تعرض السورة لحقيقة غيبية تتمثل في تسبيح الرعد بحمد الله, وتسبيح الملائكة خشية لجلالة, وخيفة من سلطانه, وجميع من في السماوات والأرض يسجد لله طوعا وكرها, حتي ظلالهم فإنها تسجد لله بالغدو والاصال, أي مع دوران الأرض حول محورها أمام الشمس, فيمد الظل ويقبض في حركة كأنها الركوع والسجود.
وتنعي الآيات علي الكفار استهزاءهم بالرسل السابقين علي بعثة المصطفي( صلي الله عليه وسلم), وفي الاشارة الي ذلك ضرب من التثبيت لرسول الله, والتأكيد له علي أن الابتلاء هو طريق النبوات, وطريق أصحاب الرسالات من بدء الخلق إلي قيام الدعوة المحمدية وإلي أن يرث الله( تعالي) الأرض ومن عليها. وتشير السورة بالقرب من نهايتها الي فرح الصالحين من أهل الكتاب بمقدم الرسول الخاتم, في الوقت الذي حاول فيه الكفار والمشركون التشكيك في حقيقة رسالته وتؤكد انزال القرآن حكما عربيا مبينا, وتدعو المصطفي( صلي الله عليه وسلم) الي الحذر من ضغوط الكافرين من أجل اتباع أهوائهم. وتؤكد أنه ما كان لرسول من الرسل أن يأتي بآية الا باإذن الله.
ثم تأتي الآية الكريمة التي نحن بصددها ناطقة بحقيقة كونية يقول عنها ربنا( تبارك وتعالي):
" أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الحِسَابِ " ( الرعد:41).
ويتكرر معني هذه الآية الكريمة مرة أخري في سورة الأنبياء والتي يقول فيها ربنا( تبارك وتعالي):
" بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ العُمُرُ أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الغَالِبُونَ " (الأنبياء:44).
ثم تختتم سورة الرعد بالحديث عن مكر الأمم السابقة الذي لم يضر المؤمنين شيئا لأن لله( تعالي) المكر جميعا, وأن له( سبحانه وتعالي) عقبي الدار, كما تتحدث عن إنكار الكافرين لبعثة المصطفي ( صلي الله عليه وسلم), وتأتي الآيات, مؤكدة أن الله تعالي يشهد له بالنبوة والرسالة وكذلك كل من عنده علم من رسالات الله السابقة لوجود ذكره( صلي الله عليه وسلم) في الآيات التي لم تحرف من بقايا كتبهم.
وهنا يبرز التساؤل المنطقي: ما هو معني إنقاص الأرض من أطرافها في هاتين الايتين الكريمتين؟ وما هو مغزي دلالتها العلمية والمعنوية؟ وقبل الخوض في ذلك لابد من استعراض سريع لشروح المفسرين.
شروح المفسرين لمعني إنقاص الأرض من أطرافها:
في تفسير قول الحق( تبارك وتعالي): " أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا "
ذكر ابن كثير قول ابن عباس( رضي الله عنهما): أو لم يروا أنا نفتح لمحمد صلي الله عليه وسلم الأرض بعد الأرض, وقوله في مقام آخر: انقاصها من اطرافها هو خرابها بموت علمائها, وفقهائها, وأهل الخير منها وقال ابن كثير: والقول الأول أولي, وهو ظهور الاسلام علي الشرك قرية بعد قرية,
كقوله تعالي: " وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُم مِّنَ القُرَى " (الاحقاف 27 ) وأشار الي أن هذا هو اختيار ابن جرير.
كذلك ذكر ابن كثير قول كل من مجاهد وعكرمة: إنقاص الأرض من أطرافها معناه خرابها, أو هو موت علمائها, وقول كل من الحسن والضحاك: هو ظهور المسلمين علي المشركين, كما قالا: هو نقصان الأنفس والثمرات, وخراب الأرض, وقول الشعبي: لو كانت الأرض تنقص لضاق عليك حشك( أي بستانك), ولكن تنقص الأنفس والثمرات.
وذكر صاحبا تفسير الجلالين:( او لم يروا) أي: أهل مكة وغيرها( أنا نأتي الأرض) نقصد أرضهم,( ننقصها من أطرافها) بالفتح علي النبي صلي الله عليه وسلم.
أما صاحب الظلال فذكر: أن يد الله القوية تأتي الأمم الغنية حين تبطر وتكفر وتفسد فتنقص من قوتها وقدرها وثرائها وتحصرها في رقعة ضيقة من الأرض بعد أن كانت ذات امتداد وسلطان.
وجاء في( صفوة البيان لمعاني القرآن) ما نصه:( أو لم يروا أنا نأتي الأرض..) أي أأنكروا نزول ما وعدناهم, أو شكوا ولم يروا أننا نفتح أرضهم من جوانبها ونلحقها بدار الاسلام!! أولم يروا هلاك من قبلهم وخراب ديارهم كقوم عاد وثمود! فكيف يأمنون حلول ذلك بهم!....
وجاء في صفوة التفاسير ما نصه: أي أو لم ير هؤلاء المشركون أنا نمكن للمؤمنين من ديارهم ونفتح للرسول الأرض بعد الأرض حتي تنقص دار الكفر وتزيد دار الاسلام؟ وذلك من أقوي الأدلة علي أن الله منجز وعده لرسوله عليه السلام.
وجاء في المنتخب في تفسير القرآن الكريم ما نصه: وأن أمارات العذاب والهزيمة قائمة! ألم ينظروا الي أنا نأتي الأرض التي قد استولوا عليها, يأخذها منهم المؤمنون جزءا بعد جزء؟ وبذلك ننقص عليهم الأرض من حولهم, والله وحده هو الذي يحكم بالنصر أو الهزيمة, والثواب أو العقاب, ولا راد لحكمه, وحسابه سريع في وقته, فلا يحتاج الفصل الي وقت طويل, لأن عنده علم كل شيء, فالبينات قائمة. وفي الهامش جاء ذكر ما يلي: تتضمن هذه الآية حقائق وصلت اليها البحوث العلمية الأخيرة إذ ثبت أن سرعة دوران الأرض حول محورها, وقوة طردها المركزي يؤديان الي تفلطح في القطبين وهو نقص في طرفي الأرض, وكذلك عرف أن سرعة انطلاق جزيئات الغازات المغلفة للكرة الأرضية, اذا ما جاوزت قوة جاذبية الأرض لها فإنها تنطلق الي خارج الكرة الأرضية, وهذا يحدث بصفة مستمرة فتكون الأرض في نقص مستمر لأطرافها, لا أرض أعداء المؤمنين, وهذا احتمال في التفسير تقبله الآية الكريمة.
من الدلالات العلمية لإنقاص الأرض من أطرافها:
ترد لفظة الأرض في القرآن الكريم بمعني الكوكب ككل, كما ترد بمعني اليابسة التي نحيا عليها من كتل القارات والجزر البحرية والمحيطية, وإن كانت ترد أيضا بمعني التربة التي تغطي صخور اليابسة. ولإنقاص الأرض من أطرافها في إطار كل معني من تلك المعاني عدد من الدلالات العلمية التي نحصي منها ما يلي:
أولا: في إطار دلالة لفظة الأرض علي الكوكب ككل:
في هذا الإطار نجد ثلاثة معان علمية بارزة يمكن ايجازها فيما يلي:
(أ) إنقاص الأرض من أطرافها بمعني إنكماشها علي ذاتها وتناقص حجمها باستمرار:
يقدر متوسط قطر الأرض الحالية بحوالي12742 كم, ويقدر متوسط محيطها بنحو40042 كم, ويقدر حجمها بأكثر من مليون مليون كم3.
وتفيد الدراسات أن أرضنا مرت بمراحل متعددة من التشكيل منذ انفصال مادتها عن سحابة الدخان الكوني التي نتجت عن عملية الانفجار العظيم إما مباشرة أو بطريقة غير مباشرة عبر سديم الدخان الذي تولدت عنه مجموعتنا الشمسية, وبذلك خلقت الأرض الابتدائية التي لم تكن سوي كومة ضخمة من الرماد ذات حجم هائل يقدر بمائة ضعف حجمها الحالي علي الأقل, ومكونة من عدد من العناصر الخفيفة. ثم ما لبثت تلك الكومة الابتدائية أن رجمت بوابل من النيازك الحديدية, والحديدية الصخرية, والصخرية, كتلك التي تصل الأرض في زماننا( والتي تتراوح كمياتها بين الألف والعشرة آلاف طن سنويا من مادة الشهب والنيازك).
وبحكم كثافتها العالية نسبيا اندفعت النيازك الحديدية إلي مركز تلك الكومة الابتدائية حيث استقرت, مولدة حرارة عالية أدت إلي صهر كومة الرماد التي شكلت الأرض الابتدائية وإلي تمايزها إلي سبع أرضين علي النحو التالي:
1ـ لب صلب داخلي: عبارة عن نواة صلبة من الحديد(90%) وبعض النيكل( 9%) مع قليل من العناصر الخفيفة مثل الكربون والفوسفور, والكبريت والسيليكون والأوكسجين(1%) وهو قريب من تركيب النيازك الحديدية مع زيادة واضحة في نسبة الحديد, ويبلغ قطر هذه النواة حاليا ما يقدر بحوالي2402 كم, وتقدر كثافتها بحوالي10 إلي13.5 جرام/سم3.
2ـ نطاق لب الأرض السائل( الخارجي): وهو نطاق سائل يحيط باللب الصلب, وله نفس تركيبه الكيميائي تقريبا ولكنه في حالة انصهار, ويقدر سمكه بحوالي2275 كم, ويفصله عن اللب الصلب منطقة انتقالية شبه منصهرة يبلغ سمكها450 كم تعتبر الجزء الأسفل من هذا النطاق, ويكون كل من لب الأرض الصلب والسائل حوالي31% من كتلتها.
3ـ النطاق الأسفل من وشاح الأرض( الوشاح السفلي): وهو نطاق صلب يحيط بلب الأرض السائل, ويبلغ سمكه نحو2215 كم( من عمق670 كم إلي عمق2885 كم) ويفصله عن الوشاح الأوسط( الذي يعلوه) مستوي انقطاع للموجات الاهتزازية الناتجة عن الزلازل.
4ـ النطاق الأوسط من وشاح الأرض( الوشاح الأوسط): وهو نطاق صلب يبلغ سمكه نحو270 كم, ويحده مستويات من مستويات انقطاع الموجات الاهتزازية يقع أحدهما علي عمق670 كم ويفصله عن الوشاح الأسفل, ويقع الآخر علي عمق400 كم ويفصله عن الوشاح الأعلي.
5ـ النطاق الأعلي من وشاح الأرض( الوشاح العلوي): وهو نطاق لدن, شبه منصهر, عالي الكثافة واللزوجة( نسبة الانصهار فيه في حدود1%) يعرف باسم نطاق الضعف الأرضي ويمتد بين عمق65 ـ120 كم وعمق400 كم ويتراوح سمكه بين335 كم و380 كم, ويعتقد بأن وشاح الأرض كان كله منصهرا في بدء خلق الأرض ثم أخذ في التصلب بالتدريج نتيجة لفقد جزء هائل من حرارة الأرض.
6ـ النطاق السفلي من الغلاف الصخري للأرض: ويتراوح سمكه بين40 ـ60 كم( بين أعماق60 ـ80 كم)120 كم ويحده من اسفل الحد العلوي لنطاق الضعف الأرضي, ومن أعلي خط انقطاع الموجات الاهتزازية المعروف باسم الموهو.
7ـ النطاق العلوي من الغلاف الصخري للأرض( قشرة الأرض):
ويتراوح سمكه بين(5 ـ 8) كم تحت قيعان البحار والمحيطات وبين(60 ـ80) كم تحت القارات, ويتكون أساسا من العناصر الخفيفة مثل السيليكون, والصوديوم, والبوتاسيوم, والكالسيوم, والألومنيوم, والأوكسجين مع قليل من الحديد 5.6% وبعض العناصر الأخري وهو التركيب الغالب للقشرة القارية التي يغلب عليها الجرانيت والصخور الجرانيتية, أما قشرة قيعان البحار والمحيطات فتميل إلي تركيب الصخور البازلتية.
وأدي هذا التمايز في التركيب الداخلي للأرض إلي نشوء دورات من تيارات الحمل, تندفع من نطاق الضعف الأرضي( الوشاح الأعلي) غالبا, ومن وشاح الأرض الأوسط أحيانا, لتمزق الغلاف الصخري للأرض إلي عدد من الألواح التي شرعت في حركة دائبة حول نطاق الضعف الأرضي نشأ عنها الثورات البركانية, والهزات الأرضية, والحركات البانية للجبال, كما نشأ عنها دحو الأرض بمعني اخراج كل من غلافيها المائي والغازي من جوفها وتكون كتل القارات.
هذا التاريخ يشير إلي أن حجم الأرض الابتدائية كان علي الأقل يصل إلي مائة ضعف حجم الأرض الحالية والمقدر بأكثر قليلا من مليون مليون وثلاثمائة وخمسين كيلومترا مكعبا وأن هذا الكوكب قد أخذ منذ اللحظة الأولي لخلقه في الانكماش علي ذاته من كافة أطرافه. وكان انكماش الارض علي ذاتها سنة كونية لازمة للمحافظة علي العلاقة النسبية بين كتلتي الأرض والشمس, هذه العلاقة التي تضبط بعد الأرض عن الشمس, ذلك البعد الذي يحكم كمية الطاقة الواصلة إلينا. ويقدر متوسط المسافة بين الأرض والشمس بنحو مائة وخمسين مليونا من الكيلومترات, ولما كانت كمية الطاقة التي تصل من الشمس إلي كل كوكب من كواكب مجموعتها تتناسب تناسبا عكسيا مع بعد الكوكب عن الشمس, وكذلك تتناسب سرعة جريه في مداره حولها, بينما يتناسب طول سنة الكوكب تناسبا طرديا مع بعده عنها( وسنة الكوكب هي المدة التي يستغرقها في اتمام دورة كاملة حول الشمس), اتضحت لنا الحكمة من استمرارية تناقص الأرض وانكماشها علي ذاتها أي تناقصها من أطرافها. ولو زادت الطاقة التي تصلنا من الشمس عن القدر الذي يصلنا اليوم قليلا لأحرقتنا, وأحرقت كل حي علي الأرض, ولبخرت الماء, وخلخلت الهواء,ولو قلت قليلا لتجمد كل حي علي الأرض ولقضي علي الحياة الأرضية بالكامل.
ومن الثابت علميا أن الشمس تفقد من كتلتها في كل ثانية نحو خمسة ملايين من الأطنان علي هيئة طاقة ناتجة من تحول غاز الايدروجين بالاندماج النووي إلي غاز الهيليوم. وللمحافظة علي المسافة الفاصلة بين الأرض والشمس لابد وأن تفقد الأرض من كتلتها وزنا متناسبا تماما مع ما تفقده الشمس من كتلتها, ويخرج ذلك عن طريق كل من فوهات البراكين وصدوع الأرض علي هيئة الغازات والأبخرة وهباءات متناهية الضآلة من المواد الصلبة التي يعود بعضها إلي الأرض, ويتمكن البعض الآخر من الافلات من جاذبية الأرض والانطلاق إلي صفحة السماء الدنيا, وبذلك الفقدان المستمر من كتلة الأرض فإنها تنكمش علي ذاتها, وتنقص من كافة أطرافها, وتحتفظ بالمسافة الفاصلة بينها وبين الشمس. ولولا ذلك لانطلقت الارض من عقال جاذبية الشمس لتضيع في صفحة الكون وتهلك ويهلك كل من عليها, أو لانجذبت إلي قلب الشمس حيث الحرارة في حدود15 مليون درجة مئوية فتنصهر وينصهر كل ما بها ومن عليها.
ومن حكمة الله البالغة أن كمية الشهب والنيازك التي تصل الأرض يوميا تلعب دورا هاما في ضبط العلاقة بين كتلتي الأرض والشمس إذا زادت كمية المادة المنفلتة من عقال جاذبية الأرض.
وتعجب الآيات من منكري البعث والحساب والجزاء, الدين كفروا بربهم, وكذبوا رسله, وجحدوا آياته, وتعرض لشيء من عذابهم في الآخرة, وخلودهم في النار.
وتستشهد السورة في مواضع كثيرة منها بالعديد من الآيات والظواهر الكونية الدالة علي طلاقة القدرة الالهية المبدعة في الخلق والافناء, وفي الأماتة والاحياء, وفي النفع والضر, والشاهدة علي أن كل ما جاء به القرآن الكريم حق مطلق, وإن كان أكثر الناس لا يؤمنون.
ثم تقارن الآيات بين أهل النار وأهل الجنة, وبين أوصاف كل فريق منهم وخصاله وأعماله, وضربت لهما مثلا بالأعمي والبصير, وبينت مصير كل من الفريقين, مع تصوير رائع لكل من الجنة والنار.
وتستطرد آيات سورة الرعد في الحديث عن عدد من الظواهر الكونية من مثل حدوث الرعد, والبرق, والصواعق, وتكوين السحاب الثقال, وإنزال المطر, وتدفق الأودية بمائه حاملة من الزبد والخبث الذي لايلبث أن يذهب جفاء, وبما ينفع الناس من نفائس المعادن التي لا تلبث أن تمكث في الأرض, وتشبه الآيات الكريمة ذلك بكل من الباطل والحق, ولله المثل الأعلي.
ثم تعرض السورة لحقيقة غيبية تتمثل في تسبيح الرعد بحمد الله, وتسبيح الملائكة خشية لجلالة, وخيفة من سلطانه, وجميع من في السماوات والأرض يسجد لله طوعا وكرها, حتي ظلالهم فإنها تسجد لله بالغدو والاصال, أي مع دوران الأرض حول محورها أمام الشمس, فيمد الظل ويقبض في حركة كأنها الركوع والسجود.
وتنعي الآيات علي الكفار استهزاءهم بالرسل السابقين علي بعثة المصطفي( صلي الله عليه وسلم), وفي الاشارة الي ذلك ضرب من التثبيت لرسول الله, والتأكيد له علي أن الابتلاء هو طريق النبوات, وطريق أصحاب الرسالات من بدء الخلق إلي قيام الدعوة المحمدية وإلي أن يرث الله( تعالي) الأرض ومن عليها. وتشير السورة بالقرب من نهايتها الي فرح الصالحين من أهل الكتاب بمقدم الرسول الخاتم, في الوقت الذي حاول فيه الكفار والمشركون التشكيك في حقيقة رسالته وتؤكد انزال القرآن حكما عربيا مبينا, وتدعو المصطفي( صلي الله عليه وسلم) الي الحذر من ضغوط الكافرين من أجل اتباع أهوائهم. وتؤكد أنه ما كان لرسول من الرسل أن يأتي بآية الا باإذن الله.
ثم تأتي الآية الكريمة التي نحن بصددها ناطقة بحقيقة كونية يقول عنها ربنا( تبارك وتعالي):
" أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الحِسَابِ " ( الرعد:41).
ويتكرر معني هذه الآية الكريمة مرة أخري في سورة الأنبياء والتي يقول فيها ربنا( تبارك وتعالي):
" بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ العُمُرُ أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الغَالِبُونَ " (الأنبياء:44).
ثم تختتم سورة الرعد بالحديث عن مكر الأمم السابقة الذي لم يضر المؤمنين شيئا لأن لله( تعالي) المكر جميعا, وأن له( سبحانه وتعالي) عقبي الدار, كما تتحدث عن إنكار الكافرين لبعثة المصطفي ( صلي الله عليه وسلم), وتأتي الآيات, مؤكدة أن الله تعالي يشهد له بالنبوة والرسالة وكذلك كل من عنده علم من رسالات الله السابقة لوجود ذكره( صلي الله عليه وسلم) في الآيات التي لم تحرف من بقايا كتبهم.
وهنا يبرز التساؤل المنطقي: ما هو معني إنقاص الأرض من أطرافها في هاتين الايتين الكريمتين؟ وما هو مغزي دلالتها العلمية والمعنوية؟ وقبل الخوض في ذلك لابد من استعراض سريع لشروح المفسرين.
شروح المفسرين لمعني إنقاص الأرض من أطرافها:
في تفسير قول الحق( تبارك وتعالي): " أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا "
ذكر ابن كثير قول ابن عباس( رضي الله عنهما): أو لم يروا أنا نفتح لمحمد صلي الله عليه وسلم الأرض بعد الأرض, وقوله في مقام آخر: انقاصها من اطرافها هو خرابها بموت علمائها, وفقهائها, وأهل الخير منها وقال ابن كثير: والقول الأول أولي, وهو ظهور الاسلام علي الشرك قرية بعد قرية,
كقوله تعالي: " وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُم مِّنَ القُرَى " (الاحقاف 27 ) وأشار الي أن هذا هو اختيار ابن جرير.
كذلك ذكر ابن كثير قول كل من مجاهد وعكرمة: إنقاص الأرض من أطرافها معناه خرابها, أو هو موت علمائها, وقول كل من الحسن والضحاك: هو ظهور المسلمين علي المشركين, كما قالا: هو نقصان الأنفس والثمرات, وخراب الأرض, وقول الشعبي: لو كانت الأرض تنقص لضاق عليك حشك( أي بستانك), ولكن تنقص الأنفس والثمرات.
وذكر صاحبا تفسير الجلالين:( او لم يروا) أي: أهل مكة وغيرها( أنا نأتي الأرض) نقصد أرضهم,( ننقصها من أطرافها) بالفتح علي النبي صلي الله عليه وسلم.
أما صاحب الظلال فذكر: أن يد الله القوية تأتي الأمم الغنية حين تبطر وتكفر وتفسد فتنقص من قوتها وقدرها وثرائها وتحصرها في رقعة ضيقة من الأرض بعد أن كانت ذات امتداد وسلطان.
وجاء في( صفوة البيان لمعاني القرآن) ما نصه:( أو لم يروا أنا نأتي الأرض..) أي أأنكروا نزول ما وعدناهم, أو شكوا ولم يروا أننا نفتح أرضهم من جوانبها ونلحقها بدار الاسلام!! أولم يروا هلاك من قبلهم وخراب ديارهم كقوم عاد وثمود! فكيف يأمنون حلول ذلك بهم!....
وجاء في صفوة التفاسير ما نصه: أي أو لم ير هؤلاء المشركون أنا نمكن للمؤمنين من ديارهم ونفتح للرسول الأرض بعد الأرض حتي تنقص دار الكفر وتزيد دار الاسلام؟ وذلك من أقوي الأدلة علي أن الله منجز وعده لرسوله عليه السلام.
وجاء في المنتخب في تفسير القرآن الكريم ما نصه: وأن أمارات العذاب والهزيمة قائمة! ألم ينظروا الي أنا نأتي الأرض التي قد استولوا عليها, يأخذها منهم المؤمنون جزءا بعد جزء؟ وبذلك ننقص عليهم الأرض من حولهم, والله وحده هو الذي يحكم بالنصر أو الهزيمة, والثواب أو العقاب, ولا راد لحكمه, وحسابه سريع في وقته, فلا يحتاج الفصل الي وقت طويل, لأن عنده علم كل شيء, فالبينات قائمة. وفي الهامش جاء ذكر ما يلي: تتضمن هذه الآية حقائق وصلت اليها البحوث العلمية الأخيرة إذ ثبت أن سرعة دوران الأرض حول محورها, وقوة طردها المركزي يؤديان الي تفلطح في القطبين وهو نقص في طرفي الأرض, وكذلك عرف أن سرعة انطلاق جزيئات الغازات المغلفة للكرة الأرضية, اذا ما جاوزت قوة جاذبية الأرض لها فإنها تنطلق الي خارج الكرة الأرضية, وهذا يحدث بصفة مستمرة فتكون الأرض في نقص مستمر لأطرافها, لا أرض أعداء المؤمنين, وهذا احتمال في التفسير تقبله الآية الكريمة.
من الدلالات العلمية لإنقاص الأرض من أطرافها:
ترد لفظة الأرض في القرآن الكريم بمعني الكوكب ككل, كما ترد بمعني اليابسة التي نحيا عليها من كتل القارات والجزر البحرية والمحيطية, وإن كانت ترد أيضا بمعني التربة التي تغطي صخور اليابسة. ولإنقاص الأرض من أطرافها في إطار كل معني من تلك المعاني عدد من الدلالات العلمية التي نحصي منها ما يلي:
أولا: في إطار دلالة لفظة الأرض علي الكوكب ككل:
في هذا الإطار نجد ثلاثة معان علمية بارزة يمكن ايجازها فيما يلي:
(أ) إنقاص الأرض من أطرافها بمعني إنكماشها علي ذاتها وتناقص حجمها باستمرار:
يقدر متوسط قطر الأرض الحالية بحوالي12742 كم, ويقدر متوسط محيطها بنحو40042 كم, ويقدر حجمها بأكثر من مليون مليون كم3.
وتفيد الدراسات أن أرضنا مرت بمراحل متعددة من التشكيل منذ انفصال مادتها عن سحابة الدخان الكوني التي نتجت عن عملية الانفجار العظيم إما مباشرة أو بطريقة غير مباشرة عبر سديم الدخان الذي تولدت عنه مجموعتنا الشمسية, وبذلك خلقت الأرض الابتدائية التي لم تكن سوي كومة ضخمة من الرماد ذات حجم هائل يقدر بمائة ضعف حجمها الحالي علي الأقل, ومكونة من عدد من العناصر الخفيفة. ثم ما لبثت تلك الكومة الابتدائية أن رجمت بوابل من النيازك الحديدية, والحديدية الصخرية, والصخرية, كتلك التي تصل الأرض في زماننا( والتي تتراوح كمياتها بين الألف والعشرة آلاف طن سنويا من مادة الشهب والنيازك).
وبحكم كثافتها العالية نسبيا اندفعت النيازك الحديدية إلي مركز تلك الكومة الابتدائية حيث استقرت, مولدة حرارة عالية أدت إلي صهر كومة الرماد التي شكلت الأرض الابتدائية وإلي تمايزها إلي سبع أرضين علي النحو التالي:
1ـ لب صلب داخلي: عبارة عن نواة صلبة من الحديد(90%) وبعض النيكل( 9%) مع قليل من العناصر الخفيفة مثل الكربون والفوسفور, والكبريت والسيليكون والأوكسجين(1%) وهو قريب من تركيب النيازك الحديدية مع زيادة واضحة في نسبة الحديد, ويبلغ قطر هذه النواة حاليا ما يقدر بحوالي2402 كم, وتقدر كثافتها بحوالي10 إلي13.5 جرام/سم3.
2ـ نطاق لب الأرض السائل( الخارجي): وهو نطاق سائل يحيط باللب الصلب, وله نفس تركيبه الكيميائي تقريبا ولكنه في حالة انصهار, ويقدر سمكه بحوالي2275 كم, ويفصله عن اللب الصلب منطقة انتقالية شبه منصهرة يبلغ سمكها450 كم تعتبر الجزء الأسفل من هذا النطاق, ويكون كل من لب الأرض الصلب والسائل حوالي31% من كتلتها.
3ـ النطاق الأسفل من وشاح الأرض( الوشاح السفلي): وهو نطاق صلب يحيط بلب الأرض السائل, ويبلغ سمكه نحو2215 كم( من عمق670 كم إلي عمق2885 كم) ويفصله عن الوشاح الأوسط( الذي يعلوه) مستوي انقطاع للموجات الاهتزازية الناتجة عن الزلازل.
4ـ النطاق الأوسط من وشاح الأرض( الوشاح الأوسط): وهو نطاق صلب يبلغ سمكه نحو270 كم, ويحده مستويات من مستويات انقطاع الموجات الاهتزازية يقع أحدهما علي عمق670 كم ويفصله عن الوشاح الأسفل, ويقع الآخر علي عمق400 كم ويفصله عن الوشاح الأعلي.
5ـ النطاق الأعلي من وشاح الأرض( الوشاح العلوي): وهو نطاق لدن, شبه منصهر, عالي الكثافة واللزوجة( نسبة الانصهار فيه في حدود1%) يعرف باسم نطاق الضعف الأرضي ويمتد بين عمق65 ـ120 كم وعمق400 كم ويتراوح سمكه بين335 كم و380 كم, ويعتقد بأن وشاح الأرض كان كله منصهرا في بدء خلق الأرض ثم أخذ في التصلب بالتدريج نتيجة لفقد جزء هائل من حرارة الأرض.
6ـ النطاق السفلي من الغلاف الصخري للأرض: ويتراوح سمكه بين40 ـ60 كم( بين أعماق60 ـ80 كم)120 كم ويحده من اسفل الحد العلوي لنطاق الضعف الأرضي, ومن أعلي خط انقطاع الموجات الاهتزازية المعروف باسم الموهو.
7ـ النطاق العلوي من الغلاف الصخري للأرض( قشرة الأرض):
ويتراوح سمكه بين(5 ـ 8) كم تحت قيعان البحار والمحيطات وبين(60 ـ80) كم تحت القارات, ويتكون أساسا من العناصر الخفيفة مثل السيليكون, والصوديوم, والبوتاسيوم, والكالسيوم, والألومنيوم, والأوكسجين مع قليل من الحديد 5.6% وبعض العناصر الأخري وهو التركيب الغالب للقشرة القارية التي يغلب عليها الجرانيت والصخور الجرانيتية, أما قشرة قيعان البحار والمحيطات فتميل إلي تركيب الصخور البازلتية.
وأدي هذا التمايز في التركيب الداخلي للأرض إلي نشوء دورات من تيارات الحمل, تندفع من نطاق الضعف الأرضي( الوشاح الأعلي) غالبا, ومن وشاح الأرض الأوسط أحيانا, لتمزق الغلاف الصخري للأرض إلي عدد من الألواح التي شرعت في حركة دائبة حول نطاق الضعف الأرضي نشأ عنها الثورات البركانية, والهزات الأرضية, والحركات البانية للجبال, كما نشأ عنها دحو الأرض بمعني اخراج كل من غلافيها المائي والغازي من جوفها وتكون كتل القارات.
هذا التاريخ يشير إلي أن حجم الأرض الابتدائية كان علي الأقل يصل إلي مائة ضعف حجم الأرض الحالية والمقدر بأكثر قليلا من مليون مليون وثلاثمائة وخمسين كيلومترا مكعبا وأن هذا الكوكب قد أخذ منذ اللحظة الأولي لخلقه في الانكماش علي ذاته من كافة أطرافه. وكان انكماش الارض علي ذاتها سنة كونية لازمة للمحافظة علي العلاقة النسبية بين كتلتي الأرض والشمس, هذه العلاقة التي تضبط بعد الأرض عن الشمس, ذلك البعد الذي يحكم كمية الطاقة الواصلة إلينا. ويقدر متوسط المسافة بين الأرض والشمس بنحو مائة وخمسين مليونا من الكيلومترات, ولما كانت كمية الطاقة التي تصل من الشمس إلي كل كوكب من كواكب مجموعتها تتناسب تناسبا عكسيا مع بعد الكوكب عن الشمس, وكذلك تتناسب سرعة جريه في مداره حولها, بينما يتناسب طول سنة الكوكب تناسبا طرديا مع بعده عنها( وسنة الكوكب هي المدة التي يستغرقها في اتمام دورة كاملة حول الشمس), اتضحت لنا الحكمة من استمرارية تناقص الأرض وانكماشها علي ذاتها أي تناقصها من أطرافها. ولو زادت الطاقة التي تصلنا من الشمس عن القدر الذي يصلنا اليوم قليلا لأحرقتنا, وأحرقت كل حي علي الأرض, ولبخرت الماء, وخلخلت الهواء,ولو قلت قليلا لتجمد كل حي علي الأرض ولقضي علي الحياة الأرضية بالكامل.
ومن الثابت علميا أن الشمس تفقد من كتلتها في كل ثانية نحو خمسة ملايين من الأطنان علي هيئة طاقة ناتجة من تحول غاز الايدروجين بالاندماج النووي إلي غاز الهيليوم. وللمحافظة علي المسافة الفاصلة بين الأرض والشمس لابد وأن تفقد الأرض من كتلتها وزنا متناسبا تماما مع ما تفقده الشمس من كتلتها, ويخرج ذلك عن طريق كل من فوهات البراكين وصدوع الأرض علي هيئة الغازات والأبخرة وهباءات متناهية الضآلة من المواد الصلبة التي يعود بعضها إلي الأرض, ويتمكن البعض الآخر من الافلات من جاذبية الأرض والانطلاق إلي صفحة السماء الدنيا, وبذلك الفقدان المستمر من كتلة الأرض فإنها تنكمش علي ذاتها, وتنقص من كافة أطرافها, وتحتفظ بالمسافة الفاصلة بينها وبين الشمس. ولولا ذلك لانطلقت الارض من عقال جاذبية الشمس لتضيع في صفحة الكون وتهلك ويهلك كل من عليها, أو لانجذبت إلي قلب الشمس حيث الحرارة في حدود15 مليون درجة مئوية فتنصهر وينصهر كل ما بها ومن عليها.
ومن حكمة الله البالغة أن كمية الشهب والنيازك التي تصل الأرض يوميا تلعب دورا هاما في ضبط العلاقة بين كتلتي الأرض والشمس إذا زادت كمية المادة المنفلتة من عقال جاذبية الأرض.