ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


2 مشترك

    اختصار علوم الحديث (1)

    ام عائشه
    ام عائشه
    ركن أساسي ساهم في رفعة المنتدى
    ركن أساسي ساهم في رفعة المنتدى


    عدد الرسائل : 496
    الموقع : أرض الله _ القاهرة
    العمل/الترفيه : حب الله وحب الخير للجميع
    المزاج : الحمد لله رب العالمين
    نقاط : 286
    تاريخ التسجيل : 01/10/2008

    اختصار علوم الحديث    (1) Empty اختصار علوم الحديث (1)

    مُساهمة من طرف ام عائشه الأربعاء ديسمبر 03, 2008 12:23 pm




    اختصار علوم الحديث
    لأبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير رحمه الله



    المقدمة

    قَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ ، مُفْتِي الْإِسْلَامِ ، قُدْوَةُ الْعُلَمَاءِ ، شَيْخُ الْمُحَدِّثِينَ ، الْحَافِظُ الْمُفَسِّرُ ، بَقِيَّةُ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ ، عِمَادُ الدِّينِ ، أَبُو الْفِدَاءِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ كَثِيرٍ الْقُرَشِيُّ الشَّافِعِيُّ ، إِمَامُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَالتَّفْسِيرِ بِالشَّامِ الْمَحْرُوسِ ، -فَسَّحَ اللَّهُ لِلْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ فِي أَيَّامِهِ ، وَبَلَّغَهُ فِي الدَّارَيْنِ أَعْلَى قَصْدِهِ وَمُرَامِهِ-.

    اَلْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اِصْطَفَى.

    (أَمَّا بَعْدُ)

    فَإِنَّ عِلْمَ الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ -عَلَى قَائِلِهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ- قَدْ اِعْتَنَى بِالْكَلَامِ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ قَدِيمًا وَحَدِيثً ، كَالْحَاكِمِ وَالْخَطِيبِ ، وَمَنْ قَبْلَهُمَا مِنَ الْأَئِمَّةِ وَمَنْ بَعْدَهُمَا مِنْ حُفَّاظِ الْأُمَّةِ.

    وَلَمَّا كَانَ مِنْ أَهَمِّ الْعُلُومِ وَأَنْفَعِهَا أَحْبَبْتَ أَنْ أُعَلِّقَ فِيهِ مُخْتَصَرًا نَافِعًا جَامِعًا لِمَقَاصِد الْفَوَائِدِ ، وَمَانِعًا مِنْ مُشْكِلَاتِ الْمَسَائِلِ الْفَرَائِد وَكَانَ الْكِتَابُ الَّذِي اِعْتَنَى بِتَهْذِيبِهِ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ ، أَبُو عُمَرَ بْنُ الصَّلَاحِ -تَغَمَّدَهُ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ - مِنْ مَشَاهِيرِ الْمُصَنَّفَاتِ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الطَّلَبَةِ لِهَذَا الشَّأْنِ ، وَرُبَّمَا عُنِيَ بِحِفْظِهِ بَعْضُ الْمَهَرَةِ مِنْ الشُّبَّانِ سَلَكْتُ وَرَاءَهُ ، وَاحْتَذَيْت حِذَاءَهُ ، وَاخْتَصَرْتُ مَا بَسَطَهُ ، وَنَظَّمْتُ مَا فَرَطَهُ.

    وَقَدْ ذَكَرَ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَدِيثِ خَمْسَةً وَسِتِّينَ ، وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ الْحَاكِمَ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظَ النَّيْسَابُورِيَّ ، شَيْخَ الْمُحَدِّثِينَ وَأَنَا -بِعَوْنِ اللَّهِ- أَذْكُرُ جَمِيعَ ذَلِكَ ، مَعَ مَا أُضِيفَ إِلَيْهِ مِنَ الْفَوَائِدِ الْمُلْتَقَطَةِ مِنْ كِتَابِ الْحَافِظِ الْكَبِيرِ أَبِي بَكْرٍ الْبَيْهَقِيِّ ، الْمُسَمَّى (بِالْمَدْخَلِ إِلَى كِتَابِ السُّنَنِ) وَقَدْ اِخْتَصَرْتُهُ أَيْضًا بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا النَّمَطِ ، مِنْ غَيْرِ وَكْسٍ وَلَا شَطَطٍ ، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ ، وَعَلَيْهِ الِاتِّكَالُ.

    ذِكْرُ تَعْدَادِ أَنْوَاعِ الْحَدِيثِ: صَحِيحٌ ، حَسَنٌ ، ضَعِيفٌ ، مُسْنَدٌ ، مَرْفُوعٌ ، مَوْقُوفٌ ، مَقْطُوعٌ ، مُرْسَلٌ ، مُنْقَطِعٌ ، مُعْضَلٌ.

    مُدَلَّسٌ ، شَاذٌّ ، مُنْكَرٌ ، مَا لَهُ شَاهِدٌ ، زِيَادَةُ الثِّقَةِ ، الْأَفْرَادُ.

    اَلْمُعَلَّلُ ، الْمُضْطَرِبُ ، الْمُدْرَجُ ، الْمَوْضُوعُ ، الْمَقْلُوبُ.

    مَعْرِفَةُ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ ، مَعْرِفَةُ كَيْفِيَّةِ سَمَاعِ الْحَدِيثِ وَإِسْمَاعِهِ ، وَأَنْوَاعِ التَّحَمُّلِ مِنْ إِجَازَةٍ وَغَيْرِهَا.

    مَعْرِفَةُ كِتَابَةِ الْحَدِيثِ وَضَبْطِهِ ، كَيْفِيَّةُ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ وَشَرْطُ أَدَائِهِ.

    آدَابُ الْمُحَدِّثِ ، آدَابُ الطَّالِبِ ، مَعْرِفَةُ الْعَالِي وَالنَّازِلِ.

    اَلْمَشْهُورُ ، الْغَرِيبُ ، الْعَزِيزُ ، غَرِيبُ الْحَدِيثِ وَلُغَتُهُ ، الْمُسَلْسَلُ ، نَاسِخُ الْحَدِيثِ وَمَنْسُوخُهُ.

    اَلْمُصَحَّفُ إِسْنَادًا وَمَتْنً ، مُخْتَلِفُ الْحَدِيثِ ، الْمَزِيدُ فِي الْأَسَانِيدِ.

    اَلْمُرْسَلُ ، مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ ، مَعْرِفَةُ التَّابِعِينَ ، مَعْرِفَةُ أَكَابِرِ الرُّوَاةِ عَنْ الْأَصَاغِرِ.

    اَلْمُدَبَّجُ وَرِوَايَةُ الْأَقْرَانِ ، مَعْرِفَةُ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ ، رِوَايَةُ الْآبَاءِ عَنْ الْأَبْنَاءِ ، عَكْسُهُ.

    مَنْ رَوَى عَنْهُ اِثْنَانِ مُتَقَدِّمٌ وَمُتَأَخِّرٌ ، مَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا وَاحِدٌ.

    مَنْ لَهُ أَسْمَاءٌ وَنُعُوتٌ مُتَعَدِّدَةٌ ، الْمُفْرَدَاتُ مِنَ الْأَسْمَاءِ ، مَعْرِفَةُ الْأَسْمَاءِ وَالْكُنَى ، مَنْ عُرِفَ بِاسْمِهِ دُونَ كُنْيَتِهِ.

    مَعْرِفَةُ الْأَلْقَابِ ، الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ ، الْمُتَّفِقِ وَالْمُفْتَرِقِ ، نَوْعٌ مُرَكَّبٌ مِنْ الَّذَيْنِ قَبْلَهُ ، نَوْعٌ آخَرُ مِنْ ذَلِكَ.

    مَنْ نُسِبَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ ، الْأَنْسَابُ الَّتِي يَخْتَلِفُ ظَاهِرُهَا وَبَاطِنُهَ ، مَعْرِفَةُ الْمُبْهَمَاتِ ، تَوَارِيخُ الْوَفَيَاتِ.

    مَعْرِفَةُ الثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءِ ، مَنْ خَلَطَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ ، الطَّبَقَاتُ.

    مَعْرِفَةُ الْمَوَالِي مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالرُّوَاةِ ، مَعْرِفَةُ بُلْدَانِهِمْ وَأَوْطَانِهِمْ.

    وَهَذَا تَنْوِيعٌ مِنْ الشَّيْخِ أَبِي عَمْرٍو وَتَرْتِيبُهُ -رَحِمَهُ اللَّهُ- ، قَالَ وَلَيْسَ بِآخِرِ الْمُمْكِنِ فِي ذَلِكَ ، فَإِنَّهُ قَابِلٌ لِلتَّنْوِيعِ إِلَى مَا لَا يُحْصَى ، إِذْ لَا تَنْحَصِرُ أَحْوَالُ الرُّوَاةِ وَصِفَاتُهُمْ ، وَأَحْوَالُ مُتُونِ الْحَدِيثِ وَصِفَاتُهَا.

    (قُلْتُ) وَفِي هَذَا كُلِّهِ نَظَرٌ ، بَلْ فِي بَسْطِهِ هَذِهِ الْأَنْوَاعَ إِلَى هَذَا الْعَدَدِ نَظَرٌ إِذْ يُمْكِنُ إِدْمَاجُ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ ، وَكَانَ أَلْيَقَ مِمَّا ذَكَرَهُ ثُمَّ إِنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ مُتَمَاثِلَاتٍ مِنْهَا بَعْضَهَا عَنْ بَعْضٍ ، وَكَانَ اللَّائِقُ ذِكْرَ كُلِّ نَوْعٍ إِلَى جَانِبِ مَا يُنَاسِبُهُ.

    وَنَحْنُ نُرَتِّبُ مَا نَذْكُرُهُ عَلَى مَا هُوَ الْأَنْسَبُ ، وَرُبَّمَا أَدْمَجْنَا بَعْضَهَا فِي بَعْضٍ ، طَلَبًا لِلِاخْتِصَارِ وَالْمُنَاسَبَةِ وَنُنَبِّهُ عَلَى مُنَاقَشَاتٍ لَا بُدَّ مِنْهَ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ -تَعَالَى-.

    اَلنَّوْعُ الْأَوَّلُ

    اَلصَّحِيحُ

    تَقْسِيمُ الْحَدِيثِ إِلَى أَنْوَاعِهِ صِحَّةً وَضَعْفً

    قَالَ اِعْلَمْ -عَلَّمَكَ اللَّهُ وَإِيَّايَ- أَنَّ الْحَدِيثَ عِنْدَ أَهْلِهِ يَنْقَسِمُ إِلَى صَحِيحٍ وَحَسَنٍ وَضَعِيفٍ

    (قُلْتُ) هَذَا التَّقْسِيمُ إِنْ كَانَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ، فَلَيْسَ إِلَّا صَحِيحٌ أَوْ ضَعِيفٌ ، وَإِنْ كَانَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اِصْطِلَاحِ الْمُحَدِّثِينَ ، فَالْحَدِيثُ يَنْقَسِمُ عِنْدَهُمْ إِلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، كَمَا قَدْ ذَكَرَهُ آنِفًا هُوَ وَغَيْرُهُ أَيْضًا.

    تَعْرِيفُ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ

    قَالَ أَمَّا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ فَهُوَ الْحَدِيثُ الْمُسْنَدُ الَّذِي يَتَّصِلُ إِسْنَادُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنْ الْعَدْلِ الضَّابِطِ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، وَلَا يَكُونَ شَاذًّا وَلَا مُعَلَّلًا.

    ثُمَّ أَخَذَ يُبَيِّنُ فَوَائِدَهُ ، وَمَا اِحْتَرَزَ بِهَا عَنْ الْمُرْسَلِ وَالْمُنْقَطِعِ وَالْمُعْضَلِ وَالشَّاذِّ ، وَمَا فِيهِ عِلَّةٌ قَادِحَةٌ وَمَا فِي رَاوِيهِ مِنْ نَوْعِ جَرْحٍ.

    قَالَ وَهَذَا هُوَ الْحَدِيثُ الَّذِي يُحْكَمُ لَهُ بِالصِّحَّةِ ، بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَقَدْ يَخْتَلِفُونَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ ، لِاخْتِلَافِهِمْ فِي وُجُودِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ ، أَوْ فِي اِشْتِرَاطِ بَعْضِهَ ، كَمَا فِي الْمُرْسَلِ.

    (قُلْتُ) فَحَاصِلُ حَدِّ الصَّحِيحِ أَنَّهُ الْمُتَّصِلُ سَنَدُهُ بِنَقْلِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ عَنْ مِثْلِهِ ، حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ إِلَى مُنْتَهَاهُ ، مِنْ صَحَابِيٍّ أَوْ مَنْ دُونَهُ ، وَلَا يَكُونُ شَاذًّ ، وَلَا مَرْدُودً ، وَلَا مُعَلَّلًا بِعِلَّةٍ قَادِحَةٍ ، وَقَدْ يَكُونُ مَشْهُورًا أَوْ غَرِيبًا.

    وَهُوَ مُتَفَاوِتٌ فِي نَظَرِ الْحُفَّاظِ فِي مَحَالِّهِ ، وَلِهَذَا أَطْلَقَ بَعْضُهُمْ أَصَحَّ الْأَسَانِيدِ عَلَى بَعْضِهَا فَعَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ أَصَحُّهَا الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ والفَلَّاسُ أَصَحُّهَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ عَنْ عَلِيٍّ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَصَحُّهَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَنْ الْبُخَارِيِّ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَزَادَ بَعْضُهُمْ الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ ، إِذْ هُوَ أَجَلُّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ.

    أَوَّلُ مَنْ جَمَعَ صِحَاحَ الْحَدِيثِ

    (فَائِدَةٌ) أَوَّلُ مَنْ اِعْتَنَى بِجَمْعِ الصَّحِيحِ أَبُو عُبَيْدَةَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ ، وَتَلَاهُ صَاحِبُهُ وَتِلْمِيذُهُ أَبُو الْحَسَنِ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ النَّيْسَابُورِيُّ فَهُمَا أَصَحُّ كُتُبِ الْحَدِيثِ وَالْبُخَارِيُّ أَرْجَحُ ؛ لِأَنَّهُ اِشْتَرَطَ فِي إِخْرَاجِهِ الْحَدِيثَ فِي كِتَابِهِ هَذَا أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي قَدْ عَاصَرَ شَيْخَهُ وَثَبَتَ عِنْدَهُ سَمَاعُهُ مِنْهُ ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ مُسْلِمٌ الثَّانِيَ ، بَلْ اِكْتَفَى بِمُجَرَّدِ الْمُعَاصَرَةِ وَمِنْ هَاهُنَا يَنْفَصِلُ لَكَ النِّزَاعُ فِي تَرْجِيحِ تَصْحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَلَى مُسْلِمٍ ، كَمَا هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ ، خِلَافًا لِأَبِي عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيِّ شَيْخِ الْحَاكِمِ ، وَطَائِفَةٍ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَغْرِبِ.

    ثُمَّ إِنَّ الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا لَمْ يَلْتَزِمَا بِإِخْرَاجِ جَمِيعِ مَا يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ ، فَإِنَّهُمَا قَدْ صَحَّحَا أَحَادِيثَ لَيْسَتْ فِي كِتَابَيْهِمَ ، كَمَا يَنْقُلُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْبُخَارِيِّ تَصْحِيحَ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ عِنْدَهُ ، بَلْ فِي السُّنَنِ وَغَيْرِهَا.

    عَدَدُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنَ الْحَدِيثِ

    قَالَ اِبْنُ الصَّلَاحِ فَجَمِيعُ مَا فِي الْبُخَارِيِّ ، بِالْمُكَرَّرِ سَبْعَةُ آلَافِ حَدِيثٍ وَمِائَتَانِ وَخَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ حَدِيثًا وَبِغَيْرِ الْمُكَرَّرِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَجَمِيعُ مَا فِي صَحِيحٍ مُسْلِمٍ بِلَا تَكْرَارٍ نَحْوُ أَرْبَعَةِ آلَافٍ.

    اَلزِّيَادَاتُ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ

    وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ الْأَخْرَمِ قَلَّ مَا يَفُوتُ الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ.

    وَقَدْ نَاقَشَهُ اِبْنُ الصَّلَاحِ فِي ذَلِكَ ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ قَدْ اِسْتَدْرَكَ عَلَيْهِمَا أَحَادِيثَ كَثِيرَةً ، وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا مَقَالٌ ، إِلَّا أَنَّهُ يَصْفُو لَهُ شَيْءٌ كَثِيرٌ.

    (قُلْتُ) فِي هَذَا نَظَرٌ ، فَإِنَّهُ يُلْزِمُهُمَا بِإِخْرَاجِ أَحَادِيثَ لَا تَلْزَمُهُمَ ، لِضَعْفِ رُوَاتِهِمَا عِنْدَهُمَ ، أَوْ لِتَعْلِيلِهِمَا ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

    وَقَدْ خُرِّجَتْ كُتُبٌ كَثِيرَةٌ عَلَى الصَّحِيحَيْنِ ، يُؤْخَذُ مِنْهَا زِيَادَاتٌ مُفِيدَةٌ ، وَأَسَانِيدُ جَيِّدَةٌ ، كَصَحِيحِ أَبِي عَوَانَةَ ، وَأَبِي بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَالْبُرْقَانِيِّ ، وَأَبِي نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَكُتُبٌ أُخَرُ اِلْتَزَمَ أَصْحَابُهَا صِحَّتَهَ ، كَابْنِ خُزَيْمَةَ ، وَابْنِ حِبَّانَ البُسْتِيِّ ، وَهُمَا خَيْرٌ مِنَ الْمُسْتَدْرَكِ بِكَثِيرٍ ، وَأَنْظَفُ أَسَانِيدَ وَمُتُونًا.

    وَكَذَلِكَ يُوجَدُ فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مِنَ الْأَسَانِيدِ وَالْمُتُونِ شَيْءٌ كَثِيرٌ مِمَّا يُوَازِي كَثِيرًا مِنْ أَحَادِيثِ مُسْلِمٍ ، بَلْ وَالْبُخَارِيِّ أَيْضً ، وَلَيْسَتْ عِنْدَهُمَ ، وَلَا عِنْدَ أَحَدِهِمَ ، بَلْ وَلَمْ يُخَرِّجْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ الْأَرْبَعَةِ ، وَهُمْ أَبُو دَاوُدَ ، وَاَلتِّرْمِذِيُّ ، وَالنَّسَائِيُّ ، وَابْنُ مَاجَهْ.

    وَكَذَلِكَ يُوجَدُ فِي مُعْجَمَيْ الطَّبَرَانِيِّ الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ ، وَمَسْنَدَيْ أَبِي يَعْلَى وَالْبَزَّارِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَسَانِيدِ وَالْمَعَاجِمِ وَالْفَوَائِدِ وَالْأَجْزَاءِ مَا يَتَمَكَّنُ الْمُتَبَحِّرُ فِي هَذَا الشَّأْنِ مِنَ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ كَثِيرٍ مِنْهُ ، بَعْدَ النَّظَرِ فِي حَالِ رِجَالِهِ ، وَسَلَامَتِهِ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمُفْسِدِ وَيَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ ، وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَى صِحَّتِهِ حَافِظٌ قَبْلَهُ ، مُوَافَقَةً لِلشَّيْخِ أَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى النَّوَوِيِّ ، وَخِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي عَمْرٍو.

    وَقَدْ جَمَعَ الشَّيْخُ ضِيَاءُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْدِسِيُّ فِي ذَلِكَ كِتَابًا سَمَّاهُ (اَلْمُخْتَارَةَ) وَلَمْ يَتِمَّ ، كَانَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ مِنْ مَشَايِخِنَا يُرَجِّحُهُ عَلَى مُسْتَدْرَكِ الْحَاكِمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

    وَقَدْ جَمَعَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو ابْنُ الصَّلَاحِ عَلَى الْحَاكِمِ فِي مُسْتَدْرَكِهِ فَقَالَ وَهُوَ وَاسِعُ الْخَطْوِ فِي شَرْحِ الصَّحِيحِ ، مُتَسَاهِلٌ بِالْقَضَاءِ بِهِ ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَتَوَسَّطَ فِي أَمْرِهِ ، فَمَا لَمْ نَجِدْ فِيهِ تَصْحِيحًا لِغَيْرِهِ مِنَ الْأَئِمَّةِ ، ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَحِيحً ، فَهُوَ حَسَنٌ يُحْتَجُّ بِهِ ، إِلَّا أَنْ تَظْهَرَ فِيهِ عِلَّةٌ تُوجِبُ ضَعْفَهُ .

    (قُلْتُ) فِي هَذَا الْكِتَابِ أَنْوَاعٌ مِنَ الْحَدِيثِ كَثِيرَةٌ ، فِيهِ الصَّحِيحُ الْمُسْتَدْرَكُ ، وَهُوَ قَلِيلٌ ، وَفِيهِ صَحِيحٌ قَدْ خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ أَوْ أَحَدُهُمَ ، لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْحَاكِمُ وَفِيهِ الْحَسَنُ وَالضَّعِيفُ وَالْمَوْضُوعُ أَيْضًا وَقَدْ اِخْتَصَرَهُ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الذَّهَبِيُّ ، وَبَيَّنَ هَذَا كُلَّهُ ، وَجَمَعَ فِيهِ جُزْءًا كَبِيرًا مِمَّا وَقَعَ فِيهِ مِنَ الْمَوْضُوعَاتِ ، وَذَلِكَ يُقَارِبُ مِائَةَ حَدِيثٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ







    [/size]
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    اختصار علوم الحديث    (1) Empty رد: اختصار علوم الحديث (1)

    مُساهمة من طرف أحمد الجمعة مايو 18, 2012 1:43 pm

    قال أبو شامة المقدسي في "مختصر المؤمل" (ص55) : «وأئمةُ الحديثِ هم المعتبَرون القُدْوةُ في فنِّهم؛ فوجَبَ الرجوعُ إليهم في ذلك، وعَرْضُ آراءِ الفقهاءِ على السننِ والآثارِ الصَّحيحة؛ فما ساعَدَهُ الأَثَرُ فهو المعتبَرُ، وإلا فلا نُبْطِلُ الخَبَرَ بالرأي، ولا نضَعِّفه إنْ كان على خلافِ وُجُوهِ الضَّعْفِ من علل الحديثِ المعروفةِ عند أهله، أو بإجماعِ الكافَّةِ على خلافه؛ فقد يَظْهَرُ ضَعْفُ الحديثِ وقد يخفى. وأقربُ ما يُؤْمَرُ به في ذلك : أنك إذا رأيتَ حديثًا خارجًا عن دواوينِ الإسلام - كالموطَّأ، ومسند أحمد، والصَّحيحَيْنِ، وسنن أبي داود، والترمذي، والنَّسَائي، ونحوها مما تقدَّم ذكرُه ومما لم نذكُرْهُ - فانظُرْ فيه: فإنْ كان له نظيرٌ في الصحاح والحسان قَرُبَ أَمْرُهُ، وإنْ رأيتَهُ يُبَايِنُ الأصولَ وارتَبْتَ به فتأمَّلْ رجالَ إسناده، واعتبِرْ أحوالَهُمْ مِنَ الكُتُبِ المصنَّفَة في ذلك. وأصعبُ الأحوال : أن يكونَ رجالُ الإسنادِ كلُّهم ثقات، ويكونَ متنُ الحديثِ موضوعًا عليهم، أو مقلوبًا، أو قد جرى فيه تدليسٌ، ولا يَعْرِفُ هذا إلا النُّقَّادُ من علماء الحديث ؛ فإنْ كنتَ مِنْ أهله فَبِهِ، وإلا فاسألْ عنه أهلَهُ» .
    وقال ابن رجب الحنبلي في "شرح علل الترمذي" (2/894) : «أَمَّا أهلُ العلمِ والمعرفة، والسُّنَّةِ والجماعة، فإنَّما يَذْكُرون عِلَلَ الحديثِ نصيحةً لِلدِّين، وحفظًا لسنَّة النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وصيانةً لها، وتمييزًا مما يَدْخُلُ على رواتها من الغَلَطِ والسَّهْوِ والوَهَمِ، ولا يوجبُ ذلك عندهم طَعْنًا في غير الأحاديث المُعَلَّة، بل تَقْوَى بذلك الأحاديثُ السليمةُ عندهم؛ لبراءتها من العلل، وسلامتها من الآفات، فهؤلاءِ هم العارفونَ بِسُنَّةِ رسول الله حَقًّا، وهم النقَّاد الجَهابذةُ الذين ينتقدون انتقادَ الصيرفيِّ الحاذقِ للنَّقْدِ البَهْرَج من الخالص، وانتقادَ الجوهريِّ الحاذق للجوهر مما دُلِّسَ به».

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت أبريل 27, 2024 2:37 pm