أمر الإخشيد بهدم المواخير ودور المقامرين والقبض عليهم. وأُدخِل عليه جماعة من المقامرين وعُرضوا عليه، وفيهم شيخ حسن الهيئة. فقال الإخشيد: وهذا الشيخ مقامر؟!! فقالوا له: هذا يُقال له "المُطَمِّع". فقال الإخشيد: وما المُطَمِّع؟ قالوا: هو سبب رواج حال دار القمار، وذلك أن المقامر إذا خسر ما معه من مال، قال له المُطَمِّع: "العب على ردائك فلعلك تغلب"، فإذا ذهب رداؤه قال له: "العب على قميصك حتى تغلب به"، وهكذا حتى يبلغ نعليه، بل وربما اقترض له مالاً حتى يخسره. ولهذا الشيخ من صاحب دار القمار جراية يأخذها كل يوم لقاء صنعه هذا. فضحك الإخشيد وقال: يا شيخ، تُب إلى الله من هذا. فتاب الرجل، فأمر له الإخشيد بثوب ورداء وألف درهم وقال: يُجْرَى عليه في كل شهر عشرة دنانير. فدعا له الشيخ وشكره وخرج. فقال الإخشيد: رُدُّوه! فلما لحقوا به وردُّوه قال الإخشيد: خذوا منه ما أعطيناه، وأبطحوه، واضربوه ستمائة جلدة. ثم قال للشيخ: تطميعنا خير أم تطميعك؟
من كتاب "المُغْرِب في حُلَى المَغْرب" لابن سعيد الأندلسي.
من كتاب "المُغْرِب في حُلَى المَغْرب" لابن سعيد الأندلسي.