ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    الاستاذ أنور الجندي : محام في قضية الحكم بكتاب الله

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الاستاذ أنور الجندي : محام في قضية الحكم بكتاب الله Empty الاستاذ أنور الجندي : محام في قضية الحكم بكتاب الله

    مُساهمة من طرف أحمد الخميس سبتمبر 18, 2008 5:32 pm

    نقلا عن موقع اسلام اون لاين و موقع لها أون لاين
    ********
    أنور الجندي الزاهد الرباني الدؤوب :

    أنور الجندي: أنا محام في قضية الحكم بكتاب الله
    نحن إزاء شخصية مفكر وفيلسوف وباحث متجرد شديد العمق واسع العطاء لا يتطلع إلى أي شيء في الحياة غير أمر واحد، هو أن يقول كلمته ويعيش لفكرته التي جند لها كل ما أتاه الله من مواهب وقدرات، وعمر وفهم وحياة.
    يقول العلامة الراحل أنور الجندي (1917م – 2002م): "أنا محام في قضية الحكم بكتاب الله، ما زلت موكلا فيها منذ بضع وأربعين سنة منذ رفع القضية الإمام الذي استشهد في سبيلها قبل خمسين عاما للناس، حيث أعد لها الدفوع وأقدم المذكرات بتكليف بعقد وبيعة إلى الحق تبارك وتعالى، وعهد على بيع النفس لله والجنة – سلعة الله الغالية – هي الثمن لهذا التكليف" "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة".
    بيت أصيل
    ولد الجندي بـ (ديروط) عام 1917 التابعة لمركز أسيوط بصعيد مصر، وهي واحدة من أجل بلاد الصعيد، حيث تسقيها ثلاثة روافد للنيل هي: الإبراهيمية، وبحر يوسف، والدلجاوي.حيث كان جده لوالدته قاضيا شرعيا يشتغل بتحقيق التراث ووالده يشتغل بتجارة الأقطان. وكان أيضا حفيا بالثقافة الإسلامية ومتابعة الأحداث الوطنية والعالمية، وكان بيت الجندي مغمورا بالصحف والمجلات وصور الأبطال من أمثال عبد الكريم الخطابي زعيم الريف المغربي، وأنور باشا القائد التركي الذي اشترك في حرب فلسطين – والذي كان ذائع الشهرة حينئذ – وباسمه تسمى أنور الجندي من قبل والديه تيمنا وإعجابا.

    حفظ القرآن الكريم في كتاب القرية. ويسرت له ظروف والده التجارية أن يعمل وهو صغير ببنك مصر بعد أن درس التجارة وعمل المصارف بالمدارس المتوسطة. ثم واصل دراسته الجامعية في المساء حيث درس الاقتصاد والمصارف وإدارة الأعمال، وتخرج في الجامعة الأمريكية مجيدا للغة الإنجليزية التي درسها خصيصا ليستطيع متابعة ما يثار من شبهات حول الإسلام من الشرق والغرب ويقوم بالرد السديد عليها.

    بدأ رحلة الفكر والكتابة مبكرا حيث نشر في مجلة "أبولو" الأدبية الرفيعة التي كان يحررها الدكتور أحمد زكي أبو شادي عام (1933)، وكانت قد أعلنت عن مسابقة لإعداد عدد خاص عن شاعر النيل حافظ إبراهيم، فجرد أنور الجندي قلمه، وأجاد في حافظ إلى حد أنه يقول: "ما زلت أفخر بأني كتبت في (أبولو) وأنا في هذه السن (17) عاما، وقد فتح لي هذا باب النشر في أشهر الجرائد والمجلات آنئذ مثل البلاغ وكوكب الشرق والرسالة وغيرها من المجلات والصحف".

    الجندي على ثغر الغزو الفكري

    ثم واصل هذا الرجل الفريد رحلته التي رصد كل لحظة فيها لنصرة الإسلام، فوقف على أخطر الثغور التي ولج منها الأعداء إلى ديار المسلمين وعقولهم، فاجتاحوها ألا وهو باب "الغزو الفكري". فكان أنور الجندي بحق هو الأمين الأول على الثقافة الإسلامية لأربعة أجيال متعاقبة: جيل البناء والتأسيس، وجيل الصبر والجهاد، وجيل التكوين والانتشار، وجيل التربية والمستقبل.

    تشكل سنة 1940 علامة فارقة في حياة العلامة أنور الجندي بعد قراءته لكتاب "وجهة الإسلام" لمجموعة من المستشرقين. هذا الكتاب الذي لفت نظره إلى حجم المؤامرة على الإسلام، ووضع أقدامه على الطريق الطويل لمعركة المسلمين في ميدان البقاء. فما كان من أنور الجندي إلا أن قال: "هذا قلمي عدتي وسلاحي من أجل مقاومة النفوذ الفكري والأجنبي والغزو الثقافي". وبدأ أنور الجندي بميدان الأدب أكثر الميادين غزوا في حينها وأعلاها صوتا وأوسعها انتشارًا،فواجه في هذا الميدان قممه جميعا: طه حسين والعقاد ولطفي السيد وسلامة موسى وجورحي زيدان والحكيم ونجيب محفوظ، وأقام الموازين العادلة لمحاكمة هؤلاء إلى ميزان الإسلام وصحة الفكرة الإسلامية، فأخرج عشرات الكتب من العيار الفكري الثقيل مثل: أضواء على الأدب العربي المعاصر، والأدب العربي الحديث في معركة المقاومة والتجمع والحرية، أخطاء المنهج الغربي الوافد، إعادة النظر في كتابات العصريين في ضوء الإسلام، خص منها طه حسين وحده بكتابين كبيرين، هما: طه حسين وحياته في ميزان الإسلام، ومحاكمة فكر طه حسين؛ ذلك لأن الجندي كان يرى أن طه حسين هو قمة أطروحة التغريب، وأقوى معاقلها، ولذلك كان توجيه ضربة قوية إليه هو قمة الأعمال المحررة لفكر الإسلامي من التبعية.

    الأدب والفكر صنوان

    وكان العلامة أنور الجندي يرى أن فصل الأدب عن الفكر – وهو عنصر من عناصره – أخطر التحديات التي فتحت الباب واسعا أمام الأدب ليتدخل في كل قضايا الإجماع ويفسد مفاهيم الإسلام الحقيقية؛ ومن ثم فقد أنصف الجندي كتاباته الرصينة أصحاب الفكرة الإسلامية الصحيحة من أمثال الرافعي والثعالبي وباكثير ومحمد فريد وجدي والسحار وكيلاني وتيمور… وغيرهم من الذين ظلمهم المتغربون وأبناء المتغربين من المعاصرين، ونال في هذا الطريق كثيرًا من الأذى والظلم والإعنات فضلا عن أنه اعتقل لمدة عام سنة 1951.

    البنا يشعل جذوة الفكر لديه

    التقى المؤرخ العملاق والمفكر الكبير أنور الجندي بالإمام الشهيد حسن البنا في بواكير حياته، فكان هذا اللقاء –حقًا- مباركًا، وكانت بيعة الرجل الأمين زادا أصيلا على طريق النور. أخذ فيه الجندي نفسه بنفسه على وضع منهج إسلامي متكامل لمقدمات العلوم والمناهج، يكون زادًا لأبناء الحركة الإسلامية ونبراسا لطلاب العلم والأمناء في كل مكان؛ فأخرج هذا المنهج في 10 أجزاء ضخمة يتناول فيه بالبحث الجذور الأساسية للفكر الإسلامي التي بناها القرآن الكريم والسنة المطهرة، وما واجهه من محاولات ترجمة الفكر اليوناني الفارسي والهندي، وكيف انبعثت حركة اليقظة الإسلامية في العصر الحديث من قلب العالم الإسلامي نفسه –وعلى زاد وعطاء من الإسلام- فقاومت حركات الاحتلال والاستغلال والتغريب والتخريب والغزو الفكري والثقافي.. ويذكر للعلامة الجندي عند الله وعند الناس أن هذه الموسوعة الضخمة تعجز الآن عشرات المجامع ومئات المؤسسات والهيئات أن تأتي بمثلها. أو بقريب منها.

    وظل الجندي على العهد إلى آخر نفس في حياته، حيث كان يضع أمام سرير نومه صورة لوالده وجده والإمام الشهيد حسن البنا رضوان الله على الجميع.

    وخص الإمام البنا بثلاثة كتب أولها في صدر شبابه، حين كان يصدر موسوعة فكرية إسلامية لمنهجه "الفكر وبناء الثقافة" أول كل شهر بصفة دورية فكان منها عام 1946: "الإخوان المسلمون في ميزان الحق". وكتاب "قائد الدعوة.. حياة رجل وتاريخ مدرسة"، ثم اختتم حياته المباركة بكتابه النفيس "حسن البنا.. الداعية الإمام والمجدد الشهير".

    ولقد تزود العلامة أنور الجندي لمشواره الكبير (مائتا كتاب وأكثر من ثلاثمائة رسالة) بزاد ثقافي أصيل وثقافة عميقة شاملة انعكست بشكل واضح في كل ما خطه قلمه المبارك، فيقول: "قرأت بطاقات دار الكتب وهي تربو على مليوني بطاقة، وأحصيت في كراريس بعض أسمائها وراجعت فهارس المجلات الكثيرة الكبرى كالهلال والمقتطف والمشرق والمنار والرسالة والثقافة، وأحصيت منها بعض رؤوس موضوعات، وراجعت جريدة الأهرام على مدى عشرين عاما، وراجعت المقطم واللواء والبلاغ وكوكب الشرق والجهاد وغيرها من الصحف، وعشرات من المجلات العديدة والدوريات التي عُرفت في بلادنا في خلال هذا القرن.. كل ذلك من أجل تقدير موقف القدرة على التعرف على موضوع معين في وقت ما".

    التواضع والزهد

    والذي يعرف منزله بشارع عثمان محرم بمنطقة الطالبية بالجيزة، يعرف أن البيت بكل غرفه وطوابقه كان دائرة معارف متنوعة في شتى الشئون والفنون. كما كان للعلامة أنور الجندي موقع محدد بدار الكتب لا يغيب عنه إلا لماما. ولديه صناديق للبطاقات العلمية وصلت إلى 180 صندوقا. تزود بذلك كله، إلى ما حباه الله من صبر جميل طويل وتفرغ كامل للأعمال الفكرية، وتجرد قلّ أن يوجد في عصرنا، وفراغ من شغل الأولاد والأموال حيث رزق ببنت واحدة (فائزة، أم عبد الله) تزوجت في بداية شبابها بشاب صالح كان نعم العون للأستاذ أنور في رحلة الصعاب التي قضاها على مدى سبعين عاما كاملة.

    يذكر للجندي بحروف من نور أنه الرجل الذي أسس مدرسة الأصالة الفكرية المعاصرة في الأدب، فأنصف أقواما وهدم آخرين. وفي الاجتماع فكشف زيف فرويد وماركس ودارون ودوركايم. وفي الفلسفة أنصف الغزالي وابن رشد والفارابي وابن سينا والخيام…

    وفي تلك الليلة الحزينة مساء الإثنين 13 ذي القعدة سنة 1422 هـ – 28 يناير 2002م توفي إلى رحمة الله تعالى.

    وكأن الجندي كان يرثي نفسه حين قال: "إن الفضل كله لله، وإن الهدى هدى الله، ولولا فضل الله في التوجه إلى هذا الطريق المستقيم لضللنا السبيل".

    رحم الله العلامة أنور الجندي رائد مدرسة الأصالة الفكرية، وقائد كتائب المقاومة في ميادين التبشير والاستشراق والتغريب والغزو الفكري.

    إنه الرجل الذي عاش (85 عامًا) قضى منها في حقل الفكر الإسلامي (70 عامًا)، ما خط فيها كلمة أو أكل لقمة إلا وهو على وضوء.
    ****************
    أنور الجندي المفكر الإسلامي بعين ابنته فايزة
    لها أون لاين


    لأنه كان عالماً ربانياً، فقد كان لا يبحث عن الشهرة، بل يعيش متخفياً عن الناس، فات الكثير منا أن يحاوره ويستفيد من علمه وينقل خبراته إلى الشباب. وبموت العالم الموسوعي الكبير الأستاذ أنور الجندي -رحمه الله- لم يبق لنا إلا ابنته الوحيدة الأستاذة فايزة، التي سعينا لمقابلتها لنتعرف منها على تفاصيل حياة العالم الكبير، فكان هذا الحوار.

    ولد والدي -رحمه الله- بديروط بمحافظة أسيوط بصعيد مصر عام 1917، وكان جده لوالدته قاضيا شرعيا يشتغل بتحقيق التراث، ووالده يشتغل بتجارة الأقطان وكان أيضا مهتماً بالثقافة الإسلامية ومتابعاً الأحداث الوطنية والعالمية، وكان بيت الجندي مليئاً بالصحف والمجلات وصور الأبطال من أمثال عبد الكريم الخطابي زعيم الريف المغربي، وأنور باشا القائد التركي الذي اشترك في حرب فلسطين – والذي كان ذائع الشهرة حينئذ – وباسمه تسمى والدي تيمنا وإعجابا.

    و قد حفظ والدي القرآن الكريم في كتاب القرية، ويسرت له ظروف والده التجارية أن يعمل وهو صغير ببنك مصر بعد أن درس التجارة وأعمال المصارف بالمدارس المتوسطة. ثم واصل دراسته الجامعية في المساء حيث درس الاقتصاد وإدارة الأعمال، وتخرج في الجامعة الأمريكية مجيدا للغةالإنجليزية التي درسها خصيصا ليستطيع متابعة ما يثار من شبهات حول الإسلام من الشرق والغرب ويقوم عليها.

    * ترك الوالد 350 كتاباً و10 موسوعات ،أهمها: معلمة الإسلام (50 جزءاً) والمناهج (10 أجزاء) وفي دائرة الضوء (50 جزءاً) وكتاب ( اخرجوا من بلادنا ) ضد الاحتلال الإنجليزي في عام 1946 وهو من (4) أجزاء واعتقل بسببه لمده (14) شهراً .

    * كان ـ رحمه الله - مريضاً بالكلى ثم اشتد عليه المرض ودخل مستشفي الـجيزة الدولي وتوفي بعد 24 ساعة فــقط يوم الاثنين 14/11/1422هـ المـــوافق 28/1/2002م ودفن في مقابر الأسرة عند الكيلو 45 بطريق مصر - الفيوم الصحراوي.

    وقد كان يصاب بالغيبوبة دائماً أثناء مرضه ولا يوقظه إلا الأذان حيث يتوضأ ويصلي .

    وأكد لنا الطبيب المعالج والممرضات أنه كان يردد قبل صعود روحه : السلام عليك يا رسول .. أنا أنور الجندي جئتك من أقاصي الصعيد افتح لي فأنا قادم ، وقال الطبيب إن ذلك مستحيل طبياً لأنه كان شبه ميت إكلينيكياً، ثم نام علي جنبه الأيمن ، واضعاً يده اليمني علي اليسرى كهيئة الصلاة ، وأكد الطبيب المعالج أنه توفي وهو يصلي .

    مواعيد طعامه كانت هي مواعيد الصلاة، وكان يحرص كل صباح على أن يعد بنفسه «ساندويتشات» حفيدته ثم يصحبها للمدرسة القريبة، ثم يشتري لنا احتياجاتنا اليومية من السوق والبقالة المجاورة، ثم يعود إلى مكتبه ليواصل البحث والقراءة والكتابة .وكان يصلي صلاة التهجد يومياً حتى الفجر ، وكان حريصاً على الوضوء دائماً ، وكان يعتكف يوم الجمعة في المسجد من الصباح وحتي الصلاة ، وكان له مسجد صغير المساحة محبب لنفسه ، وكان لا يأكل لقمة ولا يكتب شيئاً إلا بع أن يتوضأ ويصلي ، وقد عاش بيد واحدة والأخري عاجزة وجميع أفراد أسرته الصغيرة لم تعرف ذلك إلا بعد سنوات .

    كانت الصفة الأساسية في شخصيته هي التواضع الشديد والبساطة الشديدة في ملبسه ومأكله وحديثه وخدمته لأهله وجيرانه، منصرفاً عن الدنيا وزخرفها، ولو أراد الدنيا لأخذ منها الكثير فمؤلفاته كثيرة جداً ولو طالب بالعائد منها لجاءته مئات اللآلآف بل الملايين ، ولكنه كان يحتسب ما يكتب لوجه الله ودفاعاً عن الإسلام والمسلمين. فلم يكن يملك سيارة ولم يفكر فيها أبداً، بل كان يستخدم وسائل المواصلات العادية، ولم يفكر في شقة راقية وأثاث فخم، ولو أراد لكان لديه أفضل مما عند الكثيرين، ولكنه ظل بسيطاً يسكن في هذا المنزل المتواضع في منطقة شعبية مزدحمة ، ولم يكن متأففاً من ذلك بل سعيداً به ، لأن الدنيا لم تشغله أبداً ولم يجر في يوم من الأيام وراء زخرفها. وكان تواضعه شديداً لدرجة لا توصف إلى حد أنه يملأ "جراكن" المياه للجيران حينما ينقطع الماء، وكنت أتضايق من ذلك ولكنه كان يفعله لوجه الله وانتظاراً للمثوبة من الله. وكنت عندما أجد صحيفة أو مجلة تتحدث عنه وتثني عليه أسرع إليه بالجريدة مستبشرة فلا يلتفت إلىّ ويقول: دعك من هذه الشكليات والأمور الصغيرة التي تضيع الوقت والبركة.رحمه الله كان زاهداً في الدنيا متجرداً صادقاً مع نفسه ومع الناس، محباً للخير ، معرضاً عن الشهرة .

    * قد حصل على جائزة الدولة التقديرية سنة 1960م، وهي أكبر جائزة مصرية ولا يحصل عليها إلا الأفذاذ، فما بالنا وقد حصل عليها في هذا الوقت المبكر حيث لم تكن مؤلفاته قد تعددت. وكان عضواً في نقابة الصحفيين المصريين، وقد رفض في حياته الحصول علي عدة جوائز كبري ، منها جائزة الملك فيصل العالمية عام 1996 لأنه لا يريد المال بل يريد خدمة الإسلام، كما رفض رغبة جامعة الرباط بالمغرب بإهدائه الدكتوراه الفخرية علي كتابه (أعلام المغرب العربي)، واعتذر أيضاً لإحدى الجامعات الهندية التي أرادت إهداءه الدكتوراه الفخرية اعترافا بفضله علي علماء المسلمين، وقد كان عضوا عاملا بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية .

    انت وصيته واضحة وهي ألا أطالب أحداً بأي مقابل ، وقد شدد على ذلك كثيراً، وطبعاً لا أملك إلا تنفيذ وصيته، فقد حذرني ـ رحمه الله ـ ن أمد يدي لأحد الناشرين لطلب شئ من المال.. وقال من أعطاك منه شيئًا فخذيه وتصدقي ببعضه ومن رفض وأنكر فدعيه وشأنه .

    لم يكن يكره المال، بل يحب المال الحلال البسيط الذي يعينه على أمور دينه ودنياه، نعم ربما كان يكره كثرة المال، وكان يحب أن يكون بسيطاً عنده ما يكفيه فقط، وأن يحيا مستوراً بين الناس.

    ومما يذكر هنا أن إحدى المجلات الإسلامية التي كان يكتب بها كتبت إليه رسالة علي صفحاتها ترجوه أن يرسل إليهم عنوانه ليرسلوا إليه المكافآت الخاصة به ولكنه رفض، فقد كان لا يكتب عنوانه لأنه لا يريد الأجر إلا من الله. وكان يرفض التوقيع علي جلسات المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية حتى لا يأخذ المكافآت الخاصة بذلك، مثلما يفعل كل الأعضاء .

    كما رفض تقاضي أية مبالغ مالية من إحدى الشركات التي تصدر دائرة معارف إسلامية، وكان يشرف على بعض مداخلها.

    وذهب مرة بكتاب جديد له لينشره، عارضاً مالا علي الناشر ليطبع به الكتاب، فقال له الناشر: أنت المؤلف، والمفروض أن تأخذ لا تدفع، ولكنه كان قد ضاق ذرعاً بسوء المعاملة المادية من بعض دور النشر .

    كان والدي ـ رحمه الله ـ يعيش في وضع ليس في اختلاط كبير، فكان يعمل في اليوم الواحد لساعات طويلة وهذا سر إنجازه لهذا العدد الضخم من المؤلفات ، ولكن طلبة الماجستير والدكتوراه كانوا يقصدونه فيجدون عنده العون والنصح ، فقد كان رحمه الله باحثاً متميزاً فقد قرأ 2 مليون بطاقة بدار الكتب وراجع فهارس المجلات الكبرى كالهلال والمقتطف والمشرق والمنار والرسالة والثقافة والأهرام علي مدي عشرين عاماً وبقية الصحف والمجلات والدوريات خلال القرن الماضي.

    وقد أدى ذلك إلى أن يكون له موقع محدد بدار الكتب المصرية لا يغيب عنه .

    وقد اضطر وهو يعد الموسوعة الإسلامية العربية إلى أن تكون لي قائمة تضم أسماء الكتب التي تلزمه وأرقامها حتى لا يضيع الوقت كل يوم في البحث عن هذه الأرقام.. ومن ثم عكف على دراسة ما يزيد على نصف مليون بطاقة ، أخذت من الوقت أكثر من خمسة أشهر راجع فيها بطاقات يحتويها أكثر من 180 صندوقًا ، وأعد من خلال ذلك مجلدًا يحتوي على أكثر من خمسة آلاف كتاب بالإضافة إلى الفهارس الضخمة للصحف والمجلات التي صدرت منذ عام 1871 حتى يومها .

    قرأ الراحل كتاب وجهة الإسلام لمجموعة من المستشرقين عام 1940، فكان ذلك سبباً في تغيير حياته الفكرية ليخصصها للدفاع عن الإسلام ، بعد رحلة بحث وجهاد علي مدي ثلاثين عاماً بدأها بالأدب ثم اتجه إلي مواجهة الاستشراق والتغريب ،وكان من كتبه الأولى "اخرجوا من بلادنا" يخاطب الإنجليز المحتلين، وقد كان الكتاب سببا في سجنه واعتقاله لعدة أيام في عهد الملك فاروق، ثم تم أفرج عنه سريعاً .

    واهتم اهتماماً كبيراً بدعوة المستغربين إلي استخدام اللهجات العامية محل العربية وحذر منها لأنها تهدد بتمزيق الأمة العربية والإسلامية .

    وشغلته بشدة قضية تغييب الشريعة الإسلامية في بلادنا والنتائج السلبية المترتبة على ذلك .

    أما فضح مخططات الغرب وأتباعه العلمانيين لتحديث التعليم فاستحوذت على عقله وكتب ليقول إن الهدف من ذلك هو إفراغ التعليم من المبادئ الإسلامية.

    واهتم بميدان الأدب في بداية حياته ليواجه في هذا الميدان قممه جميعا: طه حسين والعقاد ولطفي السيد وسلامة موسى وجورحي زيدان والحكيم ونجيب محفوظ، ونقد هؤلاء من أرضية إسلامية، فكتب عشرات الكتب مثل: أضواء على الأدب العربي المعاصر، والأدب العربي الحديث في معركة المقاومة والتجمع والحرية، أخطاء المنهج الغربي الوافد، إعادة النظر في كتابات العصريين في ضوء الإسلام، خص منها طه حسين وحده بكتابين كبيرين، هما: طه حسين وحياته في ميزان الإسلام، ومحاكمة فكر طه حسين؛ لأنه كان يرى أن طه حسين هو رأس حربة التغريب.
    *****************
    وبعد وفاته كتب الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي فيه:
    علمت بالأمس القريب فقط أن الكاتب الإسلامي المرموق الأستاذ أنور الجندي قد وافاه الأجل المحتوم، وانتقل إلى جوار ربه، منذ يوم الإثنين 28-1-2002م، بلغني ذلك أحد إخواني، فقلت: يا سبحان الله، يموت مثل هذا الكاتب الكبير، المعروف بغزارة الإنتاج، وبالتفرغ الكامل للكتابة والعلم، والذي سخر قلمه لخدمة الإسلام وثقافته وحضارته، ودعوته وأمته أكثر من نصف قرن، ولا يعرف موته إلا بعد عدة أيام، لا تكتب عنه صحيفة، ولا تتحدث عنه إذاعة، ولا يعرِّف به تلفاز. كأن الرجل لم يخلف وراءه ثروة طائلة من الكتب والموسوعات، في مختلف آفاق الثقافة العربية والإسلامية. وقد كان عضوا عاملا بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة، ومن أوائل الأعضاء في نقابة الصحفيين، وقد حصل على جائزة الدولة التقديرية سنة 1960م.

    لو كان أنور الجندي مطربا أو ممثلا، لامتلأت أنهار الصحف بالحديث عنه، والتنويه بشأنه، والثناء على منجزاته الفنية.!!!!!!!!!!!!!!!!!
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    الاستاذ أنور الجندي : محام في قضية الحكم بكتاب الله Empty رد: الاستاذ أنور الجندي : محام في قضية الحكم بكتاب الله

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين سبتمبر 07, 2009 3:12 pm

    في معرض ذكرياته عن المراحل الأولى في تاريخ حياته ذكر الأستاذ أنور الجندي العوامل التي ساعدته في التعرف على الحياة الأدبية الفكرية في العصر الحديث وعملت على تكوين ثقافته الموسوعية التي عرف بها ، من تلك العوامل التي ذكرها قوائم الكتب وهي عباره عن عرض موجز أو ما يشبه المستخلص للكتاب وتقوم دور النشر بتوزيعها مجانا للإعلان عن الكتب الجديدة المعروضة للبيع ليسهل على القراء التعرف على محتوى الكتب قبل شرائها.

    يقول الأستاذ أنور الجندي :

    "من ألطف ما كان يلفت النظر في سن السابعة عشرة لجيلنا سطر صغير في الصحف ، يكمن في اسم مكتبة من المكتبات وقد كتب تحته "ترسل قائمة المكتبة مجاناً لمن يطلبها" إذن فليس هناك بيني وبين الحصول على كتاب ضخم في أربعمائة صفحة من أن أرسل خطاباً في البريد يحقق لي هذا الأمل . وما دام الريف لا يقدم لنا إلا تلك الخزائن التي تحوي الكتب الصفراء ولم نكن نعرف قيمتها وما فيها من جواهر وذخائر هي سر عظمة أمتنا وخلاصة
    فكرها ، وبعد أيام قليلة يرد البريد إلى قريتنا وفيه هذا الكتاب الضخم "قائمة مكتبة" . وقد أصبحت عادة ، ما أن تعلن مكتبة عن نفسها حتى نسارع بالإرسال طالبين القائمة .ومن حق ، لقد كانت مطالعة هذه القائمة في هذه السن في الثلاثينيات من هذا القرن متعة لا حد لها . وهي عوض مسعد عن مطالعة هذه الكتب أو رؤيتها في رفوفها الزجاجية بألوانها الخلابة وأغلفتها المنوعة .
    كانت هذه القوائم تبدأ دائماً بالتعريف بالمكتبة وحسن معاملتها واستعدادها لتلبية رغبات عملائها ، محددة أسعار العملة وطريقة التحويل وخصم الجملة للمكتبات والدارس وطلبات الجملة . وهناك نص أساسي هو أن جميع الطلبات يجب أن تكون مصحوبة بعربون لا يقل عن ثلث الثمن .
    وكانت هذه القوائم مقسمة إلى أبواب تبدأ بالقرآن الكريم وبعات المصاحف المختلفة على الورق الأبيض والورق الأصفر ، والمجلدة تجليداً مذهباً وتجليداً عادياً ، والأحجام الكبيرة والأحجام المتوسطة والصغيرة ، ثم يليها كتب التفسير والحديث النبوي والفقه ثم التصوف والزهد والعقائد والمواعظ ، ثم يلي ذلك التاريخ والسير والتراجم ودواوين الشعر واللغة بقواميسها العربية ومعاجمها ثم دوائر المعارف والموسوعات والقصص ، والفلك والرياضيات ، والهندسة ، والزراعة ، والمنطق ، والاجتماع ، والأخلاق ، والعلوم ، ثم التربية ، وعلم النفس، والمحاسبة ، والاقتصاد .
    وكان يلفت نظري بوجه خاص كتب التراجم والسير والتاريخ ثم كتب الأدب ، وأتمزز ببطء تلك السطور القليلة المكتوبة تحت اسم كل كتاب ، تصف مضمونه وما يحويه من أبواب وفنون ، وكنت أعاود قراءة هذه الكلمات بين حين وحين ، رغبة في الحصول علي أكبر قدر من المعلومات التي عجزت عن الحصول عليها بقراءة الكتاب نفسه .
    ومن الحق أن هذه القوائم وأنا لازلت طالباً في أول الشوط ، قد أمدتني بكثير من المعلومات العامة إن لم تكن عميقة فإنها على الأقل متسعة تتصل بفنون مختلفة من الثقافة العربية والفكر الإسلامي العريق . وإذا كان لي أن أحدد اليوم - وبعد حوالي أربعين عاماً – الانطباع الأساسي الذي انعكس من بعد علي كتاباتي وإنتاجي ، فإنني أقول بحق أن الإدمان علي قراءة قوائم الكتب في مطالع الصبا قد أعطاني طابع التكامل والشمول في مجال الثقافة والفكر ، فلم يعد تقديري قائماً علي لون واحد هو"الأدب" ولكني أصبحت أحس بأن الأدب ليس إلا قطاعاً من الفكر العربي الإسلامي الواسع الآفاق الذي يضم الاجتماع والاقتصاد ، والسياسة ، والدين ، والأدب ، والعلم ، والتربية ، والفن ، والأخلاق ، وأن هذه القطاعات كلها لا يمكن أن تدرس في الفكر الإسلامي والثقافة العربية منفصلة أو مجزأة ، ولكنها تتكامل وتتداخل ولا يأتي التخصص فيها إلا في المراحل العليا ، أما القيم الأساسية فيها فإنها تمثل كياناً متكاملاً يدور حول الإنسان والكون والمجتمع ويحاول أن يحقق له العدل والحرية، وتلك عظمة الفكر الإسلامي العربي في تكامله حيث يشمل قطاعي الثقافة الإنساني: الروح والمادة .
    وإني لأذكر كيف كانت مطالعة قوائم الكتب تجعلني قفي مقدمة زملائي الطلاب في الصفوف المختلفة ، وكيف كانت موضوعات الإنشاء تتسم بطابع يلفت النظر .
    وقد هداني ذلك إلى أن ألقي محاضرة عام 1932 في المدرسة الابتدائية عن "الأدب العربي الحديث" أعرض فيه للعقاد ، والمازني ، والزيّات ، وطه حسين ، وهيكل ، وشوقي ، وحافظ ، وأحمد محرم ، وأتحدث عن مؤلفاتهم وموضوعاتهم وخاصة كتاب "ساعات بين الكتب" للعقاد ، و"قبض الريح" للمازني ، و"روفائيل وآلام فرتر" للزيّات ، و"الأيام" لطه حسين ، و"في أوقات الفراغ" لهيكل ، ويومها عدت إلى درجي في الفصل فوجدته مقلوباً مضطرباً ، فقد عنّ لبعض الأستاذة أن يبحث عن كراسة الإنشاء ليقارن بين ما ذكرته في المحاضرة وما أكتبه في هذه الكراسة ظناً منه أنني "سرقت" هذه المحاضرة من بعض المجلات .
    ومازلت أذكر كيف أنني دعيت لمرافقة بعض الفلاحين يوم قطع الفيضان جسر بلدتنا حيث أقيم لي عريش صغير في أحد الحقول لنقل الحطب إلى الجسر لحمايته ، وكيف أن هؤلاء الفلاحين قد ذهبوا يجنون بقايا الأقطان من الحطب ويضمونها إلى عبوبهم ، ثم رأوا في آخر اليوم أن يشركوني في حصيلة ما جمعوه فقدموا لي مبلغاً من المال ، وقد رفضته على الفور ، غير أن بعضهم كان يعرف هوايتي في قراءة قوائم الكتب ، فأسرع وقد عرف عنوان هذه المكتبة ، فاشترى حوالة بريد باسمي بالمبلغ الذي رفضته ، قائلاً : "إنك تحب الكتب ولذلك فإن هديتنا إليك ستكون بعض هذه المؤلفات" وما زلت أذكر كيف تلقيت بعد أيام "ربطة" ضخمة كانت هي نواة مكتبتي ، ولا تزال بها حتى اليوم .
    ومازلت أذكر إلى اليوم عن ذلك الكاتب الأديب المجهول الذي كان يكتب في قوائم المكتبات تلك السطور القليلة تحت كل كتاب في التعريف به ، ويبدو أنه كان أحد رجال الأزهر الذين يعملون في هذه المكتبة أو تلك ، غير أن هذا الفن ، فن التعريف بالكتب ، قد تقدم في السنوات الأخيرة تقدماً باهراً ، وأصبح يقوم به رجال متخصصون ، أذكر منهم اليوم الأستاذ محمد عبد الغني حسن الذي أشرف على قوائم عدد من دور الكتب الكبرى ، ولقد أعد نوعاً من القوائم السريعة الشبيهة بالمجلات تحت اسم "بريد الكتاب" .
    ولقد كانت تجارة الكتب في العقود الأولى من هذا القرن عملاً مربحاً للناشرين وأصحاب المكتبات بينما كان إيرادها ضئيلاً جداً بالنسبة للمؤلفين ، ولقد كان أمثال العقاد والمازني يبيعون مؤلفاتهم للناشرين لقاء جنيهات قليلة لا تتجاوز أحياناً أصابع اليد الواحدة ويحصلون عليها قروشاً وأنصاف ريالات . ويشترط الناشر أن يكون له حق طبع هذه الكتب وإعادة طبعها مدى الحياة .
    فضلاً عن ذلك ، فقد تنبه أصحاب المكتبات إلى طبع الكتب التي ليس لأحد حق فيها ، فطبعوا عشرات الكتب القديمة في وقت كانت أسعار الورق زهيدة جداً ، وإنني لأذكر كيف سافرت من بلدتي في الريف إلى القاهرة ، وقد تجمع لي بعض الجنيهات ، في سبيل الحصول على مجموعة من الكتب ، فلما ذهبت إلى المكتبة المرموقة في مكانها المعروف في قلب القاهرة ، قال لي البائع إن هذه الكتب ليست عنده ولكنها في الخازن الموجود قريباً من الأزهر ، فلما ذهبت إلى هناك إذ بي أجد قبواً مهيباً مظلماً تحت الأرض وقد علا عليه نظام الشوارع الجديد فاختفى وأصبح يضاء بالفوانيس والكهرباء ، وإذا بي أمام مدينة كاملة تحت الأرض تتكدس فيها الكتب على اختلافها بأعداد ضخمة وفي غرف واسعة ، وحواصل عديدة. وذكرت كيف تنبه هؤلاء الناشرون إلى أن مثل هذه الكتب ستصبح فيما بعد ثروة ضخمة لهم ولأبنائهم وقد كان .
    وهكذا كان شغفي بقوائم الكتب مقدمة لخط واضح ما زلت أسير فيه إلى اليوم ، هو خط الكتب والتأليف والطبع والنشر ، وما زلت كلما وقعت في يدي قائمة من قوائم المكتبات أذكر مطالع حياتي الأدبية منذ أربعين عاماً وأن قابع في الريف ، أحلم برفوف الكتب وواجهات المكتبات التي لم تكن زجاجية في ذلك الوقت ، وكان يمر بخاطري يوماً أن يكون لي كتاب معروض ، فلما قدمت القاهرة وأقمت بها ، قرأت عشرات من هذه الكتب ، وأصبح لي منذ بضع وعشرين سنة موقعاً في دار الكتب لا أغيب عنه إلا لماماً ، وقد قرأت به مئات من الكتب ، بل لقد اضطررت ، وأنا اعد "الموسوعة الإسلامية العربية" الجامعة ، أن تكون لي قائمة تضم أسماء الكتب التي تلزمني وأرقامها ، حتى لا يضيع الوقت كل يوم في البحث عن هذه الأرقام . ومن ثم عكفت على دراسة ما يزيد على نصف مليون بطاقة أخذت من الوقت أكثر من خمسة أشهر راجعت فيها بطاقات يحويها أكثر من 180 صندوقاً ، وأعددت من خلال ذلك مجلداً ضخماً يحوي أكثر من خمسة آلاف كتاب ، هذا بالإضافة إلى فهارس ضخمة لأعداد صحيفة الأهرام التي صدرت في الفترة الممتدة ما بين الحربين العالميتين ، يحوي مواد الأهرام الأدبية والفكرية والاجتماعية والأحداث التاريخية .
    وقد علمتني قوائم الكتب كثيراً ، علمتني حاجة الباحث الملحة إلى متابعة كل ما صدر من مؤلفات ، فكل يوم يصدر كتاب جديد ، ولعل كتاباً يصدر في موضوع ، أو عن شخصية ما ، يغنينا عن ساعات طويلة من البحث قد تكفل لها هذا الباحث .
    ولقد ظهرت في السنوات الأخيرة بعض المؤلفات الجامعة التي تعين الباحث على الوصول إلى المراجع التي تتاح إليها وفي مقدمتها "قوائم المكتبات العامة" ، وقوائم الدوريات الصحفية ، وهناك "معجم المؤلفين" للباحث العلامة عمر رضا كحالة ، و"المصادر الأدبية" للباحث المكتبي يوسف أسعد داغر ، بالإضافة إلى الأعلام للزركلي .
    ومن حق ، أن قوائم الكتب ، كانت ولا تزال ، نافذة ثرة تطل على عالم الفكر العربي الإسلامي وتعطينا أول ما تعطينا انطباع التكامل والشمول الذي يتمثل به هذا الفكر جامعاً بين العلوم والفنون والآداب في سمت واحد متصل لا ينفصل ."

    *كتاب "آفاق جديدة في الأدب" ط مكتبة الأنجلو ص245 : 249
    للأستاذ أنور الجندي

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 14, 2024 7:10 pm