• مدخل:
الأدب المكشوف ليس أدباً، إنَّما هو انعدام الأدب؛ لأنَّ الأدب يهدف إلى تهذيب النفس الإنسانية، والسمو بها إلى مراتب عليا من الطهر والعفاف، أمَّا الأدب المكشوف فهو يهدف إلى الانحطاط بالنفس الإنسانية إلى مراتب دنيا من الهمجية الحيوانية لتدنيس كلّ عفيف طاهر، ويكفي أن أقول: إنَّ هذا الأدب تروِّج له الصهيونية العالمية، وتسعى إلى نشره في العالم ليعمّ الفساد، وهو ما يسهل عليها تقويض الأديان للسيطرة على العالم، وقد جاء النصّ على ذلك في أحد بروتوكولاتهم: «يجب علينا أن نعمل على انهيار الأخلاق في كلّ مكان فتسهل سيطرتنا على العالم، إنَّ (فرويد) منَّا، وسيظل يعرِّي الإنسان ويعرِّض علاقته الجنسية في ضوء الشمس حتى لا يبقى في نظر الشباب شـــيء مقـــدَّس، ولا يبقى لدى الشابات أمر يستحيين من إتيانه، ويصبح همُّ النساء والرجال آنذاك إرواء الغريزة الجنسية، وحينئذٍ تنهار الأخلاق».
والمتأمل في أحوال المجتمعات الآن، يجد أنَّ اليـهود قد حقـقوا مـا يهدفون إليه، بل يرى أنَّهم قد دخلوا بيـوتنا، وأصبح من نسائنا من تطالب المرأة بالكتابة في هذا الأدب، بل أكثر من هذا؛ فلقد طالبن بالإباحية الجنـسية وممارسة المرأة للجنس قبل الزواج. كلّ هذا ناتج عن الحداثة والترويج للماركسية والوجودية والفرويدية والعلمانية وغيرها من المذاهب والفلسفات والنـظريات التي كـان اليـهود وراء وجودها لإشاعة الفساد وهدم الأخلاق.
• المرأة في شعر صلاح عبد الصبور:
المرأة في نظر صلاح عبد الصبور، وهو كمعظم شعراء جيله، أنها مترفة تعيش كأميرة غارقة في نعيم القصور العالية الأسوار فيقول لها:
جارتي لست أميرا
لا ولست المضحك الممراح في قصر الأمير
أنا لا أملك ما يملأ كفيَّ طعاما
ثم يتعرض إلى وصف المرأة فيقول:
وجهها خيمة من نور
شعرها حقل حنطة
خداها فلقتا رمان
جيدها مقلع من الرخام
ووصف المرأة بهذه الطريقة يتناقض مع روح الإسلام الذي حرص كل الحرص على صيانتها وحماية جمالها من أن يكون حديث مجالس الرجال.
• المرأة في شعر نزار قباني:
ثم نأتي إلى نزار قباني؛ إذ نجده قد نفى عن عالمه الشعري كل امـرأة تجـاوزت الأربعين عاماً كما قال ذلك الدكتور عبد المحسن بدر.
فهذا الشاعر من أكثر الشعراء الذين أساؤوا إلى المرأة وامتهنوها وعرَّوْا جسدها تعرية كاملة، بل نجده حتى في رثائه لـ (بلقيس) زوجته وأم أولاده صورها لنا أنها امرأة تافهة لا هم لها سوى شعرها وعطرها وملابسها وتدخين السجائر واحتساء الخمر رغم وصفه لها بالمعبودة والرسولة؛ أي أنه كفر بالله ورسوله؛ فهو لا يجد ما يذكِّره بها إلاَّ مشطها وأعقاب سجائرها والكوب الذي تشرب فيه الخمر...إلخ.وقال: إنَّ الأنوثة ماتت بموتها، أي أنَّ الأنــثى في نظره هي كما وصف لنا بلقيسه. وبلقيس كما نعلم أديبة، فكـــان عليـــه ـ على الأقل ـ أن يعطي لفتة لفكرها أياً كان شخصها وسلوكها، ولكن كما يتضح لنا أن المرأة في نظره جسد فقط، وما يربطه بها هي أمور عادية بحتة، تلك الأمور التي تشبع غرائزه وشهواته.
ورغم إساءته للمرأة كل هذه الإساءة وامتهانه لها نجد للأسف الشديد أن معظم عُشاق شعره من النساء ومن الفتيات المراهقات اللاتي تبهرهن تلك الألفاظ ولا يدركن أبعاد وخطورة معانيها على تفكيرهن وسلوكهن؛ فهن مثل شاعرهن يبهرهن المظهر ويغفلن عن المضمون والجوهر، ونجدهن يتغنين بشعره الماجن ويتلهفن على قراءته ويعتبرنه الشعر المعبر الراقي. وهنا تكمن الخطورة؛ لأن ملهمات نزار قباني وأمثاله قد غدون المثال الذي يحتذى لدى الكثير من فتياتنا ولا سيما المراهقات حديثات السن، ولهذا أردت أن أركز على موضوع المرأة في الشعر لما للشعر من دور خطير في تسيير المرأة وتحديد سلوكها ووجهتها. ومما لا شك فـيه ولا جدال أن للشعر أثراً كبيراً في ما وصلت إليه المرأة من انحطاط خلقي وهبوط مسلكي.
• المرأة في شعر أدونيس:
لقد امتهن أدونيس المرأة أيما امتهان، وجعلها محطاً للجنس والشهوة، وجعل من أعضاء جسدها مفردات للغته الشعرية. فشعر أدونيس جميعه لا يخلو من هذه العبارات: «النهود والأثداء والأفخاذ» وهذه أمثلة لبعض شعره:
جاء في قصيدة «قبر من أجل نيويورك» قوله:«نيويورك! أيتها المرأة الجالسة في قوس الريح، شكلاً أبعد من الذرة، نقطة تهرول في فضاء الأرقام فخذاً في السماء، فخذاً في الماء».
وقوله في «هذا هو اسمي»:
«عندي لثدييك هالات ولوع».
وقوله في القصيدة ذاتها:
«سنقول الحقيقة: هذي بلاد رفعت فخذها راية».
وقوله في «وطني في لاجي».
«أيامي نار إنني دم تحت نهديها صليل، والإبط آبار دمع».
ويقول:
«ذبت في جنسي، جنسي بلا حدود».
• أدونيس وأبو نواس:
يقول أدونيس عن أبي نواس في كتابه «مقدمة للشعر العربي»:
«أبو نواس شاعر الخطيئة؛ لأنه شاعر الحرية؛ فحيث تنغلق أبواب الحرية تصبح الخطيئة مقدسة؛ بل إن النواسي يأنف أن يقنع إلا بالحرام ولذيذه؛ وإذ تمنحه الخطيئة الراحة يغالي في تمجيدها، فلا يعود يرضى بالخطيئات العادية، وإنما يطلب الخطيئات الرائعة التي يستطيع أن يتباهى بها ويتيه على الخطيئات الأخرى. فالخطيئة بالنسبة إليه في إطار الحياة التي كان يحياها، ضرورة كيانية؛ لأنها رمز الحرية؛ رمز التمرد والخلاص».
ثم يقول:
«هكذا يؤكد أبو نواس فصل الشعر عن الأخلاق والدين رافضاً حلول عصره، معلناً أخلاقاً جديدة هي أخلاق الفعل الحر والنظر الحر: أخلاق الخطيئة. فالنواسية استقلال يثير ويحرك، وقوف على حدة، يغري ويشجع، مقابل المجتمع وأخلاقه، ضمن المجتمع وخارجه في آن. والإنسان النواسي هو الإنسان العائش مع ذاته، المتخذ من العالم كله مجالاً لتوكيد ذاته، الساخر من القيم العامة النهائية، ومن القائلين بها والقيمين عليها، إنه الإنسان الذي لا يواجه الله بدين الجماعة، وإنما يواجهه بدينه هو، ببراءته هو، وخطيئته هو، ولعله من هذه الناحية أكمل نموذج للحداثة في موروثنا الشعري».
ويصف أدونيس الشعر الماجن لأبي نواس بأنه:
«مصابيح تضيء الزمن، الزمن حاضراً، الحاضر هو وحده الغني، المليء، اليقيني، فيه يمتلك الإنسان نفسه ويسيطر؛ لأنه يريد ويختار ما يريده ويختاره يعوض عن السـقوط في المستـقبل؛ لذلك لا يخـاف العقـاب، بل يقبل ما يؤدي فعله إلى العقاب».
من هنا كان أبو نواس في نظر أدونيس (بودلير) العرب.
• مهاجمة أدونيس للمرأة في الإسلام:
مما سبق اتضحت لنا نظرة أدونيس للمرأة؛ وهي نظرة تخالف التصور الإسلامي؛ إذ لم يكتف بامتهان المرأة وابتذالها واعتبارها محطاً للجنس والشهوة، بل ادعى أن هذه نظرة الإسلام أيضاً؛ مستنداً في ذلك على النصوص الإسرائيلية الأولى المحرفة، فنسب ما جاء فيها إلى الإسلام، كما نجده نسب إلى الإسلام نظرة المعتزلة والصوفية للإنسان؛ إذ نجده يقول: «ورغم أن الإسلام حرر المرأة من قيود كثيرة، اجتماعية وإنسانية، في الجاهلية، فإن ثمة تقليداً إسلامياً يُجْمِع على أن الله عاقب المرأة بعشر خصال: بشدة النفاس، والحيض، والنجاسة في بطنها وفرجها، وجعل ميراث امرأتين ميراث رجل واحد، وشهادة امرأتين كشهادة رجل، وجعلها ناقصة العقل والدين لا تصلي أيام حيضها، ولا يسلَّم على النساء، وليس عليهن جمعة ولا جماعة، ولا يكون منهن نبي، ولا تسافر إلا بولي، وهذا عدا تفضيل الإسلام الرجل على المرأة، من حيث أنه «قَوَّام عليها». ثم يواصل هجومه وافتراءاته على الإسلام، فيدعي أن الحب في الإسلام جنس. يقول أدونيس:
«لم يغير الإسلام طبيعة النظرة إلى المرأة، كما كانت في الجاهلية، أو طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة، واكتفى بأن نظم هذه العلاقة فوضع لها قانوناً، وجعلها تتم وفقاً لطقوس معينة».
• الحب في القرآن الكريم كما يراه أدونيس:
يرى أدونيس أن الحب في الإسلام بقي كما كان في الجاهلية حسياً، ولذلك من الأفضل الاقتصار على استخدام لفظة الجنس، دون الحب؛ فالحب في الإسلام جنس في الدرجة الأولى. ويمكن أن نوجز خصائص الحب كما تظهر لأدونيس في القرآن، بما يلي:
1 ـ (ليس في العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة حب، بالمعنى الذي نقصده الآن بهذه الكلمة. والآية الوحيدة التي تشير إلى شيء من الحب هي التي وردت في سورة الروم آية 21 وهي القائلة: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 12].
2 ـ (الإنسان مجزأ في الإسلام إلى جسد وروح وعقل. ومن هنا يصعب فهم وحدته وفهم الوحدة بعامة).
3 ـ (الحـب فـي القرآن نقيـض الحـب الأفـلاطــــوني، لا حنين ولا بحث، لا وعد بالمستقبل، لا تطلُّع، لا هاجس علو ولا هاجس اتحاد).
4 ـ (الحب في القرآن قرار أو علاقة يقررها الرجل، وعلى المرأة أن تخضع؛ فليست الغاية الحب، بل التيه الجنسي. وهذا ما فصل الحب عن العمل واللغة).
ثم يستطرد أدونيس مفسراً نظرة الإسلام للمرأة والنفس الإنسانية بصورة خاطئة فيقول: «الحب هنا مجرد حب طبيعي بيولوجي، المرأة فيه لا تعرف الرجل، وهي لا تأمل بأن تصـير الآخـر أو تتـخطاه. والواقـع ليس هـنا امرأة بل نساء. النساء بالنسبة إلى العربي تجسيدات مختلفة للمرأة: عذراء ـ زوجة ـ أماً. لا مجال للصديقة أو الغانية (الزانية). العربي المسلم لا تهمه المرأة، بل تهمه النساء وهـو لا يـهمه أن يحبهن، بل يهمه أن يمتلكهن» ثم يستطرد قائلاً:
»يتضح من ذلك أن القرآن، في هذه المسألة، يسوي النفس كتلة من الغرائز والأهواء وهو يضع لها قانوناً يسمو بها ويصعِّدها. وهكذا أبقى عليها كما كانت في الجاهلية، لم يحاربها ولم يقتلها. وليس فيه حب، بل جنس. وصورة المرأة فيه هي صورة الزوجة. والزواج متعة جسدية من جهة، وإنجاب من جهة ثانية. ومن هنا تقترن صورة الزوجة بصورة الأم».
.
الأدب المكشوف ليس أدباً، إنَّما هو انعدام الأدب؛ لأنَّ الأدب يهدف إلى تهذيب النفس الإنسانية، والسمو بها إلى مراتب عليا من الطهر والعفاف، أمَّا الأدب المكشوف فهو يهدف إلى الانحطاط بالنفس الإنسانية إلى مراتب دنيا من الهمجية الحيوانية لتدنيس كلّ عفيف طاهر، ويكفي أن أقول: إنَّ هذا الأدب تروِّج له الصهيونية العالمية، وتسعى إلى نشره في العالم ليعمّ الفساد، وهو ما يسهل عليها تقويض الأديان للسيطرة على العالم، وقد جاء النصّ على ذلك في أحد بروتوكولاتهم: «يجب علينا أن نعمل على انهيار الأخلاق في كلّ مكان فتسهل سيطرتنا على العالم، إنَّ (فرويد) منَّا، وسيظل يعرِّي الإنسان ويعرِّض علاقته الجنسية في ضوء الشمس حتى لا يبقى في نظر الشباب شـــيء مقـــدَّس، ولا يبقى لدى الشابات أمر يستحيين من إتيانه، ويصبح همُّ النساء والرجال آنذاك إرواء الغريزة الجنسية، وحينئذٍ تنهار الأخلاق».
والمتأمل في أحوال المجتمعات الآن، يجد أنَّ اليـهود قد حقـقوا مـا يهدفون إليه، بل يرى أنَّهم قد دخلوا بيـوتنا، وأصبح من نسائنا من تطالب المرأة بالكتابة في هذا الأدب، بل أكثر من هذا؛ فلقد طالبن بالإباحية الجنـسية وممارسة المرأة للجنس قبل الزواج. كلّ هذا ناتج عن الحداثة والترويج للماركسية والوجودية والفرويدية والعلمانية وغيرها من المذاهب والفلسفات والنـظريات التي كـان اليـهود وراء وجودها لإشاعة الفساد وهدم الأخلاق.
• المرأة في شعر صلاح عبد الصبور:
المرأة في نظر صلاح عبد الصبور، وهو كمعظم شعراء جيله، أنها مترفة تعيش كأميرة غارقة في نعيم القصور العالية الأسوار فيقول لها:
جارتي لست أميرا
لا ولست المضحك الممراح في قصر الأمير
أنا لا أملك ما يملأ كفيَّ طعاما
ثم يتعرض إلى وصف المرأة فيقول:
وجهها خيمة من نور
شعرها حقل حنطة
خداها فلقتا رمان
جيدها مقلع من الرخام
ووصف المرأة بهذه الطريقة يتناقض مع روح الإسلام الذي حرص كل الحرص على صيانتها وحماية جمالها من أن يكون حديث مجالس الرجال.
• المرأة في شعر نزار قباني:
ثم نأتي إلى نزار قباني؛ إذ نجده قد نفى عن عالمه الشعري كل امـرأة تجـاوزت الأربعين عاماً كما قال ذلك الدكتور عبد المحسن بدر.
فهذا الشاعر من أكثر الشعراء الذين أساؤوا إلى المرأة وامتهنوها وعرَّوْا جسدها تعرية كاملة، بل نجده حتى في رثائه لـ (بلقيس) زوجته وأم أولاده صورها لنا أنها امرأة تافهة لا هم لها سوى شعرها وعطرها وملابسها وتدخين السجائر واحتساء الخمر رغم وصفه لها بالمعبودة والرسولة؛ أي أنه كفر بالله ورسوله؛ فهو لا يجد ما يذكِّره بها إلاَّ مشطها وأعقاب سجائرها والكوب الذي تشرب فيه الخمر...إلخ.وقال: إنَّ الأنوثة ماتت بموتها، أي أنَّ الأنــثى في نظره هي كما وصف لنا بلقيسه. وبلقيس كما نعلم أديبة، فكـــان عليـــه ـ على الأقل ـ أن يعطي لفتة لفكرها أياً كان شخصها وسلوكها، ولكن كما يتضح لنا أن المرأة في نظره جسد فقط، وما يربطه بها هي أمور عادية بحتة، تلك الأمور التي تشبع غرائزه وشهواته.
ورغم إساءته للمرأة كل هذه الإساءة وامتهانه لها نجد للأسف الشديد أن معظم عُشاق شعره من النساء ومن الفتيات المراهقات اللاتي تبهرهن تلك الألفاظ ولا يدركن أبعاد وخطورة معانيها على تفكيرهن وسلوكهن؛ فهن مثل شاعرهن يبهرهن المظهر ويغفلن عن المضمون والجوهر، ونجدهن يتغنين بشعره الماجن ويتلهفن على قراءته ويعتبرنه الشعر المعبر الراقي. وهنا تكمن الخطورة؛ لأن ملهمات نزار قباني وأمثاله قد غدون المثال الذي يحتذى لدى الكثير من فتياتنا ولا سيما المراهقات حديثات السن، ولهذا أردت أن أركز على موضوع المرأة في الشعر لما للشعر من دور خطير في تسيير المرأة وتحديد سلوكها ووجهتها. ومما لا شك فـيه ولا جدال أن للشعر أثراً كبيراً في ما وصلت إليه المرأة من انحطاط خلقي وهبوط مسلكي.
• المرأة في شعر أدونيس:
لقد امتهن أدونيس المرأة أيما امتهان، وجعلها محطاً للجنس والشهوة، وجعل من أعضاء جسدها مفردات للغته الشعرية. فشعر أدونيس جميعه لا يخلو من هذه العبارات: «النهود والأثداء والأفخاذ» وهذه أمثلة لبعض شعره:
جاء في قصيدة «قبر من أجل نيويورك» قوله:«نيويورك! أيتها المرأة الجالسة في قوس الريح، شكلاً أبعد من الذرة، نقطة تهرول في فضاء الأرقام فخذاً في السماء، فخذاً في الماء».
وقوله في «هذا هو اسمي»:
«عندي لثدييك هالات ولوع».
وقوله في القصيدة ذاتها:
«سنقول الحقيقة: هذي بلاد رفعت فخذها راية».
وقوله في «وطني في لاجي».
«أيامي نار إنني دم تحت نهديها صليل، والإبط آبار دمع».
ويقول:
«ذبت في جنسي، جنسي بلا حدود».
• أدونيس وأبو نواس:
يقول أدونيس عن أبي نواس في كتابه «مقدمة للشعر العربي»:
«أبو نواس شاعر الخطيئة؛ لأنه شاعر الحرية؛ فحيث تنغلق أبواب الحرية تصبح الخطيئة مقدسة؛ بل إن النواسي يأنف أن يقنع إلا بالحرام ولذيذه؛ وإذ تمنحه الخطيئة الراحة يغالي في تمجيدها، فلا يعود يرضى بالخطيئات العادية، وإنما يطلب الخطيئات الرائعة التي يستطيع أن يتباهى بها ويتيه على الخطيئات الأخرى. فالخطيئة بالنسبة إليه في إطار الحياة التي كان يحياها، ضرورة كيانية؛ لأنها رمز الحرية؛ رمز التمرد والخلاص».
ثم يقول:
«هكذا يؤكد أبو نواس فصل الشعر عن الأخلاق والدين رافضاً حلول عصره، معلناً أخلاقاً جديدة هي أخلاق الفعل الحر والنظر الحر: أخلاق الخطيئة. فالنواسية استقلال يثير ويحرك، وقوف على حدة، يغري ويشجع، مقابل المجتمع وأخلاقه، ضمن المجتمع وخارجه في آن. والإنسان النواسي هو الإنسان العائش مع ذاته، المتخذ من العالم كله مجالاً لتوكيد ذاته، الساخر من القيم العامة النهائية، ومن القائلين بها والقيمين عليها، إنه الإنسان الذي لا يواجه الله بدين الجماعة، وإنما يواجهه بدينه هو، ببراءته هو، وخطيئته هو، ولعله من هذه الناحية أكمل نموذج للحداثة في موروثنا الشعري».
ويصف أدونيس الشعر الماجن لأبي نواس بأنه:
«مصابيح تضيء الزمن، الزمن حاضراً، الحاضر هو وحده الغني، المليء، اليقيني، فيه يمتلك الإنسان نفسه ويسيطر؛ لأنه يريد ويختار ما يريده ويختاره يعوض عن السـقوط في المستـقبل؛ لذلك لا يخـاف العقـاب، بل يقبل ما يؤدي فعله إلى العقاب».
من هنا كان أبو نواس في نظر أدونيس (بودلير) العرب.
• مهاجمة أدونيس للمرأة في الإسلام:
مما سبق اتضحت لنا نظرة أدونيس للمرأة؛ وهي نظرة تخالف التصور الإسلامي؛ إذ لم يكتف بامتهان المرأة وابتذالها واعتبارها محطاً للجنس والشهوة، بل ادعى أن هذه نظرة الإسلام أيضاً؛ مستنداً في ذلك على النصوص الإسرائيلية الأولى المحرفة، فنسب ما جاء فيها إلى الإسلام، كما نجده نسب إلى الإسلام نظرة المعتزلة والصوفية للإنسان؛ إذ نجده يقول: «ورغم أن الإسلام حرر المرأة من قيود كثيرة، اجتماعية وإنسانية، في الجاهلية، فإن ثمة تقليداً إسلامياً يُجْمِع على أن الله عاقب المرأة بعشر خصال: بشدة النفاس، والحيض، والنجاسة في بطنها وفرجها، وجعل ميراث امرأتين ميراث رجل واحد، وشهادة امرأتين كشهادة رجل، وجعلها ناقصة العقل والدين لا تصلي أيام حيضها، ولا يسلَّم على النساء، وليس عليهن جمعة ولا جماعة، ولا يكون منهن نبي، ولا تسافر إلا بولي، وهذا عدا تفضيل الإسلام الرجل على المرأة، من حيث أنه «قَوَّام عليها». ثم يواصل هجومه وافتراءاته على الإسلام، فيدعي أن الحب في الإسلام جنس. يقول أدونيس:
«لم يغير الإسلام طبيعة النظرة إلى المرأة، كما كانت في الجاهلية، أو طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة، واكتفى بأن نظم هذه العلاقة فوضع لها قانوناً، وجعلها تتم وفقاً لطقوس معينة».
• الحب في القرآن الكريم كما يراه أدونيس:
يرى أدونيس أن الحب في الإسلام بقي كما كان في الجاهلية حسياً، ولذلك من الأفضل الاقتصار على استخدام لفظة الجنس، دون الحب؛ فالحب في الإسلام جنس في الدرجة الأولى. ويمكن أن نوجز خصائص الحب كما تظهر لأدونيس في القرآن، بما يلي:
1 ـ (ليس في العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة حب، بالمعنى الذي نقصده الآن بهذه الكلمة. والآية الوحيدة التي تشير إلى شيء من الحب هي التي وردت في سورة الروم آية 21 وهي القائلة: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 12].
2 ـ (الإنسان مجزأ في الإسلام إلى جسد وروح وعقل. ومن هنا يصعب فهم وحدته وفهم الوحدة بعامة).
3 ـ (الحـب فـي القرآن نقيـض الحـب الأفـلاطــــوني، لا حنين ولا بحث، لا وعد بالمستقبل، لا تطلُّع، لا هاجس علو ولا هاجس اتحاد).
4 ـ (الحب في القرآن قرار أو علاقة يقررها الرجل، وعلى المرأة أن تخضع؛ فليست الغاية الحب، بل التيه الجنسي. وهذا ما فصل الحب عن العمل واللغة).
ثم يستطرد أدونيس مفسراً نظرة الإسلام للمرأة والنفس الإنسانية بصورة خاطئة فيقول: «الحب هنا مجرد حب طبيعي بيولوجي، المرأة فيه لا تعرف الرجل، وهي لا تأمل بأن تصـير الآخـر أو تتـخطاه. والواقـع ليس هـنا امرأة بل نساء. النساء بالنسبة إلى العربي تجسيدات مختلفة للمرأة: عذراء ـ زوجة ـ أماً. لا مجال للصديقة أو الغانية (الزانية). العربي المسلم لا تهمه المرأة، بل تهمه النساء وهـو لا يـهمه أن يحبهن، بل يهمه أن يمتلكهن» ثم يستطرد قائلاً:
»يتضح من ذلك أن القرآن، في هذه المسألة، يسوي النفس كتلة من الغرائز والأهواء وهو يضع لها قانوناً يسمو بها ويصعِّدها. وهكذا أبقى عليها كما كانت في الجاهلية، لم يحاربها ولم يقتلها. وليس فيه حب، بل جنس. وصورة المرأة فيه هي صورة الزوجة. والزواج متعة جسدية من جهة، وإنجاب من جهة ثانية. ومن هنا تقترن صورة الزوجة بصورة الأم».
.