لقد شغلت قضية نشأة اللغة الإنسانية المفكرين على مر العصور، وتصدى للبحث عنها كثير من العلماء، والفلاسفة، والمتكلمين، واللغويين.
ولقد بُذلت جهود كثيرة، وأجريت تجارب متعددة لكشف هذه القضية، فلم يجمعوا على قول واحد، بل ذهبوا في البحث مذاهب شتى، وتوصلوا إلى نظريات عديدة أشهرها أربع نظريات هي:
1- نظرية التوقيف والإلهام.
2- نظرية التواضع والاصطلاح.
3- نظرية التقليد والمحاكاة.
4- نظرية الغريزية الكلامية.
وليس في أدلة أيٍّ من تلك النظريات ما تطمئن إليه النفوس، ويحل منها محل القطع، أو الظن القريب منه.
ومن هنا صحح المحققون إدخال هذه المسألة في علم الأصول من الفضول؛ ولهذا انصرف الباحثون مؤخراً عن الخوض في هذا الموضوع، "وقررت الجمعية اللغوية في باريس عدم مناقشة هذا الموضوع نهائياً، أو قبول أي بحث فيه لعرضه في جلسته".
ومع صعوبة - أو تعذر - الوصول إلى رأي يرضى به الباحثون، ولا يجدون فيه نقصاً ولا عليه اعتراضاً - إلا أنه لا بد من الإشارة إلى تلك النظريات التي سيقت حول تفسير نشأة الكلام الإنساني، وذلك لأسباب عديدة منها:
1-معرفة عناية العلماء في هذا البحث.
2-أن هذه القضية شغلت حيزاً من التفكير، ونالت قدراً من وافراً من الجهد.
3-بيان أن علماء المسلمين قد شاركوا في هذا الموضوع، وعرضوا آراءاً لا تقل جدية واستدلالاً عما قدَّمه غيرهم قديماً وحديثاً، بل ربما فاقوا غيرهم، وسبقوه.
"نبذة موجزة عن النظريات الأربع":
الأولى: نظرية التوقيف والإلهام: وخلاصة هذه النظرية عند القائلين بها أن اللغة الإنسانية إلهام، ووحي من الله - عز وجل - لا يَدَ للإنسان في وضعها؛ فهو أعجز من ذلك؛ فهي - إذاً - توقيفية لا مجال للاجتهاد فيها.
ولهذه النظرية أنصارها منذ أقدم العصور؛ فهي تنسب للفيلسوف اليوناني (هيرا لكيت) ت480ق. م.
ومال إليها بعض المُحدَثين منهم الأب الفرنسي (لامي) ت1711م.
وقد اعتمد غير المسلمين على أدلة نقلية؛ فقد ورد في التوراة أن الله - تعالى - خلق جميع الحيوانات والطيور ثم عرضها على آدم - عليه السلام - ليرى كيف يسميها؛ فوضع آدم أسماء لجميع الحيوانات المستأنسة، وطيور السماء، وذوات العقول.
وقد قال بهذه النظرية غير قليل من علماء المسلمين، ومنهم ابن فارس حيث قال -رحمه الله-: "أقول: إن لغة العرب توقيف، ودليل ذلك قوله - جل ثناؤه -: [وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا].
فكان ابن عباس يقول: علم الأسماء كلها.
وهذه هي التي يتعارفها الناس من دابة، وأرض، وسهل، وجبل، وحمار، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها.
وروى خصيف عن مجاهد: قال: علَّمه اسم كل شيء.
وقال غيرهما: إنما علم أسماء الملائكة.
وقال آخرون: إنما علمه أسماء ذريته أجمعين.
والذي نذهب إليه من ذلك ما ذكرنا عن ابن عباس) ا - هـ.
أما ابن جني فقد عرض هذه النظرية، ولم يجزم بها كابن فارس، بل تردد فيها هو وشيخه أبو علي الفارسي، بين التوقيف والإلهام، والقول بالمواضعة والاصطلاح.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في معرض حديث له عن اختلاف العلماء في هذه المسألة من الفقهاء وأهل الحديث والأصول، وحصر الخلاف في هذه المسألة بالقول بالتوقيف، والاصطلاح وما تركب منهما، قال -رحمه الله-: " فقال قوم: إنها توقيفية، وهو قول أبي بكر عبدالعزيز والشيخ أبي محمد المقدسي، وطوائف من أصحاب الإمام أحمد، وهو قول الأشعري والنافورك وغيرهما.
وقال قوم: بعضها توقيفيٌ وبعضها اصطلاحي، وهذا قول طوائف، منهم: ابن عقيل، وغيره.
وقال قوم: يجوز فيهات هذا وهذا ولا نجزم بشيء، وهذا قول القاضي أبي يعلى، والقاضي أبي بكر ابن الباقلاني وغيرهما.
ولم يقل: إنها كلها اصطلاحية إلا طوائف من المعتزلة ومن اتبعهم، ورأس هذه المقالة أبو هاشم الجبَّائي".
وجمع السيوطي كدأبه في كتابه المزهر - آراء القائلين بتلك النظرية - أعني التوقيف والإلهام - كابن فارس، وابن جني - مع تردده في ذلك - ثم أورد أقوال الأصوليين الذي يرون هذا الرأي، وأورد حججهم، والنصوصَ التي استدلوا بها إضافة إلى الآية الكريمة السابقة؛ حيث استدلوا بقوله - تعالى : [إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا].
وذلك يقتضي كون البواقي توقيفية، وبقوله -تعالى-: [وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ].
فاختلاف الألسن دلالة على التوقيف.
ومن حججهم رأي عقلي في الرد على القائلين بالاصطلاح والمواضعة وهو أن الاصطلاح يجتاج إلى لغة سابقة، وهم يرون أنه إذا بطل الاصطلاح وجب التوقيف.
ويلحظ أن هذه النظرية تعتمد على النصوص النقلية، كما أنها لا تخلو من اعتراضات، وقد رد عليهم المحتجون بردود منها:
1- أن نص التوراة يضعف دليلهم، وأنه حجة عليهم لا لهم؛ لأن فيه إشعاراً بأن آدم - عليه السلام - هو الذي وضع الأسماء.
2- أن الآية التي احتج بها علماء المسلمين ليست دليلاً قاطعاً؛ فقد اختلف المفسرون في المراد بالأسماء.
وابن فارس نفسُه ساق بعض أقوالهم - كما مر -.
3- أنه لو كانت اللغة توقيفية لما جاز لنا أن نُدخل فيها شيئاً، ألا ترى إلى لغتنا العربية اليوم ونحن ندخل فيها من مصطلحات العلوم والفنون الشيء الكثير؟
ألا ترى أننا ننقل دلالات بعض الألفاظ كالسيارة، والدراجة وغيرها؟.
إن حدوث الترادف، والاشتراك، والتضاد في اللغة - لدليل على أن اللغة ليست كلها توقيفاً من الله - تعالى - .
وبهذا وغيره يتبين أن الأدلة المساقة لا تنهض بهذه النظرية، ولا تقوى على الوقوف في وجه الاعتراضات.
النظرية الثانية: نظرية التواضع والاصطلاح، أو يقال: المواضعة:
وتتلخص هذه النظرية في أن اللغة مواضعة واتفاق بين الناس؛ بحيث يصطلحون على كذا وكذا من الألفاظ.
وقد قال بهذه النظرية الفيلسوف اليوناني (ديمو كريت) في القرن الخامس قبل الميلاد، كما مال إليها بعض الفلاسفة الإنجليز.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- مصوراً هذه النظرية: "أن قوماً اجتمعوا، واصطلحوا على أن يسموا هذا بكذا، وهذا بكذا، ويجعل هذا عاماً في جميع اللغات.
وهذا القول لا نعرف أحداً من المسلمين قاله قبل أبي هاشم الجبائي".
وقد صور ابن جني هذه النظرية بقوله: "وذلك أنهم ذهبوا إلى أن أصل اللغة لا بد فيه من المواضعة.
قالوا: وذلك كأن يجتمع حكيمان أو ثلاثة فصاعداً؛ فيحتاجوا إلى الإبانة عن الأشياء والمعلومات، فيضعوا لكل واحد منها سمةً ولفظاً إذا ذكر عُرِف به ما مسماه؛ ليمتاز عن غيره، وليُغْنى بذكره عن إحضاره إلى مرآة العين".
وبعد أن وضَّح ذلك ذكر أن التواضع يمكن أن ينقل إلى لغة أخرى، وجعل ما يشاهد من اختراع الصُنَّاع لآلات صنائعهم من الأسماء: كالنجار، والصائغ، والحائك دليلاً على هذا الرأي.
هذا وقد اعترض على هذه النظرية باعتراضات منها:
1- أن التواضع يحتاج إلى لغة سابقة يُتفاهم بها.
2- أنه لا يكون حكماء يتواضعون بدون لغة، فهذه النظرية - إذاً - لا تحل المشكلة، ولا تخلو من المآخذ.
3- أن هذا القول مجرد دعوى تفتقر إلى دليل؛ يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "فلا يمكن لأحد أن ينقل عن العرب، بل ولا عن أمة من الأمم أنه اجتمع جماعة فوضعوا هذه الأسماء الموجودة في اللغة، ثم استعملوها بعد الوضع...
فإن ادعى مدعٍ أنه يعلم وضعاً يتقدم ذلك فهو مبطل؛ فإن هذا لم ينقله أحد من الناس".
وقال: "وحينئذٍ فمن ادعى وضعاً متقدماً على استعمال جميع الأجناس فقد قال ما لا علم له به".
ولقد بُذلت جهود كثيرة، وأجريت تجارب متعددة لكشف هذه القضية، فلم يجمعوا على قول واحد، بل ذهبوا في البحث مذاهب شتى، وتوصلوا إلى نظريات عديدة أشهرها أربع نظريات هي:
1- نظرية التوقيف والإلهام.
2- نظرية التواضع والاصطلاح.
3- نظرية التقليد والمحاكاة.
4- نظرية الغريزية الكلامية.
وليس في أدلة أيٍّ من تلك النظريات ما تطمئن إليه النفوس، ويحل منها محل القطع، أو الظن القريب منه.
ومن هنا صحح المحققون إدخال هذه المسألة في علم الأصول من الفضول؛ ولهذا انصرف الباحثون مؤخراً عن الخوض في هذا الموضوع، "وقررت الجمعية اللغوية في باريس عدم مناقشة هذا الموضوع نهائياً، أو قبول أي بحث فيه لعرضه في جلسته".
ومع صعوبة - أو تعذر - الوصول إلى رأي يرضى به الباحثون، ولا يجدون فيه نقصاً ولا عليه اعتراضاً - إلا أنه لا بد من الإشارة إلى تلك النظريات التي سيقت حول تفسير نشأة الكلام الإنساني، وذلك لأسباب عديدة منها:
1-معرفة عناية العلماء في هذا البحث.
2-أن هذه القضية شغلت حيزاً من التفكير، ونالت قدراً من وافراً من الجهد.
3-بيان أن علماء المسلمين قد شاركوا في هذا الموضوع، وعرضوا آراءاً لا تقل جدية واستدلالاً عما قدَّمه غيرهم قديماً وحديثاً، بل ربما فاقوا غيرهم، وسبقوه.
"نبذة موجزة عن النظريات الأربع":
الأولى: نظرية التوقيف والإلهام: وخلاصة هذه النظرية عند القائلين بها أن اللغة الإنسانية إلهام، ووحي من الله - عز وجل - لا يَدَ للإنسان في وضعها؛ فهو أعجز من ذلك؛ فهي - إذاً - توقيفية لا مجال للاجتهاد فيها.
ولهذه النظرية أنصارها منذ أقدم العصور؛ فهي تنسب للفيلسوف اليوناني (هيرا لكيت) ت480ق. م.
ومال إليها بعض المُحدَثين منهم الأب الفرنسي (لامي) ت1711م.
وقد اعتمد غير المسلمين على أدلة نقلية؛ فقد ورد في التوراة أن الله - تعالى - خلق جميع الحيوانات والطيور ثم عرضها على آدم - عليه السلام - ليرى كيف يسميها؛ فوضع آدم أسماء لجميع الحيوانات المستأنسة، وطيور السماء، وذوات العقول.
وقد قال بهذه النظرية غير قليل من علماء المسلمين، ومنهم ابن فارس حيث قال -رحمه الله-: "أقول: إن لغة العرب توقيف، ودليل ذلك قوله - جل ثناؤه -: [وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا].
فكان ابن عباس يقول: علم الأسماء كلها.
وهذه هي التي يتعارفها الناس من دابة، وأرض، وسهل، وجبل، وحمار، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها.
وروى خصيف عن مجاهد: قال: علَّمه اسم كل شيء.
وقال غيرهما: إنما علم أسماء الملائكة.
وقال آخرون: إنما علمه أسماء ذريته أجمعين.
والذي نذهب إليه من ذلك ما ذكرنا عن ابن عباس) ا - هـ.
أما ابن جني فقد عرض هذه النظرية، ولم يجزم بها كابن فارس، بل تردد فيها هو وشيخه أبو علي الفارسي، بين التوقيف والإلهام، والقول بالمواضعة والاصطلاح.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في معرض حديث له عن اختلاف العلماء في هذه المسألة من الفقهاء وأهل الحديث والأصول، وحصر الخلاف في هذه المسألة بالقول بالتوقيف، والاصطلاح وما تركب منهما، قال -رحمه الله-: " فقال قوم: إنها توقيفية، وهو قول أبي بكر عبدالعزيز والشيخ أبي محمد المقدسي، وطوائف من أصحاب الإمام أحمد، وهو قول الأشعري والنافورك وغيرهما.
وقال قوم: بعضها توقيفيٌ وبعضها اصطلاحي، وهذا قول طوائف، منهم: ابن عقيل، وغيره.
وقال قوم: يجوز فيهات هذا وهذا ولا نجزم بشيء، وهذا قول القاضي أبي يعلى، والقاضي أبي بكر ابن الباقلاني وغيرهما.
ولم يقل: إنها كلها اصطلاحية إلا طوائف من المعتزلة ومن اتبعهم، ورأس هذه المقالة أبو هاشم الجبَّائي".
وجمع السيوطي كدأبه في كتابه المزهر - آراء القائلين بتلك النظرية - أعني التوقيف والإلهام - كابن فارس، وابن جني - مع تردده في ذلك - ثم أورد أقوال الأصوليين الذي يرون هذا الرأي، وأورد حججهم، والنصوصَ التي استدلوا بها إضافة إلى الآية الكريمة السابقة؛ حيث استدلوا بقوله - تعالى : [إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا].
وذلك يقتضي كون البواقي توقيفية، وبقوله -تعالى-: [وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ].
فاختلاف الألسن دلالة على التوقيف.
ومن حججهم رأي عقلي في الرد على القائلين بالاصطلاح والمواضعة وهو أن الاصطلاح يجتاج إلى لغة سابقة، وهم يرون أنه إذا بطل الاصطلاح وجب التوقيف.
ويلحظ أن هذه النظرية تعتمد على النصوص النقلية، كما أنها لا تخلو من اعتراضات، وقد رد عليهم المحتجون بردود منها:
1- أن نص التوراة يضعف دليلهم، وأنه حجة عليهم لا لهم؛ لأن فيه إشعاراً بأن آدم - عليه السلام - هو الذي وضع الأسماء.
2- أن الآية التي احتج بها علماء المسلمين ليست دليلاً قاطعاً؛ فقد اختلف المفسرون في المراد بالأسماء.
وابن فارس نفسُه ساق بعض أقوالهم - كما مر -.
3- أنه لو كانت اللغة توقيفية لما جاز لنا أن نُدخل فيها شيئاً، ألا ترى إلى لغتنا العربية اليوم ونحن ندخل فيها من مصطلحات العلوم والفنون الشيء الكثير؟
ألا ترى أننا ننقل دلالات بعض الألفاظ كالسيارة، والدراجة وغيرها؟.
إن حدوث الترادف، والاشتراك، والتضاد في اللغة - لدليل على أن اللغة ليست كلها توقيفاً من الله - تعالى - .
وبهذا وغيره يتبين أن الأدلة المساقة لا تنهض بهذه النظرية، ولا تقوى على الوقوف في وجه الاعتراضات.
النظرية الثانية: نظرية التواضع والاصطلاح، أو يقال: المواضعة:
وتتلخص هذه النظرية في أن اللغة مواضعة واتفاق بين الناس؛ بحيث يصطلحون على كذا وكذا من الألفاظ.
وقد قال بهذه النظرية الفيلسوف اليوناني (ديمو كريت) في القرن الخامس قبل الميلاد، كما مال إليها بعض الفلاسفة الإنجليز.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- مصوراً هذه النظرية: "أن قوماً اجتمعوا، واصطلحوا على أن يسموا هذا بكذا، وهذا بكذا، ويجعل هذا عاماً في جميع اللغات.
وهذا القول لا نعرف أحداً من المسلمين قاله قبل أبي هاشم الجبائي".
وقد صور ابن جني هذه النظرية بقوله: "وذلك أنهم ذهبوا إلى أن أصل اللغة لا بد فيه من المواضعة.
قالوا: وذلك كأن يجتمع حكيمان أو ثلاثة فصاعداً؛ فيحتاجوا إلى الإبانة عن الأشياء والمعلومات، فيضعوا لكل واحد منها سمةً ولفظاً إذا ذكر عُرِف به ما مسماه؛ ليمتاز عن غيره، وليُغْنى بذكره عن إحضاره إلى مرآة العين".
وبعد أن وضَّح ذلك ذكر أن التواضع يمكن أن ينقل إلى لغة أخرى، وجعل ما يشاهد من اختراع الصُنَّاع لآلات صنائعهم من الأسماء: كالنجار، والصائغ، والحائك دليلاً على هذا الرأي.
هذا وقد اعترض على هذه النظرية باعتراضات منها:
1- أن التواضع يحتاج إلى لغة سابقة يُتفاهم بها.
2- أنه لا يكون حكماء يتواضعون بدون لغة، فهذه النظرية - إذاً - لا تحل المشكلة، ولا تخلو من المآخذ.
3- أن هذا القول مجرد دعوى تفتقر إلى دليل؛ يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "فلا يمكن لأحد أن ينقل عن العرب، بل ولا عن أمة من الأمم أنه اجتمع جماعة فوضعوا هذه الأسماء الموجودة في اللغة، ثم استعملوها بعد الوضع...
فإن ادعى مدعٍ أنه يعلم وضعاً يتقدم ذلك فهو مبطل؛ فإن هذا لم ينقله أحد من الناس".
وقال: "وحينئذٍ فمن ادعى وضعاً متقدماً على استعمال جميع الأجناس فقد قال ما لا علم له به".