ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    النابغة الذبياني (شعراء العصر الجاهلي)

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    النابغة الذبياني (شعراء العصر الجاهلي) Empty النابغة الذبياني (شعراء العصر الجاهلي)

    مُساهمة من طرف أحمد السبت أكتوبر 11, 2014 9:53 pm

    النّابِغَةُ الذبياني: اسمه زياد بن معاوية بن ضباب بن جابر بن يربوع بن غيظ بن مرة بن عوف بن سعد بن ذْبيان بن بغيظ بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان، وكنيته أبو تمامة وأبو أمامة، وقيل له النّابِغَة بقوله:
    وحلت في بني القين بن جسر فقد نَبَغَتْ لنا منها شـؤون
    من كتاب العباب الزاخر للصاغاني.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    النابغة الذبياني (شعراء العصر الجاهلي) Empty رد: النابغة الذبياني (شعراء العصر الجاهلي)

    مُساهمة من طرف أحمد السبت أكتوبر 11, 2014 9:56 pm

    النابغة الذبياني

    هو زياد بن معاوية بن ضباب البياني ؛ كنيته أبو أمامة ، و لقبه النابغة ، لقب به نبوغه في الشعر
    و إكثاره منه بعدما احتنك .
    قال عنه ابن رشيق في عمدته : " إن شعره كان نظيفاً من العيوب ، لأنه قاله كبيراً ،
    و مات عن قرب و لم يهتر " أراد أنه لم يخرف و يضعف عقله .
    و هو أحد شعراء الطبقة الأولى ، المقدمين على سائر الشعراء ، عده ابن سلام بعد امرئ القيس و قبل زهير و الأعشى . و كان عمر بن الخطاب يعده أشعر العرب .
    أخبر ربعي بن مراش قال : قال عمر : يا معشر غطفان ، من الذي يقول :

    أتيتك عارياً خلقـاً ثيابـي ؛؛ على خوف ، تظن بي الظنون

    قلنا : النابغة . قال : ذاك أشعر شعرائكم .
    و روى الشعبي أن عمر قال : من أشعر الناس ؟ قالوا : أنتم أعلم يا أمير المؤمنين . قال : من الذي يقول :
    إلا سليمان ، إذ قال الإلـه لـه :قم في البرية ، و احددها عن الفند
    و خيس الجن ، إني قد أذنت لهميبنون تدمر بالصفـاح و العمـد
    قالوا : النابغة . قال : فمن الذي يقول
    حلفت ، فلم أترك لنفسك ريبـة ،و ليس ، وراء الله ، للمرء مذهب
    لئن كنت قد بلغت عني وشايـة ،لمبلغك الواشي أغـش و أكـذب
    و لست بمستبـق أخـاً لا تلمـهعلى شعث ، أي الرجال المهذب ؟
    قالوا : النابغة . قال : فذا أشعر الععرب .
    و روى ابن المؤمل قال : قام رجل إلى ابن عباس فقال : أي الناس أشعر ؟ فقال ابن عباس : أخبره يا أبا الأسود الدؤلي . قال : الذي يقول :

    فإنك كالليل الذي هـو مدركـي ؛؛ و إن خلت أن المنتأى عنك واسع

    و النابغة شاعر بلاط تردد إلى قصور الملوك في العراق و الشام و مدحهم و أخذ جوائزهم .
    و قد حظي عند أبي قابوس النعمان بن المنذر ملك الحيرة ، فقربه إليه دون سائر الشعراء ، و جعله في حاشيته ينادمه و يؤاكله في آنية من الفشة و الذهب .
    و هو أول شاعر تكسب بشعره ، فكثر ماله . و قد جر عليه تقريب النعمان له ، و إغداقه عليه العطايا ، حسد المنخل اليشكري ، الشاعر ، و أبناء عوف بن قريع ، و كانوا من بطانة النعمان ، فأخذوا يتربصون به ليبعدوه عن بلاط المناذرة .

    و اتفق أن نظم النابغة قصيدته الشهيرة في المتجردة زوج النعمان ، و ذكر في وصفه لها ما لا يليق ذكره . فاتخذها المنخل اليشكري ، و كان يهوى المتجردة ، حجة لإيغار صدر النعمان عليه ، فخاف النابغة ، و هرب إلى قبيلته ، فاغتنم الأقارع فرصة غيابه و نظموا ، على لسانه ، أبيات هجو للنعمان ، و أوصلوها إليه فزادوا في نقمته عليه . و على كونه كان سيداً من سادات قبيلته يرجعون إليه في خطوبهم ، فيليبهم ، لم يسلم من حسد بني قومه لعفته و شرفه ؛ فنالوا منه بألسنتهم ، فتضايق و انطلق إلى الغساسنة في الشام ، و نزل بعمرو بن الحارث الأصغر ، فمدحه و مدح أخاه النعمان . ثم انقطع بعد موت النعمان الغساني إلى أخيه عمرو ، فلبث عنده إلى أن رضي عنه النعمان بن المنذر ، فعاد إليه و بقي في بلاط المناذرة إلى أن مات .

    و كان في أثناء نزوله عند الغساسنة ، يمدح النعمان بن المنذر ، و يعتذر إليه ، مبرئاً نفسه مما رماه به أبناء عوف بن قريع . و هذه القصائد ، التي مدح بها النععمان و اعتذر إليه ، هي التي تسمى الاعتذاريات . و هي من أجمل شعر النابغة ، اشتهر فيها بلياليه التي صور فيها خشيته النعمان ، حتى ضرب المثل فيها فقيل : ليلة نابغية .
    و سئل عمرو بن العلاء بذلك فقيل له : أمن مخافته امتدح النعمان و أتاه بعد هربه أم لغير ذلك ؟
    فقال : " لا لعمر الله ، لا لمخافته فعل ، إن كان لآمناً من أن يوجه إليه جيشاً ، و ما كانت عشيرته لتسلمه لأول وهلة ، و لكنه رغب في عطاياه و عصافيره . " و العصافير نوق كرائم من ذوات السنامين ، كانت للنعمان ، و كان االنعمان يعطي النابغة منها .

    و كان النابغة حكم سوق عكاظ تضرب له قبة من أدم ، و يأتيه الشعراء ، فيعرضون عليه أشعارهم ، فيحكم لأفضلهم بالجائزة التي كانت تقدمها قريش ، أو الغساسنة .

    و اختياره لهذا المنصب دليل على ما كان له من مقام رفيع ، و على ملكة النقد الأدبي المتأصلة قيه ،
    و حسن تذوقه لفن الشعر .
    و كان يستعبد قريحته لفنه فيعنى بتهذيب شعره و تنقيحه ، و بحسن اختيار الألفاظ الجميلة الموسيقية .

    قيل : إنه كان يقول : إن في شعري عاهة ما أقف عليها . و كانت هذه العاهة الأقواء ، و هو اختلاف حركة الروي فتكون في بيت ضمة ، و في آخر كسرة . " فلما قدم المدينة هابوه أن يقولوا له : إنه يقوي ، فدعوا قينة و أمروها أن تغني في شعره ، ففعلت ؛ فلما سمع قوله : واتقتنا باليد ؛ و يكاد من اللطافة يعقد ، تبين له ، لما مدت باليد فصارت الكسرة ياء ، و مدت يعقد فصارت الضمة كالواو ، ففطن ، فغيره و جعله : عنم على أغصانه لم يعقد . و كان يقول : وردت يثرب و في شعري بعض العاهة ، فصدرت عنها و أنا أشعر الناس . "

    و النابغة شاعر مطبوع ، و مصور بارع ، و من صوره ما هو حسي و ما هو خيالي ، يدخل فيها قصصاً لذيذاً ، تحليه جزالة صنع حاذق ، دقيق الاحساس بجمال اللفظ ، بعيد من التكلف و الهجنة . و قد أصاب ابن سلام حين وصفه بقوله : " إنه كان أحسنهم ديباجة شعر ، و أكثرهم رونق كلام ، و أجزلهم بيتاً ، كأن شعره كلام ليس فيه تكلف
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    النابغة الذبياني (شعراء العصر الجاهلي) Empty رد: النابغة الذبياني (شعراء العصر الجاهلي)

    مُساهمة من طرف أحمد السبت أكتوبر 11, 2014 10:02 pm

    النابغة الذبياني
    أحد شعراء الجاهلية المشهورين

    (... - 18 ق. هـ = ... - 605 م)

    هو زياد بن معاوية بن ضباب بن جابر بن يربوع بن مرّة بن عوف بن سعد، الذبياني، الغطفاني، المضري. شاعر جاهلي من الطبقة الأولى، من أهل الحجاز، ينتهي نسبه كما قال التبريزي إلى قيس بن عيلان، ويكنى بأبي أمامة، وقيل بأبي ثمامة، كما هو وارد في "الشعر والشعراء"، وبأبي عقرب على ما يذهب إليه البغدادي في خزانة الأدب. والنابغة لقب غلب على الشاعر، اختلف النقاد في تعليله وتفسيره، أما ابن قتيبة فيذكر أنه لقب بالنّابغة لقوله:

    وحلّت في بني القين بن جسر
    فقد نبغت لهم منا شؤون

    وردّ ابن قتيبة هذا اللقب إلى قولهم: "ونبغ- بالشعر- قاله بعد ما احتنك وهلك قبل أن يهتر". وفي رأي البغدادي، أن هذا اللقب لحقه لأنه لم ينظم الشعر حتى أصبح رجلاً. وربّما كان اللقب مجازاً، على حدّ قول العرب: نبغت الحمامة، إذا أرسلت صوتها في الغناء، ونبغ الماء إذا غزر. فقيل: نبغ الشاعر، والشاعر نابغة، إذا غزرت مادة شعره وكثرت. ولا يعرف شيئاً يذكر عن نشأة الشاعر قبل اتصاله بالبلاط، فيما خلا ما نقله صاحب الروائع عن المستشرق دي برسفال، من مزاحمة النّابغة لحاتم الطائيّ على ماوية، وإخفاقه في ذلك.

    ويذكر ابن قتيبة أن النّابغة كان شريفاً فغضّ الشعر منه، ويرى صاحب أدباء العرب أن النّابغة من سادات قومه، ويخالف هذا الاتجاه حين يقول: نشأ النّابغة في الوسط من قومه، لا في الذروة من الشرف. ويقول آخرون: ولا معنى لقول الرواة: أنه أحد الأشراف الذين غضّ الشعر منهم.
    والنابغة من سادات قومه، لما كان للشعراء من منزلة في الجاهلية وللدور الذي لعبه في توسطه لقومه عند الغساسنة ومنعهم من حربهم، في مواقف عديدة. أما لماذا "غضّ الشعر منه" فزعم لا يقبله النقد الحديث، فقد كان النّابغة معزّزاً عند الملوك، ومكرماً في قومه، وإنما هو حسد الحاسدين الذين لم يقووا على الارتفاع إلى منزلة الشاعر، فراحوا يعيّرونه لتكسبه بالشعر، وربّما قصد بتلك الغضاضة هروبه من بلاط النعمان إثر حادثة "المتجردة".

    كان أول اتصال النّابغة ببلاط الحيرة، دخوله على المنذر الثالث ابن ماء السماء في أواخر ملكه على ما يرجّح النقاد. ومع اندحار اللخميين أمام المناذرة في معركة يوم حليمة التي دارت بين جيش المنذر الثالث وجيش الحارث بن جبلة الغسّاني، فقد ظل النّابغة وطيد الصلة بالمناذرة إذ هنأ عمرو بن هند حين ارتقى العرش بعد أبيه. ولكن علاقة الشاعر بالمناذرة انقطعت بعد ذاك ولا سيما في الفترة بين (570- 580)، وهي الفترة التي مثّل فيها دور الشاعر السياسي، لاهتمامه آنذاك بحوادث حرب السباق. ومن الطبيعي أن يمثل النّابغة في حرب "السباق" دوراً له شأنه، وهو شاعر ذبيان الرفيع المكانة.

    ولما كان للشعر، منزلته في نفوس القوم، ومكانته في مواطن المنافرة والخصومة إذ من شأنه أن يكسب القبيلة من القوة ومنعة الجانب، ما لا تظفر به في قتال، رأينا النّابغة الذبياني، يهتم في ظروف هذه الحرب، بأمور قومه فراح يخوض غمارها بشعره، لا بسيفه فكشف لنا بذلك عن جانب حيّ من شاعريته، وناحية رئيسة من شخصيته.

    كان همّ الشاعر في تلك الرحى الدائرة، أن يرجّح كفة ذبيان، على عبس فاستهدف في شعره "السياسي": اصطناع الأحلاف لقبيلته، من أحياء العرب ومن بينها بنو أسد. وكما مثّل النّابغة دور الشاعر السياسي، في ظروف حرب داحس والغبراء فقد مثّل دور شاعر القبيلة، في التوسط لقومه عند الغساسنة في أكثر من موقف: كانت بعض القبائل العربية، تنتهز فرصة انشغال الغساسنة في حربهم ضد المناذرة، فتغير على أرض غسّان طمعاً في الغنيمة، ومن بين هذه القبائل، قوم الشاعر بنو ذبيان.

    وكان الغساسنة بكتائبهم، يوقعون بهؤلاء المغيرين، فيأسرون رجالاً منهم وكثيراً ما وقع رجال من فزارة أقرباء ذبيان، في قبضة الغساسنة، فكان النابغة بما له من مكانة عند أمراء الغساسنة، يتلطّف في الشفاعة لهم، ويتوسط للعفو عنهم. وعندما رقي النعمان الثالث، أبو قابوس عرش الحيرة، أراد أن يظهر بمظهر الملك العزيز الجانب وينافس أعداءه الغسانيين بمظاهر العظمة. وكان النعمان على ما يظهر محباً للأدب أو كان يدرك على الأقل ما للشعر من أثر كبير في الدعاية للبلاط وتصويره بصورة الفخامة، وهكذا اجتمع في بلاطه جملة من الشعراء كان النّابغة أبرزهم وقد ترك آنذاك الغساسنة وعاد إلى الحيرة.

    وتتفق روايات المؤرخين على أن النّابغة نال حظوة كبيرة عند النعمان الذي قرّبه إليه بعد أن أحسن وفادته. ولا شك أن الشاعر نزل من نفس الملك منزلة طيبة فآثره هذا بأجزل عطاياه وأوفر نعمه، مما لم ينله شاعر قبله، ويذكر أبو الفرج في أغانيه أن النّابغة كان يأكل ويشرب في آنية من الفضة والذهب. وعن ابن قتيبة عن ابن الكلبي الرواية الآتية التي تثبت مكانة الشاعر عند النعمان. قال حسان بن ثابت: رحلت النعمان فلقيت رجلاً فقال: أين تريد فقلت هذا الملك قال: فإنك إذا جئته متروك شهراً، ثم يسأل عنك رأس الشهر ثم أنت متروك شهراً آخر ثم عسى أن يأذن لك فإن أنت خلوت به وأعجبته فأنت مصيب منه، وإن رأيت أبا أمامة النّابغة فاظعن، فإنه لا شيء لك. قال: فقدمت عليه، ففعل بي ما قال، ثم خلوت به وأصبت منه مالاً كثيراً ونادمته فبينما أنا معه في قبة إذ جاء رجل يرجز. فقال النعمان: أبو أمامة فأذنوا له، فدخل فحيا وشرب معه، ووردت النعم السود، فلما أنشد النابغة قوله:

    فإنك شمسٌ والملوكُ كواكب
    إذا طلعت لم يبدُ منهنَّ كوكبُ

    دفع إليه مائة ناقة من الإبل السود، فيها رعاؤها، فما حسدت أحداً حسدي النّابغة لما رأيت من جزيل عطيته، وسمعت من فضل شعره. واستبد النابغة بمودة الملك النعمان وجزيل عطائه وسابغ نعمه، فلا عجب أن يثير هذا حفيظة الشعراء ليعملوا على إفساد علاقته ببلاط الحيرة. ومهما يكن من أمر فإن الدسيسة قد نجحت بعد لأي، وبات الشاعر مهدداً بدمه وحياته، لكنّ حاجب أبي قابوس عصام بن شهبر الجرمي- وكان بينه وبين النّابغة إخاء وصداقة- حذّره من غضب النعمان، ونصحه بترك البلاط، فاضطر النّابغة إلى الفرار، فلجأ إلى الغساسنة، وفي نفسه حسرة، وغيظ، وأمل في العودة. يذكر ابن قتيبة، أن الرواة اختلفوا في السبب الذي حمل الملك النعمان على أن ينذر دم شاعره، على أننا نستطيع أن نحيط بأبرز الدوافع التي أوقعت الجفاء بين أبي قابوس والنابغة. وذكر قوم أن النابغة هجا الملك بقوله:

    قبّح الله ثم ثنّى بلعن
    وارثَ الصائغ الجبانَ الجهولا

    ويقال بأن السبب في مفارقة النّابغة النعمان، ومصيره إلى غسّان، خبر يتصل بحادثة المتجردة. والمتجردة هذه، امرأة النعمان، وكانت فائقة الحسن، بارعة الجمال، وكان النعمان على ما يروى قصيراً دميماً أبرش. وقد تعددت الروايات حول وصف النابغة للمتجردة. قيل بأن النابغة دخل على النعمان، ذات يوم، فرأى زوجته المتجردة وقد سقط نصيفها فاستترت منه بيدها. فأمره النعمان بأن يصفها له فأنشأ قصيدته التي يقول فيها:
    سقط النصيف ولم ترد إسقاطه- فتناولتْه واتّقتنا باليدِ

    وأردف ابن قتيبة يقول: وكان للنعمان نديم يقال له المنخّل اليشكري يتهمِ بالمتجردة ويظن بولد النعمان منها أنهم منه، وكان المنخّل جميلاً، وكان النعمان قصيراً دميماً، فلما سمع المنخل هذا الشعر، قال للنعمان: ما يستطيع أن يقول مثل هذا الشعر إلا من قد جرّب. فوقر ذلك في نفسه، وبلغ النابغة ذلك فخافه فهرب إلى غسان.

    ولعلّ اتصال النابغة بالغساسنة، أعداء المناذرة، كان سبباً آخر من أسباب حقد الملك على الشاعر، ولا مسوّغ هنا للتفصيل ومناقشة هذه الآراء. وأقام النابغة في بلاط الغساسنة، منقطعاً إلى عمرو بن الحارث الأصغر وإلى أخيه النعمان بن الحارث، وقد امتدح هؤلاء بقصائد عديدة، منها القصيدة البائية التي قالها في مدح عمرو بن الحارث الأصغر والتي مطلعها:

    كليني لهمّ يا أميمة ناصب
    وليل أقاسيه بطيء الكواكب

    وبقي النابغة عند الغساسنة مدة من الزمن، ينشدهم شعره، ويشاركهم في محافلهم ومجالسهم، جاهداً في ذكر مفاخرهم وانتصاراتهم، إلى أن توفرت أسباب عودته إلى بلاط النعمان فترك جوارهم. وذكر ابن قتيبة أن النعمان قد غمّه امتداح النابغة للغساسنة أعدائه وأيقن أن الذي قذف به عنده باطل، فبعث يستقدمه إليه من جديد بقوله: "إنك صرت إلى قوم قتلوا جدّي فأقمت فيهم تمدحهم، ولو كنت صرت إلى قومك لقد كان لك فيهم ممتنع وحصن إن كنا أردنا بك ما ظننت، وسأله أن يعود إليه". هكذا نظم النابغة اعتذارياته، ثم جاء أبا قابوس مع رجلين من فزارة هما: زيّان بن سيار ومنظور بن سيّار الفزاريين وبينهما وبين النعمان مودة وصفاء وكان الملك قد ضرب لهما قبة، وهو لا يعلم أن النابغة معهما. وقد أشار النابغة على إحدى القيان أن تغني أبياتاً من قصيدته "يا دار مية" ومنها قوله:

    أنبئت أن أبا قابوس أوعدني
    ولا قرار على زأر من الأسد

    فلما سمع الملك النعمان، هذا الشعر قال: هذا شعر علوي، هذا شعر النابغة. وسأل عنه، فأخبر مع صديقيه الفزاريين، اللذين كلّماه فيه، فأمّنه النعمان. ومهما يكن من أمر الاختلاف حول أسباب عودة النابغة إلى بلاط الحيرة، فإن الشاعر استرجع مكانته عند الملك النعمان واستأنف مدائحه فيه.
    واجتمعت كلمة النقاد على أن النابغة أحد شعراء الطبقة الأولى إن لم يكن رأس هذه الطبقة بعد امرئ القيس، وليس أدلّ على علو منزلته من ترأسه سوق عكاظ وفي ذلك يقول الأصمعي: كان النابغة يضرب له قبة حمراء من أدم بسوق عكاظ، فتأتيه الشعراء فتعرض عليه أشعارها. ومما روي عن أبي عبيدة قوله: يقول من فضّل النابغة على جميع الشعراء: هو أوضحهم كلاماً وأقلهم سقطاً وحشواً، وأجودهم مقاطع، وأحسنهم مطالع ولشعره ديباجة.

    وذكر أبو عبيدة أيضاً أنه سمع أبا عمرو بن العلاء يقول: "كان الأخطل يشبّه بالنابغة". وعن أبي قتيبة، قال الشعبي: دخلت على عبد الملك بن مروان وعنده رجل لا أعرفه، فالتفت إليه عبد الملك فقال: من أشعر الناس فقال: أنا، فأظلم ما بيني وبينه، فقلت: من هذا يا أمير المؤمنين فتعجب عبد الملك من عجلتي فقال: هذا الأخطل، فقلت أشعر منه الذي يقول:

    هذا غلام حسن وجهه
    مستقبل الخير سريع التمّام

    فقال الأخطل: صدق أمير المؤمنين، النابغة أشعر مني، فقال عبد الملك: ما تقول في النابغة قلت قد فضله عمر بن الخطاب على الشعراء غير مرّة. ولم تكن منزلة النابغة عند المحدثين بأقل منها عند الأقدمين فقد شهد كثيرون منهم بما في شعره من إيقاع موسيقي، وروعة في التشبيه، وبراعة في أغراض الشعر المتباينة ولا سيما في الوصف والمدح والاعتذار، وفي ديوانه من هذه الفنون العديد من القصائد الدالة على نبوغه وشاعريته، في مخاطبة الملوك وكسب مودّتهم والاعتذار إليهم حتى قيل "وأشعر الناس النابغة إذا رهب"، وقال عنه بديع الزمان الهمذاني: والنابغة "لا يرمي إلا صائباً".

    وفي طليعة العوامل التي أسهمت في تفوق شاعرية أبي أمامة في ضروب المعاني ومختلف الأساليب، رجاحة فكره، إذ كان ذا بصيرة بمواطن الكلام، متميزاً بنظرته الثاقبة والقدرة على الملاءمة بين الأقوال والمواقف، يحسن بباعث الموهبة والذائقة التي صقلتها الدربة والمراس، الملاءمة بين ركني المقال أي بين الصورة والجوهر، فهو يؤدي الدلالات دقيقة لأنه يجيد انتقاء الألفاظ الدالة ووضعها في مواضعها الصحيحة في سياقه الشعري العام.

    ولعلّ السمة اللافتة في شعره ذاك التأثر بالظروف المكانية والزمانية الذي حمله على أن يضفي على فنونه طابعاً من الواقعية مستمداً من البيئة البدوية أو الحضرية، فهو جزل شديد الأسر في أوصافه الصحراوية، رقيق عذب واضح العبارة بعيد عن الخشونة ممعن في السهولة، في وصف حالات الوجدان، وفي أداء الخواطر أو إرسال الحكم، إلا إذا اقتضت البلاغة الإبقاء على لفظة غير فصيحة لكنها دالة، كلفظة الشعثِ في قوله:
    ولستَ بِمُسْتبْق أخا- لا تلمّه على شَعَثِ.

    أيّ الرجال المهذّبُ. اعتمدنا في ذلك على: ابن الخطيب التبريزي، شرح المعلقات العشر المذهبات، تحقيق د. عمر فاروق الطباع، بيروت: دار الأرقم، د. ت، ص 317-326.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    النابغة الذبياني (شعراء العصر الجاهلي) Empty رد: النابغة الذبياني (شعراء العصر الجاهلي)

    مُساهمة من طرف أحمد السبت أكتوبر 11, 2014 10:03 pm

    النابغة الذبياني :الشاعر المذعور

    النابغة الذبياني ، هو زياد بن معاوية الذبياني، أما النابغة فهو لقبه ، ورغم تشعب التعليلات لهذا اللقب إلا أنه نابغة، والنبوغ من معاني الإبداع ، أو قل أن النابغة الذبياني شاعر يمثل مرحلة من مراحل تطور الشعر العربي ، وهذا ما يشي به اللقب.
    والنابغة شاعر ذبيان ، وليس فارسها ، وإنما هو سفير قبيلته إلى بلاطي المناذرة والغساسنة، أثناء حروبها مع قبيلة عبس (داحس والغبرا) ومع القبائل الأخرى أو مع الغساسنة ، حتى قيل أن النابغة شاعر بلاط ، وهو أول من اتخذ من الشعر وسيلة للتكسب .... فلم يمدح إلا طمعا عطايا النعمان بن المنذر، رغم ما يشوب هذا المديح من شوائب ، وكان مديحه للغساسنة طمعا بهباتهم المقرونة بشفاعته لسبايا قبيلته وأسراها وفي الأسرى إحدى بناته. راجع (الأغاني الجزء الحادي عشر.)
    ليس النابغة صوت القبيلة ، مثل عمرو بن كلثوم أو مثل عنترة بن شداد ، ولا هو طالب مجد مثل امرئ القيس ، ولا شاعر لهو ولذة مثل طرفة بن العبد ، والمنخل اليشكري وعبيد بن الأبرص .... وغيرهم من شعراء بلاط النعمان ، بل النابغة شاعر بلاط ، يجيد منادمة الملوك ويأكل معهم بأواني الفضة والذهب كما أكل عندهم آباؤه وأجداده (راجع مقدمة ديوانه) ولكنه مع كل ذلك، كان رسول بني ذبيان إلى قصور المناذرة والغساسنة إذا ما وقعت قبيلته أو حلفاء قبيلته في أسر أعدائها ، فيشفع لها وينقذها من العبودية والعار ومن الذل والهوان.
    وبقدر ما كان قديرا على إنقاذ قبيلته ، كان أكثر قدرة على إقناع المناذرة بصدق موقفه وأن لم يعجب النعمان بن المنذر وبطانته.
    كان عنترة بن شداد ، صوت قبيلة عبس وفارسها فلولا فروسية عنترة لهانت عبس وهانت معها عبلة ، وماتت نسية منسية.
    لقد كان عنترة منغمسا في الحروب القبلية ليس طمعا في الغنيمة أو في المال ، وإنما حبا في نيل حريته أولا ثم إن هذه الحرية كانت طريقه إلى الاقتران بعبلة بنت عمه.
    أما النابغة فكان ينفر من الحروب ، ومن الصراعات القبلية الدامية ، وكان شعره ، ليس تعبيرا عن بطولة أو عن مواقف بطولية ، بل كان طمعا في عصافير النعمان ونياقه وهداياه ، أو في المال ونبدأ من ظاهرة الطمع في شعره.

    1- عطايا النعمان للنابغة
    > قال النابغة يصف عطايا النعمان :
    فلا عمر الذي أثنى عليه
    وما رفع الحجيج إلى إلال
    لما أغفلت شكرك فانتصحني
    وكيف ؟ ومن عطائك جل مالي
    فالنابغة لا يغفل الشكر للنعمان مقابل النصائح التي يسديها له... وعدم إغفاله الشكر يرجع إلى الأموال التي يهبها النعمان للنابغة . كقوله:
    الواهب المائة المعكاة زينها
    (سعدان توضح) في أوباره اللبد
    والمعكاة ، صفة للنياق القوية.... أما (سعدان توضح) فهو مكان أو مرعى ومن أخصب المراعي التي ترعى بها إبل النعمان وتترك آثار النعمة على ظهر الإبل وهو الشعر الكثيف (اللبد).
    أو قوله :
    وأنت ربيع ينعش الناس سيبه
    وسيف أعيرته المنية قاطع
    فالنعمان بالنسبة للنابغة ربيع منعش حتى ولو كان أبناء الجزيرة العربية في حالات قحط ومجاعة . أو كانوا من ضحايا سيفه القاطع ...؟
    أو قوله :
    أخلاق مجدك جلت ما لها خطر

    في البأس والجود بين العلم والخبر
    فالنعمان يمتاز (بأخلاق) مجيدة (وأخلاق) كثيرة وجليلة وليس لها حصر ، يستوي في ذلك بأسه في (أيام البؤس)... أو جوده في (أيام النعيم)... وهذه الأخلاق لا تحتاج إلى أي إعلام أو خبر.
    أو قوله :
    لولا الهمام الذي ترجى نوافله
    لقال صاحبها في عصبة : سيروا
    وفي هذه الأبيات يتجلى النعمان ، وكأنه قبلة الفضيلة ومثالها الأعلى... مع أن في شعر النابغة وسيرته مع المناذرة ما يناقض ذلك ، فكل اعتذارياته تشي بالحذر والخوف جنبا إلى جنب مع العطايا والهبات...
    لكن عمرو بن العلاء، وهو أحد رواة شعر النابغة، ينكر ذلك ، فقد سألوا عمرو بن العلاء : هل كان النابغة يمدح النعمان خوفا من بطشه ...؟ قال عمرو بن العلاء: لا ، لم يكن النابغة خائفا في اعتذاره .... فقد كان آمنا .... وما كان النعمان يجرؤ على إرسال جيش إلى ديار بني ذبيان ، وما كانت ذبيان لتسلمه بسهولة (راجع شرح المعلقات العشر ، لأحمد أمين الشنقيطي) .
    وكلام عمرو بن العلاء ينفي الخوف والحذر عن النابغة ولكنه يؤكد طمعه بعصافير النعمان... والعصافير نوق كرائم من ذوات السنامين ... لكن الحقيقة أن الشاعر بقدر ما كان يحرص على عطايا النعمان كان يخاف منه... فالخوف هنا مركب من حرصه على العطايا ومن تصرفاته مع ملوك الغساسنة التي لم يرض بها النعمان.

    2- مخاوف النابغة
    > قالوا عن النابغة الذبياني أنه (أشعر الناس إذا رهب) ومن معاني الرهبة: الخشية والهيبة والخوف والحذر ، وهذا الحكم مستنبط من اعتذارياته وقد كانت اعتذاريات النابغة ، كلها تشي بخوف النابغة وحذره من الملك الهمام ، ومن ملوك المناذرة والغساسنة بدون استثناء قال يخاطب الحارث الغساني:
    وقد خفت حتى ما تزيد مخافتي
    على وعِلِِ في ذي المطارة عاقل
    فالخوف من الحارث الغساني ، خوف بلغ مداه في نفس الشاعر وإلى حد أنه يشبه خوف (الوعل) في هربه من الصياد ... لكن قد يكون خوفه من الغساسنة خوفا على قبائل ذبيان بعد ما جهز الملك الغساني جيشا لمحاربتهم، وبعد ما عجز الشاعر عن إقناع قبائله بالابتعاد عن بطش الحارث الغساني قال يخاطب قبيلته:
    نصحت بني عوف ، فلم يتقبلوا
    وصاتي ، ولم تنجح لديهم وسائلي
    فقلت لهم لا أعرفن عقائلا
    رعابيب من جنبي أريك وعاقل
    هنا الملاحظ أن الشاعر لا يخاف على نفسه من الحارث فهو من شعراء البلاط الغساني ، وهم من أصدقائه المبجلين:
    لهم شيمة ، لم يعطها الله غيرهم
    من الجود والأحلام غير عوازب
    وله عندهم جانب رفيع ، وجانب يقوله علنا للنعمان بن المنذر. قال النابغة للنعمان يصف علاقته بالغساسنة:
    ولكنني كنت امرأ لي جانب
    من الأرض فيه مستراد ومذهب
    ملوك وأخوان إذا ما أتيتهم
    أحكم في أموالهم وأقرّب
    إذن هو ليس خائفا من ملوك غسان لا لأن عطاياهم قليلة بل لأنهم أكثر دماثة وأكثر سموا ورفعة من النعمان بن المنذر ومن الوشاة في بلاطه.
    فمع الخوف من النعمان ، يكون الحذر ، وتكون الوشاية كما في قوله يخاطب الملك النعمان:
    أتاني أبيت اللعن أنك لمتني
    وتلك التي أهتم منها وأنصب
    فبت كأن العائدات فرشن لي
    هراسا به يعلي فراشي ويقشب
    حلفت فلم أترك لنفسك ريبة
    وليس وراء الله للمرء مذهب
    لئن كنت قد بلغت عني خيانة
    لمبلغك الواشي أغش وأكذب
    هنا الخوف ، يصل إلى حد الذعر من لوم النعمان بن المنذر ، ومن لومه لا يخاف وحسب ، بل ويكابد المواجع وهذه المواجع تؤرقه وتجعل فراشه شوكا يبيت عليه طوال المساء وعلى ماذا ... ؟ لأن الوشاة قد أوغروا صدر الملك بخيانته له ... وأي خيانة ....؟
    أجمع الرواة على أن خوفه كان من ذهابه إلى الغساسنة بدون إذن النعمان فوشوا به وكادوا به، إلى حد أن النعمان أضمر حقدا على الشاعر مع أن الشاعر لم يذهب إلى الغساسنة إلا لإنقاذ أسرى قبيلته من سجن الحارث الغساني وكان بين الأسرى إحدى بنات الشاعر، ولعلها المذكورة في مطلع قصيدته البائية التي يمدح بها الحارث الغساني:
    كليني لهمّ يا أميمة ناصب
    وليل أقاسيه بطيء الكواكب
    لكن هناك رواية أخرى، ولكنها ضعيفة، تقول أن هذا الجفاء بينه وبين النعمان سببه المتجردة زوجة النعمان، وليس سببه أسر الغساسنة لبعض أفراد قبيلته ذبيان.
    قالوا أن النعمان طلب منه وصف المتجردة ... بعد ما دخلت على الملك والشاعر معه ، فوصفها وصفا فاحشا ، ولكنه وصف أصاب المفصل ، قال النابغة يصف مواطن الطهر والعهر:
    فإذا لمست لمست أجثم جاثما
    متحيزا بمكانه ملء اليد
    وإذا طعنت طعنت في مستهدف
    رابي المجسة بالعبير مقرمد
    والقصيدة مطلعها (أمن آل مية رائح أو مغتدي)ٍ.
    هذه القصيدة تكشف تفاصيل المتجردة وتضاريس جسدها بصورة جعل المنخل اليشكري ، يهمس للنعمان ، بأن هذا الوصف لا يكون إلا من مجرب. (وكان النعمان رجلا قصيرا ذميما وأبرص) ، فأوغر المنخل صدر النعمان على الشاعر.حتى أضمر قتل النابغة . وكان عصام حاجب الملك يسمع ، فوشى بالملك وبالمنخل للنابغة فهرب النابغة إلى الشام خائفا من تلك الوشاية ... وأثناء وجوده في الشام قام المنخل اليشكري ووضع شعرا يهجو به النعمان ونسبه للنابغة ... فزاد الطين بلة فظل الملك يتحين أي فرصة للبطش بالنابغة.
    لكن كما يقال في المثل العامي (آخرة المحنش للحنش) أو (من حفر حفرة لأخيه وقع فيها) وهكذا كان مصير المنخل اليشكري والمتجردة . فما هي إلا أيام حتى اكتشف الملك مكيدة قصره وعرف أن المتجردة على علاقة شريرة بالمنخل اليشكري، فقد أنجبت من المنخل ولدين نسبتهما إلى النعمان وحينها أمر الملك بقتل الشاعر والمتجردة.
    وبعدها رجع الشاعر مجللا بالنصر. هذه واحدة من حكايات البلاط ووشاته ومكائدهم ، إضافة إلى تاريخ المناذرة البشع في قتل الشاعر طرفة بن العبد ، وفي قتل الشاعر عبيد بن الأبرص وفي قتل الشاعر عدي بن زيد العبادي ، وما إلى ذلك من قتلى في أيام بؤس النعمان وسعده.
    كان بلاط النعمان وكرا للدسائس والمكائد وتلفيق التهم على الناس والإيقاع بهم بين مخالب الإفك والبهتان ومن هذا البلاط هرب النابغة إلى بلاط الغساسنة ومكث هناك يمدحهم بقصائد هي من عيون الشعر العربي .حتى عفا عنه النعمان وعاد إلى بلاطه مدبجا اعتذاراته. ولبيان مخاوفه هذه سنبدأ من بيته المشهور في الاعتذار:
    أتيتك عاريا خلقا ثيابي
    على خوف تظن بي الظنون
    هذا البيت من قصيدة يمدح بها الملك عمرو بن هند اللخمي وهي أبلغ بيت في الاعتذار، لكن دون أن نعرف سبب الاعتذار، والاعتذار فيها قائم على مخافة الشاعر من الملك اللخمي بصورة جعلته بريئا من كل أقوال الوشاة فكلمة الحال (عاريا) كناية عن طهر الشاعر وبراءته.
    ومن بعد هذا تتوالى الاعتذارات إلى الملك النعمان بن المنذر كما في قوله:
    أنبئت أن أبا قابوس أوعدني
    ولا قرار على زأر من الأسد
    الاعتذار في هذا البيت يفيد علة الهرب وسببه... فهو لم يهرب إلا لأن الملك النعمان أضمر السوء كما يفيد التشبيه فقد شبه الملك بالأسد الغضبان، والغضب مع الأسد لا يعني الشجاعة بل يعني البطش... نعم فما بعد الغضب إلا الافتراس .
    وكذلك قوله معتذرا:
    فلا تتركني بالوعيد كأنني
    إلى الناس مطلي به القار ، أجرب
    البيت يصور خوف الشاعر من هجر النعمان وجفاه، فتركه على التهديد والوعيد سيجعله منبوذا ليس من الناس، بل من البلاط، وهذا ما يخيفه أكثر من بطش النعمان لأن في بطشه راحة أما في ابتعاده عن القصر فهو العذاب الأليم . وتهديد النعمان للشاعر ووعيده كثير في أشعار النابغة منها قوله:
    وعيد أبي قابوس في غير كنهه
    أتاني ودوني راكس فالضواجع
    فبت كأني ساورتني ضئيلة
    من الرقش ، في أنيابها السم ناقع
    يسهد من ليل التمام سليمها
    لحلي النساء في يديها قعاقع
    هنا الخوف من وعيد الملك يبلغ مداه، فهو لا يكاد يقر له قرار من الخوف نهارا ولا ليلا ففي النهار يعيش وكأنه البعير الأجرب منبوذا من بين القطيع في البلاط، أما في الليل فهو فريسة الأفاعي، والأفاعي كناية عن جواسيس النعمان أو عن غدره وبطشه.
    يبدو الاعتذار في الظاهر مديحا للملك ، ولكنه في الحقيقة ذم وتشنيع، ويتجلى هذا أكثر في بيته المشهور بجودة التشبيه في قوله:
    وإنك كالليل الذي هو مدركي
    وإن خلت أن المنتأى عنك واسع
    فهو لا يعلن خوفه وحسب بل يكاد يدين النعمان ويذمه، والتشبيه يؤكد ذلك فالنعمان شخصية منحطة لا يقدر على إدراك الحقيقة، ولكنه يقدر على البطش وعلى التهديد والوعيد، ولذا شبهه بالليل، والليل مخيف في حياة البدوي المتنقل في الصحراء، وليس هناك ليل أحسن من هذا الليل المخيف سوى ليل الغساسنة:
    كليني لهمّ يا أميمة ناصب
    وليل أقاسيه بطيء الكواكب
    تطاول حتى قلت ليس بمنقض
    وليس الذي يرعى النجوم بآيب
    هنا مع الغساسنة نجد الشاعر يكابد الليل فهو مسهد ومهموم ومغموم وحزين، ولكنه يستأنس ببعض النجوم ، ولكنها نجوم متشردة بالأفق وليس لها أي راع ، والراعي هنا كناية عن الفجر، لكن الفجر نفسه كان غائبا في ذلك الليل المخيف، ولكن بصورة أقل من خوف المناذرة.
    المهم يبقى الخوف، والوشاية، والحذر كلها مظاهر تملأ نفس الشاعر وشعره، وكل هذه المظاهر نتيجة سببها الأحقاد والضغائن التي أثارها الحسد والحساد عليه، لكن يبقى الطمع هو السبب الذي أغرق الشاعر في الخوف وما نتج عنه من هموم وأحزان، أو من مخاوف لم يقدر على التحرر منها إلا بعد أن مات الملك الهمام، وبعد أن غادر الشاعر بلاطه راجعا إلى ديار بني ذبيان .. وهناك اعتزل الشعر ومات ........ مات ولم يهتر عقله كما قالوا (راجع الشعر والشعراء لابن قتيبة والأغاني جــــــــ11ــ وراجع المعلقات العشر للشنقيطي وراجع ديوانه المطبوع في دار صادر بيروت، بتقديم ( كرم البستاني).
    وفي هذا كله نجد النابغة الذبياني شاعرا لا يقابل عنترة مقابلة الضد بالضد بل نجد النابغة على النقيض من عنترة تماما.
    لقد قتلت الحروب عنترة بعد ما بلغ أراذل العمر وعلى يد فارس شاب من قبيلة طي وأثناء معركة هزمت فيها عبس وقتل فارسها.. لكن موت عنترة لم تمت بطولته. فقد عاش عبر التاريخ مثالا ساطعا تتمثله الأمة العربية حتى اليوم وكذلك شعره.
    أما النابغة فليس له من البطولة سوى الذل والخوف والمهانة جريا وراء عصافير النعمان ........ لكن النابغة الذبياني ظل شاعرا يسبح في التاريخ ويضعه ابن سلام الجمحي في صدارة الفحول الأربعة امرئ القيس والنابغة وزهير والأعشى وبهذا الترتيب . وهو ترتيب تاريخي ليس إلا..؟!!

    3- شعر النابغة
    > والنابغة الذبياني شاعر وناقد في آن، فقد كانت له خيمة تنصبها قريش وملوك الغساسنة في مكة وفيها يجري النقد لأهم مظاهر الثقافة الجمالية، وكان هو الحكم فيها وكذلك كانت مجالسه في مدينة يثرب، فبفضل أدباء يثرب استقام شعر النابغة الذبياني، قال النابغة (دخلت يثرب وفي شعري عاهة، وخرجت منها وأنا أشعر الناس) (راجع المعلقات العشر للشنقيطي وألأغاني جــــ11ــــــ ومقدمة ديوانه.)
    وقد قال ابن سلام الجمحي في الطبقات: كان النابغة أحسن الشعراء ديباجة شعر، كما كان شعره يمتاز بالرونق والطلاوة وكان شعره متين البيت وجزيل اللفظ، وكان شعره كلاما ليس فيه تكلف، وذلك بفضل مدينة يثرب ونقادها لأشعاره.. ومدينة يثرب هذه هي التي احتضنت القرآن ورفعته بعد أن رفضته مكة.
    وهذه الأحكام يقولها أكثر علماء الشعر العربي وعلماء البيان والبلاغة ولكن كانت في شعر النابغة وما زالت عيوب لم يتركها النقاد وخاصة عيوب القافية كالإقواء والإسناد والإكفاء وما إلى ذلك من عيوب
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    النابغة الذبياني (شعراء العصر الجاهلي) Empty رد: النابغة الذبياني (شعراء العصر الجاهلي)

    مُساهمة من طرف أحمد السبت أكتوبر 11, 2014 10:03 pm

    النابِغَة الذُبياني
    ? - 18 ق. هـ / ? - 605 م
    زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني الغطفاني المضري، أبو أمامة.
    شاعر جاهلي من الطبقة الأولى، من أهل الحجاز، كانت تضرب له قبة من جلد أحمر بسوق عكاظ فتقصده الشعراء فتعرض عليه أشعارها. وكان الأعشى وحسان والخنساء ممن يعرض شعره على النابغة.
    كان حظياً عند النعمان بن المنذر، حتى شبب في قصيدة له بالمتجردة (زوجة النعمان) فغضب منه النعمان، ففر النابغة ووفد على الغسانيين بالشام، وغاب زمناً. ثم رضي عنه النعمان فعاد إليه.
    شعره كثير وكان أحسن شعراء العرب ديباجة، لا تكلف في شعره ولا حشو. عاش عمراً طويلاً.
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    النابغة الذبياني (شعراء العصر الجاهلي) Empty رد: النابغة الذبياني (شعراء العصر الجاهلي)

    مُساهمة من طرف أحمد الأحد نوفمبر 02, 2014 12:14 pm

    يا دَارَ مَيَّـةَ بالعَليْـاءِ ، فالسَّنَـدِ
    أَقْوَتْ ، وطَالَ عَلَيهَا سَالِـفُ الأَبَـدِ
    وقَفـتُ فِيـهَا أُصَيلانـاً أُسائِلُهـا
    عَيَّتْ جَوَاباً ، ومَا بالرَّبـعِ مِنْ أَحَـدِ
    إلاَّ الأَوَارِيَّ لأْيـاً مَـا أُبَـيِّـنُـهَا
    والنُّؤي كَالحَوْضِ بالمَظلومـةِ الجَلَـدِ
    رَدَّتْ عَليَـهِ أقَـاصِيـهِ ، ولـبّـدَهُ
    ضَرْبُ الوَلِيدَةِ بالمِسحَـاةِ فِي الثَّـأَدِ
    خَلَّتْ سَبِيـلَ أَتِـيٍّ كَـانَ يَحْبِسُـهُ
    ورفَّعَتْهُ إلـى السَّجْفَيـنِ ، فالنَّضَـدِ
    أمْسَتْ خَلاءً ، وأَمسَى أَهلُهَا احْتَمَلُوا
    أَخْنَى عَليهَا الَّذِي أَخْنَـى عَلَى لُبَـدِ
    فَعَدِّ عَمَّا تَرَى ، إِذْ لاَ ارتِجَـاعَ لَـهُ
    وانْـمِ القُتُـودَ عَلَى عَيْرانَـةٍ أُجُـدِ
    مَقذوفَةٍ بِدَخِيسِ النَّحـضِ ، بَازِلُهَـا
    لَهُ صَريفٌ ، صَريفُ القَعْـوِ بالمَسَـدِ
    كَأَنَّ رَحْلِي ، وَقَدْ زَالَ النَّـهَارُ بِنَـا
    يَومَ الجليلِ ، عَلَى مُستأنِـسٍ وحِـدِ
    مِنْ وَحشِ وَجْرَةَ ، مَوْشِيٍّ أَكَارِعُـهُ
    طَاوي المَصِيرِ ، كَسَيفِ الصَّيقل الفَرَدِ
    سَرتْ عَلَيهِ ، مِنَ الجَـوزَاءِ ، سَارِيَـةٌ
    تُزجِي الشَّمَالُ عَلَيـهِ جَامِـدَ البَـرَدِ
    فَارتَاعَ مِنْ صَوتِ كَلاَّبٍ ، فَبَاتَ لَـهُ
    طَوعَ الشَّوَامتِ مِنْ خَوفٍ ومِنْ صَرَدِ
    فبَـثّـهُـنَّ عَلَيـهِ ، واستَمَـرَّ بِـهِ
    صُمْعُ الكُعُوبِ بَرِيئَـاتٌ مِنَ الحَـرَدِ
    وكَانَ ضُمْرانُ مِنـهُ حَيـثُ يُوزِعُـهُ
    طَعْنَ المُعارِكِ عِندَ المُحْجَـرِ النَّجُـدِ
    شَكَّ الفَريصةَ بالمِـدْرَى ، فَأنفَذَهَـا
    طَعْنَ المُبَيطِرِ ، إِذْ يَشفِي مِنَ العَضَـدِ
    كَأَنَّه ، خَارجَا مِنْ جَنـبِ صَفْحَتِـهِ
    سَفّودُ شَرْبٍ نَسُـوهُ عِنـدَ مُفْتَـأَدِ
    فَظَلّ يَعْجُمُ أَعلَى الـرَّوْقِ ، مُنقبضـاً
    فِي حالِكِ اللّونِ صَدْقٍ ، غَيرِ ذِي أَوَدِ
    لَمَّا رَأَى واشِـقٌ إِقعَـاصَ صَاحِبِـهِ
    وَلاَ سَبِيلَ إلـى عَقْـلٍ ، وَلاَ قَـوَدِ
    قَالَتْ لَهُ النَّفسُ : إنِّي لاَ أَرَى طَمَـعاً
    وإنَّ مَولاكَ لَمْ يَسلَـمْ ، ولَمْ يَصِـدِ
    فَتِلكَ تُبْلِغُنِي النُّعمَانَ ، إنَّ لهُ فَضـلاً
    عَلَى النَّاس فِي الأَدنَى ، وفِي البَعَـدِ
    وَلاَ أَرَى فَاعِلاً ، فِي النَّاسِ ، يُشبِهُـهُ
    وَلاَ أُحَاشِي ، مِنَ الأَقوَامِ ، مِنْ أحَـدِ
    إلاَّ سُليـمَانَ ، إِذْ قَـالَ الإلـهُ لَـهُ
    قُمْ فِي البَرِيَّة ، فَاحْدُدْهَـا عَنِ الفَنَـدِ
    وخيّسِ الجِنّ ! إنِّي قَدْ أَذِنْـتُ لَهـمْ
    يَبْنُـونَ تَدْمُـرَ بالصُّفّـاحِ والعَمَـدِ
    فَمَـن أَطَاعَـكَ ، فانْفَعْـهُ بِطَاعَتِـهِ
    كَمَا أَطَاعَكَ ، وادلُلْـهُ عَلَى الرَّشَـدِ
    وَمَـنْ عَصَـاكَ ، فَعَاقِبْـهُ مُعَاقَبَـةً
    تَنهَى الظَّلومَ ، وَلاَ تَقعُدْ عَلَى ضَمَـدِ
    إلاَّ لِمثْـلكَ ، أَوْ مَنْ أَنـتَ سَابِقُـهُ
    سَبْقَ الجَوَادِ ، إِذَا استَولَى عَلَى الأَمَـدِ
    أَعطَـى لِفَارِهَـةٍ ، حُلـوٍ تَوابِعُـهَا
    مِنَ المَواهِـبِ لاَ تُعْطَـى عَلَى نَكَـدِ
    الوَاهِـبُ المَائَـةِ المَعْكَـاءِ ، زَيَّنَـهَا
    سَعدَانُ تُوضِـحَ فِي أَوبَارِهَـا اللِّبَـدِ
    والأُدمَ قَدْ خُيِّسَـتْ فُتـلاً مَرافِقُـهَا
    مَشْـدُودَةً بِرِحَـالِ الحِيـرةِ الجُـدُدِ
    والرَّاكِضاتِ ذُيـولَ الرّيْطِ ، فانَقَـهَا
    بَرْدُ الهَوَاجـرِ ، كالغِـزْلاَنِ بالجَـرَدِ
    والخَيلَ تَمزَعُ غَرباً فِي أعِنَّتهَا كالطَّيـرِ
    تَنجـو مِـنْ الشّؤبـوبِ ذِي البَـرَدِ
    احكُمْ كَحُكمِ فَتاةِ الحَيِّ ، إِذْ نظـرَتْ
    إلـى حَمَامِ شِـرَاعٍ ، وَارِدِ الثَّمَـدِ
    يَحُفّـهُ جَـانِبـا نِيـقٍ ، وتُتْبِعُـهُ
    مِثلَ الزُّجَاجَةِ ، لَمْ تُكحَلْ مِنَ الرَّمَـدِ
    قَالَتْ : أَلاَ لَيْتَمَا هَـذا الحَمَـامُ لَنَـا
    إلـى حَمَـامَتِنَـا ونِصفُـهُ ، فَقَـدِ
    فَحَسَّبوهُ ، فألفُـوهُ ، كَمَا حَسَبَـتْ
    تِسعاً وتِسعِينَ لَمْ تَنقُـصْ ولَمْ تَـزِدِ
    فَكَمَّلَـتْ مَائَـةً فِيـهَا حَمَامَتُـهَا
    وأَسْرَعَتْ حِسْبَةً فِـي ذَلكَ العَـدَدِ
    فَلا لَعمرُ الَّذِي مَسَّحتُ كَعْبَتَهُ وَمَـا
    هُرِيقَ ، عَلَى الأَنصَابِ ، مِنْ جَسَـدِ
    والمؤمنِ العَائِذَاتِ الطَّيرَ ، تَمسَحُـهَا
    رُكبَانُ مَكَّةَ بَيـنَ الغَيْـلِ والسَّعَـدِ
    مَا قُلتُ مِنْ سيّءٍ مِمّـا أُتيـتَ بِـهِ
    إِذاً فَلاَ رفَعَتْ سَوطِـي إلَـيَّ يَـدِي
    إلاَّ مَقَـالَـةَ أَقـوَامٍ شَقِيـتُ بِهَـا
    كَانَتْ مقَالَتُهُـمْ قَرْعـاً عَلَى الكَبِـدِ
    إِذاً فعَـاقَبَنِـي رَبِّـي مُعَـاقَـبَـةً
    قَرَّتْ بِهَا عَيـنُ مَنْ يَأتِيـكَ بالفَنَـدِ
    أُنْبِئْـتُ أنَّ أبَـا قَابُـوسَ أوْعَدَنِـي
    وَلاَ قَـرَارَ عَلَـى زَأرٍ مِـنَ الأسَـدِ
    مَهْلاً ، فِـدَاءٌ لَك الأَقـوَامُ كُلّهُـمُ
    وَمَا أُثَمّـرُ مِنْ مَـالٍ ومِـنْ وَلَـدِ
    لاَ تَقْذِفَنّـي بُركْـنٍ لاَ كِفَـاءَ لَـهُ
    وإنْ تأثّـفَـكَ الأَعـدَاءُ بالـرِّفَـدِ
    فَمَا الفُراتُ إِذَا هَـبَّ الرِّيَـاحُ لَـهُ
    تَرمِـي أواذيُّـهُ العِبْرَيـنِ بالـزَّبَـدِ
    يَمُـدّهُ كُـلُّ وَادٍ مُتْـرَعٍ ، لجِـبٍ
    فِيهِ رِكَـامٌ مِنَ اليِنبـوتِ والخَضَـدِ
    يَظَلُّ مِنْ خَوفِـهِ ، المَلاَّحُ مُعتَصِـماً
    بالخَيزُرانَة ، بَعْـدَ الأيـنِ والنَّجَـدِ
    يَوماً ، بأجـوَدَ مِنـهُ سَيْـبَ نافِلَـةٍ
    وَلاَ يَحُولُ عَطـاءُ اليَـومِ دُونَ غَـدِ
    هَذَا الثَّنَـاءُ ، فَإِنْ تَسمَعْ بِـهِ حَسَنـاً
    فَلَمْ أُعرِّضْ ، أَبَيتَ اللَّعنَ ، بالصَّفَـدِ
    هَا إنَّ ذِي عِذرَةٌ إلاَّ تَكُـنْ نَفَعَـتْ
    فَـإِنَّ صَاحِبَـها مُشَـارِكُ النَّكَـدِ
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    النابغة الذبياني (شعراء العصر الجاهلي) Empty رد: النابغة الذبياني (شعراء العصر الجاهلي)

    مُساهمة من طرف أحمد الأحد نوفمبر 02, 2014 12:14 pm



    https://www.youtube.com/watch?v=Ihm8iDj_8xY
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    النابغة الذبياني (شعراء العصر الجاهلي) Empty رد: النابغة الذبياني (شعراء العصر الجاهلي)

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين نوفمبر 10, 2014 8:26 pm

    يا دارَ مَيّة َ بالعَليْاءِ، فالسَّنَدِ، أقْوَتْ، وطالَ عليها سالفُ الأبَدِ
    وقفتُ فيها أُصَيلاناً أُسائِلُها، عَيّتْ جواباً، وما بالرَّبعِ من أحدِ
    إلاّ الأواريَّ لأياً ما أُبَيّنُهَا، والنُّؤي كالحَوْضِ بالمظلومة ِ الجَلَدِ
    رَدّت عليَهِ أقاصيهِ، ولبّدَهُ ضَرْبُ الوليدة ِ بالمِسحاة ِ في الثَّأَدِ
    خلتْ سبيلَ أتيٍ كانَ يحبسهُ ، و رفعتهُ إلى السجفينِ ، فالنضدِ
    أمستْ خلاءً ، وأمسى أهلها احتملوا أخننى عليها الذي أخنى على لبدِ
    فعَدِّ عَمّا ترى ، إذ لا ارتِجاعَ له، و انمِ القتودَ على عيرانة ٍ أجدِ
    مَقذوفة ٍ بدخيس النّحضِ، بازِلُها له صريفٌ القعوِ بالمسدِ
    كأنّ رَحْلي، وقد زالَ النّهارُ بنا، يومَ الجليلِ، على مُستأنِسٍ وحِدِ
    من وحشِ وجرة َ ، موشيٍّ أكارعهُ ، طاوي المصيرِ، كسيفِ الصّيقل الفَرَدِ
    سرتْ عليه ، من الجوزاءِ ، سارية ٌ ، تُزجي الشَّمالُ عليهِ جامِدَ البَرَدِ
    فارتاعَ من صوتِ كلابٍ ، فباتَ له طوعَ الشّوامتِ من خوفٍ ومن صَرَدِ
    فبَثّهُنّ عليهِ، واستَمَرّ بِهِ صُمْعُ الكُعوبِ بريئاتٌ من الحَرَدِ
    وكان ضُمْرانُ منه حيثُ يُوزِعُهُ، طَعنَ المُعارِكِ عند المُحجَرِ النَّجُدِ
    شكَّ الفَريصة َ بالمِدْرى ، فأنفَذَها، طَعنَ المُبَيطِرِ، إذ يَشفي من العَضَدِ
    كأنّه، خارجا من جنبِ صَفْحَتَهِ، سَفّودُ شَرْبٍ نَسُوهُ عندَ مُفْتَأدِ
    فظَلّ يَعجَمُ أعلى الرَّوْقِ، مُنقبضاً، في حالكِ اللونِ صدقٍ ، غير ذي أودِ
    لما رأى واشقٌ إقعاصَ صاحبهِ ، ولا سَبيلَ إلى عَقلٍ، ولا قَوَدِ
    قالت له النفسُ : إني لا أرى طمعاً ، و إنّ مولاكَ لم يسلمْ ، ولم يصدِ
    فتلك تبلغني النعمانَ ، إنّ لهُ فضلاً على النّاس في الأدنَى ، وفي البَعَدِ
    و لا أرى فاعلاً ، في الناس ، يشبهه ، ولا أُحاشي، من الأقوام، من أحَدِ
    إلاّ سليمانَ ، إذ قالَ الإلهُ لهُ : قم في البرية ِ ، فاحددها عنِ الفندِ
    وخيّسِ الجِنّ! إنّي قد أَذِنْتُ لهمْ يَبْنُونَ تَدْمُرَ بالصُّفّاحِ والعَمَدِ
    فمن أطاعكَ ، فانفعهُ بطاعتهِ ، كما أطاعكَ ، وادللـهُ على الرشدِ
    ومن عَصاكَ، فعاقِبْهُ مُعاقَبَة ً تَنهَى الظَّلومِ، ولا تَقعُدْ على ضَمَدِ
    إلاّ لِمثْلِكَ، أوْ مَنْ أنتَ سابِقُهُ سبقَ الجواد ، إذا استولى على الأمدِ
    أعطى لفارِهَة ٍ، حُلوٍ توابِعُها، منَ المَواهِبِ لا تُعْطَى على نَكَدِ
    الواهِبُ المائَة ِ المعْكاء، زيّنَها سَعدانُ توضِحَ في أوبارِها اللِّبَدِ
    و الأدمَ قد خيستْ ، فتلاً مرافقها مَشدودَة ً برِحالِ الحيِرة ِ الجُدُدِ
    و الراكضاتِ ذيولَ الريطِ ، فانقها بردُ الهواجرِ ، كالغزلانِ بالجردِ
    والخَيلَ تَمزَغُ غرباً في أعِنّتها، كالطيرِ تنجو من الشؤبوبِ ذي البردِ
    احكمْ كحكم فتاة ِ الحيّ ، إذ نظرتْ إلى حمامِ شراعٍ ، واردِ الثمدِ
    يحفهُ جانبا نيقٍ ، وتتبعهُ مثلَ الزجاجة ِ ، لم تكحلْ من الرمدِ
    قالت: ألا لَيْتَما هذا الحَمامُ لنا إلى حمامتنا ونصفهُ ، فقدِ
    فحسبوهُ ، فألقوهُ ، كما حسبتْ ، تِسعاً وتِسعينَ لم تَنقُصْ ولم تَزِدِ
    فكملتْ مائة ً فيها حمامتها ، و أسرعتْ حسبة ً في ذلكَ العددِ
    فلا لعمرُ الذي مسحتُ كعبتهُ ، و ما هريقَ ، على الأنصابِ ، من جسدِ
    والمؤمنِ العائِذاتِ الطّيرَ، تمسَحُها ركبانُ مكة َ بينَ الغيلِ والسعدِ
    ما قلتُ من سيءٍ مما أتيتَ به ، إذاً فلا رفعتْ سوطي إليّ يدي
    إلاّ مقالة َ أقوامٍ شقيتُ بها ، كانَتْ مقَالَتُهُمْ قَرْعاً على الكَبِدِ
    غذاً فعاقبني ربي معاقبة ً ، قرتْ بها عينُ منْ يأتيكَ بالفندِ
    أُنْبِئْتُ أنّ أبا قابوسَ أوْعَدَني، و لا قرارَ على زأرٍ منَ الأسدِ
    مَهْلاً، فِداءٌ لك الأقوامِ كُلّهُمُ، و ما أثمرُ من مالٍ ومنْ ولدِ
    لا تقذفني بركنٍ لا كفاءَ له ، وإنْ تأثّفَكَ الأعداءُ بالرِّفَدِ
    فما الفُراتُ إذا هَبّ غواربه تَرمي أواذيُّهُ العِبْرَينِ بالزّبَدِ
    يَمُدّهُ كلُّ وادٍ مُتْرَعٍ، لجِبٍ، فيه ركامٌ من الينبوتِ والحضدِ
    يظَلّ، من خوفهِ، المَلاحُ مُعتصِماً بالخيزرانة ِ ، بعدَ الأينِ والنجدِ
    يوماً، بأجوَدَ منه سَيْبَ نافِلَة ٍ، ولا يَحُولُ عَطاءُ اليومِ دونَ غَدِ
    هذا الثّناءُ، فإن تَسمَعْ به حَسَناً، فلم أُعرّض، أبَيتَ اللّعنَ، بالصَّفَدِ
    ها إنّ ذي عِذرَة ٌ إلاّ تكُنْ نَفَعَتْ، فإنّ صاحبها مشاركُ النكدِ
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16791
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39117
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    النابغة الذبياني (شعراء العصر الجاهلي) Empty رد: النابغة الذبياني (شعراء العصر الجاهلي)

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين نوفمبر 10, 2014 8:31 pm

    http://www.dhifaaf.com/vb/showthread.php?t=17009

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء مايو 01, 2024 8:55 pm