ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    النمص حلال حلال حلال

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    النمص حلال حلال حلال Empty النمص حلال حلال حلال

    مُساهمة من طرف أحمد الجمعة يوليو 01, 2016 4:49 pm

    قال الشيخ محمد سالم بحيري:
    • هل حرَّم السَّلفُ النمصَ فأحلَّه الفقهاءُ ؟ (دراسة أثرية وبحث أصولي) .
    • فقال صاحبي : قول الشافعية بجواز النمص يخالف مذهب السلف ، فإن عبد الله بن مسعودٍ قد أفتى بحرمته .
    • قلتُ : هذا كذبٌ على عبد الله مسعودٍ رضي الله عنها ؛ فإن الرواية في المحاورة التي دارت بين ابن مسعودٍ داخل الصحيحين وخارجهما لم تبين مقصود المرأة ، ففي الرواية أن ابن مسعود حدث بالحديث ، فقالت له المرأة : «فإني أرى شيئًا من ذلك على امرأتك» .
    • السؤال الآن : أيُّ شيء من الأشياء الثلاثة التي ذكرها ابن مسعودٍ رضي الله عنه ؟! لم تبين الرواية ذلك ، فحملك لكلمة «ذلك» على النمص رجم بالغيب ، وشيءٌ من عند نفسِك .
    • ولم تأتِ رواية مبينة لمراد المرأة اللهم إلا روايتين :
    • الأولى : رواية البزار في «مسنده» (ج4/ص295) قال : حدثنا يوسف بن موسى قال: نا جرير قال : نا منصور بن المعتمر أبو عتاب عن إبراهيم، عن علقمة قال: قال عبد الله: «لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله» ، فاعترضت المرأة ، ثم قالت [ركز في دي الله يسترك] : «إن أوَّلَ شيءٍ من ذلك على امرأتك» .
    • جميل ، وما أول شيءٍ من ذلك ؟! إنه الوشم ، فدخلت المرأة ، فلم ترَ شيئًا ، انتبه ! المرأة في هذه الرواية قصدت الوشم لا النمص.
    • ورغم أن هذه الرواية رجالها ثقات رجال البخاري ، إلا أن يوسف بن موسى تفرد بهذا الحرف عن مخرج الحديث (جرير بن عبد الحميد) ، فكلهم رووا اللفظ مجملًا (أي : إني أرى شيئًا من ذلك على امرأتك) ، ورواه هو على هذا النحو (أي : قال : إن أول شيءٍ من ذلك على امرأتك) .
    • فقد رواه بالإجمال [أي : بلفظ : (شيئًا من ذلك على امرأتك)] : إسحاق بن إبراهيم وعثمان بن أبي شيبة (كما عند مسلم 3/1678) ، ومحمد بن عيسى الطباع (كما عند أبي داود 30/151) ، وهم ثلاثة من الثقات الأثبات .
    • أما يوسف بن موسى القطان فتفرد عنهم فقال : (إن أول شيء من ذلك على امرأتك) ، ومثل هذا التفرد عن الثلاثة قد لا يحتمل في مسالك المحدثين .
    • الثانية : رواية الشاشي في «مسنده» (ج2/ص377) ، التي يرويها عبد الملك بن عمير عن العريان بن الهيثم عن قبيصة بن جابر قال : «كنا نشارك المرأة في السورة من القرآن نتعلمها ، فانطلقت مع عجوز من بني أسد إلى ابن مسعود في بيته ، فرأى جبينها يبرق ، فقال : أتحلقينه ؟ فغضبت ، ثم قالت : التي تحلق جبينها امرأتك» ، قال : فادخلي عليها ، فإن كانت تفعله فهي مني بريئة ، فانطلقت ، ثم جاءت فقالت : لا والله ما رأيتها تفعله» .
    • وهي رواية عرجاء شلاء من طريق العريان بن الهيثم ، ولم يوثقه إلا ابن حبان ، ومن ثم لا تقوى على مجابهة الرواية السابقة المفسرة لموضع الإنكار بالوشم (مع المقال السابق فيها) ، ولا الرواية المجملة المشهورة (وهي صحيحة).
    • الحاصل أن لا يصح عن ابن مسعودٍ تفسير للنمص .
    • والعجيب أن الشيخ الألباني رحمه الله وطيب ثراه ضعَّف أثر عائشة المشهور في الحفِّ ؛ احتجاجًا بأن امرأة أبي إسحاق السبيعي مجهولة لم يوثقها إلا ابن حبان ، وحسَّن هذه الرواية ، وهذا عجيب جدًّا ؛ إذ يلزم مَنْ ضَعَّفَ أثر عائشة مهدرًا توثيق ابن حبان أن يضعف رواية ابن مسعودٍ ؛ فكلٌّ من العريان بن الهيثم وامرأة أبي إسحاق مجهولان لم يوثقهما إلا ابن حبان ، أما أن يعتبر توثيق ابن حبان في موضع دون موضع ، فهذا مسلك عجيبٌ .
    • فقال لي صاحبي : سلمنا لكَ أن الرواية لم تحدد موقع الإنكار أهو النمص أو الوصل أو التفلج ، فيشهد لي أن عبد الله بن مسعودٍ حمل هذه الألفاظ الثلاثة على عمومها ، ولم يخصصها ، ولم يفصل للمرأة ، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة .
    • قلتُ : وهذا كلام في الظاهر أصوليٌّ ، ولكن ساقطٌ ، وفيه ثلاثة أغلاط : غلط في التكييف الأصولي ، وغلط في تنزيل القاعدة الأصولية ، وغلط على ابن مسعودٍ رضي الله عنه .
    • أما غلطك في التكييف الأصولي للنص محل البحث فهو توصيفك للوقت بأنه وقت حاجة ، وليس ذلك وقت حاجةٍ ، وإنما يسمى عند الأصوليين وقتَ خطابٍ ، ووقت الحاجة هو الوقت الذي يتوجب عليه المكلف العملُ بأمر الشارع على الفور ، ويجوز تأخير البيان عن وقت الخطاب عند أكثر الأصوليين ، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة اتفاقًا .
    • وأما غلطك في تنزيل القاعدة الأصولية فهو أن هذه القاعدة ليس محلها الصحابة باتفاق ، إنما محلها النبي صلى الله عليه وسلم ، تستصحب فيه ، لا يجوز له صلى الله عليه وسلم تأخير البيان عن وقت الحاجة ، أما الصحابة فلا ؛ إذ لا يجوز له صلى الله عليه وسلم أن يؤخر البلاغ عن وقت الحاجة ، بخلاف غيره .
    • ومع ذلك فيجوز للعالم أن يترك النصَّ على عمومه للمستفتي منعًا من استهانته ، كما كان سفيان بن عيينة يكره تفسير «من غشنا فليس منا» .
    • والمفتي لا يتعين عليه الجواب أو التفصيل إلا بشرائط سبعة ليست متوافرة في هذه الحالة .
    • وأما غلطك على ابن مسعود رضي الله عنه فإنك قد وكلت نفسك في تفسير النمص بالنيابة عن ابن مسعودٍ ، وفسرته بأنه نتف الشعر من الحاجب ، ولا ندري من أين لكَ نسبة (ركز في كلمة «نسبة» ) ذلك لابن مسعودٍ ؟!
    • فإن النمص مختلف في تعريفه لغة على ثلاثة أقوال :
    • فيعرفه أهل اللغة بأنه نتف الشعر من الوجه مطلقًا ، ولا يخصصون ذلك بالحاجب إلا إذا دلت قرينة في الكلام على إرادته.
    • قال الجوهريُّ رحمه الله في «الصحاح» (ج3/ص1060) : «النَمْصُ: نتفُ الشَعْرِ. وقد تَنَمَّصَتِ المرأةُ ، ونَمَّصَتْ أيضاً ... والنامصة: المرأة التى تزين النساء بالنمص. والمنمص والمنماص: المنقاش» .
    • وقال الأزهريُّ في «تهذيب اللغة» (ج12/ص148) : «قال الفراء: النامصة: التي تنتف الشعر من الوجه، ومنه قيل للمنقاش : (منماص)، لأنه ينتف به والمتنمصة هي التي يفعل ذلك بها ... وامرأة نمصاء تتنمص، أي: تأمر نامصة فتنمص شعر وجهها نمصًا؛ أي: تأخذه عنها بخيط» .
    • القول الثاني في المسألة ، هو قول أبي داود رحمه الله ، حيث فسَّر النمص في «سننه» فقال : «والنامصة التى تنقش الحاجب حتى ترقه والمتنمصة المعمول بها» .
    • القول الثالث : هو قول الماوردي في «الحاوي الكبير» (ج2/ص257) : «فأما النامصة والمتنمصة : فهي التي تأخذ الشعر من حول الحاجبين وأعالي الجبهة» .
    • فهذه ثلاثة أقوال في بيان معنى النمص في اللغة (نتف الشعر من الوجه ، نتفه من الحاجب ، نتفه من الحاجب وأعلى الجبهة) ، فيلزمك فيها أمران :
    • الأول : أن تثبت نسبة أحدها لعبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه ، وهذا سبيلٌ دونه خرط القتاد .
    • الثاني : أن ترجح بينها ؛ طالما أنك رجلٌ مجتهد ترجح بين المذاهب الأربعة والظاهرية، وتختار منها قولًا .
    • وإن رجحت فدلل على ترجيحك من لغة العرب .
    • فهيَّا يا صاحبي رجِّح لنا بين الفراء والجوهري والأزهري ، في مقابلة أبي داود ، في مقابلة الماوردي !
    • وإذا أحببت أن أساعدك فاعلم أن العرب تقول : «رجلٌ أنمص الجبين» ، وقال امرؤ القيس :
    • ويَأْكُلْنَ من قَوٍّ لَعاعًا ورِبَّةً * تَجَبَّرَ بعد الأكل وهو نميصُ .
    • الأمر ليس بهذه البساطة يا صاحبي !
    • قال الشافعيُّ رضي الله عنه في «الرسالة» (ص510) : «ولا يكونُ لأحدٍ أن يقيسَ حتى يكون عالمًا بما مضى قبله من السنن وأقاويل السلف وإجماع الناس واختلافهم ولسان العرب» .
    • وهذا في القياس ، فمابالك بمنطوق الشارع !
    • طبعًا إذا قلتَ لي : إن النمص من الألفاظ المنقولة من المعنى اللغوي لمعنى شرعي ساعتها ينتهي النقاش ، وتحتاج إلى مطالعة كتاب مبتدئ في أصول الفقه ؛ لتعرف معنى اللفظ المنقول .
    • فقال لي صاحبي : دعنا من تفسير النمص ، فلتسلم لي جدلًا أن النمص هنا بمعنى نتف شعر الحاجب لا غيرُ ، فما الحجة على تخصيص الحديث بالمُغَرِّرَة بالخطاب ، وعدم العمل بعمومه ، أجاء نصٌّ عن رسول الله صلى الله عليه يفيد هذا التخصيص ؟
    • قلتُ : هذا هو الإشكال الذي يعشش في رأسك ، ويحدث دخنًا يحول بينك وبين فهم مدارك الفقهاء ، وهو أنك تتصور أن النص لا يتخصص عمومُه إلا بنصٍّ آخر ، والفقهاء يخصصون بغير ذلك كما هو معلومٌ عند الأصوليين .
    • وقد حكى الإسنوي عن الشافعي رضي الله عنه في «التمهيد في تخريج الفروع على الأصول» (ص375) جوازَ أنْ يستنبطَ المجتهدُ من النصِّ معنى يخصصه .
    • ووجه التخصيص هنا : أن لا فرقَ معتبرٌ بين أخذ شعر الجبين والجبهة والشارب واللحية ، وشعر الحاجب : من حيث كون كل منها زينةً تعتادها المرأة .
    • فأجزنا أخذ شعر اللحية والشارب وأطراف الوجه بمقتضى التخصيص بالعادة (وهو أنه من المعلوم ضرورة أن نساء المسلمين سلفًا وخلفًا لم يكنَّ يُمْنَعْنَ من هذا الأمر ، ولو منعن لعرف ذلك ، وتوارثه الناس ، مع استقباحه عند جميع العقلاء) .
    • وأجزنا أخذ شعر الحاجب بالتخصيص بالمعنى المستنبط ؛ فلا فرقَ مؤثرٌ بين شعر الحاجب وبقية شعور الوجه ، والفروق الموجودة فروقٌ طردية غير مؤثرة ، فوجب حمل النصِّ على المُغَرِّرَة ، فتكون العلة التغرير بالخُطَّابِ ، وليس مجرد الأخذ .
    • فإن قلتَ يا صاحبي : بل ثم فرقٌ مؤثرٌ ، وهو أن النمص جاء فيه النصٌّ ؟
    • قلتُ لكَ : هذا استدلالٌ بمحل النزاع ، وهو لا يجوز ، فألزمك إثبات ذلك بالترجيح بين الأقوال اللغوية الثلاثة السابق سردها ، والتدليل على ترجيحك من لسان العرب .
    • فقال صاحبي : ولكن النمصَ تغيير لخلق الله سبحانه ، وكلُّ تغيير لخلق الله سبحانه محرمٌ .
    • قلتُ : قولك : «كلُّ تغيير لخلق الله محرم» غلطٌ ، ليس كل تغيير لخلق الله محرمًا ، بل تغيير خلق الله سبحانه تعتريه الأحكام الخمسة ، فقد يكون محرمًا ، وقد يكون مكروهًا ، وقد يكون مباحًا ، وقد يكون مستحبًّا ، وقد يكون واجبًا .
    • فقد يكون محرمًا : نحو نص الفقهاء على تحريم الخصاء وتعليلهم ذلك بأنه تغيير لخلق الله ، كما ذكر الحافظ في «فتح الباري» (9/119) ، وقال النووي رحمه الله في «المجموع» (6/177) : «قال البغويُّ والرافعيُّ : لا يجوزُ خصاءُ حيوانٍ لا يؤكل ، لا في صغره ، ولا في كبره ، قال : ويجوز خصاء المأكول في صغره ؛ لأن فيه غرضًا وهو طيب لحمه ، ولا يجوز في كبره ، ووجه قولهما أنه داخل في عموم قوله تعالى إخبارًا عن الشيطان : (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله) ، فخصص منه الختان والوسم ونحوهما ، وبقي الباقي داخلًا في عموم الذم والنهي» .
    • وقد يكون مكروهًا : نحو نص أصحابنا على كراهة أخذ شعر الحاجبين للرجل إذا طالا ، قال النووي رحمه الله في «المجموع» (ج1/ص290) : «وأمَّا الأخذُ من الحاجبين إذا طالا فلم أرَ فيه شيئًا لأصحابنا ، وينبغى أن يُكرَهَ ؛ لأنه تغييرٌ لخلق الله لم يثبت فيه شيءٌ ، فَكُرِهَ» ، وكذا نحوُ نصِّ أصحابنا على كراهة تنف اللحية وخضابها للرجل ؛ لأنه تغيير لخلق الله ، كما نص على ذلك الماوردي في «الحاوي الكبير» (ج17/ص151) والروياني في «بحر المذهب» (ج14/ص275) ، حيث قالا : «نتف اللحية من السفه الذي ترد به الشهادة ، وكذلك خضاب اللحية من السفه الذي ترد به الشهادة ، لما فيها من تغيير خلق الله تعالى» .
    • وقد يكون مباحًا : وذلك نحو جواز أخذ الرجل شعر صدره ونحو ذلك .
    • وقد يكون مستحبًّا : كنص الفقهاء على أنه إذا نبتت للمرأة لحية أو شارب استحب لها أن تزيلها ، قال النووي رحمه الله في «المجموع» (ج1/ص290) : «أما المرأة إذا نبتت لها لحيةٌ فيستحب حلقها صرَّحَ به القاضي حسين وغيره ، وكذا الشاربُ والعنفقةُ لها ، هذا مذهبنا ، وقال محمد بن جرير : لا يجوز لها حلقً شيءٍ من ذلك ، ولا تغـــــــيير شئ من خلقتها بزيادة ولا نقص» .
    • وقد يكون واجبًا : كنص أصحابنا على وجوب الختان ، قال النووي – ودلالة كلامه إشارية – في «المجموع» (6/177) : «قوله تعالى - إخبارًا عن الشيطان - (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله) فخصص منه الختان» .
    • وبهذا يتبدى أن تغيير خلق الله ليس كله محرمًا ، بل تعتريه الأحكام الخمسة .
    • وإذا نظرنا في فروع الأصحاب نأخذ من كلامهم أن ضابط تغيير خلق الله المحرم عندهم هو : «تغييرُ أصلِ الخِلقةِ ، على وجه الدوام ، دون مقتضٍ من علاج أو إزالة عيب أو إذن الشارع صراحة أو سكوتًا»
    • فقولنا : «تغييرُ أصل الخلقة» يخرُجُ به تغييرُ طارِئها ، كما رُوي أنَّ عرفجة لقد قطعت أنفه يوم الكلاب من فضة ، فأنتن ، فاتخذ أنفًا من ذهب ، والحديث مختلف في تحسينه وتضعيفه ، وقد نص الأصحاب على جواز ذلك .
    • ويخرج بقولنا : «على وجه الدوام» ما لو كان التغييرُ لا على وجه الدوام ، فما لا يكون باقيًا لا يكون محرمًا كتكحيل المرأة عينيها وتحمير وجنتيها وشفتيها ونحو ذلك بما يتزين به ، قال ابن الملقن في «التوضيح» (ج23/ص371) : « قال تعالى مخبرًا عنه: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ} [النساء: 119] وهذا إنما فيما يكون باقيًا ، فأما ما لا يكون باقيًا كالكحل والتزين ؛ فقد أجازه مالك وغيره، حكاه القرطبي» ، وهو مستقيم على طريقة الأصحاب .
    • وقولنا : «دون مقتضٍ من علاج أو إزالة عيب» يخرج ما لو كان التغيير على وجه العلاج أو إزالة العيب فلا يحرم ، قال ابن الملقن رحمه الله في «التوضيح» (ج23/ص371) : «إذا احتيج إليه لعلاج أو عيب في السن وتحدبه فلا بأس به».
    • وقولنا : «أو إذن الشارع» يخرج به ما لو كان مأذونًا فيه من الشارع.
    • وقولنا : «صراحة» كأن يرد فيه أمرٌُ محمول على الوجوب أو الندب .
    • وقولنا : «سكوتًا» كأن يسكت الشارع عنه .
    • وحاصل ذلك : أنه ليس كل تغيير يكون محرمًا ، وضابط التغيير المحرم : «تغييرُ أصلِ الخِلقةِ ، على وجه الدوام ، دون مقتضٍ من علاج أو إزالة عيب أو إذن الشارع صراحة أو سكوتًا » .
    • فقال لي صاحبي : ولكن النمصَ زينة ، ومن تكشف وجهها متنمصة تعدُّ متبرجة بزينة ، فهلا قلتم : من تتنمص إنما عليها أن تغطي وجهها .
    • أما كون النمص زينة فنعم ، ولكن السؤال : هل كلُّ زينة يحرم إبدائها عند من لا يوجب تغطية الوجه ؟
    • الجواب : ليس كلُّ زينة يحرم إبداؤها ، فأخذ المرأة شعر شاربها ولحيتها وجوانب وجهها وجبتها إنما هي التكييف الفقهي زينة ، ولكن لا يحرم إبداؤها ، فكذلك أخذ المرأة شعر حاجبها ، وكل زينة متصلةٍ لا يحرم إبداؤها عند من جوَّز كشف الوجه ، بخلاف المنفضلة كأحمر الشفاة ومبيض الوجه ونحو ذلك .
    • ولذلك نجد من متقدمي الشافعية من ينص على جواز كشف المرأة لوجهها ، وينص كذلك على جواز النمص .
    • وذلك مثل الإمام ‍الماوردي رحمه الله في «الحاوي الكبير» حيث قال في النمص (ج2/ص257) : «فأما النامصة والمتنمصة : فهي التي تأخذ الشعرَ من حول الحاجبين وأعالي الجبهة ، والنهي في هذا كله على معنى النهي في الواصلة والمستوصلة» .
    • أي : على التفصيل المذكور في الواصلة والمستوصلة .
    • وقد قال فيه قبله بأسطر : «أن تكون ذات زوج تفعل ذلك للزينة عند زوجها ، أو أمة تفعل ذلك لسيدها ، فهذا غير حرام ؛ لأن المرأة مأمورة بأخذ الزينة لزوجها من الكحل والخضاب .... وحكي عن أحمد بن حنبل : أنه منع من ذلك بكل حال : لأن النهي عام ، وما ذكرناه أصح» .
    • ف‍الماوردي ينص على جواز النمص بإذن الزوج .
    • وهو أيضًا ينص على جواز إبداء الوجه ، حيث قال في الحاوي الكبير(ج2/ص170) : «وأما العورة فضربان صغرى وكبرى : فأما الكبرى فجميع البدن إلا الوجه والكفان .وأما الصغرى فما بين السرة والركبة . وما يلزمها ستر هاتين العورتين من أجله على ثلاثة أضرب : أحدها : أن يلزمها ستر العورة الكبرى ، وذلك في ثلاثة أحوال : أحدها : في الصلاة ، وقد مضى حكمها .والثاني : مع الرجال الأجانب ، عورة المرأة في حضورهم ، ولا فرق بين مسلمهم وكافرهم ، وحرهم وعبدهم ، وعفيفهم وفاسقهم ، وعاقلهم ومجنونهم في إيجاب ستر العورة الكبرى من جميعهم .... إلى آخر كلامه رحمه الله» .
    • قالي لي صاحبي : وما دليلكم معاشر الشافعية على أن العلة إذن الزوج ؟
    • قلتُ : وهذا خطأ في فهم نصوص مدوناتنا الفقهية ؛ فإن الحكم هو التحريم ، وعلته : التغرير ، إذا وجدت العلة (التغرير) وجد الحكم (التحريم) ، وإذا انتفت العلة (التغرير) انتفى الحكم ، لذلك قلنا يحرم على الخَلِيَّة (غير المتزوجة) التنمصُ ، أما المزوجة فلا يحرم ؛ لانتفاء التغرير في حقها ؛ إذ ليست تخطب للأزواج .
    • أما اشتراطنا إذن الزوج لا من جهة العليَّة ، وإنما من جهة قاعدة معلومة من الشرع ، وهي أن كل ما تعلق بالاستمتاع بالبضع وتوابعه يجب فيه إذن الزوج ، وزينة المرأة من متعلقات الاستمتاع فوجب فيها استئذان الزوج ؛ إذ قد يكره الزوج النمص من جهة الطبع ، فتمنع منه المرأة.
    • قال لي صاحبي : فهل يحرم على الخَلِيَّة (غير المتزوجة) مطلقًا .
    • قلتُ : بل يحرم إذا كان تغريرًا بخاطبٍ ، فإذا لم يكن كذلك لم يحرم ، كأن تعلمه ونحو ذلك ؛ تخريجًا على قول أصحابنا في التصرية بعلم المشتري وارتفاع الحرمة وعدم ثبوت الخيار .
    • قال لي صاحبي : وما أنتم يا معاشر المتمذهبة إلا قومًا من المُمَيِّعة ، تفتون الناس بحل النمص بإذن الزوج ، واستحباب النقاب ، وكراهة الإسبال لغير خيلاء تنزيهًا ، وجواز الألوان للمرأة .
    • قلتُ : على رِسلك يا أبا الحارث ، أسائلك ، والحجة بيني وبينك السلف الذين هم فوقنا في علم وفضل .
    • قال : سل .
    • قلتُ : ألم يُفتِكَ شيخُك بأن الإسبالَ لغير خيلاء محرمٌ على الراجح ، وليس مكروهًا كراهة تنزيه.
    • قال : بلى ، وهذا هو الراجح ، وليس يصح في الأذهان شيءٌ ... إذا احتاج النهارُ إلى دليل .
    • قلتُ : لقد ثبت عن ابن عباس وابن مسعودٍ بالأسانيد الصحيحة ما يقتضي قولهما بكراهته كراهة تنزيه [انظر : «الآحاد والمثاني» (ج1/ص314) ، «مصنف ابن أبي شيبة» (ج8/ص202)] .
    • فهل كان ابن عباس وابن مسعود والمذاهب المتبوعة في معتمدها مميعين ، وأنت وشيخُك أهل التمسك والدليل ؟!
    • قلتُ : ألم يُفتِكَ شيخُك بأن النقابَ فرضٌ قولًا واحدًا .
    • قال صاحبي : بلى .
    • قلتُ : لقد ثبت عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما بالأسانيد الصِّحَاح المِلاح ما يفيد قولهما بعدم وجوبه ، ورواية العين الواحدة عن ابن عباس رواية ضعيفة (مع مخالفة ابن مسعود) . [انظر : «مصنف ابن أبي شيبة (ج4/ص283 – ص284)] .
    • فهل كان ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما ومن تابعهما من جمهور الفقهاء مميعين ؟!
    • قلتُ : ألم تفتِ المعلمة الجسورُ امرأتَك بأن الألوان لا تجوزُ ، وأن عليها لبس السواد أو البياض .
    • قال صاحبي : بلى .
    • قلتُ : لقد صحَّ عن إبراهيم النخعي أنه كان يدخل مع علقمة والأسود على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، فيراهن في اللحف الحمر ، وصحَّ عن سعيد بن جبير أنه رأى بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تطوف بالبيت ، وعليها ثياب معصفرة [انظر : «مصنف ابن أبي شيبة» (ج8/ص184)].
    • قلتُ : ألم يُفتِكَ شيخُك بأنه لا يجوز لك الأخذ من لحيتك .
    • قال : بلى .
    • قلتُ : لقد ثبت بالأسانيد الصِّحَاح عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما أنهما كان يأخذان من لِحَاهما ما زاد عن القبضة ، وصحَّ عن إبراهيم النخعي أنه قال واصفًا حال من أدركهم : «كانوا يأخذون من عوارضها» [انظر : «مصنف ابن أبي شيبة» (ج8/ص376)] .
    • قلتُ : ألم يُفتِكَ شيخُك بأن الكحل أمام الأجانب للمرأة حرامٌ قولًا واحدًا .
    • قال : بلى .
    • قلتُ : وكذلك هو معتمد الشافعية ، ولكن الشافعية وأهل المذاهب لا يدلسون على الناس ، ولا يحكون إجماعًا في غير محله ، ولا يرمون غيرهم بالتمييع ، فقد ثبت عن عطاء أنه فسر الزينة الظاهرة في الآية بـ«الخضاب والكحل» ، وصحَّ عن قتادة أنه فسرها بـ«بالكحل والسوارين والخاتم» ، وصحَّ عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنه قال : «الكحل والخضاب والخاتم» ، وصحَّ عن الشعبي أنه فسرها بـ«الكحل والثياب» ، وصحَّ عن عكرمة أنها فسرها بـ«الثياب والكحل والخضاب» [انظر : «مصنف ابن أبي شيبة» (ج4/ص273-ص284) ، «تفسير الطبري» (ج19/ص157-ص158) ، «جزء يحيى بن معين» (ص201].
    • فهل كان عطاء وقتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم والشعبي وعكرمة مميعين يدعون النساء للفتنة ؟!
    • والشافعية في معتمدهم يخالفون هؤلاء جميعًا ، ويأخذون بقول غيرهم من السلف ، ولكنهم لا يتهمون غيرهم بالتمييع .
    • فقال لي صاحبي : هكذا أنتم تجرون الناس بعرض هذه الأقوال إلى تتبع الرخص ، ومن تتبع الرخص فقد اجتمع فيه الشرُّ كله .
    • قلتُ : ما ذنبي وما ذنب الناس إذا كنت تحفظ ما لا تعرف ضابطه عند أهل العلم ، فليس معنى تتبع الرخص أخذ المكلف بالقول اليسير في بضعة مسائل من الفقه ، وإنما تتبع الرخص ضابطه أن يختار المكلف الأيسر له من كل المذاهب في المسائل بحيث تنحل ربقة التكليف من عنقه ، كما ذكره الهيتمي وغيره .
    • يا صاحبي ؛ إن شراح كتب السنة إنما هم علماء المذاهب الأربعة ، فهل تتصور أن يطبق أكثرهم على مخالفة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويغفلون عن القاعدة الأصولية الرياضية التي تحفظها : «العام المُحَلَّى بأل الجنس يفيد الاستغراق» ، أم خفي عليه حديثٌ مشهورٌ في الصحيحين !
    • يا صاحبي ؛ إن أعلم الناس بوقاق السلف وخلافهم إنما هم علماء المذاهب الأربعة ، فالبيهقيُّ الشافعي استدل على كل كلمة قالها الشافعي – بل وغيره - بآثار السلف الكرام في «السنن الكبرى» و«معرفة السنن والآثار» ، والطحاوي الحنفي صنف «شرح معاني الآثار» ، وهي عاجة بآثار السلف على مسائل أبي حنيفة رضي الله عنه ، وابن قدامة الحنبلي لا ترى له مسألة في «المغني» إلا ويعقبها لكَ بقوله : «وهذا قول فلان وفلان» ، ويذكر لك القائلين به من الصحابة والتابعين ، وابن عبد البر في المالكية لا يذكر مسألة إلا وغاص فقه السلف راويًا لكَ من قال به من السلف ، أتراهم يطبقون على مخالفة السلف !
    • يا صاحبي ؛ هون عليك ، ليسَ الفقهُ حفظَ مذاهب الناس ، ولا أنْ يُحسنَ المرءُ سردَ الأقاويلِ وأدلَّتِها ، وإنما الفقهُ : ملَكَةٌ في النفس ، تحْصُل بإدْمَان النَّظر في آلافِ الفروع الفقهيّة ، والتأمُّل في تصرُّف المجتهدِ فيها ، والغوصِ في غَوْر الدِّلالاتِ ومَسَالكها ، وسبْر قَوَادِحها ونوَاقِضَها ، حتى تصيرَ للناظرِ ملكةٌ يتكلمُ بها في غير المنصُوص ككلامِه في المنصُوص ، لذَا قالَ الغزاليُّ - رحمه الله - : « إذَا لم يتكلم الفقيهُ في مسألةٍ لم يَسْمَعْها ككلامِه في مسألةٍ سَمِعَها فليس بفقيه» .
    • اللهم إني أعوذ بك ان أَضِلَّ أو أُضَلَّ ، أو أنصر باطلًا أو أُسَوِّغ له .
    • والسلام .
    ======
    ببساطة عشان عامة الناس (حوار بين المفتي والمستفتي لتبسيط الدليل)
    ======
    المستفتي : ما الدليل على أن النمص جائزٌ ما لم تغش المرأة به خاطبًا .
    المفتي : الدليل حديث النبي صلى الله عليه وسلم : (لعن الله النامصة والمتنمصة) .
    المستفتي : كيف ذلك .
    المفتي : النمص في لغة العرب كما قاله الفراء والأزهري والجوهري : نتف شعر الوجه ، فأي نتف من شعر الوجه يسمى نمصًا ، لحية كان أو شاربًا أو جبينًا أو جبهة .
    والقرآن والسنة على مقتضى لغة العرب .
    فمعنى الحديث إذن : لعن الله من تنتف الشعر من وجهها ، والتي تنتف لها ، فهل يمكن حمله على ظاهره .
    الجواب : لا يمكن حمله على ظاهره ، بل يتحتم تأويله .
    المستفتي : فكيف يتم تأويله أيها الشيخ ، وما وجه التأويل ؟
    المفتي : وجه التأويل استحالة الإجراء على الظاهر ؛ لأنه يقتضي أن أي شعر ينتف من الوجه يرتب اللعن .
    فيُأوَّل النص بصرفه عن ظاهره بإخراج شعر اللحية والشارب والجبين والجبهة = بمقتضى إجماع المسلمين العملي على أخذ النساء مثل هذا الشعور ، بلا نكير من أحدٍ ، ولو أنكر ذلك من الصحابة أو التابعين أو من بعدهم لنقل ، ولو كنَّ يتركن هذه الشعور بلا أخذ لنقل واشتهر وشوهد ، فيكون أخذ شعر اللحية والشارب والجبين والجبهة جائز ، خارج من العموم .
    ويُأوَّل النصَّ بصرف عن ظاهره فيما يتعلق بشعر الحاجب ؛ بانعدام الفرق المؤثر بين شعر الحاجب وشعر اللحية والشارب والجبيبن والجبهة ، ومن ادعي الفرق فعليه الدليل .
    فلو قال قائل : الحاجب جاء فيه النص .
    نقول له : هذا وهم ؛ النص حرم النمص ، والنمص كل نتف لأي شعر في الوجه ، فإن حملت النص على الحاجب فقط فأنت المطالب بالدليل .
    فالخلاصة : أن أخذ شعر الحاجب يخرج من العموم بمقتضى انعدام الفرق المؤثر بينه وبين شعر الجبين والجبهة واللحية والشارب .
    المستفتي : فعلام يحمل النهي إذن أيها الشيخ ؟
    المفتي : يحمل على من فعلت ذلك غشًّا للخطاب .
    المستفتي : أمال ايه حكاية إذن الزوج دي ؟
    المفتي : هذا قيد زائد على النص والعلة ، وهو أن كل ما تعلق بزينة المرأة مما ليس من عادة الناس وجب فيه اسئذان الزوج .
    المستفتي : والشافعية يا شيخ كلهم بيقولوا : إن النمص أخذ شعر الوجه كله .
    المفتي : لا من الشافعية من يفسره بشعر الوجه كله ، ومن الشافعية من يفسره بأخذ شعر الحاجب فقط .
    ثم يتفق جمهورهم على أنه لا فرق بين الحاجب وغيره فكل منهما زينة للزوجة ، يجوز للمرأة أن تأخذه ، ويحملون اللعن على الغاشة للخطاب بجمال حاجبها .
    المستفتي : وهو ينفع كده يا شيخ ، نأول كلام النبي صلى الله عليه وسلم ؟
    المفتي : نعم ينفع ، التأويل لا بد منه إذا عسر الإجراء على الظاهر .
    أضرب لك مثال ، ربنا سبحانه قال : (أو لامستم النساء) .
    هل لمس المرأة ينقض الوضوء مطلقًا أو لا ينقض ؟
    الإمام أحمد والإمام مالك أولوا هذه الآية بأن المراد اللمس بشهوةٍ ، رغم إن الظاهر إن كل لمس ينقض .
    والإمام أبو حنيفة أول هذه الآية فحمل اللمس على الجماع لا على مس البشرة للبشرة ، رغم إن حقيقة اللمس في اللغة مس البشرة للبشرة ، والجماع مجاز ، تقول العرب : (هذه المرأة لا ترد يد لامس) .
    والإمام الشافعي رغم إنه قال إن لمس المرأة ينقض الوضوء ، لكنه أول الآية وقال : مس المحرم والبنت الصغيرة غير المشتهاة لا ينقض ، رغم إن الظاهر من الآية عدم الفرق ، والنساء محلاة بأل الجنس التي تفيد العموم .
    المستفتي : طيب يا شيخ ، الأئمة في آية اللمس أولوا بدليل ، لكن في النمص أولوا إزاي ؟
    المفتي : أولوا برضو بدليل ، أما في شعر اللحية والشارب فالتأويل بالإجماع العملي ، وأما في الحاجب فالتأويل بمقتضى أنه لا فرق بين الحاجب والجبين واللحية وغيرها ، ومن ادعى الفرق عليه الدليل .
    المستفتي : وهل كل العلماء أولوا الدليل كده ؟
    المفتي : لا ، في علماء أولته بأن النبي صلى الله عليه وسلم ما قصد كل نامصة ، وإنما قصد المرأة الممنوعة من الزينة إذا تنمصت ، فالمقصود عندهم : (النامصة الممنوعة من الزينة كمعتدة عن وفاة) ، وهؤلاء هم المالكية في معتمد مذهبهم .
    وفي علماء أولته بأن النبي صلى الله عليه وسلم ما قصد كل نامصة ، بل قصد المتبرجة بالنمص للأجانب ، وهؤلاء هم الأحناف في معتمد مذهبهم .
    وفي علماء أولته بأن النبي صلى الله عليه وسلم ما قصد كل نامصة ، بل قصد النامصةالتي تفعل النمص المشابه لشعار الفاجرات والبغايا ، زي بعض الحنابلة كابن الجوزي .
    المستفتي : طيب ، وهل في علماء لم تأوله يا شيخ ، وأجرت الحديث على ظاهره ؟
    المفتي : نعم ، ولكن هؤلاء قسمان :
    القسم الأول : من جرى على ظاهر الحديث ، وخصص النمص بالنتف فقط دون الحلق والقص ، وهذا هو الإمام أحمد بن حنبل عليه رضوان الله .
    يعني : لو أن المرأة جملت حاجبها بالأخذ حرام ، لكن لو جملته بالأخذ بالقص أو الحلق حلال ، وطبعًا المعاصرين حتى قول الإمام أحمد مش عاجبهم ، ولا يأخذون به .
    القسم الثاني : من جرى على ظاهر الحديث ، وحرموا على النساء أخذ أي شعر من الوجه حتى اللحية والشارب ، فقالوا : حتى لو نبت للمرأة لحية وشارب يحرم عليها أن تأخذها ، تتركها على حالها ، زي الإمام الطبري والشيخ الألباني ، وهو ظاهر قول ابن حزم في المحلى .
    والحمد لله رب العالمين .

    https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=913079905468211&id=100002986295555
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    النمص حلال حلال حلال Empty رد: النمص حلال حلال حلال

    مُساهمة من طرف أحمد الجمعة يوليو 01, 2016 4:50 pm

    وقال الشيخ محمد عبد الواحد الأزهري الحنبلي:
    ما سبب استنكار قطاع عريض من النساء تحديدا لمسألة النمص، رغم أن ذلك مما تتزين به المرأة، وهي منشأة في الحلية، وفي شيوع القول بالجواز مصلحة للنساء؟
    ١- شيوع الخطاب المتشدد، ولا أعني بالمتشدد: اختيار تحريم أخذ شيء من الحاجب مطلقا، مع أن هذا القول خلاف المذاهب الأربعة، يعني أكثر من ٩٠ بالمائة من علماء الأمة عبر القرون لا يقولون به!
    ولكن أعني بالمتشدد: الذي ينكر قول عامة علماء المسلمين، ويسمه بالضعف، ويسعى جهده لإخفائه، ويجعل اختياره علما على السنة والورع، ويلمز مخالفيه الذين هم الأئمة الأربعة ومئات آلاف علماء الأمة بالتساهل والتمييع!
    وأنت واجد هنا عجبا..
    -فمن كذاب على الله وعلى دينه، يفتري الكذب على الله ويفتي بغير علم، وهو ليس أهلا للفتيا، ويدعي بعد ذلك أنه ذو غيرة على الشرع، لذا ينكر جواز النمص، مع أن تقحمه الكلام في الدين بلا علم، ومناقشة أقوال العلماء بلا أهلية= أعظم إثما من النمص، لو كان إثما أصلا!
    - ومن أفاك ينصر اختياره بالباطل، فيدعي الإجماع على تحريم النمص مطلقا، مع أن المذاهب الأربعة على خلافه!!
    - ومن متناقض يتساهل في مسائل العبادات، كعدم قضاء الفوائت، والمسح على جورب شفاف، والقصر والجمع والفطر في السفر مطلقا، ومس المصحف دون طهارة، ومكث الحائض في المسجد، وعدم الفطر ببخاخ الربو ونحوه= وكل ذلك خلاف المذاهب الأربعة، وبعضه خلاف الإجماع، وهو لا يجد في ذلك حرجا، ويرى أنه قلد من تبرأ ذمته بتقليده، ثم هو ينكر على من قلد المذاهب الأربعة في النمص، مع أن البون شاسع بين مسائل الزينة ومسائل العبادات.
    - ومن شيخ كذاب يقول لك: ومن قال إننا لا نعرف الخلاف في المسألة من زمان، لكن ما الحكمة في إظهار هذا القول؟!
    طيب ولما فضيلتك عارف الخلاف من زمان= لمَ تركت أقرانك يعقدون الناس ويضلونهم بجعل المسألة كالإجماع القطعي؟!
    ولماذا لم نسمع نكيرك على من ينكر في مسائل الخلاف، مع أن هذا الإنكار منكر بالإجماع، وأنت الآن تنكر على من يظهر قول المذاهب الأربعة؟!
    ولماذا يا حكيم زمانك تركت بيوتا تخرب ورجالا ينحرفون بسبب عدم مراعاة النساء لزينتهن في ذلك، وأنت تدعي العلم بالخلاف؟!
    ولماذا يا علامة لم تكن أمينا عندما تدرس لطلبتك وتعرفهم على الأقل بوجود خلاف حتى لو اخترت قول الأقلين بالتحريم مطلقا؟!
    وهذا المسلك الذي تسلكه طائفتكك وجيلكم تحديدا؛ قد فتن كثيرا من أتباعكم لما علموا كذبكم وتدليسكم وكتمانكم العلم.
    ٢- ضعف العلم في النساء أكثر من الرجال.
    ٣- ميل النساء عموما للتشديد والعنت والإنكار، وخفتهن في ذلك.
    ٤- خوفهن من شدة ما سيلقين من نكير في أوساط النساء.
    ٥- غيرة بعض النساء!
    كيف هذا؟
    لأنه حين يشيع القول بالتحريم: فإن أخذ الجميع به= تساوت الرؤوس.
    وإن فعله بعض النسوة= فستنكر الباقيات عليهن، وتشنع عليهن، وتحتج على عدم تجملها بأنها تركت ذلك لله، ولولا الشرع والوقوف عند حدود الله= لرأى الناس عجبا من تجملها.
    لكن حين يشيع القول بالجواز في النساء= فستكون الجميلة والتي تحسن التزين= أحظى من غيرها، فلا سواء حينئذ.
    وأنا هنا لا أقول ذلك في حق جميع النساء، ولا في حق من اختارت التحريم المطلق تدينا، ولا من جهلت الخلاف وهي سائرة على ما تعرفه وانتهت إلى ما سمعت، فلقد أحسن من كان كذلك.
    وإنما في حق بعض النسوة بعد علمهن بقوة الخلاف، سواء اقتنعن بالقول الثاني أو لم يقتنعن، فالشأن هنا ليس في الاقتناع، بل في سواغ الخلاف، ولا خلاف أسوغ من قول عليه الأئمة الأربعة وأصحابهم، وهم الغالبية العظمى من علماء الأمة عبر القرون.
    - هذا وقد سبق لي الكلام المفصل في حكم النمص، واختياري فيه، وما الذي ننكره على أصحاب القول الواحد، وما الذي نعيبه على من يدعي أن اختياره في هذه المسألة وأشباهها= مقتضى الورع.. كل ذلك موجود مفصل، يظهر بالبحث السريع لمن ابتغاه، والوقت الآن أنفس من أن يكرر الكلام فيه أو يستطرد.

    https://www.facebook.com/MOHAMMADELSALAFY/posts/880984578678030?pnref=story
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    النمص حلال حلال حلال Empty رد: النمص حلال حلال حلال

    مُساهمة من طرف أحمد الجمعة يوليو 01, 2016 4:53 pm

    وقال الشيخ أحمد سالم:
    قد لا تستحق مسألة حكم نمص شعر الحاجب للمرأة أن تُفرد بمنشور، لكن في الحقيقة، أنا فعلًا مشفق على النساء اللواتي تم تصدير خطاب فقهي متحيز وخطاب وعظي جاهل لهن، بحيث خيل لهم الخطاب الفقهي المتحيز أن مطلق التحريم إجماع، وخيل لهم الخطاب الوعظي الجاهل أن هذه المسائل من أصول الإيمان، وصارت الواحدة منهن تقام لها هذه المسألة وأخواتها مقام معايير التدين، ومعايير الاستجابة لله وللرسول.
    وتؤمر المراة أن تخالف فطرتها المحبة للتزين، بسبب فهم للنصوص وإن كان اجتهادا معتبرًا إلا أنه يبقى مخالفًا لفهم جماهير أهل العلم، وهو ما يستوجب تخفيف حدة المطالبة، وتخفيف حدة جعل هذا معيارًا لتدين المرأة، ومادة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أوساط هي أحوج إلى تقرير أصول الإيمان ومحكمات الدين من أن تُشغل بهذا.
    وخطاب القول الواحد الذي يخيل للمخاطبين كأنه إجماع، مع معاناة المرأة حتى سحقت حبها للتزين لتستجيب للنص (كما زعموا لها أنه نص)، مع ما في بعض النساء من حب للتشديد وإن لم تطبق هذا التشديد= هذه العوامل الثلاثة تجعل بعض النساء يستقبلن أية إشارة للقول بالجواز وأنه قول جمهور أهل العلم، كما لو كانت تستقبل كفرًا أو ضلالة ليس عليها أئمة الدين وفقهاء المسلمين.
    على كل حال: لا نملك أن ندفن كلام الفقهاء وفهمهم للوحي محاباة لأحد.
    الأخذ من شعر الحاجبين بالمعروف بدون ترقيق يسرف في الأخذ وبدون تشبه بالفاسقات في تقاليع الحواجب (وغالبها ترقيق) وبدون اقتران ذلك بمظاهر تبرج محرمة، ومع مصارحة الخاطب أن هذه ليست طبيعة الحاجب(لأنهم يخشون من التدليس ولذلك اشترطوا أن تكون متزوجة أذن لها زوجها لتجنب أن تتهم المرأة أو أن تدلس) = فعل النمص بهذه الضوابط حلال حلال، والقول بحله هو قول جماهير فقهاء المسلمين، وهذا الحل يشمل ما بين الحاجبين، ويشمل الرجل إن أراد أن يصلح حاجبه ويزيل قبجه بدون ترقيق يشبه المخنثين.
    واستدلوا:
    أولًا: بعدم الدليل على التحريم، والأصل في أبواب الزينة ونحوها هو الإباحة، خاصة زينة الوجه المأذون في ظهورها عند الجمهور.
    ثانيًا: بما ثبت عن عائشة رضي الله عنها، وهي زوج رسول الله فهي أفهم للنصوص، في زينة المرأة من غيرها.
    فعن أبي إسحاق السبيعي قال: دخلت امرأتي على عائشة وأم ولد لزيد بن أرقم. قال: وسألتها امرأتي (وفي رواية الطبري: وكانت شابة يعجبها الجمال) عن المرأة تحف جبينها فقالت: «أميطي عنك الأذى ما استطعت»
    وأخرج عبد الرزاق في مصنفه عن أبي إسحاق عن امرأة ابن أبي السفرأنها كانت عند عائشة فسألتها امرأة؟ فقالت: يا أم المؤمنين، إن في وجهي شعرات أفأنتفهن أتزين بذلك لزوجي؟ فقالت عائشة: ((أميطي عنك الأذى، وتصنعي لزوجك كما تصنعين للزيارة، وإذا أمرك فلتطيعيه، وإذا أقسم عليك فأبريه، ولا تأذني في بيته لمن يكره)).
    ورغم تفريق بعض العلماء بين الأخذ من الحاجب والأخذ من الوجه إلا أن هذا غلط فنص عائشة الأول في الجبين، ولا ينبت في الجبين شعر إلا شعر الحاجب، والقياس أن الوجه والحاجب واحد في اسم النمص فالحاجب يشمله اسم الوجه، ويؤكد ذلك أن أبا عبيد ذكر النمص في اللغة أنه نتف شعر الوجه مما يدل على أن صدق اسم النمص على الحاجب في العربية هو تبع للوجه وليس اسما خاصا به مستقلا لكن قد يقصد الحاجب أصالة في الحكم الشرعي؛ لأنه الشعر الأظهر والإسراف في الأخذ منه أو حلقه بالكلية هو ما يصدق عليه وصف تغيير الخلقة وقد يرتقي للحرمة، ولكن يبقى الأخذ بالمعروف للتزيين جائز في منصوص عائشة في الأثر الأول الشامل للجبين كله بالحاجبين، وإجازة عائشة للأخذ من الوجه تشمله بنص العربية؛ ولذلك لم تحترز عائشة فتستثني الحاجب، ولذلك احتج الفقهاء بهذا الأثر على جواز مطلق النمص، حتى من يميل للتحريم ذكر أن الجواز هو دلالة قول عائشة، وحجة الفقهاء الذين فهموا هذا من قول ام المؤمنين قوية ولا يمكن تخصيص قول عائشة بحديث لعن الله النامصة؛ لأننا لا نسلم أصلا أن النمص هو مطلق الأخذ ونرى أنه الترقيق كما نص الإمام أبو داود صاحب السنن ، والترقيق إسراف في الأخذ، وعائشة أفهم لكلام رسول الله وللعربية من غيرها.
    وقد عجل الشيخ الألباني ومن قبله ابن حزم بتضعيف الأثر بجهالة حال امرأة أبي إسحاق، وهذا غلط لا يجري على أصول الصنعة الحديثية في هذا المقام؛ فإن امرأة أبي إسحاق هي زوجته يعرفها هو ويعرف عدالتها وهو إمام عظيم ثقة، فإذا انتهينا من عدالتها= أتينا لضبطها، وهي هنا لا تروي إسنادا يعسر ضبطه ليسوغ تضعيفها فيه كما قد يقع تضعيفها في حديث مرفوع، بل هي تروي واقعتها هي مع عائشة وهي تابعية لا يمكن نفي عدالتها ولا شبهة هنا في ضبط ما وقع لها هي، فالواقع أن تضعيف الأثر هنا عجلة لدفع القول الفقهي وليست قولًا محققًا على أصول نقد المرويات.
    فلا دليل على التحريم وحديث لعن النامصة المراد به ‍النمص تدليسا أو تشبها بالفاجرات، أو ترقيقًا، أما الأخذ بالمعروف بإذن ولي المرأة من غير تدليس على خاطب وخداعه فجائز عند جماهير أهل العلم، وجماهير العلماء على جواز ‍النمص لأنهم فهموا أن هذا اللعن مخصوص بحال بعينها، لأن الشريعة لا ترتب لعنا كهذا على مجرد أخذ شعرات قد أباحت أخذ مثلها من الرأس والوجه والذراع وغير ذلك، والشريعة لا تفرق بين المتماثلات، فعلموا أن هذا اللعن ليس على ما يتبادر لأفهام العوام بل له فقه، فذهب بعضهم لتخصيصه ب‍النمص تدليسا على الخاطب، وحمله بعضهم على ‍النمص حيث كان شعارا للفاجرات يعرف أن المرأة فاجرة محل للريبة إن رؤي منها، واستفاد بعضهم منه منع الأخذ المسرف المشوه لطبيعة الحاجب كزينة للوجه، وجعلوا هذا الإسراف في الترقيق هو تغيير الخلقة الذي في الحديث، وفسر بعضهم ‍النمص بالنتف أما الأخذ بالقص فليس نمصا.
    وأشبه شيء في هذا بالصواب عندي أن معنى الحديث: لعن الله من أسرفت في ترقيق حاجبها حتى خرجت به عن أصل خلقته وتشبهت بالفاجرات.
    ف‍النمص المحرم عند الأكثر هو ما كان:
    ١- إزالة بالكلية، أو الإسراف في الترقيق، ويؤيد هذا أن الإمام أبو داود صاحب السنن بعد روايته لحديث تحريم النمص قال: ((والنامصة: التي تنقش الحاجب حتى ترقه))، فلم يفهم من النمص المحرم أنه مجرد الأخذ بالمعروف وإنما حمله على الترقيق وهو أخذ بإسراف.
    ٢- تدليس على خاطب؛ لعموم أدلة منع التدليس. فيجب مصارحة الخاطب بطبيعة الحاجب وترك الاختيار له.
    ٣- مقصود به فتنة الناس لا إصلاح الزينة المأذون في ظهورها، فتكون حرمته بأدلة خارجية وهي أدلة منع القصد إلى الفتنة ولو بفعل مباح.
    ٤- على وجه يشبه عمل الفاجرات مثل التقاليع التي تظهر في طرق رسم الحاجب.
    ٥- النتف وهذا عند أحمد فيجيز الأخذ بالقص دون النتف أما غيره فلا يشترطون هذا بل يجيزون النتف ما دام لم يقع معه مخالفة من المذكورة قبلها.
    طيب يا شيخ انتم بتقولوا يجوز بالضوابط وفيه نساء لا تلتزم بالضوابط.
    طيب يعني عشان اللي ما بتلتزمش= نحرم على اللي بتلتزم عيشتها؟
    على كل حال هذا أوان ذكر مصادرنا من نصوص الفقهاء:
    مذهب الأحناف:
    في حاشية ابن عابدين: ((النمص: نتف الشعر ومنه المنماص المنقاش اهـ ولعله محمول على ما إذا فعلته لتتزين للأجانب، وإلا فلو كان في وجهها شعر ينفر زوجها عنها بسببه، ففي تحريم إزالته بعد، لأن الزينة للنساء مطلوبة للتحسين، إلا أن يحمل على ما لا ضرورة إليه لما في نتفه بالمنماص من الإيذاء. وفي تبيين المحارم إزالة الشعر من الوجه حرام إلا إذا نبت للمرأة لحية أو شوارب فلا تحرم إزالته بل تستحب اهـ، وفي التتارخانية عن المضمرات: ولا بأس بأخذ الحاجبين وشعر وجهه ما لم يشبه المخنث)) [6/373].
    مذهب المالكية:
    قال الإمام النفراوي في شرح الرسالة: ((والتنميص هو نتف شعر الحاجب حتى يصير دقيقا حسنا، ولكن روي عن عائشة - رضي الله عنها - جواز إزالة الشعر من الحاجب والوجه وهو الموافق لما مر من أن المعتمد جواز حلق جميع شعر المرأة ما عدا شعر رأسها، وعليه فيحمل ما في الحديث على المرأة المنهية عن استعمال ما هو زينة لها كالمتوفى عنها والمفقود زوجها.
    )). [2/314].
    وقال الإمام العدوي في حاشيته على شرح الرسالة: ((والمتنمصات بضم الميم وفتح الفوقية والنون وتشديد الميم المكسورة وفتح الصاد بعد الألف فوقية جمع متنمصة وهي التي تنتف شعر الحاجب حتى يصير دقيقا حسنا، والنهي محمول على المرأة المنهية عن استعمال ما هو زينة لها كالمتوفى عنها والمفقود زوجها فلا ينافي ما ورد عن عائشة من جواز إزالة الشعر من الحاجب والوجه) [2/459].
    وقال القرافي: ((قال صاحب المقدمات تنبيه لم أر للفقهاء المالكية والشافعية وغيرهم في تعليل هذا الحديث إلا أنه تدليس على الأزواج ليكثر الصداق ويشكل ذلك إذا كانوا عالمين به وبالوشم فإنه ليس فيه تدليس وما في الحديث من تغيير خلق الله لم أفهم معناه فإن التغيير للجمال غير منكر في الشرع كالختان وقص الظفر والشعر وصبغ الحناء وصبغ الشعر وغير ذلك)). [13/315].
    قلت: والتدليس مفهوم في النمص، ويكون حمل التغيير على ما زاد على مجرد الجمال بأن كان فيه إسراف يشبه عمل الفاجرات= معنى معقول للتغيير الممنوع.
    والشاهد هنا: أنه مال لاستشكال النص لا للقول بموجبه على خلاف باقي شواهد الشريعة.
    مذهب الشافعية:
    قال الإمام الماوردي رحمه الله في الحاوي الكبير : ((فأما النامصة والمتنمصة : فهي التي تأخذ الشعرَ من حول الحاجبين وأعالي الجبهة ، والنهي في هذا كله على معنى النهي في الواصلة والمستوصلة) )
    أي : على التفصيل المذكور في الواصلة والمستوصلة .
    وقد قال فيه قبله بأسطر : (( أن تكون ذات زوج تفعل ذلك للزينة عند زوجها ، أو أمة تفعل ذلك لسيدها ، فهذا غير حرام ؛ لأن المرأة مأمورة بأخذ الزينة لزوجها من الكحل والخضاب .... وحكي عن أحمد بن حنبل : أنه منع من ذلك بكل حال : لأن النهي عام ، وما ذكرناه أصح)([2/257].
    قلت وهذا التفصيل في الواصلة الذي ألحق به الإمام الماوردي النمص= هو الذي عليه أئمة الشافعية ما عدا النووي الذي أطلق القول بتحريم النمص في شرح مسلم.
    قال الشيخ محمد سالم بحيري: فيما يتعلق بالنوويِّ فقد حكى عنه الخطيب الشربيني والرملي أنه رجح التفصيل المشهور بين إذن الزوج وعدمه في (الروضة) ، وعبارة الرملي : (وتحمير الوجنة بالحناء ونحوه، وتطريف الأصابع مع السواد، والتنميص، وهو الأخذ من شعر الوجه والحاجب المحسن، فإن أذن لها زوجها أو سيدها في ذلك جاز؛ لأن له غرضا في تزيينها له كما في الروضة، وأصلها) .
    ولم أرَ ذلك في المطبوع من (الروضة) ، مع عدم الوثوقية بالطبعات الموجودة حاليًّا ، ولم أراجع نسخًا خطية جيدة ، اللهم إلا أن يكون قولهم : (كما في الروضة وأصلها) راجعًا إلى التحمير والتطريف .
    والتفصيل المشهور بين إذن الزوج وعدمه هو إطباق محققي علماء المذهب كشيخ الإسلام زكريا والخطيب والهيتمي والرملي .
    مذهب الحنابلة:
    في المذهب ثلاثة أقوال في النمص:
    الأول: ما نص عليه الإمام أحمد أنَّ النماص المحرم هو نتف شعر الوجه، أما إصلاح الحاجب عن طريق الحلق (الحف) فجائز عند الإمام أحمد بل وكان يفعله.
    قال ابن قدامة في المغني: ((فأما النامصة: فهي التي تنتف الشعر من الوجه، والمتنمصة: المنتوف شعرها بأمرها، فلا يجوز للخبر. وإن حلق الشعر فلا بأس؛ لأن الخبر إنما ورد في النتف. نص على هذا أحمد)). [1/70].
    أخبرنا الوراق قال: حدثنا مهنا أنَّه سأل أبا عبد الله - أي: أحمد بن حنبل - عن الحف، فقال: ليس به بأس للنساء. قال: وسأله عن النتف، فقال: أكرهه للرجال والنساء. وقد كان أحمد يأخذ من حاجبه وعارضه.
    والثاني: وهو وجه عند الحنابلة، قال الشيخ عبد الوهاب بن مبارك الأنماطي: إذا أخذت المرأة الشعر من وجهها لأجل زوجها بعد رؤيته إياها فلا بأس به، وإنَّما يذم إذا فعلته قبل أن يراها؛ لأنَّ فيه تدليسًا.
    والثالث: ما ذهب إليه الإمام ابن الجوزي من أنَّ حديث النامصة محمول على التدليس أو على الفاجرات. فيكون النماص المحرم ما تفعله المرأة على وجه التدليس أو بقصد التشبه بالفاجرات.
    وقال ابن حجر في فتح الباري: ((قال بعض الحنابلة (منهم ابن الجوزي): "إن كان النمص أشهر شعار للفواجر= امتنع، وإلا فيكون تنزيها". وفي رواية: "يجوز بإذن الزوج، إلا إن وقع به تدليس (أي غش) فيُحرَّم". قالوا: ويجوز الحف والتحمير والنقش والتطريف إذا كان بإذن الزوج لأنه من الزينة)). [10/378].
    أما من ذهب لتحريم النمص فأهمهم في حدود بحثي: عياض (وقوله ليس صريحا) النووي (مع ملاحظة ما نقلناه بالأعلى من حكاية القول بالجواز بضوابط عنه)، وابن رسلان، والطبري وابن حزم، وكثير من المعاصرين، أما جماهير الفقهاء فقد أثبتنا أقوالهم بالأعلى بما يغني عن البيان ويغلق الباب أمام المكابرة وضعف التحرير.
    والحمد لله رب العالمين.
    https://www.facebook.com/abo.fhr/posts/942687802506472
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    النمص حلال حلال حلال Empty رد: النمص حلال حلال حلال

    مُساهمة من طرف أحمد السبت يوليو 02, 2016 1:43 pm

    اختلف الفقهاء في النمص على ثمانية أقوال :
    القول الأول : يحرم أخذ أي شيء من الوجه مطلقًا ، سواءٌ في ذلك الحاجب وغيره ، وهو قول الطبري وابن حزم [«فتح الباري» (ج10/ص377) ، «المحلى» (ج1/ص423) ، (ج2/ص398) ، (ج9/ص229)] .
    القول الثاني : يحرم أخذ شعر الحاجب وأطراف الوجه ، ويحل أخذ ما سواه من شعر الوجه ، وهو قول النووي في «شرح مسلم» وابن الحاج من المالكية ، [«شرح النووي على مسلم» (ج14/ص106) ، «المدخل» (ج4/ص107)] .
    القول الثالث : يحرم أخذ شعر الوجه (حاجبًا أو غير حاجب) بالنتف ، أما بالحلق والقص فلا يحرم ، وهو معتمد السادة الحنابلة [«مسائل الإمام أحمد» (ج9/ص4897) ، «كشاف القناع» (ج1/ص82] .
    القول الرابع : يجوز أخذ شعر الحاجب ما لم تتبرج به للأجانب ، ويحل ما سواه ، وهو معتمد السادة الحنفية [«حاشية ابن عابدين» (ج6/ص373)].
    القول الخامس : يجوز أخذ شعر الحاجب ما تكن ممنوعة من الزينة كمعتدة عن وفاة ، وهو معتمد السادة المالكية [«حاشية الصاوي» (ج2/ص599)] .
    القول السادس : يجوز أخذ شعر الحاجب ، بشرط عدم التغرير على خاطب إذا كانت خلية ، وبإذن الزوج إذا كانت متزوجة [ «أسنى المطالب» (ج1/ص173) لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري ، «الإيعاب شرح العباب» (ج2/ لوحة 14-أ/ نسخة المكتبة الأزهرية) للهيتمي ، «المغني» (ج1/ص191) للخطيب ، «النهاية» (ج2/ص25) للرملي ]
    القول السابع : يجوز أخذ شعر الحاجب ما يكن تدليسًا أو تتشبه فيه بالفاجرات ، وهو قول ابن الجوزي [«الإنصاف» (ج1/ص99)].
    القول الثامن : أن الأخذ من الحاجب وأطراف الوجه مكروه لا محرم ، وهوقول بعض الشافعية كصاحب العباب ، ونسبه الهيتمي للنووي في «التحقيق» . [«الإيعاب شرح العباب» (ج2/ لوحة 14-أ/ نسخة المكتبة الأزهرية) للهيتمي] .

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 15, 2024 3:16 am