قال الشيخ محمد سالم بحيري:
• هل حرَّم السَّلفُ النمصَ فأحلَّه الفقهاءُ ؟ (دراسة أثرية وبحث أصولي) .
• فقال صاحبي : قول الشافعية بجواز النمص يخالف مذهب السلف ، فإن عبد الله بن مسعودٍ قد أفتى بحرمته .
• قلتُ : هذا كذبٌ على عبد الله مسعودٍ رضي الله عنها ؛ فإن الرواية في المحاورة التي دارت بين ابن مسعودٍ داخل الصحيحين وخارجهما لم تبين مقصود المرأة ، ففي الرواية أن ابن مسعود حدث بالحديث ، فقالت له المرأة : «فإني أرى شيئًا من ذلك على امرأتك» .
• السؤال الآن : أيُّ شيء من الأشياء الثلاثة التي ذكرها ابن مسعودٍ رضي الله عنه ؟! لم تبين الرواية ذلك ، فحملك لكلمة «ذلك» على النمص رجم بالغيب ، وشيءٌ من عند نفسِك .
• ولم تأتِ رواية مبينة لمراد المرأة اللهم إلا روايتين :
• الأولى : رواية البزار في «مسنده» (ج4/ص295) قال : حدثنا يوسف بن موسى قال: نا جرير قال : نا منصور بن المعتمر أبو عتاب عن إبراهيم، عن علقمة قال: قال عبد الله: «لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله» ، فاعترضت المرأة ، ثم قالت [ركز في دي الله يسترك] : «إن أوَّلَ شيءٍ من ذلك على امرأتك» .
• جميل ، وما أول شيءٍ من ذلك ؟! إنه الوشم ، فدخلت المرأة ، فلم ترَ شيئًا ، انتبه ! المرأة في هذه الرواية قصدت الوشم لا النمص.
• ورغم أن هذه الرواية رجالها ثقات رجال البخاري ، إلا أن يوسف بن موسى تفرد بهذا الحرف عن مخرج الحديث (جرير بن عبد الحميد) ، فكلهم رووا اللفظ مجملًا (أي : إني أرى شيئًا من ذلك على امرأتك) ، ورواه هو على هذا النحو (أي : قال : إن أول شيءٍ من ذلك على امرأتك) .
• فقد رواه بالإجمال [أي : بلفظ : (شيئًا من ذلك على امرأتك)] : إسحاق بن إبراهيم وعثمان بن أبي شيبة (كما عند مسلم 3/1678) ، ومحمد بن عيسى الطباع (كما عند أبي داود 30/151) ، وهم ثلاثة من الثقات الأثبات .
• أما يوسف بن موسى القطان فتفرد عنهم فقال : (إن أول شيء من ذلك على امرأتك) ، ومثل هذا التفرد عن الثلاثة قد لا يحتمل في مسالك المحدثين .
• الثانية : رواية الشاشي في «مسنده» (ج2/ص377) ، التي يرويها عبد الملك بن عمير عن العريان بن الهيثم عن قبيصة بن جابر قال : «كنا نشارك المرأة في السورة من القرآن نتعلمها ، فانطلقت مع عجوز من بني أسد إلى ابن مسعود في بيته ، فرأى جبينها يبرق ، فقال : أتحلقينه ؟ فغضبت ، ثم قالت : التي تحلق جبينها امرأتك» ، قال : فادخلي عليها ، فإن كانت تفعله فهي مني بريئة ، فانطلقت ، ثم جاءت فقالت : لا والله ما رأيتها تفعله» .
• وهي رواية عرجاء شلاء من طريق العريان بن الهيثم ، ولم يوثقه إلا ابن حبان ، ومن ثم لا تقوى على مجابهة الرواية السابقة المفسرة لموضع الإنكار بالوشم (مع المقال السابق فيها) ، ولا الرواية المجملة المشهورة (وهي صحيحة).
• الحاصل أن لا يصح عن ابن مسعودٍ تفسير للنمص .
• والعجيب أن الشيخ الألباني رحمه الله وطيب ثراه ضعَّف أثر عائشة المشهور في الحفِّ ؛ احتجاجًا بأن امرأة أبي إسحاق السبيعي مجهولة لم يوثقها إلا ابن حبان ، وحسَّن هذه الرواية ، وهذا عجيب جدًّا ؛ إذ يلزم مَنْ ضَعَّفَ أثر عائشة مهدرًا توثيق ابن حبان أن يضعف رواية ابن مسعودٍ ؛ فكلٌّ من العريان بن الهيثم وامرأة أبي إسحاق مجهولان لم يوثقهما إلا ابن حبان ، أما أن يعتبر توثيق ابن حبان في موضع دون موضع ، فهذا مسلك عجيبٌ .
• فقال لي صاحبي : سلمنا لكَ أن الرواية لم تحدد موقع الإنكار أهو النمص أو الوصل أو التفلج ، فيشهد لي أن عبد الله بن مسعودٍ حمل هذه الألفاظ الثلاثة على عمومها ، ولم يخصصها ، ولم يفصل للمرأة ، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة .
• قلتُ : وهذا كلام في الظاهر أصوليٌّ ، ولكن ساقطٌ ، وفيه ثلاثة أغلاط : غلط في التكييف الأصولي ، وغلط في تنزيل القاعدة الأصولية ، وغلط على ابن مسعودٍ رضي الله عنه .
• أما غلطك في التكييف الأصولي للنص محل البحث فهو توصيفك للوقت بأنه وقت حاجة ، وليس ذلك وقت حاجةٍ ، وإنما يسمى عند الأصوليين وقتَ خطابٍ ، ووقت الحاجة هو الوقت الذي يتوجب عليه المكلف العملُ بأمر الشارع على الفور ، ويجوز تأخير البيان عن وقت الخطاب عند أكثر الأصوليين ، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة اتفاقًا .
• وأما غلطك في تنزيل القاعدة الأصولية فهو أن هذه القاعدة ليس محلها الصحابة باتفاق ، إنما محلها النبي صلى الله عليه وسلم ، تستصحب فيه ، لا يجوز له صلى الله عليه وسلم تأخير البيان عن وقت الحاجة ، أما الصحابة فلا ؛ إذ لا يجوز له صلى الله عليه وسلم أن يؤخر البلاغ عن وقت الحاجة ، بخلاف غيره .
• ومع ذلك فيجوز للعالم أن يترك النصَّ على عمومه للمستفتي منعًا من استهانته ، كما كان سفيان بن عيينة يكره تفسير «من غشنا فليس منا» .
• والمفتي لا يتعين عليه الجواب أو التفصيل إلا بشرائط سبعة ليست متوافرة في هذه الحالة .
• وأما غلطك على ابن مسعود رضي الله عنه فإنك قد وكلت نفسك في تفسير النمص بالنيابة عن ابن مسعودٍ ، وفسرته بأنه نتف الشعر من الحاجب ، ولا ندري من أين لكَ نسبة (ركز في كلمة «نسبة» ) ذلك لابن مسعودٍ ؟!
• فإن النمص مختلف في تعريفه لغة على ثلاثة أقوال :
• فيعرفه أهل اللغة بأنه نتف الشعر من الوجه مطلقًا ، ولا يخصصون ذلك بالحاجب إلا إذا دلت قرينة في الكلام على إرادته.
• قال الجوهريُّ رحمه الله في «الصحاح» (ج3/ص1060) : «النَمْصُ: نتفُ الشَعْرِ. وقد تَنَمَّصَتِ المرأةُ ، ونَمَّصَتْ أيضاً ... والنامصة: المرأة التى تزين النساء بالنمص. والمنمص والمنماص: المنقاش» .
• وقال الأزهريُّ في «تهذيب اللغة» (ج12/ص148) : «قال الفراء: النامصة: التي تنتف الشعر من الوجه، ومنه قيل للمنقاش : (منماص)، لأنه ينتف به والمتنمصة هي التي يفعل ذلك بها ... وامرأة نمصاء تتنمص، أي: تأمر نامصة فتنمص شعر وجهها نمصًا؛ أي: تأخذه عنها بخيط» .
• القول الثاني في المسألة ، هو قول أبي داود رحمه الله ، حيث فسَّر النمص في «سننه» فقال : «والنامصة التى تنقش الحاجب حتى ترقه والمتنمصة المعمول بها» .
• القول الثالث : هو قول الماوردي في «الحاوي الكبير» (ج2/ص257) : «فأما النامصة والمتنمصة : فهي التي تأخذ الشعر من حول الحاجبين وأعالي الجبهة» .
• فهذه ثلاثة أقوال في بيان معنى النمص في اللغة (نتف الشعر من الوجه ، نتفه من الحاجب ، نتفه من الحاجب وأعلى الجبهة) ، فيلزمك فيها أمران :
• الأول : أن تثبت نسبة أحدها لعبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه ، وهذا سبيلٌ دونه خرط القتاد .
• الثاني : أن ترجح بينها ؛ طالما أنك رجلٌ مجتهد ترجح بين المذاهب الأربعة والظاهرية، وتختار منها قولًا .
• وإن رجحت فدلل على ترجيحك من لغة العرب .
• فهيَّا يا صاحبي رجِّح لنا بين الفراء والجوهري والأزهري ، في مقابلة أبي داود ، في مقابلة الماوردي !
• وإذا أحببت أن أساعدك فاعلم أن العرب تقول : «رجلٌ أنمص الجبين» ، وقال امرؤ القيس :
• ويَأْكُلْنَ من قَوٍّ لَعاعًا ورِبَّةً * تَجَبَّرَ بعد الأكل وهو نميصُ .
• الأمر ليس بهذه البساطة يا صاحبي !
• قال الشافعيُّ رضي الله عنه في «الرسالة» (ص510) : «ولا يكونُ لأحدٍ أن يقيسَ حتى يكون عالمًا بما مضى قبله من السنن وأقاويل السلف وإجماع الناس واختلافهم ولسان العرب» .
• وهذا في القياس ، فمابالك بمنطوق الشارع !
• طبعًا إذا قلتَ لي : إن النمص من الألفاظ المنقولة من المعنى اللغوي لمعنى شرعي ساعتها ينتهي النقاش ، وتحتاج إلى مطالعة كتاب مبتدئ في أصول الفقه ؛ لتعرف معنى اللفظ المنقول .
• فقال لي صاحبي : دعنا من تفسير النمص ، فلتسلم لي جدلًا أن النمص هنا بمعنى نتف شعر الحاجب لا غيرُ ، فما الحجة على تخصيص الحديث بالمُغَرِّرَة بالخطاب ، وعدم العمل بعمومه ، أجاء نصٌّ عن رسول الله صلى الله عليه يفيد هذا التخصيص ؟
• قلتُ : هذا هو الإشكال الذي يعشش في رأسك ، ويحدث دخنًا يحول بينك وبين فهم مدارك الفقهاء ، وهو أنك تتصور أن النص لا يتخصص عمومُه إلا بنصٍّ آخر ، والفقهاء يخصصون بغير ذلك كما هو معلومٌ عند الأصوليين .
• وقد حكى الإسنوي عن الشافعي رضي الله عنه في «التمهيد في تخريج الفروع على الأصول» (ص375) جوازَ أنْ يستنبطَ المجتهدُ من النصِّ معنى يخصصه .
• ووجه التخصيص هنا : أن لا فرقَ معتبرٌ بين أخذ شعر الجبين والجبهة والشارب واللحية ، وشعر الحاجب : من حيث كون كل منها زينةً تعتادها المرأة .
• فأجزنا أخذ شعر اللحية والشارب وأطراف الوجه بمقتضى التخصيص بالعادة (وهو أنه من المعلوم ضرورة أن نساء المسلمين سلفًا وخلفًا لم يكنَّ يُمْنَعْنَ من هذا الأمر ، ولو منعن لعرف ذلك ، وتوارثه الناس ، مع استقباحه عند جميع العقلاء) .
• وأجزنا أخذ شعر الحاجب بالتخصيص بالمعنى المستنبط ؛ فلا فرقَ مؤثرٌ بين شعر الحاجب وبقية شعور الوجه ، والفروق الموجودة فروقٌ طردية غير مؤثرة ، فوجب حمل النصِّ على المُغَرِّرَة ، فتكون العلة التغرير بالخُطَّابِ ، وليس مجرد الأخذ .
• فإن قلتَ يا صاحبي : بل ثم فرقٌ مؤثرٌ ، وهو أن النمص جاء فيه النصٌّ ؟
• قلتُ لكَ : هذا استدلالٌ بمحل النزاع ، وهو لا يجوز ، فألزمك إثبات ذلك بالترجيح بين الأقوال اللغوية الثلاثة السابق سردها ، والتدليل على ترجيحك من لسان العرب .
• فقال صاحبي : ولكن النمصَ تغيير لخلق الله سبحانه ، وكلُّ تغيير لخلق الله سبحانه محرمٌ .
• قلتُ : قولك : «كلُّ تغيير لخلق الله محرم» غلطٌ ، ليس كل تغيير لخلق الله محرمًا ، بل تغيير خلق الله سبحانه تعتريه الأحكام الخمسة ، فقد يكون محرمًا ، وقد يكون مكروهًا ، وقد يكون مباحًا ، وقد يكون مستحبًّا ، وقد يكون واجبًا .
• فقد يكون محرمًا : نحو نص الفقهاء على تحريم الخصاء وتعليلهم ذلك بأنه تغيير لخلق الله ، كما ذكر الحافظ في «فتح الباري» (9/119) ، وقال النووي رحمه الله في «المجموع» (6/177) : «قال البغويُّ والرافعيُّ : لا يجوزُ خصاءُ حيوانٍ لا يؤكل ، لا في صغره ، ولا في كبره ، قال : ويجوز خصاء المأكول في صغره ؛ لأن فيه غرضًا وهو طيب لحمه ، ولا يجوز في كبره ، ووجه قولهما أنه داخل في عموم قوله تعالى إخبارًا عن الشيطان : (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله) ، فخصص منه الختان والوسم ونحوهما ، وبقي الباقي داخلًا في عموم الذم والنهي» .
• وقد يكون مكروهًا : نحو نص أصحابنا على كراهة أخذ شعر الحاجبين للرجل إذا طالا ، قال النووي رحمه الله في «المجموع» (ج1/ص290) : «وأمَّا الأخذُ من الحاجبين إذا طالا فلم أرَ فيه شيئًا لأصحابنا ، وينبغى أن يُكرَهَ ؛ لأنه تغييرٌ لخلق الله لم يثبت فيه شيءٌ ، فَكُرِهَ» ، وكذا نحوُ نصِّ أصحابنا على كراهة تنف اللحية وخضابها للرجل ؛ لأنه تغيير لخلق الله ، كما نص على ذلك الماوردي في «الحاوي الكبير» (ج17/ص151) والروياني في «بحر المذهب» (ج14/ص275) ، حيث قالا : «نتف اللحية من السفه الذي ترد به الشهادة ، وكذلك خضاب اللحية من السفه الذي ترد به الشهادة ، لما فيها من تغيير خلق الله تعالى» .
• وقد يكون مباحًا : وذلك نحو جواز أخذ الرجل شعر صدره ونحو ذلك .
• وقد يكون مستحبًّا : كنص الفقهاء على أنه إذا نبتت للمرأة لحية أو شارب استحب لها أن تزيلها ، قال النووي رحمه الله في «المجموع» (ج1/ص290) : «أما المرأة إذا نبتت لها لحيةٌ فيستحب حلقها صرَّحَ به القاضي حسين وغيره ، وكذا الشاربُ والعنفقةُ لها ، هذا مذهبنا ، وقال محمد بن جرير : لا يجوز لها حلقً شيءٍ من ذلك ، ولا تغـــــــيير شئ من خلقتها بزيادة ولا نقص» .
• وقد يكون واجبًا : كنص أصحابنا على وجوب الختان ، قال النووي – ودلالة كلامه إشارية – في «المجموع» (6/177) : «قوله تعالى - إخبارًا عن الشيطان - (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله) فخصص منه الختان» .
• وبهذا يتبدى أن تغيير خلق الله ليس كله محرمًا ، بل تعتريه الأحكام الخمسة .
• وإذا نظرنا في فروع الأصحاب نأخذ من كلامهم أن ضابط تغيير خلق الله المحرم عندهم هو : «تغييرُ أصلِ الخِلقةِ ، على وجه الدوام ، دون مقتضٍ من علاج أو إزالة عيب أو إذن الشارع صراحة أو سكوتًا»
• فقولنا : «تغييرُ أصل الخلقة» يخرُجُ به تغييرُ طارِئها ، كما رُوي أنَّ عرفجة لقد قطعت أنفه يوم الكلاب من فضة ، فأنتن ، فاتخذ أنفًا من ذهب ، والحديث مختلف في تحسينه وتضعيفه ، وقد نص الأصحاب على جواز ذلك .
• ويخرج بقولنا : «على وجه الدوام» ما لو كان التغييرُ لا على وجه الدوام ، فما لا يكون باقيًا لا يكون محرمًا كتكحيل المرأة عينيها وتحمير وجنتيها وشفتيها ونحو ذلك بما يتزين به ، قال ابن الملقن في «التوضيح» (ج23/ص371) : « قال تعالى مخبرًا عنه: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ} [النساء: 119] وهذا إنما فيما يكون باقيًا ، فأما ما لا يكون باقيًا كالكحل والتزين ؛ فقد أجازه مالك وغيره، حكاه القرطبي» ، وهو مستقيم على طريقة الأصحاب .
• وقولنا : «دون مقتضٍ من علاج أو إزالة عيب» يخرج ما لو كان التغيير على وجه العلاج أو إزالة العيب فلا يحرم ، قال ابن الملقن رحمه الله في «التوضيح» (ج23/ص371) : «إذا احتيج إليه لعلاج أو عيب في السن وتحدبه فلا بأس به».
• وقولنا : «أو إذن الشارع» يخرج به ما لو كان مأذونًا فيه من الشارع.
• وقولنا : «صراحة» كأن يرد فيه أمرٌُ محمول على الوجوب أو الندب .
• وقولنا : «سكوتًا» كأن يسكت الشارع عنه .
• وحاصل ذلك : أنه ليس كل تغيير يكون محرمًا ، وضابط التغيير المحرم : «تغييرُ أصلِ الخِلقةِ ، على وجه الدوام ، دون مقتضٍ من علاج أو إزالة عيب أو إذن الشارع صراحة أو سكوتًا » .
• فقال لي صاحبي : ولكن النمصَ زينة ، ومن تكشف وجهها متنمصة تعدُّ متبرجة بزينة ، فهلا قلتم : من تتنمص إنما عليها أن تغطي وجهها .
• أما كون النمص زينة فنعم ، ولكن السؤال : هل كلُّ زينة يحرم إبدائها عند من لا يوجب تغطية الوجه ؟
• الجواب : ليس كلُّ زينة يحرم إبداؤها ، فأخذ المرأة شعر شاربها ولحيتها وجوانب وجهها وجبتها إنما هي التكييف الفقهي زينة ، ولكن لا يحرم إبداؤها ، فكذلك أخذ المرأة شعر حاجبها ، وكل زينة متصلةٍ لا يحرم إبداؤها عند من جوَّز كشف الوجه ، بخلاف المنفضلة كأحمر الشفاة ومبيض الوجه ونحو ذلك .
• ولذلك نجد من متقدمي الشافعية من ينص على جواز كشف المرأة لوجهها ، وينص كذلك على جواز النمص .
• وذلك مثل الإمام الماوردي رحمه الله في «الحاوي الكبير» حيث قال في النمص (ج2/ص257) : «فأما النامصة والمتنمصة : فهي التي تأخذ الشعرَ من حول الحاجبين وأعالي الجبهة ، والنهي في هذا كله على معنى النهي في الواصلة والمستوصلة» .
• أي : على التفصيل المذكور في الواصلة والمستوصلة .
• وقد قال فيه قبله بأسطر : «أن تكون ذات زوج تفعل ذلك للزينة عند زوجها ، أو أمة تفعل ذلك لسيدها ، فهذا غير حرام ؛ لأن المرأة مأمورة بأخذ الزينة لزوجها من الكحل والخضاب .... وحكي عن أحمد بن حنبل : أنه منع من ذلك بكل حال : لأن النهي عام ، وما ذكرناه أصح» .
• فالماوردي ينص على جواز النمص بإذن الزوج .
• وهو أيضًا ينص على جواز إبداء الوجه ، حيث قال في الحاوي الكبير(ج2/ص170) : «وأما العورة فضربان صغرى وكبرى : فأما الكبرى فجميع البدن إلا الوجه والكفان .وأما الصغرى فما بين السرة والركبة . وما يلزمها ستر هاتين العورتين من أجله على ثلاثة أضرب : أحدها : أن يلزمها ستر العورة الكبرى ، وذلك في ثلاثة أحوال : أحدها : في الصلاة ، وقد مضى حكمها .والثاني : مع الرجال الأجانب ، عورة المرأة في حضورهم ، ولا فرق بين مسلمهم وكافرهم ، وحرهم وعبدهم ، وعفيفهم وفاسقهم ، وعاقلهم ومجنونهم في إيجاب ستر العورة الكبرى من جميعهم .... إلى آخر كلامه رحمه الله» .
• قالي لي صاحبي : وما دليلكم معاشر الشافعية على أن العلة إذن الزوج ؟
• قلتُ : وهذا خطأ في فهم نصوص مدوناتنا الفقهية ؛ فإن الحكم هو التحريم ، وعلته : التغرير ، إذا وجدت العلة (التغرير) وجد الحكم (التحريم) ، وإذا انتفت العلة (التغرير) انتفى الحكم ، لذلك قلنا يحرم على الخَلِيَّة (غير المتزوجة) التنمصُ ، أما المزوجة فلا يحرم ؛ لانتفاء التغرير في حقها ؛ إذ ليست تخطب للأزواج .
• أما اشتراطنا إذن الزوج لا من جهة العليَّة ، وإنما من جهة قاعدة معلومة من الشرع ، وهي أن كل ما تعلق بالاستمتاع بالبضع وتوابعه يجب فيه إذن الزوج ، وزينة المرأة من متعلقات الاستمتاع فوجب فيها استئذان الزوج ؛ إذ قد يكره الزوج النمص من جهة الطبع ، فتمنع منه المرأة.
• قال لي صاحبي : فهل يحرم على الخَلِيَّة (غير المتزوجة) مطلقًا .
• قلتُ : بل يحرم إذا كان تغريرًا بخاطبٍ ، فإذا لم يكن كذلك لم يحرم ، كأن تعلمه ونحو ذلك ؛ تخريجًا على قول أصحابنا في التصرية بعلم المشتري وارتفاع الحرمة وعدم ثبوت الخيار .
• قال لي صاحبي : وما أنتم يا معاشر المتمذهبة إلا قومًا من المُمَيِّعة ، تفتون الناس بحل النمص بإذن الزوج ، واستحباب النقاب ، وكراهة الإسبال لغير خيلاء تنزيهًا ، وجواز الألوان للمرأة .
• قلتُ : على رِسلك يا أبا الحارث ، أسائلك ، والحجة بيني وبينك السلف الذين هم فوقنا في علم وفضل .
• قال : سل .
• قلتُ : ألم يُفتِكَ شيخُك بأن الإسبالَ لغير خيلاء محرمٌ على الراجح ، وليس مكروهًا كراهة تنزيه.
• قال : بلى ، وهذا هو الراجح ، وليس يصح في الأذهان شيءٌ ... إذا احتاج النهارُ إلى دليل .
• قلتُ : لقد ثبت عن ابن عباس وابن مسعودٍ بالأسانيد الصحيحة ما يقتضي قولهما بكراهته كراهة تنزيه [انظر : «الآحاد والمثاني» (ج1/ص314) ، «مصنف ابن أبي شيبة» (ج8/ص202)] .
• فهل كان ابن عباس وابن مسعود والمذاهب المتبوعة في معتمدها مميعين ، وأنت وشيخُك أهل التمسك والدليل ؟!
• قلتُ : ألم يُفتِكَ شيخُك بأن النقابَ فرضٌ قولًا واحدًا .
• قال صاحبي : بلى .
• قلتُ : لقد ثبت عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما بالأسانيد الصِّحَاح المِلاح ما يفيد قولهما بعدم وجوبه ، ورواية العين الواحدة عن ابن عباس رواية ضعيفة (مع مخالفة ابن مسعود) . [انظر : «مصنف ابن أبي شيبة (ج4/ص283 – ص284)] .
• فهل كان ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما ومن تابعهما من جمهور الفقهاء مميعين ؟!
• قلتُ : ألم تفتِ المعلمة الجسورُ امرأتَك بأن الألوان لا تجوزُ ، وأن عليها لبس السواد أو البياض .
• قال صاحبي : بلى .
• قلتُ : لقد صحَّ عن إبراهيم النخعي أنه كان يدخل مع علقمة والأسود على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، فيراهن في اللحف الحمر ، وصحَّ عن سعيد بن جبير أنه رأى بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تطوف بالبيت ، وعليها ثياب معصفرة [انظر : «مصنف ابن أبي شيبة» (ج8/ص184)].
• قلتُ : ألم يُفتِكَ شيخُك بأنه لا يجوز لك الأخذ من لحيتك .
• قال : بلى .
• قلتُ : لقد ثبت بالأسانيد الصِّحَاح عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما أنهما كان يأخذان من لِحَاهما ما زاد عن القبضة ، وصحَّ عن إبراهيم النخعي أنه قال واصفًا حال من أدركهم : «كانوا يأخذون من عوارضها» [انظر : «مصنف ابن أبي شيبة» (ج8/ص376)] .
• قلتُ : ألم يُفتِكَ شيخُك بأن الكحل أمام الأجانب للمرأة حرامٌ قولًا واحدًا .
• قال : بلى .
• قلتُ : وكذلك هو معتمد الشافعية ، ولكن الشافعية وأهل المذاهب لا يدلسون على الناس ، ولا يحكون إجماعًا في غير محله ، ولا يرمون غيرهم بالتمييع ، فقد ثبت عن عطاء أنه فسر الزينة الظاهرة في الآية بـ«الخضاب والكحل» ، وصحَّ عن قتادة أنه فسرها بـ«بالكحل والسوارين والخاتم» ، وصحَّ عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنه قال : «الكحل والخضاب والخاتم» ، وصحَّ عن الشعبي أنه فسرها بـ«الكحل والثياب» ، وصحَّ عن عكرمة أنها فسرها بـ«الثياب والكحل والخضاب» [انظر : «مصنف ابن أبي شيبة» (ج4/ص273-ص284) ، «تفسير الطبري» (ج19/ص157-ص158) ، «جزء يحيى بن معين» (ص201].
• فهل كان عطاء وقتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم والشعبي وعكرمة مميعين يدعون النساء للفتنة ؟!
• والشافعية في معتمدهم يخالفون هؤلاء جميعًا ، ويأخذون بقول غيرهم من السلف ، ولكنهم لا يتهمون غيرهم بالتمييع .
• فقال لي صاحبي : هكذا أنتم تجرون الناس بعرض هذه الأقوال إلى تتبع الرخص ، ومن تتبع الرخص فقد اجتمع فيه الشرُّ كله .
• قلتُ : ما ذنبي وما ذنب الناس إذا كنت تحفظ ما لا تعرف ضابطه عند أهل العلم ، فليس معنى تتبع الرخص أخذ المكلف بالقول اليسير في بضعة مسائل من الفقه ، وإنما تتبع الرخص ضابطه أن يختار المكلف الأيسر له من كل المذاهب في المسائل بحيث تنحل ربقة التكليف من عنقه ، كما ذكره الهيتمي وغيره .
• يا صاحبي ؛ إن شراح كتب السنة إنما هم علماء المذاهب الأربعة ، فهل تتصور أن يطبق أكثرهم على مخالفة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويغفلون عن القاعدة الأصولية الرياضية التي تحفظها : «العام المُحَلَّى بأل الجنس يفيد الاستغراق» ، أم خفي عليه حديثٌ مشهورٌ في الصحيحين !
• يا صاحبي ؛ إن أعلم الناس بوقاق السلف وخلافهم إنما هم علماء المذاهب الأربعة ، فالبيهقيُّ الشافعي استدل على كل كلمة قالها الشافعي – بل وغيره - بآثار السلف الكرام في «السنن الكبرى» و«معرفة السنن والآثار» ، والطحاوي الحنفي صنف «شرح معاني الآثار» ، وهي عاجة بآثار السلف على مسائل أبي حنيفة رضي الله عنه ، وابن قدامة الحنبلي لا ترى له مسألة في «المغني» إلا ويعقبها لكَ بقوله : «وهذا قول فلان وفلان» ، ويذكر لك القائلين به من الصحابة والتابعين ، وابن عبد البر في المالكية لا يذكر مسألة إلا وغاص فقه السلف راويًا لكَ من قال به من السلف ، أتراهم يطبقون على مخالفة السلف !
• يا صاحبي ؛ هون عليك ، ليسَ الفقهُ حفظَ مذاهب الناس ، ولا أنْ يُحسنَ المرءُ سردَ الأقاويلِ وأدلَّتِها ، وإنما الفقهُ : ملَكَةٌ في النفس ، تحْصُل بإدْمَان النَّظر في آلافِ الفروع الفقهيّة ، والتأمُّل في تصرُّف المجتهدِ فيها ، والغوصِ في غَوْر الدِّلالاتِ ومَسَالكها ، وسبْر قَوَادِحها ونوَاقِضَها ، حتى تصيرَ للناظرِ ملكةٌ يتكلمُ بها في غير المنصُوص ككلامِه في المنصُوص ، لذَا قالَ الغزاليُّ - رحمه الله - : « إذَا لم يتكلم الفقيهُ في مسألةٍ لم يَسْمَعْها ككلامِه في مسألةٍ سَمِعَها فليس بفقيه» .
• اللهم إني أعوذ بك ان أَضِلَّ أو أُضَلَّ ، أو أنصر باطلًا أو أُسَوِّغ له .
• والسلام .
======
ببساطة عشان عامة الناس (حوار بين المفتي والمستفتي لتبسيط الدليل)
======
المستفتي : ما الدليل على أن النمص جائزٌ ما لم تغش المرأة به خاطبًا .
المفتي : الدليل حديث النبي صلى الله عليه وسلم : (لعن الله النامصة والمتنمصة) .
المستفتي : كيف ذلك .
المفتي : النمص في لغة العرب كما قاله الفراء والأزهري والجوهري : نتف شعر الوجه ، فأي نتف من شعر الوجه يسمى نمصًا ، لحية كان أو شاربًا أو جبينًا أو جبهة .
والقرآن والسنة على مقتضى لغة العرب .
فمعنى الحديث إذن : لعن الله من تنتف الشعر من وجهها ، والتي تنتف لها ، فهل يمكن حمله على ظاهره .
الجواب : لا يمكن حمله على ظاهره ، بل يتحتم تأويله .
المستفتي : فكيف يتم تأويله أيها الشيخ ، وما وجه التأويل ؟
المفتي : وجه التأويل استحالة الإجراء على الظاهر ؛ لأنه يقتضي أن أي شعر ينتف من الوجه يرتب اللعن .
فيُأوَّل النص بصرفه عن ظاهره بإخراج شعر اللحية والشارب والجبين والجبهة = بمقتضى إجماع المسلمين العملي على أخذ النساء مثل هذا الشعور ، بلا نكير من أحدٍ ، ولو أنكر ذلك من الصحابة أو التابعين أو من بعدهم لنقل ، ولو كنَّ يتركن هذه الشعور بلا أخذ لنقل واشتهر وشوهد ، فيكون أخذ شعر اللحية والشارب والجبين والجبهة جائز ، خارج من العموم .
ويُأوَّل النصَّ بصرف عن ظاهره فيما يتعلق بشعر الحاجب ؛ بانعدام الفرق المؤثر بين شعر الحاجب وشعر اللحية والشارب والجبيبن والجبهة ، ومن ادعي الفرق فعليه الدليل .
فلو قال قائل : الحاجب جاء فيه النص .
نقول له : هذا وهم ؛ النص حرم النمص ، والنمص كل نتف لأي شعر في الوجه ، فإن حملت النص على الحاجب فقط فأنت المطالب بالدليل .
فالخلاصة : أن أخذ شعر الحاجب يخرج من العموم بمقتضى انعدام الفرق المؤثر بينه وبين شعر الجبين والجبهة واللحية والشارب .
المستفتي : فعلام يحمل النهي إذن أيها الشيخ ؟
المفتي : يحمل على من فعلت ذلك غشًّا للخطاب .
المستفتي : أمال ايه حكاية إذن الزوج دي ؟
المفتي : هذا قيد زائد على النص والعلة ، وهو أن كل ما تعلق بزينة المرأة مما ليس من عادة الناس وجب فيه اسئذان الزوج .
المستفتي : والشافعية يا شيخ كلهم بيقولوا : إن النمص أخذ شعر الوجه كله .
المفتي : لا من الشافعية من يفسره بشعر الوجه كله ، ومن الشافعية من يفسره بأخذ شعر الحاجب فقط .
ثم يتفق جمهورهم على أنه لا فرق بين الحاجب وغيره فكل منهما زينة للزوجة ، يجوز للمرأة أن تأخذه ، ويحملون اللعن على الغاشة للخطاب بجمال حاجبها .
المستفتي : وهو ينفع كده يا شيخ ، نأول كلام النبي صلى الله عليه وسلم ؟
المفتي : نعم ينفع ، التأويل لا بد منه إذا عسر الإجراء على الظاهر .
أضرب لك مثال ، ربنا سبحانه قال : (أو لامستم النساء) .
هل لمس المرأة ينقض الوضوء مطلقًا أو لا ينقض ؟
الإمام أحمد والإمام مالك أولوا هذه الآية بأن المراد اللمس بشهوةٍ ، رغم إن الظاهر إن كل لمس ينقض .
والإمام أبو حنيفة أول هذه الآية فحمل اللمس على الجماع لا على مس البشرة للبشرة ، رغم إن حقيقة اللمس في اللغة مس البشرة للبشرة ، والجماع مجاز ، تقول العرب : (هذه المرأة لا ترد يد لامس) .
والإمام الشافعي رغم إنه قال إن لمس المرأة ينقض الوضوء ، لكنه أول الآية وقال : مس المحرم والبنت الصغيرة غير المشتهاة لا ينقض ، رغم إن الظاهر من الآية عدم الفرق ، والنساء محلاة بأل الجنس التي تفيد العموم .
المستفتي : طيب يا شيخ ، الأئمة في آية اللمس أولوا بدليل ، لكن في النمص أولوا إزاي ؟
المفتي : أولوا برضو بدليل ، أما في شعر اللحية والشارب فالتأويل بالإجماع العملي ، وأما في الحاجب فالتأويل بمقتضى أنه لا فرق بين الحاجب والجبين واللحية وغيرها ، ومن ادعى الفرق عليه الدليل .
المستفتي : وهل كل العلماء أولوا الدليل كده ؟
المفتي : لا ، في علماء أولته بأن النبي صلى الله عليه وسلم ما قصد كل نامصة ، وإنما قصد المرأة الممنوعة من الزينة إذا تنمصت ، فالمقصود عندهم : (النامصة الممنوعة من الزينة كمعتدة عن وفاة) ، وهؤلاء هم المالكية في معتمد مذهبهم .
وفي علماء أولته بأن النبي صلى الله عليه وسلم ما قصد كل نامصة ، بل قصد المتبرجة بالنمص للأجانب ، وهؤلاء هم الأحناف في معتمد مذهبهم .
وفي علماء أولته بأن النبي صلى الله عليه وسلم ما قصد كل نامصة ، بل قصد النامصةالتي تفعل النمص المشابه لشعار الفاجرات والبغايا ، زي بعض الحنابلة كابن الجوزي .
المستفتي : طيب ، وهل في علماء لم تأوله يا شيخ ، وأجرت الحديث على ظاهره ؟
المفتي : نعم ، ولكن هؤلاء قسمان :
القسم الأول : من جرى على ظاهر الحديث ، وخصص النمص بالنتف فقط دون الحلق والقص ، وهذا هو الإمام أحمد بن حنبل عليه رضوان الله .
يعني : لو أن المرأة جملت حاجبها بالأخذ حرام ، لكن لو جملته بالأخذ بالقص أو الحلق حلال ، وطبعًا المعاصرين حتى قول الإمام أحمد مش عاجبهم ، ولا يأخذون به .
القسم الثاني : من جرى على ظاهر الحديث ، وحرموا على النساء أخذ أي شعر من الوجه حتى اللحية والشارب ، فقالوا : حتى لو نبت للمرأة لحية وشارب يحرم عليها أن تأخذها ، تتركها على حالها ، زي الإمام الطبري والشيخ الألباني ، وهو ظاهر قول ابن حزم في المحلى .
والحمد لله رب العالمين .
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=913079905468211&id=100002986295555
• هل حرَّم السَّلفُ النمصَ فأحلَّه الفقهاءُ ؟ (دراسة أثرية وبحث أصولي) .
• فقال صاحبي : قول الشافعية بجواز النمص يخالف مذهب السلف ، فإن عبد الله بن مسعودٍ قد أفتى بحرمته .
• قلتُ : هذا كذبٌ على عبد الله مسعودٍ رضي الله عنها ؛ فإن الرواية في المحاورة التي دارت بين ابن مسعودٍ داخل الصحيحين وخارجهما لم تبين مقصود المرأة ، ففي الرواية أن ابن مسعود حدث بالحديث ، فقالت له المرأة : «فإني أرى شيئًا من ذلك على امرأتك» .
• السؤال الآن : أيُّ شيء من الأشياء الثلاثة التي ذكرها ابن مسعودٍ رضي الله عنه ؟! لم تبين الرواية ذلك ، فحملك لكلمة «ذلك» على النمص رجم بالغيب ، وشيءٌ من عند نفسِك .
• ولم تأتِ رواية مبينة لمراد المرأة اللهم إلا روايتين :
• الأولى : رواية البزار في «مسنده» (ج4/ص295) قال : حدثنا يوسف بن موسى قال: نا جرير قال : نا منصور بن المعتمر أبو عتاب عن إبراهيم، عن علقمة قال: قال عبد الله: «لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله» ، فاعترضت المرأة ، ثم قالت [ركز في دي الله يسترك] : «إن أوَّلَ شيءٍ من ذلك على امرأتك» .
• جميل ، وما أول شيءٍ من ذلك ؟! إنه الوشم ، فدخلت المرأة ، فلم ترَ شيئًا ، انتبه ! المرأة في هذه الرواية قصدت الوشم لا النمص.
• ورغم أن هذه الرواية رجالها ثقات رجال البخاري ، إلا أن يوسف بن موسى تفرد بهذا الحرف عن مخرج الحديث (جرير بن عبد الحميد) ، فكلهم رووا اللفظ مجملًا (أي : إني أرى شيئًا من ذلك على امرأتك) ، ورواه هو على هذا النحو (أي : قال : إن أول شيءٍ من ذلك على امرأتك) .
• فقد رواه بالإجمال [أي : بلفظ : (شيئًا من ذلك على امرأتك)] : إسحاق بن إبراهيم وعثمان بن أبي شيبة (كما عند مسلم 3/1678) ، ومحمد بن عيسى الطباع (كما عند أبي داود 30/151) ، وهم ثلاثة من الثقات الأثبات .
• أما يوسف بن موسى القطان فتفرد عنهم فقال : (إن أول شيء من ذلك على امرأتك) ، ومثل هذا التفرد عن الثلاثة قد لا يحتمل في مسالك المحدثين .
• الثانية : رواية الشاشي في «مسنده» (ج2/ص377) ، التي يرويها عبد الملك بن عمير عن العريان بن الهيثم عن قبيصة بن جابر قال : «كنا نشارك المرأة في السورة من القرآن نتعلمها ، فانطلقت مع عجوز من بني أسد إلى ابن مسعود في بيته ، فرأى جبينها يبرق ، فقال : أتحلقينه ؟ فغضبت ، ثم قالت : التي تحلق جبينها امرأتك» ، قال : فادخلي عليها ، فإن كانت تفعله فهي مني بريئة ، فانطلقت ، ثم جاءت فقالت : لا والله ما رأيتها تفعله» .
• وهي رواية عرجاء شلاء من طريق العريان بن الهيثم ، ولم يوثقه إلا ابن حبان ، ومن ثم لا تقوى على مجابهة الرواية السابقة المفسرة لموضع الإنكار بالوشم (مع المقال السابق فيها) ، ولا الرواية المجملة المشهورة (وهي صحيحة).
• الحاصل أن لا يصح عن ابن مسعودٍ تفسير للنمص .
• والعجيب أن الشيخ الألباني رحمه الله وطيب ثراه ضعَّف أثر عائشة المشهور في الحفِّ ؛ احتجاجًا بأن امرأة أبي إسحاق السبيعي مجهولة لم يوثقها إلا ابن حبان ، وحسَّن هذه الرواية ، وهذا عجيب جدًّا ؛ إذ يلزم مَنْ ضَعَّفَ أثر عائشة مهدرًا توثيق ابن حبان أن يضعف رواية ابن مسعودٍ ؛ فكلٌّ من العريان بن الهيثم وامرأة أبي إسحاق مجهولان لم يوثقهما إلا ابن حبان ، أما أن يعتبر توثيق ابن حبان في موضع دون موضع ، فهذا مسلك عجيبٌ .
• فقال لي صاحبي : سلمنا لكَ أن الرواية لم تحدد موقع الإنكار أهو النمص أو الوصل أو التفلج ، فيشهد لي أن عبد الله بن مسعودٍ حمل هذه الألفاظ الثلاثة على عمومها ، ولم يخصصها ، ولم يفصل للمرأة ، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة .
• قلتُ : وهذا كلام في الظاهر أصوليٌّ ، ولكن ساقطٌ ، وفيه ثلاثة أغلاط : غلط في التكييف الأصولي ، وغلط في تنزيل القاعدة الأصولية ، وغلط على ابن مسعودٍ رضي الله عنه .
• أما غلطك في التكييف الأصولي للنص محل البحث فهو توصيفك للوقت بأنه وقت حاجة ، وليس ذلك وقت حاجةٍ ، وإنما يسمى عند الأصوليين وقتَ خطابٍ ، ووقت الحاجة هو الوقت الذي يتوجب عليه المكلف العملُ بأمر الشارع على الفور ، ويجوز تأخير البيان عن وقت الخطاب عند أكثر الأصوليين ، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة اتفاقًا .
• وأما غلطك في تنزيل القاعدة الأصولية فهو أن هذه القاعدة ليس محلها الصحابة باتفاق ، إنما محلها النبي صلى الله عليه وسلم ، تستصحب فيه ، لا يجوز له صلى الله عليه وسلم تأخير البيان عن وقت الحاجة ، أما الصحابة فلا ؛ إذ لا يجوز له صلى الله عليه وسلم أن يؤخر البلاغ عن وقت الحاجة ، بخلاف غيره .
• ومع ذلك فيجوز للعالم أن يترك النصَّ على عمومه للمستفتي منعًا من استهانته ، كما كان سفيان بن عيينة يكره تفسير «من غشنا فليس منا» .
• والمفتي لا يتعين عليه الجواب أو التفصيل إلا بشرائط سبعة ليست متوافرة في هذه الحالة .
• وأما غلطك على ابن مسعود رضي الله عنه فإنك قد وكلت نفسك في تفسير النمص بالنيابة عن ابن مسعودٍ ، وفسرته بأنه نتف الشعر من الحاجب ، ولا ندري من أين لكَ نسبة (ركز في كلمة «نسبة» ) ذلك لابن مسعودٍ ؟!
• فإن النمص مختلف في تعريفه لغة على ثلاثة أقوال :
• فيعرفه أهل اللغة بأنه نتف الشعر من الوجه مطلقًا ، ولا يخصصون ذلك بالحاجب إلا إذا دلت قرينة في الكلام على إرادته.
• قال الجوهريُّ رحمه الله في «الصحاح» (ج3/ص1060) : «النَمْصُ: نتفُ الشَعْرِ. وقد تَنَمَّصَتِ المرأةُ ، ونَمَّصَتْ أيضاً ... والنامصة: المرأة التى تزين النساء بالنمص. والمنمص والمنماص: المنقاش» .
• وقال الأزهريُّ في «تهذيب اللغة» (ج12/ص148) : «قال الفراء: النامصة: التي تنتف الشعر من الوجه، ومنه قيل للمنقاش : (منماص)، لأنه ينتف به والمتنمصة هي التي يفعل ذلك بها ... وامرأة نمصاء تتنمص، أي: تأمر نامصة فتنمص شعر وجهها نمصًا؛ أي: تأخذه عنها بخيط» .
• القول الثاني في المسألة ، هو قول أبي داود رحمه الله ، حيث فسَّر النمص في «سننه» فقال : «والنامصة التى تنقش الحاجب حتى ترقه والمتنمصة المعمول بها» .
• القول الثالث : هو قول الماوردي في «الحاوي الكبير» (ج2/ص257) : «فأما النامصة والمتنمصة : فهي التي تأخذ الشعر من حول الحاجبين وأعالي الجبهة» .
• فهذه ثلاثة أقوال في بيان معنى النمص في اللغة (نتف الشعر من الوجه ، نتفه من الحاجب ، نتفه من الحاجب وأعلى الجبهة) ، فيلزمك فيها أمران :
• الأول : أن تثبت نسبة أحدها لعبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه ، وهذا سبيلٌ دونه خرط القتاد .
• الثاني : أن ترجح بينها ؛ طالما أنك رجلٌ مجتهد ترجح بين المذاهب الأربعة والظاهرية، وتختار منها قولًا .
• وإن رجحت فدلل على ترجيحك من لغة العرب .
• فهيَّا يا صاحبي رجِّح لنا بين الفراء والجوهري والأزهري ، في مقابلة أبي داود ، في مقابلة الماوردي !
• وإذا أحببت أن أساعدك فاعلم أن العرب تقول : «رجلٌ أنمص الجبين» ، وقال امرؤ القيس :
• ويَأْكُلْنَ من قَوٍّ لَعاعًا ورِبَّةً * تَجَبَّرَ بعد الأكل وهو نميصُ .
• الأمر ليس بهذه البساطة يا صاحبي !
• قال الشافعيُّ رضي الله عنه في «الرسالة» (ص510) : «ولا يكونُ لأحدٍ أن يقيسَ حتى يكون عالمًا بما مضى قبله من السنن وأقاويل السلف وإجماع الناس واختلافهم ولسان العرب» .
• وهذا في القياس ، فمابالك بمنطوق الشارع !
• طبعًا إذا قلتَ لي : إن النمص من الألفاظ المنقولة من المعنى اللغوي لمعنى شرعي ساعتها ينتهي النقاش ، وتحتاج إلى مطالعة كتاب مبتدئ في أصول الفقه ؛ لتعرف معنى اللفظ المنقول .
• فقال لي صاحبي : دعنا من تفسير النمص ، فلتسلم لي جدلًا أن النمص هنا بمعنى نتف شعر الحاجب لا غيرُ ، فما الحجة على تخصيص الحديث بالمُغَرِّرَة بالخطاب ، وعدم العمل بعمومه ، أجاء نصٌّ عن رسول الله صلى الله عليه يفيد هذا التخصيص ؟
• قلتُ : هذا هو الإشكال الذي يعشش في رأسك ، ويحدث دخنًا يحول بينك وبين فهم مدارك الفقهاء ، وهو أنك تتصور أن النص لا يتخصص عمومُه إلا بنصٍّ آخر ، والفقهاء يخصصون بغير ذلك كما هو معلومٌ عند الأصوليين .
• وقد حكى الإسنوي عن الشافعي رضي الله عنه في «التمهيد في تخريج الفروع على الأصول» (ص375) جوازَ أنْ يستنبطَ المجتهدُ من النصِّ معنى يخصصه .
• ووجه التخصيص هنا : أن لا فرقَ معتبرٌ بين أخذ شعر الجبين والجبهة والشارب واللحية ، وشعر الحاجب : من حيث كون كل منها زينةً تعتادها المرأة .
• فأجزنا أخذ شعر اللحية والشارب وأطراف الوجه بمقتضى التخصيص بالعادة (وهو أنه من المعلوم ضرورة أن نساء المسلمين سلفًا وخلفًا لم يكنَّ يُمْنَعْنَ من هذا الأمر ، ولو منعن لعرف ذلك ، وتوارثه الناس ، مع استقباحه عند جميع العقلاء) .
• وأجزنا أخذ شعر الحاجب بالتخصيص بالمعنى المستنبط ؛ فلا فرقَ مؤثرٌ بين شعر الحاجب وبقية شعور الوجه ، والفروق الموجودة فروقٌ طردية غير مؤثرة ، فوجب حمل النصِّ على المُغَرِّرَة ، فتكون العلة التغرير بالخُطَّابِ ، وليس مجرد الأخذ .
• فإن قلتَ يا صاحبي : بل ثم فرقٌ مؤثرٌ ، وهو أن النمص جاء فيه النصٌّ ؟
• قلتُ لكَ : هذا استدلالٌ بمحل النزاع ، وهو لا يجوز ، فألزمك إثبات ذلك بالترجيح بين الأقوال اللغوية الثلاثة السابق سردها ، والتدليل على ترجيحك من لسان العرب .
• فقال صاحبي : ولكن النمصَ تغيير لخلق الله سبحانه ، وكلُّ تغيير لخلق الله سبحانه محرمٌ .
• قلتُ : قولك : «كلُّ تغيير لخلق الله محرم» غلطٌ ، ليس كل تغيير لخلق الله محرمًا ، بل تغيير خلق الله سبحانه تعتريه الأحكام الخمسة ، فقد يكون محرمًا ، وقد يكون مكروهًا ، وقد يكون مباحًا ، وقد يكون مستحبًّا ، وقد يكون واجبًا .
• فقد يكون محرمًا : نحو نص الفقهاء على تحريم الخصاء وتعليلهم ذلك بأنه تغيير لخلق الله ، كما ذكر الحافظ في «فتح الباري» (9/119) ، وقال النووي رحمه الله في «المجموع» (6/177) : «قال البغويُّ والرافعيُّ : لا يجوزُ خصاءُ حيوانٍ لا يؤكل ، لا في صغره ، ولا في كبره ، قال : ويجوز خصاء المأكول في صغره ؛ لأن فيه غرضًا وهو طيب لحمه ، ولا يجوز في كبره ، ووجه قولهما أنه داخل في عموم قوله تعالى إخبارًا عن الشيطان : (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله) ، فخصص منه الختان والوسم ونحوهما ، وبقي الباقي داخلًا في عموم الذم والنهي» .
• وقد يكون مكروهًا : نحو نص أصحابنا على كراهة أخذ شعر الحاجبين للرجل إذا طالا ، قال النووي رحمه الله في «المجموع» (ج1/ص290) : «وأمَّا الأخذُ من الحاجبين إذا طالا فلم أرَ فيه شيئًا لأصحابنا ، وينبغى أن يُكرَهَ ؛ لأنه تغييرٌ لخلق الله لم يثبت فيه شيءٌ ، فَكُرِهَ» ، وكذا نحوُ نصِّ أصحابنا على كراهة تنف اللحية وخضابها للرجل ؛ لأنه تغيير لخلق الله ، كما نص على ذلك الماوردي في «الحاوي الكبير» (ج17/ص151) والروياني في «بحر المذهب» (ج14/ص275) ، حيث قالا : «نتف اللحية من السفه الذي ترد به الشهادة ، وكذلك خضاب اللحية من السفه الذي ترد به الشهادة ، لما فيها من تغيير خلق الله تعالى» .
• وقد يكون مباحًا : وذلك نحو جواز أخذ الرجل شعر صدره ونحو ذلك .
• وقد يكون مستحبًّا : كنص الفقهاء على أنه إذا نبتت للمرأة لحية أو شارب استحب لها أن تزيلها ، قال النووي رحمه الله في «المجموع» (ج1/ص290) : «أما المرأة إذا نبتت لها لحيةٌ فيستحب حلقها صرَّحَ به القاضي حسين وغيره ، وكذا الشاربُ والعنفقةُ لها ، هذا مذهبنا ، وقال محمد بن جرير : لا يجوز لها حلقً شيءٍ من ذلك ، ولا تغـــــــيير شئ من خلقتها بزيادة ولا نقص» .
• وقد يكون واجبًا : كنص أصحابنا على وجوب الختان ، قال النووي – ودلالة كلامه إشارية – في «المجموع» (6/177) : «قوله تعالى - إخبارًا عن الشيطان - (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله) فخصص منه الختان» .
• وبهذا يتبدى أن تغيير خلق الله ليس كله محرمًا ، بل تعتريه الأحكام الخمسة .
• وإذا نظرنا في فروع الأصحاب نأخذ من كلامهم أن ضابط تغيير خلق الله المحرم عندهم هو : «تغييرُ أصلِ الخِلقةِ ، على وجه الدوام ، دون مقتضٍ من علاج أو إزالة عيب أو إذن الشارع صراحة أو سكوتًا»
• فقولنا : «تغييرُ أصل الخلقة» يخرُجُ به تغييرُ طارِئها ، كما رُوي أنَّ عرفجة لقد قطعت أنفه يوم الكلاب من فضة ، فأنتن ، فاتخذ أنفًا من ذهب ، والحديث مختلف في تحسينه وتضعيفه ، وقد نص الأصحاب على جواز ذلك .
• ويخرج بقولنا : «على وجه الدوام» ما لو كان التغييرُ لا على وجه الدوام ، فما لا يكون باقيًا لا يكون محرمًا كتكحيل المرأة عينيها وتحمير وجنتيها وشفتيها ونحو ذلك بما يتزين به ، قال ابن الملقن في «التوضيح» (ج23/ص371) : « قال تعالى مخبرًا عنه: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ} [النساء: 119] وهذا إنما فيما يكون باقيًا ، فأما ما لا يكون باقيًا كالكحل والتزين ؛ فقد أجازه مالك وغيره، حكاه القرطبي» ، وهو مستقيم على طريقة الأصحاب .
• وقولنا : «دون مقتضٍ من علاج أو إزالة عيب» يخرج ما لو كان التغيير على وجه العلاج أو إزالة العيب فلا يحرم ، قال ابن الملقن رحمه الله في «التوضيح» (ج23/ص371) : «إذا احتيج إليه لعلاج أو عيب في السن وتحدبه فلا بأس به».
• وقولنا : «أو إذن الشارع» يخرج به ما لو كان مأذونًا فيه من الشارع.
• وقولنا : «صراحة» كأن يرد فيه أمرٌُ محمول على الوجوب أو الندب .
• وقولنا : «سكوتًا» كأن يسكت الشارع عنه .
• وحاصل ذلك : أنه ليس كل تغيير يكون محرمًا ، وضابط التغيير المحرم : «تغييرُ أصلِ الخِلقةِ ، على وجه الدوام ، دون مقتضٍ من علاج أو إزالة عيب أو إذن الشارع صراحة أو سكوتًا » .
• فقال لي صاحبي : ولكن النمصَ زينة ، ومن تكشف وجهها متنمصة تعدُّ متبرجة بزينة ، فهلا قلتم : من تتنمص إنما عليها أن تغطي وجهها .
• أما كون النمص زينة فنعم ، ولكن السؤال : هل كلُّ زينة يحرم إبدائها عند من لا يوجب تغطية الوجه ؟
• الجواب : ليس كلُّ زينة يحرم إبداؤها ، فأخذ المرأة شعر شاربها ولحيتها وجوانب وجهها وجبتها إنما هي التكييف الفقهي زينة ، ولكن لا يحرم إبداؤها ، فكذلك أخذ المرأة شعر حاجبها ، وكل زينة متصلةٍ لا يحرم إبداؤها عند من جوَّز كشف الوجه ، بخلاف المنفضلة كأحمر الشفاة ومبيض الوجه ونحو ذلك .
• ولذلك نجد من متقدمي الشافعية من ينص على جواز كشف المرأة لوجهها ، وينص كذلك على جواز النمص .
• وذلك مثل الإمام الماوردي رحمه الله في «الحاوي الكبير» حيث قال في النمص (ج2/ص257) : «فأما النامصة والمتنمصة : فهي التي تأخذ الشعرَ من حول الحاجبين وأعالي الجبهة ، والنهي في هذا كله على معنى النهي في الواصلة والمستوصلة» .
• أي : على التفصيل المذكور في الواصلة والمستوصلة .
• وقد قال فيه قبله بأسطر : «أن تكون ذات زوج تفعل ذلك للزينة عند زوجها ، أو أمة تفعل ذلك لسيدها ، فهذا غير حرام ؛ لأن المرأة مأمورة بأخذ الزينة لزوجها من الكحل والخضاب .... وحكي عن أحمد بن حنبل : أنه منع من ذلك بكل حال : لأن النهي عام ، وما ذكرناه أصح» .
• فالماوردي ينص على جواز النمص بإذن الزوج .
• وهو أيضًا ينص على جواز إبداء الوجه ، حيث قال في الحاوي الكبير(ج2/ص170) : «وأما العورة فضربان صغرى وكبرى : فأما الكبرى فجميع البدن إلا الوجه والكفان .وأما الصغرى فما بين السرة والركبة . وما يلزمها ستر هاتين العورتين من أجله على ثلاثة أضرب : أحدها : أن يلزمها ستر العورة الكبرى ، وذلك في ثلاثة أحوال : أحدها : في الصلاة ، وقد مضى حكمها .والثاني : مع الرجال الأجانب ، عورة المرأة في حضورهم ، ولا فرق بين مسلمهم وكافرهم ، وحرهم وعبدهم ، وعفيفهم وفاسقهم ، وعاقلهم ومجنونهم في إيجاب ستر العورة الكبرى من جميعهم .... إلى آخر كلامه رحمه الله» .
• قالي لي صاحبي : وما دليلكم معاشر الشافعية على أن العلة إذن الزوج ؟
• قلتُ : وهذا خطأ في فهم نصوص مدوناتنا الفقهية ؛ فإن الحكم هو التحريم ، وعلته : التغرير ، إذا وجدت العلة (التغرير) وجد الحكم (التحريم) ، وإذا انتفت العلة (التغرير) انتفى الحكم ، لذلك قلنا يحرم على الخَلِيَّة (غير المتزوجة) التنمصُ ، أما المزوجة فلا يحرم ؛ لانتفاء التغرير في حقها ؛ إذ ليست تخطب للأزواج .
• أما اشتراطنا إذن الزوج لا من جهة العليَّة ، وإنما من جهة قاعدة معلومة من الشرع ، وهي أن كل ما تعلق بالاستمتاع بالبضع وتوابعه يجب فيه إذن الزوج ، وزينة المرأة من متعلقات الاستمتاع فوجب فيها استئذان الزوج ؛ إذ قد يكره الزوج النمص من جهة الطبع ، فتمنع منه المرأة.
• قال لي صاحبي : فهل يحرم على الخَلِيَّة (غير المتزوجة) مطلقًا .
• قلتُ : بل يحرم إذا كان تغريرًا بخاطبٍ ، فإذا لم يكن كذلك لم يحرم ، كأن تعلمه ونحو ذلك ؛ تخريجًا على قول أصحابنا في التصرية بعلم المشتري وارتفاع الحرمة وعدم ثبوت الخيار .
• قال لي صاحبي : وما أنتم يا معاشر المتمذهبة إلا قومًا من المُمَيِّعة ، تفتون الناس بحل النمص بإذن الزوج ، واستحباب النقاب ، وكراهة الإسبال لغير خيلاء تنزيهًا ، وجواز الألوان للمرأة .
• قلتُ : على رِسلك يا أبا الحارث ، أسائلك ، والحجة بيني وبينك السلف الذين هم فوقنا في علم وفضل .
• قال : سل .
• قلتُ : ألم يُفتِكَ شيخُك بأن الإسبالَ لغير خيلاء محرمٌ على الراجح ، وليس مكروهًا كراهة تنزيه.
• قال : بلى ، وهذا هو الراجح ، وليس يصح في الأذهان شيءٌ ... إذا احتاج النهارُ إلى دليل .
• قلتُ : لقد ثبت عن ابن عباس وابن مسعودٍ بالأسانيد الصحيحة ما يقتضي قولهما بكراهته كراهة تنزيه [انظر : «الآحاد والمثاني» (ج1/ص314) ، «مصنف ابن أبي شيبة» (ج8/ص202)] .
• فهل كان ابن عباس وابن مسعود والمذاهب المتبوعة في معتمدها مميعين ، وأنت وشيخُك أهل التمسك والدليل ؟!
• قلتُ : ألم يُفتِكَ شيخُك بأن النقابَ فرضٌ قولًا واحدًا .
• قال صاحبي : بلى .
• قلتُ : لقد ثبت عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما بالأسانيد الصِّحَاح المِلاح ما يفيد قولهما بعدم وجوبه ، ورواية العين الواحدة عن ابن عباس رواية ضعيفة (مع مخالفة ابن مسعود) . [انظر : «مصنف ابن أبي شيبة (ج4/ص283 – ص284)] .
• فهل كان ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما ومن تابعهما من جمهور الفقهاء مميعين ؟!
• قلتُ : ألم تفتِ المعلمة الجسورُ امرأتَك بأن الألوان لا تجوزُ ، وأن عليها لبس السواد أو البياض .
• قال صاحبي : بلى .
• قلتُ : لقد صحَّ عن إبراهيم النخعي أنه كان يدخل مع علقمة والأسود على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، فيراهن في اللحف الحمر ، وصحَّ عن سعيد بن جبير أنه رأى بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تطوف بالبيت ، وعليها ثياب معصفرة [انظر : «مصنف ابن أبي شيبة» (ج8/ص184)].
• قلتُ : ألم يُفتِكَ شيخُك بأنه لا يجوز لك الأخذ من لحيتك .
• قال : بلى .
• قلتُ : لقد ثبت بالأسانيد الصِّحَاح عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما أنهما كان يأخذان من لِحَاهما ما زاد عن القبضة ، وصحَّ عن إبراهيم النخعي أنه قال واصفًا حال من أدركهم : «كانوا يأخذون من عوارضها» [انظر : «مصنف ابن أبي شيبة» (ج8/ص376)] .
• قلتُ : ألم يُفتِكَ شيخُك بأن الكحل أمام الأجانب للمرأة حرامٌ قولًا واحدًا .
• قال : بلى .
• قلتُ : وكذلك هو معتمد الشافعية ، ولكن الشافعية وأهل المذاهب لا يدلسون على الناس ، ولا يحكون إجماعًا في غير محله ، ولا يرمون غيرهم بالتمييع ، فقد ثبت عن عطاء أنه فسر الزينة الظاهرة في الآية بـ«الخضاب والكحل» ، وصحَّ عن قتادة أنه فسرها بـ«بالكحل والسوارين والخاتم» ، وصحَّ عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنه قال : «الكحل والخضاب والخاتم» ، وصحَّ عن الشعبي أنه فسرها بـ«الكحل والثياب» ، وصحَّ عن عكرمة أنها فسرها بـ«الثياب والكحل والخضاب» [انظر : «مصنف ابن أبي شيبة» (ج4/ص273-ص284) ، «تفسير الطبري» (ج19/ص157-ص158) ، «جزء يحيى بن معين» (ص201].
• فهل كان عطاء وقتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم والشعبي وعكرمة مميعين يدعون النساء للفتنة ؟!
• والشافعية في معتمدهم يخالفون هؤلاء جميعًا ، ويأخذون بقول غيرهم من السلف ، ولكنهم لا يتهمون غيرهم بالتمييع .
• فقال لي صاحبي : هكذا أنتم تجرون الناس بعرض هذه الأقوال إلى تتبع الرخص ، ومن تتبع الرخص فقد اجتمع فيه الشرُّ كله .
• قلتُ : ما ذنبي وما ذنب الناس إذا كنت تحفظ ما لا تعرف ضابطه عند أهل العلم ، فليس معنى تتبع الرخص أخذ المكلف بالقول اليسير في بضعة مسائل من الفقه ، وإنما تتبع الرخص ضابطه أن يختار المكلف الأيسر له من كل المذاهب في المسائل بحيث تنحل ربقة التكليف من عنقه ، كما ذكره الهيتمي وغيره .
• يا صاحبي ؛ إن شراح كتب السنة إنما هم علماء المذاهب الأربعة ، فهل تتصور أن يطبق أكثرهم على مخالفة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويغفلون عن القاعدة الأصولية الرياضية التي تحفظها : «العام المُحَلَّى بأل الجنس يفيد الاستغراق» ، أم خفي عليه حديثٌ مشهورٌ في الصحيحين !
• يا صاحبي ؛ إن أعلم الناس بوقاق السلف وخلافهم إنما هم علماء المذاهب الأربعة ، فالبيهقيُّ الشافعي استدل على كل كلمة قالها الشافعي – بل وغيره - بآثار السلف الكرام في «السنن الكبرى» و«معرفة السنن والآثار» ، والطحاوي الحنفي صنف «شرح معاني الآثار» ، وهي عاجة بآثار السلف على مسائل أبي حنيفة رضي الله عنه ، وابن قدامة الحنبلي لا ترى له مسألة في «المغني» إلا ويعقبها لكَ بقوله : «وهذا قول فلان وفلان» ، ويذكر لك القائلين به من الصحابة والتابعين ، وابن عبد البر في المالكية لا يذكر مسألة إلا وغاص فقه السلف راويًا لكَ من قال به من السلف ، أتراهم يطبقون على مخالفة السلف !
• يا صاحبي ؛ هون عليك ، ليسَ الفقهُ حفظَ مذاهب الناس ، ولا أنْ يُحسنَ المرءُ سردَ الأقاويلِ وأدلَّتِها ، وإنما الفقهُ : ملَكَةٌ في النفس ، تحْصُل بإدْمَان النَّظر في آلافِ الفروع الفقهيّة ، والتأمُّل في تصرُّف المجتهدِ فيها ، والغوصِ في غَوْر الدِّلالاتِ ومَسَالكها ، وسبْر قَوَادِحها ونوَاقِضَها ، حتى تصيرَ للناظرِ ملكةٌ يتكلمُ بها في غير المنصُوص ككلامِه في المنصُوص ، لذَا قالَ الغزاليُّ - رحمه الله - : « إذَا لم يتكلم الفقيهُ في مسألةٍ لم يَسْمَعْها ككلامِه في مسألةٍ سَمِعَها فليس بفقيه» .
• اللهم إني أعوذ بك ان أَضِلَّ أو أُضَلَّ ، أو أنصر باطلًا أو أُسَوِّغ له .
• والسلام .
======
ببساطة عشان عامة الناس (حوار بين المفتي والمستفتي لتبسيط الدليل)
======
المستفتي : ما الدليل على أن النمص جائزٌ ما لم تغش المرأة به خاطبًا .
المفتي : الدليل حديث النبي صلى الله عليه وسلم : (لعن الله النامصة والمتنمصة) .
المستفتي : كيف ذلك .
المفتي : النمص في لغة العرب كما قاله الفراء والأزهري والجوهري : نتف شعر الوجه ، فأي نتف من شعر الوجه يسمى نمصًا ، لحية كان أو شاربًا أو جبينًا أو جبهة .
والقرآن والسنة على مقتضى لغة العرب .
فمعنى الحديث إذن : لعن الله من تنتف الشعر من وجهها ، والتي تنتف لها ، فهل يمكن حمله على ظاهره .
الجواب : لا يمكن حمله على ظاهره ، بل يتحتم تأويله .
المستفتي : فكيف يتم تأويله أيها الشيخ ، وما وجه التأويل ؟
المفتي : وجه التأويل استحالة الإجراء على الظاهر ؛ لأنه يقتضي أن أي شعر ينتف من الوجه يرتب اللعن .
فيُأوَّل النص بصرفه عن ظاهره بإخراج شعر اللحية والشارب والجبين والجبهة = بمقتضى إجماع المسلمين العملي على أخذ النساء مثل هذا الشعور ، بلا نكير من أحدٍ ، ولو أنكر ذلك من الصحابة أو التابعين أو من بعدهم لنقل ، ولو كنَّ يتركن هذه الشعور بلا أخذ لنقل واشتهر وشوهد ، فيكون أخذ شعر اللحية والشارب والجبين والجبهة جائز ، خارج من العموم .
ويُأوَّل النصَّ بصرف عن ظاهره فيما يتعلق بشعر الحاجب ؛ بانعدام الفرق المؤثر بين شعر الحاجب وشعر اللحية والشارب والجبيبن والجبهة ، ومن ادعي الفرق فعليه الدليل .
فلو قال قائل : الحاجب جاء فيه النص .
نقول له : هذا وهم ؛ النص حرم النمص ، والنمص كل نتف لأي شعر في الوجه ، فإن حملت النص على الحاجب فقط فأنت المطالب بالدليل .
فالخلاصة : أن أخذ شعر الحاجب يخرج من العموم بمقتضى انعدام الفرق المؤثر بينه وبين شعر الجبين والجبهة واللحية والشارب .
المستفتي : فعلام يحمل النهي إذن أيها الشيخ ؟
المفتي : يحمل على من فعلت ذلك غشًّا للخطاب .
المستفتي : أمال ايه حكاية إذن الزوج دي ؟
المفتي : هذا قيد زائد على النص والعلة ، وهو أن كل ما تعلق بزينة المرأة مما ليس من عادة الناس وجب فيه اسئذان الزوج .
المستفتي : والشافعية يا شيخ كلهم بيقولوا : إن النمص أخذ شعر الوجه كله .
المفتي : لا من الشافعية من يفسره بشعر الوجه كله ، ومن الشافعية من يفسره بأخذ شعر الحاجب فقط .
ثم يتفق جمهورهم على أنه لا فرق بين الحاجب وغيره فكل منهما زينة للزوجة ، يجوز للمرأة أن تأخذه ، ويحملون اللعن على الغاشة للخطاب بجمال حاجبها .
المستفتي : وهو ينفع كده يا شيخ ، نأول كلام النبي صلى الله عليه وسلم ؟
المفتي : نعم ينفع ، التأويل لا بد منه إذا عسر الإجراء على الظاهر .
أضرب لك مثال ، ربنا سبحانه قال : (أو لامستم النساء) .
هل لمس المرأة ينقض الوضوء مطلقًا أو لا ينقض ؟
الإمام أحمد والإمام مالك أولوا هذه الآية بأن المراد اللمس بشهوةٍ ، رغم إن الظاهر إن كل لمس ينقض .
والإمام أبو حنيفة أول هذه الآية فحمل اللمس على الجماع لا على مس البشرة للبشرة ، رغم إن حقيقة اللمس في اللغة مس البشرة للبشرة ، والجماع مجاز ، تقول العرب : (هذه المرأة لا ترد يد لامس) .
والإمام الشافعي رغم إنه قال إن لمس المرأة ينقض الوضوء ، لكنه أول الآية وقال : مس المحرم والبنت الصغيرة غير المشتهاة لا ينقض ، رغم إن الظاهر من الآية عدم الفرق ، والنساء محلاة بأل الجنس التي تفيد العموم .
المستفتي : طيب يا شيخ ، الأئمة في آية اللمس أولوا بدليل ، لكن في النمص أولوا إزاي ؟
المفتي : أولوا برضو بدليل ، أما في شعر اللحية والشارب فالتأويل بالإجماع العملي ، وأما في الحاجب فالتأويل بمقتضى أنه لا فرق بين الحاجب والجبين واللحية وغيرها ، ومن ادعى الفرق عليه الدليل .
المستفتي : وهل كل العلماء أولوا الدليل كده ؟
المفتي : لا ، في علماء أولته بأن النبي صلى الله عليه وسلم ما قصد كل نامصة ، وإنما قصد المرأة الممنوعة من الزينة إذا تنمصت ، فالمقصود عندهم : (النامصة الممنوعة من الزينة كمعتدة عن وفاة) ، وهؤلاء هم المالكية في معتمد مذهبهم .
وفي علماء أولته بأن النبي صلى الله عليه وسلم ما قصد كل نامصة ، بل قصد المتبرجة بالنمص للأجانب ، وهؤلاء هم الأحناف في معتمد مذهبهم .
وفي علماء أولته بأن النبي صلى الله عليه وسلم ما قصد كل نامصة ، بل قصد النامصةالتي تفعل النمص المشابه لشعار الفاجرات والبغايا ، زي بعض الحنابلة كابن الجوزي .
المستفتي : طيب ، وهل في علماء لم تأوله يا شيخ ، وأجرت الحديث على ظاهره ؟
المفتي : نعم ، ولكن هؤلاء قسمان :
القسم الأول : من جرى على ظاهر الحديث ، وخصص النمص بالنتف فقط دون الحلق والقص ، وهذا هو الإمام أحمد بن حنبل عليه رضوان الله .
يعني : لو أن المرأة جملت حاجبها بالأخذ حرام ، لكن لو جملته بالأخذ بالقص أو الحلق حلال ، وطبعًا المعاصرين حتى قول الإمام أحمد مش عاجبهم ، ولا يأخذون به .
القسم الثاني : من جرى على ظاهر الحديث ، وحرموا على النساء أخذ أي شعر من الوجه حتى اللحية والشارب ، فقالوا : حتى لو نبت للمرأة لحية وشارب يحرم عليها أن تأخذها ، تتركها على حالها ، زي الإمام الطبري والشيخ الألباني ، وهو ظاهر قول ابن حزم في المحلى .
والحمد لله رب العالمين .
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=913079905468211&id=100002986295555