ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    من روائع وصايا الآباء للأبناء

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    من روائع وصايا الآباء للأبناء  Empty من روائع وصايا الآباء للأبناء

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين أبريل 06, 2015 2:44 am

    من روائع وصايا الآباء للأبناء
    (الحلقة الأولى)

    (مقدمة الوصايا)
    إن الحمد لله نحمده، ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

    أما بعد:
    فهذه طاقة عطرة من وصايا آباء أَلِبَّاء: صلحاء وأتقياء، وعلماء وحكماء، وأدباء وشعراء... يَقْدُمُهم الرسل والأنبياء [1].

    إنْ كُلٌّ إلا بَعَج بطنَه لولده [2]؛ كي يكملَ أدبُه، وتحسنَ رِعَتُه، ويصير من النجباء النبلاء...

    فمِن الأبناء مَن اتبع فاستقام، وكان منهم كهيئة الأصم لا يسمع أُذُنًا جَمْشًا[3]، فَعَشَا عن النصح عَشْوًا؛ فأضحى سَدْمَان ندمان.

    ووصايا أولئك وإن كانت قليلة المباني، إلا أنها جمة المعاني.. وكلامهم يخرج كالضوء يتلالأ ينير القلوبَ ويجلو صدأها؛ لتعودَ كالمرآة المصقولة.. ويتدفق في النفوس كتدفق أمواه النهر تسري ساقية تَنَائِفَ وسَبَاسِبَ ومَهَامِهَ عِطاشًا لتُخرج نبتها كريمًا باسقًا، الأصل ثابتٌ، والفرع في السماء.. ويملأ جَعْبَةَ مَن كان خاليَ الوَفْضَةِ ليفيضَ مِن بعدُ على مَن وراءه..

    وأنت -حفظك الله- قسيم في المعرفة بأنه لا يؤثر إلا المتأثر، ومَن نصح قلبه لله ومحضه؛ أقبل الله عليه بقلوب عباده وهيأها. فإذا كان اللسانُ قويمًا، وصاحبُهُ حَدُِثًا عليمًا؛ خط بالكلام على رَقِّ القلوب بمداد نوراني أذكى رائحة من المَيْعَة والحَبَق، فلا يزال يسطع فيها ويعبق؛ حتى يُفتح لها رِتاج ما استغلق عليها، وأعظم ذلك أن تلج باب الأنس بمعبودها، فالله طيب لا يقبل إلا طيبًا.

    وصدق أبو عثمانَ عمرو بنُ بحرٍ الجاحظُ[4]إذ يقول [5]:
    ((أحسن الكلام ما كان قليله يغنيك عن كثيره، ومعناه في ظاهر لفظه، وكأن الله -عز وجل- قد ألبسه من الجلالة، وغشاه من نور الحكمة، على حسب نية صاحبه، وتقوى قائله.

    فإذا كان المعنى شريفًا، واللفظ بليغًا، وكان صحيح الطبع، بعيدًا من الاستكراه، ومنزهًا عن الاختلال، مصونًا عن التكلف؛ صنع فى القلب صنيع الغيث في التربة الكريمة.

    ومتى فصلت الكلمة على هذه الشريطة، ونفذت من قائلها على هذه الصفة؛ أصحبها الله من التوفيق، ومنحها من التأييد ما لا يمتنع من تعظيمها به صدور الجبابرة، ولا يذهل عن فهمها عقول الجهلة.

    وقد قال عامر بن عبد القيس:
    ((الكلمة إذا خرجت من القلب وقعت في القلب، وإذا خرجت من اللسان لم تجاوز الآذان)).

    وقال الحسن وسمع متكلمًا يعظ فلم تقع موعظته بموضع من قلبه ولم يرق عندها، فقال له: (( يا هذا! إن بقلبك لشرًّا أو بقلبي )) انتهى.

    ومع ذا فإذا أنت رأيت -خُطِّئَ عنك السوء- كلامًا تستحسنه قد سيق على لسان مَن فيه غميزة، فلا يجرمنك علمُ ذلك منه على ألا تنتفع، ولكن خذه، فلك غُنمه وعليه غُرمه، والحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها جذبها، ولا تنسَ قولَ ابنِ المقفع [6]: ((لا يَمْنَعَنَّكَ صِغَرُ شَأْنِ امْرِئٍ من اجتناءِ ما رأيتَ من رأيه صوابًا، والاصطفاءِ لما رأيت من أخلاقه كريمًا؛ فإن اللؤلؤة الفائقة لا تُهَانُ لهوان غائصها الذي استخرجها)).

    وقال الحسن:
    ((لقد وقذتني كلمة سمعتها من الحجاج)). فقيل له: وإن كلام الحجاج ليقذك؟! قال: ((نعم، سمعته على هذه الأعواد يقول: إن امرءًا ذهبت ساعة من عمره في غير ما خُلق له لَحَرِيٌّ أن تطول عليها حسرته)) [7].

    وقبل أن أذكر ما انتقيته لك من وصايا أبعث برسالة إلى كل والد مكرم، فأقول:

    رسالة إلى والد
    أيُّهذا الأبُ الكريم!
    ابنك فلذة كبدك، إن يك صالحًا كريم الجِرِشَّى؛ فمثل ثواب عمله يكون لك؛ فإنه من كسبك.

    وهو أمانة لديك، فينبغي أن تقوم عليه في أدبه، وتنظر في أََوَده، وتلهمه حلمك، وتمنحه علمك، حتى يكمل عقله، ويستحكم فتله، ويقوى نظره وفكره؛ ((فكلكم راعٍ، وكلكم مسئول عن رعيته)).

    ولله در مَن قال:
    أما تدري أبانا كل فرع
    يجاري بالخطى مَن أدبوه
    وينشأ ناشئ الفتيان منا
    على ما كان عوده أبوه

    وما نَوْلُك [8] أن تمهل حتى يشتد الولد ويجمع جراميزه ويمتطي جواد الشباب، ولئن فعلت إنك لنادم ولات حين مندم، ثم تعذله، ورُبَّ لاَئِمٍ مُليمٌ.. وأعيذك بالله من أن تَقول لولدك يومًا: ((أعييتني بأُشُرٍ، فكيف بِدُرْدُرٍ)) [9].

    أو أن يُقال لك: ((سبق السيفُ العَذَلَ)) [10].

    ثم احذر أن يخالف عملُك قولَك، فلسان الحال أفصح من لسان المقال، وخير المقال ما صدقته الفعال.

    فالزم هذا؛ ينجب ابنك ويحمدكَ، وإلا كنت يا صاح ملومًا، وتحملت من إثمه كفلاً وذَنُوبًا.. وصار هو وَصْمًا، يولد عارًا، وينتج شنارًا... وهَلُمَّ جرًّا،مِن شُبَّ إلى دُبَّ [11].

    • وقد قال ربنا (جل ثناؤه): ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم:6]. قال غير واحد: معنى قوله (تعالى ذكره): ﴿ قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾ أي: علموهم وأدِّبُوهم.

    • وعن عثمانَ الحاطبيِّ قال: سمعت ابنَ عمر (رضي الله عنهما) يقول لرجل: ((أدِّبِ ابْنَكَ؛ فَإِنَّكَ مَسْئُولٌ عَنْ وَلَدِكَ مَاذَا أَدَّبْتَهُ وَمَاذَا عَلَّمْتَهُ؟، وَإِنَّهُ مَسْئُولٌ عَنْ بِرِّكَ وَطَوَاعِيَتِهِ لَكَ)). أخرجه الإمام البيهقي في "السنن الكبير" (ج3/ص84).

    • وقال ابنُ الْمُقَفَِّع: ((أَفْضَلُ مَا يُورِثُ الآبَاءُ الْأَبْنَاءَ: الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، وَالْأَدَبُ النَّافِعُ، وَالْإِخْوَانُ الصَّالِحُونَ)) انتهى. "الأدب الصغير" [(ص44-45) بتحقيقي، الطبعة الأولى].

    • عن حَبِيْب الْجَلاَّب قال: قيلَ لابن الْمبارك (رحمه الله): ما خَيْرُ ما أُعْطِيَ الرَّجُلُ؟ قَالَ: ((غرِيْزَةُ عَقْلٍ)). قيل: فإن لم يكن؟ قال: ((أَدَبٌ حَسَنٌ)). قيل: فإن لم يكن؟ قال: ((أَخٌ صَالِحٌ يَسْتَشِيْرُهُ)). قيل: فإن لم يكن؟ قال: ((صَمْتٌ طَوِيْلٌ)). قيل: فإن لم يكن؟ قال: ((مَوْتٌ عَاجِلٌ)) ا.هـ أخرجه ابن حبان في "روضة العقلاء" (ص17) ط/ دار الكتب. [12].

    وأخيرًا:
    لا تغفل الدعاء لولدك، فقد قالوا:
    "الأدب من الآباء، والصلاح من الله عز وجل"
    والسلام،،،

    [1] وقد نَصَصْنا كل وصية إلى بعض الكتب التي وقفنا عليها فيها، ولم نلتزم هنا ترتيبًا معينًا. فأما التخريج المبسوط، وشرح الوصايا وبقية ما جمعنا وعَبَّدنا فلا حَطُوط ولا هبوط؛ فذلك في سفر لنا كبير قمنا على جمعه ولما يطبع. وأشترط أن لا أذكر في الوصايا إلا حديثًا ثابتًا عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وأما الآثار فقد يوجد مقال في بعض أسانيدها، وأنت خبير بأن العلماء يتساهلون في إيراد أمثالها؛ وإلى الله (جل ثناؤه) أنا راغب في العون على ما أقصده وأنويه، والتوفيق لما ألتمسه وأبغيه . والحمد لله أولا وآخرًا، وظاهرًا وباطنًا.
    [2] بَعَجَ بطنه له: أي: بالغ في نصحه.
    [3] أي: لا يقبل نصحًا.
    [4] المتوفى سنة خمس وخمسين ومائتين.
    [5] في كتابه" البيان والتبيين " (ج 1ص47) ط / دار الكتب العلمية.
    [6] في "الأدب الصغير" (ص46- بتحقيقي).
    [7] "البيان والتبيين" (2/99) . وانظر منه أيضًا (ج2ص88).
    [8] أي: ما ينبغي لك.
    [9] أي:لم تقبل النصح شابًّا، فكيف وقد بَدَتْ دَرَادُِرك كِبرًا؟!.
    [10] مَثَلٌ يُضرب لما قد فات ولا يُستدرك.
    [11] أي: من الشباب إلى أن يدب على العصا.
    [12] وانظر الأثر الذي رواه ابن حبان عَقيبه، ثم قابل بما في "الأدب الصغير" لابن المقفع (ص62-63)، و"البيان والتبيين" للجاحظ (ج1ص4، ص123).


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/44408/#ixzz3WW6p7KE4
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    من روائع وصايا الآباء للأبناء  Empty رد: من روائع وصايا الآباء للأبناء

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين أبريل 06, 2015 2:44 am

    من روائع وصايا الآباء للأبناء
    (الحلقة الثانية)

    عشر وصايا من وصايا نبينا الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم).

    وإنما ابتدأت بتلك الوصايا الفائقات من وصايا رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- وإن كانت مقالاتنا هذه في الأصل تجري على سنن اختيار روائعَ من وصايا الآباء للأبناء؛ لأمرين:
    الأول: تبركًا بذكر كلامه -صلى الله عليه وسلم-، ورجاء أن تصيبني دعوته التي دعا بها لمن يبلغ للناس سنته، وينشر مقالته، حيث قال: (( نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا شَيْئًا فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَ، فَرُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ)).

    وفي لفظ: (( رَحِمَ اللهُ مَنْ سَمِعَ... ))[1].

    الأمر الثاني: لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أبٌ لجميع المؤمنين؛ قال ربنا - تبارك وتعالى -: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ﴾ [الأحزاب:6].

    وقد رُوِيَ عن أُبي بن كعب، وابن عباس - رضي الله عنهم - أنهماقرءا: ﴿ النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم ﴾.

    ورُوي نحو هذا عن معاويةَ، ومجاهد، وعكرمة، والحسن...[2].

    وروى الإمام أبو داودَ - رحمه الله - في "سننه "[3] بسند جيد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْوَالِدِ أُعَلِّمُكُمْ...)) الحديثَ.

    • • •
    الوصية الأولى
    عن أَبي ذَرٍّ جُنْدَبِ بنِ جُنَادَةَ - رضي الله عنه - قال: قلت: يارسولَ اللهِ، أوصني، فقال: (( اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ[4])).

    أخرجه الترمذيُّ في "جامعه - سننه" (كتاب البر والصلة- باب ما جاء في معاشرة الناس- حديث رقم1987]، وقال: "حديث حسن صحيح"، والإمامُ أحمدُ في "المسند" (ج5ص153،ص158،ص177)، والدارمي في "سننه - مسنده" (كتاب الرقاق- باب في حسن الخلق- حديث رقم (2791)]، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (ج1ص54) وصححه على شرط الشيخين (!)، ووافقه الذهبيُّ في "تلخيص المستدرك"، وله شواهدُ.

    • • •
    الوصية الثانية
    عن أبي العباس عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا، فَقَالَ:
    (( يَا غُلَامُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ )).

    أخرجه الإمامُ الترمذيُّ في "جامعه"، أبواب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حديث رقم (2516)، وقال: (( حديثٌ حسنٌ صحيحٌ ))، والإمامُ أحمدُ في "المسند" (ج1ص293، 303، 307)، بأرقام (2669، 2763، 2804- ترقيم الشيخ أبي الأشبال أحمد شاكر). وراجع "جامع العلوم والحِكَم" للحافظ ابن رجب الحنبلي (رحمه الله) شرح الحديث التاسعَ عشرَ (19).

    • • •
    الوصية الثالثة
    عن أبي هريرة[5] - رضي الله عنه - أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أَوْصِنِي، قَالَ: (( لاَ تَغْضَبْ ))، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: (( لاَ تَغْضَبْ )).

    أخرجه الإمامُ البخاريُّ في "صحيحه"[6]، كتاب الأدب، باب الحذر من الغضب، حديث رَقْم (6116).

    • • •
    الوصية الرابعة
    عن أبي جُرَيٍّ جابر بن سُلَيْمٍ - رضي الله عنه - قال:
    رَأَيْتُ رَجُلًا يَصْدُرُ النَّاسُ عَنْ رَأْيِهِ[7]، لَا يَقُولُ شَيْئًا إِلَّا صَدَرُوا عَنْهُ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، قُلْتُ: عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَرَّتَيْنِ.

    قَالَ: (( لَا تَقُلْ: عَلَيْكَ السَّلَامُ؛ فَإِنَّ عَلَيْكَ السَّلَامُ تَحِيَّةُ الْمَيِّتِ، قُلْ: السَّلَامُ عَلَيْكَ )).

    قَالَ: قُلْتُ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ؟
    قَالَ: (( أَنَا رَسُولُ اللَّهِ الَّذِي إِذَا أَصَابَكَ ضُرٌّ فَدَعَوْتَهُ كَشَفَهُ عَنْكَ، وَإِنْ أَصَابَكَ عَامُ سَنَةٍ[8] فَدَعَوْتَهُ أَنْبَتَهَا لَكَ، وَإِذَا كُنْتَ بِأَرْضٍ قَفْرَاءَ - أَوْ فَلَاةٍ - فَضَلَّتْ رَاحِلَتُكَ فَدَعَوْتَهُ رَدَّهَا عَلَيْكَ)).

    قَالَ: قُلْتُ: اعْهَدْ إِلَيَّ.
    قَالَ: (( لَا تَسُبَّنَّ أَحَدًا )).
    قَالَ: فَمَا سَبَبْتُ بَعْدَهُ حُرًّا، وَلَا عَبْدًا، وَلَا بَعِيرًا، وَلَا شَاةً.

    قَالَ: (( وَلَا تَحْقِرَنَّ شَيْئًا مِنَ الْمَعْرُوفِ، وَأَنْ تُكَلِّمَ أَخَاكَ وَأَنْتَ مُنْبَسِطٌ إِلَيْهِ وَجْهُكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمَعْرُوفِ، وَارْفَعْ إِزَارَكَ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَإِلَى الْكَعْبَيْنِ، وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الْإِزَارِ، فَإِنَّهَا مِنَ المَخِيلَةِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمَخِيلَةَ، وَإِنِ امْرُؤٌ شَتَمَكَ وَعَيَّرَكَ بِمَا يَعْلَمُ فِيكَ، فَلَا تُعَيِّرْهُ بِمَا تَعْلَمُ فِيهِ، فَإِنَّمَا وَبَالُ ذَلِكَ عَلَيْهِ )).

    أخرجه الإمام أبو داودَ - رحمه الله - في "سننه"، كتاب اللباس، باب ما جاء في إسبال الإزار، حديث رقم (4084)، وصحح إسنادَه الإمامُ النوويُّ - رحمه الله - في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (14/140)، وكذا في "رياض الصالحين" (803).

    وخرجه الإمامُ الترمذيُّ في "جامعه" (2722) مختصرًا، وقال: (( حديثٌ حسنٌ صحيحٌ )).

    • • •
    الوصية الخامسة
    عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن رجلاً جاءه فقال: أوصني.فقال: سألتَ عما سألتُ عنه رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- من قبلك، فقال:
    (( أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللهِ؛ فَإِنَّهُ رَأْسُ كُلِّ شَيْءٍ، وَعَلَيْكَ بِالْجِهَادِ؛ فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَّةُالْإِسْلَامِ، وَعَلَيْكَ بِذِكْرِ اللهِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ؛ فَإِنَّهُ رَوْحُكَ فِي السَّمَاءِ، وذِكْرُكَ فِي الْأَرْضِ )).

    أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3/82). وانظر "فيض القدير" (الجزء الثالث - شرح الحديث رقم (2791))، و"مجمع الزوائد ومنبع الفوائد" للحافظ نور الدين الهيثمي رحمه الله (4/215، 216)، و"السلسلة الصحيحة" للشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله (555).

    • • •
    الوصية السادسة
    عن أبي ذَرٍّ جُنْدَُِبِ بنِ جُنَادَةَ - رضي الله عنه - قال: أَوْصَانِي خَلِيلِي -صلى الله عليه وسلم- بِخِصَالٍ مِنَ الْخَيْرِ:
    (( أَوْصَانِي بِأَنْ لاَ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقِي وَأَنْ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ دُونِي[9].

    وَأَوْصَانِي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ وَالدُّنُوِّ مِنْهُمْ.

    وَأَوْصَانِي أَنْ أَصِلَ رَحِمِي وَإِنْأَدْبَرَتْ.

    وَأَوْصَانِي أَنْ لاَ أَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ.

    وَأَوْصَانِي أَنْ أَقُولَ الْحَقَّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا.

    وَأَوْصَانِي أَنْ أُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ: " لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ "؛ فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ )).

    حديث صحيح: أخرجه ابن حبان (449-إحسان) (2041- موارد الظمآن) واللفظ له، وأحمد(5/159).

    • • •
    الوصية السابعة
    عن أبي يوسفَ عبدِ الله بن سَلَامٍ - رضي الله عنه - قال:
    لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - المَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا اسْتَبَنْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، وَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ:
    (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلَامٍ )).

    حديث صحيح: أخرجه الإمامُ الترمذيُّ في "جامعه" (2485)، وقال: (( حديثٌ صحيحٌ ))، وابنُ ماجه (1334، 3251)، والإمام أحمدُ (5/451)، والدارميُّ في "مسنده" (1460)، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين"، وقال: (( صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يخرجاه ))، وأقره الإمامُ الذهبيُّ - رحمه الله - في "تلخيص المستدرك".

    • • •
    الوصية الثامنة
    عن أبي نَجِيح العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَاةَ الْفَجْرِ ثُمَّ وَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً، ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَأَنَّهَا مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَأَوْصِنَا، فَقَالَ:
    (( أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسَنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ )).

    حديث صحيح: أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4/126، 127)، وعنه أبو داود (4607)، والترمذي (2676)، وابن ماجة في "المقدمة" (42، 43، 44)، والدارمي في "المقدمة" (95)، والطبراني في "المعجم الكبير" (18/617، 618،.....)، والآجُرِّيُّ في "الشريعة" (92، 93، 94، 95)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (2303، 2304، 2305، 2310)، وابن أبي عاصم في "السنة" (26، 27، 28،.... إلى 34) وغيرهم، وصححه الترمذي، وابن حبان (5)، والحاكم (1/95-97)، والبزارُ، وغيرُهم.

    • • •
    الوصية التاسعة
    عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عُمَرَ بن الخطاب - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - قال:
    أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِمَنْكِبِي، فَقَالَ:
    (( كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ )).

    وكان ابن عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - يقول:
    (( إِذَا أَمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ)).

    أخرجه الإمامُ البخاريُّ - رحمه الله - في "صحيحه"، كتاب الرِّقَاق، حديث رقم (6416).

    • • •
    الوصية العاشرة

    عن سفيانَ بن عبد الله الثَّقَفِيِّ - رضي الله عنه - قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ (وَفِي لَفْظٍ: غَيْرَكَ )، قَالَ:
    (( قُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ، فَاسْتَقِمْ )).

    أخرجه الإمامُ مسلمٌ في "صحيحه"، كتاب الإيمان، باب[10]: جامع أوصاف الإسلام، حديث رقم (38).

    [1] حديثٌ صحيحٌ: أخرجه الإمام الترمذي في "جامعه - سننه" ( كتاب العلم – باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع)، حديث رَقْم (2657)، وقال: (( حديثٌ حسنٌ صحيحٌ ))، وابنُ ماجة في "مقدمة سننه" (232)، باب: مَن بلغ علمًا، والإمام أحمد في "المسند" (1/437) رقم (4157- شاكر)، وصححه ابنُ حبان (66، 69- إحسان)، واللفظ الآخر له برقم (68)، من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -. والحديث رمز السيوطيُّ له بالصحة في "الجامع الصغير" (9263). وانظر "تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي" للسيوطي (ص452) ط/ دار الحديث، و"فيض القدير شرح الجامع الصغير" للعلامة المناوي (ج6ص375) ط/ مكتبة مصر، و"نظم المتناثر من الحديث المتواتر" للكتاني (ص42) رقم (3) ط/ دار الكتب العلمية.
    تنبيه: هذا الحديث عزاه الحافظُ المنذريُّ في "الترغيب والترهيب" لأبي داود، وتبعه الحافظُ ابنُ حجرٍ العسقلانيُّ في "مختصر الترغيب"، ولم أقف عليه عنده في النسخ الموجودة منه بين أيدينا، وهي من رواية اللؤلؤي، فلعله في رواية ابن العبد أو غيره لـ"سنن أبي داود"، والله أعلم.
    [2] انظر "تفسير القرآن العظيم" للعماد ابن كثير (6/175) ط/ الصفا، و"الدر المنثور في التفسير بالمأثور" للحافظ جلال الدين الأسيوطي (11/729-730) ط/ الدكتور عبد الله التركي، مركز هجر للبحوث.
    [3] الحديث الثامن منه.
    [4] الخُلُق: عبارة عن هيئة في النفس راسخة عنها تصدر الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر ورَوِيَّة، فإن كانت الهيئة بحيث تصدر عنها الأفعالُ الجميلةُ المحمودةُ عقلاً وشرعًا - سُمِّيَتْ تلك الهيئةُ خلقًا حسنًا، وإن كان الصادرُ عنها الأفعالَ القبيحةَ - سميت الهيئة التي هي المصدر خلقًا سيئًا. قال الإمام أبو حامد الغَزَّاليُّ - رحمه الله - في "الإحياء" (3/58) ط/ دار الكتب.
    [5] اختُلف في اسم أبي هريرة - رضي الله عنه - على أكثرَ من ثلاثين قولاً، أصحها: عبد الله بن عمرو، و: عبد الرحمن بن صخر.
    [6] وسم البخاريُّ كتابه بـ"الجامع الصحيح المسند المختصر من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسننه وأيامه"، وهو أصح كتاب بعد كتاب الله - عز وجل - وإن رغمت أنوف الحَقَدَةِ.
    [7] أي: يرجعون عن رأيه، أي: يرجعون إلى ما يظهر من صدره من الرأي الذي يرشدهم إليه، وقوله: (( لَا يَقُولُ شَيْئًا إِلَّا صَدَرُوا عَنْهُ ))) أي: بعد سماعه كما يصدر الوارد عن الورد بعد الذي يشرب من مائه. ا.هـ من "دليل الفالحين" لابن علان (ج3ص279) ط/ دار الفكر.
    [8] أي: عام شدة ومجاعة. قال الإمام المنذريُّ - رحمه الله - في "ترغيبه": (( السنة: هي العام القحط الذي لم تنبت الأرض فيه شيئًا، سواء نزل غَيْثٌ أم لا )).
    [9] هذا في أمر الدنيا ؛ فإنه أجدر أن لا يزدري العبدُ نعمة اللهِ عليه، أما في أمر الآخرة فلينظر الإنسان إلى مَن هو فوقه. والله أعلم.
    [10] فائدة: تراجم أبواب "صحيح مسلم" ليست من وضع الإمام مسلمٍ نفسِهِ، إنما هي من صنيع بعض مَن تناول كتابه إما بتهذيب وإما بشرح، كالإمام المنذري، وعدل بعضها الإمام النووي، حتى استقر الأمر على ما اعتمده هذا الأخير، وتتابع الناس على اعتماد تراجمه لأبواب الكتاب، وأساء بعضهم فطبع تراجم الأبواب في صلب الصحيح من غير ما تنبيه على أصل وضعها، فظن كثيرون أنها من صنع الإمام مسلم - رحمه الله -، وليس كذلك.


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/44823/#ixzz3WW6xIt4g
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    من روائع وصايا الآباء للأبناء  Empty رد: من روائع وصايا الآباء للأبناء

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين أبريل 06, 2015 2:45 am

    من روائع وصايا الآباء للأبناء
    (الحلقة الثالثة)
    (الوصايا من 11 إلى 15)

    ( طاقة عطرة من وصايا آباء أَلِبَّاء: صلحاء وأتقياء، وعلماء وحكماء، وأدباء وشعراء... يَقْدُمُهم الرسل والأنبياء.
    وإنما هذه الوصايا نفعها لمن عقلها، ثم ألزم نفسه العمل بها )

    الوصية الحاديةَ عشرةَ (11)
    وصية نبيِّ الله نوحٍ - صلى الله عليه وسلم - لابنه
    عن عبد الله بن عمرو بن العاصي[1] - رضي الله عنهما - قال، قال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
    إِنَّ نَبِيَّ اللهِ نُوحًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِابْنِهِ: إِنِّي قَاصٌّ عَلَيْكَ الْوَصِيَّةَ[2]: آمُرُكَ بِاثْنَتَيْنِ، وَأَنْهَاكَ عَنِ اثْنَتَيْنِ:
    • آمُرُكَ بِـ "لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ"؛ فَإِنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ، وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ[3]، لَوْ وُضِعَتْ فِي كِفَّةٍ، وَوُضِعَتْ "لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ" فِي كِفَّةٍ؛ رَجَحَتْ بِهِنَّ "لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ". وَلَوْ أَنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ، وَالْأَرَضِينَ السَّبْعَ، كُنَّ حَلْقَةً مُبْهَمَةً، قَصَمَتْهُنَّ "لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ".
    وَ "سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ"[4]، فَإِنَّهَا صَلَاةُ كُلِّ شَيْءٍ، وَبِهَا يُرْزَقُ الْخَلْقُ.

    • وَأَنْهَاكَ عَنِ الشِّرْكِ وَالْكِبْرِ )).

    أخرجه في أثناء حديثٍ: الإمامُ أحمدُ في " المسند " (2/169-170)، والبخاريُّ في "الأدب المفرد" حديث رَقْم (548)، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (1/49)، وصحح إسنادَه العمادُ ابنُ كثير - رحمه الله - في " البداية والنهاية " (1/119). وانظر "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد" للحافظ نور الدين الهيثمي - رحمه الله - (4/219-220).

    • • •

    الوصية الثانية عشرة (12)
    وصية النبيين الكريمين إبراهيمَ ويعقوبَ - صلى الله عليهما وسلم -
    قال ربنا - جل ثناؤه وتقدست أسماؤه -:
    ﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [ سورة البقرة: 130- 133 ].

    • • •

    الوصية الثالثة عشرة (13)
    من وصايا نبي الله داودَ لابنه سليمانَ
    عن يحيى بن أبي كثير - رحمه الله -، أن نبي الله داودَ قال لابنه سليمانَ - صلى الله عليهما وسلم -:
    (( يا بُنيَّ، لا تَسْتَقِلَّ عَدُوًّا وَاحِدًا، ولا تَسْتَكْثِرْ أَلْفَ صَدَيِقٍ [5]، ولا تَسْتَبْدِلْ بِأَخٍ قَدِيمٍ أَخًا مُسْتَحْدَثًا مَا اسْتَقَامَ لَكَ )).

    [ " عيون الأخبار " للإمام ابن قتيبة (ج3/الجزء السابع/ص1) ط/ دار الكتب المصرية بالقاهرة، و"العِقد الفريد" لابن عبد ربه، واللفظ لفظه، (2/161) ط/ دار الكتب العلمية ].

    • • •

    الوصية الرابعةَ عشرةَ (14)
    وعن عبد الرحمن بن أبزى (رحمه الله) قال:
    قال داودُ النبىُّ - صلى الله عليه وسلم -:
    (( كُنْ لِلْيَتِيمِ كَالْأَبِ الرَّحِيمِ، وَاعْلَمْ أَنَّكَ كَمَا تَزْرَعُ تَحْصُدُ.
    • وَمَثَلُ الْمَرْأَةِ الصَّالِحَةِ لِبَعْلِهَا[6] كَالْمَلِكِ الْمُتَوَّجِ بِالتَّاجِ المخوصِ بِالذَّهَبِ، كُلَّمَا رَآهَا قَرَّتْ بِهَا عَيْنَاهُ.
    • وَمَثَلُ الْمَرْأَةِ السُّوءِ لِبَعْلِهَا كَالْحِمْلِ الثَّقِيلِ عَلَى الشَّيْخِ الْكَبِيرِ.
    • وَاعْلَمْ أَنَّ خُطْبَةَ الْأَحْمَقِ فِي نَادِي قَوْمِهِ كَمَثَلِ الْمُغَنِّي عِنْدَ رَأْسِ الْمَيِّتِ.
    • وَلَا تَعِدَنَّ أَخَاكَ شَيْئًا، ثُمَّ لَا تُنْجِزهُ ; فَتُورِثَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةً.
    • وَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ صَاحِبٍ إِنْ ذَكَرْتَ اللَّهَ لَمْ يُعِنْكَ، وَإِنْ نَسِيتَهُ لَمْ يُذَكِّرْكَ، وَهُوَ الشَّيْطَانُ.
    • وَاذْكُرْ مَا تَكْرَهُ أَنْ يُذْكَرَ مِنْكَ فِي نَادِي قَوْمِكَ، فَلَا تَفْعَلْهُ إِذَا خَلَوْتَ )).

    [ أخرجه الإمامُ أبو القاسمِ الطبرانيُّ بسندين، ورجالُ أحدِهما رجالُ الصحيحِ. انظر "مجمع الزوائد" للهيثمي (4/274)، و(10/234) ].

    • • •

    الوصية الخامسة عشرة (15)
    وعن الإمام المبارك عبد الله بن المبارك (رحمه الله) قال: قال داود لابنه سليمان (عليهما السلام):
    (( يَا بُنِيَّ، إِنَّمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى تَقْوَى الرَّجُلِ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ:
    • بِحُسْنِ تَوَكُّلِهِ عَلَى اللَّهِ فِيمَا نَابَهُ.
    • وَبِحُسْنِ رِضَاهُ فِيمَا آتَاهُ.
    • وَبِحُسْنِ صَبْرِهِ فِيمَا يَنْتَظِرُهُ )).
    [ أخرجه الإمام البيهقيُّ - رحمه الله - في كتاب "الزهد الكبير" (966) ].

    [1] هذا هو الصحيح في كتابة العاصي: إثبات الياء لا حذفها ، وكذا حذيفة بن اليماني ، وعبد الرحمن بن أبي الموالي، وشَدَّاد بن الهادي. نبَّه على ذلك الإمام النووي في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (ج12ص144).
    [2] في رواية عند الإمامِ أحمدَ (2/225) وغيرِه: (( إن نوحًا لما حضرته الوفاة دعا ابنيه، فقال: " إني قاصر عليكما الوصية: آمركما باثنتين، وأنهاكما عن اثنتين.." فذكر نحوه.
    [3] هذا دليل من أدلة كثيرة تثبت أن الأرَضين سبع كالسموات، وقد قال ربنا - جل ثناؤه-: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾ [الطلاق: 12]. وفي "الصحيحين" من حديث أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ )).
    [4] أي: وآمرك بـ" سبحان الله وبحمده ".
    [5] يُروى أن عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنشد:
    عليك بإخوان الصفا فإنهم
    عِمادٌ إذا اسْتَنْجَدْتَهُم وظُهورُ
    وإنَّ قليلاً ألفُ خِلٍّ وصاحبٍ
    وإنَّ عدوًّا واحدًا لَكثيرُ
    [6] الَبعْل: الزوج، والجمع: البُعُولة، والبِعَال، والبُعُول. ويقال للمرأة أيضًا: بَعْل وبعلة، كزوج وزوجة.


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/45385/#ixzz3WW7509yF
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    من روائع وصايا الآباء للأبناء  Empty رد: من روائع وصايا الآباء للأبناء

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين أبريل 06, 2015 2:45 am

    من روائع وصايا الآباء للأبناء
    ( طاقة عطرة من وصايا آباء أَلِبَّاء: صلحاء وأتقياء، وعلماء وحكماء، وأدباء وشعراء... يَقْدُمُهم الرسل والأنبياء.وإنما هذه الوصايا نفعها لمن عقلها، ثم ألزم نفسه العمل بها )

    (الحلقة الرابعة)
    (الوصايا من 16 إلى 20)


    من وصايا نبيِّ الله سليمانَ بْنِ داودَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - لابنه
    الوصية السادسةَ عشرةَ (16)

    عن يحيى بن أبي كثير - رحمه الله -، قال:
    قال سليمانُ بنُ داودَ لابنه - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ -:
    (( يَا بُنَيَّ، إِيَّاكَ وَالنَّمِيمَةَ؛ فَإِنَّهَا أَحَدُّ مِنَ السَّيْفِ. وَإِيَّاكَ وَغَضَبَ الْمَلِكِ الظَّلُومِ؛ فَإِنَّهُ كَمَلَكِ الْمَوْتِ. يَا بُنَيَّ، إِيَّاكَ وَالْمِرَاءَ، فَإِنَّ نَفْعَهُ قَلِيلٌ، وَهُوَ يُهَيِّجُ الْعَدَاوَةَ بَيْنَ الْإِخْوَانِ. يَا بُنَيَّ، خَطِيئَةُ بَنِي آدَمَ فَخْرُهُمْ، وَالزِّنَا عَيْنُ الْإِثْمِ. يَا بُنَيَّ، إِنَّ الْأَحْلَامَ تَصْدُقُ قَلِيلًا وَتَكْذِبُ، فَلَا يَحْزُنْكَ. وَعَلَيْكَ بِكِتَابِ اللهِ فَالْزَمْهُ، وَإِيَّاهُ فَتَأَوَّلْ. يَا بُنَيَّ، إِيَّاكَ وَكَثْرَةَ الْغَضَبِ؛ فَإِنَّ كَثْرَةَ الْغَضَبِ تَسْتَخِفُ [تسحق] فُؤَادَ الرَّجُلِ الْحَلِيمِ )).
    [رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" (3/70). وأخرج الفقرةَ الأولى كلٌّ مِن: الإمام هناد بن السري فى "الزهد"، وابن حبان في "روضة العقلاء".. وأخرج الفقرةَ الثالثةَ البيهقيُّ في "شُعَب الإيمان"] .

    • • • •

    الوصية السابعةَ عشرةَ (17)

    عن يحيى بن أبي كثير قال: قال سليمانُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لابنه:
    • (( يَا بُنَيَّ، عَلَيْكَ بِالْحَبِيبِ الْأَوَّلِ؛ فَإِنَّ الْآخِرَ لَا يَعْدِلُهُ )).
    ["الحلية" لأبي نعيم، و"الروضة" لابن حبان، و"شعب الإيمان" للبيهقي].

    • • • •



    الوصية الثامنةَ عشرةَ (18)
    وعنه أيضًا قال: قال سليمانُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لابنه:
    •(( يَا بُنَيَّ، لَا تَقْطَعَنَّ أَمْرًا حَتَّى تُؤَامِرَ مُرْشِدًا، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ لَمْ تَحْزَنْ عَلَيْهِ )).
    [ "الحلية"، و"شعب الإيمان" ].

    • • • •

    الوصية التاسعةَ عشرةَ (19)
    وعنه - رحمه الله - قال: قال سليمانُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لابنه:
    (( لَا تُكْثِرِ الْغَيْرَةَ عَلَى أَهْلِكَ [وَلَمْ تَرَ مِنْهَا سُوءًا] فَتُرْمَى بِالسُّوءِ [وفي رواية: بِالشَّرِّ] مِنْ أَجْلِكَ وَإِنْ كَانَتْ [مِنْهُ] بَرِيئَةً. يَا بُنَيَّ، إِنَّ مِنَ الْحَيَاءِ ضَُعْفًا[1]، وَمِنْهُ وَقَارًا للهِ - عَزَّ وَجَلَّ -. يَا بُنَيَّ، إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَغِيظَ عَدُوَّكَ؛ فَلَا تَرْفَعِ الْعَصَا عَنِ ابْنِكَ [وَأَهْلِكَ ]. يَا بُنَيَّ، كَمَا يَدْخُلُ الْوَتَدُ بَيْنَ الْحَجَرَيْنِ، وَكَمَا تَدْخُلُ الْحَيَّةُ بَيْنَ الْجُحْرَيْنِ؛ فَكَذَلِكَ تَدْخُلُ الْخَطِيئَةُ بَيْنَ الْبَيْعَيْنِ )).

    [رواه الإمامُ أحمدُ بْنُ حنبلٍ في "الزهد" (ص36) رَقْم (217) ط/ دار الكتب العلمية. وأخرج أبو نعيم في "الحلية" منه الفقرتين الأولى والثالثةَ، والزيادتان - بين المعقوفين - فيهما له. والفقرة الثالثة أخرجها أيضًا ابنُ حبان في "الروضة"].


    • • • •



    الوصية العشرون (20)

    وعنه قال: قال سليمانُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لابنه:
    ((مَنْ عَمِلَ بِالسُّوءِ فَبِنَفْسِهِ بَدَأَ )).
    [ أخرجه أبو نعيم].

    [1] وهذا النوع هو في الحقيقة عجز وخَوَرٌ، وإنما سُمِّي حياءً مجازًا، وإلا فالحياء خَيْرٌ كُلُّه، ولا يأتي إلا بخير. راجع "شرح صحيح مسلم" للإمام النووي - رحمه الله - (2/5-8).


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/46318/#ixzz3WW7D50dj
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    من روائع وصايا الآباء للأبناء  Empty رد: من روائع وصايا الآباء للأبناء

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين أبريل 06, 2015 2:46 am

    من روائع وصايا الآباء للأبناء

    طاقة عطرة من وصايا آباء أَلِبَّاء: صلحاء وأتقياء، وعلماء وحكماء، وأدباء وشعراء... يَقْدُمُهم الرسل والأنبياء.
    وإنما هذه الوصايا نفعها لمن عقلها، ثم ألزم نفسه العمل بها.

    (الحلقة الخامسة)
    (الوصايا من 21 إلى 25)
    تكملة وصايا نبيِّ الله سليمانَ بْنِ داودَ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - لابنه
    الوصية الحادية والعشرون (21)
    عن يحيى بن أبي كثير - رحمه الله - قال: قال سليمانُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لابنه:
    ((يَا بُنَيَّ، عَلَيْكَ بِخَشْيَةِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -؛ فَإِنَّهَا غَلَبَتْ كُلَّ شَيْءٍ)).

    [رواه الإمامُ أحمدُ - رحمه الله - في "الزهد" (ص36)، وأبو نعيم في "الحلية" (3/71)[1]].

    • • • •

    الوصية الثانية والعشرون (22)
    عن الإمام مالكٍ - رحمه الله - قال: بلغنا أن سليمان بن داود قال لابنه:
    ((يا بُنَيَّ، امْشِ وَرَاءَ الْأَسَدِ وَالْأَسْوَدِ [2]، وَلَا تَمْشِ وَرَاءَ امْرَأَةٍ)).

    [رواه الإمام أحمدُ في "الزهد"].

    • • • •

    الوصية الثالثة والعشرون (23)
    عن يحيى بن أبي كثير - رحمه الله -، قال: قال سليمانُ بْنُ داودَ لابنه:
    ((يَا بُنَيَّ، إِنَّ مِنْ ضِيقِ الْعَيْشِ شِرَاءَ الْخُبْزِ مِنَ السُّوقِ، وَالنُّقْلَةَ مِنْ مَنْزِلٍ إِلَى مَنْزِلٍ)).

    [رواه الإمام ابنُ قتيبة في "عيون الأخبار" بهذا التمام (ج1/الجزء الثالث/ص314) ط/ دار الكتب المصرية. وأخرج الشطرَ الثاني منه الإمامُ أحمدُ في "الزهد" بلفظ: ((إن من سيئ العيش النقلة من منزل إلى منزل))، وأبو نعيم في "الحلية"، ولفظه: ((إن من عيش السوء نقلاً من منزل إلى منزل))].

    • • • •

    الوصية الرابعة والعشرون (24)
    وعنه أيضًا - رحمه الله -، قال: قال سليمانُ بْنُ داودَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لابنه:
    ((أَيْ بُنَيَّ، مَا أَقْبَحَ الْخَطِيئَةَ مَعَ الْمَسْكَنَةِ[3]، وَأَقْبَحَ الضَّلَالَةَ بَعْدَ الْهُدَى، وَأَقْبَحَ كَذَا وَكَذَا، وَأَقْبَحُ مِنْ ذَلِكَ رَجُلٌ[4] كَانَ عَابِدًا فَتَرَكَ عِبَادَةَ رَبِّهِ)).

    [خرَّجه الإمام أحمدُ في "الزهد"].

    • • • •

    الوصية الخامسة والعشرون (25)
    وعنه أن سليمان - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قال لابنه:
    ((يَا بُنَيَّ، لَا تَعْجَبْ مِمَّنْ هَلَكَ كَيْفَ هَلَكَ، وَلَكِنِ اعْجَبْ مِمَّنْ نَجَا كَيْفَ نَجَا.
    يَا بُنَيَّ، لَا غِنَى أَفْضَلُ مِنْ صِحَّةِ جِسْمٍ، وَلَا نَعِيمَ أَفْضَلُ مِنْ قُرَّةِ عَيْنٍ)).

    [أخرجه في "الحلية"].

    [1] ثم رواه أبو نعيم - رحمه الله - في (ج6ص141) من طريق الإمام الأوزاعي - رحمه الله -، قال: قال سليمانُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لابنه: ((يَا بُنَيَّ، عَلَيْكَ بِخَشْيَةِ اللهِ؛ فَإِنَّهَا غَلَبَتْ كُلَّ شَيْءٍ)). وَبَلَغَنِي أَنَّ سُلَيْمَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قال: ((يَا مَعْشَرَ الْجَبَابِرَةِ، كَيْفَ تَصْنَعُونَ إِذَا رَأَيْتُمُ الْجَبَّارَ فَتَرَوْنَ قَضَاهُ؟ يَا مَعْشَرَ الْجَبَابِرَةِ، كَيْفَ تَصْنَعُونَ إِذَا وُضِعَ الْمِيزَانُ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ؟)). وقال سليمانُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: ((مَنْ عَمِلَ سُوءًا فَبِنَفْسِهِ بَدَأَ)). وقال سليمانُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: ((كُلُّ عَمًى وَلَا عَمَى الْقَلْبِ)). وقال سليمانُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: ((لَهْوُ الْعُلَمَاءِ خَيْرٌ مِنْ حِكْمَةِ الْجُهَلَاءِ)).
    [2] الْأَسْوَد: العظيم من الحيات وفيه سواد. قال الإمام الجوهريُّ في "الصحاح": ((الجمع: الْأَسَاوِد؛ لأنه اسم، ولو كان صفةً لَجُمِعَ على فُعْل)).
    [3] في الأصل: ((السكنة))!
    [4]في الأصل: ((رجلاً))!


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/46475/#ixzz3WW7M2c5Z
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    من روائع وصايا الآباء للأبناء  Empty رد: من روائع وصايا الآباء للأبناء

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين أبريل 06, 2015 2:46 am

    من روائع وصايا الآباء للأبناء

    (طاقة عطرة من وصايا آباء أَلِبَّاء: صلحاء وأتقياء، وعلماء وحكماء، وأدباء وشعراء... يَقْدُمُهم الرسل والأنبياء. وإنما هذه الوصايا نفعها لمن عقلها، ثم ألزم نفسه العمل بها)

    (الحلقة السادسة)
    (الوصايا من 26 إلى 40)
    من وصايا لقمانَ الحكيمِ[1] - رضي الله عنه - لابنه
    الوصايا من السادسة والعشرين إلى السادسة والثلاثين (26-36)
    قال ربنا - عز وعلا - في سورة لقمان:
    ﴿ وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾ [لقمان:12-19].

    ♦♦♦♦♦
    بقية ما يؤثر من وصايا لقمان الحكيم لابنه
    الوصايا من السابعة والثلاثين إلى الأربعين (37-40)
    (37)

    ويُروى عن لقمانَ الحكيمِ - رضي الله عنه [2] - أنه قال لابنه:
    ((يا بني، اتخذ طاعة الله تجارة؛ تأتك الأرباح من غير بضاعة)) ["كتاب الزهد" للإمام أحمد بن حنبل، و"كتاب الزهد" لابن أبي عاصم، و"الزهد الكبير" لأبي بكر البيهقيِّ].

    ♦♦♦♦♦
    (38)

    وقال له:
    ((يا بني، إن الدنيا بحر عميق، قد غرق فيها ناس كثير، فلتكن سفينتك فيها تقوى الله، وحشوها إيمان بالله، وشراعها التوكل على الله؛ لعلك تنجو، ولا أراك ناجيًا)).

    ["كتاب الزهد" للإمام ابن المبارك، و"الزهد" للإمام أحمد، و"الزهد" لابن أبي الدنيا، وكذا "التوكل على الله"، و"ذم الدنيا" له، و "الزهد الكبير" للبيهقي].

    ♦♦♦♦♦
    (39)

    وقال له:
    ((يا بني، إني حملت الحجارة، والحديد، وكل شيء ثقيل، فلم أحمل شيئًا هو أثقل من جار السوء.

    يا بني، إني ذقت المر، فلم أذق شيئًا هو أمر من الفقر.

    يا بني، لا تُرسلْ رسولك جاهلًا، فان لم تجد حكيمًا فكن رسولَ نفسك.

    يا بني، إياك والكذبَ؛ فإنه شهي كلحم العصفور عما قليل يقلي صاحبه.

    يا بني، احضر الجنائز ولا تحضر العرس؛ فإنَّ الجنائزَ تذكرك الآخرة والعرسَ تشهيك الدنيا.

    يا بني، لا تأكلْ شِبَعًا على شِبَعٍ، فإنك إن تلقه للكلب خير من أن تأكلَه[3].

    يا بني، لا تكن حلوًا فتبلع، ولا مرًّا فتلفظ)).

    [عزاه في "الدر" لابن أبي شيبة، وأحمد، والبيهقي في "الشعب". قلت: الجملة الأولى رواها ابنُ أبي الدنيا في كتاب "مكارم الأخلاق" بلفظ مقارب، والثانية رواها في كتاب "إصلاح المال"].

    ♦♦♦♦♦
    (40)

    وقال له:
    ((يا بني، لا تتعلم العلم لتباهي به العلماء، وتباري به السفهاء، وتماري به في المجالس.

    ولا تترك العلم زهادة فيه ورغبة في الجهالة.

    وإذا رأيت قومًا يذكرون الله فاجلس معهم؛ فإن تك عالمًا ينفعك علمك، وإن تك جاهلاً يعلموك، ولعل الله تعالى أن يطلع إليهم برحمة فيصيبك بها معهم.

    وإذا رأيت قومًا لا يذكرون الله فلا تجلس معهم؛ فإن تك عالمًا لا ينفعك علمك، وإن تك جاهلاً يزيدوك جهلاً - أو قال: غيًّا -، ولعل الله تعالى أن يطلع عليهم بسخطة فيصيبك بها معهم.

    يا بني، لا يغيظنك امرؤ رحب الذراعين يسفك دماء المؤمنين؛ فإن له عند الله - عز وجل - قاتلاً لا يموت)).

    ["الزهد" لابن المبارك، و"الزهد" للإمام أحمد، ومقدمة "سنن الإمام الدارمي"، و"جامع بيان العلم وفضله" لابن عبد البر، و"حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" (6/62-63) لأبي نعيم في ترجمة شهر بن حوشب (رحمه الله). وأخرج الفِقرة الأولى منه الحافظ ابنُ أبي الدنيا - أبو بكرٍ عبدُ اللهِ بْنُ محمدِ بنِ عبيدِ بنِ سفيانَ بنِ قَيْسٍ القرشيُّ مولاهم البغداديُّ - في كتاب "الصمت وآداب اللسان" (142)].

    [1] لنا كتاب ترجمته "لقمان الحكيم"، وهو دراسة مستفيضة عن لقمان - رضي الله عنه -، جمعنا فيها كل ما وقفنا عليه مما يُروى عنه من أحوال وأقوال، ووضعناه على ميزان النقد العلمي، وانتهينا بآخرة إلى قريب من رأي الإمام الشوكاني - رحمه الله - الذي ارتآه في "فتح القدير". ولسوف ننشره على حلقات - إن شاء الرحمن - على صفحات هذه الشبكة الميمونة، شبكة الألوكة، بارك الرحمن في القائمين عليها، ولا أَخْلَى مكانهم، ودفع عنهم الأسواء.
    [2] هذا هو الأولى: الترضي عن لقمان وكذا مريم، لا الصلاة عليهما. رجحه الإمامُ النوويُّ - رحمه الله - في "الأذكار"، ونص كلامه: ((إذا ذكر لقمان ومريم: هل يصلى عليهما كالأنبياء، أم يترضّى كالصحابة والأولياء، أم يقول: عليهما السلام؟ فالجواب: أن الجماهير من العلماء على أنهما ليسا نَبِيَّيْن، وقد شَذَّ مَن قال: نبيانِ، ولا التفات إليه، ولا تعريج عليه، وقد أوضحتُ ذلك في كتاب: "تهذيب الأسماء واللغات". فإذا عرف ذلك، فقد قال بعضُ العلماء كلامًا يفهم منه أنه يقول: قال لقمانُ، أو مريم صلى الله على الأنبياء وعليه - أو: وعليها - وسلم. قال: لأنهما يرتفعان عن حال مَن يقال: رضي الله عنه؛ لما في القرآن مما يرفعهما. والذي أراه أن هذا لا بأس به، وأن الأرجح أن يقال: رضي الله عنه، أو عنها؛ لأن هذا مرتبة غير الأنبياء، ولم يثبتْ كونهما نَبِيَّيْنِ. وقد نقل إمامُ الحرمين إجماعَ العلماءِ على أن مريم ليست نبيةً، ذكره في "الإرشاد". ولو قال: عليه السلام، أو: عليها، فالظاهر أنه لا بأس به. والله أعلم)).
    [3] روى ابن أبي الدنيا في كتاب "الجوع" من طريق الحسن أن لقمان قال لابنه: ((يا بني! لا تأكل شبعًا على شبع؛ فإنه رُبَّ أَكْلَةٍ قد أورثَتْ صاحبَها داء)).


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/47212/#ixzz3WW7R90N8
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    من روائع وصايا الآباء للأبناء  Empty رد: من روائع وصايا الآباء للأبناء

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين أبريل 06, 2015 2:47 am

    (الحلقة السابعة)
    (الوصايا من 41 إلى 45)
    من وصايا لقمانَ الحكيمِ - رضي الله عنه - لابنه

    الوصايا من الحادية والأربعين إلى الخامسة والأربعين (41-45):

    (41)
    ويُروى عن لقمانَ الحكيمِ - رضي الله عنه- أنه قال لابنه:
    ((يا بني، كذب مَن قال: "إن الشر يطفئ الشر"!، فإن كان صادقًا فليوقد نارًا إلى جنب نار، فلينظر هل تطفئ إحداهما الأخرى؟! وإلا فإن الخير يطفئ الشر كما يطفئ الماء النار)). ["روضة العقلاء" لابن حبان رحمه الله].

    ♦♦♦♦♦
    (42)
    وقال له:
    ((أي بني، اعتزل الشر كيما يعتزلك؛ فإن الشر للشر خُلِقَ)) [رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "مداراة الناس"].

    ♦♦♦♦♦
    (43)
    وقال له:
    ((يا بني، إذا أتيت نادي قومك فارمهم بسهم الإسلام - يعني: السلام - ثم اجلس بناحيتهم، ولا تنطق حتى تراهم قد نطقوا، فإن أفاضوا في ذكر الله فأجِلْ سهمك مع سهامهم، وإن أفاضوا في غير ذلك فتحول عنهم إلى غيرهم)). رواه ابن المبارك في "الزهد"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، وأورده الإمام ابن كثير في "البداية والنهاية" وعزاه لابن أبي حاتم. وأورده أيضًا العلامة أبو العباس الْمُبَرِّد في كتابه النفيس القيم "الكامل في اللغة والأدب" (ج1ص102) ط/ مؤسسة المعارف - بيروت، وقال: ((قوله: "فأجِلْ سهمك مع سهامهم": يعني: ادخُل معهم في أمرهم، فضربه مثلاً من دخول الرجل في قِداح الميسر)) انتهى.

    ♦♦♦♦♦
    (44)
    وقال له:
    ((يا بني، إنك استدبرْتَ الدنيا منذُ يومَ نزلتَها، واستقبلْتَ الآخرةَ، فأنت إلى دارٍ تقرب منها أقربُ منك إلى دارٍ تباعد عنها)). [رواه ابن أبي الدنيا في "الزهد"، وفي "ذم الدنيا"].

    ♦♦♦♦♦
    (45)
    وقال له:
    ((يا بني، ليكن وجهك بسطًا، ولتكن كلمتك طيبة ؛ تكن أحب إلى الناس من أن تعطيهم العطاء)) ["الزهد" لابن المبارك، "روضة العقلاء ونزهة الفضلاء" لابن حبان].


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/47508/#ixzz3WW7Yh7gU
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    من روائع وصايا الآباء للأبناء  Empty رد: من روائع وصايا الآباء للأبناء

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين أبريل 06, 2015 2:47 am

    من روائع وصايا الآباء للأبناء

    (طاقة عطرة من وصايا آباء أَلِبَّاء: صلحاء وأتقياء، وعلماء وحكماء، وأدباء وشعراء... يَقْدُمُهم الرسل والأنبياء.
    وإنما هذه الوصايا نفعها لمن عقلها، ثم ألزم نفسه العمل بها)
    تكملة من وصايا لقمانَ الحكيمِ - رضي الله عنه - لابنه

    (الحلقة الثامنة)
    (الوصايا من 46 إلى 50)

    (46)
    ويُروى عن لقمانَ الحكيمِ - رضي الله عنه - أنه قال لابنه:
    ((لأن تكون أخرس عاقلًا؛ خيرٌ من أن تكون نطوقًا جاهلًا. ولكل شيء دليل، ودليل العقل التفكر، ودليل التفكر الصمت، وكفى بك جهلًا أن تنهى الناس عن شيء وتركبه)). ["نهاية الأرب في فنون الأدب" لشهاب الدين النويري، وأورده - عدا الجملة الأخيرة منه - الزمخشريُّ في "ربيع الأبرار ونصوص الأخيار" (2/133) بلا نسبة].

    ♦♦♦♦♦

    (47)
    وقال له:
    ((يا بني، لا تعد بعد تقوى الله من أن تتخذ صاحبًا صالحًا)). [رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "الإخوان"].

    ♦♦♦♦♦

    (48)
    وقال له:
    ((يا بني، جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك؛ فإن الله يُحْيي القلوب بنور الحكمة كما يُحيي الأرض المَيْتة بوابل السماء. ولا تجادلهم فيمقتوك. وخذ من الدنيا بلاغًا، ولا تدخل فيها دخولاً يضر بآخرتك، ولا ترفضها فتصير عيالاً على الناس. وصم صومًا يقطع شهوتك، ولا تصم صومًا يمنعك عن الصلاة؛ فإن الصلاة أحب إلى الله من الصيام)) ["الزهد" للإمام البيهقي، وأخرج الفقرة الأولى الإمام مالك في "الموطإِ"، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله". وروى الوصية المتعلقة بالدنيا أبو نعيم في "الحلية" بنحو مما هنا في ترجمة أبي سليمان الداراني رحمه الله].

    وذُكر على وجهٍ آخَرَ:
    ((يا بني، ازحم العلماء بركبتيك، ولا تجادلهم فيمقتوك، وخذ من الدنيا بلاغك، وأبق فضول كسبك لآخرتك، ولا ترفض الدنيا كُلَّ الرفض فتكون عيالًا، وعلى أعناق الرجال كَلًّا، وصُمْ صومًا يكسر شهوتك، ولا تصم صومًا يضر بصلاتك؛ فإن الصلاة أفضل من الصوم، وكن كالأب لليتيم، وكالزوج للأرملة، ولا تحاب القريب، ولا تجالس السفيه، ولا تخالط ذا الوجهين البتة)). ["البيان والتبيين" للجاحظ (2/75)].

    ♦♦♦♦♦

    (49)
    وقال له:
    ((يا بني، لا تُؤَخِّرِ التوبة؛ فإن الموت قد يأتي بغتة)). [رواه ابن ابي الدنيا في "قصر الأمل"، وفي "التوبة"].

    ♦♦♦♦♦

    (50)
    وقال له:
    ((يا بني، ارجُ اللهَ رجاءً لا يُجَرِّئُك على معصيته، وخَفِ الله خوفًا لا يُؤَيِّسُك من رحمته)).

    وفي رواية: ((يا بني، ارج الله رجاء لا تأمن فيه مكره، وخف الله مخافة لا تيأس فيها من رحمته)).

    فقال: يا أبت، وكيف أستطيع ذلك وإنما لي قلب واحد؟!

    قال: ((يا بني، إن المؤمن لذو قلبين: قلب يرجو به، وقلب يخاف به)) [رواه الإمام هناد بن السري في "الزهد"، وابن المبارك في "الزهد"، والإمام أحمد في "الزهد"، والإمام البيهقي في "الشعب" والرواية الأولى له، وابن عبد البر في "بهجة المجالس وأنس المجالس" (ج1ص378) ط/ دار الكتب العلمية - بيروت].

    ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب "حسن الظن بالله"، بلفظ:
    ((يا بني، خَفِ اللهَ خوفًا يحول بينك وبين الرجاءِ، وَارْجُهُ رجاء يحول بينك وبين الخوفِ)).

    فقال: أي أَبَه، إنما لي قلب واحد، إذا ألزمتُهُ الخوفَ شغله عن الرجاء، وإذا ألزمته الرجاءَ شغله عن الخوف!

    قال: ((أي بني، إن المؤمن له قلبٌ كقلبين: يرجو الله - عز وجل- بأحدهما، ويخافه بالآخر)).


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/48132/#ixzz3WW7gBkko
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    من روائع وصايا الآباء للأبناء  Empty رد: من روائع وصايا الآباء للأبناء

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين أبريل 06, 2015 2:48 am

    من روائع وصايا الآباء للأبناء (9)

    طاقة عطرة من وصايا آباء أَلِبَّاء: صلحاء وأتقياء، وعلماء وحكماء، وأدباء وشعراء.. يَقْدُمُهم الرسل والأنبياء.
    وإنما هذه الوصايا نفعها لمن عقلها، ثم ألزم نفسه العمل بها
    (الحلقة التاسعة)

    (الوصايا من 51 إلى 55)
    تكملة من وصايا لقمانَ الحكيمِ- رضي الله عنه - لابنه
    الوصايا من الحادية والخمسين إلى الخامسة والخمسين (51-55)

    (51)
    ويُروى عن لقمانَ الحكيمِ - رضي الله عنه- أنه قال لابنه:
    ((أي بني، وَاصِلْ أقرباءَكَ، وَأَكْرِمْ إخوانَكَ، وليكن أَخْدَانُكَ مَن إذا فارقتَهم وفارقوك لم تُعَبْ بهم)). [رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "الإخوان"].

    ورواه في كتاب "الحلم" ببسطة، ففيه:
    قال لقمان لابنه:
    ((يا بني، إني موصيك بخصال إن تمسكت بهن لم تزل سيدًا: ابسُطْ حلمك للقريب والبعيد، وأمسك جهلك عن الكريم واللئيم، وَصِلْ أقرباءك، وليكن إخوانك الذين إذا فارقوك وفارقتَهُمْ لم تعب بهم)).

    • • • •

    (52)
    وقال له:
    ((يا بني، إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة، وخرست الحكمة، وقعدت الأعضاء عن العبادة)). ["الإحياء" للإمام الغزالي (3/90) ط/ دار الكتب العلمية، "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" للقاضي عياض المالكي (1/64) ط/ الصفا].

    • • • •

    (53)
    وقال له:
    ((يا بني، إياك والكسلَ والضجر؛ فإنك إنْ كَسِلْتَ لم تُؤَدِّ حقًّا، وإن ضَجِرْتَ لم تصبر على حق)). ["البيان والتبيين" (2/36)].

    • • • •

    (54)
    وقال له:
    ((يا بني، إنَّ اللسان هو باب الجسد، فاحذر أن يَخرج من لسانك ما يُهلك جسدَك، ويُسخط عليك رَبَّك (عز وجل)). [رواه ابن ابي الدنيا في كتاب "العقل وفضله" عن وهب بن منبه أن ذلك مما سطر في حكمة لقمان].

    ورواه ابن أبي الدنيا في كتاب "الحلم" بالإسناد عينه، مع زيادة في أوله، هكذا:
    ((يا بني، العلم حَسَنٌ وهو مع الحلم أحسنُ، والصمت حسن وهو مع الحكمة أحسن.

    يا بني، إن اللسان هو نَابُ الجسد؛ فاحذر أن يخرج من لسانك ما يُهلك جسدَك أو يُسخط عليك رَبَّك)).

    • • • •

    (55)
    وقال له:
    (( ......
    يا بني، كن كمن لا يبتغي محمدة الناس ولا يكتسب مذمتهم[1]؛ فنفسه منه في عناء، والناس منه في راحة)). [ رواه الإمام أحمد في "الزهد"، وأبو بكر الدِّينَوَرِيُّ في "المجالسة وجواهر العلم" (7/231) رقم (3139)، من طريق إسماعيل بن عياش، عن عبد الله بن دينار البَهْرَاني، قال: قال لقمان لابنه: ... فذكره ].

    [1] في "الزهد" للإمام أحمد نشرة دار الريان (ص130) وكذا نشرة دار الكتب (ص87): (( كن كمن لا يبتغي محمدة الناس يكتب مذمتهم ))!!


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/48737/#ixzz3WW7m3x2Z
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    من روائع وصايا الآباء للأبناء  Empty رد: من روائع وصايا الآباء للأبناء

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين أبريل 06, 2015 2:48 am

    من روائع وصايا الآباء للأبناء (10)

    ( طاقة عطرة من وصايا آباء أَلِبَّاء: صلحاء وأتقياء ، وعلماء وحكماء ، وأدباء وشعراء... يَقْدُمُهم الرسل والأنبياء.
    وإنما هذه الوصايا نفعها لمن عقلها، ثم ألزم نفسه العمل بها )
    (الحلقة العاشرة)

    (الوصايا من 56 إلى 66)
    تكملة من وصايا لقمانَ الحكيمِ- رضي الله عنه - لابنه
    الوصايا من السادسة والخمسين إلى السادسة والستين (56-66)

    (56)
    ويُروى عن لقمانَ الحكيمِ - رضي الله عنه - أنه قال لابنه:
    ((يا بني، إذا فعلتَ الخيرَ فَارْجُ الخيرَ، وإذا فعلتَ الشَّرَّ فلا تَشُكَّ أن يُفْعَلَ بك الشَّرُّ)). [رواه البيهقي في "الزهد الكبير"].

    • • • •
    (57)
    وقال له:
    ((يا بني، اعلم أن غايةَ السُّؤْدُدِ والشرفِ في الدنيا والآخرةِ حُسْنُ العقل، وأن العبد إذا حَسُنُ عقلُه غَطَّى ذلك عيوبَهُ وأصلح مساوئَهُ)). [رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "العقل" من نسخة داود بن الْمُحَبَّر، وتلك نسخة لا تساوي فَلْسًا، وإنما أوردته لما قد ذكرناه فيما سلف عليك].

    • • • •
    (58)
    وقال له:
    ((يا بني، إن الصبر على المكاره من حُسن اليقين ، وإن لكل عمل كمالًا وغاية ، وكمال العبادة الورع واليقين)). رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "اليقين"، وهو بسبيل من الأثر السابق، فكلا اثنيهما من طريق داود بن المحبر].

    • • • •
    (59)
    وقال له:
    ((احذر واحدة هي أهل للحذر)).

    قال: وما هي؟

    قال:
    ((إياك أن تُري الناسَ أنك تخشى الله وقلبك فاجر)). ["العِقد الفريد" لابن عبد ربه الأندلسي].

    • • • •
    (60)
    وقال له:
    ((يا بني، إذا افتقرتَ فافزع إلى ربِّك - عز وجل - وحدَهُ، فَادْعُهُ وَتَضَرَّعْ إليه، وَسَلْهُ من فضله وخزائنه؛ فإنه لا يكرمك غيرُه، ولا تسألِ الناسَ فتهونَ عليهم، ولا يَرُدُّوا عليك شيئًا)). [رواه ابن أبي الدنيا في كتابيه: "القناعة والتعفف" ، و"إصلاح المال"].

    • • • •
    (61)
    وقال له:
    ((أي بني، إن الحكمة أجلست المساكين مجالس الملوك)). [رواه الإمام أحمد بن حنبل في كتاب "الزهد"]..

    • • • •
    (62)
    وقال له:
    ((يا بني، العمل لا يُستطاع إلا باليقين، ومَن يضعف يقينه يضعف عمله.

    يا بني، إذا جاءك الشيطان من قِبَل الشك والريب فاغلبه باليقين والنصيحة، وإذا جاءك من قبل الكسل والسآمة فاغلبه بذكر القبر والقيامة، وإذا جاءك من قبل الرغبة والرهبة فأخبره أن الدنيا مفارقة متروكة)).

    ["البداية والنهاية" لابن كثير (9/270) أثناء ترجمة الحسن البصري رحمه الله)، وعزاه لابن أبي الدنيا.

    ثم رأيته في كتاب "اليقين" لابن أبي الدنيا، وفيه: ((فاغلبه بذكر القبر والضمة))، بدل ((القبر والقيامة))].

    • • • •
    (63)
    وقال له:
    ((يا بنيَّ، مَن ساء خُلُقُهُ عَذَّب نفسَهُ، ومَن كَذَبَ ذَهَبَ جَمَالُهُ)). [رواه ابن أبي الدنيا في "الصمت" (551)].

    • • • •
    (64)
    وقال له:
    ((يا بني، لا تكونن أعجز من هذا الديك الذي يصوت بالأسحار وأنت نائم)) ["الشعب"].

    • • • •
    (65)
    وقال له:
    ((يا بني، عَوِّد لسانك: "اللهم اغفر لي" ؛ فإن لله ساعة لا يرد فيها الدعاء)).

    [أورده الحافظ السيوطي في "الدر المنثور" وعزاه للحكيم الترمذي. ثم وقفت عليه عند ابن أبي الدنيا في كتاب "الزهد" ، وكذا في "كلام الليالي والأيام" ، و"التوبة" ، والبيهقي في "شعب الإيمان"].

    • • • •
    (66)
    وقال له:
    ((حليم كلما لقيك قرعك بعصاه، خير من سفيه كلما لقيك سَرَّك)) [رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "الحلم"].

    هذا آخر ما قصدنا إلى اختياره مما يُروى من وصايا لقمانَ الحكيمِ - رضي الله عنه - لابنه.


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/49483/#ixzz3WW7rqJZC
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    من روائع وصايا الآباء للأبناء  Empty رد: من روائع وصايا الآباء للأبناء

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين أبريل 06, 2015 2:48 am

    من روائع وصايا الآباء للأبناء (11)
    ( طاقة عطرة من وصايا آباء أَلِبَّاء: صلحاء وأتقياء، وعلماء وحكماء، وأدباء وشعراء ... يَقْدُمهم الرسل والأنبياء.
    وإنما هذه الوصايا نفعها لمن عقلها، ثم ألزم نفسه العمل بها )
    (الحلقة الحادية عشرة)
    (الوصايا من 67 إلى 68)
    من وصايا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لبنيه

    الوصية السابعة والستون (67)
    وصية عمر بنِ الخطاب لابنه عبدالله
    كتب عمرُ بنُ الخطابِ أميرُ المؤمنين، وثاني الخلفاء الراشدين، وأحدُ العشرةِ المبَشَّرين إلى ابنه عبد الله -رضي الله عنهما- فى غَيْبَةٍ غابها:
    ((أما بعدُ: فإنه مَن اتقى الله وَقَاه، ومن توكل عليه كفاه، ومن شكره زاده، ومن أقرضه جَزَاه؛ فاجعل التقوى[1] جِلاءَ بصرك، وعِمَادَ ظهرك، فإنه لا عمل لمن لا نِيَّة له، ولا أَجْرَ لمن لا حسنة له، ولا خير لمن لا خشية له، ولا جديد لمن لا خَلَقَ له))؛ الأمالي؛ لأبي علي القالي، و"العِقد الفريد"؛ لابن عبد ربه، و"مناقب عمر بن الخطاب"؛ لابن الجوزي.

    ♦♦♦
    الوصية الثامنة والستون (68)
    وصية عمر بن الخطاب لابنته حفصةَ أمِّ المؤمنين
    قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -:
    "كنت أنا وجارٌ لي من الأنصار في بني أُمَيَّةَ بن زيد، وهُمْ من عَوَالِي المدينة، وكنا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فينزل يومًا وأنزل يومًا، فإذا نزلتُ جئتُه بما حدث من خبر ذلك اليوم من الوحي أو غيرِه، وإذا نزل فَعَلَ مثلَ ذلك.

    وكنا معشر قريش نَغلب النساءَ، فلما قَدِمْنَا على الأنصار، إذا قوم تغلبهم نساؤُهم، فَطَفِقَ نساؤُنا يَأْخُذْنَ من أدب نساء الأنصار، فَصَخِبْتُ على امرأتي، فَراجَعَتْنِي، فأنكرتُ أن تراجعني، قالت: وَلِمَ تُنْكِرُ أن أُرَاجِعَكَ؟! فوالله إن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - لَيُرَاجِعْنَهُ، وإنَّ إِحْدَاهُنَّ لتَهْجُره اليومَ حتى الليل، فأفزعني ذلك، وقلت لها: قد خاب من فعَل ذلك منهنَّ.

    ثم جمعتُ عليَّ ثيابي، فنزلت، فدخلتُ على حفصةَ، فقلت لها: أَيْ حفصة! أَتُغَاضِبُ إحداكُنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - اليوم حتى الليل؟!
    قالت: نعم.
    فقلت: قد خِبْتِ وَخَسِرْتِ[2]، أَفَتَأْمَنِينَ أن يَغضب اللهُ لغضب رسوله - صلى الله عليه وسلم - فتهلكي؟

    لا تَستكثري النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ولا تُراجعيه في شيء، ولا تَهجريه، وسَليني ما بدا لك، ولا يَغُرَّنَّكَ أنْ كانت جَارَتُكِ أَوْضَأَ [3] منك وأحبَّ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يريد عائشةَ - رضي الله عنها"؛ رواه الإمام البخاري في "صحيحه" (2468 - 5191)، والموضع الأخير هذا هو في كتاب النكاج، وترجم البخاريُّ للحديث فيه بقوله: "باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجها"، ومسلم في "صحيحه" (1479).

    [1] أصل التقوى: وقوى - بكسر أوله وقد يفتح - من الوقاية، أُبدلت الواو تاء كـ"تراث"، و"تخمة"، وهي: ما يستر الرأس، فهي اتخاذ وقاية تقيك مما تخافه وتحذره، فتقوى العبد لله أن يجعل بينه وبين ما يخشاه وقاية تقيه منه، وهي امتثال أوامر الله تعالى، واجتناب نواهيه بفعل كل مأمور به وترْك كل منهي عنه حسب الطاقة، مَن فعل ذلك فهو من المتقين؛ ا.هـ من "دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين"، (ج1، ص246) ط/ دار الفكر.
    وقال الإمام أحمد: ((التقوى: ترك ما تهوى لما تخشى)).
    ولله درُّ من قال: ((التقوى: أن يجدك الله حيث أمرك، وأن يَفتقدك حيث نهاك)).
    وروى ابن أبي حاتم في "تفسيره" بسند صححه العماد بن كثير في "التفسير" (2/51)، والطبراني في "المعجم الكبير" بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح، والآخر ضعيف - كما قال الهيثمي في "المجمع" (6/326) - عن ابن مسعود - رضي الله عنه - في تفسير قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ﴾، قال: ((أن يُطاع فلا يُعصى، وأن يُذكر فلا يُنسى، وأن يُشكر فلا يُكفر)).
    وقد روى الإمام ابن أبي شيبة في كتاب "الإيمان" (ص39، رقم99)، والإمام المبارك عبدالله بن المبارك في "الزهد" (1343)، والإمام هناد بن السري في "الزهد" (520)، والإمام البيهقي في "الزهد الكبير" (965) عن عاصم الأحول قال: لما وقعت فتنة ابن الأشعث، قال طلق بن حبيب: ((اتَّقوا الفتنة بالتقوى)).
    فقال بكر بن عبدالله: أجمِل لنا التقوى في يسيرٍ.
    فقال: ((التقوى: العمل بطاعة الله، على نور من الله، رجاء رحمة الله، والتقوى: ترك معاصي الله، على نور من الله، مخافة عذاب الله))؛ ا. هـ.
    وقد روى الإمام البيهقي في "الزهد الكبير" قبل هذا الأثر أثرين:
    الأول:
    بسند فيه نظر عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه قال: قال رجل لأبي هريرة: ما التقوى؟ فقال أبو هريرة: هل أخذت طريقًا ذا شوك؟
    قال الرجل: نعم.
    قال: فكيف صنعت؟
    قال: إذا رأيت الشوك عدلت عنه، أو جاوزته، أو قصرت عنه.
    فقال: ((ذاك التقوى))؛ ا.هـ.
    وقد أخذ ابنُ المعتز هذا المعنى من أبي هريرة، فقال:
    خَلِّ الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى
    واصنَع كماشٍ فوق أرض الشوك يحذر ما يرى
    لا تَحقِرن صغيرة إن الجبال من الحصى.
    الأثر الثاني: رواه البيهقي من طريق عبدالرحمن بن ميسرة الحضرمي، أن عمر بن عبدالعزيز كان يقول: ((ليس تقوى الله بصيام الدهر، ولا بقيام الليل، والتخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله ترْك ما حرَّم الله وأداء ما افترَض الله، فمن رُزق بعد ذلك خيرًا، فهو خير إلى خير)).
    [2]في لفظ عند الإمام مسلم (34/ 1479): ((قد خاب مَن فعل ذلك منكن وخَسِرَ)).
    [3]في لفظ عند الإمام مسلم: ((أَوْسَمَ)).


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/50018/#ixzz3WW7xC3dI
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    من روائع وصايا الآباء للأبناء  Empty رد: من روائع وصايا الآباء للأبناء

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين أبريل 06, 2015 2:49 am

    من روائع وصايا الآباء للأبناء
    ( طاقة عطرة من وصايا آباء أَلِبَّاء: صلحاء وأتقياء، وعلماء وحكماء، وأدباء وشعراء... يَقْدُمُهم الرسل والأنبياء.
    وإنما هذه الوصايا نفعها لمن عقلها، ثم ألزم نفسه العمل بها )
    (الحلقة الثانية عشرة)
    (الوصايا من 69 إلى 71)
    من وصايا عليِّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - لبنيه

    الوصية التاسعة والستون (69)
    وصية علي بن أبي طالب ابنه محمدًا
    كتب أميرُ المؤمنين ورابعُ الخلفاء الراشدين، وأحدُ العشرةِ المُبَشَّرين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - إلى ابنه محمد ابن الحنفية:
    ((يا بُنَيَّ، تفقَّه في الدين، وعَوِّد نفسك الصبر على المكروه، وكِلْ نفسك في أمورك كلها إلى الله - عز وجل -، وأخلص المسألة لربك؛ فإن بيده العطاءَ والحرمان. وأكثر الاستخارة له.

    واعلم أن مَن كانت مطيتُه الليلَ والنهار؛ فإنه يُسار به وإن كان لا يسير؛ فإن الله - تعالى - قد أبى إلا خراب الدنيا وعمارة الآخرة، فإن قدرت أن تزهد فيها زهدك كله فافعل ذلك.

    وإن كنت غيرَ قابلٍ نصيحتى إياك، فاعلم علمًا يقينًا أنك لن تبلغ أملك، ولن تعدو أجلك، وأنك في سبيل مَنْ كان قبلك.

    فأكرم نفسك عن كل دنية وإن ساقتك إلى الرغائب؛ فإنك لن تعتاض بما تبذل من نفسك عوضًا.

    وإياك أن تُوجِفَ بك مطايا الطمع وتقول: متى ما أُخِّرتُ نَزَعْتُ؛ فإن هذا أهلك مَن هلك قبلك.

    وأمسك عليك لسانك؛ فإن تلافيك ما فرط من صمتك أيسر عليك من إدراك ما فات من منطقك.

    واحفظ ما في الوعاء بشد الوِكَاء[1]؛ فحسن التدبير مع الاقتصاد أبقى لك من الكثير مع الفساد، والحُرفة[2] مع العفة خير من الغنى مع الفجور.

    والمرء أحفظ لسره، ولربما سعى فيما يضره.

    وإياك والاتكالَ على الأماني؛ فإنها بضائع النوكى[3]، وتثبط عن الآخرة والأولى.

    ومن خير حظ الدنيا القرين الصالح، فقارن أهل الخير تكن منهم، وباين أهل الشر تَبِنْ منهم. ولا يغلبن عليك سوء الظن؛ فإنه لن يدع بينك وبين خليل صُلْحًا.

    أذك قلبك بالأدب كما تذكى النار بالحطب.

    واعلم أن كفر النعمة لؤم، وصحبة الأحمق شؤم، ومِن الكرم منع الحُرَم.

    ومن حلم ساد، ومن تفهم ازداد.

    امْحَض[4] أخاك النصيحة، حسنةً كانت أو قبيحة.

    لا تصرم أخاك على ارتياب، ولا تقطعه دون استعتاب، وليس جزاء من سرك أن تسوءه.

    الرزق رزقان: رزق تطلبه، ورزق يطلبك، فإن لم تأته أتاك.

    واعلم يا بني، أن ما لك من دنياك إلا ما أصلحت به مثواك، فأنفق من خيرك، ولا تكن خازنًا لغيرك، وإن جزعت على ما يفلت من يديك، فاجزع على ما لم يصل إليك.

    ربما أخطأ البصير قصده، وأبصر الأعمى رشده.

    ولم يهلك امرؤ اقتصد، ولم يفتقر مَن زهد.

    من ائتمن الزمان خانه، ومن تعظم عليه أهانه.

    رأس الدين اليقين، وتمام الإخلاصِ اجتناب المعاصي، وخير المقال ما صدقته الفعال.

    سَلْ عن الرفيق قبل الطريق، وعن الجار قبل الدار.

    واحمل لصديقك عليك، واقبل عذر مَن اعتذر إليك.

    وأخر الشر ما استطعت، فإنك إن شئت تعجلته.

    لا يكن أخوك على قطيعتك أقوى منك على صلته، وعلى الإساءة أقوى منك على الإحسان.

    لا تُمَلِّكَنَّ المرأة من الأمر ما يجاوز نفسها؛ فإن المرأة ريحانة، وليست بِقَهْرَمَانة[5]؛ فإن ذلك أدوم لحالها، وأرخى لبالها.

    واغضض بصرها بسترك، واكففها بحجابك.

    وأكرم الذين بهم تَصُول، وإذا تطاولتَ بهم تَطُول.

    أسال الله - عز وجل - أن يُلْهمَك الشكر والرَّشَد، ويُقَوِّيك على العمل بكل خير، ويصرف عنك كل محذور برحمته.

    والسلام عليك ورحمة الله وبركاته)).

    ["العِقد الفريد " لابن عبد ربه].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية السبعون (70)
    وصية علي بن أبي طالب ابنَه الحسنَ - رضي الله عنهما -
    يُروى عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه قال لابنه الحسن - رضي الله عنه -:
    ((يا بني، إن استطعت أن لا يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل.

    ولا تكن عَبْدَ غيرِك وقد جعلك الله حرًّا؛ فإن اليسير من الله - سبحانه وتعالى - أكرم وأعظم من الكثير من غيره، وإن كان كلٌّ منه كثيرًا)).

    ["أدب الدنيا والدين" للإمام الماوردي].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الحادية والسبعون (71)
    وصية أخرى من علي بن أبي طالب لابنه الحسن - رضي الله عنهما -
    كتب علي بن أبي طالب إلى ولده الحسن - رضي الله عنهما -:
    ((من عليٍّ أمير المؤمنين، الوالد الفان، المقر للزمان، المستسلم للحدثان، المدبر العمر، المؤمل ما لا يدرك السالك سبيل من قد هلك، غرض الأسقام، ورهينة الأيام، وعبد الدنيا، وتاجر الغرور، وأسير المنايا، وقرين الرزايا، وصريع الشهوات، ونصب الآفات، وخليفة الأموات.

    أما بعد:
    يا بني، فإن فيما تفكرت فيه من إدبار الدنيا عني، وإقبال الآخرة عليّ، وجموح الدهر عليّ ما يرغّبني عن ذكر سوائي، والاهتمام بما ورائي، غير أنه حيث تفرد بي همُّ نفسي دون همِّ الناس، فصدقني رأيي، وصرفني عن هواي، وصرح بي محض أمري، فأفضى بي إلى جدّ لا يزرى به لعب، وصدق لا يشوبه كذب، ووجدتك يا بني بعضي، بل وجدتك كلي، حتى كأن شيئًا لو أصابك لأصابني، وحتى كأن الموت لو أتاك أتاني؛ فعند ذلك عناني من أمرك ما عناني من أمر نفسي.

    كتبت إليك كتابي هذا يا بني، مستظهرًا به إن أنا بقيت لك أو فنيت، فإني موصيك بتقوى الله، وعمارة قلبك بذكره، والاعتصام بحبله فإن الله - تعالى - يقول: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوانًا ﴾ [آل عمران: 103].

    وأي سبب يا بني، أوثق من سبب بينك وبين الله -تعالى- إن أنت أخذت به.

    أحيِ قلبك بالموعظة، ونوِّره بالحكمة، وأَمِتْه بالزهد، وذَلِّله بالموت، وقوِّه بالغنى عن الناس، وحذّره صولة الدهر؛ وتقلُّب الأيام والليالي، واعرض عليه أخبار الماضين، وسِرْ في ديارهم وآثارهم، فانظر ما فعلوا، وأين حلوا؛ فإنك تجدهم قد انتقلوا من دار الغرور، ونزلوا دار الغربة.

    وكأنك عن قليل يا بني، قد صرت كأحدهم، فبع دنياك بآخرتك، ولا تبع آخرتك بدنياك[6].

    ودع القول فيما لا تعرف، والأمر فيما لا تُكَلَّف.

    وأْمُرْ بالمعروف بيدك ولسانك، وانهَ عن المنكر بيدك ولسانك، وبَايِنْ مَن فَعَلَهُ، وخُضِ الغمراتِ إلى الحق، ولا يأخذك في الله لومة لائم.

    واحفظ وصيتي ولا تذهب عنك صفحًا، فلا خير في علم لا ينفع.

    واعلم أنه لا غنى لك عن حسن الارتياد مع بلاغك من الزاد، فإن أصبت من أهل الفاقة مَن يحمل عنك زادك فيوافيك به في معادك فاغتنمه، فإن أمامك عقبة كئودًا لا يجاوزها إلا أخف الناس حملاً، فأجمل في الطلب، وأحسن المكتسب.

    فرب طلب قد جَرَّ إلى حَرَب[7]، وإنما المحروب من حُرِبَ دينَه، والمسلوب من سُلب يقينَه.

    واعلم أنه لا غني يعدل الجنة؛ ولا فقر يعدل النار. والسلام عليك ورحمة الله وبركاته)).

    ["العقد الفريد"].

    [1] الوِكَاء: مايُشَدُّ به رأس القِربة ونحوها.
    [2] يريد: ضيقَ المعاش.
    [3] النوكي: الحمقى ، مفردها: أَنْوَك.
    [4] يقَال: مَحَضَ فلانًا النُّصْحَ مَحْضًا: إذا أخلصه إياه ، وكل شيء أَخْلَصْتَه فقد مَحَضْتَه.
    [5] القَهْرَمَان: هو: المسيطر الحفيظ على من تحت يديه..
    [6] الحرب: أن يُسْلَبَ الرجلُ مالَه كله.
    [7] كذا في الأصل!..


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/50292/#ixzz3WW845CwJ
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    من روائع وصايا الآباء للأبناء  Empty رد: من روائع وصايا الآباء للأبناء

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين أبريل 06, 2015 2:49 am

    من روائع وصايا الآباء للأبناء (13)
    ( طاقة عطرة من وصايا آباء أَلِبَّاء: صلحاء وأتقياء، وعلماء وحكماء، وأدباء وشعراء.. . يَقْدُمُهم الرسل والأنبياء.
    وإنما هذه الوصايا نفعها لمن عقلها، ثم ألزم نفسه العمل بها )
    (الحلقة الثالثة عشرة)
    (الوصايا من 72 إلى 76)
    الوصيتان الثانية والسبعون والثالثة والسبعون (72، 73)
    من وصايا سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - لابنه

    وسعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرين، وخال الرسول الأمين، وقد كان - صلى الله عليه وسلم - يفتخر بخُؤُولته، ويقول: (( هَذَا خَالِي، فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ )) أخرجه الترمذي (3752)، والحاكم (3/498).

    (72)
    قال سعدٌ - رضي الله عنه - لابنه:
    ((يا بُنَيَّ، إياك والكبرَ. وليكن فيما تستعين به على تركه: علمك بالذي منه كنتَ، والذي إليه تصير.
    وكيف الكبر مع النطفة التي منها خُلِقْتَ، والرحم التي منها قُذِفتَ، والغذاء الذي به غُذِيت؟!)) ["العقد الفريد"].

    ♦ ♦ ♦
    (73)
    وقال له عند الموت:
    ((يا بني، إنك لن تلقَ أحدًا هو أنصح لك مني:
    • إذا أردت أن تصلي فأحسن وضوءك، ثم صلِّ صلاة لا ترى أنك تصلي بعدها.
    • وإياك والطمع ؛ فإنه فقر حاضر.
    • وعليك بالإياس ؛ فإنه الغنى.

    وإياك وما يُعتذر إليه من العمل والقول، واعمل ما بدا لك)). [ "المعجم الكبير" للطبراني (1/142) رقم (312)، وقال الهيثمي في "المجمع": رجاله رجال الصحيح. وقابل بما في "المعجم الكبير" (6/44) رقم (5459) ].

    ♦ ♦ ♦
    الوصايا الرابعة والسبعون والخامسة والسبعون والسادسة والسبعون (74، 75، 76)
    من وصايا العباس بن عبد المطلب لابنه
    (74)
    يروى عن الصحابي الجليل العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - عم رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لابنه عبد الله:
    ((يا بني، إني أرى أمير المؤمنين (يعني: عمرَ بنَ الخطاب - رضي الله عنه) يدنيك، ويقربك، ويختصك، ويخلو بك، ويشاورك دون ناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاحفظ عني ثلاثًا:
    • اتقِ الله ولا تفشين له سرًّا.
    • ولا يجربن عليك كذبًا.
    • ولا تغتابن عنده أحدًا)).

    قال عامر الشعبي - رحمه الله -: فقلت لابن عباس - رضي الله عنهما -: يا أبا عباس، كل واحدة خير من ألف، فقال: ((نعم، ومن عشرة آلاف)).

    ["فضائل الصحابة" للإمام أحمد (2/957) رقم (1862) ط/ مؤسسة الرسالة، وهو في (2/970) رقم (1905) من زوائد عبد الله، "والمعجم الكبير" للطبراني (10/265) رقم (10619)، و"تاريخ بغداد" للخطيب البغدادي (4/155) ط/ دار الغرب الإسلامي. وفي الإسناد مجالد بن سعيد ].

    ♦ ♦ ♦
    (75)
    وقال له:
    ((يا بني، لا تعلم العلم لثلاث خصال:
    • لا لترائي به.
    • ولا لتماري به.
    • ولا لتباهي به.

    ولا تدعْه لثلاث خصال:
    • رغبة في الجهالة.
    • وزهادة في العلم.
    • واستحياء من التعلم)).
    ["جامع بيان العلم وفضله". ويُروى نحوه عن لقمانَ الحكيمِ أنه خاطب به ابنه].

    ♦ ♦ ♦
    (76)
    ولما حضرت عباسَ بنَ عبدِ المطلب الوفاةُ بعث إلى ابنه عبد الله، فقال له:
    ((يا بني، إني موصيك بحب الله - عز وجل -، وحب طاعته، وخوف الله، وخوف معصيته.

    فإنك إذا أحببت الله وطاعته؛ نفعك كل أحد. وإذا خفت الله ومعصيته لم تضر أحدًا. وإذا كنت كذلك لم تكره الموت متى أتاك.

    وإني أستودعك الله يا بني).

    ثم استقبل القبلة، فقال: "لا إله إلا الله"، ثم شخص بصره فمات.
    ["فضائل الصحابة" للإمام أحمد، و"شعب الإيمان" للإمام البيهقي].


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/50641/#ixzz3WW89hRRt
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    من روائع وصايا الآباء للأبناء  Empty رد: من روائع وصايا الآباء للأبناء

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين أبريل 06, 2015 2:49 am

    من روائع وصايا الآباء للأبناء ( 14 )
    (الوصايا من 77 إلى 80)

    (طاقة عطرة من وصايا آباء أَلِبَّاء: صلحاء وأتقياء، وعلماء وحكماء، وأدباء وشعراء... يَقْدُمُهم الرسل والأنبياء.
    وإنما هذه الوصايا نفعها لمن عقلها، ثم ألزم نفسه العمل بها)

    الوصية السابعة والسبعون (77)
    وصية الصحابي الجليل الحسن بن عليٍّ - رضي الله عنهما - سبط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لابنه
    قال الحسن بن عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنهما - لابنه:
    (يا بُني، إذا جالست العلماء، فكن على أن تسمع أحرصَ منك على أن تقول، وتعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الصمت، ولا تقطع على أحد حديثًا وإن طال حتى يُمسك)؛ ["الأمالي"؛ لأبي علي القالي (2/188)، و"جامع بيان العلم"؛ لابن عبدالبر، وهو عنده معلق، وفيه: "قال الحسين بدل:"الحسن"].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الثامنة والسبعون (78)
    وصية الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - لابنه:
    عن القاسم بن عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود، عن أبيه قال:
    لما حَضَرَتْ عبدَالله الوفاةُ، قلت له: يا أبتِ، أوصني، فقال - رضي الله عنه -: (ابكِ من خطيئتك)؛ [رواه الإمام البخاري في "التاريخ الصغير" بسند لا بأس به؛ كما قال الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (ج3/ص386) ط/ دار إحياء التراث العربي].

    وأقول: في هذه الوصية فائدة لطلاب علم الحديث الشريف؛ إذ فيها إثبات سماع عبدالرحمن من أبيه عبدالله، وقد نفاه بعضهم، فكن منها على ذكر.

    ♦ ♦ ♦
    الوصية التاسعة والسبعون (79)
    وصية الصحابي الجليل أنس بن مالك - رضي الله عنه - خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبنيه

    عن ثمامة بن عبدالله بن أنس قال: كان أنس - رضي الله عنه - يقول لبنيه: (يا بَنِيَّ، قيِّدوا العلم بالكتابة)؛ ["مقدمة سنن الإمام الدارمي"، و"المعجم الكبير"؛ للطبراني، و"المستدرك على الصحيحين"؛ للحاكم، و"جامع بيان العلم وفضله"؛ لابن عبدالبر، وقد رُوِيَ هذا الكلام مرفوعًا إلى النبي من طرق].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الثمانون (80)
    وصية أخرى من وصايا أنس بن مالك - رضي الله عنه - لبنيه:
    وعن عبدالله بن عبدالرحمن بن إبراهيم الأنصاري - من ولد أنس بن مالك، عن أبيه، عن جده أنس - رضي الله عنه - قال:
    (يا بَنِيَّ، إياكم والسفلة).
    قالوا: وما السفلة؟
    قال: (الذي لا يخاف الله - عز وجل)؛ ["شعب الإيمان"].


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/50968/#ixzz3WW8EmTkI
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    من روائع وصايا الآباء للأبناء  Empty رد: من روائع وصايا الآباء للأبناء

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين أبريل 06, 2015 2:50 am

    من روائع وصايا الآباء للأبناء (15)
    (الوصايا من 81 إلى 87)

    (طاقة عطرة من وصايا آباء أَلِبَّاء: صلحاء وأتقياء، وعلماء وحكماء، وأدباء وشعراء... يَقْدُمُهم الرسل والأنبياء.
    وإنما هذه الوصايا نفعها لمن عقلها، ثم ألزم نفسه العمل بها)

    الوصية الحادية والثمانون (81)
    وصية الصحابي الجليل معاذ بن جبل -رضي الله عنه- ابنَه
    عن معاوية بن قرة -رحمه الله- قال: قال معاذ بن جبل -رضي الله عنه- لابنه:
    (( يا بني، إذا صليت فصلِّ صلاة مودع لا تظن أنك تعود إليها أبدًا.

    واعلم يا بني، أن المؤمن يموت بين حسنتين: حسنة قدمها، وحسنة أخرها )). ["حلية الأولياء" لأبي نعيم].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الثانية والثمانون (82)
    وصية الصحابي الجليل عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- لابنه الوليد
    عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، عن أبيه قال: دخلت على أبي وهو مريض أتخايل فيه الموت، فقلت: يا أبتاه، أوصني، واجتهد لي.

    فقال: (( أجلسوني ))، ثم قال:
    (( يا بني، إنك لن تطعم طعم الإيمان، ولن تبلغ حقيقة العلم بالله (تبارك وتعالى) حتى تؤمن بالقدر خيره وشره )).

    قال: قلت: يا أبتاه، فكيف لي أن أعلم ما خير القدر، وما شره؟

    قال: (( تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك.

    يا بني، إني سمعت رسولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) يقول:
    (( إن أول ما خلق الله (تبارك وتعالى) القلم، ثم قال: اكتب، فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة.
    يا بني، إن مت ولست على ذلك دخلت النار )) ["المسند" للإمام أحمد (5/317)، وانظر "سنن أبي داود" (كتاب السنة - باب في القدر- حديث رَقْم (4700)، و"جامع الترمذي" (كتاب تفسير القرآن -باب: ومن سورة ن - حديث رقم (3319)، و"الشريعة" للإمام الآجُرِّي (باب الإيمان بما جرى به القلم مما يكون أبدًا- حديث رقم (384)، و"السنة" لابن أبي عاصم (باب ذكر القلم أنه أول ما خلق الله تعالى وما جرى به القلم - أحاديث (102، 103، 104، 105، 107، 111)، و"الحلية" لأبي نعيم - ترجمة إبراهيم بن أبي عبلة].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الثالثة والثمانون (83)
    وصية أخرى من وصايا الصحابي الجليل عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-
    ولما حضرَتْ عبادةَ الوفاةُ، قال:
    (( أخرجوا فراشي إلى الصحن ))، يعني: الدار

    ثم قال:
    (( اجمعوا لي مواليَّ، و خدمي، وجيراني، ومن كان يدخل عليَّ ))،فجمعوا له، فقال:
    (( إن يومي هذا لا أراه إلا آخر يوم يأتي عليَّ من الدنيا، وأول ليلة من الآخرة، وإنه لا أدري لعله قد فرط مني إليكم بيدي أو بلساني شيء، وهو - والذي نفس عبادة بيده - القصاص يوم القيامة، و أحرج على أحد منكم في نفسه شيء من ذلك إلا اقتص مني قبل أن تخرج نفسي )).

    فقالوا:بل كنت والدًا، وكنت مؤدبًا.

    فقال:(( أغفرتم لي ما كان من ذلك؟ ))
    قالوا: نعم.

    فقال:(( اللهم اشهد )).

    ثم قال: (( أما الآن فاحفظوا وصيتي:
    أُحَرِّج على كل إنسان منكم أن يبكي، فإذا خرجت نفسي فتوضئوا فأحسنوا الوضوء، ثم ليدخل كل إنسان منكم مسجده فيصلي ركعتين، ثم يستغفر لعبادة ولنفسه، فإن الله تعالى قال: ﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ﴾ [البقرة:45].

    ثم أسرعوا بي إلى حفرتي، ولا تتبعوني بنار )) ["الزهد" للإمام هناد بن السري].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الرابعة والثمانون (84)
    وصية الصحابي الجليل عمير بن حبيب -رضي الله عنه- لبنيه
    عن أبي جعفر الخَطْمي (رحمه الله) أن جده عمير بن حبيب – وكان بايع رسول الله - أوصى بنيه، فقال لهم:
    (( أي بَنِيَّ، إياكم ومخالطةَ السفهاء؛ فإن مجالستهم داء، وإنه من يَحْلُمْ عن السفيه يُسَرَّ بحِلمه، ومن يُجِبْه يندم، ومَن لا يَقَرَّ بقليل ما يأتى به السفيه؛ يَقَرَّ بالكثير.

    ومن يَصبر على ما يكره، يُدرك ما يحب.

    وإذا أراد أحدكم أن يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر، فَلْيُوَطِّنْ نفسَه قبل ذلك على الأذى،وَلْيُوقِن بالثواب من الله -عز وجل-؛ فإنه مَن يُوقِنْ بالثواب من الله -عز وجل- لا يَجِدْ مَسَّ الأذى )). [ "الزهد" للإمامِ أحمدَ، و"شعب الإيمان" للبيهقي، و"الأمالي" للقالي].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الخامسة والثمانون (85)
    وصية الصحابي الجليل عقبة بن عامر -رضي الله عنه- لبنيه
    لما حضرت عقبةَ الوفاةُ، قال لولده:
    (( يا بَنِيَّ، إني أنهاكم عن ثلاث، فاحتفظوا بها:
    • لا تقبلوا الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا من ثقة.
    • ولا تدينوا ولو لبستم العباء.

    ولا تكتبوا شعرًا فتشغلوا به قلوبكم عن القرآن )).[ "المعجم الكبير" للإمام الطبرانى - رحمه الله - (17/268) رقم (737). وانظر "مجمع الزوائد" (1/140)، وقابل بما في "تاريخ ابن أبي خيثمة" (3/268) رقم (4791)].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية السادسة والثمانون (86)
    وصية الصحابي الجليل عدي بن الخيار -رضي الله عنه- ابنه
    لما احتضر عدي بن الخيار (رضي الله عنه) - وهو من مسلمة الفتح، وكان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعظمونه - قال لابنه عبيد الله:
    (( يا بني! أذكرك الله أن لا تعمل بعدي عملاً يمعر وجهي، فإن عمل الأبناء يعرض على الآباء )) [أورده الحافظ ابن حجر العسقلاني في "الإصابة في تمييز الصحابة" (2/626-627) ط/ مكتبة مصر، وعزاه لابن شاهين في كتاب "الجنائز" ].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية السابعة والثمانون (87)
    وصية الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان -رضي الله عنه- لابنه يزيد
    قال الواقديُّ: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبى سبرة، عن مروان بن أبي سعيد بن المُعَلَّى، قال: قال معاويةُ ليزيدَ وهو يوصيه عند الموت: (( يا يزيد، اتق الله، فقد وَطَّأْتُ لك هذا الأمر، ووُلِّيت من ذلك ما وليت، فإن يك خيرًا فأنا أسعد به، وإن كان غير ذلك شقيت به، فارفق بالناس، وأغمض عما بلغك من قولٍ تُؤْذَى به وتُنْتَقَص به، وَطَأْ عليه؛ يَهْنِكَ عَيْشُك، وتصلحْ لك رعيتُك، وإياك والمناقشةَ وحملَ الغضب؛ فإنك تُهلك نفسَك ورعيتك، وإياك وخيرةَ أهل الشرف واستهانتَهم والتكبرَ عليهم، وَلِنْ لهم لينًا بحيث لا يروا منك ضعفًا ولا خورًا، وأَوْطِئْهُم فراشك، وقرِّبهم إليك، وادنهم منك، فإنهم يعلموا لك حقك، ولا تُهِنْهُم ولا تَستخفَّ بحقهم فيهينوك ويستخفوا بحقك ويقعوا فيك.

    فإذا أردت أمرًا فادع أهل السن والتجرِبة من أهل الخير من المشايخ وأهل التقوى فشاورهم ولا تخالفهم، وإياك والاستبدادَ برأيك؛ فإن الرأي ليس في صدر واحد، وصَدِّقْ مَن أشار عليك إذا حملك على ما تعرف، واخْزُنْ ذلك عن نسائك وخدمك، وشَمِّرْ إزارك، وتعاهد جندك، وأصلح نفسك تصلح لك الناس، لا تدع لهم فيك مقالاً؛ فان الناس سراع إلى الشر، واحضر الصلاة.

    فإنك إذا فعلت ما أوصيك به؛ عرف الناس لك حقك، وعظمت مملكتك، وعظمت في أعين الناس.

    واعرف شرف أهل المدينة ومكةَ؛ فإنهم أصلك وعشيرتك.

    واحفظ لأهل الشام شرفهم؛ فإنهم أهل طاعتك.

    واكتب إلى أهل الأمصار بكتابٍ تعدهم فيه منك بالمعروف؛ فان ذلك يبسط آمالهم.

    وإن وفد عليك وافدٌ من الكُوَر[1] كلِّها فأحسن إليهم وأكرمهم؛ فإنهم لمَن ورائهم، ولا تَسْمَعَنَّ قول قاذفٍ ولا ماحلٍ؛ فإني رأيتهم وزراءَ سوءٍ )). [نقله أبو الفداء في "البداية" (8/229-230) ].

    [1] الكُورة - بالضم: المدينة والصُّقْع. قاله الإمام الجوهري - رحمه الله - في "الصحاح".


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/51200/#ixzz3WW8KnPxv
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    من روائع وصايا الآباء للأبناء  Empty رد: من روائع وصايا الآباء للأبناء

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين أبريل 06, 2015 2:52 am

    من روائع وصايا الآباء للأبناء (16)

    (طاقة عطرة من وصايا آباء أَلِبَّاء: صلحاء وأتقياء، وعلماء وحكماء، وأدباء وشعراء... يَقْدُمُهم الرسل والأنبياء. وإنما هذه الوصايا نفعها لمن عقلها، ثم ألزم نفسه العمل بها)

    حلقة خاصة بوصايا أهل البيت المكرمين

    (الحلقة السادسة عشرة)
    (الوصايا من 88 إلى 92)

    الوصية الثامنة والثمانون (88)
    وصية زين العابدين عليّ بن الحسين - رحمه الله - لابنه
    عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر - رحمه الله - قال: أوصاني أبي، فقال:
    ((لا تصحبن خمسة، ولا تحادثهم، ولا ترافقهم في طريق)).

    قلت: جُعِلتُ فداك يا أبت، مَن هؤلاء الخمسة؟
    قال: ((لا تصحبن فاسقًا ؛ فإنه بائعك بأكلة فما دونها)).

    قلت: يا أبت، وما دونها؟!
    قال:((يطمع فيها ثم لا ينالها )).

    قلت: يا أبت، ومَن الثاني؟
    قال: ((لا تصحبن البخيل ؛ فإنه يقطع بك في ماله أحوج ما كنت إليه )).

    قلت: يا أبت، ومن الثالث؟
    قال: ((لا تصحبن كذابًا ؛ فإنه بمنزلة السراب، يبعد منك القريب، ويقرب منك البعيد)).

    قلت: يا أبت، ومَن الرابع؟
    قال: ((لا تصحبن أحمقَ ؛ فإنه يريد أن ينفعك فيضرك)).

    قلت: يا أبت، ومَن الخامس؟
    قال: ((لا تصحبن قاطع رحم ؛ فإني وجدته ملعونًا في كتاب الله في ثلاثة مواضعَ)).

    ["حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" لأبي نعيم].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية التاسعة والثمانون (89)
    وصية محمد بن عليٍّ الباقر[1] - رحمه الله - لابنه جعفر
    عن سفيانَ الثوريِّ، عن جعفر بن محمد قال: قال لي أبي:
    ((يا بُنيَّ، إن سَبَّ أبي بكرٍ وعمرَ من الكبائر، فلا تُصَلِّ خلف من يقع فيهما )). ["تاريخ بغداد" للخطيب البغدادي - ترجمة عبد الله بن الحسن بن نصر أبي عبد الرحمن الواسطي (11/97) ط/ دار الغرب الإسلامي = (9/443) رقم (5053) ط/ دار الكتب العلمية].

    وأقول: أين أولو الجُول ممَن يدعي موالاة آل بيت الرسول من هذه الوصية وشبهها مما يصعق مَن تَلَسَّن على المكرمين وتقوّل؟!

    ويروق لي أن أنقل بعض ما ورد عن سادات أهل البيت في هذا الباب، ليرى مَن مُني بشباك الرفض على حين غفلة منه الحقَّ صرفًًا، وأما الأفاكون فما لنا معهم من حديث... وياهؤلاء، إما اتباع بإحسان، وإما خرس بإمعان...

    • روى الإمام البخاريُّ عن أبي القاسم محمد ابن الْحَنَفِيَّة - رحمه الله - قال: قُلْتُ لِأَبِي: أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟ قَالَ: ((أَبُو بَكْرٍ ))، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ((ثُمَّ عُمَرُ ))، وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ عُثْمَانُ، قُلْتُ: ثُمَّ أَنْتَ؟ قَالَ: ((مَا أَنَا إِلَّا رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ))[2].

    • وأخرج الإمام اللالكائيُّ - رحمه الله - في "شرح أصول الاعتقاد" بسنده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر، قال: ((ولينا أبو بكر، خير خليفة، أرحمه بنا، وأحناه علينا)).

    • ثم أسند عن ابن أبي حازم، عن أبيه قال: قيل لعلي بن الحسين: كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ((كمنزلتهما اليوم وهما ضجيعاه)).

    • وروى عن يحيى العتكي، قال: قال هارون الرشيد لمالك: كيف كان منزلة أبي بكر وعمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ((كقرب قبرهما من قبره بعد وفاته )). قال: ((شفيتني يا مالك)).

    • ثم خرَّج عن يحيى الحذاء، عن كثير النواء، قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي: جعلني الله فداك، أرأيت أبا بكر وعمر هل ظلماكم من حقكم من شيء أو ذهبا به؟ قال: ((لا والذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا، ما ظلمانا من حقنا شيئًا)). قال: قلت: جعلني الله فداك، فأتولاهما؟ قال: ((ويحك! تولهما، لعن الله مغيرة وبيانًا؛ فإنهما كذبا علينا أهل البيت)).

    • وعن شريك، عن جابر، قال: قلت لأبي جعفر: جعلت فداك، هل كان أحد منكم تبرأ من أبي بكر وعمر؟ وفي روايةٍ: يسب أبا بكر وعمر. قال: ((لا)). ثم قال: ((أحبهما، واستغفر لهما، وتولاهما)).

    • وعن حفص، قال: سمعت جعفر بن محمد يقول: ((ما يسرني بشفاعة أبي بكر - رضي الله عنه - هذا العمود ذهبًا))، يعني: سارية من سواري المسجد.

    • وعن سالم بن أبي حفصة - وكان يترفض [3] - قال: دخلت على جعفر بن محمد وهو مريض فأراه قال من أجلي: ((اللهم إني أحب أبا بكر وعمر وأتولاهما، اللهم إن كان لي - يعني: خلاف هذا - فلا نالتني شفاعة محمد - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة)).

    • وعن ابن فضيل قال: حدثنا سالم بن أبي حفصة، قال: قال جعفر بن محمد: ((أبو بكر جدي، فيسب الرجل جده؟! لا نالتني شفاعة محمد إن لم أكن أتولاهما، وأبرأ من عدوهما)).

    • وذكره الذهبي في "السير" (4/402-403) بلفظ: ((سألت أبا جعفر وابنه جعفرًا عن أبي بكر وعمر، فقالا لي: ((يا سالم، تولهما، وابرأ من عدوهما، فإنهما كانا إمامي هدى)).

    قال الذهبي: ((كان سالم فيه تشيع ظاهر، ومع هذا فيبث هذا القول الحق، وإنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذو الفضل، وكذلك ناقلها ابن فضيل شيعي، ثقة، فَعَثَّرَ الله شيعة زماننا، ما أغرقهم في الجهل والكذب! فينالون من الشيخين، وزيريِ المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، ويحملون هذا القول من الباقر والصادق على التَّقِيَّة!!)).

    • وروى إسحاقُ الأزرقُ عن بسَّام الصيرفي، قال: سألت أبا جعفر، عن أبي بكر، وعمر، فقال: ((واللهِ، إني لأتولاهما، وأستغفر لهما، وما أدركت أحدًا من أهل بيتي إلا وهو يتولاهما)).

    • وعن جابر الجُعْفِي، عن محمد بن عليٍّ قال: ((أجمع بنو فاطمة على أن يقولوا في أبي بكر وعمر أحسن ما يكون من القول)).

    • وروى أبو نعيم في "الحلية" (3/185) عن جابر قال: قال لي محمد بن عليٍّ: ((يا جابر، بلغني أن قومًا بالعراق يزعمون أنهم يحبوننا ويتناولون أبا بكر وعمر -رضي الله عنهما-، ويزعمون أني أمرتهم بذلك، فأبلغهم أني إلى الله منهم بريء، والذي نفس محمد بيده، لو وُلِّيتُ لتقربت إلى الله - تعالى - بدمائهم، لا نالتني شفاعة محمد إن لم أكن أستغفر لهما، وأترحم عليهما، إن أعداء الله لغافلون عنهما)).

    • وعن عبد الملك بن أبي سليمان، قال: سألت أبا جعفر محمد بن عليٍّ عن قوله - عز وجل -: ﴿ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ﴾ [المائدة: 55]؟ قال: ((هم أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم -)). قلت: يقولون: هو عليٌّ. قال: ((عليٌّ منهم)).

    • وعن محمد بن إسحاق، عن أبي جعفر محمد بن عليٍّ قال: ((من لم يعرف فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فقد جهل السنة)).

    • وعن عروة بن عبد الله، قال: سألت أبا جعفر محمد بن عليٍّ عن حلية السيوف، فقال: ((لا بأس به، قد حَلَّى أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -)) سيفه، قال: قلت: وتقول الصديق؟!!‍ قال: فوثب وثبة واستقبل القبلة، ثم قال: ((نَعَم الصديق، نعم الصديق، فمن لم يقل له الصديق فلا صدّق الله له قولاً في الدنيا والآخرة)).

    • وخرَّج الإمام اللالكائيُّ عن جعفر بن غياث، قال: سمعت جعفر بن محمد يقول: ((ما أرجو من شفاعة عليٍّ شيئا إلا وأنا أرجو من شفاعة أبي بكر مثله، ولقد ولدني مرتين[4])).

    قال اللالكائي: ((معنى هذا الكلام أن أبا بكر جده مرتين؛ وذلك أن أم جعفر بن محمد هي أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهي زوجة أبيه محمد بن علي بن الحسين، وأم أم فروة هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، فأبو بكر جده من وجهين)).

    • وعن هاشم بن البريد، عن زيد بن عليٍّ، قال: ((أبو بكر الصديق إمام الشاكرين))، ثم قرأ: ﴿ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ ﴾ [آل عمران: 144].

    • وعن هشام بن الزبير، عن زيد بن عليٍّ، قال: ((البراءة من أبي بكر وعمر البراءة من عليٍّ عليه السلام)).

    • وعن يعلى بن عبيد، قال: أخبرنا أبو خالد، يعني: الأحمرَ، قال: سُئل عبد الله بن الحسن عن أبي بكر وعمر، فقال: ((صلى الله عليهما، ولا صلى على من لا يصلي عليهما)).

    • وعن ابن شوذب، عن ليث بن أبي سليم، قال: ((أدركت الشيعة الأولى ما يفضلون على أبي بكر وعمر أحدًا)).

    ♦ ♦ ♦
    الوصية التسعون (90)
    وصية أخرى من وصايا أبي جعفر محمد الباقر - رحمه الله -
    وقال محمد الباقر لابنه جعفر (رحمها الله ) أيضًا:
    ((يابني، إن الله خبأ ثلاثة أشياء في ثلاثة:
    • خبأ رضاه في طاعته، فلا تَحْقِرَنَّ شيئًا من الطاعة ؛ فلعل رضاه فيه.
    • وخبأ سخطه في معصيته ؛ فلا تحقرن شيئًا من المعاصي ؛ فلعل سخطه فيه.
    • وخبأ أولياءه في خلقه، فلا تحقرن أحدًا من خلقه ؛ فلعله فى ذلك )). ["مجمع الأمثال" لأبي الفضل الميداني][5].


    ♦ ♦ ♦
    الوصية الحادية والتسعون (91)
    وصية جعفر الصادق - رحمه الله - لابنه موسى الكاظم
    عن بعض أصحاب جعفر بن محمد الصادق - رحمه الله - قال:
    دخلت على جعفر وموسى بين يديه، وهو يوصيه بهذه الوصية، فكان مما حفظت منها أن قال:
    ((يا بُنيَّ، اقبل وصيتي، واحفظ مقالتي، فإنك إن حفظتها تعش سعيدًا، وتمت حميدًا.

    يا بني، مَن رضي بما قُسم له استغنى، ومن مد عينه إلى ما في يد غيره مات فقيرًا.

    ومَن لم يرضَ بما قسمه الله له اتهم الله في قضائه.

    ومن استصغر زلة نفسه استعظم زلة غيره، ومن استصغر زلة غيره استعظم زلة نفسه.

    يا بني، مَن كشف حجاب غيره انكشفت عورات بيته، ومَن سَلَّ سيف البغي قُتل به،ومن احتفر لأخيه بئرًا سقط فيها، ومن داخل السفهاء حُقِّر، ومن خالط العلماء وُقِّر، ومن دخل مداخل السوء اتُّهِم.

    يا بني، إياك أن تُزري بالرجال فيزرَى بك، وإياك والدخول فيما لا يعنيك فتَذِلَّ لذلك.

    يا بني، قُل الحق لك أو عليك ؛ تُسْتَشَان من بين أقرانك.

    يا بني، كن لكتاب الله تاليًا، وللسلام فاشيًا، وبالمعروف آمرًا، وعن المنكر ناهيًا، ولمن قطعك واصلاً، ولمن سكت عنك مبتدئًا، ولمن سألك معطيًا.

    وإياك والنميمةَ ؛ فإنها تزرع الشحناء في قلوب الرجال.

    وإياك والتعرضَ لعيوب الناس ؛ فمنزلة المتعرض لعيوب الناس بمنزلة الهدف.

    يا بني، إذا طلبت الجود فعليك بمعادنه، فإن للجود معادنَ، وللمعادن أصولاً، وللأصول فروعًا، وللفروع ثمرًا، ولا يطيب ثمر إلا بأصول، ولا أصل ثابت إلا معدن طيب.

    يا بني، إنْ زرت فَزُرِ الأخيار، ولا تزر الفجار ؛ فإنهم صخرة لا يتفجر ماؤها، وشجرة لا يخضر ورقها، وأرض لا يظهر عشبها )). ["الحلية"، ونقلها في "السير" (6/263) الذهبيُّ].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الثانية والتسعون (92)
    وصية عبد الله بن الحسن -رحمه الله- ابنَه محمدًا
    قال عبد الله بن الحسن - رحمه الله - لابنه محمد:
    ((يا بنى، احذر الجاهل وإن كان لك ناصحًا كما تحذر العاقل إذا كان لك عدوًا.

    ويوشك الجاهل أن تورطك مشورته في بعض اغترارك، فَيَسْبِق إليك مكر العاقل.

    وإياك ومعاداة الرجال ؛ فإنها لا تعدمك مكر حليَم، أو مباذاة (وفي رواية: معاندة) جاهل)). ["العقد الفريد" لابن عبد ربه، و"روضة العقلاء" لابن حبان الجملة الأخيرة].

    وفي "البيان والتبيين" (2/88-89) [6]:
    قال عبد الله بن الحسن لابنه محمد حين أراد الاستخفاء:
    ((أي بني، إني مُؤَدٍّ إليك حَقَّ الله في حسن تأديبك، فأدِّ إليَّ حقَّ الله في حسن الاستماع.

    أي بنيَ، كُفَّ الأذى، وارفض البذاء، واستعن على الكلام بطول الفكر في المواطن التي تدعوك فيها نفسك إلى القول، فإن للقول ساعاتٍ يضر فيها خطاؤه، ولا ينفع صوابه.

    احذر مشورة الجاهل وإن كان ناصحًا، كما تحذر مشورة العاقل إذا كان غاشًّا؛ فإنه يوشك أن يورطاك بمشورتهما، فيسبق إليك مكر العاقل وتوريط الجاهل)).

    [1] البقر: الشق، وعرف الإمام محمد بذلك؛ لأنه بقر العلم ودخل فيه مدخلاً بليغًا، ووصل منه إلى غاية مرضية. قاله الإمام النووي في "المنهاج" (6/137). وقال الذهبي: ((شُهِر أبو جعفر بالباقر، من: (بَقَر العلمَ)، أي: شقّه، فعرف أصله وخفيه)).
    [2] رواه الإمام البخاري في "صحيحه"، كتاب أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، باب: قول النبي: ((لو كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً))، حديث رَقْم (3671).
    [3]ذكر الذهبي في ترجمة الحافظ أبي الحسن الدارقطني من "السير" (16/457) أنه قال: (( اختلف قوم من أهل بغداد، فقال قوم: عثمان أفضل، وقال قوم: عليٌّ أفضل، فتحاكموا إليَّ، فأمسكت، وقلت: الإمساك خير. ثم لم أر لديني السكوت، وقلت للذي استفتاني: ارجع إليهم، وقل لهم: أبو الحسن يقول: عثمان أفضل من عليٍّ باتفاق جماعة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، هذا قول أهل السنة، وهو أول عقد يحل في الرفض)). قال الذهبي: (( جمهور الأمة على ترجيح عثمان على الإمام عليٍّ، وإليه نذهب، والخطب في ذلك يسير، والأفضل منهما - بلا شك - أبو بكر وعمر، من خالف في ذا فهو شيعي جلد، ومن أبغض الشيخين واعتقد صحة إمامتهما فهو رافضي مقيت، ومن سبهما واعتقد أنهما ليسا بإمامي هدى فهو من غلاة الرافضة - أبعدهم الله - )).
    [4] قال الإمام اللالكائي - رحمه الله -: معنى هذا الكلام أن أبا بكر جده مرتين؛ وذلك أن أم جعفر بن محمد هي أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وهي زوجة أبيه محمد بن علي بن الحسين، وأم أم فروة هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، فأبو بكر جده من وجهين.
    [5] رُوي هذا الكلام أيضًا عن ذي النون المصري - رحمه الله -، أخرجه البيهقي في "الزهد الكبير".
    [6] وكان عمرو بن بحر قد ذكرها قبلُ (ج1ص180) غير أنه في هذا الموضع تردد في اسم الابن، فقال: "إبراهيم" أو "محمد".


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/51533/#ixzz3WW8rlgMS
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    من روائع وصايا الآباء للأبناء  Empty رد: من روائع وصايا الآباء للأبناء

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين أبريل 06, 2015 2:52 am

    من روائع وصايا الآباء للأبناء

    (طاقة عطرة من وصايا آباء أَلِبَّاء: صلحاء وأتقياء، وعلماء وحكماء، وأدباء وشعراء... يَقْدُمُهم الرسل والأنبياء.
    وإنما هذه الوصايا نفعها لمن عقلها، ثم ألزم نفسه العمل بها)

    (الحلقة السابعة عشرة)
    (الوصايا من 93 إلى 100)

    الوصية الثالثة والتسعون (93)
    من وصايا عثمان بن أبي العاصي - رضي الله عنه - لبنيه
    عن عيسى بن يزيد بن دأب، عمن حدثه، عن رجل كان يجالس ابن عباس قال:
    قال عثمان بن أبي العاصي الثقفي لبنيه:
    ((يا بَني، إني قد أمجدتكم في أمهاتكم، وأحسنت في مهنة أموالكم، وإني ما جلست في ظل رجل من ثقيف أشتم عرضه.

    والناكح مغترس؛ فلينظر امرؤ منكم حيث يضع غرسه.

    والعرق السوء قلما ينجب ولو بعد حين)).

    قال: فقال ابن عباس: ((يا غلام، اكتب لنا هذا الحديث)).
    قال: ولما همت ثقيف بالارتداد قال لهم عثمان: ((معاشر ثقيف، لا تكونوا آخر العرب إسلامًا، وأولهم إرتدادًا)).
    ["البيان والتبيين" لعمرو بن بحر].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الرابعة والتسعون (94)
    وصية كعب الأحبار - رحمه الله - ابنَه
    قال كعب الأحبار (رحمه الله):
    ((يا بني، إن سرك أن يغبطك الصافون المسبحون، فحافظ على صلاة الضحى؛ فإنها صلاة الأوابين، وهم المسبحون)). ["حلية الأولياء" لأبي نعيم (5/383). وقد جاء هذا الكلام مرفوعًا إلى النبي (صلى الله عليه وسلم): أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (1224)، والحاكم في "مستدركه" (1/314) وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي في "تلخيص المستدرك"، ورمز له السيوطي بالصحة في "الجامع الصغير" (9955)، وانظر "صحيح مسلم" (748)].

    والأواب: هو المطيع. وقيل: هو: الرجاع إلى الله بالتوبة، يقال: آب إلى الله، إذا رجع عن ذنبه، فهو أواب مبالغة.

    ووقت صلاة الضحى يبدأ بارتفاع الشمس قدر رمح إلى قبيل الزوال، لكن أفضل وقت تؤدى فيه عند اشتداد الحر.

    ذلك، وقد ورد في فضلها والحث على المواظبة عليها أحاديثُ كثيرةٌ، وهاك بعضَها:
    • قال النبي (صلى الله عليه وسلم): ((يصبح على كل سُلامى [أي: مفصل] من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزيء من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى)) رواه مسلم (720/84)، وأحمد (5/167)، وأبو داود (1286) من حديث أبي ذر (رضي الله عنه).

    • وفي الحديث القدسي: ((يا ابن آدم اكفني [أي: صلِّ لي] أول النهار بأربع ركعات، أَكْفِكَ بهن آخرَ يومك)) رواه الإمام أحمد (4/153، 201) من حديث عقبة بن عامر (رضي الله عنه) وإسناده صحيح، ورواه أحمد (5/286،287)، وأبو داود (1289)، والدارمي (1451) وابن حبان (2533- إحسان) من حديث نُعيم بن هَمَّار (رضي الله عنه)، وصحح إسناده الإمام النووي في "المجموع"، ووافقه الألباني وزاد "على شرط مسلم". وراجع "الترغيب والترهيب" [كتاب النوافل-الترغيب في صلاة الضحى]، و"المجمع" (2/235-236)، و"فيض القدير" (4/603).

    • وبعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعثًا فأعظموا الغنيمة وأسرعوا الكرة، فقال رجل: يا رسول الله! ما رأينا بعثًا قط أسرع كرة ولا أعظم غنيمة من هذا البعث، فقال (صلى الله عليه وسلم): ((ألا أخبركم بأسرع كرة منهم وأعظم غنيمة؟ رجل توضأ فأحسن الوضوء، ثم عمد إلى المسجد فصلى فيه الغداة، ثم عقب بصلاة الضحوة؛ فقد أسرع الكرة وأعظم الغنيمة)) رواه أبو يعلى (11/6559) وقال المنذري في "الترغيب": "رجال إسناده رجال الصحيح"، وتبعه الهيثمي في "المجمع" (2/235)، وصححه ابن حبان (2535)، وراجع "الصحيحة" (2531).

    • وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ((من خرج من بيته متطهرًا إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم، ومن خرج إلى تسبيح الضحى لا ينصبه إلا إياه؛ فأجره كأجر المعتمر، وصلاة على إثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين)) رواه الإمام أحمد (5/268)، وأبو داود (558) من حديث أبي أمامة (رضي الله عنه)، وسكت عنه أبو داود (رحمه الله)، ووافقه الحافظ المنذري في "ترغيبه" وقد قال في مقدمة الكتاب: ((كل حديث عزوته إلى أبي داود وسكتُّ عنه فهو كما ذكر أبو داود، ولا ينزل عن درجة الحسن، وقد يكون على شرط الشيخين أو أحدهما)) اهـ، وحسَّنه الشيخ ناصر الدين الألباني (رحمه الله).

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الخامسة والتسعون (95)
    من وصايا سعيد بن العاصي لابنه
    قال سعيد بن العاصي لابنه:
    ((اقتصد فى مزاحك؛ فإن الإفراط فيه يذهب البهاء، ويُجَرِّئ عليك السفهاء، وإن التقصير فيه يَفُضُّ عنك المؤانسين، ويُوحش منك المصاحبين)). ["أدب الدنيا والدين"].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية السادسة والتسعون (96)
    وصية أخرى من وصايا سعيد بن العاصي لولده

    عن أبي بكر المدني قال: قال سعيد بن العاصي:
    ((يا بَني، إن المكارم لو كانت سهلة يسيرة لسابقكم إليها اللئام، ولكنها كريهة مرة لا يصبر عليها إلا مَن عرف فضلها، ورجا ثوابها[1])). ["شعب الإيمان" للإمام البيهقي].

    ♦ ♦ ♦
    الوصايا السابعة والتسعون (97)
    من وصايا عبد الملك بن مروان لبنيه

    قال عبد الملك بن مروان لبنيه:
    ((كفوا الأذى، وابذلوا المعروف، واعفوا إذا قدرتم، ولا تبخلوا إذا سُئلتم، ولا تُلحفوا[2] إذا سَألتم؛ فإنه مَن ضَيَّق ضُيِّق عليه، ومَن أعطى أخلف الله عليه)) ["العِقد الفريد"].

    ♦ ♦ ♦
    الوصايا الثامنة والتسعون (98)
    وصية أخرى من وصايا عبد الملك بن مروان لبنيه

    وقال عبد الملك أيضًا لبنيه:
    ((يا بَنِيَّ، تعلموا العلم؛ فإن كنتم سَادةً فُقْتُم، وإن كنتم وسطًا سُدْتُم، وإن كنتم سُوقة عِشْتُم)). ["أدب الدنيا والدين" للإمام الماوردي].

    وذُكر على وجهٍ آخرَ:
    ((يا بَنِيَّ، تعلموا العلم، فإن استغنيتم كان لكم كمالاً، وإن افتقرتم كان لكم مالاً)) ["جامع بيان العلم وفضله" لابن عبد البر (رحمه الله)].

    وأورده في "بهجة المجالس" مطولاً:
    قال عبد الملك بن مروان لبنيه: يا بَني، لو عداكم ما أنتم فيه ما كنتم تعولون عليه؟ فقال الوليد: أما أنا ففارس حرب، وقال سليمان: أما أنا فكاتب سلطان، وقال ليزيد: فأنت؟ فقال: يا أمير المؤمنين، ما تركا غاية لمختار.

    فقال عبد الملك: فأين أنتم يا بَنيّ، من التجارة التي هي أصلكم ونسبتكم؟

    فقالوا: تلك صناعة لا يفارقها ذل الرغبة والرهبة، ولا ينجو صاحبها من الدخول في جملة الدهماء والرعية.

    قال:
    ((فعليكم إذًا بطلب الأدب؛ فإن كنتم ملوكًا سُدتم، وإن كنتم أوساطًا رأستم، وإن أعوزتكم المعيشة عشتم)).

    ♦ ♦ ♦
    الوصية التاسعة والتسعون (99)
    وصية عروة بن الزبير - رحمه الله - لبنيه

    كان عروة بن الزبير (رحمه الله) يجمع بنيه، فيقول:
    ((يا بَنِيَّ، إن أزهد الناس في عالم أهله، فهلموا فاطلبوا العلم؛ فإن تكونوا صغار قوم لا يُحتاج إليكم، فعسى أن تكونوا كبار قوم آخرين لا يُستغنى عنكم.

    واسَوْءَتا! ماذا أقبح من شيخ جاهل؟! [3].

    يا بَنِيَّ، لا يُهْدِيَنَّ أحدكم إلى ربه ما يستحي أن يُهديه إلى حريمه؛ فإن الله أكرم الكرماء، وأحق من اختير له.

    يا بني، إذا رأيتم خَلَّةً رائعة من شر من رجل فاحذروه، وإن كان عند الناس رَجُلَ صدق؛ فإن لها عنده أخوات.

    وإذا رأيتم خلة رائعة من خير من رجل فلا تقطعوا إنَاتَكم منه، وإن كان عند الناس رَجُلَ سوءٍ؛ فإن لها عنده أخوات..

    يا بني! الناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم)).

    ["مقدمة سنن الدارمي"، و"البيان والتبيين" (2/106)، و"الأمالي" لأبي علي القالي، و"شعب الإيمان" للبيهقي، و"جامع بيان العلم" لابن عبد البر، وابن أبي خيثمة في "تاريخه"، الفِقرة الأولى، (2/143) برقم (2110) ط/ الفاروق الحديثة للطباعة والنشر].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية المائة (100)
    وصية عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - لابنه
    عن عمر بن حفص قال: حدثني عبد العزيز بن عمر قال: قال لي أبي:
    ((يا بني، إذا سمعت كلمة من امرىء مسلم فلا تحملها على شيء من الشر ما وجدت لها محملاً من الخير)).["الحلية"].

    [1] أخذ أبو الطيب هذا المعنى فقال:
    لولا المشقةُ سَادَ الناسُ كلُّهم
    الجودُ يُفْقِرُ والإِقْدَامُ قَتَّالُ
    [2] ألحف السائل ، أي أَلَحَّ ، يقال : ليس للمُلْحف مِثْلُ الرَّدِّ.
    [3] قالوا :"الجاهل صغير وإن كان شيخًا ، والعالم كبير وإن كان حدثًًا"، ولله در من قال:
    تعلم فليس المرء يولد عالمًا
    وليس أخو علم كمن هو جاهل
    وإن كبير القوم لا علم عنده
    صغير إذا التفت عليه المحافل


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/51834/#ixzz3WW8xzfug
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    من روائع وصايا الآباء للأبناء  Empty رد: من روائع وصايا الآباء للأبناء

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين أبريل 06, 2015 2:53 am

    من روائع وصايا الآباء للأبناء (18)

    ( طاقة عطرة من وصايا آباء أَلِبَّاء: صلحاء وأتقياء، وعلماء وحكماء، وأدباء وشعراء... يَقْدُمُهم الرسل والأنبياء.
    وإنما هذه الوصايا نفعها لمن عقلها، ثم ألزم نفسه العمل بها )

    (الحلقة الثامنة عشرة)
    (الوصايا من 101 إلى 110)
    الوصية الحادية والثانية بعد المائة الأولى (101، 102)
    من وصايا أكثم بن صيفي لبنيه:
    قال أكثم بن صيفي لبنيه:
    (( يا بَني، ذللوا أخلاقكم للمطالب، وقوموها على المحامد، وعلموها المكارم.

    ولا تقيموا على خلق تذمونه مِن غيركم، وصلوا من رغب إليكم، وتخلقوا بالجود يلبسكم المحبة، ولا تعتقدوا البخل فتتعجلوا الفقر )).

    وقال لهم أيضًا:
    (( يا بَني، لا يحملنكم جمال النساء عن صَرَاحَة النسب؛ فإن المناكح الكريمة مَدْرَجَةٌ للشرف )).
    [ " أدب الدنيا والدين" للإمام الماوردي رحمه الله]
    ♦♦♦♦

    الوصية الثالثة بعد المائة (103)
    وصية خالد بن صفوان لابنه
    قال خالد بن صفوان لابنه:
    ((كن أحسن ما تكون في الظاهر حالاً، أقل ما تكون في الباطن مآلاً. ودع من أعمال السر ما لا يصلح لك في العلانية.
    يا بنى، أوصيك باثنتين لن تزال بخير ما تمسكت بهما: درهمك لمعاشك، ودينك لمعادك )).

    [ " العِقد الفريد " لابن عبد ربه ].
    ♦♦♦♦

    الوصية الرابعة بعد المائة (104)
    وصية عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي لابنه سفيان
    قال الإمام سفيان بن عيينة ( رحمه الله ): لما بلغت خمس عشرة سنة، قال لي أبي:
    (( يا بني، قد انقطعت عنك شرائع الصبا، فاختلط بالخير تكن من أهله، ولا تزايله فتبين منه.
    ولا يغرنك مَن مدحك بما تعلم أنت خلافه من نفسك؛ فإنه ما مِن أحد يقول في أحد من الخير ما لم يعلم منه إذا رضي، إلا قال فيه مِن الشر على قدر ما مدحه إذا سخط.

    واستأنس بالوحدة مِن جلساء السوء، تسلم من غِبِّ عواقبهم.

    ولا تنقل أحسن ظني بك إلى أسوإِ ظني بمن هو دونك.

    واعلم أنه لن يسعد بالعلماء إلا مَن أطاعهم، فأطعهم تسعد، واخدمهم تقتبس من علمهم )).

    قال الإمام الهمام، الثقة الثبت شيخ الإسلام، الحِبْل اللوذعي، الحصيف الألمعي... سفيان بن عيينة ( قدس الله سره ):
    (( فجعلتُ وصية أبي هذه قِبلةً أميل إليها، ولا أميل عنها، ولا أعدل عنها )).

    [ " الزهد الكبير " للبيهقي، و" كتاب العيال" لابن أبي الدنيا ].
    ♦♦♦♦

    الوصية الخامسة بعد المائة (105)
    وصية علقمة العُطاردي لابنه
    عن سفيان بن عيينة ( رحمه الله ) قال: قال علقمة بن لَبِيد العُطَارِدي لابنه:
    (( يا بني، إذا نزغتك إلى صحبة الرجال حاجة، فاصحب مَنْ إن صحبته زانك، وإن خدمته صانك، وإن أصابتك خصاصة مانك[1]، وإن قُلْتَ صَدَّقَ قولَك، وإن صُلت شد صولك، وإن مددت يدك بفضل مدها، وإن رأى منك حسنة عَدَّها، وإن رأى منك سيئة سدها، وإن سألته أعطاك، وإن سكتَّ عنه ابتداك، وإن نزلت بك إحداى الملمات آساك، مَنْ لايأتيك منه البوائق[2]، ولا تختلف عليك منه الطرائق، ولا يخذلك عند الحقائق، وإن حاول حويلاً آمرك[3]، وإن تنازعتما مُنْفِسًا[4] آثرك )).

    ["عيون الأخبار" لابن قتيبة (رحمه الله) ].
    ♦♦♦♦

    الوصية السادسة بعد المائة (106)
    من وصايا أبي الأسود الدُّؤَلي لابنه

    وقال أبو الأسود الدؤلي (رحمه الله) لابنه:
    (( يا بني، إن كنتَ في قوم فلا تتكلم بكلام مَنْ هو فوقك فَيَمْقُتُوك، ولا بكلام مَن هو دونك فَيَزْدَرُوك )).
    [ "أدب الدنيا والدين" للإمام الماوردي ].
    ♦♦♦♦

    الوصية السابعة بعد المائة (107)
    وصية عبد الله بن الأهتم لابنه

    وصَّى عبد الله بن الأهتم ابنه فقال:
    (( يا بني، لا تطلب الحوائج من غير أهلها، ولا تطلبها فى غير حينها، ولا تطلب ما لست له مُسْتَحِقًّا؛ فإنك إن فعلت ذلك كنت بالحرمان حَقِيقًا )).

    [" أدب الدنيا والدين " للإمام الماوردي (رحمه الله) ].
    ♦♦♦♦

    الوصية الثامنة بعد المائة (108)
    من وصايا وَهْب بن مُنَبِّه - رحمه الله - لابنه
    قال وهب بن منبه (رحمه الله) لابنه:
    (( يا بُنَيَّ، عليك بالحكمة؛ فإنَّ الخيرَ في الحكمةِ كُلَّهُ، وَتُشَرِّفُ الصَّغِيرَ عَلَى الْكَبِيرِ، وَالْعَبْدَ عَلَى الْحُرِّ، وَتَزِيدُ السَّيِّدَ سُؤْدُدًا، وَتُجْلِسُ الْفَقِيرَ مَجَالِسَ الْمُلُوكِ)).
    ["السنن" للإمام الدارمي رحمه الله].
    ♦♦♦♦

    الوصية التاسعة بعد المائة (109)
    وصية أخرى من وصايا وَهْب بن مُنَبِّه - رحمه الله - لابنه

    وقال:
    ((يا بني، لا تُجَادِلَنَّ العلماءَ فتهونَ عليهم فيرفضوك، ولا تُمَارِيَنَّ السفهاء فَيَجْهَلُوا عليك ويشتموك؛ فإنه يلحق بالعلماء مَن صبر ورأى رأيَهم، وينجو من السفهاء مَن صمت وسكت عنهم.

    ولا تَحْسَبَنَّ أنك إذا مَارَيْتَ الفقيهَ إلا زِدْتَه غيظًا دائبًا عليك.

    ولا تَحْمَيَنَّ من قليل تسمعُه؛ فيوقعَك في كثير تكرهُه.

    ولا تَفْضَحْ نَفْسَكَ لِتُشْفِيَ غيظَك، فإنْ جَهِلَ عليك جاهلٌ فَلْيَنْفَعَنَّ إياك حِلْمُك.

    وإنك إذا لم تُحْسِنْ حتى يُحْسَنَ إليك فما أَجْرُك؟ وما فَضْلُك على غيرك؟

    فإذا أردت الفضيلةَ فَأَحْسِنْ إلى مَن أساء إليك، واعفُ عمن ظلمك، وانْفَعْ مَن لم يَنْفَعْكَ، وانتظرْ ثوابَ ذلك مِن قِبَل الله؛ فإن الحسنة الكاملة التي لا يريد صاحبُها عليها ثوابًا في الدنيا )).

    ["الروضة" ]
    ♦♦♦♦

    الوصية العاشرة بعد المائة (110)
    وصية ضَيْغَم[5] - رحمه الله - لبنيه
    قال مالك بن ضيغم: لما احتُضِر أبي قلنا له: ألا تُوصي؟ قال:
    (( بلى: أوصيكم بما أوصى به إبراهيمُ بنيه ويعقوبُ: ﴿يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة:132].

    وأوصيكم بصلة الرحم، وحسن الجوار، وفعل ما استطعتم من المعروف، وادفنوني مع المساكين )).
    ["عيون الأخبار" للإمام ابن قتيبة رحمه الله "].

    [1] الخصاصة: الفقر والحاجة وسوء الحال، ومانك: أي: حمل مؤنتك وقام بكفايتك.
    [2] البوائق: الدواهي والغوائل والشرور، المفرد: بائقة.
    [3] يقال: حاول الشيء، إذا أراده ورامه، والاسم: الحويل. وآمرك: أي: شاورك.
    [4] النفيس والمُنْفِس: كل شيء له خطر وقدر.
    [5] تُوفي - رحمه الله - سنة ثمانين ومائة. وانظر نبذة من ترجمته في "السير" للذهبي (8/421).



    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/52182/#ixzz3WW944Lcx
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    من روائع وصايا الآباء للأبناء  Empty رد: من روائع وصايا الآباء للأبناء

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين أبريل 06, 2015 2:53 am

    من روائع وصايا الآباء للأبناء

    (طاقة عطرة من وصايا آباء أَلِبَّاء: صلحاء وأتقياء، وعلماء وحكماء، وأدباء وشعراء... يَقْدُمُهم الرسل والأنبياء.
    وإنما هذه الوصايا نفعها لمن عقلها، ثم ألزم نفسه العمل بها)

    (الحلقة التاسعة عشرة)
    (الوصايا من 111 إلى 120)
    الوصية الحادية عشرة بعد المائة الأولى (111)
    وصية طاوس بن كيسان - رحمه الله - لابنه
    عن عبد الله بن طاوس قال: قال لي أبي:
    (( يا بني، صاحب العقلاء تنسب إليهم وإن لم تكن منهم. ولا تصاحبِ الجهال فتنسب إليهم وإن لم تكن منهم. واعلم أن لكل شيء غاية، وغاية المرء حسن الخلق )).
    [" حلية الأولياء" لأبي نعيم].


    ♦ ♦ ♦
    الوصية الثانية عشرة بعد المائة (112)
    وصية مُطَرِّف بن عبد الله لابنه
    قال مطرف بن عبد الله لابنه:
    (( الحسنة بين السيئتين[1]، وخير الأمور أوساطها، وشرُّ السَّيْرِ الحَقْحَقَةُ[2])).
    [ " عيون الأخبار" (1/138)]

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الثالثة عشرة بعد المائة (113)
    وصية يحيى بن خالد لابنه
    قال المدائني:
    أوصى يحيى بنُ خالد ابنَه فقال:
    )) يا بني، إذا حدَّثك جليسُك حديثًا فأَقْبِلْ عليه، وأَصْغِ إليه، ولا تقل: "قد سمعته"، وإن كنت أحفظ له، وكأنك لم تسمعه إلا منه؛ فإن ذلك يكسبك المحبةَ والمَيْلَ إليك )).
    [" بهجة المجالس " للإمام ابن عبد البر - رحمه الله - (ص43)].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الرابعة عشرة بعد المائة (114)
    وصية أخرى من وصايا يحيى بن خالد لولده
    أوصى يحيى بن خالد ابنه جعفرًا، فقال:
    (( يا بني، خُذْ من كل علم بحظ؛ فإنك إن لم تفعل جهلت، وإن جهلت شيئًا من العلم عاديته لما جهلت، وعزيز عليَّ أن تعادي شيئًا من العلم )).
    [ "جامع بيان العلم وفضله" لابن عبد البر. وأورده ابن الجوزي في كتاب "الأذكياء" بلفظ" الأدب" بدل "العلم" ].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الخامسة عشرة بعد المائة (115)
    وصية ثالثة من وصايا يحيى بن خالد
    وقال له أيضًا:
    (( لا تردَّ على أحد جوابًا حتى تفهم كلامه؛ فإن ذلك يصرفك عن جواب كلامه إلى غيره، ويؤكد الجهل عليك. ولكن افهم عنه، فإذا فهمت فأجبه.

    ولا تتعجل بالجواب قبل الاستفهام.

    ولا تستح أن تفهم إذا لم تفهم؛ فإن الجواب قبل الفهم حمق.

    وإذا جهلت قبل أن تسأل فاسأل؛ فيبدو لك.

    واستفهامك أحمد بك، وخير لك من السكوت على العِي )). ["الجامع"].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية السادسة عشرة بعد المائة (116)
    كتاب يحيى بن خالد لابنه الفضل
    قلد هارونُ الرشيد (رحمه الله) الفضلَ بنَ يحيى عملَ خراسان، فتوجه إليها، وأقام بها مدة. وبعد زمن وصل كتاب صاحب البريد بخراسان إلى هارون الرشيد ويحيى جالس بين يديه، ومضمون الكتاب أن الفضل بن يحيى متشاغل بالصيد وإدمان اللذات عن النظر في أمور الرعية.

    فلما قرأه الرشيد رمى به إلى يحيى، وقال له: يا أبت! - وكان يدعوه يا أبت - اقرأ هذا الكتاب واكتب إليه بما يردعه عن هذا.

    فكتب يحيى على ظهر كتاب صاحب البريد:
    (( حفظك الله يا بني، وأمتع بك. قد انتهى إلى أمير المؤمنين ما أنت عليه من التشاغل بالصيد ومداومة اللذات عن النظر في أمر الرعية ما أنكره!

    فعاود ما هو أزين بك؛ فإنه مَن عاد إلى ما يزينه وترك ما يشينه لم يعرفه أهل دهره [بلده] إلا به. والسلام. )).
    وكتب قي أسفله هذه الأبيات:
    حتّى إذا الليل أتى مقبلًا
    واستترت فيه عيون الرقيب[3]
    فكابد الليل بما تشتهي
    فإنما الليل نهار الأريب
    كم من فتى تحسبه ناسكًا
    يستقبل الليل بأمر عجيب
    غطّى عليه الليل أستاره
    فبات في لهو وعيش خصيب
    ولذة الأحمق مكشوفة
    يسعى بها كل عدو رقيب

    والرشيد ينظر إلى ما يكتب، فلما فرغ قال:
    (( قد أبلغت يا أبت )).
    ولما ورد الكتاب على الفضل لم يفارق المسجد نهارًا إلى أن انصرف من عمله.
    [ "وفيات الأعيان" لابن خلكان (4/28-29)، وعنه ابنُ العماد الحنبلي في "شذرات الذهب في أخبار مَن ذهب" (1/331-332).

    وألق نظرة على ما أورده ابن عبد ربه في "العقد" (8/93) ط/ دار الكتب العلمية، وهذا الأخير إن صح عنه فله محمل جيد، ينتظمه ما ذكره ابنُ المقفع في "الأدب الصغير" (ص31) وما علقناه ثَمَّ].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية السابعة عشرة بعد المائة (117)
    وصية محمد بن سيرين بنيه
    قال ابن سعد في "الطبقات الكبير":
    أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: أخبرنا ابن عَوْن, قال: كانت وصية ابن سيرين: ذِكْرُ ما أوصى به محمد بن أبي عَمْرَةَ بنيه وأهله: أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم، وأن يطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأوصاهم بما أوصى به إبراهيمُ بنيه ويعقوبُ: ﴿ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 132].

    وأوصاهم أن لا يدعوا أن يكونوا إخوان الأنصار ومواليهم في الدين، فإن العفاف والصدق خير وأبقى، وأكرم من الزنا والكذب.

    وأوصى فيما ترك: إن حَدَثَ بي حَدَثٌ قبل أن أُغَيِّرَ وصيتي... فذكر الوصية.
    [نقلها الذهبيُّ في "السير" (4/620-621)].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الثامنة عشرة بعد المائة (118)
    وصية الوليد بن أبان الكرابيسي لبنيه
    قال العلامة أبو الفرج ابنُ الجوزي - رحمه الله - في كتابه النفيس "تلبيس إبليس"[4]:
    (( وقد ورد ذم الكلام على ما قد أشرنا إليه، وقد نُقل إلينا إقلاع منطقيّي المتكلمين عما كانوا عليه؛ لما أروا من قبح غوائله )).

    ثم روى بإسناده عن أحمدَ بن سنان، قال:
    كان الوليد بن أبان الكرابيسيُّ خالي، فلما حضرته الوفاةُ قال لبنيه: (( تعلمون أحدًا أعلمَ بالكلام مني؟ ))، قالوا: لا، قال: (( فتتهمونني؟))، قالوا: لا، قال: (( فإني أوصيكم، أتقبلون؟ ))، قالوا: نعم، قال: (( عليكم بما عليه أصحاب الحديث؛ فإني رأيت الحق معهم )).

    ♦ ♦ ♦
    الوصية التاسعة عشرة بعد المائة (119)
    وصية الربيع بن خثيم - رحمه الله - لابنته حين طلبت منه اللعب
    ذكروا أن الزاهد الكبير الربيع بن خُثَيْمٍ - رحمه الله - جاءَتْهُ بُنَيَّةٌ له فقالت: يا أبت! أذهبُ ألعبُ؟ فقال: (( اذهبي فقولي خيرًا وافعلي خيرًا ))[5].
    ["البيان والتبيين" (3/81)، و"الحلية" (2/115)].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية العشرون بعد المائة (120)
    وصية سعد الخير لابنه
    عن عبد الملك بن عمير - رحمه الله - أن سعد الخير كان يقول لابنه:
    (( أظهر اليأس فإنه غنى. وإياك وطلب ما عند الناس؛ فإنه فقر حاضر. وإياك وما يعتذر منه.

    وأسبغ الوضوء. وصلِّ صلاة مودع عسى أن لا تصلي غيرها. وإن استطعت أن تكون اليوم خيرًا منك أمس، وغدًا خيرًا منك اليوم؛ فافعل[6])).
    [ أخرجه الإمام البيهقي في "الزهد الكبير"].

    [1] يعني: بين الإفراط والتقصير، حسبما فسره ابنُ قتيبة في موضعٍ آخرَ.
    [2] الحقحقة: أشد السير. وفي معناه: ((من استعجل كثيرًا بقي في الطريق))، وينتظم هذا المعنى الحديث الضعيف: ((إن المُنْبَتَّ لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقى))، وكذا قولهم: ((رُبَّ عَجَلة تهب رَيْثًا)).
    [3]في "وفيات الأعيان": [وجوه العيوب].
    [4](ص86) ط/ مكتبة الإيمان.
    [5] ثم رأيت الإمام أحمد رواه في "الزهد" بلفظ: جاءت ابنة الربيع وعنده أصحاب له، فقالت: يا أبتاه، أذهب ألعب؟ فقال: ((لا))، فقال القوم: يا أبا يزيد، ائذن لها تلعب، قال: ((لا يوجد ذلك في صحيفتي أني قلت لها: اذهبي العبي، ولكن: اذهبي فقولي خيرًا أو افعلي خيرُا)). فعلى هذا يخرج الأمر على التورع عن لغو الكلام.
    [6] ولله در من قال: "مَن استوى يوماه فهو مغبون"، ويُروى هذا الكلام مرفوعًا، ولا يثبت من قول الرسول -صلى الله عليه وسلم -. وقد رواه أبو نعيم في "الحلية" (8/35) قال: أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ، وَحَدَّثَنِي عَنْهُ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَاهِينٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصَّارٍ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أدْهَمَ، يَقُولُ: بَلَغَنِي أَنَّ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ (رَحِمَهُ اللهُ) رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَنَامِهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، عِظْنِي قَالَ: ((مَنِ اسْتَوَى يَوْمَاهُ فَهُوَ مَغْبُونٌ، وَمَنْ كَانَ غَدُهُ شَرًّا مِنْ يَوْمِهِ فَهُوَ مَلْعُونٌ، وَمَنْ لَمْ يَتَعَاهَدِ النُّقْصَانَ مِنْ نَفْسِهِ فَهُوَ فِي نُقْصَانٍ، وَمَنْ كَانَ فِي نُقْصَانٍ فَالْمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ)).


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/54751/#ixzz3WW9APXwR
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    من روائع وصايا الآباء للأبناء  Empty رد: من روائع وصايا الآباء للأبناء

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين أبريل 06, 2015 2:54 am

    (الحلقة العشرون)
    (الوصايا من 121 إلى 130)
    الوصية الحادية والعشرون بعد المائة الأولى (121)
    وصية الأشعث بن قيس لبنيه
    قال الأشعث بن قيس (رضي الله عنه) لبنيه:
    ((يا بَنِيَّ، لا تَذلوا فى أعراضكم ، وانخدعوا فى أموالكم، ولتَخِفَّ بطونكم من أموال الناس، وظهوركم من دمائهم؛ فإن لكل امرئ تَبِعَةً.

    وإياكم وما يُعتذر منه أو يُستحَى؛ فإنما يُعتذر مِن ذنب، ويستحى مِن عيب.

    وأصلحوا المال لجفوة السلطان، وتغير الزمان.

    وكفوا عند الحاجة عن المسألة؛ فإنه كفى بالرد منعًا.

    وأجملوا فى الطلب، حتى يوافق الرزق قدرًا.

    وامنعوا النساء مِن غير الأَكْفَاء[1]، فإنكم أهل بيت يتأسى بكم الكريم، ويتشرف بكم اللئيم.

    وكونوا فى عوام الناس مالم يضطرب الحَبْل[2]، فإذا اضطرب الحبل فالحقوا بعشائركم)).
    ["العقد"]

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الثانية والعشرون بعد المائة (122)
    وصية الهيثم بن صالح ابنه
    قال الهيثم بن صالح لابنه وكان خطيبًا:
    ((يا بني، إذا أقللت من الكلام أكثرت من الصواب، وإذا أكثرت من الكلام أقللت من الصواب)).

    قال: يا أبه، فإن أكثرت وأكثرت (يعني: كلامًا وصوابًا)؟
    فقال: ((يا بني، ما رأيت موعوظًا أحق بأن يكون واعظًا منك)).
    ["البيان والتبيين" للجاحظ]

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الثالثة والعشرون بعد المائة (123)
    وصية عبيد الله بن أبي المهاجر لبنيه
    عن إبراهيم بن شيبان قال:
    سمعت إسماعيل بن عبيد الله يقول: لما حضرت أبي الوفاةُ جمع بنيه، وقال:
    (( يا بَنِيَّ، عليكم بتقوى الله. وعليكم بالقرآن فتعاهدوه. وعليكم بالصدق، حتى لو قَتَلَ أحدُكم قتيلاً ثم سُئل عنه أَقَرَّ به، والله، ما كذبت كذْبةً منذ قرأت القرآن.

    يا بَنيَّ، وعليكم بسلامة الصدور لعامة المسلمين، فو الله، لقد رأيتني وأنا لا أخرج مِن بابي وما ألقى مسلمًا إلا والذي في نفسي له كالذي في نفسي لنفسي، أفترون أني لا أحب لنفسي إلا خيرًا ؟)).

    ["الحلية" [(6/85) = (6/78) رَقْم (7906) ط/ مكتبة الإيمان]

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الرابعة والعشرون بعد المائة (124)
    وصية زيد بن أسلم لابنه
    عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (رحمه الله) قال: كان أبي يقول:
    ((أي بني، كيف تعجبك نفسك وأنت لا تشاء أن ترى مِن عباد الله مَن هو خير منك إلا رأيته؟!
    يا بني، لا تَرَ أنك خيرٌ مِن أحد يقول: "لا إله إلا الله" حتى تدخلَ الجنة ويدخلَ النار، فإذا دخلت الجنة ودخل النار؛ تبين لك أنك خير منه)).
    ["حلية الأولياء" لأبي نعيم ]

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الخامسة والعشرون بعد المائة (125)
    وصية محمد بن السعدي ابنه عروة
    قال محمد بن السعدي لابنه عروة لما ولي اليمن:
    (( إذا غضبت فانظر إلى السماء فوقك، وإلى الأرض تحتك؛ ثم عَظِّم خالقَهما )).
    ["الروضة"]

    ♦ ♦ ♦
    الوصية السادسة والعشرون بعد المائة (126)
    وصية سليمان بن طرخان التيمي ابنه المعتمر
    عن محمد بن عبد الأعلى قال: سمعت المعتمر بن سليمان (رحمه الله) يقول: كتب إليَّ أبي وأنا بالكوفة:
    (( يا بني! انظر في المصحف، واكتب العلم؛ فإن المال يفنى، والعلم يبقى )).
    ["شعب الإيمان" للإمام البيهقي]

    ♦ ♦ ♦
    الوصية السابعة والعشرون بعد المائة (127)
    وصية مسلم بن قتيبة لابنه
    عن الأصمعي والعتبي قالا:
    قال مسلم بن بن قتيبة لابنه:
    ((لا تطلبن حاجتك إلى واحد من ثلاثة:
    • لا تطلبها إلى الكذاب؛ فإنه يقربها وهي بعيدة، ويبعدها وهي قريبة.
    • ولاتطلبها إلى الأحمق؛ فإنه يريد أن ينفعك وهو يضرك.
    • ولا تطلبها إلى رجل له عند قوم مَأْكلة؛ فإنه يجعل حاجتك وِقَاءً لحاجته ))
    ["الأمالي" لأبي على القالي، وقابل بما في "البيان والتبيين" (2/104)]

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الثامنة والعشرون بعد المائة (128)
    وصية أبي قيس ابن معد يكرب لبنيه
    قال أبو قَيْس ابن مَعْدِ يكرِب، وكان له أَحَدَ عَشَرَ ذَكَرًا:
    (( يا بَني، اطلبوا هذا المالَ أجملَ الطلبِ، واصرفوه في أحسن مذهب، صِلُوا به الأرحامَ، واصطنعوا به الأقوامَ، واجعلوه جُنَّةً لأعراضكم، تَحْسُنْ في الناس قَالَتُكُم؛ فإن جَمْعَه كمالُ الأدبِ، وبَذْلَه كمالُ المروءة، حتى إنه لَيُسَوِّدُ غيرَ السَّيِّدِ، ويُقَوِّي غير الْأَيِّدِ [3]، وحتى إنه ليكون في أَنْفُسِ الناسِ نبيهًا، وفي أَعْيُنِهِم مهيبًا.

    ومَنْ جمع مالًا فلم يَصُنْ عِرْضًا، ولم يُعْطِ سائلًا؛ بحث الناس عَن أصله، فإنْ كان مَدْخُولًا هَتَكُوه، وإن كان صحيحًا نسبوه: إما إلى عِرْضٍ دَنِيَّة، وإما إلى لَوْصٍ لئيمٍ[4]؛ حتى يهجنوه )).
    ["روضة العقلاء"]

    ♦ ♦ ♦
    الوصية التاسعة والعشرون بعد المائة (129)
    وصية عتبة بن أبي سفيان لابنه
    عن العتبي قال:
    قال الوليد بن عتبة بن أبي سفيان: كنت أساير أبي ورجل يقع في رجل[5]، فالتفت إليَّ أبي، فقال:
    (( يا بني، نَزِّه سمعك عن استماع الخَنَا[6] كما تُنَزِّه لسانك عن الكلام به؛ فإن المستمع شريك القائل[7].

    ولقد نظر إلى أخبث ما في وعائه فأفرغه في وعائك، ولو رُدَّتْ كلمةُ جاهل في فيه؛ لسَعِدَ رادُّها كما شقي قائُلها )).
    [ "عيون الأخبار" للإمام ابن قتيبة رحمه الله]

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الثلاثون بعد المائة (130)
    وصية أبي حازم سلمة بن دينار لابنه
    قال سلمة بن دينار - والد الإمام الكبير حماد بن سلمة (رحمهما الله) -:
    ((يا بني، لا تقتدِ بمن لا يخاف الله بظهر الغيب، ولا يعفو عن العيب، ولا يصلح عند الشيب)).
    ["الحلية"]

    [1] يعجبني ما نقله عمرو بن بحر في "البيان" (1/104) عن الأحنف قال: ((ثلاثة لا أناة فيهن عندي)). قيل: وما هن يا أبا بحر؟ قال: ((المبادرة بالعمل الصالح، وإخراج ميتك، وأن تنكح الكفءَ أَيِّمَك)) وكان يقول: ((لأفعى تحكك في ناحية بيتي أحب إليَّ من أَيِّمٍ رددتُ عنها كفؤًا)). وكان يقال: ((ما بعد الصواب إلا الخطأ ، وما بعد منعهن من الأكفاء إلا بذلهن للسفلة والغوغاء)).
    [2] الْحَبْل: العهد والأمان.
    [3] الأيِّد: القوي.
    [4] المعنى: اجتهدوا في التنقيب عن أصل خداع وعنصر لئيم لينسبوه إليه.
    [5] قال في "المصباح المنير": ((وقع فلان في فلان وُقُوعًا وَوَقِيعة: سَبَّهُ وَثَلَبَهُ)) ، وفي "اللسان": ((الوقيعة في الناس: الغيبة، وَوَقَع فيهم وقوعًا ووقيعة: اغتابهم، وهو رجل وَقَّاع وَوَقَّاعة أي: يغتاب الناس. وقد أظهر الوقيعة في فلان ، إذا عابه)).
    [6] الخنا: الفحش وقبيح الكلام.
    [7] والدليل على أن المستمع شريك القائل إذا أقره ولم ينكر عليه ، قول ربنا (تعالى ذكره): ﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ ﴾ [النساء: 140] ، أي: إنكم إن قعدتم معهم مثلهم في الإثم.فالحذرَ الحذرَ.
    فسمعك صن عن سماع القبيح
    كصون اللسان عن النطق به
    فإنك عند سماع القبيح
    شريك لقائله فانتبه


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/55389/#ixzz3WW9GlMk8
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    من روائع وصايا الآباء للأبناء  Empty رد: من روائع وصايا الآباء للأبناء

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين أبريل 06, 2015 2:54 am

    (الحلقة الحادية والعشرون)
    (الوصايا من 131 إلى 140)
    الوصية الحادية والثلاثون بعد المائة الأولى (131)
    وصية مسعر بن كدام لابنه في ترك المراء والمزاح
    عن جعفر بن عون وابن عيينة قالا: سمعنا مسعر بن كدام يقول لابنه كدام:
    إِنِّي نَحَلْتُكَ يَا كِدَامُ نَصِيْحَةً
    فَاسْمَعْ مَقَالَ أَبٍ عَلَيْكَ شَفِيْقِ
    أَمَّا الْمُزَاحُ مَعَ الْمُرَاءِ فَذَرْهُمَا
    خُلُقَانِ لاَ أَرْضَاهُمَا لِصَدِيْقِ
    إِنِّي بَلَوْتُهُمَا فَلَمْ أَحْمَدْهُمَا
    لِمُجَاوِرٍ جَارًا وَلاَ لِشَقِيْقِ
    وَالْجَهْلُ يُزْرِي بِالْفَتَى فِي قَوْمِهِ
    وَعُرُوْقُهُ فِي النَّاسِ أَيُّ عُرُوْقِ

    ["روضة العقلاء"، وهو أيضًا في "عيون الأخبار" (1/318)، و"حلية الأولياء"، و"شعب الإيمان"، و"جامع بيان العلم وفضله"].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الثانية والثلاثون بعد المائة (132)
    وصية الحارث بن عباس السُّلَمي لابنه، وهى وصية نفيسة غاية
    قال الحارث بن عباس بن مرداس السُّلمي يوصي ابنه:
    احفظ بُنَيَّ وصيةً أوصيكها
    إن كنت تؤمن بالكتاب المُنْزَلِ
    أكرم خليل أبيك حيث لقيته
    ولقد عَقَقْتَ أباك إن لم تفعلِ
    والجارَ أكرمْ جارَ بيتك ما دنا
    حتى يبين ثَواءكم في المنزلِ
    والضيفَ إنَّ له عليك وسيلةً
    لايَتْرُكَنَّكَ ضُحْكَةً للنُّزَّلِ
    ورفيقَ رَحْلِكِ لا تُجَهِّل إنما
    جهل الرفيق على الرفيق النَّيْطَلِ
    واشْغَبْ بخَصْمِكَ إنَّ خصمك مِشْغَبٌ
    وإذا علوت على الخصوم فَأَجْمِلِ
    واستوصِ خيرًا بالعشيرة كلها
    ما حَمَّلوك من المثاقل فاحْمِلِ
    يَصِلوا جناحك يا بني وإنما
    يعلو الشواهقَ ذو الجناح الأَجْدَلِ
    إن امرأ لا يستعد رجاله
    لرجال آخرَ غيرِه كالأعزلِ
    وإذا أتتك عصابة في شبهة
    يتحاكمون إليك يومًا فاعْدِلِ
    واصْدُقْ إذا حَدَّثْتَ يومًا معشرًا
    وإذا عَيِيتَ بِأَصْلِ عِلْمٍ فاسألِ
    وذرِ المَجَاهل إنها مشئومة
    وإن امرؤ أهدى النصيحة فاقْبَلِ
    ["ذيل الأمالي والنوادر" لأبي علي القالي].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الثالثة والثلاثون بعد المائة (133)
    وصية أبي الأخفش الكناني لابنه
    قال أبو الأخفش الكناني لابنٍ له:
    أبُنَيَّ لا تَكُ مَا حَيِيْتَ مُمَارِيًا
    وَدَعِ السَّفَاهَةَ إِنَّهَا لاَ تَنْفَعُ
    لاَ تَحْمِلَنَّ ضَغِيْنَةً لِقَرَابَةٍ
    إِنَّ الضَّغِيْنَةَ لِلْقَرَابَةِ تَقْطَعُ
    لاَ تَحْسَبَنَّ الْحِلْمَ مِنْكَ مَذَلَّةً
    إِنَّ الْحَلِيْمَ هُوَ الأَعَزُّ الأَمْنَعُ
    ["روضة العقلاء" للإمام ابن حبان رحمه الله].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الرابعة والثلاثون بعد المائة (134)
    وصية العتبي لابنه
    قال العتبي لابنه:
    (( يا بني، اجعل دنياك وصلة إلى دينك، ولا ترض بها عِوضًا منها؛ فإن الله -تعالى- لم يرضها ثوابًا لمن رضي عنه من أهلها، ولا عقابًا لمن سخط عليه فيها )).
    ["البصائر والذخائر" لأبي حيان].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الخامسة والثلاثون بعد المائة (135)
    وصية المنصور لابنه المهدي
    قال المنصور أمير المؤمنين لابنه المهدي:
    (( اعلم أن رضاء الناس غاية لا تدرك، فتحبب إليهم بالإحسان جهدك، وتودد إليهم بالإفضال، واقصد بإفضالك موضع الحاجة منهم )).
    [أخرجه ابن حبان في "روضة العقلاء ونزهة الفضلاء"].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية السادسة والثلاثون بعد المائة (136)
    وصية أبي إسحاق القرميسيني لابنه
    قال شيخ الصوفية ببلاد الجبل أبو إسحاق إبراهيم بن شيبان القرميسيني لابنه:
    (( يا بني، تعلم العلم لآداب الظاهر، واستعمل الورع لآداب الباطن، وإياك أن يشغلك عن الله شاغل؛ فَقَلَّ مَن أعرض عنه فأقبل عليه )).
    [رواه أبو عبد الرحمن السلمي في "طبقات الصوفية" (ص305)، ونقله ابن العماد الحنبلي "شذرات الذهب" (2/344)].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية السابعة والثلاثون بعد المائة (137)
    وصية عُمرَ بْنِ هبيرةَ بعضَ ولده
    قال ابنُ هبيرة وهو يُؤَدِّب بعض بنيه:
    ((لا تكونَنَّ أولَ مشير، وإياك والرأي الفطير، وتجنب ارتجال الكلام، ولا تُشِرْ على مُستبد ولا على وغد ولا على متلون ولا على لجوج، وخَفِ اللهَ في موافقة هوى المستشير، فإن التماس موافقته لؤم، وسوء الاستماع منه خيانة)).
    ["البيان والتبيين" (2/98)].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الثامنة والثلاثون بعد المائة (138)
    من وصايا أكثم بن صيفي لولده
    قال أكثم بن صيفي لبعض ولده:
    (( يا بني، الغنى أنفع، والسلطان أرفع، والعدو أمنع، والعافية أوسع )).
    ["البصائر والذخائر"].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية التاسعة والثلاثون بعد المائة (139)
    وصية قيس بن عاصم لبنيه
    لما حضرت قيسَ بْنَ عاصمٍ الوفاةُ دعا بنيه، فقال:
    ((يا بَني، احفظوا عني، فلا أحد أنصح لكم مني.
    إذا مت فسوِّدوا كبارَكم، ولا تُسوِّدوا صغاركم فيُسَفِّهَ الناسُ كبارَكم وتهونوا عليهم.
    وعليكم بإصلاح المال؛ فإنه منبهة للكريم، ويُستغنى به عن اللئيم.
    وإياكم ومسألةَ الناس؛ فإنها شر كسب المرء)).
    ["البيان والتبيين" لعمرو (2/39)، و"العقد الفريد"].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الأربعون بعد المائة (140)
    وصية بدويٍّ ابنَه
    قال بدويٌّ لابنه:
    ((يا بني، كن سبُعًا خالسًا، أو ذئبًا خانسًا، أو كلبًا حارسًا، وإياك أن تكون إنسانًا ناقصًا)).
    ["ربيع الأبرار" للزمخشري، و"البصائر" لأبي حيان].


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/55688/#ixzz3WW9NhUf3
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    من روائع وصايا الآباء للأبناء  Empty رد: من روائع وصايا الآباء للأبناء

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين أبريل 06, 2015 2:55 am

    (الحلقة الثانية والعشرون)
    (الوصايا من 141 إلى 145)

    الوصية الحادية والثانية والثالثة والأربعون بعد المائة الأولى (141، 142، 143)
    من وصايا المُهَلَّب بن أبي صُفْرَةَ لبنيه

    قال الأمير الجسور مُدَوِّخُ الأزارقة المُهَلَّبُ بنُ أبي صُفرة - رحمه الله - لولده:
    ((إذا سَمِعَ أحدُكم العوراءَ فَلْيَتَطَأْطَأْ لها تَخَطَّهُ))؛ ["لباب الآداب" للأمير أسامة بن منقذ (ص17)].


    ♦ ♦ ♦
    وقال لهم أيضًا:
    (( إياكم أن تجلسوا في الأسواق إلا عند زرَّاد أو ورَّاق )) أراد: الزراد للحرب، والورق للعلم. [ "العقد الفريد"، و"الحيوان" لعمرو بن بحر (ج1ص52) نشرة الأستاذ عبد السلام هارون رحمه الله].

    ♦ ♦ ♦
    وقال لأحدهم:
    (( يا بني، اخفض جناحك، واشتدَّ في سلطانك؛ فإن الناس للسلطان أهيب منهم للقرآن )). [ "البهجة" لابن عبد البر (ق1/ج1/ص343)].

    ♦ ♦ ♦
    ولما حضرتِ المهلبَ بنَ أبي صُفْرَةَ الوفاةُ، قال لولده وأهله:
    (( أوصيكم بتقوى الله، وصلة الرحم؛ فإن تقوى الله تُعْقِبُ الجنة؛ وإن صلة الرحم تُنْسِئ الأجل، وتُثري المال، وتجمع الشمل، وتُكَثِّر العدد، وتُعَمِّر الديار، وتُعِزُّ الجانب.

    وأنهاكم عن معصية الله - تعالى -؛ فإن معصية الله تعقب النار، وإن قطيعة الرحم تُورِثُ الذلة والقلة، وتُقِلُّ العدد، وتفرِّق الجمع، وتَذَرُ الديارَ بَلَاقِعَ، وتُذْهِب المال، وتُطْمِعُ العدو، وتُبدي العورة.

    يا بَنِيَّ، قومَكم قومَكم: إنه ليس لكم فضل عليهم، بل هم أفضل منكم، إذ فَضَّلُوكم وسَوَّدُوكم، أَوْطَؤُا أعقابكم، وبَلَّغُوا حاجتكم فيما أردتم وأعانوكم؛ فإنْ طَلَبُوا فأَطْلِبُوهم، وإن سألوا فأعطوهم، وإن لم يسألوا فابتدئوهم، وإن شتموا فاحتملوهم، وإن غَشُوا أبوابكم فلتُفْتَح لهم ولا تُغْلَق دونهم.

    يا بَني، إني أُحب للرجل منكم أن يكون لفعله الفضل على لسانه، وأكره للرجل منكم أن يكون للسانه الفضل على فعله.

    يا بني، اتقوا الجواب، وزلةَ اللسان؛ فإني وجدت الرَّجُلَ تَعْثُرُ قدمُه فيقوم من زلته وينتعش منها سويًّا، ويزل لسانه فيُوبِقه ويكون فيه هَلَكَتُهُ.

    يا بني، إذا غدا عليكم رجل وراح فكفى بذلك مسألةً وتذكرةً بنفسه.

    يا بني، ثيابُكم على غيركم أجملُ منها عليكم، ودوابُّكم تحت غيركم أجمل منها تحتكم.

    يا بَني، أَحِبُّوا المعروف، وأنكروا المنكر واجتنبوه؛ وآثروا الجود على البخل؛ واصطنعوا العرب وأكرموهم؛ فإن العربي تَعِدُهُ العِدَةَ فيموت دونك، ويشكر لك، فكيف بالصنيعةِ إذا وصلت إليه في احتماله لها وشكره، والوفاءِ منه لصاحبها؟

    يا بني، سَوِّدُوا أكابركم، واعرفوا فضل ذوي أسنانكم؛ وارحموا صغيركم وقرِّبوه وأَلْطِفُوه، وأجبروا يتيمكم وعُودوا عليه بما قدرتم؛ ثم خذوا على أيدي سفهائكم، وتعاهدوا فقراءكم وجيرانكم بما قدرتم عليه؛ واصبروا للحقوق ونوائب الدهور؛ واحذروا عارَ غَدٍ؛ وعليكم في الحرب بالأناة والتُّؤَدَةِ في اللقاء، وعليكم بالتماس الخديعة في الحرب لعدوكم؛ وإياكم والنَّزَقَ والعَجَلَةَ؛ فإن المكيدة والأناة والخديعة أنفعُ من الشجاعة والشدة.

    واعلموا أن القتال والمكيدة مع الصبر، فإذا كان اللقاء، نزل القضاء المبرم: فإنْ ظَفِرَ المرءُ وقد أخذ بالحزم قال القائل: قد أتى الأمرَ من وجهه؛ وإن لم يظفر قال: ما ضيَّع ولا فرَّط، ولكنَّ القضاء غالب.

    يا بَنيَّ، الزموا الحزم على أي الحالين وقع الأمر؛ والزموا الطاعة والجماعة؛ وتواصلوا وتوازروا وتعاطفوا، فإن ذلك يُثَبِّتُ المودة، وتحابُّوا؛ وخذوا بما أوصيكم به بالجِد والقوة والقيام به والتعهد له وترك الغفلة عنه؛ تظفروا بدنياكم ما كنتم فيها، وآخرتِكم إذا صرتم إليها، ولا قوة إلا بالله.

    يا بني، وليكن أولَ ما تَبْدَؤُن به أنفسَكم إذا أصبحتم: تَعَلُّمُ القرآن والسنن، وأداءُ الفرائض؛ وتأدَّبوا بأدب الصالحين مِن قبلكم مِن سلفكم؛ ولا تُقَاعِدوا أهل الزَّعَارَّة[1] والرِّيبة، ولا تخالطوهم، ولا يَطْمَعُنَّ في ذلك منكم.

    وإياكم والخفةَ في مجالسكم وكثرةَ الكلام؛ فإنه لا يسلم منه صاحبُه.

    وأَدُّوا حق الله - تعالى - عليكم؛ فإني قد أبلغت إليكم في وصيتي، واتخذت الله حجة عليكم)).

    ["لباب الآداب" لأسامة بن منقذ. وذكر عمرو بن بحر نُتَفًا منها في "البيان"، (2/98)، فقال:
    قال المهلب لبنيه:
    (( يا بني، تباذلوا تحابوا؛ فإن بني الأم يختلفون، فكيف بنو العلات؟!

    وإن البِرَّ يُنسأ في الأجل، ويَزيد في العدد.

    وإن القطيعة تُورث القلة، وتُعْقِب النار بعد الذِّلَّة.

    واتقوا زلة اللسان؛ فإن الرجل تزل رجله فينتعش، ويزل لسانه فيهلِك.

    وعليكم في الحرب بالمكيدة؛ فإنها أبلغ من النجدة، فإن القتال إذا وقع وقع القضاء، فإن ظَفَرَ فقد سَعِد، وإن ظُفِرَ به لم يقولوا: فَرَّط)).

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الرابعة والأربعون بعد المائة (144)
    من وصايا أبرويز لابنه شيرويه
    قال أبرويز لابنه شيرويه:
    ((لا توسعن على جندك فيستغنوا عنك، ولا تضيق عليهم في العطاء فيضجوا منك، وأعطهم عطاء قصدًا، وامنعهم منعًا جميلاً، ووسِّع عليهم في الرخاء، ولا توسع عليهم في العطاء)). ["البصائر والذخائر"، و"سراج الملوك" لأبي بكر الطُّرْطُوشي].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الخامسة والأربعون بعد المائة (145)
    من وصايا أنوشروان لولده

    قال أنوشروان لابنه: ((يا بني، إن من أخلاق الملوك العزَّ والأنفة. وإنك ستُبلى بمداراة أقوامٍ، وإنَّ سَفَهَ السفيه ربما تُطْلَعُ منه، فإنْ كافأته بالسَّفَه فكأنك رضيت بما أتى. فاجتنب أن تحتذي على مثاله، فإن كان سفهه عندك مذمومًا فحقِّقْ ذَمَّك إياه بترك معارضته بمثله)). [ "لباب الآداب" للأمير أسامة].

    ♦ ♦ ♦
    وكتب إلى ابنه هرمز:
    ((لا تَعُدَّ الشحيح أمينًا، ولا الكذاب حرًّا؛ فإنه لا عفة مع الشح، ولا مروءة مع الكذب)). ["ربيع الأبرار" للزمخشري، و"التذكرة الحمدونية" (ج2/ص368) رقم (944) ط/ دار صادر - بيروت].

    [1] الزَّعَارَّة - بتشديد الراء وتخفيفها: الشراسة وسوء الخلق. ولعل هذه اللفظة أقرب من تلك التي رجحها سيدي العلامة أبو الأشبال أحمد محمد شاكر - رحمه الله - في نشرته من "اللباب"، وهي: ((الدعارة))، بمعنى: الفساد، وكلتاهما صواب.


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/56082/#ixzz3WW9aMUOQ
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    من روائع وصايا الآباء للأبناء  Empty رد: من روائع وصايا الآباء للأبناء

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين أبريل 06, 2015 2:55 am

    (الحلقة الثالثة والعشرون)
    (الوصايا من 146 إلى 150)

    الوصية السادسة والأربعون بعد المائة الأولى (146)
    وصية رجل لابنه
    قال رجل لابنه: (( ابتدِ بتقوى الله - جل جلاله - وطاعته، وقدمهما مؤثرًا فضلهما متحليًا جمالهما؛ فإن التردي بهما أجمل لباس، والتحصن بهما أمنع حرز، والتشفع بهما أكرم وسيلة )).
    ["البصائر"].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية السابعة والأربعون بعد المائة (147)
    وصية رجل لبنيه

    قال رجل لبنيه:
    (( يا بَنِيَّ، لو أن رجلاً منكم أراد حاجةً احتاج فيها إلى أن يتهيأ لها، لقَدَرَ على عارية ثوب جاره ودابته، ولكن لا يقدر على لسانٍ يستعيره؛ فأصلحوا ألسنتكم )). [رواه ابن أبي الدنيا في "كتاب العيال"، وهو بمعناه في "رسائل الجاحظ"، و"لباب الآداب" لابن منقذ (ص20)].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الثامنة والأربعون بعد المائة (148)
    وصية رجل لابنه

    أوصى رجل ابنه فقال: (( إن وصيتي مع وصية الله - عز وجل - لَهُجْنَةٌ، وإن في التذكرة لَيَقَظَةً، وعَوْدُ الخير محمودٌ. وأنا أسترعي لك- بعد وفاتي- الذي أَحْسَنَ إليك في حياتي.

    تَحَرَّ في كل أمرك طاعةَ الله تُنْجِكْ، وإياك والأخرى فتُردك. وابذُلْ لِجِلَّةِ الناس إكرامَك تنصرفْ إليك أبصارُهم، وابذُل لسائرهم بِشْرَك يطِبْ ذكرُك في أفواههم. وأصلِح بكل الأدب لسانك، واستعمل في إصلاحها بدنك؛ فإن الأدب أول مدلول به على عقلك )). [ "اللباب" لأسامة ].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية التاسعة والأربعون بعد المائة (149)
    وصية رجل لابنه

    قال رجل لابنه: (( يا بني، لا تلاحين حكيمًا، ولا تحاورن لجوجًا، ولا تعاشرن ظلومًا، ولا تؤاخين متهمًا )).
    [ رواه أبو علي القالي في "الأمالي" (2/188). ونسبه ابن عبد البر في "البهجة" للقمانَ الحكيمِ ].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الخمسون بعد المائة (150)
    وصية حكيم لبنيه

    عن العلاء بن حَرِيز قال: قال بعض الحكماء لولده: (( يا بَنِيَّ، افعلوا المعروف المتمم للشكر؛ فإن شكر الناس جمال في الحياة، وشرف في الممات، وما سلفت نعمة إلا بكفرها، ولا دامت إلا بشكرها )). [ رواه أبو طاهر السِّلَفيُّ في "الطيوريات" (ج4ص1315) رَقْم (1271) ].


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/56393/#ixzz3WW9fHwOh
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    من روائع وصايا الآباء للأبناء  Empty رد: من روائع وصايا الآباء للأبناء

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين أبريل 06, 2015 2:56 am

    (الحلقة الثالثة والعشرون)
    (الوصايا من 151 إلى 160)
    الوصية الحادية والخمسون بعد المائة (151)
    وصية حكيم لابنه
    قال بعض الحكماء لابنه:
    ((يا بني، عليك بالترحيب والبشر، وإياك والتقطيبَ والكبر؛ فإن الأحرار أحب إليهم أن يُلْقَوْا بما يحبون ويُحرموا، من أن يلقوا بما يكرهون ويعطوا)).
    ["العقد الفريد"].

    وورد في "رسائل الجاحظ" بلفظ:
    ((قد قال بعض الحكماء: غاية الأحرار أن يلقوا بما يحبون ويحرموا أحب إليهم من أن يلقوا ما يكرهون ويعطوا)).


    ♦ ♦ ♦
    الوصية الثانية والخمسون بعد المائة (152)
    وصية حكيم لولده
    قال حكيم لابنه:
    ((يا بني، كن جَوَادًا بالمال في موضع الحق، ضَنِينًا بالأسرار عن جميع الخلق؛ فإن أَحْمَدَ جُودِ المَرْء: الإنفاقُ في وجه البِرِّ، والبخل بمكتوم السِّرِّ)).
    [" أدب الدنيا والدين" للماوردي].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الثالثة والخمسون بعد المائة (153)
    وصية حكيم لبنيه
    أوصى بعض الحكماء ولده فقال له:
    ((يا بني، عليك بطلب العلم، وجمع المال. فإن الناس طائفتان: خاصة، وعامة . فالخاصة: تكرمك للعلم . والعامة: تكرمك للمال)).
    ["المستطرف في كل فن مستظرف" للأَبشيهي].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الرابعة والخمسون بعد المائة (154)
    وصية أديب لابنه
    قال العجلي: قال بعض الأدباء لابنه:
    ((يا بني، إذا دخلت المصر فاستكثر من الصديق، فأما العدو فلا يَهُمنَّك، وإياك والخطب؛ فإنها مشوار كثير العِثار)).
    ["عيون الأخبار" للإمام ابن قتيبة، وذكر ابن عبد البر الجملة الأخيرة منه في "البهجة"].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الخامسة والخمسون بعد المائة (155)
    وصية قيس لابنه
    قال قيسٌ لابنه:
    ((لا تشاورنَّ مشغولاً وإن كان حازمًا، ولا جائعًا وإن كان فهيمًا، ولا مذعورًا وإن كان ناصحًا، ولا مهمومًا وإن كان فطنًا. فالهمُّ يَعقل العقل، ولا يتولد منه رأيٌ، ولا تصدق منه روية)).
    ["محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء" للراغب الأصبهاني (ص10) ط/ الهلال - الفجالة - مصر].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية السادسة والخمسون بعد المائة (156)
    وصية عبدالله بن شُبْرُمةَ الضبي لابنه
    قال ابن شبرمة لابنه:
    ((يا بني، إياك وطولَ المجالسة، فإن الأُسْد إنما يَجترئ عليها مَن أدام النظر إليها)).
    ["بهجة المجالس" للإمام ابن عبد البر (ق1/ج1/ص49) ط/ دار الكتب العلمية].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية السابعة والخمسون بعد المائة (157)
    وصية أردشير لابنه
    قال أردشير لابنه:
    ((يا بني، لا تُمَكِّنِ الناس من نفسك؛ فإن أجرأ الناس على السباع أكثرُهم لها معاينة)).
    ["السابق"].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الثامنة والخمسون بعد المائة (158)
    وصية فيلسوف لابنه
    قال فيلسوف لابنه:
    ((دعِ المزاح؛ فإنه لقاح الضغائن)).
    ["البصائر والذخائر"].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية التاسعة والخمسون بعد المائة (159)
    وصية فيلسوف ابنَه وقد أراد سفرًا
    قال رجل من الفلاسفة لابنه وقد أراد سفرًا:
    ((يا بني، أعطِ مع الاقبال، واعْفُ عند الاقتدار، واصْدُقْ في الاخبار)).
    ["اللباب" لأسامة بن منقذ].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الستون بعد المائة (160)
    وصية فيلسوفٍ آخرَ لابنه
    أوصى رجل من الفلاسفة ابنه فقال له:
    ((عليك بمضادَدَة[1] الجُهَّال، وتَجَنُّبِ ما استحسنوه))
    ["السابق"].

    [1] كذا في الأصول الخطية لكتاب "اللباب"، بفك الإدغام. قال العلامة أبو الأشبال أحمد محمد شاكر - رحمه الله -: (( وهو جائز في بعض اللغات )).


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/56653/#ixzz3WW9rRkaX
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    من روائع وصايا الآباء للأبناء  Empty رد: من روائع وصايا الآباء للأبناء

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين أبريل 06, 2015 2:56 am

    (الحلقة الخامسة والعشرون)
    (الوصايا من 161 إلى 165)
    الوصية الحادية والستون بعد المائة الأولى (161)
    وصية أعرابيٍّ ابنَه حين أراد الزواج
    قال الفراء: سمعت الكلابي يقول: قال بعضهم لولده:
    (( يا بني، لا تتخذها حَنَّانة، ولا أَنَّانة، ولا مَنَّانة، ولا عُشْبَة الدار، ولا كُبَّة القفا ))
    ["الأمالي" لأبي علي القالي (2/56)].

    • الحَنَّانة: التي لها ولد مِنْ سواه، فهي تَحِنُّ عليهم.

    • والأنَّانة: التي مات عنها زوجها، فهي إذا رأت الزوج الثاني أَنَّتْ، وقالت: (( رحم الله فلانًا ))، لزوجها الأول.

    • والمنَّانة: التي لها مال، فهي تَمُنُّ على زوجها كلما أهوى إلى شيء من مالها.

    • وقوله: ((عُشْبَة الدار)) يريد: الهَجينة. وعشبة الدار: التي تَنْبُت في دِمنة الدار[1] وحولها عشب في بياض الأرض، فهي أفخم منه وأضخم؛ لأنها غَذَتْهَا الدِّمْنَةُ، وذلك أطيب للأكل رَطْبًا وَيَبَسًا؛ لأنه نبت في أرض طيبة، وهذه نبتت في دمنة فهي منتنة رطْبة، وإذا يَبِسَتْ صارت حُتَاتًا وذهب قُفُّها في الدمنة فلم يمكن جَمْعُهُ، وذلك يُجْمَعُ قُفُّهُ؛ لأنه في أرض طيبة. قال أبو العباس أحمد بن يحيى: ((القف: ما يَبِس من البَقْل، وسقط على الأرض في موضع نباته)).

    • وقوله: (( كُبَّة القفا )) هي التي يأتي زوجُها أو ابنُها القومَ، فإذا انصرف من عندهم قال رجلٌ مِن جُبَنَاء القوم: قد واللهِ كان بيني وبين امرأةِ هذا الْمُوَلِّى أو أُمِّه أَمْرٌ! )).

    وقال الإمام الماوردي (رحمه الله):
    • الحنانة: التي تَحِنُّ لزوج كان لها.
    • والمنانة: التي تَمُنُّ على زوجها بمالها.
    • والأنانة: التي تَئِنُّ كسلاً وتمارضًا.

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الثانية والستون بعد المائة (162)
    وصية عبد الله بن جعفر لابنته
    قال عبد الله بن جعفر لابنته:
    (( يا بنية، إياك والغيرةَ؛ فإنها مِفتاح الطلاق. وإياك والمعاتبةََ؛ فإنها تورث الضغينة [وفي نسخة: الْبِغْضَة]. وعليك بالزينة والطيب، واعلمي أن أزين الزينة الكحل، وأطيب الطيب الماء )).
    ["البيان والتبيين" (2/45)].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الثالثة والستون بعد المائة (163)
    وصية أسماء بن خارجة ابنتَه هندًا ليلة زفافها
    لما أراد أسماء بن خارجة الفزاري أن يُهدي ابنته إلى زوجها، قال لها:
    (( يا بُنَيَّةُ، كان النِّسَاءُ أَحَقَّ بأدبكِ مني، ولا بد لي من تأديبك.

    يا بُنَيَّةُ، كُونِي لِزَوْجِكِ أَمَةً يَكُنْ لَكِ عَبْدًا، ولا تَدْنِي منه فَيَمَلَّكِ، ولا تَبَاعَدِي عنه فَتَثْقُلِي عليه، وكُونِي كما قُلْتُ لِأُمِّكِ:
    خُذِي الْعَفْوَ مِنِّي تَسْتَدِيمِي مَوَدَّتِي
    وَلَا تَنْطِقِي فِي سَوْرَتِي حِينَ أَغْضَبُ
    فَإِنِّي رَأَيْتُ الْحُبَّ فِي الصَّدْرِ وَالْأَذَى
    إِذَا اجْتَمَعَا لَمْ يَلْبَثِ الْحَبُّ يَذْهَبُ

    [ رواها ابن أبي الدنيا في كتاب "العيال" (ص42) رقم (135) ط/ مكتبة القرآن، والبيهقي في "شعب الإيمان" (11/174) رَقْم (8364) ط/ مكتبة الرشد.

    وخرجها أيضًا أبو الفرج في "الأغاني".

    وأوردها ابن عبد البر في "البهجة"، وابن حمدون في "تذكرته" (3/339).

    وانظر "المُوَشَّى = الظرف والظرفاء" لأبي الطيب الوشاء (ص149) ط/ مكتبة الخانجي، و"الإحياء" للغزالي (2/66) ط/ دار الكتب العلمية، (3/78) ط مكتبة مصر.

    والوصية منسوبة لأبي الأسود الدؤلي في "عيون الأخبار" (4/77) وغيرِه، وهو خطأٌ، حسبما صرح به أبو الفرج.

    • وجملة: (( كوني له أمة يكن لك عبدًا )) مروية عن غير واحد، منهم الزِّبْرِقان بن بدر].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الرابعة والستون بعد المائة (164)
    وصية ضرار بن عمرو ابنته عند الزفاف
    قال أبو عمرو بن العلاء:
    أنكح ضرار بن عمرو الضبي ابنتَه معبد بن زرارة، فلما أخرجها إليه قال لها: (( يا بنية، أمسكي عليك الفضلين )).

    قالت: وما الفضلان؟
    قال: (( فضل الغُلْمة، وفضل الكلام )).
    ["البيان والتبيين" (1/108) ط/ دار الكتب العلمية].

    ♦ ♦ ♦
    الوصية الخامسة والستون بعد المائة (165)
    وصية عمرو بن كلثوم بنيه
    عن ابن الكلبي، عن رجل من النمر بن قاسط قال:
    لما حضرَتْ عمرَو بنَ كلثوم الوفاةُ - وقد أتت عليه خمسون ومائة سنة - جمع بنيه فقال:
    (( يا بَنِيَّ، قد بلغت من العمر ما لم يبلغه أحد من آبائي، ولا بد أن ينزل بي ما نزل بهم من الموت. وإني واللهِ ما عيَّرْتُ أحدًا بشيء إلا عُيِّرْتُ بمثله، إن كان حقًّا فحقًّا، وإن كان باطلاً فباطلاً.

    ومَن سَبَّ سُبَّ؛ فكُفُّوا عن الشتم؛ فإنه أسلم لكم.

    وأحسنوا جواركم؛ يَحْسُنْ ثناؤكم.

    وامنعوا من ضَيْم الغريب؛ فرُبَّ رجلٍ خيرٌ من ألفٍ، وردٍّ خيرٌ من خُلْفٍ.

    وإذا حُدِّثْتُم فَعُوا، وإذا حَدَّثْتُم فأوجزوا؛ فإن مع الإكثار تكون الأهذار[2].

    وأَشْجَعُ القومِ العَطُوفُ بعد الكَرّ، كما أن أكرم المنايا القتل.

    ولا خير فيمن لا رَوِيَّة له عند الغضب، ولا مَن إذا عُوتب لم يُعْتِب[3].

    ومِنَ الناس مَن لا يُرْجَى خيرُه، ولا يُخاف شرُّه؛ فبَكْؤُه خير من دَرِّه[4]، وعقوقُه خير من بِرِّه.

    ولا تتزوجوا في حَيِّكم؛ فإنه يؤدي إلى قبيح البغض )).
    [رواها أبو الفرج في "الأغاني" (11/40)].

    [1] أصل الدِّمن: ما تُدَمِّنه الإبل والغنم من أبعارها وأبوالها ، أي: تُلَبِّده في مرابضها ، فربما نبت فيها النبات الحسن النضير . وفي الحديث الضعيف [ وهو صحيح المعنى وإن كان غير صحيح المبنى]: (( إياكم وخضراءَ الدِّمَن )) . قيل: وما خضراء الدِّمَن ؟ قال: (( المرأة الحسناء في الْمَنْبَت السُّوء )) . شَبَّه المرأة بما ينبت في الدِّمن من الكلإِ ، يُرى له غضارة وهو وَبِيءُ الْمَرْعَى مُنْتِن الأصل . وقال أبو عبيد في "غريب الحديث": (( أراد فساد النسب إذا خيف أن تكون لغير رِشْدة . وإنما جعلها خضراء الدِّمَن ؛ تشبيهًا بالبقلة الناضرة في دِمنة البعير . "اللسان" .
    [2] الأهذار: جمع: ( هَذَر)، وهو الهذيان، وسَقَط الكلام. وانظر وصية الهيثم بن صالح ابنه، وقد مرت بك. وقالوا: ما قل وقر، خير مما كثر وفر. ومن أحاسين الحِكَم المنظومة:
    عَوِّدْ لِسَانَكَ قِلَّةَ اللَّفْظِ
    وَاحْفَظْ كَلَامَك أَيَّمَا حِفْظِ
    إيَّاكَ أَنْ تَعِظَ الرِّجَالَ وَقَدْ
    أَصْبَحْتَ مُحْتَاجًا إلَى الْوَعْظِ
    [3] أي: لم يعطِ العُتْبَى، وهي الرجوع إلى ما يحبه المعاتب.
    [4] أي: هِجرانه خير من وصله، وحرمانه خير من إعطائه.


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/56899/#ixzz3WW9wUEP8
    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    من روائع وصايا الآباء للأبناء  Empty رد: من روائع وصايا الآباء للأبناء

    مُساهمة من طرف أحمد الإثنين أبريل 06, 2015 2:57 am

    (الحلقة السادسة والعشرون)
    (الوصية 166)
    الوصية السادسة والستون بعد المائة الأولى (166)
    وصية عبد الله بن شداد ابنَه

    وهي من أحسن وصية تسمعها، وقد أجاد قائلها فبلغ الغاية. فكن - يا رعاك الله - سَبَّاق غايات، وشد للعمل بها حَيَازِيمك، وإياك وأن[1] تكون من أقماع القول؛ فهُلْك المرء أن لا يعمل بما علم. نسأل الله العافية في الدنيا والآخرة.

    عن ابن الكلبي، عن أبيه، قال: لما حضرَتْ عبدَ الله بنَ شدَّادِ بن الهادي الوفاةُ دعا ابنًا له يقال له: محمد، فقال:
    ((يا بني، إني أرى داعيَ الموت لا يُقْلِعُ، وأرى مَن مضى لا يرجع، ومن بقي فإليه يَنْزِع، [وليس أحد عليه بِمُمْتَنِع ][2]؛ وإني موصيك بوصية فاحفظْها.

    عليك بتقوى الله العظيم.

    وليكن أولى الأمور بك شُكْرُ الله، وحُسْنُ النية في السر والعلانية، فإن الشكور يُزَاد، والتقوى خير زاد؛ وكن كما قال الحُطَيْئَةُ:
    ولستُ أرى السعادةَ جَمْعَ مالٍ
    ولكنَّ التَّقِيَّ هو السعيدُ
    وتقوى الله خيرُ الزاد ذُخْرًا
    وعند الله للأَتْقَى مَزِيدُ
    وما لا بد أن يأتي قريبٌ
    ولكنَّ الذي يمضي بعيدُ

    ثم قال:
    أيْ بُنَيَّ، لا تَزْهَدَنَّ في معروف، فإن الدهر ذو صُرُوف؛ والأيامَ ذاتُ نَوائِب، على الشاهد والغائب؛ فكم من راغب قد كان مرغوبًا إليه، وطالبٍ أصبح مطلوبًا ما لديه.

    واعلم أن الزمان ذو ألوان، ومَن يصحبِ الزمانَ يَرَ الهوانَ؛ وكُنْ أَيْ بُنَيَّ، كما قال أبو الأسود الدؤلي[3]:
    وَعُدَّ منَ الرحمن فضلًا ونعمةً
    عليك إذا ما جاء للعُرْفِ طالبُ
    وإنَّ امرأً لا يُرْتَجَى الخيرُ عندَهُ
    يَكُنْ هَيِّنًا ثِقْلًا على مَن يُصَاحِبُ
    فلا تَمْنَعَنْ ذا حاجةٍ جاء طالبًا
    فإنك لا تدري متى أنت راغبُ
    رأيتُ الْتِوَا هذا الزمان بأهله
    وبينهمُ فيه تكون النوائبُ

    ثم قال:
    أَيْ بُنَيَّ، كُنْ جَوَادًا بالمال في موضع الحق، بخيلًا بالأسرار عن جميع الخلق؛ فإن أَحْمَدَ جُودِ المرء الإنفاقُ في وجه البِرِّ، وإن أحمد بُخْلِ الحُرِّ الضَّنُّ بمكتوم السِّرِّ.

    وكن كما قال قيس بن الخطيم الأنصاريُّ[4]:
    أَجُودُ بمكنون التِّلَادِ وإنني
    بِسِرِّكَ عَمَّنْ سالني لَضَنِينُ[5]
    إذا جاوز الإثنينِ سِرٌّ فإنه
    بِنَثّ[6]وتَكْثيرِ الحديثِ قَمِينُ
    وإنْ ضَيَّع الإخوانُ سرًّا فإنني
    كَتُومٌ لأسرار العشير أمينُ
    وعندي له يومًا إذا ما ائْتُمِنْتُه
    مكانٌ بِسَوْدَاء الفؤاد مَكِينُ

    ثم قال:
    أي بني، وإنْ غُلِبْتَ يومًا على المال، فلا تَدَعِ الحيلةَ على حال، فإن الكريم يحتال، والدَّنِيَّ عِيَال[7]؛ وكُنْ أحسنَ ما تكون في الظاهر حالاً، أقلَّ ما تكون في الباطن مالاً، فإن الكريم مَن كَرُمَتْ طبيعتُه، وظهرت عند الإنفاد نعمتُه.

    وكن كما قال ابن خَذَّاق العبديُّ:
    وجدتُ أبي قد اورثه أبوه
    خِلالًا قد تُعَدُّ من المعالي
    فأَكْرَمُ ما تكون عليَّ نفسي
    إذا ما قلَّ في الأزمات مالي
    فَتَحْسُنُ سيرتي وأَصُونُ عِرْضي
    ويَجْمُلُ عند أهل الرأيِ حالي
    وإنْ نِلْتُ الغِنَى لم أَغْلُ فيه
    وَلَمْ أَخْصُصْ بِجَفْوَتِيَ الموالي

    ثم قال:
    أيْ بُنَيَّ، وإنْ سَمِعْتَ كلمة من حاسد، فكن كأنك لست بالشاهد؛ فإنك إنْ أَمْضَيْتَها حِيَالَها[8]، رجع العَيْبُ على مَن قالها، وكان يقال: (( الأريب العاقل، هو الفَطِن المتغافل ))[9].

    وكن كما قال حاتمٌ الطائيُّ:
    وما من شِيمتي شَتْمُ ابنِ عمي
    وما أنا مُخْلِفٌ مَن يرتجيني
    وكلمةِ حاسدٍ في غير جُرْمٍ
    سمعتُ فقلتُ: مُرِّي فانْفُذِيني
    فعابُوها عليَّ ولم تَسُؤْني
    ولم يَعْرَقْ لها يومًا جَبِيني
    وذو اللَّوْنَيْنِ يلقاني طليقًا
    وليس إذا تَغَيَّبَ يَأْتَلِيني[10]
    سمعتُ بِعَيْبِهِ[11]فصفحتُ عنه
    محافظةً على حسبي وديني

    ثم قال:
    أَيْ بُنَيَّ، لا تُؤَاخِ امرأً حتى تعاشرَه، وتتفقَّدَ مواردَه ومصادره؛ فإذا استطبت العِشرة، ورضيت الخُِبرة، فَوَاخِهِ على إقالة العَثْرة، والمواساةِ في العُسْرة[12].

    وكن كما قال المقنَّع الكِنْدِيُّ:
    اُبْلُ الرجالَ إذا أردتَ إِخاءَهم
    وَتَوَسَّمَنَّ فِعَالَهم وتَفَقَّدِ
    فإذا ظَفِرْتَ بذي اللَّبَابَةِ[13] والتُّقَى
    فبهِ اليَدَيْنِ قَرِيرَ عَيْنٍ فاشْدُدِ
    وإذا رأيتَ ولا محالةَ زَلَّةً
    فعلى أخيك بفضل حِلْمِكَ فارْدُدِ

    ثم قال:
    أَيْ بُنَيَّ، إذا أحببت فلا تُفْرِطْ، وإذا أبغضت فلا تُشْطِطْ[14]؛ فإنه قد كان يقال: (( أَحْبِبْ حبيبَكَ هَوْنًا ما، عسى أن يكون بَغِيضَكَ يومًا ما، وأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْنًا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما ))[15].

    وكن كما قال هُدْبَةُ بن خَشْرم العُذْريُّ:
    وكُنْ مَعْقِلًا للحلم واصفح عن الأذى
    فإنك راءٍ ما حَيِيتَ وسامِعُ
    وأَحْبِبْ إذا أحببتَ حُبًّا مقاربًا
    فإنك لا تدري متى أنت نازِعُ
    وأَبْغِضْ إذا أبغضتَ بُغْضًا مقاربًا
    فإنك لا تدري متى أنت راجعُ

    ثم قال:
    وعليك بصُحبة الأخيار وصدقِ الحديث، وإياك وصحبةَ الأشرار فإنه عار.

    وكن كما قال الشاعر [الدارمي]:
    اصحبِ الأخيارَ وارْغَبْ فيهمُ
    رُبَّ مَن صَاحَبْتَهُ مِثْلُ الجَرَبْ
    وَدَعِ الناسَ فلا تَشْتُمْهُمُ
    وإذا شاتمتَ فاشْتُمْ ذا حَسَبْ
    إنَّ مَن شَاتَمَ وَغْدًا كالذي
    يشتري الصُّفْرَ بأعيان الذهبْ
    واصْدُقِ الناسَ إذا حدَّثْتَهم
    وَدَعِ الناسَ فمَن شاء كَذَبْ
    [16]رُبَّ مهزولٍ سمينٌ عِرْضُهُ
    وسمينِ الجسم مَهْزُولُ الحسبْ

    ثم قال:
    يا بُنَيَّ، وإذا آخيت فآخِ مَن يُعَدُّ لنوائب الزمان. وعليك بذوي الألباب، الذين ثَقَّفَتْهُمُ الآداب، وَوَثَّقَتْهُمُ الأحساب؛ فإنهم أَطْيَبُ مُخْتَبَر، وأَكْرَمُ مُحْتَضَر، وأَعْذَبُ مُعْتَصَر.

    واحذر إخاءَ كلِّ جَهُول، وصُحبةَ كل عَجُول؛ فإنه لا يَغْفِرُ الزَّلَّة، وإنْ عَرَفَ العِلَّة، سريعٌ غضبُه، عالٍ لَهَبُه، إنْ سَأَلَ أَلْحَفَ، وإنْ وَعَدَ أَخْلَفَ، يَرى ما يُعطيك غُرْمًا، وما يأخذُ منك غُنْمًا؛ فهو يُرضيك، ما طمع فيك؛ فإذا يَئِس من خيرك، مَالَ إلى غيرك. وفي مثله يقول الشاعر[17]:
    لا تُوَاخِ - الدهرَ- جِبْسًا راضعًا
    مُلْهَبَ الشرِّ، قليلَ المنفعهْ[18]
    ما يَنَلْ منك فأَحْلَى مَغْنَمٍ
    ويرى ظرفًا به أن يمنعهْ
    يَسأل الناسَ ولا يُعطيهمُ
    ثَكِلَتْهُ أمُّه، ما أَطْمَعَهْ!

    ثم قال:
    يا بني، مَن عَتَبَ على الزمان، وتتبَّع عثرات الإخوان؛ قَطَعَهُ صديقُه، ومَلَّه رفيقُه، واحتماه الأهلون[19]، وظَفِرَ به الشامتون. ومَن سار في البلاد ثَمَّر المراد. وطالِبُ الكَفاف - بالقناعة والعفاف -: يعيشُ حميدًا، ويموت فقيدًا. وقد قال النابغة [20]:
    إذا المرءُ لم يَطْلُبْ معاشًا لنفسه
    شَكَا الفقرَ، أَوْ لَامَ الصديقَ فأَكْثَرا
    وصار على الأَدْنَيْنَ كَلًّا، وأوشكَتْ
    صِلَاتُ ذوي القُرْبى له أن تَنَكَّرا
    فَسِرْ في بلاد الله والتمِسِ الغِنَى
    تَعِشْ ذا يسارٍ أو تموتَ فَتُعْذَرا
    وما طَالِبُ الحاجاتِ في كلِّ وُجْهَةٍ
    مِنَ الناس، إلا مَن أَجَدَّ وشَمَّرا
    ولا تَرْضَ من عَيْشٍ بِدُونٍ، ولا تَنَمْ
    وكيف ينامُ الليلَ مَن بات مُعْسِرا؟!

    ثم قال:
    وليكن إخوانُك وأهلُ بطانتك أُولِي الدِّين والعفاف والمُرُوءَاتِ والأخلاقِ الجميلة؛ فإني رأيت إخوانَ المرءِ يدَه التي يَبْطُِشُ بها، ولسانَه الذي يصول به، وجَنَاحَه الذي ينهض به. فاصْحَبْ هؤلاء تجدْهم إخوانًا، وعلى الخير أعوانًا. واجتنبِ الصِّغَارَ الأخطارِ، اللئامَ الأقدارِ، الذين لا يُحَامُون على حسَب، ولا يرجعون إلى نَسَب، ولا يصبرون على نائبة، ولا ينظرون في عاقبة؛ فإنهم إنْ رَأَوْك في رخاء سألوك، وإن رأوك في شدة أَسْلَمُوك؛ ولعلهم أن يكونوا عليك مع بعض الأعداء.

    واعلم بأن الرجل بلا خَدِين، كذي الشمال بلا يمين.

    واخْلِطْ نفسَك مع الأبرار، وطَهِّرْها منَ الفُجَّار، فالمرءُ يُعْرَفُ بقرينه. وقد قال الشاعر[21]:
    وقارِنْ - إذا قارنْتَ - حُرًّا؛ فإنما
    يَزِينُ ويُزْرِي بالفتى قُرَنَاؤُهُ
    ولن يهلك الإنسانُ إلا إذا أتى
    منَ الأمر ما لم يَرْضَهُ نُصَحَاؤُهُ
    إذا قَلَّ ماءُ الوجه قَلَّ حياؤُهُ
    ولا خَيْرَ في وجهٍ إذا قَلَّ ماؤُهُ

    ثم قال:
    يا بني، قد جمعتُ لك مصالحَ نفْسِك، فاسْتَفْتِحِ اللهَ بمسامعِ عقلِك؛ وتَفَهَّمْ ما وصفْتُ لك بالتجارِب، تَحُزْ صلاحَ العواقب.

    واعلم أن مَن حاسب نفسَه تَوَرَّع، ومَن غَفَل عنها خَسِر، ومَن نَظَر في العواقب نجا، ومَنِ اعتبرَ أَبْصَر، ومَن فَهِمَ عَلِمَ؛ وفي التواني تكون الهَلَكَة، وفي التأنِّي السلامة[22].

    وَزَارِعُ البِرِّ يَحْصُِدُ السرور.

    والقليل مع القناعة في القصد، خيرٌ منَ الكثير مع السَّرَف في المذلة.

    والتقوى نجاةٌ، والطاعة مُلْكٌ.

    وحليفُ الصدقِ مُوَفَّقٌ، وصاحبُ الكذب مخذولٌ.

    وصديقُ الجاهلِ تَعِبٌ، ونَدِيمُ العاقلِ مُغْتَبِطٌ.

    فإذا جَهِلْتَ فَسَلْ، وإذا نَدِمْتَ فأَقْلِعْ، وإذا غَضِبْتَ فأَمْسِكْ.

    ومَن لاقاك بالبِشْر فقد أَدَّى إليك الصنيعة، ومن أَقْرَضَك الثناءَ فاقْضِهِ الفضلَ.

    وَضَعْ - يا بني - الصنائعَ عند الكرام ذوي الأحساب، ولا تَضَعَنَّ معروفك عند اللئام فتضيعَه[23]؛ فإن الكريم يَشكرك ويَرْصُدُك بالمكافأة، وإن اللئيم يَحْسِبُ ذلك حتمًا، ويَؤول أمرُك معه إلى المذلة. وقد قال الشاعر:
    إذا أوليتَ معروفًا لئيمًا
    فعَدَّك قد قتلْتَ له قتيلا
    فَعُدْ من ذاك مُعْتَذِرًا إليه
    وقل: «إني أتيتُك مُسْتَقيلا
    فإنْ تَغْفِرْ فَمُجْتَرَمٌ عظيمٌ
    وإنْ عاقبتَ لم تظلم فَتِيلا»
    وإنْ أَوْلَيْتَ ذلك ذا وفاءٍ
    فقد أودعتَه شُكرًا طويلا

    [رواها أبو عليٍّ القاليُّ في "الأمالي" (2/202-204). وأوردها أسامة بن منقذ في "لباب الآداب" (22-28) بزيادة كما سلف عليك. والوصية بعضها في "أدب الدنيا والدين"، و"التذكرة الحمدونية"، و"ربيع الأبرار"، وغيرها].

    [1] فائدة: قال الإمام الجوهري - رحمه الله - في "الصحاح": (( تقول: إياك وأن تفعل كذا، ولا تقل: إياك أن تفعل، بلا واو )). انتهى.
    [2] هذه الجملة ليست في "الأمالي"، إنما هي من زوائد أسامةَ في "اللباب".
    [3] في "اللباب": (( أخو بني الدُّئِل)).
    [4] انظر "الأمالي" (2/177.
    [5] التِّلاد: المال الموروث. و: (سالني: مخففة من): (سألني. قاله الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله -).
    [6] النث: إفشاء السر ونشره.
    [7] في "اللباب": (( فإن الكريم محتال، واللئيم مغتال)).
    [8] أي: مقابلتها.
    [9] هذا القول نسبه الإمام النوويُّ في "شرح صحيح مسلم" (14/147) إلى الإمام الشافعي.
    [10] قال أبو عليٍّ القالي: ((ما أَلَوْت: ما قصَّرت، وما ألوت: ما استطعت)).
    [11] قال أبو عليٍّ: ((ويُروى: سمعت بغَيْبِهِ بالمعجمة)).
    [12] هذه الفقرة من الوصية أوردها أبو الطيب الوشاء في "الموشى" (ص22 وصدرها بقوله: ((رُوي أن رجلاً من عبد القيس قال لابنه:...)).
    [13] قال أبو عليٍّ: ((يقال: لبيبٌ بَيِّنُ اللبابة، وفي "اللباب": ((بذي الأمانة والتقى.)).
    [14]. روى الإمام البخاري في آخر كتابه "الأدب المفرد" عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: (( لا يكن حبُّك كَلَفًا، ولا بُغضُك تلفًا.، فقال له زبد بن أسلم: كيف ذاك؟ قال: (( إذا أحببتَ كَلِفْتَ كَلَف الصبي، وإذا أبغضت أحببت لصاحبك التلف..
    [15] يُروى هذا من قول رسول الله - صلي الله عليه وسلم -، وجاء أيضًا عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه. انظر "الجامع الصغير" للسيوطي، حديث رَقْم (223).
    [16] من هنا إلى آخر الوصية تفرد بذكره الأمير أسامة عن "الأمالي".
    [17] قال أبو الأشبال: هو أبو الأسود الدؤلي. والأبيات في "حماسة البحتري" (ص58).
    [18] ( الجبس: الدنيء). و( الراضع: اللئيم). و( ملهب الشر: أي: شديده، كأن شره لهب). قاله الشيخ شاكر.
    [19] أي: تَوَقَّوْه واجتنبُوه.
    [20] قال أبو الأشبال: هذه الأبيات ذكر بعضها في "الأغاني"، ونسبت إلى أبي عطاء السندي. وفي "عيون الأخبار" (ج1ص243 ط/ دار الكتب المصرية)، ولم ينسبها لشاعر معين. والبيت الرابع ليس في "الأغاني"، وهو بمعناه في "حماسة البحتري" وحده (ص125)، ونسبه لأبي عطاء السندي أيضًا.
    [21] قال الشيخ أحمد شاكر: (( حقق أخي السيد محمود محمد شاكر أن هذه الأبيات لصالح بن عبد القدوس)). وله ترجمة مطولة في "تاريخ بغداد" للخطيب، وفي "لسان الميزان" للحافظ ابن حجر.. وانظر - أيضًا - حاشية (ص28) من "اللباب" لأسامة.
    [22] في الحديث الذي خرّجه أبو داود (4810)، والحاكم في "المستدرك"، والبيهقي في "الشعب" وفي "الزهد الكبير"، عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - مرفوعًا: (( إِنَّ التُّؤَدَةَ فِي كُلِّ شَيْءٍ خَيْرٌ إِلَّا فِي عَمَلِ الْآخِرَةِ..)) ورواه البيهقي من قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.
    [23] قال أبو الطيب، وهو من لمع شعره:
    إذا أنت أكرمت الكريم ملكتَه
    وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
    ووضع الندى في موضع السيف بالعُلا
    مُضِرٌّ كوضع السيف في موضع النَّدى
    وفي بعض الشعر الفرنسي أو التركي الذي ترجمه أحمد شوقي:
    إنْ كنتَ ذا فضلٍ فكُـ
    ـنْهُ على ذكيٍّ أو كريم

    فالفضلُ يَنساهُ الغـ
    ـبيُّ وليس يحفظه اللئيم
    وقد روى أبو نعيم في "حلية الأولياء" [ (6/390 = (6/367/رقم 9277 ط/ مكتبة الإيمان] قولَ سفيانَ الثوريِّ - رحمه الله -: ((وجدنا أصلَ كلِّ عداوةٍ اصطناعَ المعروف إلى اللئام)).


    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/social/0/57288/#ixzz3WWA3mm4A

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 14, 2024 9:37 pm