المهلهل بن ربيعة
(الزير سالم)
هو عدي بن ربيعة بن الحارث بن مرة بن هبيرة التغلبي الوائلي . (توفي 94 ق.هـ/531 م). وهو شاعر عربي وهو أبو ليلى وشعبة، المكنى بالمهلهل، ويعرف أيضاً بالزير سالم من أبطال العرب في الجاهلية. وهو جد الشاعر عمرو بن كلثوم حيث أن أم عمرو هي ليلى بنت المهلهل، وذهب البعض إلى انه خال الشاعر الكبير امرئ القيس. كان من أصبح الناس وجهاً ومن أفصحهم لساناً. عكف في صباه على اللهو والتشبيب بالنساء، فسمي (زير النساء) أي جليسهن. ولما قتل جساس بن مرة أخاه وائل بن ربيعة المعروف بلقب كليب، ثار المهلهل فانقطع عن الشراب واللهو إلى أن يثأر لأخيه، فكانت وقائع بكر وتغلب (حرب البسوس)، التي دامت أربعين سنة، وكانت للمهلهل فيها العجائب والأخبار الكثيرة.
كان همام بن مرة ينادم المهلهل أخا كليب وعاقده ألا يكتمه شيئاً، فلما ظعن مره بأهله أرسل إلى ابنه همام فرسه مع جارية، وأمره أن يظعن ويلحق بقومه، وكانا جالسين، فمر جساس يركض به فرسه مخرجاً فخذيه، فقال همام: إن له لأمراً والله ما رأيته كاشفاً فخذيه قط في ركض، ولم يلبث إلا قليلاً حتى انتهت الجارية إليها، وهما معتزلان في جانب الحي، فوثب همام إليها، فسارته أن جساساً قتل كليباً، وأن أباه قد ظعن مع قومه، فأخذ همام الفرس وربطه إلى خيمته ورجع، فقال له المهلهل: ما شأن الجارية والفرس ؟ وما بالك ؟ فقال: اشرب ودع عنك الباطل، قال: وما ذاك ؟ فقال: زعمت أن جساساً قتل كليباً، فضحك المهلهل وقال: همة أخيك أضعف من ذلك، فسكت ثم أقبلا على شرابهما، فجعل مهلهل يشرب شرب الآمن، وهمام يشرب شرف الخائف، ولم تلبث الخمر أن صرعت مهلهلا، فانسل همام وأتى قومه من بنى شيبان وقد قوضوا الخيام وجمعوا الخيل والنعم ورحلوا حتى نزلوا بما يقال له النهى.
ورجع المهلهل إلى الحي سكران فرآهم يعقرون خيولهم ويكسرون رماحهم وسيوفهم فقال: ويحكم ما الذي دهاكم ؟ فلما أخبروه الخبر قال: لقد ذهبتم شر مذهب أتعقرون خيولكم حين احتجتم إليها ؟ وتكسرون سلاحكم حين افتقرتم إليه. فانتهوا عن ذلك، ورجع إلى النساء فنهاهن عن البكاء وقال: استبقين للبكاء عيوناً تبكى إلى آخر الأبد.
ولما أصبح غدا إلى أخيه فدفنه وقام على قبره يرثيه، وما زال المهلهل بيكي أخاه ويندبه ويرثيه بالأشعار وهو يجتزئ بالوعيد لبنى مرة حتى يئس قومه وقالوا: إنه زير نساء، وسخرت منه بكر، وهمت بنو مرة بالرجوع إلى الحمى، وبلغ ذلك المهلهل فانتبه للحرب وشمر ذراعيه وجمع أطراف قومه، ثم جز شعره وقصر ثوبه وآلى على نفسه ألا يهتم بلهو ولا يشم طيباً ولا يشرب خمراً ولا يدهن بدهن حتى يقتل بكل قطره دم من كليب رجلاً من بنى بكر بن وائل. وحث بنى تغلب على الأخذ بالثأر، فقال له أكابر قومه: إننا نرى ألا تعجل بالحرب حتى نعذر إلى إخواننا فبالله ما تجدع بحرب قومك إلا أنفك ولا تقطع إلا كفك! فقال: جدعه الله أنفاً وقطعها كفاً والله لا تحدثت نساء تغلب أني أكلت لكليب ثمناً ولا أخذت له دية، فقالوا: لا بد أن تغض طرفك وتخفض جناحك لنا ولهم، فكره المهلهل أن يخالفهم فينفضوا من حوله فقال: دونكم ما أردتم.
وانطلق رهط من أشرافهم وذوي أسنانهم حتى أتوا مرة بن ذهل فعظموا ما بينهم وبينه، وقالوا له: إنكم أتيتم أمراً عظيماً بقتلكم كليباً بناب من الإبل وقطعتم الرحم ونحن نكره العجلة عليكم دون الإعذار وإننا نعرض عليكم إحدى ثلاث، لكم فيها مخرج ولنا مرضاة.
إما أن تدفعوا إلينا جساساً فنقتله بصاحبنا فلم يظلم من قتل قاتله، وإما أن تدفعوا إلينا هماماً فإنه ند لكليب، وإما أن تقيدنا من نفسك يا مرة فإن فيك رضا القوم.
فسكت وقد حضرته وجوه بنى بكر بن وائل فقالوا: تكلم غير مخذول، فقال: أما جساس فغلام حديث السن ركب رأسه فهرب حين خاف فوالله ما أدري أي البلاد انطوت عليه، وأما همام فأبو عشرة وأخو عشرة ولو دفعته إليكم لصيح بنوه في وجهي وقالوا: دفعت أبانا للقتل بجريرة غيره، وأما أنا فلا أتعجل الموت وهل تزيد الخيل على أن تجول جولة فأكون أول قتيل! لكن هل لكم في غير ذلك ؟ هؤلاء بنيّ فدونكم أحدهم فاقتلوه وإن شئتم فلكم ألف ناقة تضمنها لكم بكر بن وائل، فغضبوا وقالوا: إنا لم نأتك لترذل لنا بنيك ولا لتسومنا اللبن. ورجعوا فأخبروا المهلهل، فقال: والله ما كان كليب بجزور نأكل له ثمناً.
يقال أنه لقب مهلهلا لأنه هلهل الشعر أي أرقّه .. ومن أشهر أشعاره :
أهـــــــــــــــــــاج قذاء عينيَ الإدّكارُ ؟=هُــــــــــــــــــدوّاً فالدموعُ لها انهمارُ
وصار الليل مشــــــــــــــــــتملاً علينا=كـــــــــــأن الـــلـــيـــــلَ ليس له نهارُ
وبتُّ أراقـــــــــــــــــــبُ الجوزاء حـتى=تقــــــــارب من أوائـــلها انـــــحـــــدارُ
أصـــــــــــــــــــرفُ مقلتي في إثرِ قومٍ=تباينت البلادُ بهم فغـــــــــــــــــــــاروا
وأبـــــــكـــــــي والنجــــــــومُ مُطَلعات=كأن لم تــحــــــوها عـــني البحــــــارُ
على من لو نُعـــــيت وكــــان حــــــياً=لقاد الخــــــيلَ يحـــجـــبُها الغـــــــبارُ
دعــــــــوتكَ يا كـــلـــيبُ فلم تجــبني=وكيف يجـــــــــــــــــيبني البلدُ القَفارُ
أجــــــبني يا كُـــــليبُ خــــــــلاك ذمٌ=ضــــــــنيناتُ النفـــــــــــوس لها مَزارُ
أجــــــبني يا كُـــــليبُ خــــــــلاك ذمٌ=لقد فُجِعتْ بفارســــــــــــــــــــها نِزارُ
ســــــقـــــــــاك الغيثُ إنك كنت غيثاً=ويُســـــــــــــــراً حين يُلتمسُ اليسارُ
أبت عــــــيناي بعــــــــــــــدك أن تَكُفا=كأن غـــضـــا القــــــــتادِ لها شِـــــفارُ
وإنك كـــنـــت تـــحـــلــمُ عن رجــــالٍ=وتـــعـــفـــو عــــنــهُــــمُ ولك اقـــتدارُ
وتـــمـــنــعُ أن يَمَـــسّــــــهُمُ لســـانٌ=مـــــخــــــــافـــةَ من يجــيرُ ولا يجــارُ
وكـــنتُ أعُــــدُ قــــــربي منك ربــحـــاً=إذا ماعـــــــدتْ الربْـــــــحَ التِّجـــــــــار
فلا تــبــعُـد فــكـــلٌ ســــــــوف يلقى=شـــعـــوباً يســــــتديـــر بها المــــدارُ
يعـــيــشُ المـــــــرءُ عـــند بني أبـيــه=ويوشــــــك أن يصـــــــير بحيث صاروا
أرى طــــــول الحـــــيــاة وقــد تـــولى=كما قد يُسْـــــــلـب الشــــيء المُعارُ
كأني إذ نــعــى النــاعـــي كـــلـــيــباً=تـــطـــــاير بــيــن جـــنــبــي الشــرار
فَدُرتُ وقد غـــشـــى بصــــــري عليه=كما دارت بشــــــاربها العُـــــــــــقـــار
ســـــــــألتُ الحـــــي أين دفــــنتموهُ=فـــقـــالوا لي بأقـــصـــى الحـــي دارُ
فســــــــــــرتُ إليه من بلدي حـــثيثاً=وطــــــار النــــومُ وامـــــــتنع القــــرارُ
وحـــــــــادت ناقـــــتي عن ظــلِ قــبرٍ=ثــوى فــــيه المـــكــــارمُ والفَــخــــارُ
لدى أوطــــــــــــــان أروع لم يَشِــــنهُ=ولم يحــــــــدث له في النــاس عـــارُ
أتغــــــــدو يا كـــــــليبُ معــــي إذا ما=جـــــبان القــــــــوم أنجـــــــاه الفِــرارُ
أتغــــــــدو يا كـــــــليبُ معــــي إذا ما=حُـــــلُوق القـــوم يشحـــذُها الشَّفارُ
أقـــــــــولُ لتغــــــلبٍ والعـــــــــزُ فيها=أثــــــيــــــرُوهــــــا لذلكــــم انــتــصــارُ
تـــتـــابـــــع أخـــوتي ومــضَــــوا لأمــرٍ=عليه تــــتــــابــــــع القــــوم الحِــسارُ
خُـــــذِ العـــهــــد الأكـيد عليَّ عُمري=بـــتـــركـــــي كـــل ما حـــــوت الديارُ
ولســـتُ بخـــــالعٍ درعي وســـــيفي=إلى أن يخـــلــــع اللــــيل النـــــهـــارُ
(الزير سالم)
هو عدي بن ربيعة بن الحارث بن مرة بن هبيرة التغلبي الوائلي . (توفي 94 ق.هـ/531 م). وهو شاعر عربي وهو أبو ليلى وشعبة، المكنى بالمهلهل، ويعرف أيضاً بالزير سالم من أبطال العرب في الجاهلية. وهو جد الشاعر عمرو بن كلثوم حيث أن أم عمرو هي ليلى بنت المهلهل، وذهب البعض إلى انه خال الشاعر الكبير امرئ القيس. كان من أصبح الناس وجهاً ومن أفصحهم لساناً. عكف في صباه على اللهو والتشبيب بالنساء، فسمي (زير النساء) أي جليسهن. ولما قتل جساس بن مرة أخاه وائل بن ربيعة المعروف بلقب كليب، ثار المهلهل فانقطع عن الشراب واللهو إلى أن يثأر لأخيه، فكانت وقائع بكر وتغلب (حرب البسوس)، التي دامت أربعين سنة، وكانت للمهلهل فيها العجائب والأخبار الكثيرة.
كان همام بن مرة ينادم المهلهل أخا كليب وعاقده ألا يكتمه شيئاً، فلما ظعن مره بأهله أرسل إلى ابنه همام فرسه مع جارية، وأمره أن يظعن ويلحق بقومه، وكانا جالسين، فمر جساس يركض به فرسه مخرجاً فخذيه، فقال همام: إن له لأمراً والله ما رأيته كاشفاً فخذيه قط في ركض، ولم يلبث إلا قليلاً حتى انتهت الجارية إليها، وهما معتزلان في جانب الحي، فوثب همام إليها، فسارته أن جساساً قتل كليباً، وأن أباه قد ظعن مع قومه، فأخذ همام الفرس وربطه إلى خيمته ورجع، فقال له المهلهل: ما شأن الجارية والفرس ؟ وما بالك ؟ فقال: اشرب ودع عنك الباطل، قال: وما ذاك ؟ فقال: زعمت أن جساساً قتل كليباً، فضحك المهلهل وقال: همة أخيك أضعف من ذلك، فسكت ثم أقبلا على شرابهما، فجعل مهلهل يشرب شرب الآمن، وهمام يشرب شرف الخائف، ولم تلبث الخمر أن صرعت مهلهلا، فانسل همام وأتى قومه من بنى شيبان وقد قوضوا الخيام وجمعوا الخيل والنعم ورحلوا حتى نزلوا بما يقال له النهى.
ورجع المهلهل إلى الحي سكران فرآهم يعقرون خيولهم ويكسرون رماحهم وسيوفهم فقال: ويحكم ما الذي دهاكم ؟ فلما أخبروه الخبر قال: لقد ذهبتم شر مذهب أتعقرون خيولكم حين احتجتم إليها ؟ وتكسرون سلاحكم حين افتقرتم إليه. فانتهوا عن ذلك، ورجع إلى النساء فنهاهن عن البكاء وقال: استبقين للبكاء عيوناً تبكى إلى آخر الأبد.
ولما أصبح غدا إلى أخيه فدفنه وقام على قبره يرثيه، وما زال المهلهل بيكي أخاه ويندبه ويرثيه بالأشعار وهو يجتزئ بالوعيد لبنى مرة حتى يئس قومه وقالوا: إنه زير نساء، وسخرت منه بكر، وهمت بنو مرة بالرجوع إلى الحمى، وبلغ ذلك المهلهل فانتبه للحرب وشمر ذراعيه وجمع أطراف قومه، ثم جز شعره وقصر ثوبه وآلى على نفسه ألا يهتم بلهو ولا يشم طيباً ولا يشرب خمراً ولا يدهن بدهن حتى يقتل بكل قطره دم من كليب رجلاً من بنى بكر بن وائل. وحث بنى تغلب على الأخذ بالثأر، فقال له أكابر قومه: إننا نرى ألا تعجل بالحرب حتى نعذر إلى إخواننا فبالله ما تجدع بحرب قومك إلا أنفك ولا تقطع إلا كفك! فقال: جدعه الله أنفاً وقطعها كفاً والله لا تحدثت نساء تغلب أني أكلت لكليب ثمناً ولا أخذت له دية، فقالوا: لا بد أن تغض طرفك وتخفض جناحك لنا ولهم، فكره المهلهل أن يخالفهم فينفضوا من حوله فقال: دونكم ما أردتم.
وانطلق رهط من أشرافهم وذوي أسنانهم حتى أتوا مرة بن ذهل فعظموا ما بينهم وبينه، وقالوا له: إنكم أتيتم أمراً عظيماً بقتلكم كليباً بناب من الإبل وقطعتم الرحم ونحن نكره العجلة عليكم دون الإعذار وإننا نعرض عليكم إحدى ثلاث، لكم فيها مخرج ولنا مرضاة.
إما أن تدفعوا إلينا جساساً فنقتله بصاحبنا فلم يظلم من قتل قاتله، وإما أن تدفعوا إلينا هماماً فإنه ند لكليب، وإما أن تقيدنا من نفسك يا مرة فإن فيك رضا القوم.
فسكت وقد حضرته وجوه بنى بكر بن وائل فقالوا: تكلم غير مخذول، فقال: أما جساس فغلام حديث السن ركب رأسه فهرب حين خاف فوالله ما أدري أي البلاد انطوت عليه، وأما همام فأبو عشرة وأخو عشرة ولو دفعته إليكم لصيح بنوه في وجهي وقالوا: دفعت أبانا للقتل بجريرة غيره، وأما أنا فلا أتعجل الموت وهل تزيد الخيل على أن تجول جولة فأكون أول قتيل! لكن هل لكم في غير ذلك ؟ هؤلاء بنيّ فدونكم أحدهم فاقتلوه وإن شئتم فلكم ألف ناقة تضمنها لكم بكر بن وائل، فغضبوا وقالوا: إنا لم نأتك لترذل لنا بنيك ولا لتسومنا اللبن. ورجعوا فأخبروا المهلهل، فقال: والله ما كان كليب بجزور نأكل له ثمناً.
يقال أنه لقب مهلهلا لأنه هلهل الشعر أي أرقّه .. ومن أشهر أشعاره :
أهـــــــــــــــــــاج قذاء عينيَ الإدّكارُ ؟=هُــــــــــــــــــدوّاً فالدموعُ لها انهمارُ
وصار الليل مشــــــــــــــــــتملاً علينا=كـــــــــــأن الـــلـــيـــــلَ ليس له نهارُ
وبتُّ أراقـــــــــــــــــــبُ الجوزاء حـتى=تقــــــــارب من أوائـــلها انـــــحـــــدارُ
أصـــــــــــــــــــرفُ مقلتي في إثرِ قومٍ=تباينت البلادُ بهم فغـــــــــــــــــــــاروا
وأبـــــــكـــــــي والنجــــــــومُ مُطَلعات=كأن لم تــحــــــوها عـــني البحــــــارُ
على من لو نُعـــــيت وكــــان حــــــياً=لقاد الخــــــيلَ يحـــجـــبُها الغـــــــبارُ
دعــــــــوتكَ يا كـــلـــيبُ فلم تجــبني=وكيف يجـــــــــــــــــيبني البلدُ القَفارُ
أجــــــبني يا كُـــــليبُ خــــــــلاك ذمٌ=ضــــــــنيناتُ النفـــــــــــوس لها مَزارُ
أجــــــبني يا كُـــــليبُ خــــــــلاك ذمٌ=لقد فُجِعتْ بفارســــــــــــــــــــها نِزارُ
ســــــقـــــــــاك الغيثُ إنك كنت غيثاً=ويُســـــــــــــــراً حين يُلتمسُ اليسارُ
أبت عــــــيناي بعــــــــــــــدك أن تَكُفا=كأن غـــضـــا القــــــــتادِ لها شِـــــفارُ
وإنك كـــنـــت تـــحـــلــمُ عن رجــــالٍ=وتـــعـــفـــو عــــنــهُــــمُ ولك اقـــتدارُ
وتـــمـــنــعُ أن يَمَـــسّــــــهُمُ لســـانٌ=مـــــخــــــــافـــةَ من يجــيرُ ولا يجــارُ
وكـــنتُ أعُــــدُ قــــــربي منك ربــحـــاً=إذا ماعـــــــدتْ الربْـــــــحَ التِّجـــــــــار
فلا تــبــعُـد فــكـــلٌ ســــــــوف يلقى=شـــعـــوباً يســــــتديـــر بها المــــدارُ
يعـــيــشُ المـــــــرءُ عـــند بني أبـيــه=ويوشــــــك أن يصـــــــير بحيث صاروا
أرى طــــــول الحـــــيــاة وقــد تـــولى=كما قد يُسْـــــــلـب الشــــيء المُعارُ
كأني إذ نــعــى النــاعـــي كـــلـــيــباً=تـــطـــــاير بــيــن جـــنــبــي الشــرار
فَدُرتُ وقد غـــشـــى بصــــــري عليه=كما دارت بشــــــاربها العُـــــــــــقـــار
ســـــــــألتُ الحـــــي أين دفــــنتموهُ=فـــقـــالوا لي بأقـــصـــى الحـــي دارُ
فســــــــــــرتُ إليه من بلدي حـــثيثاً=وطــــــار النــــومُ وامـــــــتنع القــــرارُ
وحـــــــــادت ناقـــــتي عن ظــلِ قــبرٍ=ثــوى فــــيه المـــكــــارمُ والفَــخــــارُ
لدى أوطــــــــــــــان أروع لم يَشِــــنهُ=ولم يحــــــــدث له في النــاس عـــارُ
أتغــــــــدو يا كـــــــليبُ معــــي إذا ما=جـــــبان القــــــــوم أنجـــــــاه الفِــرارُ
أتغــــــــدو يا كـــــــليبُ معــــي إذا ما=حُـــــلُوق القـــوم يشحـــذُها الشَّفارُ
أقـــــــــولُ لتغــــــلبٍ والعـــــــــزُ فيها=أثــــــيــــــرُوهــــــا لذلكــــم انــتــصــارُ
تـــتـــابـــــع أخـــوتي ومــضَــــوا لأمــرٍ=عليه تــــتــــابــــــع القــــوم الحِــسارُ
خُـــــذِ العـــهــــد الأكـيد عليَّ عُمري=بـــتـــركـــــي كـــل ما حـــــوت الديارُ
ولســـتُ بخـــــالعٍ درعي وســـــيفي=إلى أن يخـــلــــع اللــــيل النـــــهـــارُ