ثمار الأوراق



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ثمار الأوراق

ثمار الأوراق

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ثمار الأوراق

منتدى تعليمي يهتم باللغة العربية علومها وآدابها.


    التذكير والتأنيث في العربية والاستعمالات المعاصرة

    أحمد
    أحمد
    إدارة ثمار الأوراق
    إدارة ثمار الأوراق


    عدد الرسائل : 16801
    الموقع : القاهرة
    نقاط : 39133
    تاريخ التسجيل : 17/09/2008

    التذكير والتأنيث  في العربية والاستعمالات المعاصرة Empty التذكير والتأنيث في العربية والاستعمالات المعاصرة

    مُساهمة من طرف أحمد الجمعة سبتمبر 19, 2014 11:27 am

    التذكير والتأنيث في العربية والاستعمالات المعاصرة

    الدكتور محمود إسماعيل عمّــار

    كلية المعلمين-أبها- السعودية

    لا تفرّق بعض اللغات البدائية بين المذكّر والمؤنّث، فتستعمل صيغة واحدة في الضمائر والأفعال، وبعض اللغات الأرقى تميّز بين المذكّر والمؤنث في الضمائر، ولكنها لا تفرّق بينهما في الأفعال ولا في الصفات

    فالإنجليزية - على سبيل المثال- وهي أكثر اللغات - اليوم- انتشاراً تستعمل (He) للمذكّر، وتستعمل ( She ) للمؤنث، ولكنها لا تفرّق بين الأفعال فهي تقول"(He Plays = هو يلعب ) كما تقول ( She Plays = هي تلعب ) ولا تفرّق بين المذكّر والمؤنث في الخبر، فهي تقول: (He is a teacher = هو معلم) كما تقول: (She is a teacher = هي معلمة ) ولا في الصفة فتقول : (Clever boy = ولد ماهر) وتقول: (Clever girl = بنت ماهرة )، ونفتقد فيها ضمير المثنى، فإذا وصلنا إلى الجمع وجدنا ضميراً واحداً يدل على المذكر والمؤنث هو( They هم أوهنّ) وأسماء الإشارة كذلك مبنية على عدم التمييز بين المذكّر والمؤنّث، فـ(this = هذا أو هذه ) و (That = ذلك أو تلك) إلى غير ذلك.

    وهذه الأمور محسومة في اللغة العربية، ومحدّدة بتفصيل ودقة. وربمّا كانت اللغة العربية - اليوم- من أكثر اللغات اهتماماً بالتفريق بين المذكر والمؤنّث0 وكلما زادت الآلة رفعة وتقدماً ودقة، زادت وظائفها، وتقدّمت صناعتها، ودقّت أجهزتها، وتنوّعت استعمالاتها، وكذلك هي اللغة

    حدثني أستاذ للغة الفارسية أن إحدى الجمعيات النسائية في بلد عربي ضاقت بالتفرقة بين المذكّر والمؤنّث في اللغة العربية، ودعت - في حمّى المساواة المطلقة بالرجل _ إلى عقد ندوة لمناقشة هذا الأمر، علّها تتوصل إلى صيغة موحدّة للمذكّر والمؤنّث على غرار اللغة لإنجليزية، ودعي هذا الأستاذ إلى المشاركة ولكنه قال : إذا كانت المرأة تختلف عن الرجل في بنيتها وتكوينها فكيف تتساوى معه في اللغة؟ وإذا استطعنا أن نحذف( التاء ) من قامت وذهبت مثلاً فهل نستطيع أن نحذف مظاهر الاختلاف التي تميّز بنية المرأة عن بنية الرجل ؟ فقوبل بالهياج والصياح والشتائم والقذائف فما أنقذه إلا الفرار من باب خلفي

    والتأنيث في اللغة العربية: إما بالوضع: كزينب وسعاد، وسماء وناقة وهذه ونحوها وإما بالتحوير، كقولنا: زيد يكتب، وهند تكتب، وإما بإضافة علامة تنقل الفعل أو الاسم من التذكير إلى التأنيث، كقولنا: أكبر وكبرى، وأحمر وحمراء ومسافر ومسافرة، وجاء الطالب وجاءت الطالبة، وهذا مجتهد وتلك مجتهدة

    وعلامات التأنيث كثيرة، بلغ بها الفرّاء خمس عشرة علامة: ثمان في الأسماء واربع في الأفعال، وثلاث في الأدوات، ولذلك كان التأنيث بالعلامات أكبر أسباب التأنيث في اللغة العربية، وإذا حذفت العلامة عاد الفعل أو الاسم-كما في الأمثلة السابقة- إلى حالة من التذكير، تعيده إلى أصله ونلحظ هذه القاعدة العامة في اللغة العربية في بعض الكلمات الإنجليزية إذا تأملناها بدقّة مثل: Male) ذكر، Female أنثى -Man رجل، Waoman امرأة - He هو، She هي )

    وليس غريباً - بعد ذلك - أن يعدّ النحاة التذكير في العربية أصلاً، والتأنيث فرعاً عنه، كما خلقت حواء من آدم - عليهما السلام - مما يدل على أصالة هذه اللغة، وذوقها الرفيع

    يقول سيبويه: الأشياء كلها أصلها التذكير، تختصُّ بعد ذلك ( يعني التأنيث) فكل مؤنث شيء، والشي يذكر، فالتذكير أول ويقول : اعلم أن المذكر أخفّ عليهم من المؤنث، لان المذكّر أول، وهو أشدّ تمكناً، وإنما يخرج التأنيث من التذكير، ألا ترى أن الشيء يقع على كلّ ما أخبر عنه قبل أن يعلم أذكرّ هو أو أنثى ؟ والشيء ذكر.

    وإذا كان الله تبارك وتعالى قد خلق من كل شيء زوجين : من الأناسّي، والأنعام، والبنات، حتى الجمار- إذا تأملناه – ومصادر الطاقة والحركة والحياة، فإن من دقّة هذه اللغة، وروعة الإحساس بالوجود فيها، وتكاملها مع عناصر الكون، ونبصر الحركة، ودفق الحياة أ تحتفل احتفالاً بالغاً بقضية التذكير والتأنيث، وتعطي هذا الجانب دقة لا نجدها في غيرها من اللغات، وتتمتع برهافة لا تتأتي إلا من عايش هذه اللغة، ولامست منه حبّة القلب وشغافه

    قصّ أحمد أمين عن امرأة إنجليزية كانت تتعلم عليه العربية، اعتراضها على تأنيث الشمس وهي قوية، وتذكير القمر، وهو لطيف وديع، وكـان الأولـى- في رأيها – أن تذكر العربية الشمس، وتؤنث القمر، كما يفعل الإنجليز وفاتها أن تأنيث الشمس ليس جنساً حقيقياً، بل هو جنس نحوي، وهذا التأنيث في الشمس دون تأنيث في فاطمة وغزالة ولهذا قال النحاة إنها مؤنث مجازي، فيقال : طلع الشمس، وطلعت الشمس، وما بقي من التأنيث في الشمس فلأنها مصدر الحركة والحياة والتكاثر والنماء على الأرض- كما المرأة في الحياة الإنسانية – ولا تتأتى الحياة من دونها، كما لا تتأتى من دون المرأة، وليس للقمر هذه المزية ورحم الله أبا الطيب حين قال :

    وما التأنيث لاسم الشَّمْسِ عيبٌ ولا التذكيرُ فخـرٌ للهـلال

    حتى عدّ ذلك من معانيه التي تفرد بها

    وفي ضوء هذا المنهج من الدقة والتفصيل، قسم الاسم في العربية إلى مذكّر ومؤنّث، سواء كان مفرداً أو مثنى أو جمعاً، وتأثر بذلك أيضاً الفعل، والخبر، والصفة، والحال، والعدد، وغيرها، ووضع لكل حالة الضمير المناسب لها، بارزاً أو مستتراً، منفصلاً أو متصلاً، ضمير رفع أو ضمير نصب، دالاً على ما يعبّر عنه من تذكير أو تأنيث، وامتد هذا التقسيم إلى أشياء أخرى:

    كأسماء الإشارة والأسماء الموصولة، وقسِّم المؤنث إلى حقيقي ومجازي، وإلى لفظي ومعنوي

    ومع كلّ هذا التفصيل أبقت العربية بعض قنوات الاتصال بين المذكر والمؤنث مفتوحة،إشعاراً بالتكامل والصلة بين الجنسين، كما يحدث في الحياة العامة حين تظهر بعض صفات الذكورة أو الأنوثة في الجنس الآخر وليبقى للتعبير الأدبيّ والفنيّ لمساته في التذوق والإبداع، ولئلا تكون القاعدة صارمة بالقدر الذي يخنق الفن، أو يقتل الحركة الذهنية عند المتحدث أو الكاتب، فأجازات اللغة كلمات " مذكرة وصف بها المؤنث، كما يوصف المذكّر بمؤنث، لا يكون إلا لمذكّر"

    ويقول سيبويه أيضاً : " وقد يكون الشيء المذكّر يوصف بالمؤنّث، ويكون الشيء المذكّر له الاسم المؤنّث ويكون الشيء المؤنّث يوصف بالمذكّر، وقد يكون الشيء المؤنث له الاسم المذكر ويمكن أن يتولد من ذلك عدة حالات تضم كل واحدة مجموعة من الصور، كما يأتي:

    1- ما يذكرّ ويؤنث، ويظهر في :

    - ألفاظ محفوظة، أشهرها كما ذكره السيوطي: القليب، والسلاح، والصاع، والسكين، والإزار، والسراويل، والعريس، والعنق، والسبيل، والطريق، والدلو، والسوق، والعسل، والعاتق، والعضد، والعجز، والسلم، والفلك، والنهر، والحال، والمتن، والكراع، والذراع، واللسان،والزقاق، والصراط، والروح، والذنوب، والخوان، والسنان، والصواع .

    - تحدثت كتب النحو بالمواضع التي يجوز إلحاق تاء التأنيث بفعل الفاعل ويجوز تركها، وهي أربعة:

    أحدها : أن يكون الفاعل اسماً ظاهراً مجازي التأنيث، فتقول : طلعت الشمس وطلع الشمس

    الثاني : أن يكون الفاعل حقيقي التأنيث، منفصلاً عن العامل بغير( إلا) كقولك : حضرت القاضي امرأة وحضر القاضي امرأة

    الثالث : أن يكون العامل، نعم أو بئس: نحو نعمت المرأة هند، ونعم المرأة هند

    الرابع: أن يكون الفاعل جمع تكسير، أو اسم جنس أو اسم جمع، تقول : جاء الزيود، وجاءت الزيود، وقال الأعراب وقالت الأعراب، وأورق الشجر وأورقت الشجر

    2- ما جاء بالتاء داّلاً على المذكّر، ويظهر في :

    - الأعلام المذكّرة المختومة بتاء التأنيث : كمعاوية، وحمزة، وطلحة، وحذيفة،إلخ

    - الصفات المختومة بتاء المبالغة: كراوية، وطاغية، ونابغةإلخ

    - التاء الدالّة على توكيد المبالغة : كعلاّمة، ونسّابة، ومطرابة، وملولة إلخ

    - ما بنى على ( فُعَلة ) للدلالة على المبالغة : كهمزة، ولمزة، وهزأة، وضحكة، قال المبرد: هذا كثير لا تنزع منه الهاء، فأما راوية وعلاّمة ونحوهما فحذف الهاء جائز فيه ولا يبلغ في المبالغة ما تبلغه الهاء

    - ما ختم بتاء عوضاً عن ياء النسب: كأشاعرة، ومغاربة، وأفارقة، جمعاً لأشعريّ، ومغربّي، وأفريقيّ والعامة يقولون : مصارية جمعاً لمصريّ وقد تكون التاء عوضاً عن حرف زائد لغير معنى في المفرد: كزنادقة جمع زنديق.

    - ما ختم بتاء الجمع كما في أساتذة وتلامذة وجهابذة أو جاء على ( فَعَلة) كطلبة أو على (فِعَلة) كقردة، وغيرها

    - ما بنى على التاء ووصف به المذكر والمؤنث، تقول: رجل ربعة وامرأة ربعة، وغلام يفعة وجارية يفعة، وهذا كِبْرة ولد أبويه وهذه كِبْرة ولد أبويها، وهو عِجزة وهي عِجزة أي آخر الأخوة، ورجل إكبرّة قومه وامرأة إكبرّة والرميّة للذكروالأنثى تقول : كانت رميتك حماراً، وكانت رميتك بقرة

    - ذكر السيوطى في مزهره مجموعة من الأسماء المشتملة على تاء التأنيث مما يقع على المذكّر والمؤنّث، مثل : السخلة، والبهمة، والحية، والشاة، والبطة، وحمامة، ونعامة، ودجاجة، ونحلة، ودراجة، وجرادة، وبومة، وبقرة، وحبارى: قال: وكلُّها تقع على الذكر والأنثى

    - تقول: هذه دجاجة وهذا دجاجة ويختص الذكر بلفظ ديك، وتقول: هذه بقرة وهذا بقرة ويختص الذكر بلفظ ثور، وتقول هذه شاة وهذا شاة، ويختص الذكر بلفظ خروف، وتقول هذه البطة ذكر، وهذه البطة أنثى.

    3- ما جاء داّلاً على المؤنث من غير تاء، ويظهر في :

    - المؤنثات المعنوية:

    الأسماء التي يستدل على تأنيثها بالمعنى أربعة هي :

    أعلام الإناث كمريم وزينب، ونحن هذه الأيام نسمى : إيمان وصفاء وإخلاص

    الأسماء المختصة بالإناث نحو : أخت، بنت، أم

    أسماء البلاد والمدن والقبائل ( على إرادة البقعة والقبيلة ) كالشام ومصر وقريش

    أسماء الأعضاء المزدوجة: كالعين والرجل والأذن وهذا حكم أغلبي لأن منها ما هو مذكّر مثل الصدغ والحاجب والخّد والمرفق

    - المؤنثات المجازية:

    وهي التي عاملتها العرب معاملة المؤنثات الحقيقية، ويستدل على تأنيثها: بضمير المؤنث أو إشارته، أو لحاق تاء التأنيث بالفعل، نحو: هذه الشمس رأيتها طلعت، أو ظهور التاء في تصغيرها كدويرة أوحذفها من اسم العدد: كثلاث آبار

    ويتوقف فيها على النقل والسماع، وقد ذكر منها عباس أبو السعود نحو كلمة وذكر المنجد ، ونكتفي في التمثيل بما أورد السيوطي، وهي: السماء والأرض، والقوس والحرب، والذود والإبل، ودرع الحديد لا درع المرأة، وعروض الشعر، والرحم والرمح، والغول، والجحيم والنار، والشمس، والنمل، والعصا، والرحى، والدار والضحى والقتب والفأس والقدوم والسرى.

    - أسماء الرياح، مثل:

    صبا، جنوب، دبور، شمال، هيف، حرور، سموم، دثور إلخ، قال سيبويه: سمعناهم يقولون : هذه ريح حرور، وهذه ريح شمال، وهذه الريح الجنوب، وهذه ريح سموم وهذه ريح جنوب، سمعنا ذلك من فصحاء العرب، لا يعرفون غيره

    - المصدر الذي يخبر به عن الأنثى، أو يقع صفه لها، فيكون بمعنى اسم الفاعل، أو على حذف مضاف، أو يحمل على المبالغة تقول: فاطمة عدل أو صدق، وكذا قولنا: هذه امرأة صدقٌ، أو جاءت امرأة عدلٌ، وتقول : رجل زور، وامرأة زور، ورجل نصف وامرأة نصف، أي من أوساط الناس، وتقول هذه امرأة نهيك من امرأة

    - ويجري هذا المجرى كلمات مثل : بحت، محض، قُلب، قمح، حق وفي القرآن الكريم: "ويعلمون أنها الحق" الشورى 18 قال ابن مالك:

    ونعتوا بمصدر كثيرا فالتزموا الإفراد والتذكيرا

    ومن الناس من يجيز إلحاق التاء في هذه الأمثلة

    - جمع التكسير لغير العاقل يكون دائماً مؤنثاً، سواء كان مفرده مؤنثاً: كجواهر وعيون، أو مذكراً كحبال ورماح، تقول : هذه رماح، وتكسرت الرماح

    ا- لصفات الخاصة بالأنثى وهي كثيرة :

    وقد فصّلها السيوطي: فمنها ما يطلق على النساء، وما يطلق على الظباء، وما يطلق على الشاء، وما يطلق على النوق، وما يطلق على الخيل إلخ فمن صفات النساء : جارية كاعب، وناهد، ومُعْصِر، وعارك، وطامث، ودارس، وحائض، وامرأه مُعْيِل ومسلب( مات ولدها) ومذكار، ومئنات، ومُذكِر ومُؤنِث (إذا كانت تلد الذكور أو الإناث) وثاكل وبائن، وسافر، وواضع (وضعت خمارها) إلخ

    - ما يوصف به المذكر والمؤنث خالياً من علامة التأنيث، مثل :

    زوج، ضيف، دنف، عاشق، عاقر، أيّم، عانس، حاسر، ثيّب، خادم، بِكر، ناشىْ، وكلها تطلق على المذكّر والمؤنّث، وتقول، شاب أُملود وجارية أملود، وثوب خلق وعمامة خلق، وبعير أو ناقة بازل وظهير، وهو كِبّر قومه، والمرأة كِبّر وابن عم أو ابنة عم لّحٍ، وهو أو هي مصاص الحاضرين (خالصهم) ورجل أو امرأة غِرُّ، ورأس أو لحية ناصل الخضاب، ورجل أو امرأة وقاح الوجه، ورجل رقوب (لا يعيش له ولد) وكذا امرأة رقوب، وجمل ضامر وناقة ضامر، ونُصيف ( تصغير نصف = متوسط العمر) للمذكر والمؤنث، ورجل عـروس (وجمعها عُرُس) وامرأة عروس (وجمعها عرائس)، ورجل زير وامرأة زيــر(في القول).

    - الأوزان الخمسة التى يستوي فيها المذكر والمؤنث وهي :

    فعول بمعنى فاعل : هذه امرأة صبور شكور، وفعيل بمعنى مفعول إذا عرف موصوفه :كفّ خضيب : وشاة ذبح قال سيبويه : الهاء في غالب الأمر إنما تكون للإشعار بأن الفعل لم يقع بعد بالمفعول، يقولون: هذه ذبيحتك للشاة التي لم تذبح بعدُ كالضحية، فإذا وقع بها الفعل فهي ذبيح.

    ومِفعال، ومِفعيل، ومِفعل: هذه امرأة مهذار، ومعطير، ومغشم

    وشذّ: امرأة عدوّة، ومسكينة، وميقانة، وملحفة جديدة .

    ذكر السيوطى مجموعة من الأسماء التي تقع على الذكر والأنثى من غير علامة تأنيث، مثل : إنسان : يقع على الرجل والمرأة ( وسمع إنسانة لدى المولدين)، والفرس للذكر والأنثى، ( وقيل فرسة) والبعير للجمل والناقة، والجزور، والذباب وكل منها للذكر والأنثى .

    تفيد بعض المعجمات اللغوية إمكان إطلاق : ولد، وطفل، ومحبّ، وحبيب، ورفيق، وصديق، على الذكر والأنثى قال أبو زياد في حديثه سألني رفيقي، أراد زوجتي، ورفيق المرأة زوجها، قال كثيّر :

    لياليَ من عيشٍ لهونا بوجههِ زماناً، وسُعدى لي صديقٌ مواصِلُ

    وفي التنزيل : "إنّ رحمة الله قريب من المحسنين" الأعراف 56

    ومن لطائف ما أورده السيوطى قوله: لم يأت مؤنث على المذكر إلا في ثلاثة أحرف :

    الأول: في التاريخ، تقول : صمت عشراً، ولا تقل : عشرة، معلوم أن الصوم لا يكون إلا بالنهار، وفي الحديث : "من صام رمضان، وأتبعه ستاً من شوّال "

    الثاني: أنك تقول : الضبع للمؤنث، وللمذكر: ضِبعان ( بالكسر) فإذا جمعت بين الضبع والضِبعان قلت : ضَبعان ( بالفتح) ولم تقل: ضبعانان - كرهوا الزيادة

    الثالث: أن النفس مؤنثة، فيقال ثلاثة أنفس: على تقدير: رجال : ولا يقولون : ثلاث أنفس إلا إذا ذهبوا إلى لفظ نفس أو معنى نساء

    ***

    ومهما يكن من أمر، فإن كثيراً من الملاحظ البلاغية، والدلالات النفسية والشعورية، وأغراض التعبير، وأهداف المعنى، ودقة المضمون تكمن في اختيار اللفظ عند التعبير الأدبي الناضج، وإيثار كلمة على أخرى، وكذلك الأمر في إيثار التذكير أو التأنيث أحياناً، وفي القرآن الكريم كثير من ذلك

    فانظر إلى قوله تعالى: "أَوَلَيْسَ الذي خَلَق السموات والأرضَ، بقادرٍعلى أنْ يخلقَ مثلهم" يسن 81، حيث تعدّدت احتمالات عود الضمير، قال الآلوسى- رحمه الله - : " زعم جماعة من المفسرين عود ضمير( مثلهم) للسموات والأرض، لشمولهما لمن فيهما من العقلاء، فلذا كان ضمير العقلاء تغليباً "

    قال سيبويه: "زعم الخليل - رحمه الله - أن" السَّماءُ مُنفَطِرٌ به" "المزمل18" كقولك: "معضّل " للقطاة، وكقولك "مرضع" للتي ترضع بها الرضاع وأما المنفطرة فيجيء على العمل، كقولك : "منشقَّة" وكقولك: "مرضعة" للتي ترضع، وأما " كلٌّ في فلك يسبحون " الأنبياء 33، ويسن 4، و" رأيتهم لي ساجدين " يوسف 4، و " يا أيها النمّل ادخلوا مساكنكم " النمل 18، فزعم أنه بمنزلة ما يعقل ويسمع، لمّا ذكرهم بالسجود، وصار النمل بتلك المنزلة حيث حدّث عنه، كما تحدّث عن الأناسيّ، وكذلك " في فلك يسبحون " لأنها جعلت - في طاعتها وفي أنه لا ينبغى لأحد أن يقول : مُطِرنا بنوء كذا، ولا ينبغي لأحد أن يعبد شيئاً منها- جعلت بمنزلة من يعقل من المخلوقين، وتبصر الأمور، قال النابغة الجعدىّ:

    شربتُ بها والدِّيكُ يدعو صباحَهُ إذا ما بنو نعشٍ دَنَوْا فتصوَّبوا

    فجاز هذا حيث صارت الأشياء عندهم : تؤمر وتطيع، وتفهم الكلام، وتعبد، بمنزلة الآدميين ويقول الله تعالى : " ثم اسْتَوى إلى السماءِ، وهيَ دُخانٌ، فَقَالَ لَها ولِلأرضِ أ ئِتيَا طوْعَاً أو كُرهاً، قالتا: أتينا طائعين، َفقَضاهنّ سبعَ سمواتٍ " فصلت 11- 12. قال الزمخشرىّ : فإن قلت هلاّ قيل: طائعتين على اللفظ، أو طائعات على المعنى، لأنها سموات وأرضون؟ قلت: لما جعلن مخاطبات ومجيبات، ووصفهن بالطوع والكره، قيل : طائعين (على جمع العقلاء وهي لا تعقل) نحو قوله " ساجدين " وضمير النسوة (فقضاهن) لا يخلو من مثل هذا الملحظ.

    وانظر إلى قوله تعالى في الحديث عن الأصنام: " أَيُشْركُونَ ما لا يَخْلُقُ شيئاً، وهم يُخْلَقُون، ولا يستطيعُون لَهُم نَصْراً، ولاَ أنفُسَهُم يَنْصُروُن، وإن تدعُوهُم إلى الهُدى لا يتّبعوكُم، سواءٌ عليكُم أدَعَوتُموهُم أم أنتُم صامِتون، إنّ الذيَن تدعوَن منْ دونِ الله عبادٌ أَمثالُكُم، فادعُوهُم فليستجيبُوا لكُم إن كُنتُم صادِقين، ألُهم أرجلٌ يمشونَ بها، أم لهم أيْدٍ يبطشوَن بها، أم لهم أعينٌ يبصروَن بِها، أم لهُم آذانٌ يسمعوَن بِها " الأعراف 191- 195

    حيث أنزل الأصنام منزلة العقلاء، فاستعمل " هم متصلاً، ومنفصلاً، وواو الجماعة، واسم الموصل ( الذين)، وحقّها أن يقول: ما لا تخلق شيئاً، وهي تخلقإلخ، ولكن التعبير القرآني قصد إلى:

    - أن المشركين لمّا ادّعوا أنها تضرّ وتنفع، وجب أن يعتقدوا فيها أنها عاقلة فاهمة، فجاء التعبير على وفق معتقدهم

    - أن الحديث جاء على سبيل السخريّة والاستهزاء، والتبكيت للمشركين، والاستخفاف بعقولهم ومداركهم

    - فيه لفت وتعجيز للمشركين، كأنه قال : إن قصارى هذه الأصنام أن تكون حيّة عاقلة أمثالكم، فبم استحقّت الألوهية ؟ ولم كنتم عبيداً لها ؟

    - ضمير العاقل ملحوظ فيه ما وراء الأصنام من الرمز حيث يعتقدون أن الأصنام ترمز إلى الملائكة حيناً،وإلى الآباء والأجداد حيناً وإلى ذوات الأرواح حيناً آخر

    - التعبير القرآن فيه الإشارة إلى أنواع من الشرك، أبرزها : اتخاذ آلهة من البشر، يشرّعون الشرائع الاجتماعية والأحكام التي تصرف عن دين الله، كما قال تعالى : " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله " - التوبة 31 .

    ***

    والمتأمل في استعمالات التذكير والتأنيث في اللغة المعاصرة، كما تبدو في كتابات الكتّاب، وبعض البحوث والرسائل العلمية، والدراسات، وفي لغة الصحافة، ونشرات الأخبار، وفي الخطب والمقالات، وأحاديث الناس يجد بعض الخلط والاضطراب الذي يخرج عن القواعد السابقة، التي قررتها العربية، لغير هدف بلاغىّ أو أدبيّ

    وفيما يأتي بعض الصور والاستعمالات التي أمكن ملاحظتها:

    1- العدد، مثل: استلمت خمس كتب، واشتريت خمسة جرائد، والصواب : تسلّمت خمسة كتب واشتريت خمس جرائد، لأن الثلاثة والعشرة ( المفردة ) وما بينهما تؤنّث مع المذكر وتذكر مع المؤنث.

    وكان يتبادر إلى الذهن أن تنحو اللغة إلى المطابقة بين العدد والمعدود ولكن لما كانت هذه الأعداد قد بنيت على التأنيث في وضعها، وكان التذكير أصلاً، فقد ناسب أن يبقى العدد مؤنثاً مع المذكر، ولما كان التأنيث فرعاً، يحتاج إلى علامة، جعلت علامته حذف التاء فذكّر مع المؤنث، ولذلك قال سيبويه : ثلاثة لا يقع إلا لمذكّرين

    2- تمييز العدد: حيث يفرد فيما حقه الجمع، مثل (7) كتاب، و (9) قلم، ويقولون: ثلاثة مليون، وستة مليار، والصواب : سبعة كتب وتسعة أقلام، وثلاثة ملايين، وستة مليارات، لأن الأعداد (3-1) تضاف إلى جمع مكسّر من أبنية القلقة إن وجد

    وقد تعجبت المرأة الإنجليزية التي تحدث أحمد أمين عنها، من قول اللغة : ألف كتاب، وكان الأولى أن تقول : ألف كتب، ما دامت تقول: ثلاثة كتب، من باب أولى

    ولعل اللغة قصدت إلى جبر العدد القليل (3-1) بإضافته إلى الجمع، واكتفت في غيره المفرد، منصوباً (11- 99) أو مجروراً (1- 1 ) وما جرى مجراهما

    3- تأنيث المفرد المذكّر إذا كان مضافاً إلى جمع مؤنث سالم، أو جمع تكسير، فهم يقولون: زرت إحدى المستشفيات، وأعجبت بإحدى الأقسام، وأجبت عن إحدى الأسئلة، وفي إحدى المؤتمرات حدث كذا والصواب في كل ذلــــك ( أحد ) لأن المفرد منها مذكر

    4- تذكير المؤنّث المضاف إلى ما سبق- عكس الحالة السابقة - مثل : قابلته في أحد العيادات، وكان الدواء في أحد الزوايا

    والصواب : إحدى، لأن المفرد مؤنّث فيقال : إحدى العيادات، وإحدى الزوايا

    5- تأنيث الخبر عندما يكون المبتدأ مضافاً إلى مؤنّث، مثل : عدد المحاضرات كثيرة، وعمل اللجان رائعة، وعدد الساعات قليلة، وجهد المدارس ملائمة

    والصواب: كثير، ورائع، وقليل، وملائم

    6- تأنيث الصفة إذا كان الموصوف مضافاً إلى مؤنث، مثل: عدد المحاضرات الكثيرة مجهد، وعدد الساعات القليلة ضياع للوقت والصواب : الكثير والقليل لأنهما صفة للمذكر

    7- تأنيث الفعل لأن الفاعل ( أو ما في حكمه) مضاف إلى مؤنث، مثل : كثرت عدد محاضراته وكانت عدد ساعاته عشرين والصواب ترك التأنيث في الفعل

    وربما قبل التأنيث على التوسع قال سيبويه : وسمعنا من يوثق به من العرب يقول: اجتمعت أهل اليمامة، لأنه يقول في كلامه: اجتمعت اليمامة، يعني أهل اليمامة، فأنّث الفعل في اللفظ، إذ جعله في اللفظ لليمامة، فترك اللفظ يكون على ما يكون عليه في سعة الكلام

    8- إذا كان المضاف جزءاً من المضاف إليه جاز أن يكتسب التأنيث منه، قال سيبويه : " وقد أدخلوا التأنيث فيما هو أبعد من هذا، أدخلوه فيما لا يتغير منه المعنى لو ذكّرت، قالوت: ذهبت بعض أصابعه " وقال : "إنما أنث( بعض) لأنه أضافه إلى مؤنث هو منه، ولو لم يكن منه لم يؤنّثه، لأنه لو قال : ذهبت عبدُ أمِّك، لم يحسن، وساق أمثلته على التأنيث من قول الأعشى :

    وتشرقُ بالقول الذي قد أَذَعْتَهُ كما شَرِقَتْ صدُر القناةِ من الدمِ

    لأن صدر القناة مؤنث، ومثله قول جرير :

    إذا بعضُ السنينِ تعرَّفتنا كفى الأيتامَ، فقَد أبي اليتيمِ

    لأن ( بعض) ههنا سنون، ثم أوضح جواز التأنيث وعدمه في هذه الحالة، ولكن ترك التأنيث عنده أقوى، فيقول: وترك التاء في جميع هذا الحدّ والوجه، وإثبات التاء فيه حسن لكثرته في كلامهمً . غير أننا نجد الفعل في الاستعمالات المعاصرة لا يكاد يفارق التأنيث في هذه الحالة، وقد مرت بعض العبارات على هذا النحو، فهم يقولون: أجرت بعض المستشفيات عمليات ناجحة، وقامت بعض المدارس بالتدريب اللازم، واحتفلت بعض البلاد بالعيد، ولا نكاد نسمع تذكير الفعل في مثل هذه التعبيرات، وربما عدّه بعضهم خطأً، مع أنه الحد والوجه - كما يقول سيبويه

    9- تنص كتب النحو على أن الفعل الذي يرفع اسماً ظاهراً مجازي التأنيث يجوز أن تلحقه التاء، وأن يتجرد منها، تقول : طلعت الشمس، وطلع الشمس، وإن كان التأنيث أرجح، إلا أن الاستعمال المعاصر على إيثار التأنيث، وتجنب التذكير، فلا نكاد نسمع من يقول: طلع الشمس، وامتلأ الأرض بالعشب، ووقع الحرب بين الطرفين، وامتّد النار إلى البيوت، ووقع العصا، وازدان ( ازدانت) الدار بالضيوف مع جواز ذلك في اللغة

    1- إذا رفع الفعل ضميراً متصلاً يعود على مؤنث حقيقي أو مجازي، وجب أن تلحقه علامة التأنيث، ولكنهم لا يلتزمون ذلك في المؤنث المجازي، فهم يقولون: كأس العالم أعطي لفريق كندا، واليمين وقع على فلان، وأصبعه يؤلمه، وكفّه جرح

    11- وكذا إذا وصف المؤنث المجازي أو عاد عليه الضمير، فهم يقولون : كأس العالم الذهبيّ، وكأس المباراة الفضيّ، وشربت من بئر عميق، واليمين حلفته، والفعل أصلحته، وكفّه شددت عليه : ولا يقولون : كأس العالم الذهبية، أو الفضية، ولا بئر عميقة، وكذا : اليمين حلفتها، والفعل أصلحتها، وكفّه شددت عليها

    12- إذا كان الفاعل جمع تكسير المذكر عاقل جاز إلحاق تاء التأنيث بالفعل وجاز تركها - كما سبق - ولكن لا يقول أحد: نجحت الطلاب، وسافرت الأولاد، ورحلت السكان، وربما كان الذوق معهم

    13- تشتمل العربية على بعض الأسماء التي تذكر وتؤنث - كما مرّ - مثل : السلاح، والصاع، والعرس، والإزار، والعنق، والدلو، والعسل، والعايق، والعضد، والعجز، والنهر، والذراع واللسان، والزقاق وهذه الألفاظ لا تكاد تستعمل اليوم إلا مذكّرة، فيقال : هذا السلاح حادّ، وهذا الصاع متقن، والإزار ارتديته، والعرس حضرته، وجرح العنق، وانكسر الدلو، ولا يلتفتون إلى استعمالها مؤنثة، بل لا يكاد يكون ذلك سائغاً أو مقبولاً، فمن يقول : العسل شربتها، والنهر قطعتها، واللسان عالجتها، والزقاق مشيت فيها ؟

    ومع أن السكّين من هذا النوع إلا أنهم يلتزمون فيها التاء للقطع بتأنيثها، فيقولون السكينة حادة، وتثلمت السكين ولا يكاد يقول أحد : ( هذه ولد ) مع جوازه

    14- ومن هذا النوع أسماء تشتمل على تاء التأنيث الدالة على الوحدة وتستعمل للمذكر والمؤنّث، مثل شاة، ودجاجة، وحمامة، ونعامة، وبقرة، وهي لا تطلق في الاستعمالات المعاصرة إلا على المؤنث، فلا نسمع من يقول : هذا شاة (للخروف) أو سخلة ( للجدي ) ولا هذا دجاجة( للديك ) ولا هذا بقرة ( للثور) مع جوازه في اللغة - كما سبق

    15- تأنيث الألفاظ المذكّرة، مثل رأس، وضرس، وبطن، وساعد، ومستشفى، فيقولون: رأسي تؤلمنى، ورأسه عالية، وضرسي تؤرقنى، وبطني منتفخة، وله ساعد قوية، وهذه مستشفى واسعة والصواب : رأسي يؤلمني، ورأسه عالٍ، وبطنى منتفخ، وساعد قوىّ، وهذا مستشفى واسع.

    والقول بتأنيث(البطن) على الأرجح، كما قال حاتم الطائي:

    وإنّكَ مهما تُعطِ بطنَكَ سُؤلَه وفرجَكَ نالا منتهى الذمِّ أجمعا

    وذكرت المعجمات عن أبي عبيدة أن تأنيث البطن لغة، وأجاز الأصمعي وابن الأثير وابن مالك تذكيره وتأنيثه فيقال: هذا البطن وهذه البطن، وانتفخ البطن وانتفخت البطن

    ومن الناس من يؤنث ( الضرس ) على معنى السن، والسن مؤنثة، ولكن يظل كل ذلك مرجوحاً

    16- الإكثار من أعلام النساء المتخذة من المصادر، وإذا كانت تكتسب التأنيث المعنوي باقترانها بالمسمّى، وبالاستعمال، فإن العرب حين أطلقوا المؤنثات المعنوية، مثل: سعاد وزينب وهند وجُمْل كانوا يحتكمون في ذلك إلى ذوق مرهف، ألا ترى أنهم كانوا يطلقون ( رياض) و( ربيع ) و ( مشتاق) و ( ناعم ) و( وحيد) على الأنثى، يطلقون: ( ياقوت) و( مرجان ) و ( جوهر) و( كافور) على العبيد؟

    وبعض هذه المصادر التي تستخدم أعلاماً، مثل إخلاص، إحسان، اعتماد، نضال، تيسير، نجاح، انتصار، رجاء، دعاء لا يشتم منها عبق الأنوثة، ولا يضوع منها عبير النساء لأنها أقرب إلى روح التذكير وقد ناقشت صديقاً رزقه الله بنتاً فسمّاها ( أمان )، فطال نقاشنا حول دلالة الاسم، ومدى توافر عناصر الأنوثة فيه

    17- تأنيث بعض الصيغ التي يلتزم فيها التذكير لأنها مما يستوي فيه المذكر والمؤنث، فيقولون: بلاد معطاءة، وبنت مهذارة، ولحية حليقة، وامرأة جريحة، وهذه وليدة، وإدارة غيورة وفتاة صبورة، وطلعة شكورة، وعدّوا من الشاذ: فلانة عدوة هند ( وإن سمع )

    وهذه الأوزان ( مفعال، وفعيل بمعنى مفعول إذا ذكر موصوفه ، وفعول بمعنى فاعل ) لا تكون إلا مذكرة، ويوصف بها المؤنث كما يوصف بها المذكر، قال سيبويه :

    " زعم الخليل أن فعولاً، ومفعالاً إنما امتنعتا من الهاء، لأنهما إنما وقعتا في الكلام على التذكير ولكنه يوصف به المؤنث " وقال اللحيانى : ما كان على مفعال فإن كلام العرب والمجتمع عليه بغير هاء في المذكر والمؤنث، إلا أحرفاً جاءت نوادر قيل فيها بالهاء

    والصواب فيما سبق : بلاد معطاء، وبنت مهذار، ولحية حليق، وامرأة جريح، وهذا وليد ( بمعنى مولودة ) وإدارة غيور وفتاة صبور، وطلعة شكور ( بمعنى شاكرة) والأصح أن يقال : فلانة عدوّ هند

    18- الكلمات التي جاءت علىّ "فعيل" بمعنى فاعل وآثروا فيها التذكير حتى عندما تجري على المؤنث مثل صديق، ورفيق، وحبيب، وقريب، ونحوها، لا نجد من يستعملها على هذا النحو وتطبق الاستعمالات على المطابقة، فلا نجد من يقول : فاطمة صديق عائشة ولا هند حبيب عليّ، ولا هذه رفيق وعد

    19- إلحاق تاء التأنيث ببعض الأوصاف التي أطلقوها على المذكر والمؤنث مثل : عاشقة، عاقرة، عانسة، خادمة، ناشئة، غِرّة، ويقولون : ناقة ضامرة، ولحية ناصلة الخضاب، وهي للمذكر والمؤنث على السواء، فيقال: رجل عاشق وامرأة عاشق، وكذا عاقر، وعانس، وخادم، وناشىء، وغّر ، وناقة ضامر، ولحية ناصل الخضاب

    2- ويجري هذا المجرى كلمات مثل : إنسان، وزوج، وعروس، وعجوز فهى للمذكر والمؤنث على الأصح، ولكنهم يقولون: إنسانة نبيلة، وزوجة فلان، وهذه عروسة وعجوزة

    قال السيوطى: وسمع إنسانة وبعيرة ولا نظير لهما، وقيل: إنّ من العرب من يقول فرسة وقال الفيروزآبارى : والمرأة : إنسان، وبالهاء عامية، وسمع في شعر كأنه مولّد:

    لقد كستني في الهوى ملابس الصـبّ الغزل

    إنســــانة فتّانة بدر الدجى منها خجل

    إذا زنت عيني بهـا فبالدمــوع تغتسل

    أما " زوج " فوقع الخلاف فيها قديماً، فبنو تميم يقولون: هي زوجته، وأبى الأصمعي ذلك وقال : زوج، لا غير، واحتجّ بقول الله عزّ وجلّ " اسْكُن أنتَ وزوجُك الجنَّةَ " البقرة 35 والأعراف 19، فقيل له: نعم: كذلك قال الله تعالى، فهل قال عزّ وجل: لا يقال زوجة ؟ وحين بلغ الأصمعي قولُ ذي الرُّمَّة:

    أذو زَوْجَةٍ بالمصرِ أم ذو خَصومةٍ

    أراكَ لها بالبصرةِ اليومَ ثاويا

    طعن في ذي الرمة، وقال: إنّ ذا الرُّمة قد أكل البقل والمملوح في حوانيت البقّالين حتى بشم . وما ذهب إليه الأصمعى لغة أهل الحجاز وأزد شنوءة، حيث يضعونه للمذكر والمؤنث وضعاً واحداً، تقول المرأة: هذا زوجي، ويقول الرجل : هذه زوجي وبذلك التنزيل، قال تعالى " فقلنا يا آدم إن هذا عدوّ لك ولزوجك" طه 117، وقال " " أمسك عليك زوجك " الأحزاب 37، وقال : " وإذا أردتم استبدال زوج مكان زوج " النساء 2 ، أي امرأة مكان امرأة

    21- تأنيث بعض المصادر لجريانها على المؤنث، فيقولون : هذه صورة تجريدية محضة، وتلك لوحة فنيّة بحتة، ومن الناحية النظامية القحّة، وجاءت امرأة عدلة وإن سمع نحو ذلك وأجازه بعضهم إلا أنه خلاف الأصل، والصحيح ترك التاء، فيقال: محض وبحت وعدل وقح

    22- إلحاق تاء التأنيث بالأوصاف الخاصة بالمؤنث مثل : امرأة سافرة، أو مطفلة، وأمّ مرضعة، أو ثاكلة، أو حادّة، أو مُحِدِّة، وجارية ناهدة أو حائضة، أو طالقة أو بائنة والصواب: سافر، ومطفل، ومرضع، وثاكل، وحادّ، ومحدّ، وناهد، وحائض، وطالق وبائن كما تقول: هذا بكر ضامر، ثم تقول : ناقة ضامر"

    وقد تدخل التاء على هذه الأوصاف إذا أريد بها الاستقبال أو نظر إلى الحدث، تقول: هذه حائضة غداً، أو طالقة، أو ستكون سافرة، ومن ذلك قوله تعالى : " يوم ترونها تذهل كلُّ مرضعة عما أرضعت " الحج2، فالمرضعة هي التي في حال الإرضاع ملقمة ثديها، وهي بخلاف المرضع – بلا هاء - فإنها التي من شأنها أن ترضع، وإن لم تباشر الإرضاع في حال وصفها به

    23- قد يأتي ( فاعل) وصفاً للمؤنث بمعنيين، فتلحقه التاء في أحدهما من دون الآخر، يقال: امرأة طاهر من الحيض، وطاهرة من العيوب، وحامل في بطنها وحاملة على رأسها، وقاعد عن الحيض وقاعدة عن السفر، وكثيراً ما يقع اللبس بين ما فيه التاء وما عري منها: فيحلّ أحدهما محل الأخر لعدم التفريق بينهما، فيقال: طاهرة من الحيض، طاهر من العيوب وكذا في الأخريين

    ومن لطائف التعبير القرآني قوله تعالى بعد ذكر المرضعة : " وتضع كلُّ ذات حمل حملها " الحج 2، قال الآلوسى : " ولم يقل : وتضع كلُّ حاملة ما حملت - على وزن ما تقدم - لما أن ذلك ليس نصاً في المراد، وهو وضع الجنين، بخلاف ما في النظم الجليل، فأنه نصّ فيه، لأن الحمل - بالفتح - ما يحمل في البطن من الولد ( والمراد ) وضع الجنين بأى عبارة كان التعبير إلا أن " ذات حمل " أبلغ في التهويل من حامل أو حاملة، لإشعاره بأن الحامل تضع إذ ذاك الجنين المستقّر في بطنها، المتمكن فيه، مع مافي الجمع بين الحمل والوضع من اللطف، فتأمل

    24- إدخال التاء على " فعلان " لإكسابه التأنيث، فيقولون : فلانه غضبانة على زوجها وهي كسلانة في دروسها، والمدرسة ملآنة بالتلاميذ، وهي كالسكرانة، وفي بعض الكتب المدرسية: هي عطشانة

    والصواب: غضبى، وكسلى، وملأى، وسكرى، وعطشى، قال التبريزي: وما كان من النعوت على مثال " فعلان" فأنثاه فَعْلى في الأكثر، إلا اثني عشر اسماً تأنيثها على " فعلانة " وهي : حبلانة ( ممتلئة بالشراب ) ودخنانة، وسخنانة، وسفيانة، وضحيانة، وصوجانة، وغلانة، وقشوانة، ومصانة، وموتانة، وندمانة، ونصرانة، على أن قبيلة بنى أسد يقولون : سكرانة، وملآنــــة - بالتاء - مطلقاً

    25- إحلال " فعلاء " محل فَعْلَة " فيقولون : شريعة سمحاء، وامرأة سمحاء، وقوانين سمحاء، والصواب: شريعة سمحة، وامرأة سمحة، وقوانين سمحة، لأن المذكر ( سمح) تقول : رجل سمح ونظام سمح وهو سمح الوجه ويقال : قوم سمحاء بوزن فقهاء، ونساء سِماح على وزن فِعال

    26- ويلحق بهذا وضع " فُعْلى " موضع " فعيلة " لغير مفاضلة، فيقولون: امرأة فصحى، وعبارة فصحى يريدون الاتصاف بالفصاحة فقط، من غير اشتراك ولا تفضيل، والصواب : امرأة فصيحة، وعبارة فصيحة، وكتابة فصيحة، لأننا نقول: رجل فصيح : يحسن البيان، ويميز جيد الكلام من رديئه، وكلام فصيح: سليم واضح يدرك السمع حسنه، والعقل دقته، ولسان فصيح: طلق يعين صاحبه على إجادة التعبير ولذا يكون المؤنث على " فعيلة "

    27- تبعيض المؤنث من المذكّر، مثل كانت فاطمة من الأوائل بين زميلاتها، وفي مقدمة الناجحين في مدرستها، وتسلمت جائزتها مع الفائزين من بنات الثانوية والصواب: من الأوليات أو الأُول، وفي مقدمة الناجحات، ومع الفائزات إن دل الحال على التأنيث، أو وجدت قرينة كما في الأمثلة

    فإذا كان الحديث عاماً جاز التذكير: كما في قوله تعالى : " وكانت من القانتين " التحريم 12، وقوله : " واركعى مع الراكعين " آل عمران 43 وكذا إذا أريد التغليب

    28- وصف " العشر " من الشهر بالمفرد المذكر، فيقولون : مضى العشر الأوّل من الشهر، وأقبل العشر الثاني وبقى العشر الثالث، والعشر في مثل هذا التركيب صفة لليالي ( المقدرة أو المحذوفة) والمعنى: مضت الليالى العشر ولذلك فالصواب أن يقال : مضت العشر الأولى، أو الأوليات، أو الأُوَل من الشهر، وأقبلت العشر الثانية أو الثواني، أو يقال العشر الوُسَط ( جمع وسطى ) وبقى العشر الأُخَر ( جمع أخرى ) أو العشر الأواخر ( جمع آخرة) على ما ذكر الفيّومى في المصباح

    29- إحلال جمع الإناث محل جمع الذكور، فيقولون : فلان من الطلاب الأُوَل وهذا الجمعُ " الأُوَل " على " فُعَل " جمع الأُولى مؤنث الأوَل، وتجمع " أولى" "أيضاً على " أُوّل " " كركّع "، وعلى " أُوليات " بالألف والتاء أما " الأَوّل " فيجمع جمع المذكر سالماً على " الأولون " وجمع تكسير على " الأوائل " وأصله:

    " أواول " ثم قلبت الواو الثانية همزة، ويمكن أن يقع فيه القلب المكاني، فيقال "الأوالي " وعلى ذلك يكون الصواب: من الطلاب الأَوّلين، أو الأوائل، أو الأوالي، والطالبات: الأُوَل أو الأُوّل أو الأوليات

    3- وضع جمع الذكور موضع جمع الإناث، فيقولون : نساء كتبة، وسحرة، وباعة، وصاغة، وهذة جموع مذكّرة، لأن مفردها : كاتب، وساحر، وبائع، وصائغ، ومؤنثها بالتاء: ويجمع على " فواعل " فيقال : كواتب وسواحر وبوائع وصوائغ أو بالألف والتاء : كاتبات وساحرات وبائعات وصائغات

    31- استعمال ضمير جمع المذكر مكان ضمير جمع المؤنث، فنسمع : المعلمات حضروا الاجتماع، الممرضات لبسوا ملابسهم، وأحضروا أدواتهم، والطالبات كرّموا مديرتهم

    والصواب: حضرن الاجتماع، ولبسن ملابسهن وأحضرن أدواتهن، وكرّمن مديرتهن

    32- من أقبح الأخطاء ما نسمعه في بعض البلاد العربية في البيئات الشعبية من وضع ضمير جماعة الإناث موضع ضمير جماعة الذكور، فيخاطبون الرجال بقولهم : إذا سافرتن، والتلاميذ بقولهم : إذا لعبتن في الشارع ( بالتاء والنون الساكنة وهي أقرب إلى نون النسوة ) وهكذا

    33- استعمال جمع المذكر السالم في غير العقلاء، وربّما يّسروا ذلك بإيثار الياء على الواو، فهم يقولون : السيارات واقفين في الشارع، والملابس موسّخين، والأقلام حلوين، والأبواب مفتوحين، والشبابيك مكسّرين وهكذا

    وإنما يكون جمع المذكر السالم في أعلام أو أوصاف الذكور العقلاء أما غير العاقل كما في هذه الأمثلة فيؤتى بالمفرد المؤنث أو جمع الإناث السالم فيقال : السيارات واقفة أو واقفات والملابس متسخة أو متسخات، والأقلام حلوة أو حلوات - كما يقال : الجبال شاهقة أو شاهقات

    34- استعمال ضمير جمع المذكر( العاقل ) في غير العقلاء، فهم يقولون : الكتب نسيتهم، والأقلام وزّعتهم، والمقاعد نظّفتهم، ويقولون : الكتب وقعوا، والأقلام ضاعوا، والمقاعد توسّخوا

    والعربية في هذه الحالة تستعمل ضمير المفردة الغائبة في حالة النصب، فيقال : الكتب نسيتها، والأقلام وزّعتها، والمقاعد نظفتها، ويكون الضمير مستتراً، وتلحق الفعل تاء التأنيث الساكنة في حالة الرفع فيقال : الكتب وقعت، والأقلام ضاعت، والمقاعد اتسخت

    ويمكن أن تستعمل نون النسوة في الموضعين، إذا لوحظت بعض الأغراض البلاغية كما في قوله تعالى: : إِنّا عَرَضنا الأمانةَ على السمواتِ والأرضِ والجبالِ، فأَبيَن أنْ يحمِلْنها، وأشفَقْنَ مِنها، وَحَمَلها الإنسانُ، إنّه كان ظلوماً جهولاً" الأحزاب 72، قال الزمخشري :

    " إن عرض الأمانة على الجماد، وإباءه وإشفاقه محال في نفسه، غير مستقيم، فأخرج ذلك على التمثيل حتى أصبح أوقع في نفس السامع وهي به آنس، وله أقبل، وعلى حقيقته أوقف، ونحو هذا من الكلام كثير في لسان العرب، وما جاء القرآن إلاعلى طرقهم وأساليبهم، ومن ذلك قولهم : لو قيل للشحم أين تذهب؟ لقال : أسوِّى العرج،وكم لهم من أمثال على ألسنة البهائم والجمادات "

    35- تذكير أفعل التفضيل الجاري على المؤنث في حالة وجوب المطابقة، مثل: اخترت لك الجائزة الأكبر، وأعطيتك الساعة الأفضل : وسكنت الغرفة الأوسط من الشقة الأكبر، وأثنيت على البنت الأصغر، وتمسك بالكلمة الأحسن، ويلحق بهذا مجيء (من) بعد هذه الصيغ، فيقولون: الشقة الأكبر منهما، والبنت الأصغر منهن، والصواب في كل ذلك: الجائزة الكبرى، والساعة الفضلى، والغرفة الوسطى، والشقة الكبرى، والبنت الصغرى، والكلمة الحسنى

    المراجع

    سيبويه، الكتاب، تحقيق عبد السلام هارون، دار سحنون، تونس1411هـ.
    سيد قطب: في ظلال القرآن ، دار الشروق سنة1412هـ.
    عبد الغني الدقر، معجم القواعد العربية، دار القلم، دمشق،146هـ.
    محمد عبد العزيز النجار: منار السالك إلى أوضح المسالك ، مطبعة الفجالة من دون تاريخ.
    محمد العدناني: معجم الاغلاط اللغوية، مكتبة لبنان 1991م.
    محيى الدين درويش: إعراب القرآن، دار الإرشاد، سنة 148هـ.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس نوفمبر 21, 2024 1:33 am